بيان ضعف حديث " لَيَبْعَثَنَّ الله مِنْ مَدِينَةٍ بِالشَّامِ يُقَالُ لَهَا: حِمْصُ سَبْعِينَ أَلْفًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ فِيمَا بَيْنَ الزَّيْتُونِ وَالْحَائِطِ ..
هذا الحديث له ثلاثة طرق:
الأول: حُمْرَةَ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ، قَالَ: سَارَ عُمَرُ:
أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (1/ 272-273)120 - ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/ 307-308)493- وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (15/ 181-182) من طريق أَبي الْيَمَانِ الْحَكَم بْن نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (بن أبي مريم )، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ حُمْرَةَ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ، قَالَ: سَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الشَّامِ بَعْدَ مَسِيرِهِ الْأَوَّلِ كَانَ إِلَيْهَا، حَتَّى إِذَا شَارَفَهَا، بَلَغَهُ وَمَنْ مَعَهُ أَنَّ الطَّاعُونَ فَاشٍ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: ارْجِعْ وَلا تَقَحَّمْ عَلَيْهِ، فَلَوْ نَزَلْتَهَا وَهُوَ بِهَا لَمْ نَرَ لَكَ الشُّخُوصَ عَنْهَا، فَانْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَعَرَّسَ مِنْ لَيْلَتِهِ تِلْكَ، وَأَنَا أَقْرَبُ الْقَوْمِ مِنْهُ، فَلَمَّا انْبَعَثَ، انْبَعَثْتُ مَعَهُ فِي أَثَرِهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: رَدُّونِي عَنِ الشَّامِ بَعْدَ أَنْ شَارَفْتُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الطَّاعُونَ فِيهِ، أَلَا وَمَا مُنْصَرَفِي عَنْهُ بمُؤَخِّرٍّ فِي أَجَلِي، وَمَا كَانَ قُدُومِي مِنْهُ بمُعَجِّلِي عَنْ أَجَلِي، أَلا وَلَوْ قَدْ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَفَرَغْتُ مِنْ حَاجَاتٍ لَا بُدَّ لِي مِنْهَا، لَقَدْ سِرْتُ حَتَّى أَدْخُلَ الشَّامَ، ثُمَّ أَنْزِلَ حِمْصَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ مِنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلا عَذَابَ عَلَيْهِمْ، مَبْعَثُهُمْ فِيمَا بَيْنَ الزَّيْتُونِ وَحَائِطِهَا فِي الْبَرْثِ الْأَحْمَرِ مِنْهَا».
والطبراني في "مسند الشاميين" (2/ 339)1453 - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (15/ 181)- حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، ثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ حُمْرَةَ بْنِ عَبْدِ كُلَالِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، دَخَلَ حِمْصَ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ مِنْهَا سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ لَهُمْ وَلَا عَذَابَ»
وأخرجه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي (كما في " مسند الفاروق" (3/ 155)، عن الحسن بن سفيان، عن إسحاق بن راهويه، عن بقيَّة، عن أبي بكر بن عبد الله... به.
والبزار في "مسنده" (1/ 449-450)317 ، والهيثم بن كليب في "مسنده" (كما في " لسان الميزان (2/ 360)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (15/ 180)1743 – من طريق بِشْر بْن بَكْرٍ قَالَ: نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ مِنْ مَدِينَةٍ بِالشَّامِ يُقَالُ لَهَا: حِمْصٌ سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ، مَا بَيْنَ الزَّيْتُونِ، وَالْحَائِطِ، وَالْبَرَثِ الْأَحْمَرِ "
وأخرجه الخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه في الرسم" (1/ 337-338) أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّرَّاجُ، بِنَيْسَابُورَ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الطَّرَائِفِيُّ ، نَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نَا عَمْرُو بْنُ بِشْرِ بْنِ السَّرْحِ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ كَلالٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ مِنْ مَدِينَةٍ بِالشَّامِ يُقَالُ لَهَا: حِمْصُ سَبْعِينَ أَلْفًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ فِيمَا بَيْنَ الزَّيْتُونِ وَالْحَائِطِ "
قلت: ضعيف جدا؛ فيه:
1- أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني الحمصي، يقال اسمه بكر.
ضعفه الإمام أحمد (العلل) (1484).
وقال يحيى بن معين:" ضعيف الحديث ليس بشَيءٍ". (الكامل) لابن عدي - الرشد (2/ 457).
وقال عنه ابن سعد: "كان كثير الحديث ضعيفا". (الطبقات الكبرى) (7/ 324)
وقال الدَّارَقُطْنِي ّ:"متروك". (سؤالات البَرْقانِيّ) (596).
وقال ابن حبان في "المجروحين" (3/ 146):" كَانَ رَدِيء الْحِفْظ يحدث بالشَّيْء ويهم فِيهِ لم يفحش ذَلِك مِنْهُ حَتَّى اسْتحق التّرْك وَلَا سلك سنَن الثِّقَات حَتَّى صَار يحْتَج بِهِ فَهُوَ عِنْدِي سَاقِط الِاحْتِجَاج بِهِ إِذَا انْفَرد".
وقال ابن حجر في " تقريب التهذيب" (ص: 623):" ضعيف وكان قد سرق بيته فاختلط".
2- حمرَة بن عبد كلال الرعيني:
قال الذهبي:" لَا يعرف". (المغني في الضعفاء) (1/ 191)
وقال في "ميزان الاعتدال" (1/ 604):" ليس بعمدة ويجهل".
**والحديث قال عنه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/ 308):" هذا حديث لا يصح".
وقال الذهبي في "الميزان" (4/ 497-498):"حديث منكر جدا".
وضعفه ابن رجب الحنبلي (مجموع رسائل ابن رجب (3/ 279)، والحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة" (1/ 468) والهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 61)، والسفيري في "شرح البخاري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (1/ 255)، والألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (9/ 356)4367.
الثاني: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ عُمَرَ:

قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (15/ 182):" خالفه (أي أبا بكر بن أبي مريم) غيره في الإسناد فقال عن راشد عن أبي راشد عن معدي كرب بن عبد كلال أخي حمرة بن عبد كلال".
قلت: أخرجه الهيثم بن كليب في "مسنده" (كما في "الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة" (4/ 33)، والطبراني في "مسند الشاميين" (3/ 93)، والحاكم في "المستدرك" (3/ 95)4504، والخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق" (3/ 1682) (1184)، وابن عسكر في "تاريخ دمشق" (15/ 182) من طريق إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ الزُّبَيْدِيُّ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الزُّبَيْدِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْأَشْعَرِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَامِرٍ الزُّبَيْدِيُّ، ثنا رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَا رَاشِدٍ حَدَّثَهُمْ، يَرُدَّهُ إِلَى مَعْدِي كَرِبَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ آخِرَ سَفَرِهِ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا شَارَفَهَا أُخْبِرَ أَنَّ الطَّاعُونَ فِيهَا، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَهْجِمَ عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ وَأَنْتَ بِهَا مَا كَانَ لَكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا، فَرَجَعَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ بِاللَّيْلِ إِذْ قَالَ لِي: أَعْرِضْ عَنِ الطَّرِيقِ، فَعَرَضَ، وَعَرَضْتُ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى ذِرَاعِ جَمَلِهِ، فَنَامَ وَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنَامُ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُولُ لِي: مَا لِي وَلَهُمْ، رُدُّونِي عَنِ الشَّامِ، ثُمَّ رَكِبَ فَلَمْ أَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا ظَنَنْتُ أَنَا مُخَالِطُو النَّاسَ، قُلْتُ لَهُ: لِمَ قُلْتَ مَا قُلْتَ حِينَ انْتَبَهْتَ مِنْ نَوْمِكَ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيُبْعَثَنَّ مِنْ بَيْنِ حَائِطِ حِمْصَ وَالزَّيْتُونِ فِي التُّرَابِ الْأَحْمَرِ سَبْعُونَ أَلْفًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ حِسَابٌ»، لَئِنْ أَرْجَعَنِي اللَّهُ مِنْ سَفَرِي هَذَا، لَأَحْتَمِلَنَّ عِيَالِي وَأَهْلِي وَمَالِي حَتَّى أَنْزَلَ حِمْصَ، فَرَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ ذَلِكَ وَقُتِلَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ".
قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".
وعقب عليه الذهبي بقوله:" بل منكر، فيه إسحاق بن زِبْريق، كذّبه محمد بن عوف الطّائي، وقال (أبو داود): ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة". (مختصر تلخيص الذهبي (3/ 1237).
وفيه علة أخرى، وهي جهالة أبي راشد: قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (2/ 360):"وأبو راشد لا يعرف".
وفيه عمرو بن الحارث بن الضحاك الزبيدي، الحمصي، ذكره ابن حبان في ثقاته (8/ 480)، وقال: مستقيم الحديث،
وقال ابن حجر:مقبول -كما في التقريب (3/ 67رقم 552) -،
وذكره الذهبي في الميزان (3/ 351 رقم 6347) وقال: "تفرد بالرواية عنه إسحاق بن إبراهيم بن زبريق، ومولاة له اسمها: عَلْوه، فهو غير معروف العدالة، وابن زبريق ضعيف".

الثالث: ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ عُمَرَ:
أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (2/ 439)1658 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمًا فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: أَعْرِضْ عَنِ الطَّرِيقِ , فَأَعْرَضَ وَأَعْرَضْتُ مَعَهُ , فَنَزَلَ عَنْ جَمَلِهِ فَعَقَلَهُ , فَفَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ , ثُمَّ إِنَّهُ وَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى ذِرَاعِ جَمَلِهِ , وَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَنَامَ ثُمَّ إِنَّهُ ذَهَبَ يَقُولُ: قَالَ الْمُسْلِمُونَ: اتَّبَعْتَ الْهَوَى وَتَرَكْتَ جِيرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ رَكِبَ فَلَمْ أَسْأَلْهُ , فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا ظَنَنْتُ أَنَّا مُخَالِطِي النَّاسَ قُلْتُ لَهُ: مَا كَانَ قَوْلُكَ حِينَ هَبَبْتَ مِنْ نَوْمِكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيُبْعَثَنَّ مِنْ بَيْنِ الْحَائِطِ وَالزَّيْتُونِ فِي الْبَرْتِ الْأَحْمَرِ سَبْعُونَ أَلْفًا لَيْسَ لَهُمْ حِسَابٌ وَلَا عَذَابٌ»، ثُمَّ قَالَ: «وَأَيْمُ اللَّهِ لَئِنْ رَدَّنِي اللَّهُ مِنْ مَسِيرِي هَذَا لَأَحْتَمِلَنَّ كُلَّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مِنْ مَالِي حَتَّى أَنْزِلَ حِمْصًا، فَرَجَعَ مِنْ مَسِيرِهِ وَقُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ».
قال الشيخ الألباني – رحمه الله-"هذا إسناد ضعيف؛ محمد بن إسماعيل؛ ضعيف.
وعمرو بن إسحاق -وهو ابن إبراهيم بن العلاء بن زبريق الحمصي -؛ لم أجد له ترجمة، ولا في "تاريخ دمشق" لابن عساكر؛ وقد اضطرب في إسناده، فرواه مرة هكذا، ومرة رواه عن أبيه إسحاق بن إبراهيم، عن عمرو بن الحارث بإسناده المتقدم، ولعل هذا هو الأرجح؛ لأنه قد توبع عليه في رواية الحاكم السابقة". (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة) (9/ 358).
**************
كعب الأحبار:


وروي هذا عن كعب الأحبار من قوله، من طريقين:
الأول: عُرْوَة بْنُ رُوَيْمٍ عن كعب:

أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (1/ 248)709 -حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنُ رُوَيْمٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «حِمْصُ مِنَ الْجُنْدِ الَّذِي يَشْفَعُ شَهِيدُهُمْ لِسَبْعِينَ، وَأَهْلُ دِمَشْقَ الَّذِينَ يُعْرَفُونَ بِالثِّيَابِ الْخُضْرِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ الْأُرْدُنِّ مِنَ الْجُنْدِ الَّذِينَ هُمْ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَهْلُ فِلَسْطِينَ مِمَّنْ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ»
وأخرج عبد الله بن أحمد في "السنة" (2/ 464)1054 -حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، نا عُثْمَانُ بْنُ حِصْنِ بْنِ عَلَّاقٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ رُوَيْمٍ، يَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا لَقِيَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَحَيَّاهُ، وَدَعَا لَهُ حَتَّى أَرْضَاهُ، فَسَأَلَهُ كَعْبٌ «مِمَّنْ هُوَ؟» قَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: «فَلَعَلَّكَ مِنَ الْجُنْدِ الَّذِينَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ»، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «أَهْلُ حِمْصَ،» قَالَ: لَسْتُ مِنْهُمْ، قَالَ: «فَلَعَلَّكَ مِنَ الْجُنْدِ الَّذِينَ يُعْرَفُونَ فِي الْجَنَّةِ بِثِيَابٍ خُضْرٍ»، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: " أَهْلُ دِمَشْقَ، قَالَ: قُلْتُ لَسْتُ مِنْهُمْ، قَالَ: «فَلَعَلَّكَ مِنَ الْجُنْدِ الَّذِينَ هُمْ فِي ظِلِّ عَرْشِ الرَّحْمَنِ جَلَّ وَعَزَّ»، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْأُرْدُنِّ»، قَالَ: قُلْتُ: لَسْتُ مِنْهُمْ، قَالَ: «فَلَعَلَّكَ مِنَ الْجُنْدِ الَّذِينَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ»، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «أَهْلُ فِلَسْطِينَ»، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا مِنْهُمُ
قلت: رويم لم يدرك كعبا المتوفى سنة 32هـ، في حين توفي رويم سنة 135هـ أو 140هـ؛ فبين وفاتيهما أكثر من مائة سنة، وقال الحافظ المزي إنه لم يدرك أبت ذر –رضي الله عنه-وهو قد توفي في السنة التي توفي فيها كعب الأحبار (32هـ). تهذيب الكمال في أسماء الرجال (20/ 9).
الثاني: صفوان بن عمرو السكسكي عن كعب:
أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (1/ 249)711 -حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «شَهِيدُ أَهْلِ حِمْصَ يَشْفَعُ فِي سَبْعِينِ أَلْفًا، وَأَهْلُ دِمَشْقَ يَكْسُوهُمُ اللَّهُ ثِيَابًا خُضْرًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَهْلُ الْأُرْدُنِّ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ، وَأَهْلُ فِلَسْطِينَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».
قلت: ضعيف؛ فصفوان بن عمرو السكسكي الحمصي، ثقة، لكنه لم يسمع من كعب الأحبار، فقد توفي كعب الأحبار سنة 32 هـ، كما في "تهذيب التهذيب" (8/439)، وتوفي صفوان سنة 155، كما في "تقريب التهذيب" (ص277)؛ فبين وفاتيهما 123 سنة.
والخلاصة أن هذا الحديث لا يصح مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يثبت من قول كعب الأحبار.