نقل السمعاني عن القاضي أبي الطيب أن الدليل على ثبوت الإجماع [السكوتي] مبنى على أصلين
أحدهما: أن أهل العصر لا يجوز إجماعهم على الخطأ .
والثاني: أن الحق واحد وما عداه باطل .
وإذا ثبت هذان الأصلان فلا يخلوا القول الذي ظهر من أن يكون حقا أو باطلا؛ فإن كان حقا وجب اتباعه والعمل به وإن كان باطلا؛ فلا يخلو سائر العلماء من أربعة أحوال: إما أن لا يكونوا اجتهدوا أو اجتهدوا فلم يؤد اجتهادهم إلى شئ يجب اعتقاده أو أدى إلى صحة الذي ظهر أو خلافه.
ولا يجوز أن لا يكونوا اجتهدوا لأن العادة مخالفة لهذا لأن النازلة إذا نزلت فالعادة أن كان أهل الاجتهاد يرجعون إلى النظر والاجتهاد ولأن هذا يؤدى إلى خروج الحق عن أهل العصر بعضهم بترك الاجتهاد وبعضهم بالعدول عن طريق الصواب وهذا لا يجوز لأنهم لا يجتمعوا على الخطأ .
ولا يجوز أن يقال: أنهم اجتهدوا فلم يؤد اجتهادهم إلى شئ وجب اعتقاده لأن ذلك يؤدى إلى خفاء الحق على جميع الأمة وهذا محال ولأن طريق الحق ظاهر فلا يجوز أن تخفى على جميع الأمة فإن قالوا: إنهم كانوا في مهلة النظر. قلنا: هذا ظن بعيد بكل أهل الإجماع وعلى أن ذلك لا يتصور امتداده إلى أن ينقرض العصر .
ولا يجوز أن يقال: إنهم اجتهدوا فأدى اجتهادهم إلى خلافه إلا أنهم كتموا لأن إظهار الحق واجب لا سيما مع ظهور قول هو باطل عندهم والتعلق بالتقية والهيبة تعلق باطل لأنهم كانوا يظهرون الحق ولا يهابون أحدا ...
وإذا بطلت هذه الوجوه دل أنهم إنما سكتوا لرضاهم بما ظهر من القول فصار كالنطق . اهـ.
أليس يشكل على قوله : (وإذا بطلت هذه ..) فرضُ المسألة حيث فرضها فيما إذا كان القول الذي ظهر باطلا ؟