بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه ، وبعد:
فَإِن اللهَ جَلَّ وَعَلا أَمَرنا بالتَّثبت ، حَالِ نَقل الأخَبْار ، وَعَدَمِ نَقْلِ الكَلامِ جُزَافاً ، دُونَ تَمْحِيصٍ أو تَبيين ، فِي الكلام المُجرَّد ، فَضْلاً عَن تَلَقي الأَخبار والرِّواية والعمل بِهَا ، ناهيكـَ إِذَا كَانَ أَمْراً جلَلاً فِي أُصولِ الدِّين ، فَإِن الكَلامَ حِينئذ أَشدُّ وَأَخْطَر ، صِيِانَةً لِلدين ، وَرِعاية لِحُرُمَاتِ عُلَمَاءِ المُسلِمينَ. والأصل في هذا: قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُم نَادِمِينَ }،
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِير رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآية - : (( يَأْمُرُ تَعَالَى بِالتَّثَبُّتِ فِي خَبَرِ الفَاسِقِ ، لِيُحْتَاطَ لَهُ ، لِئَلا يُحْكَمَ بِقَولِهِ ، فَيَكُونَ فِي نَفُسِ الأَمْرِ كَاذِباً أَوْ مُخْطِئاً ، فَيكُون الحَاكِمُ بِقَولِهِ قَدْ اقْتَفَى وَرَاءَه ، وَقَدْ نَهَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ اتِّبَاعِ سَبِيلِ المُفْسِدِينَ ، وَمِنْ هِاهُنَا امْتَنَعَ طَوَائِف مِنَ العُلَمَاء مِن قَبُولِ رِوَايَة مَجْهُولِ الحَالِ ، لاحْتِمَالِ فُسْقِه فِي نَفْسِ الأَمْر ))
وَفِي هَذَا الزَّمَان وَالَّذِي كَثُرَ فِيهِ القِيلُ وَالقَال ، وَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ وَمَنْ لَا أَتَّهِم ...!!! وَحَدَّثَنِي مَنْ لا يَتَطَرَّقُ إِلَى حَالِهِ وَكَلامِهِ السُّؤَال ...!!؟
بِعِبَارَاتٍ فَجَّةٍ ، سَمجَةٍ ، تَمُجُّهَا الأَسْمَاع ، وَتَنْفُرُ مِنْهَا كُلَّ فِطْرَةٍ سَلِيمَةَ الطِّباع.
أَهُوَ دَاءٌ دَفِين .. أَخْرَجَتْهُ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي ... ؟ نَفَثَاتٌ مِنْ صُدُورٍ حَاقِدَةٍ مَلأَ الجَهْلُ عُقُولَهُم ، وَالحِقْدُ صُدُورَهُم ؟ فَلَمْ يَجِدُوا مُتَنَفَّساً إِلا الطَّعْنَ فِي عُلَمَائِنَا وَدُعَاتِنَا ، بِدَعْوى التَّحْذِيرِ مِنَ البِدَعِ وَأَهْلِهـَـا ؟
أَلا وَإِنَّ المُسْلِمَ : مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِه.
أَمَا تَأَدَّبُوا قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا...
أَمَا لَهُمْ فِي الْكِتَابِ وَالسُنَّةِ.. وَمَنْهَجُ الأَئِمَةِ الأَعْلام الهَدَاة كِفَايَة ؟!
أَمَا قَرَأُوا قَوْلَهُ تَعَالَى: { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }
أَمَا قَرَأُوا قَوْلَهُ تَعَالَى: { ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أؤلئك كان عنه مسؤولا }
يقول العلامة ابن كثير رحمه الله تعالى : { ما يلفظ }: أي ابن آدم ما يتكلم بكلمة إلا ولها من يرقبها ، معد لذلك من يكتبها ، لا يترك كلمة ولا حركة ، كما قال تعالى: { وإن عليكم لحافظين ، كِراماً كاتبين ، يعلمون ما تفعلون }
كَيفَ تَغَافَلُوا عَنْ قَولِ مَن لا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلام- : ( وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ الله رَدْغَةَ الخْبَالِ حَتَى يَخْرُجَ مِمَّا قَال )
( رَدْغَةُ الَخَبَال: عُصَارَةُ أَهْلِ النَّار )
وقد مَنّ الله سُبحانه وتعالى علينا -بعد توفيقه- بهذه الندوة التي أصابت كبد الحقيقة في مُحاولةٍ لتبيين عواصمَ تقي أهل السنة من الوقوع في الفِتنة - فِتنةَ التفرق والتهاجر والتجريح بين الإخوة واتهام الدُّعاة - ، هذا وأدعوكم لِمُتابعة التسجيل المرئي للندوة التي أُقيمت بمدينة الجديدة المغربية.
واللهَ نسأل أن يجمع بين قلوب أهل السنة السلفيين وأن يُوّحد صفهم.