تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الإعراب سمة العربية ( الوظيفة النحوية )

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2016
    المشاركات
    66

    افتراضي الإعراب سمة العربية ( الوظيفة النحوية )

    (( الإعراب سمة العربية ))

    الإعراب هو ذلك الجزء من النحو الذي ندرس به العلاقات بين التراكيب والكلمات في سياق جملتها، لتمييز المعاني، والوقوف على أغراض المتكلمين، وهو وسيلة تعبيرية تظهر بها الوظيفة المعنوية والجمالية للكلمة، لأن الكلام فيه لا يخرج من الإعراب إلى غيره، وإنما يخرج من الإعراب إلى الإعراب، ويعد من أجمل وأكمل الخصائص اللغوية التي تميزت بها اللغة العربية عن سائر اللغات السامية والعالمية، وهو شرط من شروط الفصاحة وجودة التركيب، وفصاحة اللفظـ، وبلاغة العبارة في جانبيها النطقي والكتابي، والمتكلم بغير الإعراب غير متكلم بالعربية، لأن الكلام الذي يكتفى فيه بتسكين أواخر الكلم لا يتضح فيه الفاعل من المفعول، والصفة من الحال، ففي الإعراب أمان من اللبس والغموض .

    وينصرف مفهوم الإعراب إلى معنيين متلازمين لا انفصام بينهما:
    الأول: بالاعتماد على المضمون وإبراز المعاني النحوية للكلمة داخل التركيب
    والثاني: بالاعتماد على الشكل وما يطرأ على أواخر الكلمات من حركات

    وممن قال بالمعنى الأول :
    أبو الفتح ابن جني ( باب القول في الإعراب، هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ ) (1)
    عبد القاهر الجرجاني: (قد علم أن الألفاظ مغلقة على معانيها حتى يكون الإعراب هو الذي يفتحها، وأن الأغراض كامنة فيها حتى يكون النحو هو المستخرج لها ) (2)
    وللزجاجي في بيان الغرض من الإعراب: ( إن الأسماء لما كانت تعتورها المعاني، فتكون فاعلة ومفعولة، مضافة ومضافاً إليها، ولم تكن في صورها وأبنيتها أدلة على هذه المعاني بل كانت مشتركة، جعلت حركات الإعراب فيها تُنْبئِ عن هذه المعاني) (3)
    وممن قال بالمعنى الثاني:
    ابن هشام ( الإعراب أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة، وأنواعه أربعة: رفع ونصب في اسم وفعل، وجر في اسم ، وجزم في فعل ) (4)
    ومن المحدثين: عباس حسن ( الإعراب هو تغيير العلامة التي في آخر اللفظ بسبب تغير العوامل الداخلة عليه، وما يقتضيه كل عامل ) (5)
    وعرفه مجمع اللغة العربية بأنه: "تغيير يلحق أواخر الكلمات العربية من رفع ونصب وجر وجزم، على ما هو مبين في قواعد النحو) (6)

    واختلاف التنوع خلاف اختلاف التباين، ولابن يعيش في شرح المفصل: ( واعلم أنهم قد اختلفوا في حقيقة الإعراب، ما هو؟ فذهب جماعة من المحققين إلى أنه معنى، وقالوا: وذلك اختلاف أواخر الكلم، لاختلاف العوامل في أولها ... وذهب قوم من المتأخرين إلى أنه نفس الحركات، وهو رأي بن درستويه، فالإعراب عندهم لفظ لا معنى، فهو عبارة عن كل حركة أو سكون يطرأ على آخر الكلمة في اللفظ، يحدث بعامل ويبطل ببطلانه. والأظهر المذهب الأول، لاتفاقهم على أنهم قالوا: حركات الإعراب. ولو كان الإعراب نفس الحركات، لكان من إضافة الشيء إلى نفسه، وذلك ممتنع ) (7)

    والمعنى الأول يشمل المعنى الثاني، كما رجح ابن يعيش، فكلمة ( اللفظ) تندرج تحتها الحركة التي تكون على الحرف، ويندرج تحتها أيضا الحروف التي هي علامات الإعراب، كالواو التي علامة لرفع الأسماء الستة، والألف التي تدل على نصبها والياء التي تدل على جرها. كما تندرج تحت كلمة ( الألفاظ ) المفردات والتراكيب، وكل هذه الأنواع لها صلة في الإبانة عن المعاني، ولأنه ليست كل الكلمات تقبل نهايتها الحركة الإعرابية، فهناك الكلمات المبنية، وهناك الكلمات المنتهية بحرف علة لا يقبل الحركة على الإطلاق، والإعراب في هذه وتلك تقديري، كما أن هناك إعراب بالحروف إلى جانب الإعراب بالحركات.

    وللمعاني أنواع متعددة في الجملة الواحدة، فإلى جانب المعنى البياني الأساس الذي جاءت من أجله العبارة، المعاني المعجمية التي تبين المعنى اللغوي الوارد في القاموس وآثارها من حيث اللزوم والتعدي، ورفع للفاعل ونصب للمفعول، ومنها المعاني الوظيفية، ومصطلح وظيفي يتعلّق بالعلاقات النحوية القائمة بين الكلمات سواء كانت كلمات أو مركبات أو حروف، فالمعنى الوظيفي أو الإعرابي يحدد المعاني التي تشغلها الكلمة في الجملة، كالفاعلية، والظرفية، والمفعولية، والحالية وغيرها، وللكيشي(8): ( والإعراب وضع للدلالة على أحوال الذات، كما أن الكلمة وضعت للدلالة على الذات، ولذلك لا تختلف الكلمة لأن مدلولها لا يختلف، ويختلف الإعراب، لأن مدلوله يختلف )(9) فالمعنى المعجمي للكلمة ثابت لا يتغير، بينما يتغير المعنى الوظيفي لعمل الكلمة النحوي من رفع ونصب وجر بتغير الكلمة في تركيبها وسياق جملتها،

    ولتوضيح هذا الكلام نذكر مثالاً على ذلك، فإذا قلنا: جاء زيد، ورأيت زيدا، ومررت بزيدٍ. فكلمة (زيد) في تلك الجمل الثلاث لم تتغير ذاتها، وإنما تغير موقعها الإعرابي من رفع ونصب وجر. ففي الجملة الأولى جاءت كلمة (زيد) مرفوعة وعلامة رفعها الضمة؛ لكونها وقعت فاعلاً للفعل جاء. وجاءت كلمة (زيد) في الجملة الثانية منصوبة وعلامة نصبها الفتحة؛ وذلك لكونها مفعولاً به حيث وقع عليها فعل الرؤية. أما في الجملة الأخيرة فقد جاءت كلمة (زيد) مجرورة وعلامة جرها الكسرة؛ وذلك لكونها وقعت اسما مجرورا بحرف الجر الباء(10)

    وتُبنى الجملة وتشكل على أساس المعنى المستقل بالإفادة، وعلم النحو يهتم في دراساته بقوانين التراكيب العربية من الإعراب والبناء، ومراعاة التفاعل بين الوظيفة النحويَّة والكلمات فالعلامة هنا علاقة تفسيرية إعلانية، ويمكن تصور العمل داخل التركيب بين الصيغة والحركة الإعرابية والوظيفة النحوية كالآتي :
    (المبني) + (الحركة) = الوظيفة النحوية، حيث( أ+ب=ج )
    ف: أ: (الصيغة) ، وب: (العلامة الإعرابية) ( رفع ونصب وجر )،
    و ج: النتيجة ( الدلالة) (11)

    وهذه السمة الإعرابية التي تميزت بها اللغة العربية، هي في حقيقة الأمر ضرب من ضروب الإيجاز، إذ يدل بالحركة على معنى جديد غير معنى المادة اللغوية للكلمة، وغير معنى القالب الصرفي لها، وهو معناها أو وظيفتها النحوية، كالفاعلية أو المفعولية... وهكذا، فحركات الإعراب ليست شيئًا زائدا أو ثانويا، وهي لم تدخل على الكلام اعتباطًا، وإنما دخلت لأداء وظيفة أساسية في اللغة؛ إذ بها يتضح المعنى ويظهر، وعن طريقها نعرف الصلة النحوية بين الكلمة والكلمة في الجملة الواحدة) (12)

    ولابن فارس في أهمية الإعراب للمعنى ما يذكره مفصلا في باب الخطاب الذي يقع به الإفهام من القائل، والفهم من السامع وما يوقف على أغراض المتكلمين، وذلك أن قائلا لو قال: ( ما أحسن زيد ) غير معرب ، لم يوقف على مراده.
    فإذا قال :
    ـ ما أحسن زيدا! ( بفتح أحسن ونصب زيدا)
    ـ و ( ما أَحسن زيد ) ( بضم أحسن وجر زيد)
    ـ أو ( ما أحسن زيد ) ( بفتح أحسن وضم زيد
    أبان بالإعراب عن المعنى الذي أراده (13)

    والمعنى هنا يختلف باختلاف الموقف والحالة النفسية للمتكلم؛ فيكون المعنى تعجبيا في الأولى، واستفهاميا في الثانية، ونفيا في الثالثة، فالعلامة الإعرابية رافقت كلام العرب الذي نطقت به على سجيتها، وأقرها منهجا السماع و القياس لتكون إشارات مرسلة بين المتكلم و السامع والكاتب والقاريء؛ فإذا نطق المتكلم أوكتب ألزم كلامه ضوابط إعرابية في آخر الكلمة يفهمها المتلقي ويتبين منها المقصود . ( * )
    ___________________________
    (1) الخصائص/1/35
    (2) دلائل الإعجاز /1 /11
    (3) الإيضاح في علل النحو/ص/ 69/70
    (4) شرح شذور الذهب/ابن هشام / ص/ 33
    (5) والنحو الوافي/عباس حسن/1/74
    (6) المعجم الوسيط/ 2/612
    (7) شرح المفصل للزمخشري/ ابن يعيش/ ج1/ص197
    (8) الكيشي/ محمد بن أحمد بن عبد اللطيف القرشي/ الكيشي شمس الدين/ عالم، مصنف، مشارك في علوم/ ولد بكيش سنة 615 ه/ ودرس بالمدرسة النظامية ببغداد، وتوفي بشيراز سنة 695 ه/ انظر: (معجم المؤلفين) /عمر رضا كحالة / 8/278
    (9) الإرشاد إلى علم الإعراب/ ص16
    (10) أثر اختلاف الإعراب في تفسير القرآن/هديل محمد/يوسف المنيراوي/رسالة ماجستير/الجامعة الإسلامية/غزة
    (11) الأحكام النحوية بين النحاة وعلماء الدلالة/رسالة دكتوراة/الباحث بدون
    (12) نحو وعي لغوي/ ص73
    (13) المزهر في علوم اللغة/ ج 1/ ص 260
    ( * ) جمعه لكم محررا : حميد حمدان عوض المحمدي _ المدينة المنورة
    المصدر :
    http://loghati.net/vb/index.php

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2016
    المشاركات
    66

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •