فقه دلالة لفظة (إِخْوَة) في لغة القرآن..قراءةٌ في السِّياقٍ
أ.د أحمد محمود عبد القادر درويش


لعل متدبر القرآن سيلحظ أن لفظة ( إخوة ) جاءت في القرآن سبع مرات ، وذلك في المواضع التالية :
* قال تعالى : "ُ فَإِن كانَ لَهُ إِخوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعدِ وَصِيَّةٍ يوصي بِها أَو دَينٍ "[النساء: ١١]
* قال تعالى : "َ وَإِن كانوا إِخوَةً رِجالًا وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ "[النساء: ١٧٦]
*قال تعالى : "وَجاءَ إِخوَةُ يوسُفَ فَدَخَلوا عَلَيهِ فَعَرَفَهُم وَهُم لَهُ مُنكِرونَ"[يوسف: ٥٨]
*قال تعالى : ﴿قالَ يا بُنَيَّ لا تَقصُص رُؤياكَ عَلى إِخوَتِكَ فَيَكيدوا لَكَ كَيدًا إِنَّ الشَّيطانَ لِلإِنسانِ عَدُوٌّ مُبينٌ﴾
[يوسف: ٥]
* قال تعالى : "لَقَد كانَ في يوسُفَ وَإِخوَتِهِ آياتٌ لِلسّائِلينَ"[يوسف: ٧]
* قال تعالى : " وَقَد أَحسَنَ بي إِذ أَخرَجَني مِنَ السِّجنِ وَجاءَ بِكُم مِنَ البَدوِ مِن بَعدِ أَن نَزَغَ الشَّيطانُ بَيني وَبَينَ إِخوَتي إِنَّ رَبّي لَطيفٌ لِما يَشاءُُ"
[يوسف: ١٠٠]
* قال تعالى : "إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ فَأَصلِحوا بَينَ أَخَوَيكُم وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُرحَمونَ" [الحجرات: ١٠]
هذي كل المواضع في القرآن فيما أحسب ...
والمحصول هنا ما يلي :
أولا : كلمة ( إخوة ) لم تأت في القرآن إلا دالة على أخوة النسب ، فكل مواضعها في القرآن في موقفي الميراث في سورة النساء ، وإخوة يوسف في سورة يوسف ، وهي أخوة نسب لا شك في ذلك ...
ثانيا : سؤال : ما بال ( إخوة ) في سورة الحجرات ؟ ... أهي أخوة النسب ؟
قلت : بالطبع ، لا ، فهي هنا أخوة دين ...
طيب : لم جاءت ( إخوة ) هنا ؟
قلت : الموقف هنا موقف تقاتل ونزاع وصراع بين فئتين من المؤمنين ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) ، فاقتضى الموقف هنا أن تأتي لفظة ( إخوة) التي هي في الأصل للنسب ؛ ليقول لك القرآن :تصالح مع أخيك ، فهو أخوك في الدين ، ويشبه أن يكون أخاك في النسب ؛ إشارة إلى قوة العلاقة ومتانتها بين الإخوة ، فليس من الدين أن تقاتل أخاك نسبا ودينا وملة واعتقادا ؛ ذلك أن أهم خصيصة تجمع بين المؤمنين هي خصيصة الأخوة بكل ما تحمله من معان سامية ، ومبادئ سامقة ، بدلالة أداة الحصر والقصر ( إنما ) ، وثبات الجملة الاسمية ( المؤمنون إخوة) وهذا يعني حتمية الصلح بين الإخوة المتنازعين ؛ كي تعود المياه إلى مجاريها ، فيحيا المجتمع المسلم متآخيا متحابا لا كراهية فيه ، ولا شحناء ؛ فالمؤمنون إخوة ، وقمين بالإخوة أن يتعايشوا معا لا أن يتقاتلوا ويتنافروا ، وبذا يكون المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا ... من أجل ذلك أوثرت كلمة ( إخوة) في هذا الميدان المشحون بالحروب والتقاتل...
قلت : ولك أن تقول : الأصل في لفظة ( إخوة) إخوة النسب ، وتأتي للدلالة على أخوة الدين ، لكن على قلة بحسب استخدام الذكر الحكيم للفظة
والعلم عند الله