الدرس العشرون
( 8 )
الطاعة : هي امتثال العبد للشرع فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور .
الشرح :
معاني المفردات :
[الطاعة] : " (طوع) الطاء والواو والعين أصلٌ صحيحٌ واحد يدلُّ على الإصحابِ والانقيادِ.
يقال طاعَه يَطُوعه، إذا انقاد معه ومضى لأمره. وأطاعه بمعنى طاعَ له. ويقال لمن وافَقَ غيرَه: قد طاوعه"
(معجم مقاييس اللغة :3/337) .
المعنى العام :
إن طاعة الله – تعالى – ورسوله – صلى الله عليه وسلم – هي أصل الإسلام ؛
لأن طاعة الله هي عبادته – سبحانه – بأمره ونهيه الذي شرعه على لسان نبيه – صلى الله عليه وسلم -،
وهي الغاية التي خلق لها العباد ، كما قال – تعالى - : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذريات:56] .
فلفظ الطاعة دل على ركنين :
الركن الأول / عبادة الله بفعل ما أمر به ، وترك ما نهى عنه – محبة وإخلاصاً وصدقاً ، ورغبة ورهبة -؛
لأنّ الطاعة تقتضي مراقبة المطاع فهي ضدّ النسيان ، وتحقيق هذا الركن يتم بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله.
الركن الثاني / التقيد بالرسالة المحمدية بأن لا يفعل العبد من الأوامر ولا يترك من النواهي إلا ما جاء عن طريق الحبيب – محمد – صلى الله عليه وسلم -؛
لأن حقيقة الطاعة هي موافقة الآمر في مراده الشرعي طوعاً واختياراً .
ومراد الله الشرعي لا يعرف إلا عن طريق رسوله – صلى الله عليه وسلم -،
فتحقيق هذا الركن يتم بتحقيق شهادة أن محمداً رسول الله .
قال شيخ الإسلام – رحمه الله - :
"و(عِبَادَته) تَعَالَى هِيَ طَاعَة أمره ، وَأمره لنا مَا بلغه الرَّسُول عَنهُ ؛ فالكمال فِي كَمَال طَاعَة الله وَرَسُوله بَاطِناً وظاهراً "
(جامع الرسائل : 2/182) .
وقال – أيضاً - : " فإن رأس الإسلام شهادة : " أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله".
• فلا بد من إخلاص الدين لله ، حتى لا يكون في القلب تأله لغير الله،
فمتى كان في القلب تأله لغير الله فذاك شرك يقدح في تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله .
• ولا بد من الشهادة بأن محمداً رسول الله ، وذلك يتضمن تصديقه في كل ما أخبر ، وطاعته فيما أمر به،
ومن ذلك الإيمان بأنه خاتم النبيين ، وأنه لا نبي بعده فمتى جعل لغيره نصيباً من خصائص الرسالة والنبوة
كان في ذلك نصيب من الإيمان بنبي بعده ورسول بعده ، كالمؤمنين بنبوة (مسيلمة)، (والعنسي)،
وغيرهما من المتنبئين الكذابين ، كما قال - صلى الله عليه و سلم - :
"إن بين يدي الساعة ثلاثين دجالين كذابين كلهم يزعم أنه رسول الله "(1)
فمن أوجب طاعة أحد غير رسول الله - صلى الله عليه و سلم - في كل ما يأمر به ، وأوجب تصديقه في كل ما يخبر به،
وأثبت عصمته ، أو حفظه في كل ما يأمر به ، ويخبر من الدين فقد جعل فيه من المكافأة لرسول الله ،
والمضاهأة له في خصائص الرسالة بحسب ذلك سواء جعل ذلك المضاهي لرسول الله - صلى الله عليه و سلم -
بعض الصحابة أو بعض القرابة أو بعض الأئمة والمشايخ أو الأمراء من الملوك وغيرهم "
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــ
(1) رواه مسلم من حديث جابر بن سمرة – رضي الله عنه - قال: سمعت رسول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول:
«إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم». رواه مسلم .
ورواه أحمد من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -:
" إن بين يدي الساعة ثلاثين دجالاً كذاباً " (صحيح الجامع، برقم : 3811) .
ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
" إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ كذَّابِينَ مِنْهُمْ صاحِبُ الْيَمَامَةِ وَمِنْهُمْ صاحِبُ صَنْعَاءَ العَنْسِيُّ ,
وَمِنْهُمْ صَاحِبُ حِمْير وَمِنْهُمُ الدَّجال وَهُوَ أعْظَمُهُمْ فِتْنةً " .
قَالَ [يعني: جابراً] : وَقَالَ أَصْحَابِي: قَالَ : " هُمْ قريبٌ مِنْ ثلاثينَ كَذَّاباً "
(حسنه الألباني في التعليقات الحسان ، برقم : 6616).
***