الفصل الأولورد في هذه المسألة عدة أحاديث ظاهرها التعارض؛ فمنها ما فيه دلالة على إفطار الصائم بالحجامة، ومنها ما فيه دلالة على عدم إفطاره.
الأحاديث الواردة في المسألة:
فأما ما يدل على أن الحجامة تفطر الصائم:
حديث رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ»([1]).
قال الترمذي: «وَفِي البَابِ عَنْ عَلِيٍّ([2])، وَسَعْدٍ([3])، وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ([4])، وَثَوْبَانَ([5])، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ([6])، وَعَائِشَةَ([7])َ، وَمَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ([8])، وَيُقَالُ: ابْنُ يَسَارٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ([9])، وَابْنِ عَبَّاسٍ([10])، وَأَبِي مُوسَى([11])، وَبِلَالٍ([12])»اهـ.
وأما ما يدل على أن الحجامة لا تفطر الصائم:
فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﭭ، قَالَ: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ صَائِمٌ»([13]).
وَعَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ﭬ: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ»([14]).
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﭬ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَخَّصَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ([15]).
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﭬ, قَالَ: أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ, فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ, فَقَالَ: «أَفْطَرَ هَذَانِ», ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ, وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ([16]).
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنِ الْحِجَامَةِ وَالْمُوَاصَلَة ِ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تُوَاصِلُ إِلَى السَّحَرِ، فَقَالَ: «إِنْ أُوَاصِلُ إِلَى السَّحَرِ، فَرَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي»([17]).
[1])) أخرجه أحمد (15828)، الترمذي (774)، وقال: «حسن صحيح»، وصححه الألباني في «الإرواء» (931).
[2])) أخرجه النسائي في «الكبرى» (3149)، وعبد الرزاق (7524)، وابن أبي شيبة (9305).
[3])) أخرجه أبو يعلى في «معجمه» (175)، والشاشي في «مسنده» (136)، وابن شاهين في «ناسخ الحديث» (409).
[4])) أخرجه أحمد (17112)، وأبو داود (2369)، وابن ماجة (1681)، والنسائي في «الكبرى» (3126)، والطيالسي في «مسنده» (1214)، وعبد الرزاق (7519)، وابن أبي شيبة (9298)، والدارمي (1771).
[5])) أخرجه أحمد (22371)، وأبو داود (2367)، وابن ماجة (1680)، والنسائي في «الكبرى» (3120)، والطيالسي في «مسنده» (1082)، وعبد الرزاق (7522)، وابن أبي شيبة (9301)، والدارمي (1772).
[6])) أخرجه أحمد (21826)، والنسائي في «الكبرى» (3153)، والبيهقي في «الكبير» (8277).
[7])) أخرجه أحمد (25242)، والنسائي في «الكبرى» (3178)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (9310).
[8])) أخرجه أحمد (15901)، والنسائي في «الكبرى» (3155)، وابن أبي شيبة (748)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3418)، والطبراني في «المعجم الكبير» (547).
[9])) أخرجه أحمد (8768)، وابن ماجة (1679).
[10])) أخرجه النسائي في «الكبرى» (3182)، والطبراني في «المعجم الكبير» (11286)، والبيهقي في «الكبير» (8290)، وابن شاهين في «ناسخ الحديث» (410).
[11])) أخرجه النسائي في «الكبرى» (3149)، وابن أبي شيبة (9307)، والحاكم في «المستدرك» (1567)، والبيهقي في «الكبير» (8287).
[12])) أخرجه أحمد (23888)، والنسائي في «الكبرى» (3144)، وابن أبي شيبة (9302)، والطبراني في «المعجم الكبير» (1122).
[13])) أخرجه البخاري (1939).
[14])) أخرجه البخاري (1940).
[15])) أخرجه النسائي في «الكبرى» (3228)، وابن خزيمة (1967) والطبراني في «الأوسط» (7797)، والبيهقي في «الكبير» (8269)، وابن شاهين في «ناسخ الحديث» (404)، وصححه الألباني في «الإرواء» (4/ 74)، ومحققو المسند (14/ 376).
[16])) أخرجه الدارقطني في «السنن» (2260)، وقال: «كلهم ثقات ولا أعلم له علة»، والبيهقي في «الكبير» (8302)، وابن شاهين في «ناسخ الحديث» (402)، وصححه الألباني في «الإرواء» (4/ 73)، ومحققو المسند (14/ 377).
[17])) أخرجه أحمد (18822)، وأبو داود (2374)، وعبد الرزاق (7535)، وابن أبي شيبة (9328)، والبيهقي في «الكبير» (8266)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (7250)، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (7/ 137)، وقال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (4/ 178): «إسناده صحيح، وجهالة الصحابي لا تضر».