تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 51

الموضوع: من فوائد التمهيد لشرح كتاب التوحيد

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    Lightbulb من فوائد التمهيد لشرح كتاب التوحيد

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

    فهذه فوائد من التمهيد لشرح كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، للشيخ صالح عبدالعزيز آل الشيخ، حيث قال في مقدمة الكتاب:

    " فـ "كتاب التوحيد" كتاب عظيم النفع جدا، جدير بأن يعنى به عناية حفظ، ودرس، وتأمل؛ فالعبد محتاج إليه للعمل به، ولتبليغ ما فيه من العلم لمن وراءه من الناس في المسجد، وفي أي جهة أخرى.

    والمقصود: أن مَن فهم هذا الكتاب فقد فهم أكثر مسائل توحيد العبادة، بل يكون قد فهم جل مسائله وأغلبها.".





    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي



    - لماذا خالف الشيخ - رحمه الله- طريقة المصنفين فلم يجعل للكتاب خطبة يبين فيها طريقته، بل قال: " كتاب التوحيد" وقول الله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، فأخلاه من الخطبة؟.

    والسبب في ذلك، والسر فيه- فيما يظهر لي- أن التوحيد الذي سيبينه الشيخ - رحمه الله - في هذا الكتاب هو توحيد الله - جل وجلاله -.
    وتوحيد الله قد بينه الله - جل وعلا- في القرآن، فكان- لذلك - من الأدب في مقام التوحيد ألا يَجعل فاصلا بين الحق والدال على الحق وكلام الدال عليه.
    فالحق الذي لله هو التوحيد، والذي دل على هذا الحق هو الله - جل جلاله - والدليل عليه هو كلامه، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.

    وهذا من لطائف أثر التوحيد في القلب، وهذا كصنيع الإمام البخاري، رحمه الله- في صحيحه.
    إذ لم يجعل في (صحيحه)؛ إذ لم يجعل لصحيحه خطبة، بل جعل (صحيحه) مبتدأ بالحديث؛ ذلك أن كتابه كتاب سنة.

    ومن المعلوم أن من الأدب، أو من مراعاة الأدب: ألا يُتقدَّم بين يدي الله ورسوله، لذا لم يقدِّم المؤلف كلامه على كلام رسوله صلى الله عليه وسلم كما جعل البخاري (صحيحه) مفتتحا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) لأن كتابه كتاب سنة، فجعل كتابه في ابتدائه مبتدأ بكلام صاحب السنة -عليه الصلاة والسلام-. وهذا من لطيف المعاني التي يرعاها من نور الله قلوبهم لمعرفة حقه، وحق رسوله صلى الله عليه وسلم.





    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    - وتوحيد الشيء: جعله واحدا، تقول: وَحَّدْتُ المتكلم: إذا جعلتَه واحدا، ووحد المسلمون الله: إذا جعلوا المعبود واحدا، وهو الله - جل وعلا-.

    والتوحيد المطلوب يشمل ما أمر الله- جل وعلا - به في كتابه من توحيده، وهو ثلاثة أنواع:

    1 - توحيد الربوبية.
    2 - وتوحيد الألوهية.
    3 - وتوحيد الأسماء والصفات.


    فأما توحيد الربوبية: فمعناه توحيد الله بأفعاله. وأفعال الله كثيرة، منها:
    الخلق، والرِّزْق، والإحياء، والإماتة، وتدبير الملك، والنفع، والضُّر، والشفاء، والإجارة
    (1) كما قال تعالى في التنزيل: {وهو يجير ولا يجار عليه} وإجابة دعوة المضطر، وإجابة دعوة الداعي، ونحو ذلك من أفراد الربوبية، فالمتفرد بذلك على الكمال هو الله - جل وعلا- فتوحيد الربوبية: هو توحيد الله بأفعاله - سبحانه-.


    وأما توحيد الألوهية: فالألوهية مأخوذة من: ألَه يأْلَه إِلهة وأُلُوهةً: إذا عُبد مع المحبة والتعظيم.
    يقال: تَأَلَّه إذا عُبد مُعَظَّمًا مُحَبًّا، ففرقٌ بين العبادة والألوهة، فإن الألوهة عبادة فيها المحبة، والتعظيم، والرضا بالحال، والرجاء، والرغب، والرهب، فمصدر أَلَه يأْلَه: أُلُوهة وإلهة؛ ولهذا قيل: توحيد الإلهية، وقيل توحيد الألوهية، وهما مصدران لـ (أَلَه ، يأْلَه).

    ومعنى (أَلَه) في لغة العرب: عبد مع المحبة، والتعظيم. والتأَلُّه: العبادة على ذاك النحو، قال رؤبة بن العجاج:

    لله درُّ الغانيات المدَّهِ


    سَبَّحن واسترجعن من تألهِ(2)


    يعني: من عبادتي.

    فتوحيد الإلهية، أو توحيد الألوهية: هو توحيد العبادة، يعني: جَعْل العبادة لواحد، وهو الله - جل جلاله-، فالعبادة التي يفعلها العبد أنواع، والله - جل وعلا - هو المستحق للألوهة وللعبادة، فهو ذو الألوهة، وهو ذو العبادة على خلقه أجمعين.

    فـ " توحيد " الألوهية:
    هو توحيد الله بأفعال العبد المتنوعة، التي يوقعها على جهة التقرب، فإذا توجه بها لواحد وهو الله- جل وعلا- كان موحدا إياه توحيد الإلهية، وإذا توجه العبد بها لله ولغيره كان مشركا في هذه العبادة.


    وأما النوع الثالث من التوحيد: فهو توحيد الأسماء والصفات، ومعناه:
    أن يعتقد العبد أن الله - جل جلاله - واحد في أسمائه وصفاته لا مماثل له فيها، وإن شَرِكَ بعضُ العباد الله -جل وعلا- في أصل بعض الصفات فإنهم لا يَشْرَكُونه -جل وعلا - في كمال المعنى، بل الكمال فيها لله وحده دون من سواه.

    ومثال ذلك: أن المخلوق قد يكون عزيزا والله - جل جلاله - هو العزيز، فللمخلوق من صفة العزة ما يناسب ذاته الحقيرة الوضيعة الفقيرة، والله -جل وعلا- له من كمال هذه الصفة منتهى ذلك، ليس له فيها مثيل، وليس له فيها مشابه على الوجه التام، قال -جل وعلا-: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.


    فهذه الأنواع الثلاثة من التوحيد ذكرها الشيخ-رحمه الله- في هذا الكتاب، لكن لما كانت التصانيف قبله اعتنى فيها العلماء- أعني علماء السنة والعقيدة - ببيان النوعين: الأول، والثالث، وهما توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، لما اعتنى العلماء بهما لم يبسط الشيخ- رحمه الله - القول فيهما، وإنما بسط القول فيما الناس أحوج إليه، ويفتقدون التصنيف فيه، وهذه طريقة الإمام - رحمه الله - فإن كتاباته المختلفة، ومؤلفاته المتنوعة: إنما كانت بحسب حاجة الناس إليها، ليست للتكاثر، أو للاستكثار، أو للتفنن، وإنما كتب فيما الناس بحاجة إليه، فلم يكتب لأجل أن يكتب، ولكن كتب لأجل أن يدعو، وبين الأمرين فرق، فالشيخ- إذًا- بيَّن في هذا الكتاب توحيد الإلهية والعبودية، وبين أفراده من: التوكل، والخوف، والمحبة، والرجاء، والرغبة، والاستعانة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، ونحو ذلك، فكل هذه عبادات لله - سبحانه وحده - دون من سواه.



    ________________
    (1) أي أنه سبحانه يحمي عباده من كل مكروه وأذى، أما إذا أراد الله بقوم سوءاً فلا يستطيع أحد أن يرد إرادة الله تعالى.

    (2) يقال في الدعاء للإنسان: لله درك، والمراد الدعاء له: أي: كثر خيرك، وأصل الدر: اللبن.
    الغانيات: أي النساء اللاتي استغنين بجمالهن عن التجمل والتزين، أو اللاتي استغنين بأزواجهن عن النظر إلى غيرهم.
    المده: أي المادحات.
    سبحن: أي قلن: سبحان الله.
    واسترجعن: أي قلن: إنا لله وإنا إليه راجعون.
    من تألهي: أي بسبب عبادتي لله.
    وهؤلاء النسوة قلن ذلك حسرة عليه وتعجبا من انتقال حاله وتغيرها، كيف تنسك وهجر الدنيا بعد الذي كان من شبابه وجماله وصبوته.





    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي



    - ثم إن الشيخ- رحمه الله - لما بسط ذلك بَيَّنَ أيضا ضده وهو الشرك.

    فهذا الكتاب الذي هو كتاب التوحيد، فيه بيان توحيد العبادة، والربوبية، والأسماء والصفات، وفيه -أيضا - بيان ضد ذلك، وضد التوحيد: الشرك.

    والشرك معناه: اتخاذ الشريك، وهو: أن يُجْعَلَ واحدٌ شريكًا لآخر؛ يقال: أشرك بينهما: إذا جعلهما اثنين، أو أشرك في أمره غيره: إذا جعل ذلك الأمر لاثنين: فالشرك فيه تشريك، والله - جل وعلا - نهى عن الشرك، كما سيأتي الكلام على ذلك - إن شاء الله -.


    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي



    وقد بين أهل العلم عند كلامهم عن الشرك: أنه بحسب ما دلت عليه النصوص:
    يُقسَّم إلى قسمين باعتبار، ويقسم إلى ثلاثة أقسام باعتبار آخر؛ فهو إما أن يقسَّم إلى: شرك أكبر، وشرك أصغر. فهذا باعتبار انقسامه إلى قسمين.

    ويقسم إلى شرك أكبر، وشرك أصغر وشرك خفي. فهذا باعتبار انقسامه إلى ثلاثة أقسام.

    والشرك: هو اتخاذ شريك مع الله- جل وعلا - في الربوبية، أو في العبادة، أو في الأسماء والصفات.

    والمقصود هنا: النهي عن اتخاذ شريك مع الله - جل وعلا - في الربوبية أو في العبادة، أو في الأسماء والصفات والأمر بتوحيده - سبحانه-.


    التقسيم الأول:
    وهو تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر.
    فالأكبر: هو المخرج من الملة.
    والأصغر: ما حكم الشارع عليه بأنه شرك.

    وليس فيه تنديد كامل يُلْحِقُهُ بالشرك الأكبر، وعبَّر عنه بعض العلماء بقوله: ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر، فعلى هذا يكون الشرك الأكبر منه ما هو ظاهر، ومنه ما هو باطن خفي.

    فمثال الظاهر من الشرك الأكبر: عبادة الأوثان، والأصنام، وعبادة القبور، والأموات والغائبين.
    ومثال الباطن: شرك المتوكلين على المشايخ، أو على الآلهة المختلفة، أو كشرك المنافقين؛ لأن المنافقين مشركون في الباطن؛ فشركهم أكبر، ولكنه خفي، أي في الباطن، وليس في الظاهر.

    وكذلك الشرك الأصغر- على هذا التقسيم- منه ما هو ظاهر، ومنه ما هو باطن خفي، فمثال الظاهر من الشرك الأصغر: لبس الحلقة، والخيط، وتعليق التمائم، والحلف بغير الله، ونحو ذلك من الأعمال والأقوال.
    ومثال الباطن الخفي منه: يسير الرياء ونحو ذلك. فيكون الرياء- على هذا التقسيم أيضا- منه ما هو أكبر كرياء المنافقين الذين قال الله في وصفهم: { يرآءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا}،
    ومنه: ما يقع
    فيه بعض المصلين المتصنعين في صلواتهم؛ لأجل نظر الناس إليهم، ومنه ما هو أصغر كمن يحب التسميع أو المراءات.


    التقسيم الثاني للشرك -وهو جعله ثلاثة أقسام-:
    أكبر، وأصغر، وخفي، وهذا التقسيم يعني به أن الأكبر: ما كان مخرجا من الملة؛ مما فيه صرف العبادة لغير الله- جل وجلاله-.

    والأصغر: ما كان وسيلة لذلك الشرك الأكبر، وفيه تنديد لا يبلغ به أن يخرج من الإسلام، وقد حكم الشارع على فاعله بالشرك، وحقيقة الحال: أنه ندد وأشرك.

    وأما الشرك الخفي، فهو: كيسير الرياء، ونحو ذلك.

    وبعض أهل العلم يقول بالتقسيم الأول، ومنهم من يقول بالثاني.

    والتحقيق أنهما متساويان، أحدهما يوافق الآخر، وليس بينهما اختلاف.
    فإذا سمعت من يقول: إن الشرك ينقسم إلى أكبر، وأصغر: فقوله هذا صحيح، وإذا سمعت من يقول - وهو قول أئمة الدعوة -: إن الشرك ينقسم إلى أكبر وأصغر وخفي: فهذا -أيضا- قوله صحيح.

    فإذا تبين ذلك، فاعلم أن الشرك يعبر عنه بالتنديد، كما قال - جل وعلا -: {فلا تجعلوا لله أنداداً}،
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم حينما سئل: أي الذنب أعظم؟ قال: (أن تجعل لله ندا، وهو خلقك).

    فالتنديد منه ما هو تنديد أعظم، ومنه ما هو تنديد أصغر ليس فيه صرف العبادة لغير الله. فإذا كان التنديد بجعل العبادة لغير الله: صار التنديد شركا أكبر، وإذا كان التنديد بجعل غير الله -جل وعلا - ندا لله في عمل، ولم يبلغ ذلك الشرك الأكبر: فإنه يكون تنديدا أصغر، وهو المسمى بالشرك الأصغر، فهذه مقدمات، وتعريفات، وتنبيهات، جعلتها بين يدي هذا الشرح لأهميتها، ولمسيس الحاجة إليها. والله أعلم.



    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    103

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة

    شرك المتوكلين على المشايخ،... فشركهم أكبر، ولكنه خفي، أي في الباطن، وليس في الظاهر.

    كلام خطير
    اللهم ارزقنا التوحيد ونجنا من الشرك

    جزاكِ الله خيرا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    وجزاكِ مثله
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  8. #8

    افتراضي

    شرح جميل وسهل .
    واصلي أختنا أم علي وصلك الله برضاه .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,412

    افتراضي

    بارك الله فيكِ أم علي ، ونفع بكِ .
    وجزاكِ الله عنا كل خير على هذه الموضاعات القيمة والمفيدة وجعله في ميزان حسناتك .

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي



    قال إمام هذه الدعوة - رحمه الله -: (كتاب التوحيد، وقول الله تعالى).

    (قول) هذه الكلمة- كما في صحيح البخاري - إما أن تنطقها على العطف، فتقول: كتاب التوحيدِ، وقولِ الله، يعني: وكتاب قول الله، أو تنطقها على الاستئناف، فتقول: وقولُ الله تعالى.

    قال: (وقول الله تعالى:{ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}).
    هذه الآية فيها بيان التوحيد، ووجه ذلك: أن السلف فسروا قوله تعالى: {إلا ليعبدون} بمعنى: إلا ليوحدون، ودليل هذا الفهم: أن الرسل إنما بعثت لأجل التوحيد، أعني: توحيد العبادة، فقوله: {إلا ليعبدون} يعني: إلا ليوحدون.

    قوله: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} هذه الآية فيها حصر؛ لأن من المعلوم أن (ما) النافية مع (إلا) تفيد الحصر والقصر، فيكون معنى الكلام- على هذا-: أني خلقت الجن والأنس لغاية واحدة هي العبادة دون ما سواها. ففيه قصر علة الخلق على العبادة.

    وقوله: {إلا ليعبدون}، فـ(إلا) هذه أداة استثناء، والاستثناء هنا مفرغ - أي مفرغ من أعم الأحوال كما يقول النحاة - يعني: وما خلقت الجن والإنس لشيء، أو لغاية من الغايات أبدا إلا لغاية واحدة، هي: أن يعبدوني.

    وقوله
    : {ليعبدون} هذه اللام تسمى لام التعليل، ولام التعليل هذه قد يكون معناها: إما تعليل غاية، أو تعليل علة


    فتعليل الغاية:
    يكون ما بعدها مطلوبا، ولكن قد يكون، وقد لا يكون، يعني: هذه الغاية. ويسميها بعض العلماء. لام الحكمة. وفرق بين العلة والحكمة، يُوَضِّحُهُ: إذا قيل: ما الحكمة من خلق الجن والإنس؟

    فالجواب: أن يعبدوا الله وحده دون ما سواه فهذا التعليل لقوله: {إلا ليعبدون} هو تعليل غاية؛ ولو سألت شخصا -مثلا-: لم أحضرت الكتاب؟ قال لك: أحضرته لأقرأ، كانت علة الإحضار أو الحكمة من الإحضار القراءة فقد يقرأ وقد لا يقرأ بخلاف اللام التي يكون معناها العلة؛ وهي التي يترتب عليها معلولها، والتي يقول العلماء في نحوها: الحكم دائر مع علته وجودا وعدما، فتلك هي علة القياس التي لا يتخلف فيها المعلول عن العلة.

    فتكون اللام هنا: علة الغاية؛ لأن من الخلق من أُوجد، وخلقه الله- جل وعلا- لكن لم يعبده عبد غيره.

    ولام الحكمة شرعية، ويكون ما بعدها مطلوبا شرعا؛ وقد قال - جل وعلا - هنا: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}
    ، فنفهم من هذا: أن هذه الآية دالة على التوحيد، من جهة أن الغاية من الخلق هي التوحيد، والعبادة هنا هي التوحيد.

    وحقيقة العبادة: الخضوع والذل، فإذا انضاف إليها المحبة والانقياد صارت عبادة شرعية، قال طرفة في وصف ناقة:
    تباري عتاقا ناجيات وأتبعت


    وظيفا وظيفا فوق مور مُعَبَّد


    والمور: الطريق، والمعبد: هو الذي ذلل من كثرة وطء الأقدام عليه.

    وقال أيضا في معلقته:
    إلى أن تحامتني العشيرة كلها


    وأفردت إفراد البعير المُعَبَّد



    يعني: الذي صار ذليلا؛ لأنه أصيب بالمرض، فجعل بعيدا عن باقي الأبعرة، فصار ذليلا، لعدم المخالطة.

    والعبادة شرعا: هي امتثال الأمر والنهي على جهة المحبة والرجاء والخوف.

    وقال بعض العلماء: إن العبادة هي ما أُمر به من غير اقتضاء عقلي ولا اطراد عرفي. وهذا تعريف الأصوليين.

    وقال شيخ الإسلام- في بيان معناها في أول رسالة " العبودية"-:
    العبادة: اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال، والأعمال الظاهرة والباطنة.

    فتكون دلالة هذه الآية - إذًا-: أن كل فرد من أفراد العبادة يجب أن يكون لله وحده دون ما سواه؛ لأن الذي خلقهم إنما خلقهم لأجل أن يعبدوه، فكونهم يعبدون غيره -وهو الذي خلقهم- يعد من الاعتداء والظلم العظيم؛ لأنه ليس من يخلق كمن لا يخلق؛ كما قال - جل وعلا-: {أفمن يخلق كمن لا يخلق}.





    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي



    قال الشيخ - رحمه الله-: وقوله: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}).

    هذه الآية تفسير للآية قبلها، فالآية قبلها فيها بيان معنى العبادة، وفيها بيان الغرض من إيجاد الخلق، وأنه لأجل العبادة التي أرسلت بها الرسل بدليل قوله: {
    ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}، فالله تعالى ابتعث الرسل بهاتين الكلمتين: {اعبدوا الله} ، {واجتنبوا الطاغوت}.

    ففـي قوله: {اعبدوا الله}
    إثبات، وفي قوله: {اجتنبوا الطاغوت} نفي، وهذا هو معـنى التوحيد المشتمل علـى إثبات ونفي، فقوله في الآية {اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} يتضمن معنى قول: (لا إله إلا الله)؛ لأن النفي فيه اجتناب الطاغوت- وهو كل إله عُبِد بالبغي والظلم والعدوان -.

    والإثبات فيه: إثبات العبادة لله وحده دون ما سواه، ففي قوله:{اعبدوا الله}
    التوحيد المثبت، وفي قوله {واجتنبوا الطاغوت} نفي الإشراك.

    والطاغوت: فعلوت من الطغيان، وهو: كل ما جاوز به العبد حده من متبوع، أو معبود، أو مطاع.


    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  12. #12

    افتراضي

    تفسير القرطبي

    يقول سبحاه وتعالى في سورة النحل :
    { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً... }[النحل: 36].

    وفي آية أخرى يقول سبحانه:
    { مِن كُلِّ أُمَّةٍ } [النحل: 84].
    فهذه لها معنى، وهذه لها معنى..
    فقوله : { مِن كُلِّ أُمَّةٍ }
    أي: من أنفسهم، منهم خرج، وبينهم تربَّى ودَرَج، يعرفون خِصَاله وصِدْقه ومكانته في قومه.

    أما قوله تعالى: { فِي كُلِّ أُمَّةٍ } .
    فـ " في " هنا تفيد الظرفية. أي: في الأمة كلها، وهذه تفيد التغلغل في جميع الأمة.. فلا يصل البلاغ منه إلى جماعة دون أخرى، بل لا بُدَّ من عموم البلاغ لجميع الأمة.

    وكذلك يقول تعالى مرة:
    { أَرْسَلْنَا... } [الحديد: 26].

    ومرة أخرى يقول سبحانه :
    { بَعَثْنَا } [النحل: 36].

    وهناك فرق بين المعنيين فـ { أَرْسَلْنَا } تفيد الإرسال، وهو: أن يتوسط مُرْسَل إلى مُرْسَل إليه.
    أما { بَعَثْنَا } فتفيد وجود شيء سابق اندثر، ونريد بعثه من جديد.



  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,412

    افتراضي

    جاء في كتاب التمهيد لشرح كتاب التوحيد لصالح آل الشيخ (ص: 615 / 619) .

    سؤال :
    هل يجوز الذهاب للعلاج عند من يزعم أنه يعالج بمساعدة جن مسلمين ؟ وهل هذه المساعدة من الجن للقارئ من الاستعانة الجائزة أو المحرمة ؟

    الجواب :
    الاستعانة بالجن سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين وسيلة من وسائل الشرك .
    والاستعانة معناها : طلب الإعانة ؛ ولهذا فمن المتقرر عند أهل العلم أنه لا يجوز طلب الإعانة من مسلمي الجن ؛ لأن الصحابة - رضوان الله عليهم - لم يطلبوا ذلك منهم ، وهم أولى أن تخدمهم الجن ، وأن تعينهم .

    وأصل الاستعانة بالجن : من أسباب إغراء الإنسي بالتوسل إلى الجني ، وبرفعة مقامه ، وبالاستمتاع به ، وقد قال - جل وعلا - : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا } [ الأنعام : 128 ] ،
    فحصل الاستمتاع - كما قال المفسرون - من الجني بالإنسي : بأن الإنسي يتقرب إليه ، ويخضع له ، ويذل ، ويكون في حاجته ، ويحصل الاستمتاع من الإنسي بالجني بأن يخدمه الجني ، وقد يكون مع ذلك الاستمتاع ذبح من الإنسي للجني ، وتقرب بأنواع العبادات ، أو بالكفر بالله - جل وعلا - والعياذ بالله ، بإهانة المصحف ، أو بامتهانه أو نحو ذلك ؛
    ولهذا نقول : إن تلك الاستعانة بجميع أنواعها لا تجوز ، فمنها ما هو شرك - كالاستعانة بشياطين الجن - يعني : الكفار - ومنها ما هو وسيلة إلى الشرك ، كالاستعانة بمسلمي الجن .


    وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية يقول :
    إن الجن قد تخدم الإنسي . وهذا المقام فيه نظر وتفصيل ؛ ذلك أنه - رحمه الله - ذكر في آخر كتاب " النبوات " : أن أولياء الله لا يستخدمون الجن إلا بما فعله معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن أمرهم ، ونهاهم ، أي : بالأوامر ، والنواهي الشرعية ، أما طلب خدمتهم وطلب إعانتهم . فإنه ليس من سجايا أولياء الله ، ولا من أفعالهم ،
    قال : مع أنه قد تنفع الجن الإنس ، وقد تقدم له بعض الخدمة ونحو ذلك ، وهذا صحيح من حيث الواقع .
    فالحاصل أن المقام فيه تفصيل :فإذا كان الاستخدام بطلب الخدمة من الجني المسلم ، فهذا وسيلة إلى الشرك ، ولا يجوز أن يعالج عند أحد يعرف منه أنه يستخدم الجن المسلمين .
    وإذا كانت الجن تخدم بعض الناس بدون طلبه ، فإن هذا قد يحصل ، لكن لم يكن هذا من خلق أولياء الله ، ولا مما سخره الله - جل وعلا - لخاصة عباده ، فلا يسلم من هذا حاله من نوع خلل جعلت الجن تكثر من خدمته ، وإخباره بالأمور ، ونحو ذلك .


    فالحاصل :
    أن هذه الخدمة إذا كانت بطلب منه ، فإنها لا تجوز ، وهي نوع من أنواع المحرمات ؛ لأنها نوع استمتاع ، وإذا كانت بغير طلب منه فينبغي له أن يستعيذ بالله من الشياطين ويستعيذ بالله من شر مردة الجن ؛ لأنه قد يؤدي قبول خبرهم ، واعتماده ، إلى حصول الأنس بهم ، وقد يقوده ذلك الاستخدام إلى التوسل بهم والتوجه إليهم - والعياذ بالله - .

    فإذا تبين ذلك :
    فإن خبر الجن عند أهل العلم ضعيف ، لا يجوز الاحتجاج به عند أهل الحديث ، وذكر ذلك أيضا الفقهاء .وهذا صحيح ؛ لأن البناء على الخبر وقبوله : هو فرع عن تعديل المخبر ، والجني غائب ، وعدالته غير معروفة ، وغير معلومة عند السامع ، فإذا بنى الخبر عمن جاءه به من الجن وهو لم يرهم ، ولم يتحقق عدالتهم إلا بما سمع من خطابهم - وهي لا تكفي - فإنه يكون قد قبل خبر من يحتمل أنه فاسق ؛ ولهذا قال الله - جل وعلا - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } [ الحجرات : 6 ] ، والذين يقبلون إخبار الجن ، وإعلام الجن لهم ببعض الحوادث ، تحصل منهم مفاسد متنوعة كثيرة ، منها هنا : جزمهم بصحة ما أخبرتهم به الجن فربما حصل بسبب ذلك مفاسد عظيمة ، من الناس الذين أخبروا بذلك ، فيكثر القيل والقال ، وقد تفرقت بعض البيوت من جراء خبر قارئ جاهل يزعم أن الذي فعل هذا هو فلان باعتبار الخبر الذي جاءه ، ويكون الخبر الذي جاءه من الجني خبرا كذبا ، فيكون قد اعتمد على نبأ هذا الذي لا يعلم عدالته ، وبنى عليه وأخبر به ، فيحصل من جرائه فرقة ، واختلاف ، وتفرق ، وشتات في البيوت ،
    ونعلم أنه قد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم - رحمه الله - أن إبليس ينصب عرشه على ماء ، ويبعث سراياه ، فيكون أحب جنوده إليه من يقول له : فرقت بين المرأة وزوجها ، وهذا من جملة التفريق الذي يسعى إليه عدو الله ، بل الغالب أنه يكون من هذه الجهة ، فأحب ما يكون إلى عدو الله أن يفرق بين المؤمنين ؛
    ولهذا جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أيضا مسلم وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ، ولكن في التحريش بينهم » .

    فهذه المسألة يجب على طلاب العلم أن يسعوا في إنكارها ، وبذل الجهد في إقامة الحجة على من يستخدم الجن ، ويتذرع بأن بعض العلماء أباح ذلك ، والواقع أن هذا العمل وسيلة من وسائل الشرك بالله - جل وعلا - .
    واقرؤوا أول كتاب (( تاريخ نجد )) لابن بشر ، حيث قال : إن سبب دخول الشرك إلى قرى نجد أنه كان بعض البادية إذا أتى وقت الحصاد ، أو أتى وقت خرف النخيل ، فإنهم يقطنون بجانب تلك القرى ومعهم بعض الأدوية والأعشاب ، فإذا كانوا كذلك فربما سألهم بعض جهلة تلك القرى حتى حببوا إليهم بعض تلك الأفعال المحرمة من جراء سؤالهم ، وحببوا إليهم بعض الشركيات ، أو بعض البدع ، حتى فشا ذلك بينهم ، فبسبب هؤلاء المتطببين الجهلة ، والقراء المشعوذين انتشر الشرك - قديما - في الديار النجدية وما حولها ، كما ذكر ابن غنام .
    وقد حصل أن بعض مستخدمي الجن ، كثر عنده الناس ، فلما رأى من ذلك ، صار يعالج علاجا نافعا ، فزاد تسخر الجن له ، حتى ضعف تأثيره ، فلما ضعف تأثيره ولم يستطع مع الحالات التي تأتيه للقراءة أو للعلاج شيئا :
    صار تعلقه بالجن أكثر ، ولا زال ينحدر ما في قلبه من قوة اليقين ، وعدم الاعتماد بقلبه على الجن ، حتى اعتمد عليهم شيئا فشيئا ، ثم حرفوه - والعياذ بالله - عن السنة ، وعما يجب أن يكون في القلب من توحيد الله ، وإعظامه ، وعدم استخدام الجن في الأغراض الشركية ، فجعلوه يستخدم الجن في أغراض شركية وأغراض لا تجوز بالاتفاق .فهذا الباب مما يجب وصده ،
    وكذلك : يجب إنكار وسائل الشرك والغواية ، وحكم من يستخدم الجن ، ويعلن ذلك ، ويطلب خدمتهم لمعرفة الأخبار ، فهذا جاهل بحقيقة الشرع ، وجاهل بوسائل الشرك ، وما يصلح المجتمعات وما يفسدها ، والله المستعان .اهــ

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي



    ثم قال بعد ذلك:
    (وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: " يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ " قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا)


    وهذا قد مرَّ بيان معناه، لكن الشاهد من هذا الحديث، ومناسبته للابتداء - ابتداء كتاب التوحيد: أنه أتى فيه بلفظ (حق) الذي في قوله: { أتدري ما حق الله على العباد " ثم قال: " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا }.
    وهذا الحق حق واجب لله - جل وعلا - لأن الكتاب والسنة، بل ولأن المرسلين جميعا أتوا بهذا الحق، وبيانه، وبيان أنه أوجب الواجبات على العباد.


    ثم قال:
    { وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا }

    قوله:
    (حق العباد على الله) معناه: أن هذا حقٌّ أحقه الله على نفسه باتفاق أهل العلم، وأوجبه على نفسه، كما في بعض أقوالهم، كما قاله الشيخ تقي الدين ابن تيمية - رحمه الله -.

    وهل ذلك الحق المذكور في قوله: " حق العباد على الله " هل هو واجب أم لا؟
    نقول: نعم هو حق واجب، لكن بإيجاب الله ذلك الحق على نفسه؛ فالله - جل وعلا - يحرم على نفسه ما يشاء بما يوافق حكمته، ويوجب على نفسه ما يشاء بما يوافق حكمته، فكما أن الله حرم الظلم على نفسه، كما في قوله: { يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا }،
    كذلك أوجب على نفسه أشياء.

    لكن بعض أهل العلم تحاشى إطلاق لفظ (الإيجاب) على الله، وقال: يُعبَّر عن ذلك بأنه حق يتفضل به - سبحانه - على من يشاء، فهو حق تفضل، لا حق إيجاب.

    لكن هذا ليس بمتعين؛ لأن الحق الواجب هو الذي أوجبه الله على نفسه، والعباد لا يوجبون على الله - جل وعلا - شيئا من الحقوق، بل هو الذي أوجبه جل وعلا على نفسه، وتفضل به على عباده، والله - جل جلاله - لا يخلف الميعاد.


    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  15. #15

    افتراضي

    نفع الله بك أم علي ، نقل نافع ومفيد .

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي


    هذا الباب
    " باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب"
    يشمل التوحيد بأنواعه الثلاثة؛ فالتوحيد بأنواعه الثلاثة، له فضل عظيم على أهله.

    ومن أعظم فضله أنه به تُكَفَّر الذنوب؛ ولهذا قال الشيخ - رحمه الله - في التبويب: " باب فضل التوحيد، وما يكفر من الذنوب".
    فـ (ما) هنا موصول اسمي بدلالة وجود " من " البيانية مما يحول دون جعلها موصولا حرفيا، فيكون المعنى: باب فضل التوحيد وبيان الذنوب التي يكفرها. فالتوحيد يكفر الذنوب جميعا، لا يكفر بعض الذنوب دون بعض؛ لأن التوحيد حسنة عظيمة، لا تقابلها معصية إلا وأحرق نور تلك الحسنة أثر المعصية إذا كمل ذلك النور.

    فهذا هو المقصود بقوله: " باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب "؛ فمن كمل التوحيد بأنواعه الثلاثة - أعني: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وتوحيد الأسماء والصفات -: فإنه تكفر عنه ذنوبه، كما سيأتي بيانه في الباب بعده: أنه من حقق التوحيد: دخل الجنة بغير حساب.

    فكلما زاد التوحيد محي من الذنوب بمقدار عظمه، وكلما زاد التوحيد أمن العبد في الدنيا وفي الآخرة بمقدار عِظَمه، وكلما زاد العبد في تحقيق التوحيد كان متعرضا لدخول الجنة على ما كان عليه من العمل؛ فلهذا ساق الإمام - رحمه الله - آية الأنعام، فقال: (باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب، وقول الله تعالى) ثم ذكر الآيات.

    ومن العلماء من قال: إن (ما) في قوله: (وما يكفر من الذنوب) موصول حرفي.




    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,412

    افتراضي

    نفع الله بكِ أم علي ، وتقبل الله منا ومنكِ صالح الأعمال .

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    اللهم آمين، جزاكِ الله خيرا أم أروى ونفع بك.
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    103

    افتراضي

    {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    103

    افتراضي

    جزاكِ الله خيرا أم علي

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •