بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذا ما تيسر لي جمعه من لحن قول الأشعرية في إظهار ما في قلوبهم من بغض السلف والتبرؤ منهم
فهذا كله يبطل دعواهم أنه للسلف متبعين فلا يمكن أن يجتمع حب السلف وتصويبهم واتباعهم مع الطعن في أئمتهم المتفق عليهم في عصرهم
1. طعنهم في البخاري ومسلم وأهل الحديث عامة
قال فخر الرازي في أساس التقديس: "اشْتهر فِيمَا بَين الْأمة أَن جمَاعَة من الْمَلَاحِدَة وضعُوا أَخْبَارًا مُنكرَة واحتالوا فِي ترويجها على الْمُحدثين والمحدثون لِسَلَامَةِ قُلُوبهم مَا عرفوها بل قبلوها وَأي مُنكر فَوق وصف الله تَعَالَى بِمَا يقْدَح فِي الإلهية وَيبْطل الربوبية فَوَجَبَ الْقطع فِي أَمْثَال هَذِه الْأَخْبَار بِأَنَّهَا مَوْضُوعَة أما البُخَارِيّ والقشيري فهما مَا كَانَا عَالمين بالغيوب بل اجتهدا واحتاطا بِمِقْدَار طاقتهما فَأَما اعْتِقَاد أَنَّهُمَا علما جَمِيع الْأَحْوَال الْوَاقِعَة فِي زمَان الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى زَمَاننَا فَذَلِك لَا يَقُوله عَاقل غَايَة مَا فِي الْبَاب أَنا نحسن الظَّن بهما وبالذين رويا عَنْهُم إِلَّا أَنا إِذا شاهدنا خَبرا مُشْتَمِلًا على مُنكر لَا يُمكن إِسْنَاده إِلَى الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَطعنَا بِأَنَّهُ من أوضاع الْمَلَاحِدَة وَمن ترويجاتهم على أُولَئِكَ الْمُحدثين الرَّابِع أَن هَؤُلَاءِ الْمُحدثين يخرجُون الرِّوَايَات بِأَقَلّ الْعِلَل أَنه كَانَ مائلا إِلَى حب عَليّ فَكَانَ رَافِضِيًّا فَلَا تقبل رِوَايَته وَكَانَ معبد الْجُهَنِيّ قَائِلا بِالْقدرِ فَلَا تقبل رِوَايَته فَمَا كَانَ فيهم عَاقل يَقُول إِنَّه وصف الله تَعَالَى بِمَا يبطل إلهيته وربوبيته فَلَا تقبل رِوَايَته إِن هَذَا من الْعَجَائِب"
قال ابن الجماعة في إيضاح الدليل" "غلب على كثير من المحديثن مُجَرّد النَّقْل والإكثار من الغرائب مَعَ جهلهم بِمَا يجب لله تَعَالَى من الصِّفَات وَمَا يَسْتَحِيل عَلَيْهِ بأدلة ذَلِك القطعية القاطعة عِنْد أهل النّظر وَالْعلم إِذْ قنعوا من الْعلم بِمُجَرَّد النَّقْل وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة كَمَا قَالَ بعض الْأَئِمَّة الِاقْتِصَار"
قال ابن القيم: " وكان بعضُ متأخريهم، -وهو أفضلُهم عندهم-، كُلّف بإعدامِ كتب السنة المصنفة في الصفات وكتمانِها وإخفائِها.- وبلغني عن كثيرٍ منهم، أنه كان يهم بالقيامِ والانصرافِ عند ختمِ "صحيح البخاريّ"، وما فيه من "التوحيد والردّ على الجهميةِ"!، وسُمع منه الطعنُ في محمد بن إسماعيل!، وما ذنبُ البخاري، وقد بلّغ ما قاله رسول الله؟! وقال آخرُ من هؤلاء: "لقد شَانَ البخاريُّ صحيحَه، بهذا الذي أتى به في آخره""
2. طعنهم في الدارقطني
قال ابن الجماعة في إيضاح الدليل: "وَلَقَد أنكر على الدَّارَقُطْنِي ّ وَابْن خُزَيْمَة رِوَايَة مثل هَذِه الْأَحَادِيث وإيداعها فِي مصنفاتهم من غير مُبَالغَة فِي الطعْن فِي أَمْثَالهَا
وَإِنَّمَا غلب على كثير من المحديثن مُجَرّد النَّقْل والإكثار من الغرائب مَعَ جهلهم بِمَا يجب لله تَعَالَى من الصِّفَات وَمَا يَسْتَحِيل عَلَيْهِ بأدلة ذَلِك القطعية القاطعة عِنْد أهل النّظر وَالْعلم إِذْ قنعوا من الْعلم بِمُجَرَّد النَّقْل وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة كَمَا قَالَ بعض الْأَئِمَّة الِاقْتِصَار على جمع الحَدِيث بضَاعَة النوكى وَالله أعلم"
3. طعنهم في ابن خزيمة
قال فخر الرازي: "وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ أَوْرَدَ اسْتِدْلَالَ أَصْحَابِنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي سَمَّاهُ «بِالتَّوْحِيدِ » ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ كِتَابُ الشِّرْكِ،"
قال ابن الجماعة في الإيضاح: "فَإِن احْتج مُحْتَج بِكِتَاب ابْن خُزَيْمَة وَمَا أورد فِيهِ من هَذِه العظائم وَبئسَ مَا صنع من إِيرَاد هَذِه العظائم الضعيفة والموضوعةقُلْنَ ا لَا كَرَامَة لَهُ وَلَا أَتْبَاعه إِذا خالفوا الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة والنقلية على تَنْزِيه الله تَعَالَى بِمثل هَذِه الْأَحَادِيث الْوَاهِيَة وإيرادها فِي كتبهمْوَابْن خُزَيْمَة وَإِن كَانَ إِمَامًا فِي النَّقْل والْحَدِيث فَهُوَ عَن النّظر فِي العقليات وَعَن التَّحْقِيق بمعزل فقد كَانَ غَنِيا عَن وضع هَذِه العظائم الْمُنْكَرَات الْوَاهِيَة فِي كتبه"
قال شهاب الحلبي في رده على شيخ الإسلام: "ونقل عن ابن خزيمة: ( أن من لم يقل إن الله فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه، وجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ثم ألقي على مزبلة، لئلا يتأذى به أهل القبلة وأهل الذمة )فيقال له: الجواب عن مثل هذا قد تقدم، على أن ابن خزيمة: قد علم الخاصُّ والعامُّ حديثه في العقائد، والكتاب الذي صنفه في التشبيه، وسماه بالتوحيد رد الأئمة عليه أكثر من أن يذكر"
4. طعنهم في الآجري
قال أبو المعالي الجويني عن الآجري وكتابه في جمع أخبار الصفات: "وليس يتعمد جمع هذه الأبواب، وتمهيد هذه الأنساب إلّا مشبه على التحقيق، أو متلاعب زنديق" (نقله الشيخ في التسعينية)
5. طعنهم في حرب الكرماني
قال ياقوت الحموي: "قال الرهني منها حرب بن إسماعيل لقي أحمد بن حنبل رضي الله عنه وصحبه وله مؤلفات في الفقه منها كتاب السنة والجماعة قال شتم فيه فرق أهل الصلاة وقد نقضه عليه أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي "
قلت: والبلخي هذا الذي استبشر الأشعرية برد على أهل السنة رأس من رؤوس المعتزلة صاحبة فرقة منهم تسمى الكعبية!
7. طعنهم في ابن أبي حاتم
قال الكوثري: "ابن أبي حاتم المسكين الذي يقال أنه كتب كاتب الشمال شيئاً عليه أفسده حرب بن اسماعيل السيرجاني في المعتقل حتى أصبح ينطوي على العداء لمتكلمي الحق ويقول: أن القول بأن نعطي القرآن مخلوق كفر ينقل قائله من الملة وقد ذكر في كتاب"الرد على الجهمية"ما يدل على ما أصيب به عقله"
8. طعنهم في عبد الله بن أحمد والخلال (جامع مذهب أحمد!) وابن أبي عصابم وأبي الشيخ والعسال والطبراني وابن منده والحكم بن معبد والسجزي والأنصاري
قال الكوثري في مقدمة كتاب البيهقي" فدونك كتاب الاستقامة لخشيش بن أصرم، والكتب التي تسمى السنة لعبد الله وللخلال، ولأبي الشيخ، وللعسال، ولأبي بكر بن عاصم، وللطبراني، والجامع، والسنة والجماعة لحرب بن إسماعيل السيرجاني، والتوحيد لابن خزيمة، ولابن مندة، والصفات للحكم بن معبد الخزاعي، والنقض لعثمان بن سعيد الدارمي، والشريعة للآجري، والإبانة لأبي نصر السجزي، ولابن بطة، ونقض التأويلات لأبي يعلي القاضي، وذم الكلام والفاروق لصاحب منازل السائرين تجد فيها ما ينبذه الشرع والعقل في آن واحد"
وقال الكوثري عن كتاب السنة لعبد الله بن أحمد: "لم يتمكن من المضي على سيرة أبيه، من عدم التدخل فيما لا يعنيه، حتى ألف هذا الكتاب تحت ضغط تيار الحشوية بعد وفاة والده، وأدخل فيه بكل أسف ما يجافي دين الله، وينافي الإيمان بالله من وصف الله بما لا يجوز، فضلّ به أصحابه.
وكان أهل العلم يأبون إظهار هذا الكتاب ستراً لفضائحه عن الأعين.. وهو كتاب الوثنية.. والكفر كفر كائنا من كان قائله"
وضعهم الناس السجن لقراءة كتب السلف
قال ابن كثير في البداية والنهاية (18/54):
"ثُمَّ اتَّفَقَ أَنَّ الشَّيْخَ جَمَالَ الدِّينِ الْمِزِّيَّ الْحَافِظَ قَرَأَ فَصْلًا فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ مِنْ كِتَابِ " خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ " لِلْبُخَارِيِّ - تَحْتَ قُبَّةِ النَّسْرِ، بَعْدَ قِرَاءَةِ مِيعَادِ " الْبُخَارِيِّ " بِسَبَبِ الِاسْتِسْقَاءِ ، فَغَضِبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْحَاضِرِينَ، وَشَكَاهُ إِلَى الْقَاضِي الشَّافِعِيِّاب ْنِ صَصْرَى
وَكَانَ عَدُوَّ الشَّيْخِ، فَسَجَنَ الْمِزِّيَّ،
قال ابن حجر في أحداث سنة 803 من إنباء الغمر: "وفي خامس عشرى المحرم قرئ على المحدث جمال الدين عبد الله ابن الشرائحي بالجامع كتاب الرد على الجهمية لعثمان الدارمي، فحضر عندهم زين الدين عمر الكفيري، فأنكر عليهم، وشنّع، وأخذ نسخة من الكتاب، وذهب بها إلى القاضي المالكي، فطلب القارئ -وهو إبراهيم الملكاوي- فأغلظ له، ثم طلب ابن الشرائحي، فآذاه بالقول، وأمر به إلى السجن، وقطّع نسخة ابن الشرائحي! ثم طلب القاري ثانيًا؛ فتغيب، ثم أحضره؛ فسأله عن عقيدته، فقال: الإيمان بما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فانزعج القاضي لذلك! وأمر بتعزيره، فعُزِّر وضُرب وطيف به، ثم طلبه بعد جمعة، وكان بلغه عنه كلام أغضبه، فضربه ثانيًا، ونادى عليه، وحكم بسجنه شهرًا"
وقال في ترجمة هذا القاضي: "وهو الذي آذى الحافظ جمال الدين الشرائحي بالقول لكونه قرئ عليه كتاب الرد على الجهمية لعثمان الدارمي بل وأمر به إلى السجن وقطع نسخته بالكتاب المشار إليه واشتد أذاه للقارئ"