يقول شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله فى مجموع الفتاوى[ج22/ ص240 ] -- وأما قول القائل‏:‏كل يعمل في دينه الذي يشتهي، فهي كلمة عظيمة يجب أن يستتاب منها، وإلا عوقب، بل الإصرار على مثل هذه الكلمة يوجب القتل، فليس لأحد أن يعمل في الدين إلا ما شرعه اللّه ورسوله، دون ما يشتهيه ويهواه، قال اللّه تعالي‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ‏}‏ ‏[‏القصص‏:‏ 50‏]‏، وقال تعالي‏:‏ ‏{‏وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 119‏]‏، {‏وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ‏} ‏[‏ص‏:‏ 26‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 77‏]‏، وقال تعالى‏:‏


ص -241- {‏أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا‏}‏ ‏[‏الفرقان‏:‏ 43، 44‏]‏، وقال تعالي‏:‏ ‏{‏فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 65‏]‏‏.‏
وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:
‏ ‏"‏والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به‏"‏‏.‏ قال تعالي‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 60، 61‏]‏، وقال تعالي‏:‏ ‏{‏أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ‏}‏ ‏[‏الشوري‏:‏ 21‏]‏وقال تعالي‏:‏ ‏{‏المص كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ‏} ‏[‏الأعراف‏:‏ 1 3‏]‏، وقال تعالي‏:‏ ‏{‏وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ‏}‏ ‏[‏المؤمنون‏:‏ 71‏]‏، وأمثال هذا في القرآن كثير‏.‏
فتبين أن على العبد أن يتبع الحق الذي بعث اللّه به رسوله، ولا يجعل دينه تبعًا لهواه‏.‏واللّه أعلم‏.‏مجموع الفتاوى[ج22/ ص240 ]