بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين


قيل: لن يكون العبد من المتقين حتى يستوي عنده المادح والذام.

وورد في الأثر:
... أنَّهُ أتى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقالَ: يا محمَّدُ اخرُج إلينا فلم يُجبْهُ، فقالَ: يا محمَّدُ إنَّ حمدي زين وإنَّ ذمِّي شين فقالَ: "ذاكَ الله" ، فأنزلَ اللَّهُ "إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ".



كيف يستوي المادح والذام؟

قال الله تعالى: "والله يعلم وأنتم لا تعلمون".
فالله سبحانه وتعالى يعلم السر وأخفى، والناس ليس لهم إلا ما ظهر من الأعمال.

١/ إن كان الله يعلم أن عمل العبد خالصا لله، متبعا للنبي عليه الصلاة والسلام، وتقبله الله منه وأثنى على فاعل هذا العمل في كتابه الكريم أو في الحديث، فما قيمة كلام الناس بعد ذلك؟
إن أثنوا، فليس بيدهم شيء والخير كله بيد الله وحده لا شريك له،
وإن عابوا وانتقدوا، فقد قال الله تعالى: "وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدين".

٢/ إن كان العبد على خطأ -صغيرا كان أم كبيرا- ثم رجع عن خطأه وتاب، فبعض الناس يحكم على هذا الشخص بسبب خطأه حتى وإن رجع إلى الصواب، فقد يواجه العبد أذى من كلام الناس أو أفعالهم وقد غفر الله له، كما ورد في الحديث الصحيح: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد تابت توبة لو قُسِّمَتْ بين سبعين من أهلِ المدينةِ لوسعَتْهم ، و هل وجدَتْ توبة أفضلَ من أن جادَتْ بنفسِها للهِ".

٣/ قد يعمل العبد عملا حسنا فيمدحونه ويمجدونه، وربما فقد الإخلاص وأحبط الله عمله والناس لا يعلمون،
قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرجلَ ليعملَ بعملِ أهلِ الجنةِ، فيما يبدُو للناس، وإنه من أهلِ النارِ ...".





قال الله تعالى: "إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور"،

فمن واجه أذى من الناس وكان مؤمنا فإن الله يدافع عنه.

قال الشيخ السعدي -رحمه الله- في تفسيره لهذه الآية: هذا إخبار ووعد وبشارة من الله، للذين آمنوا، أن الله يدافع عنهم كل مكروه، ويدفع عنهم كل شر -بسبب إيمانهم- من شر الكفار، وشر وسوسة الشيطان، وشرور أنفسهم، وسيئات أعمالهم، ويحمل عنهم عند نزول المكاره، ما لا يتحملون، فيخفف عنهم غاية التخفيف. كل مؤمن له من هذه المدافعة والفضيلة بحسب إيمانه، فمستقل ومستكثر.

فمن كان مؤمنا فليصبر وليبشر قال تعالى: "وبشر المؤمنين"، وقال: "وبشر الصابرين".