كارثة أخلاقية عظمى تحُل بالشعب السعودي بقرار جائر من وزير التعليم

12/6/1438هـ

12/06/1438هـ.
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله الأمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فقد حدث قبل أيام في آخر جمادى الأولى حدث خطير يترتب عليه شر مستطير، وهو تعيين وزير التعليم بترشيح من مدير جامعة الطائف امرأة عميدة لكلية الطب تكون مرجعا للرجال مدرسين وطلابا، فقد نشرت صحيفة عكاظ يوم الاثنين 30جمادى الأولى 1438هـ، الموافق لـ27 فبراير 2017م معلومات عن هذا الحدث المنكر، جاء فيها تحت عنوان: «بقرار وزاري.. تعيين أول سعودية «عميدة» في جامعة الطائف:



سجلت جامعة الطائف أمس، تعيين أول عميدة في الجامعات السعودية لشطري الطلاب والطالبات، في خطوة جديدة ومهمة في القطاع الأكاديمي، بعد صدور قرار وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، بتعيين البروفيسورة دلال محيي الدين نمنقاني، عميدة لكلية الطب في الجامعة، وأصبحت الدكتورة نمنقاني بعد صدور القرار الوزاري، رسميا أول عميدة لكلية تضم أعضاء هيئة تدريس وطلابا من الجنسين في الجامعات الحكومية بالمملكة، بعد أن كان يقتصر التعيين في منصب العمادة على الرجال، فيما يتوقف السلم الإداري للأكاديميات داخل الكليات عند حدود منصب وكيل العميد، ولم يسبق لأكاديمية سعودية أن شغلت منصب عميد كلية في أي من الجامعات الحكومية في المملكة، باستثناء جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وهي جامعة خاصة للبنات، فضلا عن شغل أكاديميات ذات المنصب في كليات وجامعات أهلية، وأكدت مصادر أكاديمية مطلعة أن قرار تعيين العميدة استند إلى معياري الجدارة والكفاءة العلمية والعملية، وتغليبهما على فارق الجنس بين أعضاء هيئة التدريس في الكلية، منبهة أن القرار ينسجم مع توجهات رؤية المملكة 2030 في دعم مشاركة المرأة بسوق العمل وتعزيز دورها في القطاعين الحكومي والخاص وتمكينها وظيفيا، من جهتها، قالت الدكتورة نمنقاني في أول تصريح لها إلى «عكاظ»: إن الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أنصفت المرأة بوصفها شريكا مهما في خدمة الوطن في كثير من المجالات، وأشكر وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى على قراره بتعييني عميدة لكلية الطب في الجامعة.


وثمنت لمدير الجامعة الدكتور حسام بن عبدالوهاب زمان، دوره في ترشيحها لشغل هذا المنصب الذي يدعم مسيرة المرأة في البلاد، مؤكدة أنها ستعمل جاهدة لتحقيق الآمال والتطلعات المعقودة عليها بتعيينها في منصبها الجديد، للارتقاء بكلية الطب إلى أعلى مستويات الجودة الأكاديمية، بالتعاون مع الزملاء والزميلات أعضاء هيئة التدريس في الكلية، وتشغل نمنقاني، الاستشارية في علم الأمراض النسيجي والتشريحي، إلى جانب عملها عضو هيئة تدريس بكلية الطب، عميدة مكلفة للدراسات الجامعية في الجامعة نفسها، وهو أعلى منصب في الجامعة يخص شطر الطالبات، قبل تعيينها في منصبها الجديد، ويبدو أن هذا القرار سيفتح الباب على مصراعيه أمام عضوات هيئة التدريس في مختلف الجامعات الحكومية في المملكة للتقدم لشغل مناصب أكاديمية أعلى مستقبلا، وكسر الجمود الوظيفي المحدود داخل أسوار الأقسام النسائية في الكليات وشطر الطالبات في الجامعات الحكومية. يذكر أن الجامعة، منذ تعيين الدكتور حسام بن عبدالوهاب زمان، أطلقت العديد من البرامج والمشاريع المهمة أبرزها برنامج «التحول البرامجي»، والذي يهدف إلى تطوير جميع برامجها الأكاديمية، وكذلك تطوير الخطط الدراسية كافة، للتأكد من مدى تحقق متطلبات الجودة والاعتماد الأكاديمي والمواءمة مع سوق العمل، ولتحسين جودة وكفاءة تلك البرامج، ومشروع «داعم» لتشجيع أعضاء هيئة التدريس الجدد على المساهمة في البحث العلمي».
وأنبه حول هذا الحدث الذي نشرت تفاصيله الصحيفة إلى ما يلي:


1. إن تعيين وزير التعليم للعميدة بترشيح من مدير الجامعة إساءة بالغة للشعب السعودي المحافظ على الأخلاق والآداب الشرعية، وإساءة إلى الدولة السعودية التي قامت على تحكيم الكتاب والسنة وحصل لها بسبب ذلك البقاء والاستمرار في ولاية الغالبية العظمى من جزيرة العرب، وإساءة لخادم الحرمين الملك سلمان حفظه الله بإحداثه وتسجيله في التاريخ في عهده، وحصول هذا الحدث من الوزير والمدير هو من قبيل التعاون على الإثم والعدوان، وهو يتنافى مع الأمانة ويدل على الخيانة، قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، والواجب على الوزير تدارك الأمر وإلغاء قراره الجائر لتسلم البلاد حكومة وشعبا من آثاره السيئة وعواقبه الوخيمة.


2. إن هذا القرار الجائر لو تم فسيكون له ما بعده من سهولة الاختلاط بين المدرسين والمدرسات والطلاب والطالبات، وما يترتب على ذلك من إلغاء الشاشات المغلقة التي يكون فيها تدريس الرجال للنساء، والسعي إلى اختلاط البنين والبنات في مقاعد الدراسة، وهذه الوسائل والغايات هي التي يسعى لها التغريبيون المتبعون للشهوات لإفساد هذه البلاد حتى تكون مماثلة للبلاد التي سبقت إلى أنواع الانفلات بتنفيذها المخططات الغربية لإفسادها، مع أن هذه التنازلات لإرضاء الغربيين من اليهود والنصارى وغيرهم ــ وإن كانت تعجبهم ــ فهي لا تكفيهم، ولا يكفيهم إلا اتباع ملتهم؛ كما قال الله عز وجل: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}، ومما قاله الشيخ العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله في خطر التغريبيين وسعيهم الحثيث للإفساد في هذه البلاد وتدمير أخلاق أهلها قوله في شرحه لرياض الصالحين (2/487) عند شرح حديث «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» قال: «ولهذا يجب علينا نحن ونحن أمة مسلمة أن نعارض هذه الأفكار وأن نقف ضدها في كل مكان وفي كل مناسبة علما بأنه يوجد عندنا قوم لا كثرهم الله ولا أنالهم مقصودهم يريدون هذا الأمر لهذا البلد المسلم المسالم المحافظ لأنهم يعلمون أن آخر معقل للمسلمين هو هذه البلاد التي تشمل مقدسات المسلمين وقبلة المسلمين ليفسدوها حتى تفسد الأمة الإسلامية كلها فكل الأمة الإسلامية ينظرون إلى هذه البلاد ماذا تفعل فإذا انهدم الحياء والدين في هذه البلاد فسلام عليهم وسلام على الدين والحياء لهذا أقول: يا أخواني يجب علينا ـ شبابا وكهولا وشيوخا وعلماء ومتعلمين ـ أن نعارض هذه الأفكار وأن نقيم الناس كلهم ضدها حتى لا تسرى فينا سريان النار في الهشيم فتحرقنا نسأل الله أن يجعل كيد هؤلاء الذين يدبرون مثل هذه الأمور في نحورهم وأن لا يبلغهم منالهم وأن يكبتهم برجال صالحين حتى تخمد فتنتهم إنه جواد كريم»، أقول بعد هذا الكلام الناصح البليغ للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: أين الغيرة على المحارم؟! أين التباعد عن أسباب الدياثة؟! أين الحياء؟! أين الشهامة؟! أين الرجولة؟! أين المروءة؟! أين الأنفة؟! أين النفوس الأبية؟! أين الهمم العلية؟! أين شيم الرجال؟! أين الاعتبار بمن حولنا ممن سبقت نساؤهم إلى تقليد نساء الغرب فكشفن الوجوه ثم آل أمرهن إلى التعري المشين؟! {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}، اللهم لطفك بالبقية الباقية بلاد الحرمين.


3. إن التغريبيين في هذه البلاد هم الأعداء على الحقيقة للدولة السعودية؛ لأنهم يسعون لإحداث المعاصي والمخالفة للأحكام الشرعية التي تعود بالأضرار الجسيمة على البلاد حكومة وشعبا، والتغريبيون لا مجد لهم وهم يسعون بجد لإضاعة مجد غيرهم، وهو المجد العظيم الذي ورَّثه الملك عبدالعزيز رحمه الله، وما أحوج الذين ورثوا هذا المجد إلى الحذر من مكر هؤلاء الأعداء الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.


4. إن هذا الحدث الذي نشرت تفاصيله عكاظ كارثة أخلاقية عظمى تنذر بشر وبلاء عظيم إن لم تُتدارك بإلغاء الوزير قراره الجائر، وإن لم يفعل فما أحسن وما أجمل أن يظفر هو ومدير الجامعة بإقصائهما من عملهما وإذاقتهما مرارة العزل من وظيفتيهما.
وأسأل عز وجل ألا يؤاخذنا بما فعله السفهاء منا، وأن يسلم البلاد السعودية من مكر أعدائها الغربيين والتغريبيين، وأن يحفظ عليها أمنها وإيمانها وسلامتها وإسلامها، وأن يكبت كل من أرادها بسوء، وأن يوفق ولاة الأمر فيها ــ وعلى رأسهم خادم الحرمين الملك سلمان حفظه الله ــ لكل ما تحمد عاقبته في الدنيا والآخرة، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.