بسم الله الرحمن الرحيم
تعريفٌ بكتابِ سننِ سعيدِ بنِ منصورِ

تحقيق
فريق من الباحثين

بإشراف وعناية
أ.د سعد بن عبدالله الحميد
د. خالد بن عبد الرحمن الجريسي

يعدُّ كتابُ سننِ سعيدِ بنِ منصورٍ من أهمِّ الكتبِ المسندةِ التي جمعتْ كثيرًا من الأحاديثِ النبويةِ وآثارِ الصحابةِ، بأسانيدَ عاليةٍ، جيدةٍ صحيحةٍ في أغلبِها، ويتميزُ هذا الكتابُ بعدةِ مزايا؛ نُجملُها فيما يلي:
1- مكانةُ المؤلِّفِ العلميةُ : فالإمامُ سعيدُ بنُ منصورٍ أحدُ أوعيةِ العلمِ أئمَّةِ الحديثِ الحُفَّاظِ المُتقِنِينَ الذين أخرَجَ لهم الجماعةُ أصحابُ الكتبِ الستةِ، وممَّن تتلمذَ عليه كبارُ الأئمةِ الحُفَّاظِ؛ كالإمامِ أحمدَ، والبخاريِّ، ومسلمٍ، وأبي داودَ، وأبي حاتمٍ، وأبي زُرْعةَ وغيرِهم. وأَحْسَن الإمامُ أحمدُ الثناءَ عليه وفخَّم أمرَهُ، ووثَّقه عددٌ من الأئمةِ الحُفّاظِ المختصّين بالجرحِ والتعديلِ، ويقولُ الإمامُ الذهبيُّ: «من نظَرَ في "سننِ سعيدٍ" عرَفَ حِفظَ الرجلِ وجَلالتَه».
2- عُلُوُّ أسانيدِه ؛ لما مَنَّ اللهُ به على المؤلِّفِ من طولِ العُمُرِ، حتى إنه أدرَكَ شُيوخًا لم يُدرِكْهُم بعضُ منِ اتَّفقَ معه في سنةِ الوفاةِ أو قاربَها.
3- كونُه منَ الكتبِ القليلةِ التي تُعنَى بتخريجِ الآثارِ عنِ الصحابةِ والتابعين ومَن بعدَهم ، بالإضافةِ إلى الأحاديثِ المرفوعةِ.
4- تفرُّدُ المصنِّفِ ببعضِ الآثارِ التي قد لا تُوجَدُ عندَ غيرِه؛ ولذلك يقولُ ابنُ نُقْطةَ في ترجمةِ سعيدِ بنِ منصورٍ: «وصنَّفَ كتابَ "السُّنَنِ"، وجمعَ فيها من أقوالِ الصحابةِ والتابعين وفتاويهم ما لم يَجمَعْه غيرُه».
5- إخراجُ المصنِّفِ بعضَ الآثارِ التي يشاركُه فيها بعضُ أصحابِ المصنَّفاتِ المفقودةِ ؛ كعبدِ بنِ حُمَيدٍ وابنِ المنذرِ في تفسيرَيْهما.
6- كِبَرُ الكتابِ، وكثرةُ حديثِه، وشهرتُه، ونُدرتُه؛ وما طُبع منه الآن هو ( 6615 حديثًا ) . يسَّر اللهُ الحصولَ على بقيتِهِ.
7- للمؤلفِ بعضُ التعقيباتِ العلميةِ على ما يرويه من آثارٍ، ومنها ما نقله عن شيخه هشيم بن بشير (183هـ)، وكتبه مفقودة.
8- قلةُ روايتِه للإسرائيليَّاتِ في "تفسيرِه".
- ويقعُ الكتابُ في أربعةِ مجلداتٍ.
نُسخُ الكتابِ
النسخةُ الأولى :
هي النسخةُ التي اعتمدَها الشيخُ حبيبُ الرحمنِ الأعظميُّ فيما نشَرَه منه. وهي نُسخةُ مكتبةِ كوبريلي التي اكتشَفَها الدكتورُ محمد حميدالله. وتحتوي من الكتاب على: كتاب الفرائض، والوصايا، والنكاح، والطلاق، والجهاد.
النسخةُ الثانيةُ :
هي نسخةُ مكتبةِ الشيخِ محمدِ بنِ سعودٍ الصُّبَيحيِّ رحمه الله، وهي نسخةٌ ناقصةٌ أيضًا، بها نحوُ نصفِ "السُّنَنِ"، وتقعُ في مجلدٍ كبيرٍ، عددُ ورقاتِهِ خمسٌ وثلاثون ومِئَتا ورقةٍ (235)، يبدأُ بكتابِ الفرائضِ، وينتهي بنهايةِ "السُّنَنِ"، فهو يضُمُّ القِسمَ المطبوعَ الذي حقَّقَه الشيخُ حبيبُ الرحمنِ الأعظميُّ بأكملِه وزيادةً كبيرةً؛ وهذه الزيادةُ تبدأُ بفضائلِ القرآنِ، ثم كتابِ التفسيرِ، ثم كتابِ الزهدِ، وهو آخرُ "السُّنَنِ".
عملُنا في الكتابِ
1- حرَصْنا كلَّ الحرصِ على إخراجِ هذا السِّفرِ العظيمِ في أقربِ صورةٍ وضعَهُ عليها مصنِّفُه رحمه الله؛ ولم نلجأْ إلى تغييرِ ما في النسخِ الخطيةِ إلا فيما كان خطأً بيِّنًا صريحًا لا وجهَ له؛ وذلك كالآتي:
أ- الخطأُ في نصِّ آيةٍ قرآنيةٍ لا تحتمِلُ وجهًا مِن وجوهِ القراءاتِ، فصوَّبنا ذلك مشيرينَ إلى ما في الأصلِ.
ب- ما فسدتْ فيه بِنيةُ الكلامِ مِن جهةِ معناه، أو مخالفتِهِ العربيةَ، ولم يحتمل ما فيها وجهًا سائغًا أو ممكنًا في اللغةِ ومذاهبِ النحويينَ، وغلبَ على ظنِّنا فيه خطأُ ما في النُّسخِ الخطيَّةِ.
ت- ما وقعَ فيه تحريفٌ أو تصحيفٌ في اسْمِ عَلَمٍ لم نجدْ في حكايتِه اختلافًا بعدَ بذلِ الجهدِ في مصادرِ البحثِ.
ث- ما تبيَّنَّا فيه وقوعَ سقطٍ يقدحُ في تمامِ معنى العبارةِ؛ حدث بسببِ انتقالِ النظرِ، ونحوِه.
وفي كلِّ ذلك نستعينُ بالمصادرِ المسنَدةِ التي أخرجتِ الرِّوايةَ مِن طريقِ المصنِّفِ، أو كانَ طريقُها قريبًا من طريقِهِ، أو الكتبِ غيرِ المسنَدةِ التي نقلتْ عنه وعزتْ إليه.
2- ضبطْنا النصَّ ضبطَ إعرابٍ وضبطَ ما أشكلَ من البِنْيةِ، مع الضبطِ الكاملِ لأقوالِ النبي صلى الله عليه وسلم، والأشعارِ.
3- وَضعْنا ما استدركناه من سقطٍ أو صوَّبناه من خطأٍ بين معقوفين [ ]، وأشرنَا إلى ذلك في الهامشِ، منوِّهينَ على وجهةِ ما أثبتناهُ أو مصدرِه.
4- رَقَّمْنا الأحاديثَ والآثارَ ترقيمًا متسلسلاً من أولِ الكتابِ إلى آخرِهِ، ووضعنا الأرقامَ بين معقوفاتٍ في أولِ كلِّ أثرٍ وحديثٍ، ووضعنا أرقامَ النشراتِ السابقةِ بين هلالين في أواخرِ الأحاديثِ والآثارِ.
5- التزمنا في مواطنِ السَّجعِ الوقوفَ على الفواصلِ بالتَّسكينِ، وإن كانت الكلمة التي بُنِي عليه السَّجعُ مختومةً بتاءٍ مربوطةٍ رسمناها هاءً ساكنةً.
6- وضعْنا أرقامَ لوحاتِ النُّسختين بين معقوفين: [ ] بهامشِ الكتابِ ووضعنا بإزائه في المتنِ مائلةً (/)؛ للدلالةِ على بدايةِ اللوحةِ أو الوجهِ.
7- وضَّحنا ما أشكل معناهُ من ألفاظٍ وسياقاتٍ؛ معتمدين في ذلك على الرواياتِ الأخرى للأثرِ أو ما ذكرَهُ شُرَّاح الحديثِ وأصحابُ المعاجم والغريب.
8- أدرجْنا في كتابِ التَّفسيرِ عناوينَ الآياتِ قبلَ إيرادِ ما يفسِّرُها ويتعلَّقُ بها من أحاديثَ وآثارٍ؛ ليسهلَ الرُّجوعُ إليها والبحثُ فيها، وجعلنا هذه التراجمَ بين معقوفَين: [ ].
9- قدَّمنا وأخَّرنا بعضَ الأحاديثِ والآثارِ الواردةِ في كتاب التفسير؛ لمراعاةِ ترتيبِ الآياتِ في المصحفِ؛ لما رأينا مِن التزامِ المصنِّف بالترتيبِ في الأعمِّ الأغلبِ، باستثناءِ هذه المواضعِ القليلةِ، وأشرنَا إلى ذلك عندَ موضعِ التَّقديمِ وموضعِ التَّأخيرِ.
10- في كتابِ التفسيرِ أيضًا علَّقْنا على القراءاتِ القرآنيةِ بما يفيدُ ضبطَها في الأصلِ الخطيِّ من عدمِهِ، ويزيلُ ما قد يكونُ فيها من إشكالٍ.
11- وضَعْنا الآياتِ من مصحفِ المدينةِ النبويةِ الحاسوبيِّ بخطِّ الخطاطِ عثمانَ طه، كما أثبتْنا ألفاظَ الآياتِ بحسَبِ القراءةِ المذكورةِ في المتنِ، إلا إذا لم يكنِ المقصودُ قراءةً بعينِها أو لم تدلَّ عليها قرينةٌ، فإننا نثبتُ في الغالبِ روايةَ حفصٍ.
12- إذا خالف النصُّ المشهورَ من قواعدِ النحوِ واللغةِ، أثبَتْناه كما هو في الأصلِ، وعلَّقنا على ذلك باختصارٍ شديدٍ، غيرَ أنّ ثَمَّةَ بعضَ الأمورِ التي أثبتناها على الجادةِ بلا تعليقٍ إما لكثرتِها أو لندرتِها، وأكثرها تكرر في النسختين أو إحداهما. وقد ذكرنا هذه الأمور في المقدمة ووجهناها لغويًّا.
13- ذَيَّلنا الكتابَ بعدّةِ فهارسَ حسبَ ما اقتضاه المقامُ؛ وهي: فهارسُ الآياتِ، وفهارسُ القراءاتِ، وفهارسُ الأحاديثِ، والآثارِ، والأشعارِ، وفهرسُ المصادر والمراجعِ.
14- هذه الطبعةُ غيرُ مخرجةِ الأحاديثِ إلا ما ندر ودعتِ الحاجةُ إليه، لكنّنا رجعْنا إلى مصادرِ الأحاديث والآثار لحلِّ ما صادفنا من إشكالاتٍ.
ومن الصُّعوبات التي واجهتْنا في تحقيقِ الكتابِ :
1- كِبَرُ حجمِ الكتابِ.
2- قلةُ عددِ النسخِ، فالنسختان المتاحتان تكادان تكونانِ منقولتين من أصلٍ واحدٍ! وإحداهما تنتهي عندَ نهايةِ كتابِ الجهادِ! ثم تنفردُ الأخرى بما بقي إلى آخرِ الكتابِ.
3- تفردُ المصنِّفُ بروايةِ عددٍ من الآثارِ، أو بروايتِها بألفاظٍ معينةٍ، مع وجودِ إشكالاتٍ فيها، جعل حلَّ هذه الإشكالاتِ أمرًا شاقًّا.
فاجتهدْنا قدرَ الإمكانِ في الوصولِ إلى أقربِ الألفاظِ إلى لفظِ المصنِّفِ، في الكتبِ المسندةِ أو غيرِ المسندةِ التي نقلتِ النصَّ أو قريبًا من ذلك.
ولسنا ندّعي الكمالَ، ولا نستغني عن توجيهاتِ الفضلاءِ من العلماءِ والباحثين والقراءِ الكرامِ، وملاحظاتِهم وتقويمِهم.

وفيما يلي فريقُ التَّحقيقِ الذين تضافرَتْ جُهودُهم في نظمِ هذا العِقْدِ؛ وهم الباحثون:

أبو مازن محمد رجب محمد الخولي
أ. حسام كمال توفيق عبدالغني
أ. إسلام محمد الخطيب
أ. يوسف محمود سيد علي زمزم
أ. عمرو محمد بكري الطبرانجي
أ. محمد حسن رمضان حسن بركات
أ. حسن إبراهيم حسن الصباغ
أ. محمد محمد غريب بيومي.

والحمد لله أولا وآخرا