تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: معنى (لا إله ألا الله) وأركانها وشروطها.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي معنى (لا إله ألا الله) وأركانها وشروطها.

    قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ".
    أولًا: معنى أشهد أنْ لا إله إلا الله:
    الإيمان بالقلب والإقرار باللسان أنه لا معبود بحق إلا الله تعالى؛ فلا يستحق العبادة أحدٌ غير الله تعالى؛ فإنه وإن كانت هناك معبودات تعبد من دون الله تعالى إلا أنها معبودات باطلة؛ وأما المعبود بحق فهو الله تعالى وحده؛ كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62].
    ثانيًا: أركان لا إله إلا الله: لها ركنان:
    الركن الأول: النفي: أي: نفي الإلهية عن كل ما سوى الله تعالى؛ بقولك: (لا إله).
    الركن الثاني: الإثبات: أي: إثبات الإلهية لله وحده؛ بقولك: (إلا الله).
    ثالثًا: شروط لا إله إلا الله سبعة:
    الشرط الأول: (العلم): فلا بد أن يكون الإنسان عالمًا بمعنى (لا إله إلا الله).
    كما قال تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19].
    وقال تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ ﴾؛ أي: بـ (لا إله إلا الله)، ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزخرف: 86]؛ أي: يعلمون بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم.
    وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ"[1].
    الشرط الثاني: (اليقين): فلا بد أن يكون قائلها مستيقناً بها غير شاك فيها.
    كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ﴾ [الحجرات: 15]؛ أي: لم يَشُكُّوا.
    وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، لَا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ"[2].
    وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ نَعْلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: "اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ"[3].
    الشرط الثالث: (القبول): بمعنى أن يكون قائلها قابلًا لها بقلبه ولسانه؛ فلا يَرُدُّ شيئًا مما جاء عن الله تعالى ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لا بقلبه ولا بلسانه.
    كما قال تعالى عن المؤمنين: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285].
    الشرط الرابع: (الانقياد): أي: الاستسلام؛ فلا بد أن يكون قائلها مستسلمًا بأفعاله الظاهرة لله ولرسوله.
    كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 22]؛ أي: من يستسلم لله تعالى فهو المستمسك بالعروة الوثقى؛ وهي (لا إله إلا الله).
    والفرق بين الانقياد والقبول: أن القبول يكون بالقلب واللسان، والانقياد يكون بالأفعال الظاهرة.
    الشرط الخامس: (الصدق): أي: يكون قائلها مُصَدِّقًا بها بقلبه غير مُكَذِّبٍ لها.
    كما قال تعالى: ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 1 - 3].
    وقال تعالى في شان المنافقين الذين قالوها كذباً: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 8 - 10].
    وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: "يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ"، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: "يَا مُعَاذُ"، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثَلاَثًا، قَالَ: "مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ"[4].
    الشرط السادس: (الإخلاص): وهو تصفية العمل عن جميع شوائب الشرك.
    قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ [البينة: 5]، وقال تعالى: ﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ [الزمر: 3]، وقال تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي ﴾ [الزمر: 14].
    وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ"[5].
    الشرط السابع: (المحبة): أي: تقديم محبة هذه الكلمة على محبة كل ما سواها.
    كما قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165].
    وقد جمع العلامة حافظ حكمي معناها وشروطها في هذه الأبيات فقال:
    فَإِن مَعْنَاهَا الَّذِي عَلَيْهِ
    دَلتْ يَقِينا وَهَدَتْ إِلَيْهِ
    أَنْ لَيْسَ بِالْحَقِّ إِلهٌ يُعْبَدُ
    إلَّا الإلهُ الوَاحِدُ المُنْفَرِدُ
    بِالْخَلقِ وَالرَّزْقِ وَبالتَّدْبِيرِ
    جَلَّ عَنِ الشَّريِكِ وَالنَّظِيرِ
    وَبِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ قَدْ قُيِّدَتْ
    وَفي نُصُوصِ الوَحْيِ حَقاً وَرَدَتْ
    فَإنَّهُ لَمْ يَنتَفِعْ قَائِلُهَا
    بِالنُّطْقِ إلاَّ حَيْثُ يَسْتَكْمِلُهَا
    الْعِلمُ وَالْيَقِينُ وَالقَبُولُ
    وَالانْقِيَادُ فَادْرِ مَا أقُولُ
    وَالصِّدْقُ وَالإِخْلاَص وَالْمَحَبَّة
    وَفَّقَكَ الله لِمَا أحَبَّه

    وصلِّ اللهم على محمد وآله وصحبه وسلِّم
    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــ
    [1] أخرجه مسلم (26).
    [2] أخرجه مسلم (31).
    [3] أخرجه مسلم (27).
    [4] أخرجه البخاري (128).
    [5] أخرجه البخاري (99).
    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/108543/#ixzz4aKnZwPRr
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2017
    المشاركات
    144

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ".
    أولًا: معنى أشهد أنْ لا إله إلا الله:
    الإيمان بالقلب والإقرار باللسان أنه لا معبود بحق إلا الله تعالى؛ فلا يستحق العبادة أحدٌ غير الله تعالى؛ فإنه وإن كانت هناك معبودات تعبد من دون الله تعالى إلا أنها معبودات باطلة؛ وأما المعبود بحق فهو الله تعالى وحده؛ كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62].
    ثانيًا: أركان لا إله إلا الله: لها ركنان:
    الركن الأول: النفي: أي: نفي الإلهية عن كل ما سوى الله تعالى؛ بقولك: (لا إله).
    الركن الثاني: الإثبات: أي: إثبات الإلهية لله وحده؛ بقولك: (إلا الله).
    ثالثًا: شروط لا إله إلا الله سبعة:
    الشرط الأول: (العلم): فلا بد أن يكون الإنسان عالمًا بمعنى (لا إله إلا الله).
    كما قال تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19].
    وقال تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ ﴾؛ أي: بـ (لا إله إلا الله)، ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزخرف: 86]؛ أي: يعلمون بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم.
    وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ"[1].
    الشرط الثاني: (اليقين): فلا بد أن يكون قائلها مستيقناً بها غير شاك فيها.
    كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ﴾ [الحجرات: 15]؛ أي: لم يَشُكُّوا.
    وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، لَا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ"[2].
    وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ نَعْلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: "اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ"[3].
    الشرط الثالث: (القبول): بمعنى أن يكون قائلها قابلًا لها بقلبه ولسانه؛ فلا يَرُدُّ شيئًا مما جاء عن الله تعالى ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لا بقلبه ولا بلسانه.
    كما قال تعالى عن المؤمنين: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285].
    الشرط الرابع: (الانقياد): أي: الاستسلام؛ فلا بد أن يكون قائلها مستسلمًا بأفعاله الظاهرة لله ولرسوله.
    كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 22]؛ أي: من يستسلم لله تعالى فهو المستمسك بالعروة الوثقى؛ وهي (لا إله إلا الله).
    والفرق بين الانقياد والقبول: أن القبول يكون بالقلب واللسان، والانقياد يكون بالأفعال الظاهرة.
    الشرط الخامس: (الصدق): أي: يكون قائلها مُصَدِّقًا بها بقلبه غير مُكَذِّبٍ لها.
    كما قال تعالى: ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 1 - 3].
    وقال تعالى في شان المنافقين الذين قالوها كذباً: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 8 - 10].
    وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: "يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ"، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: "يَا مُعَاذُ"، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثَلاَثًا، قَالَ: "مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ"[4].
    الشرط السادس: (الإخلاص): وهو تصفية العمل عن جميع شوائب الشرك.
    قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ [البينة: 5]، وقال تعالى: ﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ [الزمر: 3]، وقال تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي ﴾ [الزمر: 14].
    وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ"[5].
    الشرط السابع: (المحبة): أي: تقديم محبة هذه الكلمة على محبة كل ما سواها.
    كما قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165].
    وقد جمع العلامة حافظ حكمي معناها وشروطها في هذه الأبيات فقال:
    فَإِن مَعْنَاهَا الَّذِي عَلَيْهِ
    دَلتْ يَقِينا وَهَدَتْ إِلَيْهِ
    أَنْ لَيْسَ بِالْحَقِّ إِلهٌ يُعْبَدُ
    إلَّا الإلهُ الوَاحِدُ المُنْفَرِدُ
    بِالْخَلقِ وَالرَّزْقِ وَبالتَّدْبِيرِ
    جَلَّ عَنِ الشَّريِكِ وَالنَّظِيرِ
    وَبِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ قَدْ قُيِّدَتْ
    وَفي نُصُوصِ الوَحْيِ حَقاً وَرَدَتْ
    فَإنَّهُ لَمْ يَنتَفِعْ قَائِلُهَا
    بِالنُّطْقِ إلاَّ حَيْثُ يَسْتَكْمِلُهَا
    الْعِلمُ وَالْيَقِينُ وَالقَبُولُ
    وَالانْقِيَادُ فَادْرِ مَا أقُولُ
    وَالصِّدْقُ وَالإِخْلاَص وَالْمَحَبَّة
    وَفَّقَكَ الله لِمَا أحَبَّه

    وصلِّ اللهم على محمد وآله وصحبه وسلِّم
    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــ
    [1] أخرجه مسلم (26).
    [2] أخرجه مسلم (31).
    [3] أخرجه مسلم (27).
    [4] أخرجه البخاري (128).
    [5] أخرجه البخاري (99).
    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/108543/#ixzz4aKnZwPRr
    وايضا قيل ان من شروط * لا اله الا الله * [8] الكفر بكل ما يعبد من دون الله سبحانه وتعالى

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلمة منتقبة مشاهدة المشاركة
    وايضا قيل ان من شروط * لا اله الا الله * [8] الكفر بكل ما يعبد من دون الله سبحانه وتعالى
    بارك الله فيك، ولكن الكفر بالطاغوت ركن وليس شرطًا. والله أعلم.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2017
    المشاركات
    144

    افتراضي

    الله اعلم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: معنى (لا إله ألا الله) وأركانها وشروطها.

    رحمك الله وغفر لك وأسكنك الفردوس الأعلى وجميع موتى المسلمين.

    سؤال: اليقين منافي للشك، والصدق المنافي للكذب،
    ولكن شرط اليقين وشرط الصدق ما فرق بينهما وأيهما أعم؟
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى (لا إله ألا الله) وأركانها وشروطها.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    رحمك الله وغفر لك وأسكنك الفردوس الأعلى وجميع موتى المسلمين.

    سؤال: اليقين منافي للشك، والصدق المنافي للكذب،
    ولكن شرط اليقين وشرط الصدق ما فرق بينهما وأيهما أعم؟
    بارك الله فيك
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    رحمك الله وغفر لك وأسكنك الفردوس الأعلى وجميع موتى المسلمين.
    آمين يارب العالمين
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    ولكن شرط اليقين وشرط الصدق ما فرق بينهما وأيهما أعم؟
    قال البيهقي : اليقين هو سكون القلب عند العمل بما صدق به القلب
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    وأيهما أعم؟
    اليقين أعلى منازل الصدق
    اليقين
    قال ابن سعدي " اليقين : هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل " انتهى من "تفسير السعدي" ص(40).
    وقال بعضهم " ظهور الشيء للقلب بحيث يصير نسبته إليه كنسبة المرئي إلى العين فلا يبقى معه شك ولا ريب أصلا وهذا نهاية الإيمان وهو مقام الإحسان " ينظر "مدارج السالكين"(2/399) .

    فاليقين أرقى درجات الإيمان ، وأخص صفات أهل التقوى والإحسان ،
    قال تعالى (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) سورة لقمان : 4-5

    قال ابن القيم :
    " اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمر العاملون، وهو مع المحبة ركنان للإيمان، وعليهما ينبني وبهما قوامه، وهما يُمدان سائر الأعمال القلبية والبدنية، وعنهما تصدر، وبضعفهما يكون ضعف الأعمال، وبقوتهما تقوى الأعمال، وجميع منازل السائرين إنما تُفتتح بالمحبة واليقين، وهما يثمران كل عمل صالح، وعلم نافع، وهدى مستقيم" انتهى من "مدارج السالكين" (2/397) .
    واليقين على ثلاثة أوجه ،
    ذكرها أبو بكر الوراق : يقين خبر ، ويقين دلالة ، ويقين مشاهدة .


    قال ابن القيم رحمه الله :
    " يريد بيقين الخبر : سكون القلب إلى خبر المخبِر، وتَوَثُّقُة به .
    وبيقين الدلالة : ما هو فوقه ، وهو أن يقيم له ، مع وثوقه بصدقه : الأدلة الدالة على ما أخبر به ، وهذا كعامة أخبار الإيمان والتوحيد والقرآن ، فإنه سبحانه مع كونه أصدق الصادقين ، يقيم لعباده الأدلة والأمثال والبراهين على صدق أخباره ، فيحصل لهم اليقين من الوجهين : من جهة الخبر ، ومن جهة الدليل .
    فيرتفعون من ذلك إلى الدرجة الثالثة ، وهي يقين المكاشفة ، بحيث يصير المخبَر به لقلوبهم ، كالمرئي لعيونهم ؛ فنسبة الإيمان بالغيب حينئذ إلى القلب : كنسبة المرئي إلى العين .
    وهذا أعلى أنواع المكاشفة ، وهي التي أشار إليها عامر بن عبد قيس في قوله : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا . وليس هذا من كلام رسول الله ولا من قول علي كما يظنه من لا علم له بالمنقولات " انتهى من "مدارج السالكين" (2/400) .
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    الصدق
    الصدق هو : قول الحق الذي يواطئ فيه اللسان القلب ، وهو أيضاً : القول المطابق للواقع والحقيقة
    والصدق يشمل الصدق مع الله بإخلاص العبادة لله والصّدق مع النّفس بإقامتها على شرع الله
    قال ابن القيم رحمة الله وهو يفرق بين الصدق والاخلاص [المدارج 2/91-92]قال: أن الإخلاص هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة، أو تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين،
    وأما الصدق فهو التنقي من مطالعة النفس، فالمخلص لا رياء له،
    والصادق لا إعجاب له،
    ثم يذكر أن هذه الأمور بينها تلازم ولا انفكاك لأحدها عن الآخر .[المدارج 2/91-92].

    ·: إن الإخلاص هو أن تفرد الله عز وجل بقصدك،
    وأما الصدق: فهو الموافقة بين الظاهر والباطن هذا في الأعمال وفي الأحوال.

    في الأعمال: بحيث أن الإنسان لا يُظهر أعمالاً صالحة وقلبه ينطوي على غير ذلك.
    وفي الأحوال: بحيث إن الإنسان لا يُظهر خشوعاً، أو صلاحاً، وقلبه ينطوي على خلاف ذلك،
    فهذا غير صادق
    وكذلك في الأقوال: الصدق فيها بموافقة القول لما في القلب، فمن قال قولاً، ولو كان مطابقاً للواقع، ولكنه يخالف ما في مكنونه؛ فإنه يعتبر كاذباً بذلك، فلو سئل عن فلان أين هو؟ فقال: فلان مسافر، وهو يعتقد أنه موجود ولكن صادف أن قوله وقع على الحقيقة بحيث أن فلاناً قد سافر فعلاً وهو لم يعلم، فقال: إنه مسافر، وهو يظن أنه موجود؛ فإنه يكون بذلك كاذباً مع أن قوله طابق الواقع.


    اليقين روح أعمال القلوب التي هي أرواح أعمال القلوب التي هي من أعمال الجوارح وهو حقيقة الصديقية وهو قطب هذا الشأن الذي عليه مداره. الصديقية أعلى مراتب الصدق: قال ابن القيم: "فأعلى مراتب الصدق: مرتبة الصديقية وهي كمال الانقياد للرسول مع كمال الإخلاص للمرسل".

    منزلة الصديقية في الإسلام وأهميتها: قال ابن القيم: "هي منزلة القوم الأعظم الذي منه تنشأ جميع منازل السالكين والطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين وبه تميز أهل النفاق من أهل الإيمان وسكان الجنان من أهل النيران وهو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيء إلا قطعه ولا واجه باطلا إلا أرداه وصرعه من صال به لم ترد صولته ومن نطق به علت على الخصوم كلمته فهو روح الأعمال ومحك الأحوال والحامل على اقتحام الأهوال والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال وهو أساس بناء الدين وعمود فسطاط اليقين ودرجته تالية لدرجة النبوة التي هي أرفع درجات العالمين ومن مساكنهم في الجنات: تجري العيون والأنهار إلى مساكن الصديقين كما كان من قلوبهم إلى قلوبهم في هذه الدار مدد متصل ومعين.
    وقد أمر الله سبحانه أهل الإيمان: أن يكونوا مع الصادقين وخص المنعم عليهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين فقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119] وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ﴾ [النساء: 69] فهم الرفيق الأعلى وحسن أولئك رفيقا ولا يزال الله يمدهم بأنعمه وألطافه ومزيده إحسانا منه وتوفيقا ولهم مرتبة المعية مع الله فإن الله مع الصادقين ولهم منزلة القرب منه إذ درجتهم منه ثاني درجة النبيين.
    أنواع الصديقية: 1- فالصدق في الأقوال: استواء اللسان على الأقوال كاستواء السنبلة على ساقها. 2- والصدق في الأعمال: استواء الأفعال على الأمر والمتابعة كاستواء الرأس على الجسد. 3- والصدق في الأحوال:
    استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص واستفراغ الوسع وبذل الطاقة.
    فبذلك يكون العبد من الذين جاءوا بالصدق.
    وبحسب كمال هذه الأمور فيه وقيامها به تكون صديقيته ولذلك كان لأبي بكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه ذروة سنام الصديقية سمي الصديق على الإطلاق والصدّيق أبلغ من الصدوق والصدوق أبلغ من الصادق
    وكذلك أيضاً إذا خالف ما في الواقع، وإن لم يقصد ذلك كما هو استعمال السلف كثيراً، وهو استعمال عربي معروف لكلمة:' كذب' التي تقابل الصدق، فإذا قال مثلاً فلان مسافر وهو يعتقد أنه مسافر، فتطابق قوله مع ما في مكنونه ولكنه أخطأ ذلك وتبين أن فلاناً لم يسافر، فالسلف كانوا يقولون عن ذلك بأنه كذب، ويعدونه من الكذب لا الكذب المذموم الذي يعاقب عليه صاحبه، وإنما يطلقون ذلك على كل ما خالف الواقع والحقيقة، ولهذا تجد في أقوال الصحابة رضى الله تعالى عنهم:'كذب فلان' من الصحابة، عائشة رضي الله عنها تقول:'كذب فلان' ماذا تقصد بذلك؟ لا تقصد التهمة، إنما تقصد معنى آخر وهو أنه أخطأ.
    · إذًا الحصيلة من هذا: أن الصدق يكون بموافقة الظاهر للباطن في الأقوال والأحوال،

    الصدق مع الله " أجل أنواع الصدق ، ويكون المسلم صادقاً مع ربِّه تعالى إذا حقَّق الصدق في جوانب ثلاثة
    : الإيمان والاعتقاد الحسَن ، والطاعات ، والأخلاق
    ، فليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ،
    والصادق فيه هو من حققه على الوجه الذي أراده منه ربه تعالى ،
    ومنه الصدق في اليقين ،
    والصدق في النية ،
    والصدق في الخوف منه تعالى ،
    وليس كل من عمل طاعة يكون صادقا حتى يكون ظاهره وباطنه على الوجه الذي يحبه الله تعالى .
    وبين الصدق والإخلاص تناسب بديع ،
    وتلازم عجيب،
    فهما أخوان لا يفترقان، وخليلان لصاحبهما ونعم الخليلان، ينقلانه من الضلال والشقاء والظلمات إلى النور الهدى والبركات، ويطهرانه من أوضار المعاصي ورجز الشيطان، ويسموان به عن دنوّ الهمة ولؤم الطباع ، وينزلانه منزلة أولي الزلفى والولاية؛ فيكون محبوباً مقرباً عند الله، وكان قبلهما على غير شيء؛ فأصبح بصحبتهما عظيماً في ملكوت السماء، ذا قلب سليم، وشأن عظيم، ودعاء مستجاب، ونور وفرقان، وعهود ووعود، وأعمال تجري، ودرجات ترتفع، وبركات تترى.
    فطوبى لمن قرَّت عينه بصحبتهما، والخيبة والخسران لمن طردهما وأعرض عنهما.
    فالإخلاص أن لا تشرك بالله شيئاً، وأن لا تريد بعملك إلا وجه الله.
    والصدق أن تجمع همتك على إحسان العمل؛ فتكون صادق القول والعمل.
    فصحة الإخلاص تستلزم وجود الصدق، والصدق يقتضي الإخلاص.
    وقد عبَّر ابن القيم رحم الله عن التناسب بينهما بعبارة حسنة في مدراج السالكين فقال: (الإخلاص: توحيد المطلوب، وحقيقة الصدق: توحيد الطلب والإرادة، ولا يثمران إلا بالاستسلام المحض للمتابعة؛ فهذه الأركان الثلاثة : هي أركان السير وأصول الطريق التي من لم يبن عليها سلوكه وسيره فهو مقطوع وإن ظن أنه سائر؛ فسيره إما إلى عكس جهة مقصوده، وإما سير المقعَد والمقيَّد، وإما سير صاحب الدابة الجموح كلما مشت خطوة إلى قُدَّام رجعت عشرة إلى خلف. فإنْ عدم الإخلاص والمتابعة انعكس سيره إلى خلف، وإن لم يبذل جهده ويوحّد طلبه سار سير المقيد.وإن اجتمعت له الثلاثةُ فذلك الذي لا يجاري في مضمارِ سيرِه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم).ا.هـ.
    وقال أيضا: (ان للعبد مطلوباً وطلباً؛ فالإخلاص توحيد مطلوبه، والصدق توحيد طلبه؛ فالإخلاص أن لا يكون المطلوب منقسماً، والصدق أن لا يكون الطلب منقسما؛ فالصدق بذل الجهد، والإخلاص إفراد المطلوب).

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى (لا إله ألا الله) وأركانها وشروطها.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    الصدق
    مزيد بيان
    الصدق نقيض الكذب، ويكون في القول والعمل والحال.
    فصدق القول مطابقته لحقيقة المخبر عنه.
    وصدق العمل مطابقة أدائه لما عُزِم عليه وأريد منه؛ وهذا يستلزم صحة العزيمة واتباع الهدى.
    وصدق الحال مطابقته للهَدْي الصحيح.
    فلفظ الصدق يوصف به الحديث
    ويوصف به العمل
    ويوصف به الحال.
    وأصل هذا في اللغة ظاهر وشواهده كثيرة،
    بل إن الصدق يوصف به السبب الذي لا يكاد يتخلف تأثيره،
    والأداة التي يطابق عملها ما صنعت له؛
    فيقولون: سيفُ صدقٍ، ورمح صدق، وقوس صدق، وثوب صدق، ونحو ذلك إذا كانت جيدة حسنة تؤدي ما صنعت له.
    ويقولون: رجلُ صدقٍ، وامرأةُ صدقٍ، وفتيان صدق، وقوم صدق على صفة المدح وهو نقيض: رجل سوء، وامرأة سوء، ونظائرها.
    ويقولون: حملنا عليهم حملة صادقة، وصدقناهم القتال، وضربناهم ضربَ صدق، إذا طابق العمل العزيمة السابقة.
    والشواهد على ذلك من كلام العرب وأشعارهم كثيرة جداً، وأذكر منها على سبيل التمثيل والاجتزاء:
    قول تأبط شراً:
    بل من لعذَّالة خذَّالة أشِب = حرَّق باللوم جلدي أي تحراق
    يقول أهلكتَ مالاً لو قنعت به = من ثوبِ صدق ومن بزّ وأعلاق
    وقول حاتم الطائي:
    وفتيان صدق لا ضغائن بينهم = إذا أرملوا لم يولَعوا بالتلاوم
    وقول عنترة:
    إذا كذب البرق اللموع لشائم = فبرقُ حسامي صادق غير كاذب
    وقول عمرو بن كلثوم:
    ألا أبلغ بني جشم بن بكر = وتغلب كلَّها نبأً جُلالا
    بأن الماجد البطل ابن عمرو = غداة نَطَاعِ قد صدق القتالا
    وبالصدق تحصل الثقة والطمأنية كما قال طرفة في مدح سيفه:
    أخي ثقة لا ينثني عن ضريبة = إذا قيل مهلا قال حاجزه قدِ
    ويقولون: صدق الوحشي في عدوِه إذا عدا ولم يلتفت حتى ينجو ممن يريد اصطياده.
    ومنه قول المخبل السعدي:
    فأدارها أصلاً وكلف نفسه = تقريب صادقة النَّجاء نوار
    ويقال كذب الوحشي إذا عدا شوطاً ثم نُهِك.
    ويقال : صدقت الرؤيا إذا وقع تأويلها, وصدَّق الرؤيا إذا فَعَلَ ما تَصْدُقُ به الرؤيا ، ومنه قوله تعالى: وناديناه أن يا إبراهيم . قد صدقت الرؤيا أي فعلت ما صَدَقَتْ به الرؤيا.
    وفي كتاب الله تعالى: قدم صدق، ومقعد صدق، ومدخل صدق، ومخرج صدق، ولسان صدق، ومبوَّأ صدق.
    فالقدم الصدق هو ما قدَّموه من الأعمال الصالحة؛ فهي عند الله يدخرها لهم وسيجدون ثوابها حقاً وصدقاً، وهو ثواب كريم لا لغو فيه ولا تأثيم.
    والمقعد الصدق هو المقعد الكريم الذي وعدهم به فسيجدونه حقاً وصدقاً وهو مقعد كريم لا يسوؤهم فيه شيء.
    والمدخل الصدق والمخرج الصدق المذكوران في قوله تعالى: وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً أي اجعل دخولي في كل ما أدخل فيه دخولاً كريماً لا سوء فيه ولا مذمة، واجعل مخرجي في كل ما أخرج منه مخرجاً كريماً لا سوء فيه ولا مذمة، فيكون دخوله بالله وخروجه بالله، يصدقه الله فيه ما وعده به في دخوله وخروجه؛ فيكون العبد فيما يأتي ويذر ضامناً على الله دخوله وخروجه بالعهد الذي بينه وبين ربه؛ فإن من كان دخوله لله صَدَقَهُ الله فأدخله مدخل صدق، ومن كان خروجه لله صدقه الله فأخرجه مخرج صدق؛ فهذه الآية تشمل جميع أحوال العبد.
    وما يذكره المفسرون في تفسير هذه الآية من أنواع محددة من المداخل والمخارج إنما هو على سبيل التمثيل.
    والخلاصة أن الصدق يكون في حديث المرء، وفي عزيمته وعمله، وفي حاله مع الله؛ فإذا كان العبد صادقاً في هذه الثلاثة كان من الصادقين.
    المنافي للكذب
    وأما من يقول قول الحق ويعمل بالباطل فهو كاذب منافق كما بيَّن الله حال المنافقين بقوله:
    إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون
    والمنافقون على صنفين:
    فصنفٌ : منافقون أصليون لم يدخلوا في الإسلام حقيقة وإنما أظهروه ليكيدوا لأهل الإسلام وليأمنوا على أنفسهم.
    وصنف : منافقون مرتدون مترددون لم يصدق إيمانهم ولم يثبت قدمهم في الإسلام ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون
    كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها ونكصوا على أعقابهم بما يأتونه مما يخرجون به من الملة، وفي هذا الصنف
    قول النبي : ((مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين غنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة)) رواه مسلم من حديث ابن عمر .
    فهؤلاء المنافقون من الصنفين كاذبون فهم بين شاهد بلسانه يقول ما ليس في قلبه، وبين متردد متذبذب يمرق من الدين إذا ابتلي بفتنة؛ إذ كانت عزيمتهم في الإيمان غير صادقة.
    والفرقان بين هؤلاء المنافقين وبين المؤمنين : الصدق.
    ومما يزيد هذا الأمر بياناً ووضوحاً قوله تعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)
    وهذه الآية للسلف في تفسيرها قولان مشهوران:
    القول الأول: أن الإسلام المثبَت لهم هو مرتبة الإسلام ، وأنهم لم يبلغوا مرتبة الإيمان.
    القول الثاني: أن الإسلام المثبَت لهم هو الإسلام الظاهر الذي لا يقتضي أن يكون صاحبه مسلماً حقاً في الباطن ، وذلك كما يحكم لأهل النفاق بالإسلام الظاهر ، وإن كانوا كفاراً في الباطن؛ لأن التعامل مع الناس إنما هو على ما يظهر منهم ؛ فمن أظهر الإسلام قبلنا منه ظاهره ووكلنا سريرته إلى الله ، فيعامل معاملة المسلمين ما لم يتبين لنا بحجة قاطعة ارتداده عن دين الإسلام.
    القول الأول: قول الزهري وإبراهيم النخعي وأحمد بن حنبل واختاره ابن جرير وابن تيمية وابن كثير وابن رجب.
    والقول الثاني: قول مجاهد والشافعي والبخاري ومحمد بن نصر المروزي وأبي المظفر السمعاني والبغوي والشنقيطي واستدلوا بقوله تعالى: وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ قالوا : فهؤلاء لم يدخل الإيمان في قلوبهم بنص القرآن ، ومن لم يدخل الإيمان في قلبه فليس بمسلم على الحقيقة، وإنما إسلامه بلسانه دون قلبه.
    وأصحاب القول الأول يقولون إن الإيمان المنفي عنهم هو ما تقتضيه مرتبة الإيمان ، فهم لم يعرفوا حقيقة الإيمان وإنما أسلموا على جهل فيثبت لهم حكم الإسلام.
    وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ أي لم تباشر حقيقة الإيمان قلوبكم.
    وابن القيم قال بالقول الأول في بدائع الفوائد، وقال بالقول الثاني في إعلام الموقعين.
    والتحقيق أن دلالة الآية تَسَعُ القولين، فإذا أريد بنفي الإيمان في قوله تعالى: لَمْ تُؤْمِنُوا نفي أصل الإيمان الذي يَثبت به حكم الإسلام ؛ فهؤلاء كفار في الباطن ، مسلمون في الظاهر، فيكون حكمهم حكم المنافقين، وقد يتوب الله على من يشاء منهم ويهديه للإيمان.
    وإذا أريد بنفي الإيمان نفي القدر الواجب من الإيمان الذي مدح الله به المؤمنين وسماهم به مؤمنين؛ فهذا لا يستلزم نفي أصل الإيمان والخروج من دين الإسلام، فيثبت لهم حكم الإسلام، وينفى عنهم وصف الإيمان الذي يطلق على من أتى بالقدر الواجب منه.
    وهذا كما في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي قال: (( والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! والله لا يؤمن ))
    قيل: من يا رسول الله؟
    قال: (( الذي لا يأمن جاره بوائقه)).
    فهذا نفى عنه حقيقة الإيمان والقدر الواجب منه الذي مدح الله به المؤمنين وسماهم به، ولا يقتضي أن من فعل ذلك فهو خارج عن دين الإسلام.
    والذي يوضح هذا الأمر أن قول: أَسْلَمْنَا قد يقوله الصادق والكاذب؛ فإذا قاله الكاذب فهو منافق مدَّعٍ للإسلام مخادع للذين آمنوا، يُظهر الإسلام ويبطن الكفر.
    وإذا قاله الصادق فهو مسلم ظاهراً وباطناً، ومعه أصل الإيمان.
    ولهذا قال الله تعالى: بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
    فعلَّق وصف الإيمان بالصدق؛ فمن صدق منهم فهو من أهل الصنف الأول، ومن لم يصدق منهم فهو من أهل الصنف الثاني، وهذا يبيّن جواز أن يكون فيمن نزلت فيهم هذه الآيات من هو من أصحاب الصنف والأول، ومنهم من هو من أصحاب الصنف الثاني، وشملت هذه الآيات الصنفين كليهما.
    وهذا مثال بديع لحسن بيان القرآن الكريم، ودلالته على المعاني العظيمة بألفاظ وجيزة.
    والمقصود أن الصدق هو الفارق بين أهل النفاق وأهل الإيمان كما دل عليه جعل الإيمان مشروطاً بوجود الصدق إن كنتم صادقين.
    وقد قسم الله سبحانه الناس إلى صادق ومنافق
    فقال تعالى: ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم.انتهى من مقال للشيخ الفاضل عبد العزيز الداخل

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى (لا إله ألا الله) وأركانها وشروطها.

    كلام جليل جامع في فضل الصدق ذكره ابن القيم فى زاد المعاد في فوائد قصة غزوة تبوك وكيف نجَّى الله الثلاثة الذين خلفوا بالصدق؛
    فقال في فوائدها:
    (ومنها: عِظَم مقدارِ الصِّدق،
    وتعليقُ سعادة الدنيا والآخرة،
    والنجاة مِن شرهما به،
    فما أنجى الله مَن أنجاه إلا بالصدق،
    ولا أهلك مَن أهلَكه إلا بالكذب،
    وقد أمر اللهُ سبحانه عِباده المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين،
    فقال:يَا أيُّهَا الَّذِينَ َآمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ
    وقد قسم سبحانه الخلق إلى قسمين: سعداء وأشقياء،
    فجعل السعداء هم أهلَ الصدق والتصديق،
    والأشقياء هم أهلَ الكذب والتكذيب
    وهو تقسيم حاصِر مطَّرد منعكِس؛
    فالسعادةُ دائرة مع الصدق والتصديقِ،
    والشقاوةُ دائرة مع الكذب والتكذيب.
    وأخبر : أنه لا ينفعُ العبادَ يومَ القيامة إلا صدقهم،
    وجعل عَلَم المنَافقين الذى تميزوا به هو الكذبَ فى أقوالهم وأفعالهم،
    فجميعُ ما نعاه عليهم أصلُه الكذبُ فى القول والفعل،
    فالصدق
    بريدُ الإيمان، ودليله، ومركبه، وسائقه، وقائده، وحِليته، ولباسُه، بل هو لبُّه وروحه.

    والكذب:
    بريدُ الكفر والنفاق، ودليلهُ، ومركبه، وسائقه، وقائدُه، وحليته، ولباسه، ولبُّه،
    فمضادة الكذبِ للإيمان كمضادة الشِّرك للتوحيد،
    فلا يجتمعُ الكذب والإيمان إلا ويطرُد أحدهما صاحبه،
    ويستقِرُّ موضعه،
    والله سبحانه أنجى الثلاثَةَ بصدقهم،
    وأهلكَ غيرَهم من المخلَّفين بكذبهم،
    فما أنعم اللهُ على عبدٍ بعد الإسلام بنعمة أفضل من الصدق
    الذى هو غِذاء الإسلام وحياتُه،
    ولا ابتلاه ببلية أعظمَ من الكذب الذى هو مرضُ الإسلام وفساده. والله المستعان).ا.هـ.
    **************
    فإن قيل: فبأي شأي ينال العبد الصدق؟ وما الذي يعينه عليه؟
    قيل: أما السبب الحامل على الصدق فهو اليقين،
    وإذا حلَّ اليقين في القلب قاد إلى الصدق في القول والعمل والحال،
    ولذلك كان أعظم نعمة يُنعم بها على العبد:
    اليقين،
    بل هي أعظم من نعمة العافية؛
    لأن اليقين مفتاح الصدق، والصدق دليل البر.
    روى جماعة من أهل الحديث منهم الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وابن أبي شيبة والنسائي والترمذي وغيرهم من طرق أن أبا بكر الصديق قام خطيباً على المنبر بعد وفاة النبيّ بسَنة؛ فقال: قام رسول الله مقامي هذا عامَ الأوَّل ثم بكى أبو بكر.
    ثم قال: (سلوا الله العفو والعافية فإن الناس لم يعطوا بعد اليقين شيئاً خيراً من العافية، وعليكم بالصدق فإنه مع البرّ، وهما في الجنة، وإيَّاكم والكذب؛ فإنه مع الفجور، وهما في النار، ولا تقاطعوا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا إخواناً كما أمركم الله عزَّ وجلَّ).
    وبيان ذلك
    أن اليقين يثمر في قلب الموقن قوَّة العم حتى يكاد يستوي عنده الغيب والشهادة من قوة التصديق ، التصديق بالثواب ، والتصديق بالعقاب،
    فيكون في القلب من الرغبة والرهبة والخشية والإنابة ما يجعل القلب صالحاً بإذن الله تعالى، فتصلح الجوارح كلها، ويصلح العمل كله.
    ومما يبيّن ذلك قول النبي في المنافقين:
    (( أثقلُ صلاة على المنافقين : صلاةُ العِشاء ، وصلاةُ الفجرِ ، ولو يعْلَمُونَ ما فيهما لأتوهما ولو حَبْوا )) متفق عليه من حديث أبي هريرة .
    فلمَّا غاب عنهم اليقين بالثواب والعقاب هان عليهم ترك الصلاة،
    ولو كان هذا العلم يقينا في قلوبهم لأتوهما ولو حبواً.
    ومما يعين على اكتساب اليقين إقبال القلب على الله وطلب الهدى منه ،
    وكثرة الذكر والتذكر ، ومعاودة التفكر والتدبر ؛ حتى يكون العلم يقينا يقر في القلب فيحيا به صاحبه، ويبصر به، ويمشي به، ويتكلم به، ويقوم به، أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.
    فالعلم المراد هنا هو علم اليقين؛
    وهو مستمد من التصديق الذي هو حقيقة الإيمان.
    عبد العزيز الداخل المطيري

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى (لا إله ألا الله) وأركانها وشروطها.

    ومن أعظم اليقين وأنفعه:
    اليقين بأن الصدق مع الله خير للعبد في جميع أحواله ؛
    فإن هذا هو مفتاح الفوز والفلاح والخيرية كما قال الله تعالى: فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم
    قال مجاهد عز الأمر : جدَّ الأمر.
    أي إذا كانوا في أمر قد عزم الله عليهم امتثاله، والمراد به في هذا الموضع القتال في سبيل الله، وهو مثال على عزائم الأمور.
    وهذه الآية نزلت في المنافقين الذين كرهوا القتال في سبيل الله، وكان الله قد افترض عليهم السمع والطاعة، فأظهروا الإسلام وكان منهم طائفة أسلموا على دغل؛ فكان في قلوبهم نفاق وإيمان، وقد جعل الله الفتن تمحيصاً وتمييزا للطيب من الخبيث.
    فلو أنهم صدقوا الله في إيمانهم فامتثلوا ما أمر الله به لكان خيراً لهم.
    وفي كونه خيراً معانٍ جليلة يحسن الوقوف عليها لما يُستفاد بها من اليقين بأنَّ صدق العبد مع ربه خير كله، وأن الشر والعذاب في مخالفة أمر الله حالاً ومآلاً، يبصر ذلك من بصَّره الله، وبيان ذلك من وجوه:
    الوجه الأول: أن الصدق مع الله يُدخِل العبد في حزب الله وجنده؛ فإن الله أمرنا أن نكون مع الصادقين؛ فإذا دخل العبد في حزب الصادقين كان مع الحزب الذين يحبهم الله وينصرهم ويؤيدهم فيفوز بذلك العبد فوزاً عظيماً، ويكون ما يصيبه خيرٌ له كائنا ما كان.
    وأما الكذب وما يتبعه من الخيانة ونقض العهد وإخلاف الوعد فإنه يفضي بالعبد إلى الخروج من هذا الحزب الكريم والدخول في حزب المنافقين ؛ فيحيط الخسران بالعبد من كل جانب.
    الوجه الثاني: أن الله يحب الصادقين ويبغض الكاذبين وهذا الحب والبغض له آثاره العظيمة.
    الوجه الثالث: أن من صدق اللهَ كان له عهد من الله بأن يصدقه الله، ((إن تصدق الله يصدقك )) ومن أوفى بعهده من الله وهذا العهد العظيم يجعل العبد يُقْدِمُ على الصدقِ ويقدّمه، ويؤثره ولا يؤثر عليه، لأن ضامن على الله عاقبة صدقه، ولا يؤتى العبدُ من قبل ربه، وإنما الخوف عليه أن يؤتى من قبل نفسه.
    الوجه الرابع: أن ثواب الصدق مع الله أعظم الثواب وأحسنه وأكرمه وفيه من الشرف للمؤمن والعزة له والزلفى بسببه ما يجعله أحرص شيء عليه.
    ومن الغبن العظيم أن يستبدل به لذة عابرة، أو متعة زائفة، أو سلامة على جبن وخوف لا تدوم طويلاً، فكل ذلك ثمن قليل ، وقد قال الله تعالى: ولا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً.
    الوجه الخامس: أن عقوبة ترك الصدق مع الله وما يكون بسببه من العذاب الأليم في الدنيا والآخرة أعظم مما يفرّ منه العبد؛ ويصيبه ما يصيبه من العذاب وهو على حال مذمومة يصاحبها الخذلان والتخلي والنسيان، ويحرم صاحبها من التوفيق والتأييد والسكينة ما يخفف عنه أو يسليه، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)
    الوجه السادس: أن ما يحول بين العبد وبين الصدق إنما هي صفات مهينة ذميمة ، مستقبحة في العقول والفطر السليمة من الخوف والجبن والشحّ والجهل وإيثار الحياة الدنيا على الآخرة وكل ذلك مما يبغضه الله ، ولا يليق بالمؤمن أن يكون متصفاً بشيء من ذلك؛ فإذا أيقن العبد بأن هذه الصفات صفات شر وشؤم، ونقيصة ولؤم، وخزي عظيم للعبد في الدنيا والآخرة حرص على البراءة منها.
    الوجه السابع: أن الله لا يكلف عبده ما لا يطيق ، بل إذا صدق العبد في عزيمة الامتثال هوَّن الله عليه أداء ما أمره به، وإن كان ظاهر الأمر فيما يراه العبد ويعرفه الناس صعباً شاقّا شديداً، فإنَّ الله تعالى إذا يسَّر الأمر لعبده تيسَّر، وإذا أيد الله عبدَه بروح منه وسدده وثبَّته فقد أعانه أيما إعانة، وأحسن إليه أيما إحسان؛ فتيسر له ما كان عسيراً، وذلَّ له ما كان صعباً، وقرب له ما كان بعيداً عزيز المنال ؛ ويكون الصادق بما وفقه الله له من القيام بأمره موعوداً بحسن الثواب في الدنيا والآخرة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
    ومن ألطف ذلك وأعجبه ما ينزله الله على عباده الصادقين من السكينة التي تحصل بها طمأنينة القلب وانشراح الصدر، والثبات في الأمر ، وتتطهر بها النفس من دغلها وعللها، ويذهب عنها رجز الشيطان، وهو في حال القتال الشديد ومواجهة العدو حين البأس ، فيكون للمؤمن المجاهد بذلك قوة نفسية عظيمة تثبّت قدمه وتدفعه للإقدام على الأهوال وهو يرجو الشهادة في سبيل الله ؛ فيصيب العدوَّ من هذه البسالة والجراءة على الإقدام رعب شديد ووهن كبير.
    وبذلك تعلم أن ظواهر الأمور غير بواطنها، وأن لطائف الله التي يمنحها لعباده الصادقين لا يكاد ينقضي منها العجب.
    ومن ذلك أيضاً : أن الله يصرف عن عبده ما لا يطيقه، وذلك بسبب ثباته وصدقه مع الله ، فإن الله لا يريد إعنات عباده ولا التعسير عليهم، وإنما يريد أن يَصْدقُوه، وأن يكون حبهم له وإيثارهم لما يحبه أعظم في قلوبهم من كل شيء،قال الله تعالى: ما يريد الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم.
    ومن ذلك: أن الله يوهن كيد أعدائه كما قال تعالى: ذلك وأن الله موهن كيد الكافرين؛ فيمكر الله بأعدائه حتى إذا اغتروا بقوتهم وظنوا أنهم قادرون على هزيمة أولياء الله أتاهم الله من حيث لا يشعرون؛ فارتد تدبيرهم تدميراً عليهم، وجعل الله الدائرة لأوليائه واصطفى منهم شهداء، وجعل النصر لمن بقي منهم لتبقى كلمةُ الله هي العليا.
    ومن ذلك: أن الله يهوّن على عبده ما يلقاه في سبيله حتى ألم القتل في سبيله يجعله هينا عليه ؛ كما روى الدارمي والترمذي والنسائي وابن حبان كلهم من طريق ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي قال: ((ما يجد الشهيد من ألم القتل إلا كما يجد أحدكم من ألم القرصة)). وصححه الألباني.
    بل إن منهم من يجعل الله له من خوارق العادات وأنواع الكرامات ما يثبت به فؤاده ويستبشر به ويمضي للقتل في سبيل الله بإقدام عجيب ، كما صح عن بعض السلف أنه أخبر عن نفسه قبيل قتله أنه يجد ريح الجنة ، ومنهم من يرى رؤيا صالحة، ومنهم من يجد أنواعاً أخرى من الكرامات ، وأخبار السلف في ذلك كثيرة مشتهرة، وأصل ذلك أن يصدق العبد مع الله فإذا علم الله من قلب عبده الصدق أحاطه بأنواع اللطف والكرامات: لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريبا
    ومن ذلك: أن الله يهيئ لأوليائه أسباب اتباع رضوانه حتى يكونوا محسنين في جهادهم ويصرف ذلك عن المنافقين الذين لم يصدقوا الله ولم ينصحوا له، فيكون أداء هذه الفرائض العظيمة ميسَّراً لعباده المؤمنين، وهذا من معاني معية الله تعالى الخاصة لهم:
    تأملوا هذه الآيات:
    -وأن الله مع المؤمنين
    -كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين .
    -وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)
    -فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)
    لتجدوا أن معية الله تعالى لعباده لا بد أن يكون لها آثارها المباركة ؛ فهي تعينهم على أداء ما افترضه عليه، وتصرف عنهم كيد الشيطان ورجزه وتثبيطه وتخويفه بأوليائه، وتطهرهم من علل النفس وأدوائها، وتهديهم لبلوغ مرتبة الإحسان في الجهاد في سبيل الله.
    من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ؛
    فالصدق هنا هو الثبات على ما يحبه الله من التزام عهده والوفاء به، وأداء ما أمر الله به حين يعزم الأمر ويجدّ الجدّ؛ فإن الدعاوى في حال السعة والدعة سهلة لكن إذا جدّ الجدُّ تميَّز الصادقون، وخُذِل المنافقون الذين يدَّعون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم. وأعظم الخطر على من يكون في قلبه نفاق خفي، يغفل عنه وهو يزداد في قلبه حتى يتمكن منه فإذا عزم الأمر لم يجد من نفسه صدقاً لله ولا عزيمة على الوفاء بعهده، والعياذ بالله.

    أحوال الصادقين
    - للصادق أحوال يبتلى بها وأحوال يستأنس بها:
    - فمن الأحوال التي يبتلى بها: أن من تجرد للصدق وجد وحشة في الطريق لقلة السالكين فإن أكثر الناس يجرون وراء حظوظهم وحظوظ معظَّميهم، وغالب الذين يعبدون الله يعبدونه بما يحبون من الأحوال التي استأنسوا بها ووجدوا عليها معظَّميهم لغلبة الأنس بالخلق عندهم على الأنس بالحق؛ فيكون الصادق بينهم كالغريب؛ لا يعنيه ما يركضون وراءه، ولا يشجيه ما يأسفون عليه، وما يعنيه لا يعنيهم، وما يشجيه لا يشجيهم؛ فحاله أشبه شيء بالغريب وعابر السبيل.
    - لكن عزاؤه أحسن العزاء وأفضله وأكرمه فإنه لا يشقى مع الله أحد من الصادقين؛ ذلك أن الله تعالى قد ضمن لمن اتبع هداه الله أن لا يضلَّ ولا يشقى، وأن لا يخاف ولا يحزن.
    - ومن صدق الله صدقه الله، ومن صدق الله كان صدقه خيراً له؛ فما يجعله الله للصادق من الهداية للبر والطمأنينة بالحق، والبصيرة في الدين ، والتصديق بوعد الله ما هو أحسن العوض عن ذلك كله، ثم إن نصيب الصادق من الرفقة الصالحة خير من نصيب غيره لمن أبصر الحقائق ولم تغرَّه الظواهر؛ فإنه وإن كان من يصاحبهم ويعرف صدقهم في حياته قلَّة؛ فإنه داخل في زمرة الصادقين الذين جعل الله بعضهم أولياء بعض؛ ففي شعوره بالانتماء لجماعة الصادقين الذين أمره الله أن يكون معهم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ما يذهب عنه وحشة الغربة، فهو معهم بروحه وقلبه ، وهو معهم بصدقه في قوله وعمله وحاله، وهم بسبب صدقهم يتوافقون في المبادئ والمواقف وتأتلف قلوبهم وإن كانوا متفرقين، وكلما كان العبد أحسن صدقاً كان أقرب لإصابة الحق وموافقة أهله.
    - ثم ما يشمله من دعواتهم واستغفارهم وإن تباعدوا وجهل بعضهم حال بعض ما هو أعظم من نفع أصحاب الدنيا بعضهم لبعض؛ فإن ثمرة الصداقة والصحبة على الحقيقة إنما هي في النفع الذي تعود به على صاحبها؛ وقد جعل الله للمؤمن الصادق من ذلك أعظم النفع في الدنيا من الحقوق الواجبة التي أوجبها له ، ويؤديها له إخوانه بإحسان وطيب نفس يتقربون بذلك إلى الله تعالى، وكذلك النفع المتعدي المتسلسل من ثواب الدلالة على الخير والتواصي بالحق والتواصي بالصبر وبركات ذلك كله، ودعوات المؤمنين واستغفارهم ونصحهم.
    - وأما في الآخرة فما ذكره الله من ألفتهم واجتماعهم واستبشار بعضهم ببعض وتقابلهم في النعيم المقيم وهم في غاية الغبطة والابتهاج والأنس والسرور بهذا الاجتماع؛ وفي هذا تنبيه على تعويضهم عما يفوتهم لمَّا تركوا موافقة الناس على باطلهم، والاستئناس بهم في الباطل.
    - والإفاضة في ذكر هذه المعاني العظيمة واللطائف الكريمة وبيانها ووصف أحوالها يطول جداً وحسبك الاكتفاء هنا بالتنبيه، وأَعْمِل فكرك فيما وراء ذلك ترى عجباً.

    صفات الصادقين وهديهم وسمتهم
    أَمْرُ الله تعالى إيَّانا أن نكون مع الصادقين يقتضي منا معرفة أمرين:
    الأمر الأول: معرفة الصدق ما هو؟ وبم ينال؟
    والأمر الآخر: أن نعرف صفات الصادقين وأعمالهم وهديهم وسمتهم ؛ فإن من أحب قوماً وطمع أن يكون منهم ائتسى بهم، وحرص على أن يتبعهم في هديهم وسمتهم وصفاتهم وأعمالهم ليكون معهم ويعدَّ منهم ويحشر في زمرتهم.
    فأمَّا الأمر الأول فقد تقدم بيانه.
    وأما الأمر الآخر؛ فمنه ما سبق ذكره وهو ما دلَّت عليه آية البقرة ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب... إلى قوله تعالى: أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون وينبغي لطالب العلم أن يعتني بتفسير هذه الآية عناية بالغة؛ فإنها جمعت أصول أعمال الصدق، وأشرف خصاله وأجمعها؛ فمن حقّقها فقد حقق الصدق.
    وكل أعمال البر التي أمر الله بها وأمر بها رسوله هي من أعمال الصدق ودلائله.
    وقال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ
    والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس لا يخلو حال العبد من القيام به أو العزيمة عليه والإعانة عليه، وعماد ذلك النصيحة لله ورسوله.
    وأما صفات الصادقين وسمتهم فيُعرف باستقراء سير أئمة الصادقين ، وملاحظة هدي الأحياء منهم وسمتهم ، ولا يخلو عصر من صادقين قائمين بأمر الله كما يحب الله.
    ومعرفة سمت هؤلاء الصادقين وهديهم والاتساء بهم هو من تحرّي الصدق وطلب اكتسابه.
    وهذا مبحث يطول الحديث فيه ، لكن تلخيصه وذكر أهم مسائله مهم لطالب العلم.
    فمن أظهر صفاتهم: الجِدّ؛ فإنهم قد أبصروا الهدف، وعرفوا الطريق ، وتبيَّنوا ما يراد منهم؛ وعلموا أنه لا يمكنهم السبق إلا بالصدق؛ فجدّوا في عملهم واجتهدوا.
    قال ابن القيم في شرح قول صاحب المنازل عن صاحب
    الصدق:
    (ولا يقعد عن الجد بحال)
    قال: (قوله : ولا يقعد عن الجد بحال يعني أنه لما كان صادقا في طلبه مستجمع القوة : لم يقعد به عزمه عن الجد في جميع أحواله فلا تراه إلا جادا وأمره كله جد ).
    فالجد أخو الصدق،
    ولا يزال الصادق جادَّا يعرف منه الجد في قوله وعمله وحاله،
    وأما كاذب العزيمة فذو هزل وبطالة،
    وأسوأ منه صاحب الجد في الفجور.
    ومن صفات الصادقين :
    أنهم أصحاب همَّةٍ وعَمَل ، وإعراضٍ عن اللغو والهزل، وبعدٍ عن التكلف، وتركٍ لما لا يعنيهم، وإقبال على شؤونهم وما ينفعهم عند الله، وتقديمهم من كلّ شيء لبَّه؛ فإذا قصدوا عملاً جعلوا همتهم لحقيقته ولبّه الذي هو المقصود بالأصل، ولم ينشغلوا بالظواهر عن الحقائق.
    ومن صفاتهم :
    حسن معرفتهم بأنفسهم واتهامهم لها ورؤيتهم لتقصيرها وعدم مداهنتها؛
    قال سهل بن عبد الله التستري: (لا يشمّ طريق الصدق عبدٌ داهن نفسه وداهن غيره).
    رواه البيهقي في الشعب.
    والذي يداهن نفسه ويبرر أخطاءها ويتحيّل لاتباع أهوائها إنما يمكر بنفسه ويخادعها؛
    لأن العبرة بالعاقبة، وعاقبة المداهنة عذاب ووبال وخسران عظيم.
    ومن قام على نفسه قيام الوليّ المصلح فإنه حريّ أن يقوّمها وينجو بها.
    والمقصود أن معرفة الصادقين بالمطلوب
    تورثهم رؤية التقصير، والجدَّ والتشمير
    ، وتذهب عنهم العجب والغرور،
    قال الشافعي : (إذا خفتَ على عملك العُجب، فاذكر رضى مَن تطلب، وفي أي نعيم ترغب، ومن أي عقاب ترهب؛ فمن فكر في ذلك صغر عنده عمله).
    وقد قال ابن الوردي: فمن يعرف المطلوب يحقر ما بذل.
    ومن شأن الصادقين:
    إخفاء العمل والحال إلا لمصلحة شرعية تقتضي الإعلان بقَدَرٍ مع أمن الفتنة والاحتراز من أسبابها.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية
    : (وكم من صاحب قلبٍ وجمعيةٍ وحالٍ مع الله تعالى قد تحدَّث بها وأخبر بها؛ فسلبه إياها الأغيارُ؛ ولهذا يوصي العارفون والشيوخ بحفظ السر مع الله تعالى، ولا يطلع عليه أحدٌ، والقوم أعظم شيءٍ كتمانًا لأحوالهم مع الله وما وهب الله من محبته والأنس به وجمعية القلب، ولا سيما فعله للمهتدي السالك فإذا تمكن أحدهم وقوي وثبت أصول تلك الشجرة الطيبة التي أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء في قلبه - بحيث لا يخشى عليه من العواصف فإنه إذا أبدى حاله مع الله تعالى ليُقتدَى به ويؤتم به - لم يبال . وهذا بابٌ عظيم النفع إنما يعرفه أهله) ا.هـ.

    للشيخ الفاضل
    عبد العزيز الداخل المطيري

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى (لا إله ألا الله) وأركانها وشروطها.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    ما فرق بينهما
    هذه الجملة بغير الالف واللام معناها انه لا فرق بين الصدق واليقين من بعض الوجوه
    والجواب نعم - الصدق مانع من النفاق و الإخلاص مانع من النفاق؛ و كذلك اليقين ولكن عند التفصيل يفسر الشرط والمنافى له
    شروط لا اله الا الله بينها ترابط وتضمن ولزوم وقد يكون بينها عموم وخصوص من وجه وقد ترجع بعضها الى بعض للتلازم الذى بينها
    بارك الله فيك أختى الفاضلة- ام على طويلبة علم- على أسئلتك التى تفتح أبواب العلم
    قال الإمام ابن القيم:
    "من أهمِّ مراتب العلم حسنُ السؤال"

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى (لا إله ألا الله) وأركانها وشروطها.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    ، ولكن الكفر بالطاغوت ركن وليس شرطًا. والله أعلم.
    نعم الكفر بالطاغوت ركن لا يصح الاسلام الا به
    ولكن معنى ادخاله فى الشروط ان صحة الاسلام متوقفة على الكفر بالطاغوت ولا تصح لا اله الا الله الا به
    ومقصد العلماء من ادخاله فى الشروط ما سبق بيانه فى مواضيع اخرى فى الكلام على حقيقة الايمان
    أن المركبات في ذلك على وجهين:
    أحدهما: ما يكون التركيب شرطاً في إطلاق الاسم عليه.
    ثانيهما: ما لا يكون التركيب شرطاً في إطلاق الاسم عليه.
    ومثال الأول: السكنجبين والعشرة، فإن هذا النوع يزول عنه اسمه عند زوال بعض أجزائه منه، ولا يطلق الاسم إلا على الهيئة المركبة مجتمعة.
    ومثال الثاني: جميع المركبات المتشابهة الأجزاء، وكذلك كثير من المختلفة الأجزاء فإن المكيلات والموزونات تسمى حنطة وهي بعد النقص حنطة، وكذلك التراب والماء ونحو ذلك.
    وكذلك لفظ العبادة والطاعة والخير والحسنة والإحسان والصدقة والعلم ونحو ذلك مما يدخل فيه أمور كثيرة يطلق الاسم على قليلها وكثيرها، وعند زوال بعض الأجزاء وبقاء بعض الأجزاء، وكذلك لفظ القرآن فيقال على جميعه وعلى بعضه، ولو نزل قرآن أكثر من هذا لسمى قرآناً، وكذلك لفظ الذكر والدعاء يقال للقليل والكثير وكذلك لفظ الجبل والنهر والبحر والدار والقرية ونحو ذلك يقال على الجملة المجتمعة، ثم ينقص كثير من أجزائها والاسم بقا.
    فإذا كانت المركبات على نوعين، بل غالبها من هذا النوع لم يصح قولهم، أنه إذا زال جزؤه لزم أن يزول الاسم.

    بقي أن يقال:

    إن هذا البعض الآخر الزائل
    إما أن يكون شرطاً في ذلك البعض وقد لا يكون شرطاً فيه
    ،
    [فالشرط ]
    كمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعضه، أو ببعض الرسل وكفر ببعضهم

    كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا [النساء: 150-151].
    وقد يكون البعض المتروك [ ليس شرطاً في وجود الآخر] ولا قبوله كفعل بعض الكبائر وترك بعض الواجبات فيما دون الكفر.
    وحينئذ فقد يجتمع في الإنسان إيمان ونفاق، وبعض شعب الإيمان وشعبة من شعب الكفر...................
    أن أجزاء الإيمان مختلفة متفاوتة، فمنها ما يزول الإيمان كلية بزوالها كفعل أمر كفري ناقض للإيمان،
    ومنها ما يزول كمال الإيمان الواجب بزوالها كفعل كبيرة من الكبائر،
    ومنها ما يزول كمال الإيمان المستحب بزوالها كترك إماطة الأذى عن الطريق.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: معنى (لا إله ألا الله) وأركانها وشروطها.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة

    [فالشرط ]
    كمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعضه، أو ببعض الرسل وكفر ببعضهم

    وقد يكون البعض المتروك [ ليس شرطاً في وجود الآخر] ولا قبوله كفعل بعض الكبائر وترك بعض الواجبات فيما دون الكفر.
    وحينئذ فقد يجتمع في الإنسان إيمان ونفاق، وبعض شعب الإيمان وشعبة من شعب الكفر...................
    أن أجزاء الإيمان مختلفة متفاوتة، فمنها ما يزول الإيمان كلية بزوالها كفعل أمر كفري ناقض للإيمان،
    ومنها ما يزول كمال الإيمان الواجب بزوالها كفعل كبيرة من الكبائر،
    نعم أحسنت
    وهذا من أعظم الدلالات على ان الايمان بالطاغوت والشرك لا يجتمعان مع اصل الايمان وأصل التوحيد - ولا يصح الايمان والتوحيد الا بالكفر بالطاغوت وترك الشرك خلافا لما يزعمه البعض من اجتماع الضدين فى النفس الواحدة
    لا يجتمع في قلب واحد إيمان بالله وإيمان بالطاغوت...
    قالَ تعالى: {فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
    الإيمانَ باللهِ والإيمانَ بالطَّاغوتِ لا يمكنُ اجتماعُهما في قَلْبِ امرِئٍ واحدٍ ،
    فإِنَّ الإيمانَ بأحدِهما يستلزمُ انتفاءَ الآخَرِ
    الكفر بالطاغوت الركن الأعظم في التوحيد
    إذ التوحيد لا يسمى توحيدا إذا لم يقم على النفي وهو ( الكفر بالطاغوت) ،
    وإذا كان التوحيد لا يتحقق بدونه
    فإن الدين لا يصح ولا يقبل الإسلام إلا به،
    وقد نص العلماء على هذا الأصل وحكموا الإجماع عليه،،
    وقد قال سبحانه:
    ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم )
    -والعروة الوثقى هي لا إله إلا الله،
    ومفهوم الآية أن من لا يكفر بالطاغوت لا يعتبر مستمسكا بلا إله إلا الله ولا هو ممتثل لها ،
    فالكفر بالطاغوت ركن في التوحيد لا يقبل ولا يصح إلا به،
    *****************

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلمة منتقبة مشاهدة المشاركة
    قيل ان من شروط * لا اله الا الله *
    الكفر بكل ما يعبد من دون الله سبحانه وتعالى
    السؤال من الذى قال ان الكفر بالطاغوت من شروط لا اله الا الله ؟
    الجواب
    الرب جل وعلا هو من إشترط هذا الشرط لصحة لا اله الا الله
    ((فمن يكفر بالطاغوت)) من شرطية،
    و((يكفر)) فعل الشرط مجزوما بها،
    جملة:(( فقد استمسك)) جواب للشرط،

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى (لا إله ألا الله) وأركانها وشروطها.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة

    الرب جل وعلا هو من إشترط هذا الشرط لصحة لا اله الا الله
    ((فمن يكفر بالطاغوت)) من شرطية،
    و((يكفر)) فعل الشرط مجزوما بها،
    جملة:(( فقد استمسك)) جواب للشرط،
    أحسنت
    وكذلك فى الحديث
    ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله ، فقد حرم ماله ودمه وحسابه على الله )
    جملة شرطية

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: معنى (لا إله ألا الله) وأركانها وشروطها.

    بارك الله فيكم ونفع بكم،

    إذن، المخلص لا رياء عنده
    والصادق لا إعجاب له
    اليقين أعم من الصدق ، كل موقن مصدق وليس كل مصدق موقن أي بينهما عموم وخصوص.

    والفرق بين شرطي القبول والانقياد ، " أن القبول إظهار صحة المعنى بالقول، أما الانقياد هو الاتباع بالأفعال،… مثل أبو طالب أيقن بها وقبلها لكنه لم ينقد لها".

    وهناك من يوقن بمعنى الشهادة ولكنه يردها لا يقبلها كبرا وحسدا كعلماء اليهود وفرعون و مشركي قريش.
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى (لا إله ألا الله) وأركانها وشروطها.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    اليقين أعم من الصدق ، كل موقن مصدق وليس كل مصدق موقن أي بينهما عموم وخصوص.

    والفرق بين شرطي القبول والانقياد ، " أن القبول إظهار صحة المعنى بالقول، أما الانقياد هو الاتباع بالأفعال،… مثل أبو طالب أيقن بها وقبلها لكنه لم ينقد لها".

    وهناك من يوقن بمعنى الشهادة ولكنه يردها لا يقبلها كبرا وحسدا كعلماء اليهود وفرعون و مشركي قريش.
    نعم أوْجَزْتِ ِوأجدت وأفدت
    شرح هذا الكلام
    قال الشيخ محمد ابن ابراهيم الحمد
    اليقين:
    هو الشهادة عن يقين يطمئن إليه قلبه، دون تسرب شيء من الشكوك ..،
    بل يقولها موقناً بمدلولها يقيناً جازماً.
    فلابد لمن أتى بها أن يوقن بقلبه، ويعتقد صحة ما يقوله من أحقية إلهية الله_تعالى_
    وبطلان إلهية من عداه،
    وأنه لا يجوز أن يُصرف لغيره شيءٌ من أنواع التأله والتعبد.
    فإن شك في شهادته، أو توقف في بطلان عبادة غير الله؛
    كأن يقول:
    أجزم بألوهية الله، ولكنني متردد ببطلان إلهية غيره_بطلت شهادتُه
    ولم تنفعه.
    قال تعالى مثنياً على المؤمنين: [وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ] (البقرة:4) .
    وقد مدح الله المؤمنين_أيضاً_ب قوله: [إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا] (الحجرات:15) .
    وذم المنافقين بقوله: [ ... وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ] (التوبة:45)
    .وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال:
    قال رسول الله":أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة
    وعنه أن النبي"قال: =من لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه_فبشِّرْهُ بالجنة
    القبول:
    والقبول يعني أن يقبل كل ما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه، فيصدق بالأخبار، ويطيع الأوامر، ويؤمن بكل ما جاء عن الله وعن رسوله"، ويقبل ذلك كله، ولا يرد منه شيئاً، ولا يجني على النصوص بالتأويل الفاسد، والتحريف الذي نهى الله عنه، بل يصدق الخبر، ويمتثل الأمر، ويقبل كل ما جاءت به هذه الكلمة واقتضته بكل رضا، وطمأنينة، وانشراح صدر.
    قال تعالى واصفاً المؤمنين بامتثالهم، وقبولهم، وعدم ردهم: [آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ] (البقرة:285) .
    وقال تعالى: [قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا] (البقرة:136) .
    وضد القبول:
    الرد، فإن هناك من يعلم معنى الشهادة ويوقن بمدلولها، ولكنه يردها كبراً وحسداً.
    وهذه حال علماء اليهود والنصارى كما قال تعالى عنهم:
    [الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ] (البقرة:146) .
    وقال تعالى [ ... حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ] (البقرة:109) .
    وكذلك كان المشركون يعرفون معنى لا إله إلا الله، وصدق رسالة محمد"
    ولكنهم يستكبرون عن قبول الحق كما قال تعالى عنهم:
    [إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ] (الصافات:35) .وقال تعالى
    عنهم:
    [ ... فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ] (الأنعام:33) .
    وكذلك كان شأن فرعون مع موسى_عليه السلام_.
    ويدخل في الرد وعدم القبول من يعترض على بعض الأحكام الشرعية، أو الحدود التي حدها الله_عز وجل_كالذين يعترضون على حد السرقة، أو الزنا، أو على تعدد الزوجات، أو المواريث، وما إلى ذلك، فهذا كله داخل في الرد وعدم القبول؛ لأن الله يقول [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً] (البقرة:208) .
    ويقول: [وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ] (الأحزاب:36) .
    الانقياد:
    وذلك بأن ينقاد لما دلت عليه كلمة الإخلاص.
    ولعل الفرق بين الانقياد والقبول أن القبول إظهار صحة معنى ذلك بالقول.
    أما الانقياد فهو الاتباع بالأفعال،
    ويلزم منهما جميعاً الاتباع.
    فالانقياد هو الاستسلام، والإذعان، وعدم التعقب لشيء من أحكام الله.
    قال تعالى: [وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ] (الزمر:54) . وقال [وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ] (النساء:125) .
    وقال: [وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى] (لقمان:22) .وقال تعالى مثنياً على إبراهيم عليه السلام[إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ] (البقرة:131) .
    ومن الانقياد أيضاً أن ينقاد العبد لما جاء به النبي"رضاً، وعملاً دون تعقب أو زيادة أو نقصان.
    قال تعالى:

    [فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً]
    وإذا علم أحد معنى لا إله إلا الله، وأيقن بها، وقبلها، ولكنه لم ينقد لها، ولم يعمل بمقتضاها_
    فإن ذلك لا ينفعه،
    كما هي حال أبي طالب،
    فهو يعلم أن دين محمد حق، بل إنه ينطق بذلك ويعترف، حيث يقول مدافعاً عن الرسول":
    والله لن يصلوا إليك بجمعهم **** حتى أوسد في التراب دفينا
    فاصدع بأمرك لا عليك غضاضة **** وافرح وقر بذلك منك عيونا
    ولقد علمت بأن دينَ محمدٍ **** من خير أديان البرية دينا
    لولا الملامةُ أو حِذارُ مسبةٍ **** لوجدتني سمحا بذلك مبينا
    فما الذي نقص أبا طالب؟ الذي نقصه هو الإذعان والاستسلام.
    وكذلك الحال بالنسبة لبعض المستشرقين؛ فهم يعجبون بالإسلام، ويوقنون بصحته ويعترفون بذلك، وتجد بعض المسلمين يهشون لذلك الإطراء، ويطربون لهؤلاء القوم، ويصفونهم بالموضوعية والتجرد.ولكن إعجابَهم ويقينَهم واعترافَهم لا يكفي، بل لابد من الانقياد.
    ومن عدم الانقياد ترك التحاكم لشريعة الله عز وجل واستبدالها بالقوانين الوضعية، الفرنسية، والإنجليزية، والسويسرية وغيرها.
    الصدق:
    وهو الصدق مع الله، وذلك بأن يكون العبد صادقاً في إيمانه، صادقاً في عقيدته.
    ومتى كان ذلك فإنه سيكون مصدقاً لما جاء في كتاب ربه، وسنة نبيه".
    فالصدق أساس الأقوال،
    ومن الصدق أن يصدق في دعوته،
    وأن يبذل الجهد في طاعة ربه، وحفظ حدوده،
    قال تعالى
    :
    [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ] (التوبة:119) .
    وقال في وصف الصحابة: [ ... رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ] (الأحزاب:23) .
    وقال:
    [وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ] (الزمر:33) .
    وقد ورد اشتراط الصدق في الحديث الصحيح
    حيث قال :
    من قال لا إله إلا الله صادقاً من قلبه دخل الجنة
    وضد الصدق الكذب،
    فإن كان العبد كاذباً في إيمانه فإنه لا يعد مؤمناً، بل هو منافق؛
    وإن نطق بالشهادة بلسانه،
    وحاله هذه أشد من حال الكافر الذي يظهر كفره.
    فإن قال الشهادة بلسانه وأنكر مدلولها بقلبه فإن هذه الشهادة لا تنجيه،
    بل يدخل في عداد المنافقين،
    الذين ذكر الله عنهم أنهم قالوا [. . . نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ]
    . فرد الله عليهم تلك الدعوى بقوله:
    [وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ]
    .وقال تعالى أيضاً في شأن هؤلاء:
    [وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ]
    .وقال: [وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ] (البقرة:204) .
    والأدلة في ذلك كثيرة جداً وهي مبسوطة في أوائل سورة البقرة، وفي سورة التوبة أيضاً وغيرها.
    فإذا قامت أعمال الإنسان واعتقاداته على عقيدة سليمة كان الإيمان قوياً سليماً،
    وبالتالي يكون العمل مقبولاً بإذن الله،
    والعكس بالعكس.
    ثم إن الناس يتفاوتون في الصدق تفاوتاً عظيماً.
    ومما ينافي الصدق في الشهادة
    تكذيب ما جاء به الرسول"أو تكذيب بعض ما جاء به؛
    لأن الله_سبحانه_أمرن ا بطاعة الرسول وتصديقه،
    وقرن ذلك بطاعته قال_تعالى_:
    [مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ]
    .وقد يلتبس على بعض الناس الأمر في موضوع اليقين والصدق،
    لذا يقال:
    إن اليقين أعم من التصديق، وعلى ذلك يكون كلُّ موقن مصدقاً، وليس كل مصدق موقناً؛ أي بينهما عموم وخصوص
    كما يقول أهل الأصول؛
    أي أن الموقن قد مر بمرحلة التصديق

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •