قل: مَيْدَاة، ولا تقل: ماوس، ولا فأرة!
ابتنيتها من «اليد» على مثال «مفعَلَة» لكونها موضعا تكثر عليه الأيدي، كما قالوا: مَسْبَعَةٌ، ومَأْسَدَةٌ، ومَذْأَبَةٌ، لمكان كثرة السباع، والآساد، والذئاب. انظر: الكتاب لسيبويه (4/ أو: 94).
كذلك قالوا: مَفْعَاةٌ للأرض التي تكثر فيها الأفاعي انظر: الأصول في النحو (3/ 148)، وهذا هو نظير ميداة المطابق لجريان الإعلال فيهما على نحو واحد؛ فاليد أصلها (يدي) والأفعى أصلها (فعو) قلبت الياء والواو ألفا في مثال «مفعَلَة» لتحركها طرفا وانفتاح ما قبلها.
وأما "فأرة" فهو ترجمة حرفية لـ (ماوس)، تنقل إلينا أجواء ثقافة مخالفة لثقافتنا؛ فثقافتنا ثقافة: "خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ: الفَأْرَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالحُدَيَّا، وَالغُرَابُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ " انظر: صحيح البخاري (4/ 129).
وثقافتهم ثقافة "ميكي ماوس" التي تُعايش الفئران منذ الطفولة.
لا جرم ففي حديث أبي هريرة مما أخرجه البخاري في صحيحه (4/ 128): عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ، وَإِنِّي لاَ أُرَاهَا إِلَّا الفَارَ، إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ، وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ»، وفي لفظ صحيح مسلم (4/ 2294): «الْفَأْرَةُ مَسْخٌ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا لَبَنُ الْغَنَمِ فَتَشْرَبُهُ، وَيُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا لَبَنُ الْإِبِلِ فَلَا تَذُوقُهُ».
قال في: شرح النووي على مسلم (18/ 124): مَعْنَى هَذَا أَنَّ لُحُومَ الْإِبِلِ وَأَلْبَانَهَا حُرِّمَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ دُونَ لُحُومِ الْغَنَمِ وَأَلْبَانِهَا فَدَلَّ بِامْتِنَاعِ الْفَأْرَةِ مِنْ لَبَنِ الْإِبِلِ دُونَ الْغَنَمِ عَلَى أَنَّهَا مَسْخٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. ا. هـ.
فلعل هذا هو سبب ولاء القوم للفئران، وحفاوتهم بها!