بسم الله الرحمن الرحيم
هذا رابط بعنوان: (نظرية التطور الدارويني تنسف بطبيعة العقل البشري)
أسأل الله أن ينفع به
https://justpaste.it/13k2b
نظرية التطور الدارويني تنسف بطبيعة العقل البشري

يقول الدكتور الفاضل عبد الله بن سعيد الشهري في كتابه (ثلاث رسائل في الإلحاد والعقل والإيمان) تحت عنوان (ورطة) ، ص149:
يبدو أن كثيرًا من المؤمنين بنظرية التطور الدارويني لا يدركون التحدي بل التهديد الذي تشكله نظرية التطور لعقولهم التي يثقون بها ويعتمدون عليها في تصور وجودهم فضلًا عن الحكم عليه، بما في ذلك تصورهم لنظرية التطور وأحكامهم عليها. ما طبيعة هذا التهديد؟ لنستمع إلى داروين نفسه. في 3 يوليو من عام 1881م بعث داروين رسالة خاصة إلى صديقه وليام جراهام William Graham يقول فيها ما نصه:

"ينتابني دائمًا شك فظيع حول ما إذا كانت قناعات عقل الإنسان، والذي بدوره تطور من عقول كائنات أدنى، تتمتع بأي قيمة أو تستحق أدنى ثقة" [1]

وفي موضع آخر من سيرته جمعها وحررها ابنه فرانسيس يقول أيضًا:
"ولكن هنا يراودني الشك الآتي: هل يمكن أن يكون عقل الإنسان، الذي أؤمن إيمانًا جازمًا أنه تطور من عقل كذاك الذي تمتلكه ادنى الكائنات، محلًا لثقتنا وهو يُدلي بتلك الاستنتاجات العظيمة؟" [2]

وقد تنبه إدموند هوسرل لطبيعة هذا الإشكال، فأورده كمثال يُعترض به على إمكان المعرفة؛ يقول هوسرل:
"قد تعرض للخاطر بعض الأمور من علم الحياة، فنذكر نظرية التطور الحديثة حيث نما الإنسان في كفاحه من أجل الوجود بحسب الانتقاء الطبيعي، فنما معه عقله بالطبع، ومع العقل سائر الصور التي هي أخص به، ولا سيما الصور المنطقية. ألا يدفعنا ذلك إلى القول إن الصور والقوانين المنطقية إن هي إلا سمة عارضة للنوع البشري، وإنها قد تكون مختلفة، وتصير كذلك في سياق التطور المقبل؟" [3]


وفي مقطوعة رائعة من كتاب (تصميم الحياة) ، تأليف: د. ويليام ديمبسكي - د. جوناثان ويلز، ص62 - 63 ، ط. مركز تكوين:
"إن الذكاء، حين ننظر إليه كمنتج للانتخاب الطبيعي لا أكثر ، ليس إلا أداة للبقاء والتكاثر. إن أداة بهذه المثابة لا تحمل أي التزام بأن تمنحنا فهمًا دقيقًا للعالم. إن العملية التطورية - وكما فهمها داروين - لا تضفى أي امتياز على فهم الواقع بشكل دقيق، وإنما تضفي الامتياز على وظيفتي البقاء والتكاثر فقط. بما أن التمثيل المشوه للواقع قد يعزز في أحوال من فرصنا في البقاء والتكاثر أكثر من التمثيل الدقيق له، فإنه لا يوجد سبب وجيه لأن نفترض أن عقولنا قد تم تكييفها من أجل أن تعلم الواقع الفعلي للعالم. حقًّا، إن عقولنا - وفقًا لمبادئ التطور السائدة - ستعمل على حساب الحق ، مفضلة اللذة والنفع الآني المباشر.

شعر داروين بقوة هذا الاعتراض: ((يساورني دومًا شكٌّ مخيف بأن قناعاتي حول تطور العقل البشري من عقل الحيوانات الأدنى ليست ذات قيمة، أو أنها غير موثوقة)). ولتقييم أهمية ملاحظة داروين بشكل جيد يجب أن نطبق الشك الذي عبر عنه هنا (على النظرية التطورية برمتها) : على أي أساس نثق بنظرية التطور إن كانت نتيجة للعقل البشري ((الذي تطور من عقل الحيوانات الأدنى))؟ لذا فإن نظرية داروين حول كيفية نشوء العقل البشري لا تتمتع باتساق ذاتي؛ بعبارة أخرى، إنها تنفي ذاتها منطقيًّا، مما يعني أننا بالقدر الذي نثق فيه بالنظرية كتفسير لأصل البشر فإنه بذات القدر لا ليس لدينا أساس لنضع ثقتنا فيها؛ بمعنى أنه ما لم نفترض أن مصممًا ذكيًّا قد جعل ملكتنا الفكرية ملائمة للعالم من حولنا، فإن قناعتنا ستكون في ذواتها غير جديرة بالثقة، وبالتالي لن تزودنا بفهم يمكن التعويل عليه في معرفة أصل الإنسان.
لكي نُجمل ما سبق؛ عندما يلاحظ علماء التطور بعض التشابهات بين الإنسان والحيوان فإنهم لا ينوون بذلك رفع مرتبة الحيوانات بحيث تجد بعض سماتها الآخذة في التطور أكمل تعبير لها في البشر؛ كلا ليس الأمر كذلك، وإنما يقصدون الحط من قدر الإنسان عبر تجاهل الهبات البديعة، وإرجاع حقيقتها إلى عمليات التطور العمياء التي لا تفعل أكثر من تزيين ملكات موجودة مسبقًا عند أسلافنا الحيواية؛ هذا هو التفسير التطوري للغة والذكاء، بدلًا من التأكد على تفرد الإنسان، فإنهم يؤكدون على شبهه بالحيوان."
....
الهوامش:
[1]
Charles Darwin to W. Graham, July3, 1881, In Darwin, F.; edit. The Life and Letters of Charles Darwin, Vol.1, London, p. 285.
[2]
المصدر السابق، ص282.
[3]
أدموند هوسرل، فكرة الفينومينولوجيا ، مركز دراسات الوحدة العربية، 2007م، ص54.