عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ
سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ
الرَّاعِي: هُوَ الْحَافِظُ الْمُؤْتَمَنُ الْمُلْتَزِمُ صَلَاحَ مَا اُؤْتُمِنَ عَلَى حِفْظِهِ فَهُوَ مَطْلُوبٌ بِالْعَدْلِ فِيهِ وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ .
َالرَّعِيَّةُ : كُلُّ مَنْ شَمِلَهُ حِفْظُ الرَّاعِي وَنَظَرُهُ
فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : اِشْتَرَكُوا أَيْ الْإِمَامُ وَالرَّجُلُ وَمَنْ ذُكِرَ فِي التَّسْمِيَةِ أَيْ فِي الْوَصْفِ بِالرَّاعِي وَمَعَانِيهِمْ مُخْتَلِفَةٌ ، فَرِعَايَةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ حِيَاطَةُ الشَّرِيعَةِ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْعَدْلِ فِي الْحُكْمِ ، وَرِعَايَةُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ سِيَاسَةٌ لِأَمْرِهِمْ وَإِيصَالِهِمْ حُقُوقَهُمْ ، وَرِعَايَةُ الْمَرْأَةِ تَدْبِيرُ أَمْرِ الْبَيْتِ وَالْأَوْلَادِ وَالْخِدْمَةُ وَالنَّصِيحَةُ لِلزَّوْجِ فِي كُلِّ ذَلِكَ ، وَرِعَايَةُ الْخَادِمِ حِفْظُ مَا تَحْتَ يَدِهِ وَالْقِيَامُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ خِدْمَتِهِ
وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ
قال المهلب: هذا الحديث مفسر للآية التى ترجم بها؛ لأنه أخبر عليه السلام أن الرجل مسئول عن أهله، وإذا كان كذلك فواجب عليه أن يعلمهم ما يقيهم به النار. ([1])
وفِيهِ أَنَّ كُلّ مَنْ كَانَ تَحْت نَظَره شَيْء فَهُوَ مُطَالَب بِالْعَدْلِ فِيهِ ، وَالْقِيَام بِمَصَالِحِهِ فِي دِينه وَدُنْيَاهُ وَمُتَعَلِّقَات ه . ([2])




مِنْ جُمْلَة رِعَايَته لَهُمْ أَنْ يَكُون الشَّرّ مِنْ طَرِيقَته فَيَجْرِي أَهْله عَلَيْهِ أَوْ يَرَاهُمْ يَفْعَلُونَ الشَّرّ فَلَا يَنْهَاهُمْ عَنْهُ فَيُسْأَل عَنْ ذَلِكَ وَيُؤَاخَذ بِهِ .([3])
هل وفاهم حقوقهم من نحو نفقة وكسوة وحسن عشرة([4])

وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ
بِحُسْنِ تَدْبِير الْمَعِيشَة وَالْأَمَانَة فِي مَاله وَغَيْر ذَلِكَ ([5])
وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا
أَيْ عَنْ بَيْتِ زَوْجِهَا هَلْ قَامَتْ بِمَا عَلَيْهَا أَوْ لَا؟ ([6])

وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ
قال المهلب: العبد راع فى مال سيده، يلزمه ما يلزم سائر الرعاة من حفظ ما استرعى عليه، ولا يعمل فى معظم الأمور إلا بإذن سيده، وما كان من المعروف المعتاد أن يعفى عنه مثل الصدقة بالكسرة والقطعة فلا يحتاج فيه إلى إذن سيده، وقد جاء فى حديث النبى - عليه السلام - أن الخادم أحد المتصدقين ولم يشترط إذن سيده إلا فى الكثير لقوله: « يعطى ما أمر به كاملا موفرًا إلى الذى أمر له » فهذا يدل على العطاء الجزيل؛ لأن اشتراط الكمال فيه دليل على الكثرة. ([7])

فوائد
- أَهْل الْمَرْء وَنَفْسه مِنْ جُمْلَة رَعِيَّته ([8])
- المرأة والخادم الكل مسئول عما استرعاه الله تعالى ، كل من جعله الله أمينًا على شىء، فواجب عليه أداء النصيحة فيه، وبذل الجهد فى حفظه ورعايته؛ لأنه لا يسأل عن رعيته إلا من يلزمه القيام بالنظر لها وصلاح أمرها
-

- قال الخطابي : فيه دليلٌ على جواز إقامة الجمعة بغير سلطانٍ .([9])
- قال المهلب: هذا يدل على وجوب طاعة السلطان وجوبًا مجملا؛ لأن فى ذلك طاعة الله وطاعة رسوله، فمن ائتمر لطاعة أولى الأمر لأمر الله ورسوله بذلك فطاعتهم واجبة فيما رأوه من وجوه الصلاح حتى إذا خرجوا إلى ما يشك أنه معصية لله لم تلزمهم طاعتهم فيه وطلب الخروج عن طاعتهم بغير مواجهة فى الخلاف. ([10])
-
- « العبد والخادم راع فى مال سيده » ، فيه حجة لمن قال: إن العبد لا يملك. ([11])
- من الفرائض المقرّبة إلى الله تعالى : عدلُ الرَّاعي في رعيَّته ، سواءٌ كانت رعيَّتُه عامّةً كالحاكم ، أو خاصةً كعدلِ آحاد النَّاس في أهله وولده ([12])


([1])شرح ابن بطال 13/294

([2])شرح النووي على مسلم 6/300

([3])فتح الباري لابن حجر

([4])فيض القدير 5/49

([5])عون المعبود 6/401

([6])تحفة الأحوذي4/391

([7])شرح ابن بطال

([8])فتح الباري لابن حجر

([9]) قال ابن بطال : وقال مالك والشافعى: تقوم الجمعة فى القرى والمدن بِوَالٍ أو غيره.


([10])شرح ابن بطال 15/219

([11])شرح ابن بطال 13/70

([12])جامع العلوم والحكم