278 - " خصلتان لا تجتمعان في منافق : حسن سمت ، و لا فقه في الدين " .
أخرجه الترمذي ( 2 / 114 ) : حدثنا أبو كريب حدثنا خلف بن أيوب العامري عن عوف عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره و قال : " هذا حديث غريب ، و لا نعرف هذا الحديث من حديث عوف إلا من حديث هذا الشيخ خلف ابن أيوب العامري ، و لم أر أحدا يروي عنه غير أبي كريب محمد بن العلاء ، و لا أدري كيف هو ؟ " .
قلت : و من هذا الوجه أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 153 ) و أبو بكر ابن لال في " أحاديث أبي عمران الفراء " ( ق 1 / 2 ) و الهروي في " ذم الكلام "( 1 / 14 / 2 ) و قال :" قال الجارودي : تفرد به أبو كريب " .
قلت : هو ثقة من رجال الشيخين ، و إنما العلة في شيخه خلف ، فقد جهله الترمذي كما عرفت ، و روى عنه غير أبي كريب جماعة ، مثل الإمام أحمد و أبي معمر القطيعي و محمد بن مقاتل المروزي ، فليس بمجهول ، و روى العقيلي عن ابن معين أنه قال فيه :"بلخي ضعيف" . ثم قال العقيلي عقب حديثه هذا :" ليس له أصل من حديث عوف ، و إنما يروى هذا عن أنس ، بإسناد لا يثبت " .و قال ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 370 - 371 ) :" و سألت أبي عنه ؟ فقال : يروى عنه " .
و ذكره ابن حبان في " الثقات " و قال :" كان مرجئا غاليا ، استحب مجانبة حديثه لتعصبه و بغضه من ينتحل السنن " . و قال الخليلي : " صدوق مشهور ، كان يوصف بالستر و الصلاح ، و الزهد ، و كان فقيها على رأي الكوفيين " .و أورده الذهبي في " الميزان " و قال :" أبو سعيد أحد الفقهاء الأعلام ببلخ " . ثم ذكر بعض ما قيل فيه مما سبق ، ثم قال : قلت : كان ذا علم و عمل و تأله ، زاره سلطان بلخ ، فأعرض عنه " .و قال في " الضعفاء " :" مفتي بلخ ، ضعفه ابن معين " .و نحوه في " التقريب " للحافظ العسقلاني .
قلت : و لم تطمئن نفسي لجرح هذا الرجل ، لأنه جرح غير مفسر ، اللهم إلا في كلام ابن حبان ، و لكنه صريح في أنه لم يجد فيه ما يجرحه إلا كونه مرجئا ، و هذا لا يصح أن يعتبر جرحا عند المحققين من أهل الحديث ، و لذلك رأينا البخاري يحتج في صحيحه ببعض الخوارج و الشيعة و القدرية و غيرهم من أهل الأهواء ، لأن العبرة في رواية الحديث إنما هو الثقة و الضبط ، و كأنه لذلك لم يجزم الحافظ بتضعيف الرجل و إنما اكتفى على حكايته عن ابن معين كما فعل الذهبي ، و هذا و إن كان يشعرنا بأنه ينبىء بضعفه إلا أنه ليس كما لو قال فيه " ضعيف " جازما به .
و الذي أراه أن الرجل وسط أو على الأقل مستور ، لأن الجرح فيه لم يثبت ، كما أنه لم يوثق من موثوق بتوثيقه ، و في قول الخليلي المتقدم ما يؤيد الذي رأيت .و هو لم يرو شيئا منكرا ، و غاية ما ذكر له العقيلي حديثان .
أحدهما هذا. والآخر حديثه بسنده الصحيح عن أبي هريرة مرفوعا :
" لا عدوى و لا صفر و لا هامة " .
و قال العقيلي فيه : " إسناده مستقيم " .
و أما هذا الحديث فلم يتفرد به البلخي ، فقد جاء من طريقين آخرين : أحدهما : عن أنس . و قد أشار إليه العقيلي نفسه .
و الآخر يرويه عبد الله بن المبارك في " الزهد " ( ق 175 / 1 - كواكب 575 ) : أنبأ معمر عن محمد بن حمزة بن عبد الله بن سلام مرفوعا به .
قلت : و هذا إسناد مرسل صحيح ، محمد بن حمزة ، هو ابن يوسف بن عبد الله ابن عبد الله بن سلام ، روى عن أبيه عن جده عبد الله بن سلام .
قال أبو حاتم : لا بأس به . و ذكره ابن حبان في " الثقات " .
و قد رواه القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 24 / 2 ) من طريقين آخرين ، عن معمر عن محمد بن حمزة عن عبد الله بن سلام ، فجعله من مسند جده عبد الله ، فإن صح هذا ، و لم يكن في الرواية خطأ ، أو في النسخة تحريف ، فهو مسند ، لكنه منقطع بين محمد بن حمزة و جده عبد الله بن سلام .
و بالجملة فالحديث عندي صحيح بمجموع هذه الطرق ، و قد أشار إلى صحته عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام الكبرى " رقم 63 - نسختي بسكوته عنه كما نص عليه في المقدمة . و الله أعلم .سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها...للألباني/المجلد الأول:حديث رقم(278).
منقول