تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: أتعجبون من غيرة سعد..

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي أتعجبون من غيرة سعد..

    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    من رأى زوجته تزني..، فما الواجب عليه فعله؟





    السؤال:
    في حديث سعد بن عبادة رضي الله عنه حينما طلب منه النبي صلى الله عليه وسلم إحضار أربعة شهود لو رأى رجلاً مع امرأته. لي سؤال : إذا لم يجد لديه شهودا ، فمن أين يأتي بالشهود ؛ هل يذهب للشارع يخبر أربعة من الرجال أن زوجه الآن تعمل الفاحشة ، ويريدهم أن يأتوا ليشاهدوها تعمل الفاحشة حتى يشهدوا عليها ؟ هل هذه الأمر تقبله النفس ، أم إنه صعب عليها ؟ وضح لي بارك الله فيك .

    تم النشر بتاريخ: 2012-03-29



    الجواب:
    الحمد لله

    أولا :
    قال تعالى:
    ( وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) النساء/15. وقوله: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) سورة النور/4 ، وقوله تعالى: ( لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) سورة النور/13.
    وروى مسلم (1498) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أَؤُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ: ( نَعَمْ ).



    فثبت بذلك أن البينة التي يثبت بها الزنا : هي أربعة شهود ، وهي أعلى البينات ، والشروط التي يجب الوفاء بها لأجل هذه الشهادة يصعب تحقيقها جدا ، وذلك لما لهذه التهمة من خطر عظيم على الأعراض ، ومعرة بالغة تلحق بمن رمي بها ، وبأهله .
    قال ابن قدامة رحمه الله: " ذكر الخرقي في شهود الزنا سبعة شروط; أحدها: أن يكونوا أربعة ، وهذا إجماع ، لا خلاف فيه بين أهل العلم..." انتهى وانظر بقية الشروط في "المغني" (9/65) .



    ثانيا :
    حال الزوج مع زوجته يختلف عن حال غيره ، فالزوجة فراش الرجل ، ولا يكاد يقدم عاقل على رمي امرأته أو الشهادة عليها بذلك إلا وهو صادق ، لما يلحقه هو وأبناؤه من العار في ذلك ؛ ثم إن الزوج يطلع من زوجته على ما لم يطلع غيره عليه ، وقد يقف منها على ذلك ، في حين يتعذر على غيره أن يعرفه ، هذا من ناحية .
    ومن ناحية أخرى فإن له حقا في هذه الجناية التي ارتكبتها المرأة ؛ فقد جنت عليه بتلويث فراشه ، وشرفه وسمعته ، وانتهاك حرمته .
    ولأجل ذلك ، فقد راعى الشرع الجانبين : جانب البينة في ثبوت الزنا : ألا يثبت بأقل من أربعة شهداء ، ولا يحل لأحد أن يرمي أحدا من المسلمين بتلك الفاحشة إلا أن يأتي بالبينة الشرعية ، أو اعتراف الزاني ؛ وسواء في ذلك الزوجان وغيرهما ، فمن قذف مسلما بالزنا ، ولم يأت بالبينة الشرعية ، فقد استحق حد القذف ، ولو كان قد رمى زوجته .
    لكن لما سبق ذكره من خصوصية تتعلق بالرجل ، فقد جعل الله له مخرجا من ذلك ، وهو أن يلاعنها ، إذا رماها بالزنا ، ولم تعترف هي به .
    قال تعالى: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ) سورة النور/6 .
    قال ابن كثير رحمه الله : " هذه الآية الكريمة فيها فرج للأزواج وزيادة مخرج، إذا قذف أحدهم زوجته وتعسر عليه إقامة البينة ، أن يلاعنها، كما أمر الله عز وجل ، وهو أن يحضرها إلى الإمام [ القاضي ] ، فيدعي عليها بما رماها به ، فيحلفه الحاكم أربع شهادات بالله في مقابلة أربعة شهداء ، ( إنه لمن الصادقين ) أي: فيما رماها به من الزنا ، ( والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين ) ، فإذا قال ذلك، بانت منه بنفس هذا اللعان عند الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء ، وحرمت عليه أبدا، ويعطيها مهرها، ويتوجه عليها حد الزنا .
    ولا يدرأ عنها العذاب إلا أن تلاعن ، فتشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، أي: فيما رماها به ، ( والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ) ولهذا قال: ( ويدرأ عنها العذاب ) .
    يعني: الحد ( أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ) فخصها بالغضب ، كما أن الغالب أن الرجل لا يتجشم فضيحة أهله ورميها بالزنا إلا وهو صادق معذور، وهي تعلم صدقه فيما رماها به ، ولهذا كانت الخامسة في حقها أن غضب الله عليها، والمغضوب عليه هو الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه " . انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/14) .



    وسبب نزول هذه الآية الكريمة ، هو جواب عما سألت عنه في السؤال :
    عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ( أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ .
    فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ ؟!
    فَجَعَلَ يَقُولُ الْبَيِّنَةَ ، وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ !!
    فقَالَ هِلَالٌ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدِّ .
    فَنَزَلَ جِبْرِيلُ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ ) ، فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا ، فَجَاءَ هِلَالٌ فَشَهِدَ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ ؟
    ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ ، فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا وَقَالُوا : إِنَّهَا مُوجِبَةٌ !
    قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَتَلَكَّأَتْ ، وَنَكَصَتْ ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ ، ثُمَّ قَالَتْ : لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ ؛ فَمَضَتْ !
    فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَبْصِرُوهَا ؛ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ ، فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ ، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ ) .
    رواه البخاري (4747) .
    وينظر : "روضة الطالبين" (7/327) ، "الشرح الممتع" (13/291) .


    ثالثا :
    الواجب على العبد أن يلزم الأدب مع ربه ، ومع أحكامه ودينه ، فإن أشكل عليه شيء سأل عن مجيء الشرع به ، فإذا ثبت به الشرع المطهر ، تلقاه بالرضا والقبول وانشراح الصدر ، والتسليم لحكم الله ، على ما وافق رأيه وعقله وهواه ، أو خالفه ؛ فليس الدين بالرأي ، إنما هو التسليم والرضا بما جاء عن رب العالمين ، قال تعالى: ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) سورة الأحزاب/36 , وقال تعالى : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) سورة النور/51 .



    وأما حديث الْمُغِيرَةِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ !! فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي ) رواه البخاري(6846) .
    قال ابن عبد البر رحمه الله: " يريد والله أعلم ، أن الغيرة لا تبيح للغيور ما حرم عليه ، وأنه يلزمه مع غيرته الانقياد لحكم الله ورسوله ، وأن لا يتعدى حدوده، فالله ورسوله أغير.." .
    انتهى من " التمهيد "(21/256) .
    وقد تبين أن طلب الشهود لم يكن في حديث سعد بن عبادة ، إنما كان في قصة أخرى .
    وينظر : "شرح السنة" للبغوي (9/266) ، "فتح الباري" لابن حجر (9/449) .


    والله أعلم




    الإسلام سؤال وجواب
    https://islamqa.info/ar/178671
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    حكم قتل الزوج لزوجته وعشيقها إذا ضبطهما متلبسين بالزنا


    السؤال:
    سمعت شيخا يقول : إن من رأى زوجته تزني مع رجل وقتلهما ، فإنه يقتل ، واستشهد بحديث أن النبي قال لصحابي ذلك ، وقال أما حديث الصحابي الذي يغار ، فقال فيه : لا يوجد فيه حث على القتل ، فما رأيكم ؟

    تم النشر بتاريخ: 2014-12-21
    الجواب :
    الحمد لله
    من دخل على زوجته فوجدها تزني – والعياذ بالله – فإن كان معه شهود أربعة يشهدون : فليُشهدهم ويذهب بهم - إن أراد - إلى القضاء الشرعي ، ليدعي على زوجته بالزنا ، ويقيم البينة على ذلك ، ليقام عليها وعلى الزاني الحد .
    وإن لم تكن له بينة : فقد شرع له القرآن الملاعنة أمام القضاء الشرعي أيضا , وقد سبق الكلام عن الملاعنة وما يترتب عليها من أحكام في الفتوى رقم (33615) .
    أما إن تملكه الغضب فقتلها ، وقتل الزاني بها ؛ فإن كان معه أربعة شهود يشهدون على فعلهما للزنا ، أو شهد ورثة القتيل بذلك : فلا شيء عليه من قصاص أو دية , ويؤيد ذلك " مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ (رضي الله عنه) أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا ، فَقَتَلَهُ ، فَقَالَ: إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ، فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ ، فَإِنْ اعْتَرَفَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلٍ وَلَا دِيَةَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمًا يَتَغَدَّى ، إذْ جَاءَ رَجُلٌ يَعْدُو ، وَفِي يَدِهِ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ، وَوَرَاءَهُ قَوْمٌ يَعْدُونَ خَلْفَهُ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ مَعَ عُمَرَ ، فَجَاءَ الْآخَرُونَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ هَذَا قَتَلَ صَاحِبَنَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي ضَرَبْتُ فَخِذَيْ امْرَأَتِي ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ فَقَدْ قَتَلْته، فَقَالَ عُمَرُ: مَا تَقُولُونَ؟ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ ضَرَبَ بِالسَّيْفِ ، فَوَقَعَ فِي وَسَطِ الرَّجُلِ وَفَخِذَيْ الْمَرْأَةِ، فَأَخَذَ عُمَرُ سَيْفَهُ فَهَزَّهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَقَالَ: إنْ عَادُوا فَعُدْ . رَوَاهُ سَعِيدٌ .
    وَلِأَنَّ الْخَصْمَ اعْتَرَفَ بِمَا يُبِيحُ قَتْلَهُ، فَسَقَطَ حَقُّهُ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ قِصَاصًا ، أَوْ فِي حَدٍّ يُوجِبُ قَتْلَهُ، وَإِنْ ثَبَتَ بَيِّنَة : فَكَذَلِكَ " انتهى من مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (6 / 42).

    ويلاحظ أن هذا المذهب لم يفرق في عدم مؤاخذة الزوج بقتل الزاني - حال وجود البينة - بين كونه محصنا ، أو غير محصن.
    وهناك من اشترط في عدم مؤاخذة الزوج القاتل : كون الزاني المقتول محصنا , لأن الزاني المحصن هو الذي يستحق القتل ، دون غير المحصن . قال النووي في شرحه على مسلم (10 / 121): " اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَتَلَ رَجُلًا ، وَزَعَمَ أَنَّهُ وَجَدَهُ قَدْ زَنَى بِامْرَأَتِهِ , فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، بَلْ يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ ، إِلَّا أَنْ تَقُومَ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ ، أَوْ يَعْتَرِفُ بِهِ وَرَثَةُ الْقَتِيلِ , وَالْبَيِّنَةُ أَرْبَعَةٌ مِنْ عُدُولِ الرِّجَالِ يَشْهَدُونَ عَلَى نَفْسِ الزنى ، وَيَكُونُ الْقَتِيلُ مُحْصَنًا , وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى : فَإِنْ كَانَ صَادِقًا ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ . وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ قَتَلَ زَانِيًا مُحْصَنًا : الْقِصَاصُ ، مَا لَمْ يَأْمُرِ السُّلْطَانُ بِقَتْلِهِ . وَالصَّوَابُ : الْأَوَّلُ . وَجَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ : تَصْدِيقُهُ فِي أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَتِهِ ، وَقَتَلَهُ بِذَلِكَ" انتهى.
    وقد حقق العلامة ابن القيم رحمه الله هذه المسألة ، فأفاد وأجاد رحمه الله , فقد جاء في زاد المعاد في هدي خير العباد (5 / 362): " وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: (لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ بِهِ ) : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا فِي دَارِهِ ، وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ حَرِيمِهِ : قُتِلَ فِيهِ ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، إِذْ لَوْ قُبِلَ قَوْلُهُ : لَأُهْدِرَتِ الدِّمَاءُ، وَكَانَ كُلُّ مَنْ أَرَادَ قَتْلَ رَجُلٍ أَدْخَلَهُ دَارَهُ ، وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ. وَلَكِنْ هَاهُنَا مَسْأَلَتَانِ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا:
    إِحْدَاهُمَا: هَلْ يَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَقْتُلَهُ أَمْ لَا؟
    وَالثَّانِي: هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ أَمْ لَا؟
    وَبِهَذَا التَّفْرِيقِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ فِيمَا نُقِلَ عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ، حَتَّى جَعَلَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَسْأَلَةَ نِزَاعٍ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ: مَذْهَبُ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَمَذْهَبُ علي: أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَالَّذِي غَرَّهُ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بَيْنَا هُوَ يَوْمًا يَتَغَدَّى ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ يَعْدُو ، وَفِي يَدِهِ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ ، وَوَرَاءَهُ قَوْمٌ يَعْدُونَ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ مَعَ عمر، فَجَاءَ الْآخَرُونَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَذَا قَتَلَ صَاحِبَنَا، فَقَالَ لَهُ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي ضَرَبْتُ بَيْنَ فَخِذَيِ امْرَأَتِي، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ، فَقَدْ قَتَلْتُهُ، فَقَالَ عمر: مَا تَقُولُونَ؟ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّهُ ضَرَبَ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ فِي وَسَطِ الرَّجُلِ، وَفَخِذَيِ الْمَرْأَةِ، فَأَخَذَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَيْفَهُ فَهَزَّهُ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيْهِ ، وَقَالَ: إِنْ عَادُوا فَعُدْ) فَهَذَا مَا نُقِلَ عَنْ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
    وَأَمَّا علي ، فَسُئِلَ عَمَّنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ. فَظَنَّ أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَنْقُولِ عَنْ عمر، فَجَعَلَهَا مَسْأَلَةَ خِلَافٍ بَيْنَ الصَّحَابَةِ .
    وَأَنْتَ إِذَا تَأَمَّلْتَ حُكْمَيْهِمَا ، لمْ تَجِدْ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافًا، فَإِنَّ عمر إِنَّمَا أَسْقَطَ عَنْهُ الْقَوَدَ ، لَمَّا اعْتَرَفَ الْوَلِيُّ بِأَنَّهُ كَانَ مَعَ امْرَأَتِهِ، وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا - وَاللَّفْظُ لِصَاحِبِ " الْمُغْنِي ": فَإِنِ اعْتَرَفَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ : فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عمر ثُمَّ سَاقَ الْقِصَّةَ، وَكَلَامُهُ يُعْطِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُحْصِنًا وَغَيْرَ مُحْصِنٍ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ عمر فِي هَذَا الْقَتِيلِ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا: " فَإِنْ عَادُوا فَعُدْ " وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُحْصِنِ وَغَيْرِهِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ " الْمُسْتَوْعِبِ " قَدْ قَالَ: وَإِنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنَالُ مِنْهَا مَا يُوجِبُ الرَّجْمَ ، فَقَتَلَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ : فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ بِدَعْوَاهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ، قَالَ: وَفِي عَدَدِ الْبَيِّنَةِ رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا: شَاهِدَانِ، اخْتَارَهَا أبو بكر؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوُجُودِ لَا عَلَى الزِّنَى. وَالْأُخْرَى: لَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ .
    وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ مَتَى قَامَتْ بِذَلِكَ ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْوَلِيُّ : سَقَطَ الْقِصَاصُ، مُحْصِنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ: (إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ) وَهَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَتْلَ لَيْسَ بِحَدٍّ لِلزَّنَى، وَلَوْ كَانَ حَدًّا لَمَا كَانَ بِالسَّيْفِ، وَلَاعْتُبِرَ لَهُ شُرُوطُ إِقَامَةِ الْحَدِّ وَكَيْفِيَّتُهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ عُقُوبَةٌ لِمَنْ تَعَدَّى عَلَيْهِ ، وَهَتَكَ حَرِيمَهُ ، وَأَفْسَدَ أَهْلَهُ .
    وَكَذَلِكَ فَعَلَ الزبير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَمَّا تَخَلَّفَ عَنِ الْجَيْشِ وَمَعَهُ جَارِيَةٌ لَهُ ، فَأَتَاهُ رَجُلَانِ فَقَالَا: أَعْطِنَا شَيْئًا، فَأَعْطَاهُمَا طَعَامًا كَانَ مَعَهُ ، فَقَالَا: خَلِّ عَنِ الْجَارِيَةِ . فَضَرَبَهُمَا بِسَيْفِهِ فَقَطَعَهُمَا بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ.
    وَعَلَى هَذَا : فَيَجُوزُ لَهُ ، فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى : قَتْلُ مَنِ اعْتَدَى عَلَى حَرِيمِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُحْصنًا أَوْ غَيْرَ مُحْصِنٍ، مَعْرُوفًا بِذَلِكَ أَوْ غَيْرَ مَعْرُوفٍ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ ، وَفَتَاوَى الصَّحَابَةِ .
    وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: يَسَعُهُ قَتْلُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا كَانَ الزَّانِي مُحْصِنًا، جَعَلَاهُ مِنْ بَابِ الْحُدُودِ.
    وَقَالَ أحمد وإسحاق: يُهْدَرُ دَمُهُ إِذَا جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ، وَلَمْ يَفْصِلَا بَيْنَ الْمُحْصِنِ وَغَيْرِهِ.
    وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مالك فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ ابن حبيب: إِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُحْصنًا ، وَأَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ : فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا قُتِلَ بِهِ . وَقَالَ ابن القاسم: إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ : فَالْمُحْصِنُ وَغَيْرُ الْمُحْصِنِ سَوَاءٌ، وَيُهْدَرُ دَمُهُ، وَاسْتَحَبَّ ابن القاسم الدِّيَةَ فِي غَيْرِ الْمُحْصِنِ .
    فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا " . فَقَالَ سعد: بَلَى وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ ) وَفِي اللَّفْظِ الْآخَرِ: ( «إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ كُنْتُ لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ إِنَّهُ لَغَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي؟) ؟
    قُلْنَا: نَتَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ وَالتَّسْلِيمِ ، وَالْقَوْلِ بِمُوجَبِهِ، وَآخِرُ الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ لَمْ يُقَدْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: بَلَى ، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ !! وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ لَمَا أَقَرَّهُ عَلَى هَذَا الْحَلِفِ، وَلَمَا أَثْنَى عَلَى غَيْرَتِهِ، وَلَقَالَ: لَوْ قَتَلْتَهُ قُتِلْتَ بِهِ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ صَرِيحٌ فِي هَذَا، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سعد، فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي» ؛ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ، وَلَا نَهَاهُ عَنْ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمٌ مُلْزِمٌ، وَكَذَلِكَ فَتْوَاهُ حُكْمٌ عَامٌّ لِلْأُمَّةِ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَتْلِهِ ، لَكَانَ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْهُ بِأَنَّ دَمَهُ هَدَرٌ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ وَبَاطِنِهِ، وَوَقَعَتِ الْمَفْسَدَةُ الَّتِي دَرَأَهَا اللَّهُ بِالْقِصَاصِ، وَتَهَالَكَ النَّاسُ فِي قَتْلِ مَنْ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ فِي دُورِهِمْ ، وَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَهُمْ عَلَى حَرِيمِهِمْ، فَسَدَّ الذَّرِيعَةَ، وَحَمَى الْمَفْسَدَةَ ، وَصَانَ الدِّمَاءَ .
    وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ، وَيُقَادُ بِهِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ، فَلَمَّا حَلَفَ سعد أَنَّهُ يَقْتُلُهُ ، وَلَا يَنْتَظِرُ بِهِ الشُّهُودَ : عَجِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرَتِهِ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ غَيُورٌ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَشَدُّ غَيْرَةً، وَهَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:
    أَحَدُهُمَا: إِقْرَارُهُ وَسُكُوتُهُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ سعد : أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَنَهْيُهُ عَنْ قَتْلِهِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ، وَلَا يُنَاقِضُ أَوَّلُ الْحَدِيثِ آخِرَهُ.
    وَالثَّانِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ كَالْمُنْكِرِ عَلَى سعد، فَقَالَ: (أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ ) ، يَعْنِي: أَنَا أَنْهَاهُ عَنْ قَتْلِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: بَلَى وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَنِ الْحَامِلِ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْمُخَالَفَةِ، وَأَنَّهُ شِدَّةُ غَيْرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي ؛ وَقَدْ شَرَعَ إِقَامَةَ الشُّهَدَاءِ الْأَرْبَعَةِ ، مَعَ شِدَّةِ غَيْرَتِهِ سُبْحَانَهُ، فَهِيَ مَقْرُونَةٌ بِحِكْمَةٍ وَمَصْلَحَةٍ ، وَرَحْمَةٍ وَإِحْسَانٍ ؛ فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مَعَ شِدَّةِ غَيْرَتِهِ : أَعْلَمُ بِمَصَالِحِ عِبَادِهِ، وَمَا شَرَعَهُ لَهُمْ مِنْ إِقَامَةِ الشُّهُودِ الْأَرْبَعَةِ دُونَ الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْقَتْلِ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْ سعد وَقَدْ نَهَيْتُهُ عَنْ قَتْلِهِ، وَقَدْ يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ الْأَلْيَقُ بِكَلَامِهِ وَسِيَاقِ الْقِصَّة" انتهى باختصار
    والله أعلم.



    الإسلام سؤال وجواب
    https://islamqa.info/ar/210493
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    قول الشيخ في قصة سعد رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له (لنقتلنك )
    أي لو قتلت الرجل , هذا القول غير موجود في الصحيحين , لا في حديث أبي هريرة ولا في حديث المغيرة
    فرواية أبي هريرة عند مسلم
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ وَجَدْتُ مَعَ أَهْلِي رَجُلًا لَمْ أَمَسَّهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ»، قَالَ: كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ كُنْتُ لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ، إِنَّهُ لَغَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي»))

    فلم ينعته الا بصفات المدح و لم يتوعده بالقتل
    والرواية الأخرى المتفق عليها بين الشيخين
    عَنْ وَرَّادٍ، كَاتِبِ المُغِيرَةِ عَنِ المُغِيرَةِ، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، وَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ،..))
    فهو لم يواجهه واتما بلغ قوله , ويحتمل أن سعدا قال ذلك ابتداء ثم ذهب الى النبي عليه الصلاة والسلام فقاله بين يديه
    وهل يقتل القاتل الذي قتل من وجده مع امرأته ؟
    المسألة فيها خلاف وتفصيل
    قال ابن حجر (وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ هُدِرَ دَمُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ قَتْلُ الرَّجُلِ إِنْ كَانَ ثَيِّبًا وَعَلِمَ أَنَّهُ نَالَ مِنْهَا مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَلَكِنْ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَوَدُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى هَانِئِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُمَا فَكَتَبَ عُمَرُ كِتَابًا فِي الْعَلَانِيَةِ أَنْ يُقِيدُوهُ بِهِ وَكِتَابًا فِي السِّرِّ أَنْ يُعْطُوهُ الدِّيَةَ وَقَالَ بن الْمُنْذِرِ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفَةً وَعَامَّةُ أَسَانِيدِهَا مُنْقَطِعَةٌ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ فَقَالَ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَإِلَّا فَلْيُغَطَّ بِرُمَّتِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَلَا نَعْلَمُ لِعَلِيٍّ مُخَالِفًا فِي ذَلِك
    )) انتهى

    وفتوى علي بن أبي طالب رواها مالك في الموطأ

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    وَالثَّانِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ كَالْمُنْكِرِ عَلَى سعد، فَقَالَ: (أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ ) ، يَعْنِي: أَنَا أَنْهَاهُ عَنْ قَتْلِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: بَلَى وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ
    هذا الاحتمال الذي ذكروه بعيد , والأول أقرب منه
    فليس في كلامه عليه السلام أي انكار بل هو مدح لهذه الصفة التي تشبع بها سيدهم , فلما تعجبوا من شدة غيرته التي ستدفعه دفعا الى قتل هذا الرجل , أخبرهم أن غيرته هو أشد من غيرة سعد ,
    وأن غيرة المولى أشد من أشد غيرة عند المخلوق
    وهم في أول كلامهم قد أقروا أن هذه صفة مدح .
    وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ لَمَا أَقَرَّهُ عَلَى هَذَا الْحَلِفِ، وَلَمَا أَثْنَى عَلَى غَيْرَتِهِ، وَلَقَالَ: لَوْ قَتَلْتَهُ قُتِلْتَ بِهِ.
    فكيف يثني على غيرته ثم هو بعد ذلك ينكر مقتضياتها ومسبباتها التي تنتج عنها لزاما وحتما

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •