وفي خلال قيامي بخدمة الكتاب دونت بعض المسائل التي أرجو أن يستفيد منها طلاب العلم، وهي:
1- ينبغي الاجتهاد والصبر على البحث لتعيين الرواة، ومن أمثلة ذلك الحديث رقم (186): قال المعلق على نسخة ابن رجب عن أبي حريز: هو عبد الله بن الحسين الأزدي البصري، ووافقه الدكتور الونيان، وبالبحث عن طرق الحديث وجدته قد جاء مسمى عند ابن عساكر: سهل مولى المغيرة.
وفي الحديث رقم (340): العباس بن الفضل قال الدكتور الونيان: أبو عثمان الأزرق، وسكت عنه المعلق على نسخة ابن رجب، وبعد البحث تبين أنه العباس بن الفضل أبو الفضل البصري الأنصاري الواقفي.
وفي إسناد الحديث نفسه: عن القاسم، فقال المعلق على نسخة ابن رجب: هو ابن عبد الواحد بن أيمن المكي، وقال الدكتور الونيان: لعله: ابن محمد بن أبي بكر، وبعد البحث تبين أنه ابن عبد الرحمن الأنصاري، كما جاء مصرحًا به في العظمة للمصنف برقم (1271)، وعند الخطيب في المتفق والمفترق (1335).
وفي إسناد الحديث نفسه أيضًا أبو حازم شيخ القاسم قال المعلق على نسخة ابن رجب: سلمة بن دينار لا رواية له عن ابن عباس، وقال الدكتور الونيان: سلمان الأشجعي، وبعد البحث وجدنا الدارقطني يقول في سؤالات السلمي (441): أبو حازم: نبتل يحدث عن ابن عباس، وكذا قال غيره من الأئمة، وعند ابن خزيمة في صحيحه في الحج (2792) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري حدثني القاسم بن عبد الرحمن ثنا أبو حازم، وهو نبتل (تصحف في المطبوع إلى نبتك) مولى ابن عباس عن ابن عباس فذكر حديثًا.
ونبتل وثقه أحمد كما في العلل (3606).
ومن أمثلة ذلك أيضًا الحديث (346) في إسناده أبو عبيد الحمصي قال المعلق على نسخة ابن رجب: لم أعرفه، وقال الدكتور الونيان: لم أجده، وقال: الإسناد ضعيف، لجهالة حال أبي عبيدة [كذا] الحمصي، وقال شيخنا الألباني في الإرواء (3/302): اسمه محمد بن حفص الوصابي، ضعفه ابن منده وغيره.
وبالبحث تبين أنه خالد بن يحيى بن أبي قرة كما جاء مسمى عند البزار (7112)، وابن عدي (3/9)، والدارقطني في الأفراد كما في الأطراف (1021)، والجوزقاني في الصحاح والمشاهير (643)، وابن عساكر (4/128- 129).
وقال ابن عدي في خالد بن يحيى: أرجو أنه لا بأس به، لأني لم أر في حديثه متنًا منكرًا، وعليه فالإسناد حسن.
2- الحذر من العجلة في تعيين الرواة لئلا تؤدي إلى الطعن في الأسانيد، فمن الأمثلة على ذلك: قال الدكتور الونيان في الحديث رقم (365)، وهو عنده (357):
الفضل بن زياد لم أجده، وقال: محمد بن يزيد هو الكوفي الرفاعي، ونقل قول ابن حجر فيه: ليس بالقوي، ثم قال: الإسناد ضعيف لجهالة حال فضل بن زياد الواسطي، ولأن محمد بن يزيد ضعيف.
قلت: أما الفضل بن زياد فقد وثقه أبو زرعة الرازي ومحمد بن يزيد الواسطي.
وأما محمد بن يزيد فليس بالكوفي الرفاعي، بل هو الكلاعي الواسطي قال ابن حجر في التقريب: ثقة ثبت عابد، وبقية رجال الإسناد ثقات، فصح الإسناد.
ومن ذلك: قال المعلق على نسخة ابن رجب (403): إسناده ضعيف جدًّا، محمد بن خالد بن خلي هو محمد بن خالد الختلي، قال ابن الجوزي عنه: كذبوه.
قلت: ليس به، ولو فتح تقريب التهذيب لوجد فيه: محمد بن خالد بن خلي صدوق، فما هذا؟!!!
ومن ذلك الحديث رقم (369)، وهو عند الدكتور الونيان رقم (361) قال: زهير هو ابن محمد التميمي، وقال: الحديث ضعيف بهذا الإسناد، لأن فيه زهير بن محمد ضعيف.
قلت: أورده أبو القاسم البغوي في الجعديات (2668) في حديث زهير بن معاوية، وأخرجه ابن عساكر (4/122) من طريقه مسمى بزهير بن معاوية، وهو ثقة من رجال البخاري ومسلم، ثم إن زهير بن محمد ضعيف في رواية الشاميين عنه، وثقة في غيرهم.
3- البحث والتنقيب حتى لا يقع الطعن في الأسانيد بعلل غير حقيقية، فمن ذلك:
في الحديث (214) رواه المصنف من طريق حميد عن أنس قال: كان النبي ق إذا مشى كأنه يتوكأ.
قال الأستاذ حسين سليم أسد في تعليقه على مسند أبي يعلى (3761):
إسناده ضعيف، حميد مدلس، وقد عنعن، والحديث عند الدكتور الونيان برقم (209)، وقد قال: الإسناد ضعيف، لأن حميدًا مدلس، ولم يصرح بالسماع.
قلت: قد صرح حميد بالسماع عند البيهقي في دلائل النبوة (1/204)، وابن عساكر (3/157)، وقد توبع حميد، تابعه ثابت البناني عند مسلم (2330).
ومن ذلك أيضًا: قال المعلق على نسخة ابن رجب - الحديث رقم (335): إسناد المصنف فيه ضعف، العباس بن محمد بن المجاشع شيخ المصنف قال عنه ابن القطان: لا يعرف.
قلت: إن لم يعرفه ابن القطان فقد عرفه أهل بلده، فقد ترجم له أبو الشيخ في طبقات الأصبهانيين (495)، وقال: شيخ ثقة، وكذا قال أبو نعيم في تاريخه (1232)، ونقل الذهبي قوله في تاريخه، وأقره.
ومن ذلك أيضًا الحديث (159)، وهو عند الدكتور الونيان (156) قال: الإسناد ضعيف، لأن حميدًا مدلس، وقد عنعن.
قلت: هذه علة مردودة نشأت من عدم البحث عن طرق الحديث، فالحديث أخرجه البخاري (2481)، وعنده تصريح حميد بالتحديث.
ثم إن ثابتًا تابعه عند المصنف، فتضعيفه للإسناد مع ذلك عجيب.
4- الانتباه عند تعيين الراوي إلى احتمال نسبته لجده، فمن الأمثلة على ذلك:
الحديث رقم (769): قال المعلق على نسخة ابن رجب: محمد بن موسى لم يتبين لي تعيينه، وهو عند الدكتور الونيان برقم (760)، وقال: هو محمد بن موسى بن نفيع الحرشي.
قلت: هو محمد بن يونس بن موسى الكديمي، نسب لجده، وقد جاء مسمى عند تمام الرازي في الفوائد (886)، ومنسوبًا عند أبي نعيم في الحلية (3/346)، بـ «محمد بن يونس الكديمي».
ومن ذلك ما وقع في الحديث (782)، وعند الدكتور الونيان برقم (773): عبد الرحمن بن تميم قال الدكتور: عبد الرحمن بن تميم هو ابن حذلم الضبي أبو الخير، وجهَّله المعلق على نسخة ابن رجب، وهو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم نسب لجده، وهو معروف بالضعف.
ومن ذلك أيضًا ما وقع في الحديث (785): أبو بكر بن راشد سكت عنه المعلق على نسخة ابن رجب، وقال الدكتور الونيان: أبو بكر بن راشد لم أجده، ثم قال: الإسناد ضعيف، لأن فيه أبو بكر [كذا] بن راشد مجهول الحال.
قلت: هو محمد بن أحمد بن راشد بن معدان أبو بكر، نسبه المصنف لجده، وقد قال عنه في الطبقات: كان محدثًا ابن محدث، كثير التصنيف، وقال نحوه أبو نعيم، وقال الذهبي في السير: الإمام الحافظ المصنف، ثم هل كل من لم يجده الدكتور يكون مجهولًا؟!.
ومن ذلك أيضًا الحديث (583): قال المعلق على نسخة ابن رجب: عبيد ابن شريك لم أعرفه.
قلت: هو عبيد بن عبد الواحد بن شريك البزار، نسب لجده، ترجم له الخطيب في تاريخه، وقال: قال الدارقطني: هو صدوق، وقال السمعاني في الأنساب (1/155): وكان ثقة.
5- ينبغي البحث والتنقيب والنظر في احتمال وقوع التصحيف:
* فمن ذلك: ما سبق في الحديث رقم (574) حيث قال المعلق على نسخة ابن رجب: عبد الرحمن بن يحيى المعافري لم أجده، وهو عند الدكتور الونيان (565)، وقال: عبد الرحمن بن يحيى المعافري لم أعثر على ترجمته، وقال: الإسناد ضعيف، لجهالة حال عبد الرحمن المعافري.
فهل إذا لم يجده يكون مجهولًا، ويضعف الإسناد بذلك؟
وقد سبق أنه مصحف، وأن صوابه: عبد الله بن يحيى المعافري كما وقع عند البخاري (4837).
* ومن ذلك: الحديث (349): وقع في الإسناد محمد بن إسحاق، فقال الدكتور الونيان: الإسناد ضعيف، لأن محمد بن إسحاق مدلس، كثير التدليس، ولم يصرح بالسماع.
وأعل الإسناد بذلك أيضًا المعلق على نسخة ابن رجب.
والصحيح أن محمد بن إسحاق مصحف من عبد الرحمن بن إسحاق، فقد جاء على الصواب في المعجم الأوسط للطبراني (4539)، وفي أخبار أصبهان لأبي نعيم (2/54) رقم (1064).
* ومن ذلك أيضًا الحديث (403): وقع فيه: يزيد بن ذي حماية عن إبراهيم ابن عبد الحميد، فسكت عنه المعلق على نسخة ابن رجب، فلم يقل شيئًا.
وقال الدكتور الونيان: يزيد بن ذي حماية لم أعثر على ترجمته.
قلت: لم يعثر على ترجمته؛ لأنه مصحف، وصوابه: إبراهيم بن عبد الحميد ابن ذي حماية، فهو الذي يروي عن عبد الملك بن عمير، ويروي عنه بقية، وتأكد ما قلته بوقوعه على الصواب في معجم الشاميين للطبراني (2485).
وإبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية قال أبو زرعة الرازي: يشبه أن يكون حمصيًّا، ما به بأس، وقال الطبراني في المعجم الصغير (2): كان من ثقات المسلمين، وقال ابن حبان في الثقات: من فقهاء أهل الشام، كان على قضاء أهل حمص، وأورده في مشاهير علماء الأمصار (1437)، وقال: من فقهاء أهل الشام وصالحيهم.
* ومن ذلك أيضًا الحديث (775): وقع عبد الرحمن بن خالد أبو معاوية الحمصي، فسكت عنه المعلق على نسخة ابن رجب، فلم يقل شيئًا، وقال الونيان (766): عبد الرحمن بن خالد أبو معاوية الحمصي لم أجده، وقال: الإسناد ضعيف، لجهالة حال أبي معاوية الحمصي.
قلت: لم يجده؛ لأنه مصحف، وصوابه: عبد الرحمن بن خلف، كما وقع في عامة كتب الرواة.
* ومن ذلك أيضًا الحديث (795): وقع فيه: زيد بن إسماعيل بن سنان، فسكت عنه المعلق على نسخة ابن رجب، فلم يقل شيئًا، وقال الدكتور الونيان (786): زيد بن إسماعيل بن سنان لم أجده، وقال: الإسناد ضعيف، لجهالة حال زيد بن إسماعيل.
وأقول: ما ذنب هذا الراوي حتى يصير مجهولًا؟!
لقد تصحف، وصوابه: زيد بن إسماعيل بن سيار، وهو ابن مهدي أبو الحسن الصائغ، وقد روى عنه جماعة كما في تاريخ بغداد (4559)، وقال أبو حاتم: محله الصدق.
* ومن ذلك أيضًا الحديث (604): عبد الحكم قال: رآني عبد الله بن جعفر... الحديث.
فقال المعلق على نسخة ابن رجب: عبد الحكم، والراوي عنه وأبو رجاء لم يتبين لي تعيينهم، وقال الدكتور الونيان (595): عبد الحكم، لعله عبد الحكم ابن عبد الله القسملي البصري.
قلت: ليس به، بل هو مصحف من عبد الحكيم، وهو ابن صهيب كما جاء مسمى عند الطبراني في الكبير (3163).
* ومن ذلك أيضًا الحديث (650): حيث وقع في النسخ المطبوعة كلها، وكذلك في مصنف ابن أبي شيبة، وشعب الإيمان للبيهقي، وشرح السنة، والأنوار في شمائل النبي المختار في طبعات هذه الكتب التي وقفت عليها: أبي جبير عن أبي هريرة.
وسكت المعلق على نسخة ابن رجب فلم يقل شيئًا، وقال الدكتور الونيان: لعله سعيد بن جبير.
قلت: هو مصحف من أبي حبيش كما جاء مضبوطًا في المؤتلف والمختلف للدارقطني، وفي الإكمال لابن ماكولا، وفتح الباب لابن منده، وغيرها من كتب المؤتلف والمختلف.
* وأختم هذه المسألة بمثال فكاهي، وإن كان التصحيف في المتن، وهو ما وقع في الحديث (599) قال المصنف: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الملك نا المخرمي نا محمد بن جعفر نا عباد عن حميد عن أنس قال: كان أحب الطعام إلى رسول الله ق الثفل.
قال المعلق على نسخة ابن رجب: في إسناده من لم يتبين لي تعيينه، وهو محمد بن جعفر.
قلت: قد تعين في مسند أحمد (13300) حيث جاء منسوبًا، وهو أبو جعفر المدائني، وهو من رجال مسلم، وللحديث علة بينتها في موضعها.
والثفل هو الدقيق، وقيل: الثريد، وقد تصحف في النسخ المطبوعة غير الونيان إلى البقل، فقال المعلق على نسخة ابن رجب: الحديث يمكن أن يضعف بوجه قوي، وذلك لما ثبت من كراهة النبي ق للثوم والبصل ونحوهما.
قلت: وبعد ظهور التصحيف يتبين مدى قوة هذا الوجه!!
6- ينبغي ضبط النص بمراجعة المصادر التي وقع فيها الحديث، ولا يركن الباحث إلى المخطوطات وحدها، فهي مع أهميتها قد يقع فيها التصحيف أيضًا، فمن ذلك:
* ما وقع في الحديث (101): يحيى بن محمد بن حكيم، كذا وقع في كل النسخ المطبوعة، وكذلك وجدته في مخطوطة الأسكوريال، وقد سكت عنه المعلق على نسخة ابن رجب، فلم يقل شيئًا، وقال الدكتور الونيان (99): لم أعثر على ترجمته.
وبعد مراجعة المصادر الأخرى تبين أنه قد سقطت كلمة (أبي) منه، فهو يحيى بن محمد بن أبي حكيم، ولم أجد له ترجمة بهذا الاسم أيضًا، وبمراجعة المصادر الأخرى تبين أن اسمه يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ، وذلك بالجمع بين الحديث (30) في البحر الزخار للبزار، وهو عند الطبراني في الكبير برقم (45) باسم: يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ، فتعين أن هذا اسمه، وهو مترجم له في تهذيب الكمال وفروعه، وقد قال عنه البزار في ذلك الموضع: يحيى ابن محمد بن أبي حكيم، رجل من أهل المدينة، ليس به بأس، وقد فات كلام البزار فيه المزي، وابن حجر وغيرهما، وكذلك الأخ محمد بن طلعت في تذييله، والسبب في ذلك - والله أعلم - عدم العلم بأن يحيى بن محمد بن أبي حكيم هو يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ.
* ومن ذلك ما وقع في الحديث (143)، وهو في الونيان (141): تحرف اسم أحمد بن عبد الله بن زياد إلى أحمد بن عبيد الله بن زياد، في المخطوطة والنسخ المطبوعة كلها، وكذلك تبعه الأخ نايف المنصوري في بلوغ الأماني، والأخ شريف التشادي في شيوخ أحمد بن محمد بن يعقوب، وجاء اسمه على الصواب في تاريخ بغداد (4/217)، وفي تاريخ الإسلام للذهبي، وفي الثقات لابن قطلوبغا، وعامة المصادر.
* ومن ذلك ما وقع في الحديث (131)، وعند الونيان (129): وقع في نسخة الأسكوريال: (وهو مغذ) بالغين والذال المعجمتين، وقد اعتمدها كل أصحاب النسخ المطبوعة، لكن قال الدكتور الونيان: في (ت): معه، فرجعت إلى مصادر الحديث، فإذا هو قد وقع في كتاب العيال لابن أبي الدنيا (280)، والفوائد لتمام الرازي (1329): وهو معه.
ووقع في تاريخ بغداد (3/391): وأنا معه.
وفي الغيلانيات (775)، والحلية لأبي نعيم (8/316): وهو معهم، وقد رووه من طريق علي بن الجعد به، وهو الذي يتفق مع سياق الحديث.
7- ينبغي البحث والتنقيب؛ للوقوف على السقط، أو الزيادة، فمن ذلك: الحديث رقم (257) وقع في نسخة ابن رجب: عن عمر بن أبان، فقال المعلق: عمر بن أبان مجهول، لا يعرف، وقد سقط منه (عبد الله بن)، فهو عبد الله بن عمر بن أبان، وهو موجود على الصواب في مسند شيخ المصنف (أبي يعلى) في الحديث برقم (1082)، وكذا في كتاب الأنوار في شمائل النبي المختار للبغوي من طريق المصنف.
وقال الدكتور الونيان في الإسناد نفسه: إسحاق بن إبراهيم البزار لم أعثر على ترجمته، ثم قال: الإسناد ضعيف، لجهالة حال إسحاق بن أحمد البزار [كذا].
وأقول: إذا لم يعرف الباحث الراوي أيسوغ له الحكم عليه بالجهالة؟
وقد قال أبو الشيخ في الطبقات (526): شيخ صدوق، صاحب أصول من المعمرين، وقال الذهبي في النبلاء: الشيخ الثقة المعمر.
* ومن ذلك أيضًا ما وقع في الحديث (262) فقد وقع اسم شيخ المصنف: أحمد بن محمد بن موسى، الأنصاري، فقال المعلق على نسخة ابن رجب: وفي هذا الإسناد من لم أعرفه، وقال الدكتور الونيان: أحمد بن محمد بن موسى الأنصاري لم أعثر على ترجمته.
وقال الأخ نايف المنصوري في شيوخ أبي الشيخ (1/249): الصواب أن أحمد زائدة، وأنه محمد بن موسى الأنصاري كما في تاريخ بغداد.
قلت: هذا خطأ، والصواب أن (محمد) هي الزائدة كما في تاريخ بغداد، ووقع كذلك عند السمعاني في أدب الإملاء والاستملاء برقم (65) حيث أخرجه من طريق المصنف ثنا أحمد بن موسى الأنصاري، وقد وثقه الخطيب، وأبوه هو موسى بن إسحاق قال الذهبي في السير: الإمام العلامة القدوة المقرئ القاضي، وجده إسحاق بن موسى الخطمي قال في التقريب: ثقة متقن.
وقال الدكتور الونيان: محمد بن موسى الأنصاري لم أعثر على ترجمته.
8- ينبغي البحث والتنقيب لتصحيح الأخطاء، وإن كانت لكبار الأئمة، وهذا يعني مراجعة الأقوال جميعًا، وعدم الاسترواح لقول أحدٍ، وإن كان كبيرًا، فمن ذلك:
* ما وقع في الحديث رقم (52): أخبرنا أبو يعلى نا موسى بن عبد الرحمن السَّلْعِي .. الحديث.
قلت: أخرجه أبو يعلى (2992)، فقال الأستاذ حسين سليم أسد في تحقيق مسند أبي يعلى: لم أعرفه، وسكت عنه المعلق على نسخة ابن رجب، فلم يقل شيئًا، وقال الدكتور الونيان (50): موسى بن عبد الرحمن السلعي لم أعثر على ترجمته.
قلت: قد نسب لجده، فهو موسى بن عبد الله بن عبد الرحمن السلعي.
وقد جاء في إسناد حديث عند الحاكم (3/61)، فقال الذهبي: موسى بن عبد الله السلمي لا أدري من هو؟ ونقله عنه ابن حجر في اللسان، وأقره.
وقد جاء اسمه تامًّا في السنة للخلال (2008): وحدثني أبو عمران موسى ابن عبد الله بن عبد الرحمن السلمي، صاحب السلعة، وذكره ابن أبي حاتم راويًا عن الأبح، وترجم له ابن نقطة في تكملة الإكمال (3317).
والعجب أن الذهبي / ترجم له في تاريخ الإسلام، فقال: موسى بن عبد الله بن عبد الرحمن السلمي البصري الأسلع عن عمر بن سعيد الأبح، وعنه أبو زرعة، وأبو يعلى، وأحمد بن علي بن سعيد الرازي المروزي القاضي، وذكره ابن حجر / في التبصير (2/739)، فدل على أن قولهما الأول كان غفلة منهما.
* ومن ذلك الحديث رقم (363): أخبرنا أبو خليفة، نا أبي، نا عرعرة بن البرند، عن عزرة بن ثابتٍ، عن ثمامة، عن أنسٍ قال: كان فص خاتم النبي ق حبشيًّا، وكان مكتوبًا عليه: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، لا إله إلا الله سطر، ومحمد سطر، ورسول الله سطر.
قال ابن حجر / في فتح الباري (10/329): عرعرة ضعفه ابن المديني، وزيادته هذه (يعني زيادة كتابة لا إله إلا الله في خاتم النبي ق ) شاذة، ونقله المعلق على نسخة ابن رجب، وأقره.
وأقول: أما تضعيف ابن المديني، فنقله عنه العقيلي، ويعارضه ما ذكره محمد بن عثمان بن أبي شيبة في سؤالاته لابن المديني عن عرعرة، فقال: كان ثقة، ثبتًا، وقال أحمد في سؤالات أبي داود له (522): ليس به بأس، ووثقه ابن معين أيضًا، فمثله لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن بحال.
ثم إن ابن حبان روى الحديث في صحيحه (5496)، (6393): أخبرنا أبو خليفة قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عرعرة بن البرند فذكره، ولم يذكر فيه هذه الزيادة، فبرئت عهدة عرعرة منها، وظهر أن الذي زادها هو أبو الشيخ /، وأن ابن حجر / وهم في تعصيبها برأس عرعرة بن البرند.
* ومن ذلك أيضًا: ما وقع في الحديث (364) حيث قال المعلق على نسخة ابن رجب عن معلى بن مهدي: قال العقيلي: إنه عندهم يكذب.
قلت: اعتمد في هذا على قول ابن حجر في اللسان: تقدم له ذكر في ترجمة إبراهيم بن باب من قول العقيلي: إنه عندهم يكذب.
وبالرجوع إلى ترجمة إبراهيم بن باب وجدنا ابن حجر نقل عن العقيلي قوله: وقد رواه معلى بن عبد الرحمن عن حماد، وكذلك وجدته في الضعفاء للعقيلي، ومعلى بن عبد الرحمن هو الواسطي، وهو غير معلى بن مهدي، فتبين وهم ابن حجر / فيما نقله عن العقيلي.
وقال الذهبي عن معلى بن مهدي في الميزان: قال أبو حاتم: يأتي أحيانًا بالمناكير، فقال الذهبي: هو من العباد الخيرة، صدوق في نفسه.
* ومن ذلك أيضًا: ما وقع في الحديث (577): حدثنا الفريابي نا عثمان بن أبي شيبة نا يحيى بن زكريا عن إبراهيم بن سويد النخعي نا عبد الملك بن أبي سليمان، فذكر الحديث.
قال المعلق على نسخة ابن رجب: إبراهيم بن سويد النخعي قال عنه الحافظ في التقريب: ثقة، لم يثبت أن النسائي ضعفه، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثقة متقن، وعزاه للإحسان بترتيب صحيح ابن حبان بتحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط برقم (620).
قلت: وهو تصحيف وقع في نسخ أخلاق النبي ق المطبوعة غير الونيان، وكذلك في الإحسان، حيث جعل يحيى بن زكريا راويًا عن إبراهيم بن سويد، وليس كذلك، بل هو يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن سويد النخعي.
وقد وقع هذا التصحيف في المستدرك (1/50) حيث وقع فيه: عثمان بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن زكريا، عن إبراهيم بن سويد النخعي، وكان ثقة، عن الحسن بن الحكم النخعي، عن أبي بردة قال: سمعت عبد الله بن يزيد يقول: سمعت رسول الله ق يقول: «عذاب أمتي في دنياها»، والظاهر أن هذا التصحيف وقع من الحاكم أو من دونه؛ لأن مغلطاي أورد هذا الحديث في ترجمة إبراهيم بن سويد النخعي في إكمال تهذيب الكمال، ولم يتنبه / لهذا التصحيف، فإن إبراهيم بن سويد ليس من رجال الإسناد، وإنما هو من رواية يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن سويد النخعي، هكذا وقع على الصواب في المعجم الأوسط للطبراني (7164)، وفي المعجم الصغير (876)، وفي المجروحين لابن حبان (1/278)، ويتأكد التصحيف بكون أبي حاتم ذكر الحسن بن الحكم في شيوخ يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن سويد، وذكر عثمان ابن أبي شيبة في الرواة عنه، ولم يتنبه لهذا التصحيف أيضًا المعلقان على الإكمال، والشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على الإحسان.
* ومن ذلك أيضًا: ما وقع في الحديث (653): قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/309): رواه أبو يعلى والطبراني، وفي إسنادهما محمد بن زياد البرجمي، وهو اليشكري، وهو كذاب، وتبعه الأستاذ حسين سليم أسد، وحمدي السلفي، والمعلق على نسخة ابن رجب، والدكتور الونيان، وهو خطأ منهم جميعًا.
قال الذهبي في الميزان: محمد بن زياد السلمي، ومحمد بن زياد الأنصاري، ومحمد بن زياد البرجمي مجهولون، فتعقبه ابن حجر في اللسان بقوله: الأخيران ذكرهما ابن حبان في الثقات، فقال في الأخير: روى عنه البصريون، ثم قال: قال عبدان: سألت الفضل بن سعد الأعرج، وابن إشكاب عن محمد بن زياد البرجمي، فقالا: هو من الثقات.
قلت: وعلى كل حال فالبرجمي غير اليشكري على خلاف ما قال الهيثمي، ومن تبعه، والله أعلم.
* ومن ذلك أيضًا: ما وقع في الحديث (114): قال المعلق على نسخة ابن رجب: حوثرة بن أشرس مجهول الحال.
وقال الدكتور الونيان (112): ذكره ابن حبان في الثقات، وذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وقد سبقهما الإمام الكبير ابن رجب الحنبلي / حيث قال في فتح الباري (5/456): حوثرة ضعيف، قاله ابن نقطة في تكملة الإكمال.
قلت: هذا وهم منه /، فإن ابن نقطة ترجم لحوثرة في تكملة الإكمال (4/274) رقم (4327)، فقال: حوثرة بن أشرس بن عون بن مجشر العدوي أبو عامر، حدث عن عقبة بن أبي الصهباء، وأبي عوانة، وحماد بن سلمة وغيرهم، ولم يزد على ذلك.
وقال الذهبي في تاريخه: ما علمت به بأسًا، وأورده في سير أعلام النبلاء (10/668)، وقال: المحدث، الصدوق، ما أعلم به بأسًا، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/51): حوثرة بن أشرس ثقة.
9- ينبغي البحث والتنقيب لاستدراك ما فات، وإن كان من أئمة كبارٍ، فمن ذلك:
* قال أبو الشيخ (388): أخبرنا أبو يعلى نا غسان بن الربيع عن ثابت بن يزيد عن التيمي قال: أخبرني من أبصر نعلي النبي ق أن له قبالين معقبين.
قال المعلق على نسخة ابن رجب: في إسناده ضعف، غسان بن الربيع قال عنه الدارقطني: ضعيف، وقال مرة: صالح، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان نبيلًا فاضلًا ورعًا، وقال الذهبي: كان صالحًا، ورعًا، ليس بحجة في الحديث.
والعجيب من الدكتور الونيان أنه نقل ما سبق، ثم قال: الإسناد ضعيف، لأن غسان بن الربيع لم يوثقه سوى ابن حبان.
وقد ضعف ابن الجوزي غسان لكلام الدارقطني.
وتعقب ابن حجر الذهبي في لسان الميزان بقوله: ذكره ابن حبان في الثقات، قال: كان نبيلًا، فاضلًا، ورعًا، وأخرج حديثه في صحيحه.
قلت: وفاتهم جميعًا - أعني: ابن الجوزي، والذهبي، وابن حجر - قول الخليلي في الإرشاد ص (195): ثقة، صالح، فأقل أحواله أن يكون حسن الحديث، وبقية رجال الإسناد ثقات، فالإسناد حسن.
- ومن ذلك أيضًا: الحديث رقم (587): حدثنا إسحاق بن أحمد نا عبد الله بن داود نا إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل قال: قام رسول الله ق بآية من القرآن، يكررها على نفسه.
وفي مسند أحمد (11593): حدثنا زيد بن الحباب أخبرني إسماعيل بن مسلم الناجي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري فذكره.
وقد وقع هكذا في كل نسخ المسند المطبوعة: إسماعيل بن مسلم الناجي.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/273): رواه أحمد، وفيه إسماعيل بن مسلم الناجي، ولم أجد من ترجمه، ولم يذكره الحسيني في الإكمال، ولا ابن حجر في تعجيل المنفعة، وقال المعلقون على نسخة الرسالة: فيه إسماعيل بن مسلم الناجي لم نظفر له بترجمة.
قلت: لم يجدوا له ترجمة؛ لأن كلمة (الناجي) وقعت بانتقال البصر، فالمنسوب بالناجي هو أبو المتوكل، وإسماعيل بن مسلم هو العبدي.
فقد رواه الترمذي (448)، وفي الشمائل (277)، والبغوي في شرح السنة (914)، وفي الأنوار (575) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن إسماعيل ابن مسلم العبدي عن أبي المتوكل الناجي عن عائشة به.
ويؤكد هذا الوهم أنا أبا داود قال لأحمد في سؤالاته (29):
قلت لأحمد: إسماعيل بن مسلم، كم هم؟
قال: ثلاثة، فذكرهم، ولم يذكر فيهم: إسماعيل بن مسلم الناجي، فكيف يخرج له، وهو لا يعرفه؟!
* ومن ذلك أيضًا: الحديث (397): أخرجه المصنف من طريق محمد بن القاسم نا عاصم بن عمر العمري عن أبيه عن ابن عمر فذكره.
قال المعلق على نسخة ابن رجب: محمد بن القاسم الظاهر أنه الكوفي الأسدي الملقب: كاو، وكذا قال الدكتور الونيان.
قلت: ليس كما قالا، بل هو محمد بن القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص ابن عاصم، فإن عاصم بن عمر عم أبي محمد بن القاسم، ولذا فإن محمدًا هذا أولى بأن يكون راويًا عن عم أبيه.
ثم إن الحاكم قال في معرفة علوم الحديث في النوع الثامن عشر: وأوهى أسانيد العمريين: محمد بن القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر عن أبيه عن جده، فإن محمدًا، والقاسم، وعبد الله لم يحتج بهم.
قلت: ومحمد بن القاسم هذا لم يذكره الذهبي في الميزان، ولا ابن حجر في لسانه، ولا العراقي في ذيله، وهو على شرطهم جميعًا.
* ومن ذلك أيضًا: الحديث (795): فيه مجاعة بن ثابت: ترجم له الخطيب في تاريخه، وقال: هو مجاعة بن أبي مجاعة الخراساني قال أبو عبد الله (يعني: أحمد بن حنبل): لم يكن به بأس، وقال أبو زكريا (يعني: ابن معين): كذاب، ليس بشيء، وساق ابن عدي حديثًا في ترجمة ابن لهيعة عنه، ثم قال: هذا الحديث أُتي فيه من مجاعة، لا من ابن لهيعة، وأورده الذهبي في الضعفاء، وقال: ليس بثقة، اتهمه ابن عدي.
قلت: ومع ذلك فقد فاته إيراده في الميزان، وكذلك العراقي في ذيله، وابن حجر في لسانه، وهو على شرطهم جميعًا.
وسكت عنه المعلق على نسخة ابن رجب، وضعف هو والدكتور الونيان الإسناد بابن لهيعة، والأولى أن يضعفاه به، كما فعل ابن عدي، والله أعلم.

10- ينبغي البحث والتنقيب عن طرق الحديث ومخارجه لمعرفة علله، فمن ذلك:
* الحديث رقم (750): أخرجه المنصف من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عمر بن أبي سلمة عن أم سلمة أن النبي ق لما تزوجها، فأراد أن يدخل عليها سلم.
قال المعلق على نسخة ابن رجب: حسن الإسناد، ولم يعزه لأي مصدر.
وقال الدكتور الونيان (741): الإسناد حسن، ولم أعثر على من خرجه.
قلت: رواه أبو يعلى (6908)، وابن الجارود (706)، وغيرهما من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت عن ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أمه به.
ورواه أحمد (26670): حدثنا عفان حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت قال: حدثني عمر بن أبي سلمة، فقال: مرسل.
ورواه أبو داود (3119)، والنسائي (6/81-82)، وأحمد (126529)، (26669)، (26697)، وغيرهم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أم سلمة بقصة زواجها من النبي ق.
قال أبو زرعة وأبو حاتم كما في العلل لابن أبي حاتم (1211) عن رواية حماد بن سلمة: وهذا أصح الحديثين، زاد فيه رجلًا، وقال الدارقطني في علله (3961): وقول حماد بن سلمة أشبهها بالصواب.
وابن عمر بن أبي سلمة قال أبو حاتم: لا أعرفه، وقال الذهبي: لا يعرف.
* ومن ذلك أيضًا: الحديث رقم (712): رواه المصنف من طريق عتيق بن يعقوب المدني نا عبد العزيز بن محمد عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال: كان رسول الله ق إذا شرب تنفس ثلاثًا.
قال المعلق على نسخة ابن رجب: حسن، وقال الدكتور الونيان: الإسناد ضعيف، لأن عتيق [كذا] لم يوثقه أحد.
قلت: عتيق وثقه الدارقطني كما في لسان الميزان.
وقال أبو حاتم كما في العلل لابنه (2389): هذا حديث منكر، فهذه علته.
* ومن ذلك أيضًا: الحديث رقم (70): أخرجه المصنف من طريق محمد ابن عمر بن علي نا معاذ بن هشام نا أبي عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي ق كان أشد حياء من العذراء.
قال المعلق على نسخة ابن رجب: صحيح، ولم يعزه لأي مصدر.
وقال الدكتور الونيان (68): ضعيف بهذا الإسناد؛ لأن فيه قتادة مدلس، ولم يصرح بالسماع، ولم يعزه إلا للبزار.
وأقول: ليست هذه بعلة، فقد رواه المصنف (65) من طريق شعبة عن قتادة قال: سمعت عبد الله بن أبي عتبة يقول: سمعت أبا سعيد فذكره.
قال الدارقطني في علله (2536): المحفوظ: عن قتادة عن عبد الله بن أبي عتبة مولى أنس عن أبي سعيد الخدري.
قلت: فهو صحيح من حديث أبي سعيد، ومعل من حديث أنس.
* ومن ذلك أيضًا: الحديث رقم (770): رواه المصنف من طريق أبي معشر زياد بن كليب عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة فذكره.
قال المعلق على نسخة ابن رجب: صحيح الإسناد، وضعف إسناده الدكتور الونيان بما لا يصلح أن يضعف به، وعلته ما رواه أحمد (26284)، والبيهقي (1/113) من طريق ابن أبي عدي عن سعيد عن رجل عن أبي معشر عن إبراهيم عن عائشة به.
قال الدارقطني في علله (3627): رواه زهير بن معاوية عن الأعمش قال: سمعتهم يذكرون عن مسروق عن عائشة، وذكر الاختلاف، ثم قال: وأشبهها بالصواب قول زهير بن معاوية عن الأعمش، وقول ابن أبي عدي عن سعيد.
يعني: مع وجود المبهمين في إسناده.
11- كثرة المراجعة والحذر من الغفلة التي لا يسلم منها كبير أحد: فلقد كنت أحيانًا يشكل عليَّ تعيين راوٍ، فأظل أبحث عنه إلى أن يُغلق عليَّ ذهني، فأبادر بالنوم، ولما أهتد إليه بعد، فيظل يعرض لي حال محاولتي النوم، ثم أقوم، فأعاود البحث، فأحيانًا يفتح الله ﻷ عليَّ فيه بأيسر السبل التي غابت عني قبل ذلك، فمن ذلك أنني بحثت طويلًا عن أبي الحارث الوراق في الحديث رقم (815)، وقد سكت عنه المعلق على نسخة ابن رجب، وقال عنه الدكتور الونيان: لم أجده، ومع أن مظنة الوصول إلى هذا الراوي وأشباهه كتب الكنى، ومع وضوح هذا الأمر للمبتدئ في هذا العلم الشريف، إلا أني غفلت عنه، وبحثت عنه طويلًا، وأتعبت نفسي كثيرًا دون جدوى، فلما أعدت البحث عنه في اليوم الثاني انتبهت لما كنت عنه غافلًا قبل ذلك، فلما رجعت إلى كتب الأسامي والكنى إذا بي أجده، وإذا هو نصر بن حماد، وهو مشهور باسمه، فاستفدت من ذلك أنه لا بد من معاودة ترتيب أفكاري كل حين، وتأكد أن الإنسان مهما أتعب نفسه، فإن عمله لا يخلو من الغفلة والنقص، وهذه هي طبيعة البشر، فقد قال سيدهم ق: «إنما أنا بشر أنسى كما تنسون»، وقبل كل شيء فإن المرء لا يوفق لشيء إلا بتوفيق الله ﻷ، ولقد ذكَّرني ذلك بقول عبد الرحمن بن مهدي: لأن أعرف علة الحديث هو عندي أحب إليَّ من أن أكتب عشرين حديثًا، ليس عندي().
هذا وإنني قد اجتهدت في ضبط نصوص الكتاب بمقابلة الأحاديث على المصادر الأخرى، وقد حصلت على نسخة مخطوطة للكتاب، وهي مصورة من نسخة الأسكوريال، وقد رمزت لها بالرمز «س».
وهذه المخطوطة وإن كان الظاهر أن الذي كتبها شيعي لكونه يغير فيها أسماء الصحابة الذين تبغضهم الشيعة، فيغير أبا هريرة إلى أبي ذر، وعائشة إلى فاطمة أو خديجة، إلا أن التغيير واضح من فعله، وهي نافعة، والحمد لله.
وقد قمت بالمقابلة على نسخة الدكتور الونيان، فإنه نسخها من نسخة الأسكوريال، وقابلها على النسخة التركية، وبالله التوفيق.
وقد اجتهدت في خدمة الكتاب على قدر الاستطاعة، فما كان فيه من صواب فمن الله ﻷ، وما كان من خطأ أو تقصير فمني، وأسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

وكتب
أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين