تحديد المعوقات التي تقف في طريق العمل من أجل الإسلام تختلف فيه الأنظار كثيرًا، وقد اجتهدت في رصد أهمها وأخطرها، فوجدتها ترجع إلى سبع معوقات:
الأول: العدو المتربص:
والمراد به: أن العدو المنتصر علينا لم يترك الأمة في حالها، وإنما تربص بها وأخذ يراقب كل تحرك فيها، وحرص على دراسة تفاصيل ما يكون في الواقع الإسلامي من مؤثرات، وقدم حولها مقترحات ومرئيات.
الثاني: المنافس المتفوق:
والمراد به: أن الساحة الإسلامية ليست خالية للمصلحين والدعاة، وإنما هي مزدحمة جدًا بالمنافسين المفسدين، وهم أكثر تفوقًا من المصلحين ماليًا وإداريًا ولوجستيا وغير ذلك.

الثالث: نمط الدولة الحديثة:
والمراد به: أن العالم اليوم يعيش في نمط جديد من الدولة، وهي ما يسمى بالدولة الحديثة، وهذا النمط يتصف بصفات عديدة، من أخطرها: الشمول والسيطرة، فهي تسيطر على كل مفاصل الحياة تقريبًا، ونموذجها المطبق في العالم الإسلامي هو أسوأ نموذج منها وأشده توحشًا، فكثيرًا ما تصطدم المشاريع الإصلاحية بشكل من أشكال ذلك الشمول.

الرابع: الضعف التربوي:
والمراد به: أن كثيرًا من العاملين في خدمة الإسلام ينقصهم قدر كبير من التربية الإيمانية، فتراهم يمارسون أصنافًا من الأمور المنافية للتجرد والإنصاف وهضم النفس ومعرفة قدر الحال.
(وخدمة الإسلام .. عمل شريف جدًا يتطلب قدرًا عاليًا من النقاء الروحي والإيماني)
فلا بد لكل عامل في خدمة الإسلامي أن يتربى على ذلك القدر ويحصل عليه.

الخامس: تفكك العزائم:
والمراد به: أن كثيرًا من شباب المسلمين لا يملك عزيمة صادقة تدفعه للعمل من أجل الإسلام، والأمر الذي يملكه كثير منهم: الأمنيات العامة.
فالعالم الإسلامي لا ينقصه عدد في الشباب ولا في العقول التي يمكن أن تعمل من أجل الإسلام، ولكن ينقصه كثيرا الإحساس بالمسؤولية وضعف العزائم.
(من أخطر ما يمكن أن تصاب به أمة من الأمم: أن يشيع ضعف العزائم بين شبابها).

السادس: القصور في الوعي:
والمراد به: أن كثيرًا من العاملين في خدمة الإسلام لا يملك قدرًا كافيًا من الوعي والإدراك بطبيعة قدراته التي يمكن أن يتحرك بها ولا الإدراك بطبيعة الواقع الذي يعيش فيه، ولا الإدراك بطبيعة الصعوبات التي يمكن أن تواجهه، فتراه يشتغل بأعمال دعوية إصلاحية لا تناسب حاله أو لا تناسب واقعه أو أن طريقها محتف بالمهالك وهو لا يدري.
وتراه يمارس أنواعًا من الانحرافات في التعامل مع المشاريع الإصلاحية الأخرى المشتركة معه في السعي إلى إصلاح المجتمعات الإسلامية.
وقد ذكرت قدرا من تلك المشكلات في مقال: كيف تكون إسلاميًا ناجحًا؟ وهو منشور في النت.

السابع: الفقر في المشاريع:
المراد به: أن العالم الإسلامي يعيش فقرًا شديدًا في المشاريع التي يمكن أن تستوعب طاقات الشباب الراغب في خدمة دينه.
إن من أهم الأعمال التي يمكن أن يكون بها المصلحون: أن يصنعوا المشاريع الناضجة التي تساعد الشباب على تحديد المسارات المناسبة لهم في خدمة الإسلام.
وهذا الغرض - أعني صناعة المشاريع - يحتاج منا إلى إعادة نظر في أهميته وخطره على مستقبل العالم الإسلامي بأجمعه.

هذه المعوقات السبع أزعم أنها من أخطر ما يقف عائقًا في طريق العاملين من أجل خدمة الإسلام، وأنها من أعمق ما يؤثر في مسيرة مشاريعهم وأعمالهم الإصلاحية.
وإدراكها والتعمق في معالجتها ودراستها من أقوى ما يعين على صناعة المشاريع الناجحة وعلى تحديد أفضل المسارات المؤثرة في إصلاح العالم الإسلامي.
منقول عن [ د. سلطان العميري ]، من قناته على التلجرام