قال الدكتور محمد محمود بكار: تختلف أحكام الحديث المدلس باختلاف الأسباب والدواعي الحاملة على التدليس فيحرم التدليس إذا كان الدافع ضعف الشيخ أو كونه غير ثقة أو مختلف في قبول روايته وهذا شر أنواع التدليس لما في ذلك من الخيانة والغش والغرور والخداع. وقد يكون مكروها إذا ما كان الدافع كون الشيخ أصغر سناً أو متأخر الوفاة أو ممن أكثر أخذ الحديث عنهم ليكثر شيوخه أو تفنناً في العبارة أو ليرفع من شأن شيخه ويعليه أو ليلفت النظر ويمتحن الذهن أو ليختبر طلابه فإن كل هذه الدوافع تبرأ بصاحبها من تعمد الغش والخداع وقد جرت عادة المحدثين التساهل في أمرها وعدم تجريح صاحبها بها وقبول أحاديثه التي دلس عن شيوخه فيها لأنها كلها من الأسباب الشخصية التي ليس لها تأثير على صحة الحديث وقبوله وعليه يحمل إكثار الخطيب من ذلك في مصنفاته. وتشدد البعض فقال بعدم التساهل في أمرها وإن توقفنا في تجريح أصحابها لأن ذلك قد يتسبب في ضياع المروي عنه حين لا يفطن له فيبقى عند المحدثين من المجهولين. والله أعلم.
قلت: وخير مثال على ذلك اي ممن لم يجرّح بسبب التدليس الامام الزهري فقد سألنا شيخنا طارق عوض الله -حفظه الله- عن ذلك فأجاب بأن تدليس الزهري من قبيل التدليس النادر الذي لا يجرّح به صاحبه كما أخبرنا شيخنا بأنه وقف له في كتابه اصلاح الاصطلاح على خمسة أحاديث فقط دلّس فيها .
في 25 نوفمبر 2015