لقد أقتنيت اليوم كتابا بعنوان "القصة الأليمة لتنحية الحكم بالشريعة" للشيخ / محمد بن موسى الشريف، فقرأته كاملا، فوجدته كتابا مباركا قد أجاد صاحبه وأفاد، حيث ذكرَّنا بكثير مما نسيناه أو تناسيناه، وذلك بحديثه الموفق عن قضية "تنحية الشريعة عن كثير من بلاد المسلمين"، لاسيما البلاد التي وطأتها أقدام المحتلين الغاصبين (المستعمرين)!
حاشا بلاد التوحيد وبلاد اليمن وبعض الإمارات في الخليج!
ومن قبل؛ فإني قد قرأت كثيرا من الكتب حول هذا الموضوع، لكنني اليوم أجد نفسي مأسورةً بين يدي هذا الكتاب، حيث كُتِبَ بقلمٍ هادئ، ونبرٍة حزينة، وشكايةٍ خافيةٍ!
نعم، قد قراءته كاملا؛ فلم يترك لي ذرةً في جسدي إلا حرَّكها شوقا وحسرةً على حال بلاد المسلمين التي نحَّى حكامُها الظالمون: حكمَ الشريعة الإسلامية، وركنوا إلى القوانين الوضعية المتلقاة من بلاد الغرب المتستعمر والمدمر، إنها جراحات أثارها الكاتبُ بقلم علمي رصين، وتحرير منهجي، من خلال اختياراته واختصاراته المحررة لكثير من الكتب المطولة التي تحدثت عن الموضوع نفسه!
مع انتقاءٍ محررٍ وتنسيقٍ موفق، كل هذا بأوجز عبارة، وأوضح إشارة!
فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء!
وعليه، فإني أوصي كل المسلمين بقراءة هذا الكتاب، لاسيما أهل العلم منهم، والساسة، وصُنَّاع القرار في بلاد المسلمين؛ لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرًا، ويقدِّر خيرًا على أيدي رجالات لا نعلمهم الله يعلمهم: وذلك بتطبيقهم لأحكام الشريعة الإسلامية - جملة وتفصيلا - في كل البلاد الإسلامية التي استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير، وذلك حينما استبدلت القوانين الوضعية الجائرة بالشريعة الإسلامية العادلة!
قال تعالى: "أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون" الآية.
واأسفي!؛ فإن أكثر من مائة عام أو يزيد: وكثير من بلاد المسلمين لم تزل ترسف في قيود الاحتلال الذي ولَّى مدبرًا، مرة تحت وطأة القهر والغلبة لهم، ومرات تحت التبعية المقيتة التي يقودها ساسة ظالمون، وإعلاميون مرتزقة، ومن ورائهم منافقون ليس لهم فيما يأتون ويذرون إلا الطعن في الإسلام وأحكامه، والله طليبهم!
ومن بقايا الأسى وصروف البلايا: أن كثيرا من الجماعات الإسلامية والدعاة السلفية - من أهل البلاد المستبدلة للشريعة - ليس لهم اهتمام بتطبيق الشريعة الإسلامية، لا في مناهجها ولا في دعوتها، بل لم يَعُد هذا الموضوع في حِسبان كثيرٍ منهم!
وفي الوقت نفسه نجدهم: قد تحزَّبوا جماعاتٍ، وانقلبوا على بعضهم بالتحذير والتشهير، وربما باستعداء السلطان الظالم، ولو في المسائل الخلافية التي قد يفرضها واقعُهم المرير!
أما شر الثلاثة: فهم حزب السلفية (الخلوف) الذين ضَلُّوا وأضَلُّوا، حيث جعلوا مسألة تنحية الشريعة، والحكم بغير ما أنزل، والتَّحاكم إلى القوانين الوضعية: معصية كغيرها من المعاصي التي لا تصل إلى حد الكفر، فمن هنا عارضوا ظواهر القرآن والسنة، وإجماعات أئمةِ السلف، كل هذا منهم لم يكن من بسطة علم، بل إرضاءً لسلاطين الجور، مع ما عندهم من إرجاءٍ وهوًى، وخوفٍ من عقوبة السلطان، وهم مع هذا لهم بسطةُ لسانٍ وتجَهُّمٍ على إخوانهم من أهل العلم والإيمان!
والله يؤتي الحكمة من يشاء!


كتبه
الشيخ د/ ذياب بن سعد الغامدي.
(٦/ ٤/ ١٤٣٨)