بسم الله الرحمن الرحيم ،
مسألة جميلة ذكرها ابن هشام الأنصاري - رحمه الله - في كتابه مغني اللبيب :
ويبقى السؤال : ما يكون إعراب : خلق الله السماوات خلقاً ؟السابع عشر : قولهم في نحو (خلق الله السموات) إن السموات مفعول به ، والصواب أنه مفعول مطلق : لأن المفعول المطلق ما يقع عليه اسم المفعول بلا قيد ، نحو قولك " ضربت ضرباً " ، والمفعول به ما لا يقع عليه ذلك إلا مقيداً بقولك به ، كـ " ضربت زيداً " ، وأنت لو قلت السموات مفعول كما تقول الضرب مفعول كان صحيحاً ، ولو قلت السموات مفعول به كما تقول زيد مفعول به لم يصح . وقد يعارض هذا بأن يصاغ لنحو السموات في المثال اسم مفعول تام ، فيقال : فالسموات مخلوقة ، وذلك مختص بالمفعول به . إيضاح آخر : المفعول به ما كان موجوداً قبل الفعل الذى عمل فيه ، ثم أوقع الفاعل به فعلاً ، والمفعول المطلق ما كان الفعل العامل فيه هو فعل إيجاده ، والذى غر أكثر النحويين في هذه المسألة أنهم يمثلون المفعول المطلق بأفعال العباد ، وهم إنما يجرى على أيديهم إنشاء الافعال لا الذوات ، فتوهموا أن المفعول المطلق لا يكون إلا حدثاً ، ولو مثلوا بأفعال الله تعالى لظهر لهم أنه لا يختص بذلك ، لان الله تعالى موجد للأفعال والذوات جميعاً ، لا موجد لهما في الحقيقة سواه - سبحانه وتعالى - ، وممن قال بهذا الذي ذكرته الجرجاني وابن الحاجب في أماليه .