تنبيه مهم حول التعبير عن آل البيت بالهاشميين
اعترض الصنعاني رحمه الله في (منحة الغفار) على التعبير بالهاشميين عن آل البيت فقال:"واعلم أن هذه العبارة التي جاء بها المصنف ــ يعني الهاشميين ــ عامة لأعمامه r وأولادهم، وقد كان له اثنا عشر عمّا لم يسلم منهم إلا حمزة والعباس، وقد أعقب منهم أربعة فقط الحارث والعباس وأبو طالب وأبو لهب وأسلم أعقاب أبي لهب والحارث وغيرهم وصحبوا المصطفى r، فعلى حكم كلام المصنف الجميع محرمة عليهم الصدقة، وعلى تفسير الصحابي الراوي أنه خاص بثلاثة بطون من أولاد أبي طالب وبآل العباس بن عبد المطلب ، ولا شك أن لفظ الآل من الألفاظ المشتركة وتفسير الصحابي مقدم على ما سواه لأنه أعرف بالخطاب وأعلم بمراد المتكلم r.
والمصنف لم يستدل على التعيين لآل محمد بالهاشميين ولا وقفنا على حديث صحيح بلفظ بني هاشم إلا رواية في (الانتصار) قال في تخريج (البحر): أنه لم يقف على لفظه في غير الانتصار. وفي (البحر): إنا آل عبد المطلب. قال مخرجه: لم يقف عليه".
ثم اعلم أن المصنف ومن تبعه فسروا آل محمد بالهاشميين هنا وأبو من ذلك في مواضع أخر كالإجماع والخلافة وغيرهما، على أنه لو ثبت هنا بلفظ الهاشميين لكان تفسير الراوي يقصره على من ذكر، والعجب التطابق في عبارات فقهاء الفرق بهذه اللفظة التي لم تقع في عبارته r ولا هي بمرادفة لها كما عرفت ففي كتب الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة التعبير بالهاشمي وهو كما ترى لا يطابق اللفظ النبوي.
ولا يخفى أنه قد أغفل زيد بن أرقم t في عدّه لبطون بني هاشم من ورد فيه النص وهو المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب فإنه طلب من رسول الله r أن يجعله عاملا على الزكاة فقال له:"إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد" ومنعه منها فهذا بطن خامس من بني هاشم حرمت عليه الزكاة ، وقد يلحق بهم بني المطلب لقوله r:"انهم وبني هاشم شيء واحد" كما يأتي في الخمس، والأولى الإتيان بلفظ الحديث فإنه الأوجه وإن كان التأويل يمكن". أهـ.
قال أبو أيوب عفا الله عنه: لا شك ان التعبير بما جاء في القرآن الكريم وفي اللفظ النبوي الشريف هو أولى من غيره، فالتعبير بـ (آل البيت) و (أهل البيت) هو تعبير القرآن والسنة فينبغي إيثار هذا التعبير على ما سواه، إلا أن ذلك لا يمنع التعبير بالهاشميين عنهم لكونهم هم الذين انحصرت فيهم هذه الصفة على ما تقدم تقريره فآل البيت وأهل البيت والهاشميون ألفاظ لمعنى واحد.
وأيضا فالنسبة إلى آل البيت إنما يقال فيها هاشمي، وعند الكلام على فرد بعينه من آل البيت فإنه لا يصلح أن يقال عنه بيتي وإنما يقال عنه هاشمي، وهذا ظاهر بيّن لمن تأمله.
وقد سبق تحرير القول في أن حديث زيد بن أرقم t لم يفد حصر آل بيت النبي r في من ذكره من بطون بني عبد المطلب باعتراف الصنعاني نفسه في بني الحارث بن عبد المطلب، بل وبتصريح زيد t نفسه في الرواية الأولى: أن نساءه r من أهل بيته.
وقد تقدم معنا أن الراجح الذي تقتضيه الأدلة وتدلّ عليه أن آل النبي r محصورون في ذرية عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ومن تبعهم كزوجات النبي r وموالي بني هاشم، وعليه فإذا عبّر عن آل البيت بالهاشميين فلا وجه للاعتراض عليه، لأنهم همُ الهاشميون والهاشميون همُ، ولم يعد لهاشم نسل في العالمين إلا من ذرية هؤلاء من المسلمين .
ويستوي هؤلاء الآل بالأصالة في تحريم الصدقة وفي الإجماع وفي الخلافة وإن كانوا يتفاضلون فيما بينهم على حسب قربهم منه r كما تقدم.
وعليه فلا يصح الاعتراض على ما تطابقت عليه عبارات الأئمة من هذه اللفظة وبالله التوفيق.

من بحثي (تحرير القول في بيان حكم الصدقة على آل الرسول)