تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: شبهات من قال بعدم دخول أمهات المؤمنين في الآل، وجوابها

  1. #1

    افتراضي شبهات من قال بعدم دخول أمهات المؤمنين في الآل، وجوابها

    شبهات من قال بعدم دخول أمهات المؤمنين في الال وجوابها
    الشبهة الأولى : وأما ما شغّب به بعضهم من استدلاله على إخراج زوجات النبي r من الآل بما جاء في آية التطهير من عدوله إلى الضمير المذكّر بدلاً من نون النسوة في كلمة "يطهركم" قالوا: فهذا دليل على أنهن لا يدخلن في التطهير ومن ثم فَلسْن من آل البيت!!
    وجواب هذه الشبهة: أن هذا مردود بأن النبي r كان من ضمن المطهرين في الآيات لأنه رب الأسرة، فلما اشترك معهم في التطهير ــ هو وعلي والحسن والحسين ــ كان الخطاب بالمذكر الذي هو أرفع قدراً من النساء أولى من الخطاب بالمؤنث، ويكون الخطاب بالمذكر هنا شامل للرجال والنساء وهذا أسلوب معروف من أساليب اللغة أنه إذا اجتمع الرجال والنساء في خطاب غلّب جانب التذكير على التأنيث وهو أشهر من أن يُذكَر أو أن يُستدَلّ له.
    ولما كان الخطاب في البقية إنّما يخص أمهات المؤمنات خاصة دونه r ودون علي والحسن والحسين رضي الله عنهم جاء التعبير بنون النسوة وهذا من بلاغة القرآن وإعجازه ومن أبلغ الأدلة على أنه تنزيل من حكيم حميد.
    والعجب ممن يخرجون نساء النبي r ورضي الله عنهن من آل البيت بدعوى أن لفظ الآية :"يطهركم". وليس :"يطهركن". لا يشملهن، وبالتالي فالخطاب عندهم هنا إنما يختص بالرجال دون النساء، ونسوا أو تناسوا أنهم قد أدخلوا فاطمة رضي الله عنها في ضمن من تشملهم هذه الآية!!
    فيا ترى هل هي رجل فيشملها الخطاب الذي جاء بلفظ المذكر، أم أن الأمر على ما تقرر؟!.
    الشبهة الثانية: قال ابن القيم رحمه الله في (جلاء الأفهام):"فإن قيل: لو كانت الصدقة حراما عليهن لحرمت على مواليهن، كما أنّها لما حرمت على بني هاشم حرمت على مواليهم، وقد ثبت في الصحيح أن بريرة تُصدّق عليها بلحم فأكلته، ولم يحرمه النبي r، وهي مولاة لعائشة رضي الله عنها.
    قيل: هذا هو شبهة من أباحها ــ يعني الصدقة ــ لأزواج النبي r.
    وجواب هذه الشبهة: أن تحريم الصدقة على أزواج النبي r ليس بطريق الأصالة، وإنما هو تبع لتحريمها عليه r، وإلا فالصدقة حلال لهن قبل اتصالهن به، فهن فرع في هذا التحريم، والتحريم على المولى فرع التحريم على سيده، فلما كان التحريم على بني هاشم أصلا استتبع ذلك مواليهم، ولما كان التحريم على أزواج النبي r تبعا لم يقو ذلك على استتباع مواليهن؛ لأنه فرع عن فرع.
    وقد قال الله تعالى:" يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لله وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ "، ثم قال: فدخلن في أهل البيت؛ لأن هذا الخطاب كله في سياق ذكرهن، فلا يجوز إخراجهن من شيء منه، والله أعلم". أهـ .
    الشبهة الثالثة: وأما ما استدل به من أخرجهن من آل بيت رسول الله r بما جاء في لفظ في حديث زيد بن أرقم t السابق وفيه:" فقلنا: مَنْ أهلُ بيته؟ نساؤُه؟ قال: لا، وايم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها، فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده". رواه مسلم .
    وجواب هذه الشبهة من وجهين:
    الوجه الأول: ما جاء في كلام زيد هذا من دخول أزواج النبي في الآل في الرواية الأولى ولفظه :" فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد، أليس نساؤه من أهل بيته؟. قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة قال نعم". رواه مسلم .
    فالمعتبر هو هذه الرواية الأولى، وأما الثانية فهي محمولة على أنه أراد أهل بيته بالأصالة لا بالتبعية، وما ذكره t من تعليله لعدم الدخول إنما ينطبق على بقية زوجات الهاشميين غير زوجاته r، إذ يصدق عليهن أن إحداهن "تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها، فترجع إلى أبيها وقومها" وأما زوجات النبي r ورضي الله عنهن فلا يصدق عليهن هذا الوصف إذ هن زوجاته في الدنيا والآخرة، وقد حرم الله عليهن الزواج بغيره من بعده فكان اتصالهن به شبيه بالنسب؛ لأن اتصالهن به غير منقطع.
    الوجه الثاني: أن حديث زيد t هذا لا يفيد حصر آل البيت وقد ترك بعضهم ممن هم من عصبته r فلم يذكرهم، كما هو ظاهر في حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب t السابق وهو نص في دخول آل الحارث بن عبد المطلب في آل البيت ولم يذكرهم زيد t هنا.
    الشبهة الرابعة : واستدلوا بما جاء في حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي r جلّل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساء ثم قال:"اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا". فقالت أم سلمة رضي الله عنها: وأنا معهم يا رسول الله. قال:"إنك إلى خير". رواه أحمد والترمذي وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
    وفي لفظ في حديث عمر بن أبي سلمة t أن رسول الله r قال لها :"أنت على مكانك وأنت إلى خير".
    قالوا: فهذا حديث صريح في أن النبي r لم يدخل أم سلمة في كساء آل بيته، وبشّرها بأنها على خير، ولكن ليست من آل بيته!!.
    وجواب هذه الشبهة هو أن قوله r لها "إنك على خير" أو "إلى خير" ليس فيه نفي أن تكون من آل البيت لا من قريب ولا من بعيد، وغاية ما فيه أنه لم يدخلها معهم في الكساء، وقد قدمنا أن دعاءه لمن في الكساء لا يدل على حصر آل البيت بهم وإنما غاية ما فيه أنه أدخلهم في مضمون آيات التطهير التي نزلت في الأصل في أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأم سلمة إحداهن.
    وعليه فإن قوله r هذا يكون معناه إنك إلى أفضل أو على أفضل من هذا ولا تحتاجين إلى الدعاء وقد نزلت الآية فيك وفي أخواتك أمهات المؤمنين.
    وقوله r لها:"أنتِ على مكانك" بسبب قربها منه لأنها معه في بيتهوبإمكانه الدعاء لها في أي وقت، بخلاف علي وأهله رضي الله عنهم إذ لم يكونوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته ولذلك دعاهم إلى بيته، وأما نسائه فهن قريبات منه متى ما أرادهن وجدهن ودعا لهن .
    فتبيّن مما سبق أن أزواج النبي r من آله وأنهنّ تحرم عليهن الصدقة كما تحرم عليه r وعلى بقية آله، ولم يأت من نفى ذلك ببينة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في (مجموع الفتاوى).
    الشبهة الخامسة: قال الجصاص رحمه الله في (أحكام القران) : فإن قيل روى شريك عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال قدم عير المدينة فاشترى منها النبي r متاعا فباعه بربح أواق فضة فتصدق بها على أرامل بني عبد المطلب ثم قال:"لا أعود أن أشتري بعدها شيئا وليس ثمنه عندي".
    فقد تصدق على هؤلاء وهن هاشميات؟؟!
    قيل له : ليس في الخبر أنهن كن هاشميات، وجائز أن لا يكن هاشميات بل زوجات بني عبد المطلب من غير بني عبد المطلب بل عربيات من غيرهم وكن أزواجا لبني عبد المطلب فماتوا عنهن.
    وأيضا: فإن ذلك كان صدقة تطوع وجائز أن يتصدق عليهم بصدقة التطوع".أهـ
    قال أبو أيوب عفا الله عنه: روي هذا الحديث مرسلا وموصولا ومداره في كل ذلك على شريك القاضي وهو ضعيف لسوء حفظه وقد بيّن ذلك الألباني في (الضعيفة) رقم (4766).
    وعليه: فلا حجة فيه ولا يصلح للاعتراض به على تلك النصوص الصحيحة الصريحة.
    وحتى لو ثبت فيجاب عليه بما ذكره الجصاص رحمه الله، ويزاد عليه: أن ظاهره لو صح فهو في غير زوجات النبي r وسيأتي بيان أن زوجات غيره r لا يدخلن في الحكم.
    وأما ما أشار إليه الجصاص رحمه الله من كونها لعلها صدقة تطوع فهذا قاله بناء على مذهبه في جواز صدقة التطوع للآل، وسيأتي التحقيق في ذلك وأنها لا تحل لهم أيضا كالفريضة تماما.
    الشبهة السادسة: قال ابن حجر رحمه الله في (فتح الباري) عند حديث بريرة :"وفيه إشارة إلى أن أزواج النبي r لا تحرم عليهن الصدقة كما حرمت عليه، لأن عائشة قبلت هدية بريرة وأم عطية مع علمها بأنها كانت صدقة عليهما وظنت استمرار الحكم بذلك عليها، ولهذا لم تقدمها للنبي r لعلمها أنه لا تحل له الصدقة وأقرها r على ذلك الفهم، ولكنه بيّن لها أن حكم الصدقة فيها قد تحوّل فحلّت له r أيضا".أهـ
    قال أبو أيوب عفا الله عنه: ليس في الحديث ما يدلّ على أن عائشة رضي الله عنها هي التي أخذت اللحم أو أنها هي التي أعدت البرمة لنفسها لتأكل منها، وجائز أن يكون ذلك من فعل مواليها وهو ظاهر في حديث بريرة فإنها كانت تطبخ تلك البرمة التي أخذتها من الصدقة عند عائشة رضي الله عنها.
    ومما يؤيد ما قررناه ما حسنه ابن حجر نفسه من ردّ عائشة رضي الله عنها للبقرة على خالد بن سعيد وقالت: إنا آل محمد r لا تحل لنا الصدقة". رواه ابن أبي شيبة وقد تقدم .
    فهذا منطوق قولها رضي الله عنها وهو مقدّم بلا شك ولا ريب على الاحتمال الوارد فيما فهمه ابن حجر رحمه الله إذ أن المنطوق مقدم على المفهوم كما تقرر وبالله التوفيق.


    من بحثي (تحرير القول في بيان حكم الصدقة على آل الرسول)
    قال الفضيل رحمه الله : عليك بطرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين

  2. #2

    افتراضي

    تنبيهات بخصوص زوجات النبي r
    التنبيه الأول : ومما يجب التنبيه عليه أن دخول زوجات النبي r بالتبعية في آل البيت هو حكم خاص بهن دون زوجات سائر آله r إلا من كانت من آل البيت نسبا، وقد سبقت الإشارة إلى هذا في توجيه حديث زيد بن أرقم t في الوجه الأول من جواب الشبهة الثالثة.
    فكما اختصصن دون سائر النساء رضوان الله عليهن بأنهن أمهات للمؤمنين في قوله تعالى:"وأزواجه أمهاتهم" فكذلك اختصصن هنا بهذا الحكم دون سائر النساء، ولا ريب أن اتصالهن برسول الله r جعل لهن من الفضل ما لا يدركه غيرهن من النساء.
    التنبيه الثاني : ومما يجب التنبيه عليه أيضا أن موالي نساء النبي r ليسوا من آل البيت ولا تحرم عليهن الصدقة كما سبقت الإشارة إليه كلام ابن القيم رحمه الله في جواب الشبهة الثانية، وقد دل على ذلك ما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل رسول الله r وبرمة على النار فقرب إليه خبز وأدم من أدم البيت فقال:"ألم أر البرمة؟!". فقيل: لحم تُصدِّق به على بريرة ـــ مولاة لعائشة رضي الله عنها ـــ، وأنت لا تأكل الصدقة. فقال r :"هو عليها صدقة ولنا هدية". فلما أجاز التصدق عليها دلّ على أنها ليست من أهل البيت، ولا تتبع عائشة رضي الله عنها في تحريم الزكاة عليها، بخلاف موالي بقية آل البيت بالأصالة فإن الصدقة تحرم عليهم كما سيأتي .
    قال الشوكاني رحمه الله في (نيل الأوطار) : "والحديث ـــ يعني حديث بريرة ــــ يدلّ على أن موالي أزواج بني هاشم ليس حكمهم كحكم موالي بني هاشم فتحل لهم الصدقة". أهـ.
    التنبيه الثالث: ومما سبق تعلم أن قول بعض العلماء أن أمهات المؤمنين من أهل بيته ولكنهن لا تحرم عليهن الصدقة فيه نظر ظاهر، لورود النص الواضح الجلي عن عائشة رضي الله عنها في أنهن تحرم عليهن الصدقة مثل بقية آل البيت تمام، ولما تقدم تقريره من أنهن رضي الله عنه يدخلن في آله r وفي أهل بيته وبالله التوفيق.


    من بحثي (تحرير القول في بيان حكم الصدقة على آل الرسول)
    قال الفضيل رحمه الله : عليك بطرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •