تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: آل البيت الذين تحرم عليهم الصدقة

  1. #1

    افتراضي آل البيت الذين تحرم عليهم الصدقة

    آل البيت الذين تحرم عليهم الصدقة
    اختلف العلماء في تعيين آل البيت الذين تحرم عليهم الصدقة إلى ثلاثة أقوال :
    القول الأول :أنّهم بنو هاشم ومن فوقهم إلى غالب بن فهر، فيدخل فيهم كل قريش، وهذا اختيار أصبغ بن الفرج المالكي كما تقدمت الإشارة اليه في القول الثالث السابق على ما حكاه عنه ابن حزم في (المحلى)، وحكاه اللّخميّ عنه في (التّبصرة) وردّه فقال: وقال أصبغ: هم عشيرته الأقربون آل غالب؛ لأنه r حين نزلت:"وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ" [الشعراء: 214]. نادى: "ياآل قصي، ياآل عبد مناف" والقول الأول ــ يعني أنهم بنو هاشم فقط ــ أحسنُ؛ لأن العشيرة غير الأقارب، والعشيرة تتسع، وإنما نزل القرآن في الأقرب من العشيرة، ليس الأقربين مطلقًا، وليس الأقربون كالأقرب من العشيرة". أهـ
    ثم استدل على بطلان قول أصبغ المشار إليه بما جاء عن أبي رافع t أن النبي r بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة فقال لأبي رافع: اصحبني كيما تصيب منها. فقال: لا حتى آتي رسول الله r فأسأله. فانطلق إلى النبي r فسأله فقال:"إن الصدقة لا تحل لنا وإن موالي القوم من أنفسهم" رواه احمد وأبو داود والترمذي والنسائي .
    قال اللخمي رحمه الله : فيه أن الصدقة حلال لبني مرة بن كعب، فمن بعدهم إلى غالب، خلاف ما ذهب إليه أصبغ؛ لأن مخزوم تجتمع مع النبي r إلى مرة". أهـ
    قال أبو أيوب عفا الله عنه: ووجه استدلاله بهذا الحديث أن رسول الله r استعمل المخزومي ــ وهو من قريش ـــ فدل على حِلِّ الصدقة لبني مخزوم ولو كانت محرمة عليهم لم يستعمله عليها كما لم يستعمل آل بيته الهاشميين، وهذا رد وجيه محكم واستدلال ظاهر بيّن يدل على أن هذا القول خلاف الصواب .
    القول الثاني : أنّهم بنو هاشم بن عبد مناف وبنو المطّلب بن عبد مناف، وهذا مذهب الشّافعيّ كما في (الأم) و(الحاوي)، ورواية عن أحمد كما في (المغني) و(الفروع)، وبه قال ابن حزم كما في (المحلى).
    واستدلوا بما جاء عن جبير بن مطعم t قال مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله r فقلنا: يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا، ونحن وهم منك بمنزلة واحدة؟! فقال رسول الله r :"إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد". ولم يقسم النبي r لبني عبد شمس ولا لبني نوفل. رواه البخاري .
    وروه أبو داود والنسائي ولفظهما عن جبير بن مطعم t قال: لما كان يوم خيبر وضع رسول الله r سهم ذي القربى في بني هاشم وبني المطلب وترك بني نوفل وبني عبد شمس، فانطلقت أنا ــ من بني نوفل ـــ وعثمان بن عفان ـــ من بني عبد شمس ـــ حتى أتينا النبي r فقلنا: يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم للموضع الذي وضعك الله به منهم، فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وقرابتنا واحدة؟! فقال رسول الله r :"إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام، وإنما نحن وهم شيء واحد". وشبّك بين أصابعه r.
    قالوا : فأخبر رسول الله r أن بني هاشم (الهاشميين) وبني المطلب (المطلبيين) شيء واحد إذن فهم في الأحكام سواء.
    وقسم للمطلبيين مع الهاشميين من خمس الخمس الذي هو للهاشميين بمثابة التعويض عن الصدقة، فلما أعطاه للمطلبيين مع الهاشميين دلّ على أنهم لا يعطون من الصدقة كالهاشميين سواء بسواء .
    قال ابن حزم رحمه الله في (المحلى) بعد أن ذكر حديث جبير السابق:" فصح أنه لا يجوز أن يفرّق بين حكمهم في شيء أصلا؛ لأنهم شيء واحد بنص كلامه r؛ فصح أنهم آل محمد، وإذ هم آل محمد فالصدقة عليهم حرام؛ فيخرج بنو عبد شمس، وبنو نوفل ابني عبد مناف، وسائر قريش عن هذين: البطنين".أهـ.
    قال ابن نجيم رحمه الله في (البحر الرائق) : ونص في (البدائع) على أن الكرخي قيد بني هاشم بالخمسة من بني هاشم فكان المذهب ـ يعني الحنفي ـ التقييد؛ لأن الإمام الكرخي ممن هو أعلم بمذهب أصحابنا، وقيد ببني هاشم؛ لأن بني المطلب تحل لهم الصدقة وليسوا كبني هاشم، وإن استووا في القرابة".أهـ
    قال أبو أيوب عفا الله عنه: لا ريب أن بني المطلب وبني هاشم شيء واحد في النصرة والمؤازرة حتى إن قريشاً لما حاصرت بني هاشم في الشعب انضم إليهم بنو المطلب، بينما كان بنو عمهم بنو نوفل (النوفليون) وبنو عبد شمس (العبشميون) كانوا مع قريش على بني هاشم ولذا دعا عليهم أبو طالب في لاميته المشهورة فقال :
    جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا عقوبة شر عاجلاً غير آجل
    بل يذكر أهل السير: أن عبد المطلب ـ واسمه شيبة الحمد ـ إنما سمي بعبد المطلب نسبة إلى عمه المطلب بن عبد مناف وذلك أن أباه هاشما توفي وولده شيبة عند أخواله فذهب عمه المطلب فأخذه إلى مكة فظن الناس أن شيبة الحمد عبدٌ للمطلب، فقالوا: هذا عبد المطلب فقال المطلب: ويحكم إنما هو ابن أخي هاشم ، قدمت به من المدينة. لكن غلب عليه هذا اللقب واشتهر به.
    ومع هذا فإننا نجد عند التأمل أن هذه النصرة والمؤازرة وما أعطوا عليها من هذه المكافآت لا يكفي في الدلالة على أنهم من آل البيت ولا أنهم ممن تحرم عليهم الصدقة، وذلك لأن تحريم الصدقة عليهم أمر مستقل يحتاج إلى دليل ثابت ينصّ عليه، وأما ما روي أن النبي r قد علّل منعهم الصدقة باستغنائهم عنها بخمس الخمس فقال :"أليس في خمس الخمس ما يغنيكم؟". فهذا غير ثابت عنه r وفيه من قد ضعفه غير واحد من أئمة الحديث كما سيأتي.
    ويجاب عن تشريكهم في خمس الخمس بأنه مبني على مكافأتهم على تلك المناصرة والمؤازرة لبني هاشم ووقوفهم معهم منذ أبيهم المطلب بن عبد مناف، ولذا فإنهم لما آزروا بني هاشم وناصروهم أعطوا هذا النصيب من الخمس جزاءً لفضلهم وعرفانا لنصرتهم لهم ووقوفهم في صفهم في السراء والضراء، وأما الزكاة فهي شيء آخر .
    قال الجصاص رحمه الله في (أحكام القرآن): وأما بنوا المطلب فليسوا من أهل بيت النبي r لأن قرابتهم منه كقرابة بني أمية، ولا خلاف أن بني أمية ليسوا من أهل بيت النبي r وكذلك بنوا المطلب.
    فإن قيل لمّا أعطاهم النبي r من الخمس سهم ذوي القربى كما أعطى بني هاشم ولم يعط بني أمية دلّ ذلك على أنهم بمنزلة بني هاشم في تحريم الصدقة قيل له : إن النبي r لم يعطهم للقربة فحسب لأنه لما قال عثمان بن عفان وجبير بن مطعم: يارسول الله أما بنو هاشم فلا ننكر فضلهم لقربهم منك، وأما بنوا المطلب فنحن وهم في النسب شيء واحد فأعطيتهم ولم تعطنا. فقال r :"إن بني المطلب لم تفارقني في جاهلية ولا إسلام".
    فأخبر النبي r أنه لم يعطهم بالقرابة فحسب بل بالنصرة والقرابة.
    ولو كانت إجابتهم إياه ونصرتهم له في الجاهلية والإسلام أصلا لتحريم الصدقة لوجب أن يخرج منها آل أبي لهب وبعض آل الحارث بن عبد المطلب من أهل بيته لأنهم لم يجيبوه، وينبغي أن لا تحرم على من ولد في الإسلام من بني أمية لأنهم لم يخالفوه وهذا ساقط.
    ثم قال: وأيضا فليس استحقاق سهم من الخمس أصلا لتحريم الصدقة لأن اليتامى والمساكين وابن السبيل يستحقون سهما من الخمس ولم تحرم عليهم، فدلّ على أن استحقاق سهم الخمس ليس بأصل في تحريم الصدقة". أهـ .
    وقال السرخسي رحمه الله في (المبسوط): ثم أزال ـ يعني رسول الله r ــ إشكالهما ــ يعني جبيرا وعثمان ــ ببيان علة الاستحقاق أنه النصرة دون القرابة ولم يرد به نصرة القتال فقد كان ذلك موجودا من عثمان t وجبير بن مطعم t وإنما أراد نصرة الاجتماع إليه للمؤانسة في حال ما هجره الناس على ما رُوِيَ أن الله تعالى لما بعث رسول الله r من بني هاشم ورأت قريش آثار الخير فيهم حسدوهم وتعاقدوا فيما بينهم أن لا يجالسوا بني هاشم ولا يكلموهم حتى يدفعوا إليهم رسول الله r ليقتلوه وتعاقد بنو هاشم فيما بينهم على القيام بنصرة رسول الله r فدخل بنو نوفل وبنو عبد شمس في عهد قريش ودخل بنو المطلب في عهد بني هاشم حتى دخلوا معهم الشعب فكانوا فيه ثلاث سنين مع رسول الله r حتى أكلوا العلهز من الجهد ... القصة. وإليه أشار رسول الله r "إنا لم نزل نحن وبنو المطلب في الجاهلية والاسلام معا". أهـ.
    قال أبو أيوب عفا الله عنه: وعليه فإن القول الراجح: أن بني المطلب ليسوا من آل البيت ولا ممن تحرم عليهم الصدقة وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة كما سيأتي.
    قال ابن قدامة رحمه الله في (المغني) : والرواية الثانية ــ أي عن أحمد ــ لهم ــ يعني بني المطلب ــ الأخذ منها وهو قول أبي حنيفة لأنهم دخلوا في عموم قوله تعالى:" إنما الصدقات للفقراء والمساكين" الآية، لكن خرج بنو هاشم لقول النبي r:"إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد" فيجب أن يختص المنع بهم، ولا يصح قياس بني المطلب على بني هاشم لأن بني هاشم أقرب إلى النبي r وأشرف وهم آل النبي r، ومشاركة بني المطلب لهم في خمس الخمس ما استحقوه بمجرد القرابة بدليل أن بني عبد شمس وبني نوفل يساوونهم في القرابة ولم يعطوا شيئا وإنما شاركوه بالنصرة أو بهما جميعا والنصرة لا تقتضي منع الزكاة".أهـ.
    وقال ابن عثيمين رحمه الله في (الشرح الممتع): والصحيح الرواية الأخرى ـــ وهي المذهب ـــ أنه يصح دفع الزكاة إلى بني المطلب؛ لأنهم ليسوا من آل محمد r، ولعموم الأدلة "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ..." [التوبة: 60] فيدخل فيهم بنو المطلب". أهـ.
    القول الثالث: أنهم بنو هاشم خاصّة، وهذا مذهب أبي حنيفة كما في (المبسوط) للسرخسي و(بدائع الصنائع) للكاساني، ومذهب مالك كما في (الذخيرة) للقرافي و(مواهب الجليل) للحطاب، وهو الرّواية الثّانية عن أحمد ونصرها ابن قدامة كما في (المغني).
    واستدلوا بالأحاديث السابقة في القول السادس من الباب السابق، إذ دلّ حديث أبي هريرة t على تحريمها على آل علي t، ودلّ حديث عبد المطلب بن ربيعة على تحريمها على بني أعمامه وهم آل العباس وآل الحارث، ودلّ حديث زيد بن أرقم t على تحريمها على آل علي وآل عقيل وآل العباس وآل جعفر رضي الله عنهم أجمعين.
    وهذا القول هو الصواب وهو الذي تقتضيه الأدلة أن آل البيت هم بنو هاشم خاصة، وقد تقدم ذكر الهاشميين الذين انحصرت فيهم ذرية هاشم بن عبد مناف قريبا.


    من بحثي (تحرير القول في بيان حكم الصدقة على آل الرسول)

  2. #2

    افتراضي


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •