حكم الريح الخارجة من قبل المرأة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه:
أما بعد:
فهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على قولين :
القول الأول : فذهب الشافعية وبعض الحنابلة إلى أن خروج الريح من قبل المرأة أو ذكر الرجل ناقض للطهارة ، لعموم قوله r : ) لا وضوء إلا من صوت أو ريح ([1])( .
القول الثاني: وذهب الحنفية والمالكية إلى أن الريح الخارج من القبل أو الذكر ليس بناقض للوضوء لأنها لا تنبعث عن محل النجاسة فهو كالجشاء ، وهو قول عند الحنابلة.
بيان أقوال الأئمة رحمه الله:
أولاً: قول الشافعية:
قال الإمام الشافعي في كتابه الأم ([2]):
[الوضوء من الغائط والبول والريح :
فدلت السنة على الوضوء من المذي والبول ، مع دلالتهما على الوضوء من خروج الريح.
فلم يُجِزْ إلا أن يكون جميع ما خرج من ذكر أو دبر ، من رجل أو امرأة ، أو قبل المرأة الذي هو سبيل الحدث يوجب الوضوء ، وسواء ما دخل سِبَار([3]) أو حقنة ، ذكر أو دبر فخرج على وجهه أو يخالطه شيء غيره ، ففيه كله الوضوء ؛ لأنه خارج من سبيل الحدث].أ.هـ.
وقال الإمام النووي في المجموع ([4]):
[ فالخارج من قبل الرجل أو المرأة أو دبرها ينقض الوضوء، سواء كان غائطاً أو بولاً أو ريحا أو دوداً أو قيحاً أو دماً أو حصاةً أو غير ذلك ولا فرق في ذلك بين النادر والمعتاد ، ولا فرق في خروج الريح من قبل المرأة والرجل ودبرهما . نص عليه الشافعي رحمه الله في الأم ، واتفق عليه الصحاب].أ.هـ.
ثانياً : قول الحنابلة:
قال الإمام ابن قدامه في المغني([5]) :
[ باب ما ينقض الطهارة :
فصل : وقد نقل صالح عن أبيه في المرأة يخرج من فرجها الريح ، ما خرج من السبيلين فيه الوضوء.
وقال القاضي : خروج الريح من الذكر وقبل المرأة ينقض الوضوء .
وقال ابن عقيل : يحتمل أن يكون الأشبه بمذهبنا في الريح يخرج من الذكر أن لا ينقض ؛ لأن المثانة ليس لها منفذ إلى الجوف ؛ ولا جعلها أصحابنا جوفاً ، ولم يبطلو الصوم بالحقنة فيه ، ولا نعلم لهذا وجوداً ولا نعلم وجوده في حق أحد .
وقد قيل : إنه يعلم وجوده بأن يحس الإنسان في ذكره دبيباً وهذا لا يصح ؛ فإن هذا لا يحصل به اليقين ، والطهارة لا تنتقض بالشك .
فإن قدر وجود ذلك يقيناً نقض الطهارة ؛ لأنه خارج من أحد السبيلين فنقض قياساً على سائر الخوارج].أ.هـ.
([1]) صحيح : رواه أحمد وابن ماجه والترمزي وغيرهم.
([2]) الأم (2/40) [ ط : دار المعرفه].
([3]) السبار : فتيلة ونحوها توضع في الجرح ليعرف عمقه.
([4]) المجموع (2/4) [ ط : مكتب الإرشاد بجدة].
([5]) المغني (1/230) [ ط : عالم الكتب].