قال ابن الصلاح في علوم الحديث :

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْمَعَالِي الْفُرَاوِيُّ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ - قَالَ : أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو جَدِّي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْفُرَاوِيُّ ، أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ ، أَنَا الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ حَمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطَّابِيُّ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذٍ ، قَالَ : أَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّنْجِيِّ قَالَ :
سَمِعْتُ الْأَصْمَعِيَّ يَقُولُ : إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ ، إِذَا لَمْ يَعْرِفِ النَّحْوَ أَنْ يَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ". لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَلْحَنُ ، فَمَهْمَا رَوَيْتَ عَنْهُ وَلَحَنْتَ فِيهِ كَذَبْتَ عَلَيْهِ .


قُلْتُ : فَحَقَّ عَلَى طَالِبِ الْحَدِيثِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنَ النَّحْوِ ، وَاللُّغَةِ مَا يَتَخَلَّصُ بِهِ مِنْ شَيْنِ اللَّحْنِ ، وَالتَّحْرِيفِ ، وَمَعَرَّتِهِمَ ا .


رُوِّينَا عَنْ شُعْبَةَ ، قَالَ : " مَنْ طَلَبِ الْحَدِيثَ ، وَلَمْ يُبْصِرِ الْعَرَبِيَّةَ فَمَثَلُهُ مَثَلُ رَجُلٍ عَلَيْهِ بُرْنُسٌ لَيْسَ لَهُ رَأْسٌ " ، أَوْ كَمَا قَالَ .


وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ : " مَثَلُ الَّذِي يَطْلُبُ الْحَدِيثَ ، وَلَا يَعْرِفُ النَّحْوَ مَثَلُ الْحِمَارِ عَلَيْهِ مِخْلَاةٌ لَا شَعِيرَ فِيهَا " .


وَأَمَّا التَّصْحِيفُ : فَسَبِيلُ السَّلَامَةِ مِنْهُ الْأَخْذُ مِنْ أَفْوَاهِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَالضَّبْطُ ، فَإِنَّ مَنْ حُرِمَ ذَلِكَ ، وَكَانَ أَخْذُهُ وَتَعَلُّمُهُ مِنْ بُطُونِ الْكُتُبِ ، كَانَ مِنْ شَأْنِهِ التَّحْرِيفُ ، وَلَمْ يُفْلِتْ مِنَ التَّبْدِيلِ ، وَالتَّصْحِيفِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .