تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: المتعلمون والقدوات بين الحقوق والواجبات

  1. افتراضي المتعلمون والقدوات بين الحقوق والواجبات


    بسم الله الرحمن الرحيم

    المتعلمون والقدوات بين الحقوق والواجبات

    اعلم – وفقك الله – أن فلاح العبد ونجاته تبدأ مع نسمات التوفيق إذا هبت على قلبه مزيلةً عن بصيرته وسن الغفلة ، ونعاس البطالة .

    فينتبه من رقاده ، ويستيقظ من نومه ، فإذا هو مفكر في مطلوبه الذي فوته بالبطالة فتنبعث نفسه إلى مقصوده جملة – محبة ورغبة ورهبة - .

    وفي هذه الحال هو أحوج إلى المربي الناصح العالم الأمين الذي يأخذ بيده إلى الطريق الموصلة إلى مقصوده الذي في بلوغه صلاحه ونجاته .

    كالمولود الذي يخرج من ظلمة الأرحام إلى الحياة الدنيا هو أحوج ما يكون إلى الأم الحانية التى تقوم برعايته وحضانته وتغذيته .

    فالهداية في أول اليقظة ولادة جديدة للقلب ، وكل مولود فيه ضرورة فطرية إلى ما فيه صلاحه ودوامه .
    وهو مضطر إلى شيئين :

    الأول / مادة صلاحه ودوامه .

    الثاني / المربي الذي يقوم على تعليمه وتقويمه وصيانته .

    ومن لا يربه الرسول ويسقه *** لبان له قد در من ثدي وحيه
    فذاك لقيط ماله من نسبة *** ولا يتعدى طور أبناء جنسه


    فمادة صلاحه ( الوحي ) - كتاباً وسنةً – على طريقة الأصحاب .

    والمربي له ( العلماء الربانيون ) وهم الورثة الشرعيون للنبي – صلى الله عليه وسلم - .

    والمولود الجديد كالطفل الصغير عادم للتمييز بين مادة صلاحه ومادة فساده ، وبين المعلم المهتدي ، والمضل الغوي .

    وفي هذه الحال هو بحاجة إلى علمين وتربيتين – يصل بهما إلى مطلوبه - :

    فأما العلمان :

    - فالأول ( إجمالي ) يعرف به العبد مطلوبه على سبيل الاجمال من معرفة : التوحيد والنبوة والمعاد . ومن مصادرها الأصلية : الكتاب والسنة بفهم الأصحاب .

    - والعلم الثاني ( تفصيلي ) يوضح معالم طريق الرسول – صلى الله عليه وسلم – على سبيل التفصيل يأخذه من العلماء الربانيين على التدريج .

    وأما التربيتان :

    - فالأولى / تربية ذاتية ، قوامها : ( بالمحاسبة ) ، ( والمجاهدة ) .

    فبالمحاسبة يصلح قصده ونيته .
    وبالمجاهدة يصلح عمله وعزمه
    .

    - والثانية / تربية كسبية ، قوامها : ( بالمعلم الراسخ ) ، ( والقدوة الرباني ) .

    فالمعلم الراسخ يصلح علومه وعقله .
    والقدوة الرباني يصلح أعماله وأخلاقه
    .

    والخلل الحاصل عند الخلق : إما من جهة فساد العلم أو من جهة فساد التربية أو من كليهما بطبيعة الحال .

    والمقصود : أن عندنا واجبين :

    الواجب الأول على ( طالب العلم ) بأن يقوم بالتربية الذاتية لنفسه – محاسبة ومجاهدة – حتى تنصلح نيته ويستقيم عمله .

    فأعظم الفساد في السلوكيات اليومية لبعض طلاب العلم أنهم يعملون ( بلا رقابة ) فينشرون ، ويناظرون ، ويحللون ، وينتقدون ، ويفرضون ، ويتدخلون ... وغير ذلك بلا محاسبة إيمانية ، ولا مجاهدة صديقية .

    والواجب الثاني على ( المعلم القدوة ) بأن يقوم بالتربية الكسبية لطلابه وإخوانه وأبنائه : - تعليماً ربانياً ، وتزكية أخلاقية – حتى تكون علومهم نافعة ، وأعمالهم صالحة .

    فأعظم الخلل في طرائق التعليم التربوي – اليوم – التقصير عند بعض المعلمين في حضانة النشأ الجديد وإهمال صيانته .

    فلغياب خطاب تزكية النفوس ، ورعاية العلوم ، أو ضعفه ينشأ طالب العلم : متصدراً ، ممارياً ، متعالماً ، متكبراً ... إلى غير ذلك بلا علم راسخ ، ولا نفس زكية .

    ولنتأمل قول الله – تعالى – معتبرين متفكرين - : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ}[الحشر : 18] .

    اللهم أصلح أحوالنا ، ووفقنا إلى ما يرضيك عنا .



    ***

  2. افتراضي


    رسالة إلى المعلمين والمتعلمين

    الفوائد العلمية الشرعية بمقام البذر؛ فهي بذر الخير
    والبذرة لا تنمي إلا:

    بأرض طيبة صالحة للنبات والغرس.
    وبمادة حياة تمدها بالغذاء.


    فأما الأرض فهي قلب العبد من شيخ وطالب.
    وأما مادة الحياة فهي نصوص الوحي المحكمة –خبراً وأمراً-.

    فلا يكفي إعطاء تأشيرة المرور لـ(بذرة الخير).
    أو منح قائلها وسام الإعجاب.

    بل لابد من شد إزار، وتشمير عن ساعد.

    فحقيقة العمل الصالح، كما يقول ابن القيم –رحمه الله-: نقل الصورة من الذهن إلى الخارج.
    فهي ولادة لنسل الباقيات الصالحات؛ لابد لها من مخاض شديد.


    ولا يكفي إلقاء البذر على الأرض دون القيام (بأصول الحراثة).

    من سقي،
    وحرث،
    وتنقية من الأدغال،
    ونصب فزاعات للطيور،
    وتعاهد لها عن صائل ناطق أو بهيم،
    ونحو ذلك.


    (فالحضانة التربوية) من أجل أعمال المعلمين.

    فالواجب كبير، والواقع مرير، وغالب الأجيال تنشأ على ما تريد.

    والله المستعان.


    ***

  3. افتراضي


    بِسْم الله الرحمن الرحيم

    بين الإخلاص والرياء

    أخي الحبيب بل شيخي العزيز

    أسمع مني هذه الكلمة لعل فيها سدادا

    {وقولوا قولا سديدا}.

    رب أعن ووفق

    الفرق بين المخلص والمرائي

    المخلص يبتغي الحق المجرد، وعليه تقع الموالاة والمعاداة.

    ومن صور الموالاة؛ الرضا عن الأصحاب بقدر الحق الذي يحملونه أو يقولونه أو يفعلونه.

    ومن صور المعاداة؛ السخط على المخالفين بقدر الباطل الذي يحملونه أو يقولونه أو يفعلونه.

    وأما المرائي (الملبس عليه) فإنه يبتغي الحق المشرب بهواه؛
    فهو لا ينشط إلى الحق مجردا إلا إذا أفضى إلى ما يهواه -حباً أو بغضاً-.


    وهذا الداء الخفي ينفذ إلى قلوب صنفين من الناس :
    - أهل العلم.
    - وأهل الإرادة.
    إذا خلطوا -علمهم وإرادتهم- بشائبة من حظوظ أنفسهم؛
    لذلك يطففون في ميزان الموالاة والمعاداة:

    فيحبون أقواماً؛ لأجل الموافقة وإن تلبسوا بما يوجب السخط عليهم.
    ويبغضون أقواماً؛ لأجل المخالفة وإن أتوا بما يوجب محبتهم.

    ولذلك قد يقول الشخصان العبارة ذاتها؛
    فتكون من أحدهم مقبولة لأنه من أنصاره،
    ومن الآخر مردودة لأنه من مخالفيه.


    وفي الحقيقة كنت أعجب من تقريب بعض الدعاة
    وإضفاء هالة الإعجاب عليهم؛
    لأجل ما ظهر منهم من موافقته بعض الأقوال المتنازع فيها،
    في الوقت الذي تظهر منهم الزلات الدعوية تجاه المخالفين.

    وهذا الإغضاء عن الأخطاء هو من مشارب الهوى الخفية
    عين الرضا عن كل عيب كليلة ...

    المخلص ينقد بالعلم والعدل والرحمة ... الموالف والمخالف؛
    لأجل المخالفة، ولا يمرر البهتان بشفاعة الأعيان.


    فإن هذا اللون من التمرير هوى صريح.

    وقد قال عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- :
    " إنما أهلك من كان قبلكم ... إذا سرق فيهم الشريف...".

    على كلٍ: الشوائب الدعوية إذا لم يداوها المربون والمعلمون -إخلاصا وصدقا-
    كانوا من الذي يفسدون ولا يصلحون.

    والخطأ في السلوك كالخطأ في العلم كلاهما يوجب التصحيح والتعليم والتنبيه.

    رسالة مفتوحة إلى المعلمين والمربين:

    زلاتكم من العيار الثقيل.

    أنتم تؤسسون السلبيات في سلوك المتعلمين بالصمت والسكوت.

    نجاحكم في التربية والتعليم مسبوق فكونوا على آثار من سبقكم يئدون الفتنة في مهدها.

    الناصح الأمين لا يحرق تلميذه لينير له طريق دنياه.

    من آثار الهوى تباين الأحكام في المسائل المتحدة في أسبابها وآثارها.

    {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}.



    ***

  4. افتراضي


    خيانة المعلم

    بِسْم الله الرحمن الرحيم

    إن الأصل في كل ولاية أن تسند إلى القوى الأمين ، فالقوة سبب وجودها ، والأمانة سبب دوامها وصلاحها .

    والمعلم له ولاية على من هو في معيته من طلابه ومن يجلس إليه .

    فأما القوة في باب التعليم فتكون بملكة يقتدر بها على نشر العلم النافع المثمر للعمل الصالح .

    وأما الأمانة فتكون بمراعاة جملة من المسائل من بينها :

    ١- أن يجلس للتعليم مخلصاً لله قاصدا نفعهم ، فإن أول الخيانة أن يتخذهم مطية لشهواته أو سلما لهرم تطلعاته من طلب شهرة أو صدارة .

    ٢- أن يراعي في تعليمهم حاجتهم ( واجب وقتهم ) ، فمن الخيانة أن يعلمهم ما يسد به نقص نفسه دون ما هم بحاجته .

    ٣- أن يبدأ معهم بصغار العلم قبل كباره ، فمن الخيانة أن يكلفهم ما لا يطيقون ؛ فيفسد عليهم قلوبهم ، ويبدد طاقاتهم ، ويضيع أوقاتهم .

    ٤- أن يعلمهم الأدب كما يعلمهم العلم ، فمن الخيانة أن يسد جوعهم ويتركهم عراة ؛ فالعلم غذاء ، والأدب ستر وزينة .

    ٥- عليه أن يعلمهم بالمجان بلا فروض طاعة ولا هالات قداسة ، فمن الخيانة أن يتخذهم جنداً وعساكر ؛ فقوله ( لذاته ) معلم وليس بملزم .

    هذه إشارات تدل على أخواتها .

    والموفق من المعلمين من لازم اتهام نيته واستشعار ضعفه ، فطريق التعليم كالنفق المظلم تاه فيه خلق كثير ضاعت فيه أعمارهم وأستنفدت فيه طاقاتهم ولم يخرج منه إلا من صحب معه قناديل الربانية بفتيل الإخلاص.

    والله هو الموفق والهادي .


    ***

  5. افتراضي


    تذكير تربوي

    بِسْم الله الرحمن الرحيم

    سبب الجنوح بالدعوة إلى أحد شقي الانحراف بطريقة غير مقصودة هو انشغال المربيين والمعلمين بمقارعة لون من ألوان الضلال وبأسلوب تركيزي مكثف يؤدي إلى نشوء مفهوم خاطئ للوسطية الحق .

    ويبدأ هذا المفهوم يطغى على الساحة الدعوية كلما أمتد زمن الصراع بنفس آلية المربين في مقارعة الباطل .

    فإن عشر سنين من عمر الدعوة على تلك الوتيرة كفيلة بإنشاء جيل جديد من الشباب الذين لم يعرفوا من الدعوة إلا هذا الجنوح فيظنونه هو الحق ، ومن - هنا - تظهر مشكلة جديدة ومسلك منحرف آخر .

    وهذا الأمر مشاهد في كل ألوان الصراع مع الباطل إذا بنيت على بعض الصور التالية :

    ١- إفراد الفرع الباطل بالرد مجردا ، أي دون ربطه بالأصل الشرعي الذي يعود عليه بالنقض حتى يظهر وجه المخالفة جليا .

    ٢- عدم إبراز الحق الذي أشتمل عليه قول المخالف للحق يؤدي إلى إنكاره ومخالفته ولو بعد حين .

    ٣- إقحام الصغار أنفسهم في كفة الصراع حتى تطغى طريقتهم في التغيير على طريقة العلماء الربانيين .

    ٤- تغليب جانب إلزام الخصم ( بلازم قوله ) في كل مناسبة ، مع كون اللازم باطلا عند المختلفين يؤدي إلى بناء مفاهيم خاطئة عند النشأ الجديد وخاصة مع عدم درايتهم بطرائق المناطرة ومقاصدها مقرونة بتفشي ذلك في وسائل التواصل مجتزأ مبتورا عن سياقاته ...

    وغيرها من الأسباب التي تجعل مهمة التربية والتعليم شاقة فإن صناعة الإنسان تحتاج إلى عناية ربانية - علما وحكمة وحرصا ورحمة - { ولتصنع على عيني } .



    ***

  6. افتراضي


    سلوك القدوة وأثره
    في التربية الخفية – تأملات وعظات - .


    بسم الله الرحمن الرحيم

    إن من السلوكيات الدخيلة في أخلاق المتعلمين ما يكون سببها نقص خفي في توجيهات المعلمين .

    وكل ثمرة مرة في شجرة التربية والتعليم بذرتها خلل في أحوال المربين .

    فقلوب الطلاب مزرعة لبذر المعلمين تسقى بماء طباعهم وأخلاقهم وأحوالهم .

    وسريان طبع المعلم وخلقه وعمله أنفذ إلى قلوب طلابه من قوله وعلمه .

    فالمربي الناجح من يحكم أعماله وأحواله أكثر من أقواله وألفاظه ، لأن قوله لا ينفذ عند طلابه إلا ببرهان بينما أحواله وأعماله تدخل إلى القلب بلا استئذان .

    فإن عمل المربي له قوة سلطان خفي على نفس المتعلم يحتج به على تبرير زلاته ؛ فهو سيفه الضارب في تسويغ هناته ، وتمشية هفواته .

    فأنى لفتات توجيهاته ونتف توصياته أن تبني ما تهدم أعاصير سلوكياته وتصرفاته .

    والتربية حضانة معنوية تستهدف إصلاح النفوس - أصالة - ، ومن أسسها : الصدق في القول والعمل والحال .

    ومن شروطها : عمل القدوة بأعلى ما يمكن من الكمال في كل مقام .

    كما قال – تعالى - : {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً } " قال ابن مسعود – رضي الله عنه - : الأمة ، معلم الخير ، أي : كان معلمًا للخير ، يأتم به أهل الدنيا ، وقد اجتمع فيه من الخصال الحميدة ما يجتمع في أمة " ( معالم التنزيل : 5/50 ) .

    وقال السعدي – رحمه الله - : " أي: إماماً جامعاً لخصال الخير هادياً مهتدياً " ( التفسير :ص/ 451 ) .

    وذلك للسبب الذي ذكرناه من أن ( مقام القدوة ) ، ( والربانية في التعليم ) لا يكون إلا لمن تقاربت في الكمال أقواله وأعماله وأحواله ؛ فتكون حركاته وسكناته ولحظاته وخطواته ومداخله ومخارجه كلها من ثمار الصديقية .

    قال – تعالى - : { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا} [الإسراء : 80] .

    فمدخل الصدق ومخرج الصدق أن يكون دخوله وخروجه في كل أمر حقاً ثابتاً لله – تعالى – موصلاً إلى مرضاة الله وجناته ، ومفضياً بنفسه ومآلاته إلى أصلح ما يمكن من شؤون الدين والدنيا – تربية وتعليماً - .

    قال – تعالى – عن شعيب – عليه السلام - :{ وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } [هود : 88] .


    ***

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •