تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: هل يدل حديث : "خذوا عني مناسككم" على اشتراط الطهارة في الطواف ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي هل يدل حديث : "خذوا عني مناسككم" على اشتراط الطهارة في الطواف ؟

    روى مسلم (1297) عن جَابِر قال: " رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَقُولُ : ( لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ).
    وروى البخاري (6008) عن مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ : " أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا أَهْلَنَا وَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا فِي أَهْلِنَا فَأَخْبَرْنَاهُ وَكَانَ رَفِيقًا رَحِيمًا فَقَالَ: ( ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ).
    وهذان الحديثان فيهما الدعوة إلى الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أداء المناسك وفي الصلاة ، ونقل ذلك عنه ، وتبليغه للناس .ولاشك أن من أدى المناسك كما فعل النبي صلى الله وسلم ، فقد أدى العبادة الصحيحة على وجهها، بأركانها، وواجباتها وسننها، وكذلك لو صلى كما صلى النبي صلى الله وسلم.لكنّ هذين الحديثين ، لا يقتضيان وجوب كل فعل فعله صلى الله عليه وسلم في المناسك ، وفي الصلاة ، كما قد يُظن، وكما يقع في كلام بعض الفقهاء، فإن كثيرا من أفعال المناسك التي فعلها النبي صلى الله وسلم سنة مستحبة لا واجبة عند عامة الفقهاء ، كاستلام الحجر الأسود، والاضطباع ، والرمل، وغير ذلك .
    وكذلك الصلاة ، كثير من أفعالها وأقوالها : سنة مستحبة لا تجب ، كالاستفتاح، ورفع اليدين مع التكبير، والزيادة على المرة في تسبيح الركوع والسجود، وجلسة الاستراحة، وغير ذلك.
    فعلم بهذا أنه لا يستفاد تمييز الأركان ، من الواجبات ، والمستحبات ، في الحج أو في الصلاة ، من هذين الحديثين.
    فلو قال قائل: إن الطهارة شرط في الطواف ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف متوضئا وقال خذوا مناسككم، لكان هذا استدلالا ضعيفا، ولقيل له: فلتقل بوجوب الرمل والاضطباع في الطواف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمل واضطبع وقال : خذوا مناسككم.
    فيتعين الوقوف على أدلة أخرى خاصة ، يعلم منها الركن من الواجب من المستحب.
    وقد ذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن الطهارة ليست شرطا في الطواف، لأنه لم يقم عنده دليل على اشتراطها، وهذا مروي عن أحمد رحمه الله، وإليه ذهب ابن تيمية، وهؤلاء لا ينازِعُون في أن من طاف متطهرا ، أنه أصاب السنة، وأن فعله أفضل ممن طاف على غير طهارة ، لكن البحث فيمن طاف على غير طهارة ، هل يبطل طوافه لأن الطهارة شرط ، أو يصح طوافه وعليه دم لأن الطهارة واجبة ، أو لا شيء عليه لأن الطهارة مستحبة فقط .
    قال السبكي رحمه الله في قواعده ، في شأن ركعتي الطواف: " فأما قوله صلى الله عليه وسلم : "خذوا عني مناسككم"، فلا دلالة له على وجوب شيء خاص منها؛ لأن المناسك عامة في الواجب والمندوب، وإذا احتُجَّ به في وجوب فعل شيء خاصّ ، لزم طرده في الجميع، كالرَّمل، والاضطباع، وسائر المسنونات" .
    انتهى نقلا عن "أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم" للدكتور عمر سليمان الأشقر (1/296).
    وقال ابن القيم رحمه الله : "وقد اختلف السلف والخلف في اشتراط الطهارة للطواف على قولين : أحدهما: أنها شرط ، كقول الشافعي ومالك وإحدى الروايتين عن أحمد.
    والثاني: ليست بشرط ، نص عليه في رواية ابنه عبد الله وغيره ، بل نصه في رواية عبد الله يدل على أنها ليست بواجبة ، فإنه قال: أحب إلي أن يتوضأ، وهذا مذهب أبي حنيفة.
    قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية: وهذا قول أكثر السلف. قال: وهو الصحيح فإنه لم ينقل أحد عن النبي أنه أمر المسلمين بالطهارة ، لا في عُمَرهِ ولا في حجته ، مع كثرة من حج معه واعتمر، ويمتنع أن يكون ذلك واجبا ولا يبينه للأمة ، وتأخير البيان عن وقته ممتنع .
    فإن قيل: فقد طاف النبي متوضأ وقال: (خذوا عني مناسككم).
    قيل: الفعل لا يدل على الوجوب . والأخذ عنه هو أن يفعل كما فعل ، على الوجه الذي فعل، فإذا كان قد فعل فعلا على وجه الاستحباب ، فأوجبناه ؛ لم نكن قد أخذنا عنه ، ولا تأسينا به، مع أنه فعل في حجته أشياء كثيرة جدا لم يوجبها أحد من الفقهاء" انتهى من حاشيته على "تهذيب السنن"
    وللدكتور عمر الأشقر رحمه الله بحث مهم حول الاستدلال بهذين الحديثين على وجوب أفعال معينة في الصلاة والحج ، بحجة أن ذلك من بيان المجمل ، وقد ذهب إلى أن حديث (صلوا كما رأيتموني أصلي) كان توجيها وإرشادا لمالك بن الحويرث ومن معه، وليس فيه تعرض لبيان ما يجب وما يستحب.
    ثم قال: "وأما الحديث الثاني: هو "خذوا عني مناسككم" فهو خطاب عام للأمة ، ولا يمكن فيه دعوى الخصوص، لأنه - صلى الله عليه وسلم - قاله لجمهور الحجّاج، وهو على بعيره يرمي جمرة العقبة. وفي رواية: "قاله قبل يوم التروية وخروجهم للحج. فلا يرد هنا ما قلناه في الحديث الأول من امتناع دلالته على البيان العام".
    وأما الوجه الآخر الذي قلناه في الحديث السابق فيأتي هنا، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل في حجته أفعال الحج كلّها من واجب، ومندوب. ولا يتميّز بالفعل واجبه من مندوبه، فلا يصلح الفعل بياناً في ذلك، ما لم يقترن بكل فعل جزئي ، قرينة تدل على أنه بيان.
    ويضاف هنا وجه ثالث، وهو أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني مناسككم" لا يتعيّن أن يكون المراد به ملاحظة أفعاله بخصوصها، بل يصدق على الأخذ عنه - صلى الله عليه وسلم - من أقواله ، بسؤاله عما يُشكل عليهم، والاستماع إلى ما يأمر به ، ويرشد إليه.فأقصى ما يدل عليه الحديث، أن يدل على مشروعية أفعاله - صلى الله عليه وسلم - في الحج، أما التفريق بين واجبها ومندوبها ، فلا بدّ من المصير إلى وجه آخر في الدلالة على ذلك.
    وحكم أفعاله - صلى الله عليه وسلم - من هذه الناحية حكم سائر الأفعال المجرّدة.
    والخلاصة:
    أن هذين الحديثين لا يصلحان دليلاً على أن أفعاله - صلى الله عليه وسلم – في الصلاة والحج واجبة، بناء على أنها بيان للواجب. بل أفعاله - صلى الله عليه وسلم - في هاتين العبادتين مختلطة واجبها بمندوبها ، غير متميزة، والعمدة في تمييز ذلك على الأدلة الأخرى. وينظر في كل فعل بخصوصه ما يحتفّ به من القرائن.

    لقد كثر في كلام الفقهاء إيجاب كثير من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة والحج ، اعتماداً على أن هذين الحديثين دليل على أن أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة والحج بيان للمجمل الواجب، ولا يوجبون أفعالًا منها كثيرة أخرى، حتى ليعجب الناظر من تفريقهم في ذلك.
    والصواب إن شاء الله ، ما ذكرناه ؛ من أنّ أفعاله - صلى الله عليه وسلم - فيهما ليست مميِّزة للواجب من المندوب ؛ إلّا فعلاً خاصاً ، عليه دلالة خاصة أنه بيان لذلك. والله أعلم" .
    انتهى من "أفعال الرسول" (1/ 294- 301).
    وما ذكره السائل من محذور عدم الالتزام بالسنة، كلام مجمل، فإن السنة فيها الواجب والمستحب، فمن ترك الواجب أثم، ومن ترك المستحب فلا حرج عليه.
    وتمييز هذا من هذا يحتاج إلى أدلة خاصة، وليس الاعتماد على هذين الحديثين الكريمين، وإلا لكانت جميع أفعال الصلاة والحج واجبة، وهذا لا قائل به، وفيه حرج عظيم على الأمة.
    والله أعلم.
    https://islamqa.info/ar/255484


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    بارك الله فيكم على هذه الفوائد القيمة
    واضافة الى ما سبق فان الجمهور استدلوا بثلاثة أحاديث
    الأول
    ما بوب عليه البخاري بقوله ( باب الطَّوَافِ عَلَى وُضُوءٍ)
    عن عَائِشَةَ، حَجَّ النَّبِىُّ، عليه السَّلام، فَأَوَّلُ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً،..)
    وقالوا ان فعله يدل على الوجوب الا أن تقوم دلالة على خلاف ذلك
    لكن الفعل المجرد لا يستلزم الوجوب الا بقرينة , كأن يداوم عليه حتى لا يعرف من عادته تركه
    لكن ما حكته عائشة هنا هو وصف لفعل واحد , ومثل هذا يقصر عن الدلالة على الوجوب
    ولهذا لم يفصح البخاري عن الحكم فلم يقل (باب وجوب الطواف على وضوء) بل تركه مبهما محتملا
    الثاني
    الحديث المتفق عليه أنه قال لعائشة رضي الله عنها
    افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي»))
    فنهي الحائض عن الطواف يدل على اشتراط الطهارة لصحته
    ولو كان الطواف يصح بلا طهارة لما نهاها عن الطواف وهي غير طاهرة , والنهي يقتضي الفساد والبطلان .
    والجواب عن هذا من وجهين
    الأول
    أن علة النهي هو قربان المسجد , فمعلوم أن الحائض -والجنب - ممنوعة من دخول المسجد الا للمرور , والطواف فيه لبث بالمسجد فلا تقربه سواء للطواف أو لغيره
    ويدل عليه أنه أباح لها أن تفعل بقية المناسك التي محلها خارج المسجد الا الطواف لأنه لا يكون الا بالدخول اليه
    وثبت عن ابن عمر في الموطأ أنه قال عن الحائض أنها تشهد المناسك مع الناس (وَلَا تَقْرَبُ الْمَسْجِدَ حَتَّى تَطْهُرَ)
    أما الزيادة التي وقعت في رواية مالك
    (غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ)
    فقد تفرد بها يحيى بن بحبى عن مالك من دون كل الرواة , لذلك لم يخرجها الشيخان
    والوجه الثاني

    على فرض صلاحية الحديث للاحتجاج , فليس فيه الا منع الحائض من الطواف لفقدان الطهارة الكبرى , فأين الدلالة على منع غير المتوضئ من الطواف ؟
    فاشتراط الطهارة الكبرى لا يستلزم اشتراط الصغرى
    الحديث الثالث .
    الحديث المروي في السنن عن ابن عباس
    «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِخَيْرٍ»
    والصلاة يشترط لها الطهارة بالاجماع
    والجواب أن هذا الحديث روي مرفوعا وموقوفا , وصحح الأئمة وقفه فلا دلالة فيه على الوجوب
    فان قيل أنه كلام صحابي ولا يقال بالرأي أو أن له حكم الرفع
    فالجواب أن تسميته صلاة لا يستلزم الاشتراك من كل وجه
    وفي الحديث أن الصلاة مفتاحها الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم
    والطواف ليس فيه احرام ولا تسليم , فلا طهارة فيها ,
    ويجوز في الطواف ما لا يجوز في الصلاة , مثل الكلام والقهقهة والأكل
    وهذه الأفعال تبطل الصلاة بخلاف الطواف فدل على افتراقهما في الشروط والأحكام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا ونفع بكم على هذه الإضافات النافعة .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •