تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: نظرات في كتب !

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي نظرات في كتب !

    نظرات في كتب (1)

    فواصل الجمان في أنباء وزراء الزمان
    سفر جليل يقع في أكثر من 300 صفحة من القطع المستطيل ، طبع المطبعة الجديدة بفاس ، يمكنني أن أقول عنه : إنه من أنفس ما أخرجته مطابعُنا في هذا العام ؛ لما يحويه من الفوائد الأدبية والتاريخية .

    يتبع بإذن الله ..
    ___________
    (1) نشرت هذه النظرات بمختلف الصحف المغربية، للعلامة عبد الله بن كنون رحمه الله .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    إنه ليس كتبَ تراجم فقط كما يفهم من عنوانه ، ولكنه كتابُ أدب وتاريخ وسياسة أيضا ، بيد أنه مفرغٌ في قالب من السَّجع رصين ، وأسلوب من الإنشاء الأندلسي متين.
    وبه ساغ للمؤلف أن يذكر من الوقائع والحوادث التاريخية تصريحًا أو تلويحًا ما لولاه لاضطر إلى تحريفه أو تناسيه بالمرة.
    وبعبارة أوضح : فإن هذه الطريقة مكنته من التعبير عما يكنُّه فكره من الأنظار والملاحظات بكل حرية وصراحة ، فهذه مزية ذلك الأسلوب في نظري ، والعذر الذي نتقبله من صاحبه حيث إن عصر الفتح بن خاقان انقضى وانقضى معه ذلك الأدب الرسمي المتكلف .
    أما مؤلف الكتاب فإنه ذلك الكاتب الكبير والأديب الشهير: السيد محمد بن المفضل غريط ، ولا أزيدك به معرفة ؛ فإنه أشهر من أن يُعـرَّف ، وفضله الجمُّ وأدبُه الغزيرُ لا أحسن في التدليل عليهما من قراءة بعض قصائده الرقيقة السلسة العذبة أو قراءة كتابه الذي نحن في صدد التعريف به .
    ولقد أحسن بعضُ الأدباء حين أطلق عليه ( أديب فاس ) فهو الباقية الصالحة ممن أنجبتهم العاصمة الإدريسية من الأدباء على الطراز القديم .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    يتناولُ الكتابُ ترجمةَ حياةِ عديدٍ من النوابغ في الإدارة والسياسة والأدب ، ممن عاشوا غالبًا في القرنين الثالثَ عشرَ الماضي والرابعَ عشرَ الحاضر ، لا يتعمق في البحث إلى تحليل نفسياتهم وتحديد منازعهم الفكرية والأدبية ، وإنما يَذكرُ ما تقلبوا فيه من الوظائف والخدمات التي أكسبتهم حنكةً وتجربةً وأهلتهم بعدُ لتولي المناصب الرفيعة من الصدارة والوزارة والحجابة التي لا يخلون عليها في الغالب من منازع أو كائد أو حسود حتى أنه لم ينج أحد منهم من نكبة أو سقطة أو عثرة ، أولئك هم الوزراء وتلك هي أنباء الوزراء .

    أما الكتاب فيقولُ لك عما خصوا بالإجادة فيه من فني النظم والنثر ، ويأتي بشذراتٍ من أخبارهم ومنتجاتِ أفكارهم ، وربما أتى في بعض المرار بتفصيل نشأة المترجَمِ وحالته في التدرج من ضعةٍ إلى رفعةٍ ، ومن خمولٍ إلى ظهورٍ ، مما تظهر فائدته ونتيجته في تعرف شخصية المرء والبحث عن أطوار حياته منذ الصغر .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    هذا منهج الكتاب وأسلوبه الذي سار عليه في ترجمة الأشخاص منذ البدء إلى الختام ، وهناك ناحيةٌ أخرى من نواحي الكتاب لا يجملُ بنا أن نمرَّ عليها من دون أن نلقي عليها نظرة كاشفة لما لها من الأهمية التاريخية ، ولأنها الوحيدة التي تهم المؤرخَ والأديب كما تهم أحدَ أفراد الطبقة المستنيرة من الأمة ، تلك هي الوقائع والحوادث التاريخية التي جرت على عهد المترجمين ، وما كان موقف الواحد منهم بإزائها وما عمله من صالح نافع أو سيء ضار.
    فهذه الناحية من أخص نواحي الكتاب الجديرة بإطالة التأمل وإنعام النظر .
    وترى المؤلف فيها يختصر ويُسهِبُ ، ويتحفَّزُ ويثبُ ، بحسب المناسبة وعدمها وانفساح الطريق وضيقها ولا نلومه على شيء من ذلك ، بل نعجبُ بمقدرته البيانية وعبقريته الفكرية حيث تأتى له ذكر ما لم يجرؤ أحد على ذكره ولا التحويم حوله ، مرتثيًا منتقدًا في كل ما يصح الارتياء فيه والانتقاد ، مصرحًا تارة وملوحًا أخرى ، مظهرًا تأسفه طورًا وطاويًا على كمد طورًا آخر .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    فما أحسن قولَهُ بعد أن أتى بنص الكتاب السلطاني الذي استصدره الوزير ابن سليمان في شأن إصلاح حالة العمال وتوظيف الترتيب وتنظيم الجبايات التي يراها كافيةً ومُغنيةً عن عقد القروض الأجنبية المطوحة بالبلاد في مهاوي الإفلاس :" وأحبب بها من خطة لو أنتج قياسُها ، وأثمر غراسُها " وقوله في وصف ثورة العساكر المخزنية التي عقبها احتلال فاس وبسط الحماية بعد أن أتى على وصف الحالة الاجتماعية السيئة التي كانت عليها الأمة عهدئذ بعبارة مؤثرة تستنزف العبرات وتستتبع الزفرات : " ولم يزل أولئك الشبابُ يلجون من الشهوات كلَّ باب ، إلى أن بلغت المهلة مداها ، فنبهتهم صيحةٌ طبَّقَ المعمورَ صداها .
    فبينما الناس في عيش مريع ، وابتهاج بفصل الربيع ؛ إذ تسبَّبَ عسكر التنظيم في حادث عظيم أربى على ما تقدمه من الحوادث ، واستثقله الجادُّ واستخفَّ به العابث " إلخ .
    وإن ما يشجيك كثيرًا ويملك عليك مشاعرَك هو الإخلاصُ المتدفق من يراع هذا الكاتب القدير والوطنية المتجسمة في كل جملة من جمله ، فإنك إذا استرسلت في المطالعة وكنت رهيف القلب رقيق العاطفة لا شك تستبقُكَ العبراتُ أو تتحجر في مآقيك حتى لا تعود تبصر إلا سوادًا في سواد مما يتركه في نفسك من الأثر العميق ، ذلك الوصف الدقيق لما أحاط بالأمة من البلايا والمحن بسبب التهاون والتفريط .
    ولولا خوف الإطالة لجلبت لك هاهنا نماذجَ من ذلك ، ولكن ارجعْ أنتَ بنفسك إلى الكتاب فإنه بمتناول يدك إن شئت .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    ولا نغفل عن خاصةٍ أخرى من خواصِّ الكتاب وهي أن المؤلف كثيرًا ما يسدِّدُ سهامَ الطعن والملام إلى الخونة والمنافقين باعة الضمائر واتباع الناعقين ، ولا يألو جهدًا في فضيحتهم والتشنيع عليهم والتشهير بهم وإظهار ما ارتكبوه من الجنايات الفظيعة على الأمة والوطن وما جروه على المسلمين من الويلات والمحن بسبب تذبذبهم وضعف إيمانهم سالكًا في ذلك منهجه المألوف وسبيله المعروف .
    ومما يحسن إيراده هنا قوله بعد أن ذكر البيعةَ الحفيظيةَ ، وما كان لها من أثر سيءٍ في مختلف الأندية والمجتمعات ، وما أثير حولها من ضجة كبيرة بفاس ؛ " وتولى كبرها أفراد منهم من نشله المخزن من وهدة الخمول ، واقتنى من نعمة الموضوع والمحمول ، فذبَّ عن صوانها بكفرانها .
    ومنهم متبجح أرهق نفسه عسرًا ، واتخذ النفاق جسرًا فأصاب خسرًا ، ألف وصنف فما قرط ولا شنف ، بل باء بها شنعاء غادرته يلتمس الجدران ، ويجتزي عن لقاء الإخوان بمجالس النسوان ، ويطرق إطراق الأفعون ، ينتظر للوثوب الأوان ، إلى أن رفع سربه وانقطع من حوض الحياة شربه ، شأن الآخر والأول من القومة في تأسيس الدول ، وقد كان لبرق الولاية شائمًا ، وعلى مورد الرياسة حائمًا ، فأتاه الشر من حيث قدر ضده ، وأصابه السهم من حيث لا يملك رده ، ومنهم مستظهر بأقوام وحاشية وخدام ، يرسل الكلاب على البقر ، ويستميل من بغى وعقر ، ومنهم فقيرٌ عائلٌ ينظر إلى قول القائل :
    إذا لم يكن للمرء في دولة امريء ... نصيب ولاحظ تمنى زوالها

    وظهرت رجال فتح لهم في مموهات الأقوال ، بتقلبات الأحوال ، باب التروي والارتجال ، وأصبح أعلام الفقهاء تحت أحكام السفهاء ، وروؤس الأغنياء في قبضة الأغبياء " إلخ .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    أما قيمة الكتاب الأدبية فلقد أسلفنا لك عن أسلوبه وطريقته ما فيه غُنْيَةٌ ، وقد تكونُ استطعتَ أن تلمس حقيقةَ ما وصفناه به من النظر في هذه الفِقَرِ التي جلبناها لك نظر تأمل وإمعان ، ونزيد فنقول : إنَّ كلَّ ما فيه للمؤلف من أثر ، هو أرقى وأعلى مما فيه لغيره .

    هذا ما للكتاب ، ولدينا عليه بعض المآخذ لا بد من الإشارة إليها ؛ لئلا نُتَّهَمَ بالميلِ والتحيز للمؤلف ، وإن كان ليس بيننا وبينه إلا أخوة الإسلام ورابطة الأدب :
    1) إغفاله لبعض المشاهير وكان يجب أ يأتي بهم في طالعة الكتاب كأبي القاسم الزياني الذي ليس في المذكورين من خدم الدولة ونصح لها وأخلص مثله ، كيف وقد كان السفير والوزير والمشير ؟ وكالمرحومين الأدبيين السليماني وابن المواز .
    فإن قيل : إنه لم يذكر المعاصرين فكيف يجاب عن عبد السلام المحب ، أوليس معاصرًا ؟
    2 ) سوء التقدير والاختيار في بعض المواضع ، ويظهر ذلك بالمقارنة بين ما وصف به المولى عبد السلام وما وصف به الكردودي ، وبقياس ما أثبته للوزير ابن إدريس والكنسوس من الآثار الأدبية الضعيفة على ما لهما من آثار أخرى قوية لم يذكرها .
    3 ) فحش الأغلاط المطبعية التي لم يخل منها مؤلف صدر في هذه الأيام ، وذلك مما يؤسف له جدا . فهل لأصحابها أن يتداركوا هذا الخلل فيصلحوه ؛ لا بوضع جدول الخطأ والصواب في الآخر ولكن بحذفه البتة .

    فما عدا هذا فما في الكتاب ما ينقد ، وإننا نجدِّدُ للمؤلف عبارات الشكر والامتنان على هذه الطرفة النفيسة التي أتحف بها الخزانة المغربية ونستحث همته للمثابرة على إصدار بقية كتبه النفيسة .اهــ

    من كتاب التعاشيب ص 129 - 133 .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •