تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 7 من 7 الأولىالأولى 1234567
النتائج 121 إلى 136 من 136

الموضوع: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

  1. #121
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    ردم الفجوة وتقليل المسافة:

    1- الأخ الفاضل الطيبوني خلاصة نظريته كالتالي:
    الله قادر على الفعل اللازم والمتعدي بلا نهاية، وممكن - الإمكان الذهني والخارجي- أن يفعل ويحدث ويخلق شيئا بعد شيء، من غير قدم شيء معين من أفعاله ومفعولاته = لكن لا أجزم بالوقوع ولا بعدم الوقوع؛ لأن ذلك من أخبار الغيب فيحتاج إلى دليل سمعي.

    هذه خلاصة النظرية وأرجو أني فهمت عنه كما أراد؛ فعادت نظريته إلى: عدم العلم بالامتناع، والشك في الوقوع (وكلاهما عدم علم).

    * نعم هو كما فهمت . و لا زلت ازعم ان الخلاف في المسالة حادث و ان للمخلوقات اول . و خلاف السلف في اول مخلوق على الاطلاق لا كما تذهبون اليه و تقيدونه بهذا العالم المشهود . و قد ذكرت من صريح عباراتهم في ذلك الكثير من اول الموضوع الى اخر صفحة فان نشطت اقتبست المهم من ذلك .

    و ما تكلمت عليه سابقا من حمل كلام العلماء على اصولهم و قواعدهم لا يستقيم لكم الا ان يكون ما قررتموه و فهمتموه من تقرير الاصل موافق لما ذهبوا اليه . فقد وجدنا من كلام السلف و اعلام العلماء من يقرر ان الله عز وجل لم يزل يفعل و ان الله كان و لا شيء غيره ثم خلق الخلق . و وجدنا في كلامهم من يقول بان للمخلوقات اول .

    فالذي يفهم من كلامهم ان الخلق له بداية . وان هذا خاص بالافعال المتعدية .

    و مع ذلك لم نجد في كلامهم من يقول ان الخلق ليس له بداية و ان ما من مخلوق الا وقبله مخلوق الى ما لا نهاية . فمع جلالة المسالة و عدم وجود ذلك من صريح عباراتهم بعد التتبع لذلك حسب القدرة . و مع وجود المقتضى لذلك في ردودهم على الجهمية و من يمنع دوام الفعل من الجهتين نكاد نجزم انهم على وفاق في ان للمخلوقات اول .




    2- خلاصة نظريّتنا كالآتي:
    إن
    الله قادر على الفعل اللازم والمتعدي بلا نهاية، وممكن - الإمكان الذهني والخارجي- أن يفعل، أو أن يخلق شيئا بعد شيء، من غير قدم للأفعال والمفعولات = لكننا نجزم بالوقوع لأمور ثلاثة:

    الأول: الفعل الكمالي إما أن يكون ممتنعا أو واجبا.
    فإن لم يكن ممتنعا فهو واجب، وإقحام الحكمة والمشيئة في هذه النقطة حشو؛ لأن فعل الشيء لا يكون إلا مع لوازمه وانتفاء أضداده.

    * لعلك توضح مقصودك بالفعل الكمالي ؟ و هل الكمال هو في الخلق المجرد . ام الكمال المضاف الى الله عز وجل في هذه الجهة هو في الخلق المرتبط بالحكمة و المشيئة ؟

    الثاني:
    لو خلا الرب من الفعل في أحد الزمانين لم يكن فعَّالاً؛ فوجب دوام الفعل أزلاً؛ لأن المتصف بالفعل أكمل ممن لا يتصف به، ولأن الفعل لازم من لوازم الحياة ، وكل حيّ فهو فعّال، والله تعالى حيٌّ فهو فعّال، فلا أوّل لفعله المتعدي واللازم؛ فكما لا تنفك عنه حياته سبحانه لا تنفك عنه الفاعلية والخالقية والعطاء.

    القول بان المخلوقات لها اول لا يمنع ان يكون الله عز وجل حي فعال . و الخلق و ما يتبع ذلك من امداد راجع الى حكمته و مشيئته . و ما يشاهد و يعلم من خلق الاشياء في ازمانها المقدرة يدل على ان الكمال كما قلت سابقا قد يكون في عدم الخلق . فلا يستدل بالوصف على وجوب التسلسل و ان الكمال في الوقوع . لانه يلزم من ذلك ان يوجد كل ممكن في اول زمن يقدر . فان رد ذلك بان كل حادث مخلوق كماله ان يوجد في زمنه المقدر . لزم ذلك كل المخلوقات . وان تاخيرها جملة الى زمن يكون فيه اول الخلق يعقبه ازمنة اخرى تتعاقب فيه المخلوقات شيئا بعد شيء لا اشكال فيه . و الله اعلم

    الثالث: إطلاق النصوص الشرعية وعمومها وانتفاء الدليل المقيّد بزمن معيّن أو وقت محدّد: {إن ربك هو الخلاق العليم} {وهو الخلاق العليم}{بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} {فعّال لما يريد} {يفعل ما يريد}، مع تقرير السلف بأنه لم يزل كذلك ولا يزال.
    هذه الأمور مجتمعة دلّت على الوقوع بالفعل لا بالقوّة فقط فجزمناه.
    وربك أعلم.

    النصوص الشرعية كذلك دلت على ان الخلق مرتبط بالمشيئة . فلا يفهم منها الجزم بان الله عز وجل لم يزل يخلق . بل الذي يفهم من مجموع النصوص ما قرره اهل السنة . ان الله عز وجل يخلق ما يشاء ( متى شاء ) .

    و ما فهمتموه من هذه النصوص من تسلسل الخلق في جهة الازل ليس لكم فيه امام . فدونك كتب الائمة و المفسرين
    هات عبارة واحدة لامام قبل شيخ الاسلام رحمه الله يذهب الى ما ذهب اليه ؟

    و الله اعلم


    ......

  2. #122
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    المسألة الأولى: لا يكون في أفعال الله ومفعولاته شيء قديم بعينه.

    المسألة الثانية: لم يزل الله خلّاقا وخالفا وفعالا لما يريد، موصوفا بصفة الخلق والفعل، لم يصر خلّاقا وفاعلا بعد أن لم يكن.

    المسألة الثالثة: لا فرق في دوام الفاعلية والخالقية والعطاء بين الأفعال اللازمة والمتعدية.

    المسألة الرابعة: الإمكان هنا هو الإمكان الخارجي المتعلق بالفاعل، ومعلوم أن الكمال الممكن واجب لله على ما سبق بيانه؛ فإن نفس كون الفاعل فاعلا وخلّاقا وخالقا يوجب حدوث الفعل والخلق في الأزل وفيما لا يزال على سبيل التعاقب، فلا أول لعطائه {بل يداه مبسوطتان} وفعله {فعال لما يريد} وخلقه{إن ربك هو الخلاق العليم}؛
    فمادام الله حيا فهو فعّال لما يريد، خلّاق لما يشاء؛ ومن لا يكون له فعل فهو ميت كما قال السلف.



    المسألة السادسة: اختلاف الأثرية في أوّل المخلوقات إنما في العالم المشاهد، وفي الأعيان الغيبية في حقنا المذكورة في النصوص كالعرش والماء، لا في دوام الفاعلية والخالقية وتسلسل الآثار في الماضي
    وما أوهَمَ عدم تسلسل الآثار من كلام بعض العلماء كلفظ (بدء الخلق) و (قبل أن يخلق شيئا) فإننا نحمله على أصول صاحب المقالة، ونفسّره بنصوصه الأخرى بلا تكلّف ولا تعسّف؛ لأن قواعد العلماء وتحريراتهم في غير الموضع المتشابه يفسّر مرادهم ومقصودهم في هذه الألفاظ التي توهم الأولية والابتداء المطلق.

    مثال ذلك:
    1- قال ابن عباس رضي الله عنه: [إن الله كان على عرشه، قبل أن يخلق شيئا، فكان أول ما خلق الله القلم، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة]
    أخرجه الدرامي في النقض والرد وابن جرير في التفسير والتاريخ والآجري في الشريعة.

    فهل يقول أحدنا: ابن عباس يقول بالأولية والابتداء وينفي التسلسل في الآثار في الماضي لقوله: (قبل أن يخلق شيئا)؟
    أو يقول: إنه يرى عدم مخلوقية العرش؟
    وقد صح عنه ابن عباس أنه سئل: على أي شيء كان العرش؟
    فقال: على الماء،
    فقيل له: على أي شيء كان الماء؟
    فقال: على متن الريح، وكانت الريح على الهواء. أو كما قال.

    2- قال التابعي مجاهد بن جبر رحمه الله في قول الله: ﴿وكان عرشه على الماء﴾: [كان عرشه على الماء، قبل أن يخلق شيئا) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم.

    فهل يقول عاقل: مجاهد: يقول بأن العرش والماء ليسا من المخلوقات، لقوله: (قبل أن يخلق شيئا)؟
    كلا، بل المراد ضرورة: قبل أن يخلق شيئا من العالم المشاهد كما بدأ به ابن جرير الطبري في تفسير الآية:
    (وقوله: ﴿وكان عرشه على الماء﴾ يقول: وكان عرشه على الماء قبل أن يخلق السموات والأرض وما فيهن).

    3- قال ضمرة التابعي رحمه الله: [إن الله كان عرشه على الماء، وخلق السموات والأرض بالحق، وخلق القلم، فكتب به ما هو خالق، وما هو كائن من خلقه، ثم إن ذلك الكتاب سبّح الله ومجّده ألف عام، قبل أن يخلق شيئا من الخلق].
    أخرجه الطبري في التفسير والتاريخ وأبو الشيخ في العظمة.
    وقد وري مرفوعا عن ضمرة عن جبير بن نفير مرفوعا.

    فهل يقال إن ضمرة يقول بالأولية وانقطاع الأفعال والمفعولات في قوله: (قبل أن يخلق شيئا)؟
    وأنه يقول بعدم مخلوقية العرش والماء والقلم والكتاب مع التصريح بالمخلوقية فيلزم الاضطراب والتناقض؟
    أو يقال: يعني: قبل أن يخلق شيئا من العالم المشاهد؟

    الخلاصة: قال رب العزة جلّ في علاه:
    ﴿ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾،
    وقال جل ذكره:﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾،
    وقال:﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيل﴾،
    ﴿قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّار﴾،
    ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾،
    ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾،
    ﴿كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾،
    ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾،
    ﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾،
    ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُون﴾،
    ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون﴾،
    ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾

    فاسم الخالق والخلاق، والخلق والفعل، مما تمدّح به الرب، ووصف به نفسه فأثبت لنفسه ما يستحقه من الكمال، فكما لا أوّل لوجوده عزّ شأنه فلا أوّل لعطائه وأفعاله وخلقه، بل هو في كل لحظة يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، ويخلق ما يشاء وهو الخلاق العليم.
    فمن قال: لم يزل خالقا وخلاقا لما يشاء في الأزل من غير أزلية فعل معيّن أو مفعول معين فالخلاف معه ليس جوهريا إن شاء الله.
    ومن قال بخلاف هذا فقد جازف ولم يقدّر الله حق قدره.

    والخلاف الحادث في المسألة إنما هو في أوّل الأعيان من عالم الشهادة، أو في المخلوقات الغيبية المذكورة في القرآن والسنة كالماء والعرش والقلم والريح ونحوها.
    وربك أعلم.
    نعم بارك الله فيك أتفق معك تماما

  3. #123
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    ردم الفجوة وتقليل المسافة:

    1- الأخ الفاضل الطيبوني خلاصة نظريته كالتالي:
    الله قادر على الفعل اللازم والمتعدي بلا نهاية، وممكن - الإمكان الذهني والخارجي- أن يفعل ويحدث ويخلق شيئا بعد شيء، من غير قدم شيء معين من أفعاله ومفعولاته = لكن لا أجزم بالوقوع ولا بعدم الوقوع؛ لأن ذلك من أخبار الغيب فيحتاج إلى دليل سمعي.

    هذه خلاصة النظرية وأرجو أني فهمت عنه كما أراد؛ فعادت نظريته إلى: عدم العلم بالامتناع، والشك في الوقوع (وكلاهما عدم علم).

    2- خلاصة نظريّتنا كالآتي:
    إن
    الله قادر على الفعل اللازم والمتعدي بلا نهاية، وممكن - الإمكان الذهني والخارجي- أن يفعل، أو أن يخلق شيئا بعد شيء، من غير قدم للأفعال والمفعولات = لكننا نجزم بالوقوع لأمور ثلاثة:

    الأول: الفعل الكمالي إما أن يكون ممتنعا أو واجبا.
    فإن لم يكن ممتنعا فهو واجب، وإقحام الحكمة والمشيئة في هذه النقطة حشو؛ لأن فعل الشيء لا يكون إلا مع لوازمه وانتفاء أضداده.

    الثاني:
    لو خلا الرب من الفعل في أحد الزمانين لم يكن فعَّالاً؛ فوجب دوام الفعل أزلاً؛ لأن المتصف بالفعل أكمل ممن لا يتصف به، ولأن الفعل لازم من لوازم الحياة ، وكل حيّ فهو فعّال، والله تعالى حيٌّ فهو فعّال، فلا أوّل لفعله المتعدي واللازم؛ فكما لا تنفك عنه حياته سبحانه لا تنفك عنه الفاعلية والخالقية والعطاء.

    الثالث: إطلاق النصوص الشرعية وعمومها وانتفاء الدليل المقيّد بزمن معيّن أو وقت محدّد: {إن ربك هو الخلاق العليم} {وهو الخلاق العليم}{بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} {فعّال لما يريد} {يفعل ما يريد}، مع تقرير السلف بأنه لم يزل كذلك ولا يزال.
    هذه الأمور مجتمعة دلّت على الوقوع بالفعل لا بالقوّة فقط فجزمناه.

    وربك أعلم.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    ردم الفجوة وتقليل المسافة:

    الفجوة فى هذه المسألة اخى الفاضل أبو محمد المأربي ردمت وقلت المسافة بتقريرك وبيانك الاخير اما الفجوة عند اخى الفاضل الطيبونى فلم تردم بعد
    لكن لا أجزم بالوقوع ولا بعدم الوقوع
    لماذا لا يجزم بالوقوع والجواب دائما من اخى الفاضل الطيبونى ان الامر متعلق بالمشيئة والجواب هل كان الرب جل وعلا دائما دهورا متعاقبة لا يفعل لمحض المشيئة- نعم افعال الله تابعة للحكمة والمشيئة- ولكن هل الحكمة والمشيئة تقتضى عدم الجزم بالفعل على الاطلاق- وقد ضربت مثال لأخى الطيبونى فى مواضيع سابقة بصفة الكلام وان الرب تعالى لم يزل متكلما بمشيئته- هل تعلق الكلام بالمشيئة يدل على عدم الجزم بالكلام - ام يدل على الوقوع ولكن متى شاء
    هذه خلاصة النظرية وأرجو أني فهمت عنه كما أراد؛ فعادت نظريته إلى: عدم العلم بالامتناع، والشك في الوقوع (وكلاهما عدم علم).
    هل يشك فى الوقوع فى الماضى ام الماضى والمستقبل والرد عليه كما لا يمنع تسلسل الحوادث فى المستقبل فلما يمنعها فى الماضى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    ردم الفجوة وتقليل المسافة:

    1- الأخ الفاضل الطيبوني خلاصة نظريته كالتالي:
    الله قادر على الفعل اللازم والمتعدي بلا نهاية، وممكن - الإمكان الذهني والخارجي- أن يفعل ويحدث ويخلق شيئا بعد شيء، من غير قدم شيء معين من أفعاله ومفعولاته = لكن لا أجزم بالوقوع ولا بعدم الوقوع؛ لأن ذلك من أخبار الغيب فيحتاج إلى دليل سمعي.

    هذه خلاصة النظرية وأرجو أني فهمت عنه كما أراد؛ فعادت نظريته إلى: عدم العلم بالامتناع، والشك في الوقوع (وكلاهما عدم علم).

    2- خلاصة نظريّتنا كالآتي:
    إن
    الله قادر على الفعل اللازم والمتعدي بلا نهاية، وممكن - الإمكان الذهني والخارجي- أن يفعل، أو أن يخلق شيئا بعد شيء، من غير قدم للأفعال والمفعولات = لكننا نجزم بالوقوع لأمور ثلاثة:

    الأول: الفعل الكمالي إما أن يكون ممتنعا أو واجبا.
    فإن لم يكن ممتنعا فهو واجب، وإقحام الحكمة والمشيئة في هذه النقطة حشو؛ لأن فعل الشيء لا يكون إلا مع لوازمه وانتفاء أضداده.

    الثاني:
    لو خلا الرب من الفعل في أحد الزمانين لم يكن فعَّالاً؛ فوجب دوام الفعل أزلاً؛ لأن المتصف بالفعل أكمل ممن لا يتصف به، ولأن الفعل لازم من لوازم الحياة ، وكل حيّ فهو فعّال، والله تعالى حيٌّ فهو فعّال، فلا أوّل لفعله المتعدي واللازم؛ فكما لا تنفك عنه حياته سبحانه لا تنفك عنه الفاعلية والخالقية والعطاء.

    الثالث: إطلاق النصوص الشرعية وعمومها وانتفاء الدليل المقيّد بزمن معيّن أو وقت محدّد: {إن ربك هو الخلاق العليم} {وهو الخلاق العليم}{بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} {فعّال لما يريد} {يفعل ما يريد}، مع تقرير السلف بأنه لم يزل كذلك ولا يزال.
    هذه الأمور مجتمعة دلّت على الوقوع بالفعل لا بالقوّة فقط فجزمناه.

    وربك أعلم.
    نعم اتفق معك تماما

  4. #124
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    ........
    يقول سبحانه :{ مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ . وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا }

    .......
    فلماذا نتعدى فهمنا وقدر عقولنا .. ونبحث فى أمور غيبية .. أمرنا الله باليقين والإيمان بها دون بحث أو شك أو ريبة ..
    ......

  5. #125

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    نعم بارك الله فيك أتفق معك تماما
    وإياكم وفقكم الله ونفع بكم المسلمين

  6. #126
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    ........
    يقول سبحانه :{ مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ . وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا }

    .......
    فلماذا نتعدى فهمنا وقدر عقولنا .. ونبحث فى أمور غيبية .. أمرنا الله باليقين والإيمان بها دون بحث أو شك أو ريبة ..
    ......
    أليس من الايمان اخى السعيد شويل ان نؤمن بمعانى أسماء الله الحسنى وصفاته العلَى ودلالة الاسماء والصفات أم انها اسماء وصفات مجردة ليس لها معانى
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فأسماؤه كلها متفقة في الدلالة على نفسه المقدسة، ثم كل اسم يدل على معنى من صفاته؛ ليس هو المعنى الذي دل عليه الاسم الآخر، فالعزيز يدل على نفسه سبحانه مع عزته، الخالق يدل على نفسه سبحانه مع خلقه، الرحيم يدل على نفسه مع رحمته" انتهى.
    أمرنا الله باليقين والإيمان بها دون بحث أو شك أو ريبة
    إذا سألتك اخى السعيد عن كيفية الايمان بالاسماء والصفات فبماذا تجيب؟؟؟؟؟؟
    وجوابى قبل ان تجيب

    يجب الإيمان بما أثبته الله تعالى لنفسه من الأسماء والصفات ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من ذلك، من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تعطيل.
    ويدخل في ذلك الإيمان بأنه السميع البصير العليم الحكيم، وأن من صفاته السمع والبصر والعلم والحكمة، والاستواء والمجيء والفرح والضحك والغضب والرضا، وأن له وجها ويدين، كما أخبر عن نفسه، وأخبر عنه نبيه المعصوم صلى الله عليه وسلم، إلى غير ذلك من الأسماء والصفات.
    والإيمان بذلك داخل في الإيمان بالله تعالى ، الذي هو أس الإيمان وركنه الأعظم.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ومن الإيمان بالله : الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه العزيز، وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ؛ من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل .
    بل يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
    .
    فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه ، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه ؛ لأنه سبحانه: لا سمي له، ولا كفء له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى.
    فإنه أعلم بنفسه وبغيره ، وأصدق قيلا، وأحسن حديثا من خلقه. ثم رسله صادقون مصدقون؛ بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون. ولهذا قال: ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ، فسبح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل، وسلم على المرسلين؛ لسلامة ما قالوه من النقص والعيب.
    وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات.
    فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون؛ فإنه الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين" .
    انتهى من "الواسطية مع شرحها" للشيخ خليل هراس،

    الإيمان بالأسماء والصفات يقوي اليقين بالله، وهو سبب لمعرفة الله، والعلم به، بل إن العلم بالله ومعرفة الله - جل وعلا - تكون بمعرفة أسمائه وصفاته، وبمعرفة آثار الأسماء والصفات في ملكوت الله جل وعلا
    أمرنا الله باليقين والإيمان بها
    ما وضحته لك هو معنى الايمان بأسماء الله وصفاته واليقين بها
    ونبحث فى أمور غيبية
    الإيمان بالغيب يشمل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنة والنار والقدر، وما ذكر في القرآن قال -تعالى-: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ
    والإيمان بالله هو الاعتقاد الجازم بوجوده سبحانه وتعالى، وربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته.
    أربعة أمور لا بد منها لتحقيق الإيمان بالله
    الايمان بالله يتضمن أربعة أمور، فمن آمن بها فهو المؤمن حقاًّ.
    فلماذا نتعدى فهمنا وقدر عقولنا .. ونبحث فى أمور غيبية
    أسألك سؤلا اخى السعيد شويل أليس الايمان باليوم الاخر من الغيب ومع ذلك نعلم تفاصيل ذلك اليوم الى ان يدخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار والسؤال من الذى اخبرنا عن هذا الغيب وتفاصيله والجواب ورد ذلك فى الكتاب والسنة وأمرنا الله بالايمان بما اخبر به فكذلك الامر بالنسبة الى الايمان بالله ومنه الايمان بالاسماء والصفات
    ونبحث فى أمور غيبية
    الغيب هنا : كل ما غاب عنا وأُخبرْنا عنه، وكان الخبر يقينيا، خبر الله في القرآن، وخبر النبي صلى الله عليه وسلم

    لا شك أن الأخبار الغيبية أنها أخبار عن أمر ما شاهدناه ولا رأيناه، فما هي طريقتنا في ذلك؟ وماذا نفعل؟ علينا أن نؤمن ونصدق به، إذا كان الخبر من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

    مثال ذلك : اخبرنا الله أنه فوق سماواته، على عرشه، بائن من خلقه هذا من الإيمان بالغيب، فعلينا ان نصدق به، وهكذا
    ****************
    فى الحديث أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) رواه أحمد وهو صحيح
    ( أو استأثرت به في علم الغيب عندك )
    ومعلوم أن ما استأثر الله بعلمه لا تمكن الإحاطة به وهو مجهول بعينه لأن الله استأثر به
    أما ما انزله الله فى كتابه فنحن نؤمن به لفظا ومعنى نؤمن بما أثبته الله تعالى لنفسه من الأسماء والصفات ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم
    قال الامام ابن باز
    إثباتها لله على الوجه اللائق بالله.. على الوجه اللائق بجلاله ، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، الصحابة  وأتباعهم بإحسان هم أهل السنة والجماعة، قاعدتهم الإيمان بأسماء الله وصفاته، وإثباتها لله، وأنها حق، وأنها ثابتة على الوجه اللائق بالله، من غير تحريف لها لا بالزيادة، ولا بالنقص، ولا تعطيل لها كما تفعل الجهمية، ولا تمثيل كما تفعل المشبهة، بل يؤمنون بأنها حق، وأن الله جل وعلا مسمى بها، وموصوف بمعانيها، إثباتًا بلا تمثيل، وتنزيهًا بلا تعطيل؛ خلافًا للجهمية والمعتزلة، ومن شرع في ركابهم.
    الجهمية نفوا أسماء الله وصفاته، والمعتزلة نفوا الصفات، قالوا: سميع بلا سمع .. عليم بلا علم، وهذا غاية في التعطيل نعوذ بالله، وهذا ضلال وكفر، فأهل السنة والجماعة يقولون: عليم بعلم، سميع بسمع، رحيم برحمة، يثبتون أسماءه وصفاته جل وعلا، هذا قول أهل السنة والجماعة، يثبتون أسماء الله، ويثبتون الصفات التي دلت عليها الأسماء، وأنها تليق بالله لا يشابهه فيها خلقه كما قال سبحانه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ۝ اللَّهُ الصَّمَدُ ۝ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ۝ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[الإخلاص:3-4] لا أحد يكافئه؛ لأنه كامل في كل شيء .
    وله المثل الأعلى، له الوصف الأعلى في كل شيء وقال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[الشورى:11] لكماله في ذاته وصفاته لا يماثله شيء، كل المخلوقات ناقصة، وله الكمال المطلق ، علم المخلوق ناقص، رحمته ناقصة، سمعه ناقص إلى غير ذلك، أما صفات الله فهي كاملة لا يعتريها نقص، وثابتة لله لا يشابه فيها خلقه. سميع يسمع أقوال عباده، يسمع دعاءهم وإن كانوا في جوف البحر، وإن كانوا في الطبقات السفلى، يسمع دعاءهم، ويسمع حركاتهم، ويعلم أحوالهم، لا يخفى عليه خافية إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[المجادلة:7]، ويقول سبحانه: لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا
    ****************
    فما ورد إثباته لله تعالى من ذلك في الكتاب أو السنة وجب إثباته، وما ورد نفيه فيهما وجب نفيه، مع إثبات كمال ضده، وما لم يرد إثباته ولا نفيه فيهما وجب التوقف في لفظه فلا يثبت ولا ينفى لعدم ورود الإثبات والنفي فيه وأما معناه فيفصل فيه، فإن أريد به حق يليق بالله تعالى فهو مقبول وإن أريد به معنى لا يليق بالله عز وجل وجب رده.
    فمما ورد إثباته لله تعالى: كل صفة دل عليها اسم من أسماء الله تعالى دلالة مطابقة، أو تضمن، أو التزام ومنه كل صفة دل عليها فعل من أفعاله كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين عباده يوم القيامة، ونحو ذلك من أفعاله التي لا تحصى أنواعها فضلاً عن أفرادها وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:27] ومنه: الوجه، والعينان، واليدان ونحوها ومنه الكلام، والمشيئة، والإرادة بقسميها: الكوني، والشرعي فالكونية بمعنى المشيئة، والشرعية بمعنى المحبة ومنه الرضا، والمحبة، والغضب، والكراهة ونحوها ومما ورد نفيه عن الله سبحانه لانتفائه وثبوت كمال ضده: الموت، والنوم، والسنة، والعجز، والإعياء، والظلم، والغفلة عن أعمال العباد، وأن يكون له مثيل أو كفؤ ونحو ذلك
    فطلب الهدى من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في الإثبات والتنزيه
    إذ لا أحد أعلم بالله من الله ولا أحد أعلم به من خلقه من رسوله صلى الله عليه وسلم.
    والأسماء والصفات من أعظم المسائل التي يجب فيها الاتباع، وقد قال الله تعالى: اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء [الأعراف: 3]، وأمر الله تعالى برد التنازع إلى كتابه وإلى رسوله فقال: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى: 10] وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء: 59]، وأقسم سبحانه على عدم إيمان من لم يحكم رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يذعن ويسلم له فقال:
    فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا [النساء: 65].

  7. #127
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    ........
    يقول سبحانه :{ مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ . وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا }

    .......
    فلماذا نتعدى فهمنا وقدر عقولنا .. ونبحث فى أمور غيبية ..
    ......
    انت اخى الكريم السعيد تكلمت عن النشأه الاولى للانسان فى موضوع علم الاجنة والسؤال من اين لك هذا وهو من الامور الغيبية أشهدت خلق الانسان وجوابك بلا شك باخبار الله لنا والكلام على اسماء الله وصفاته من نفس الباب
    انظر كلامك على النشأه الاولى
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    النشأة الأولى للإنسان كانت من التراب والطين .. ..................
    الى آخر كلامك المفصل فى بيان مراحل خلق الانسان من اين لك هذا التفصيل الرائع الجميل...هل شهدت خلق الانسان الجواب اخبرنا الله به وكذلك خلق السموات والارض اخبرنا الله به

    قال الامام ابن باز رحمه الله

    خلق السماوات والأرض كلها في ستة أيام وما بينهما أيضًا، فبدأ بخلق الأرض في يومين، ثم استوى إلى السماء وخلق السماء في يومين، ثم دحا الأرض في أربعة أيام: وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ۝ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا [النازعات:30-31]، فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ [فصلت:10] فالأرض خلقها في يومين ودحوها في أربعة أيام، دحها بعد الخلق، دَحَاهَا ۝ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ۝ وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا [النازعات:30-32] فهذه ستة أيام، السماوات والأرض في ستة أيام، أصل السماء في يومين والأرض في يومين ودحو الأرض في أربعة أيام، ، فالله جل وعلا دحاها يعني: أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا [النازعات:31] فخلقها ودحوها في أربعة أيام والسماء في يومين الجميع ستة أيام.

  8. #128

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    ........
    يقول سبحانه :{ مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ . وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا }

    .......
    فلماذا نتعدى فهمنا وقدر عقولنا .. ونبحث فى أمور غيبية .. أمرنا الله باليقين والإيمان بها دون بحث أو شك أو ريبة ..
    ......
    ليس الأمر كما توهم عبارتك أخانا الفاضل!

    (1) هذان الاسمان (الخالق، الخلّاق) من أسماء الله تعالى بإجماع المسلمين.
    (2) وكل اسم من أسماء الله يتضمن صفة من صفات الله تعالى، فالخلق صفة لله تعالى من صفات الكمال إلا عند أهل البدع من الأشعرية وغيرهم.
    (3) كثير من أهل البدع لا يثبتون هذه الصفة أصلا أو ينفون كمالها
    (4) والخلق صفة ذاتية لله تعالى من حيث الأصل، وصفة فعلية من حيث النوع والآحاد، والله لم يزل خلّاقا خلقا بعد خلق ولا يزال كذلك.
    قال الإمام أبو عبد الله الحليمي (403هـ) رحمه الله في شرح أسماء الله من كتاب المنهاج: [ومنها: الخالق: قال الله عز وجل: {هل من خالق غير الله} ومعناه الذي صنف المبدعات وجعل لكل صنف منها قدرا، فوجد فيها الصغير والكبير والطويل والقصير والإنسان والبهيم والدابة والطائر والحيوان والموات، ولا شك أن الاعتراف بالإبداع يقتضي الاعتراف بالخلف إذ كان الخلق هيئة الإبداع فلا يغني أحدهما عن الآخر.
    ومنها: الخلّاق: قال الله عز وجل: {بلى وهو الخلاق العليم} ومعناه: الخالق خلقا من بعد خلق].

    فمن نفى الخلّاقية في الماضي أو شكّ فيها، مع إثبات الخلاقية في المستقبل فقد اختلّ الميزان في يده؛ لأن المهيع واحد، والتفريق باطل.

    (5) المذاهب في التسلسل ثلاثة:
    نفي التسلسل في الماضي والمستقبل وهو مذهب أهل الباطل.
    الثاني: نفي التسلسل في الماضي وإثباته في المستقبل وهو أيضا مذهب أهل الباطل وبعض المتسننة المتأخرين.
    الثالث: إثباتهما معا، وهو مذهب جماهير أهل السنة وأئمتهم على ما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما.
    (6) مذهب السلف لا يثبت بالاستدلال، وإنما يثبت بالنقل من غير اختلاف، وإن اختلفوا يحكى القولان معا عنهم كنقل المذاهب الفقهية.
    (7) إذا حكى عالم عدل مطلع الإجماع أو الاتفاق وليس له أصل فاسد في حكاية الإجماع كابن جرير الطبري يجب قبول روايته وحكايته للاتفاق أو الإجماع، ولا يعارض إلا بنقل العلماء الخلافَ تصريحا لا استدلالا وبشرط أن يكونوا من عصره أو ممن قبله.
    وشيخ الإسلام عالم عدل أمين مطلع وليس له أصل فاسد في حكاية مذاهب العلماء من السلف وغيرهم إجماعا واختلافا فيجب قبول حكايته - كيف هو الخبير بمذاهب السلف في الدقيق والجليل-؟
    ولهذا لا نقبل حكاية الخلاف بالاستدلال وحسب الفهم حتى يأتي المخالف بعالم سني يحكي الخلاف في المسألة تصريحا وهو قبل ابن تيمية أو من عصره.
    الخلاصة: من قال: الرب لا يزال خلاقا بالمشيئة والحكمة! قلنا له: كذلك لم يزل خلاقا بالمشيئة والحكمة، والتفريق تحكّم، وعدم تقدير لله حقّ قدره ولو إلزاما.
    وربك أعلم.

  9. #129
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    الخلاصة: من قال: الرب لا يزال خلاقا بالمشيئة والحكمة! قلنا له: كذلك لم يزل خلاقا بالمشيئة والحكمة، والتفريق تحكّم، وعدم تقدير لله حقّ قدره ولو إلزاما.
    وربك أعلم.
    نعم بارك الله فيك

  10. #130
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    أخى الكريم .. محمد عبد اللطيف
    ليس هناك أى مسلم مؤمن يجهل بأن الله هو الخالق ..
    وليس هناك أى مسلم مؤمن يجهل أن الله هو الرازق ..
    وليس هناك أى مسلم مؤمن لايؤمن بأسماء الله وصفاته وبما أنزله الله فى كتابه ..
    ........
    أخى محمد :
    النشأة الأولى للإنسان ليست من الأمور الغيبية .. لأن الله أخبرنا عنها وبينها لنا فى كتابه العزيز .. أما كيفية الخلق ذاته فهو من الأمور الغيبية ..
    الغيب يا أخى هو ما استأثره الله فى علمه ولم يخبرنا الله به .. ولهذا لا يجوز البحث عنه .. لأن العقول " مهما علت أو ارتقت " لها حد معين فى الفكر لن تصل إلى المقصود بشأنه ..
    وإن وصلت وصادفته فالمصادفة هنا تكون غير محمودة ..
    ..........
    الأخوة الكرام .. الأمور الغيبية .. ليست للجدل أو للنقاش أو السفسطة .. وإلا ما استأثرها الله فى علمه وأمرنا أن نؤمن بها دون بحث .. فلا تتجاوزوا قدر عقولكم وفكركم ولا تتعدوا حد فهمكم وعلمكم ..
    أنتم تجعلون من أنفسكم مشرفين وأوصياء .. وتتساءلون عن الخالق فيما خلق .. بل وتجعلون من أنفسكم قضاة لأفعال الله .. كيف .. ؟
    ..........

  11. #131
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    وليس هناك أى مسلم مؤمن لايؤمن بأسماء الله وصفاته وبما أنزله الله فى كتابه ..

    ..........
    السؤال هنا كيف تؤمن بالاسماء والصفات والجواب أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به، مثل القادر، العليم، الحكيم، السميع، البصير، فإن هذه الأسماء دلت على ذات الله، وعلى ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر، أما الصفات فهي نعوت الكمال القائمة بالذات كالعلم والحكمة والسمع والبصر، فالاسم دل على أمرين، والصفة دلت على أمر واحد، ويقال الاسم متضمن للصفة، والصفة مستلزمة للاسم، ويجب الإيمان بكل ما ثبت منهما عن الله تعالى، أو عن النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق بالله سبحانه مع الإيمان بأنه سبحانه لا يشبه خلقه في شيء من صفاته، كما أنه سبحانه لا يشبههم في ذاته، لقوله تعالى: قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ـ وقوله سبحانه: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. اهـ.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة

    النشأة الأولى للإنسان ليست من الأمور الغيبية .. لأن الله أخبرنا عنها وبينها لنا فى كتابه العزيز ..
    النشأة الاولى من الامور الغيبية ومصدر العلم بها الكتاب والسنة والواجب علينا الايمان بما اخبر الله به من الغيب
    أما كيفية الخلق ذاته فهو من الأمور الغيبية ..
    لم يسأل احد كيف خلق ولكن الوجب علينا الايمان بما اخبر الله به من الغيب هذا هو الوجب فى الايمان بالغيب تصديق الخبر
    وهذا الباب تماما فى كل ما اخبرنا الله به من الايمان بالملائكة والجنة والنار وكذلك الاسماء والصفات كل ذلك يجب الايمان به اما العلم بالكيفية
    فلا علم لنا بكيفية صفات ربنا؛ لأنه تعالى أخبرنا عنها ولم يخبرنا عن كيفيتها، فيكون تكييفنا قفواً لما ليس لنا به علم، وقولاً بما لا يمكننا الإحاطة به

    الأمور الغيبية .. ليست للجدل أو للنقاش أو السفسطة .. وإلا ما استأثرها الله فى علمه وأمرنا أن نؤمن بها دون بحث
    الامور الغيبية منها ما خبرنا الله به ومنها ما استأثر الله به فى علم الغيب عنده وقد تقدم
    أن الأخبار الغيبية أنها أخبار عن أمر ما شاهدناه ولا رأيناه، فما هي طريقتنا في ذلك؟ وماذا نفعل؟ علينا أن نؤمن ونصدق به، إذا كان الخبر من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

    مثال ذلك : اخبرنا الله أنه فوق سماواته، على عرشه، بائن من خلقه هذا من الإيمان بالغيب، فعلينا ان نصدق به، وهكذا
    ****************
    فى الحديث أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) رواه أحمد وهو صحيح
    ( أو استأثرت به في علم الغيب عندك )ومعلوم أن ما استأثر الله بعلمه لا تمكن الإحاطة به وهو مجهول بعينه لأن الله استأثر به
    أما ما انزله الله فى كتابه فنحن نؤمن به لفظا ومعنى نؤمن بما أثبته الله تعالى لنفسه من الأسماء والصفات ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم

    أنتم تجعلون من أنفسكم مشرفين وأوصياء
    نحن لسنا مشرفين ولا اوصياء وانما نحن نبين منهج اهل السنة فى الايمان بأسماء الله وصفاته وتسميتك لذلك بأنها إشراف او وصاية من تسمية الامور بغير اسمها
    وهذه فائدة قيمة جدا من صفحة أخونا الفاضل ابو البراء محمد علاوة على الفيس بوك انقلها هنا مع الرابط فإنها من الاهمية بمكان
    قال الاخ الفاضل ابو البراء محمد علاوة

    من الأساليب التي استعملها أهل البدع والضلال في القديم والحديث لجذب الناس إليهم، وتحبيبهم لما هم عليه من البدع، وصرفهم وتنفيرهم عن معتقد أهل السنة والجماعة، هو تشنيعهم على أهل السنة بأشياء ينفر عنها كثير من الناس، ومن ذلك تسميتهم للأشياء بغير اسمها؛ لاسيما في باب توحيد الأسماء والصفات، فسموا إثبات صفات الكمال لله تشبيهًا وتجسيمًا وتمثيلًا، وسموا إثبات الوجه واليدين له تركيبًا، وسموا إثبات استوائه على عرشه وعلوه على خلقه فوق سمواته تحيزًا وتجسيمًا، وسموا العرش حيزًا وجهه، وسموا الصفات أعراضًا، والأفعال حوادث، والوجه واليدين أبعاضًا، والحكم والغايات التي تفعل لأجلها أغراضًا، فلما وضعوا لهذه المعاني الصحيحة الثابتة تلك الألفاظ المستنكرة الشنيعة، تم لهم من نفيها وتعطيلها ما أرادوه، فقالوا للجهلة وضعفاء العقول: اعلموا أن ربكم منزه عن الأعراض والأغراض والأبعاض، والجهات والتركيب، والتجسيم والتشبيه، فصدقهم كل من كان في قلبه وقارٌ وعظمةٌ لله تعالى من أولئك الجهلة والمغفلين، وذلك تنزيهًا لربه -عز وجل. ولما أراد أهل التأويل والتعطيل أن يتموا غرضهم من التنفير عن الحق، والمعتقد السليم الذي كان عليه السلف الصالح، اخترعوا أسماءً وألقابًا قبيحةً لأهل السنة والجماعة، وذلك زورًا وبهتانًا من عند أنفسهم.
    يقول الإمام أحمد: "وقد أحدث أهل الأهواء والبدع والخلاف أسماء شنيعة قبيحة، يسمون بها أهل السنة، يريدون بذلك الطعن عليهم، والإزراء بهم عند السفهاء والجهال".
    فكل فرقة أو طائفة مخالفة لأهل السنة والجماعة، تذكرهم بلقب أو أكثر، وربما اتفقت طائفتان أو أكثر على نبز أهل السنة ببعض الألقاب، حتى أصبح من أبرز علامات أهل البدع، وأظهر ما يميزهم هو الوقيعة في أهل السنة، قال ابن أبي حاتم -رحمه الله-: "وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر".
    فالجهمية تسمى أهل السنة: مشبهة، ونقصانية، ومخالفة، وشكاك.والمعتزلة تسميهم: مشبهة، وحشوية، ونابته أو نوابت ومجبرة.
    والقدرية تسميهم: مجبرة.
    والرافضة تسميهم: ناصبة أو نواصب، وعامة، وجمهور، ومشبهة، وحشوية.
    والخوارج تسميهم: حشوية، ونابتة أو نوابت.والأشاعرة والماتريدية وعامة المتكلمين يسمونهم: مشبهة، ومجسمة، وحشوية، ونوابت، وغثاء، وغثراء.
    يقول ابن القيم -رحمه الله- في نونيته:
    ومن العجائب أنهم قالوا لمن *** قد دان بالآثار والقرآن
    أنتم بذا مثل الخوارج إنهم *** أخذوا الظواهر ما اهتدوا لمعان
    فانظر إلى ذل البهت هذا وصفهم *** نسبوا إليه شيعة الإيمان
    سلوا على سنن الرسول وحزبه *** سيفين سيف يد وسيف لسان
    وقال في موضع آخر:
    ومن العجائب قولهم لمن اقتدى *** بالوحي من أثر ومن قرآن
    حشوية يعنون حشوًا في الوجود *** وفضله في أمة الإنسانكم ذا
    مشبهة مجسمة نوابته *** مسبة جاهل فنان
    أسماء سميتم بها أهل الحديث *** وناصري القرآن والإيمان
    سميتموهم أنتم وشيوخكم *** بهتا بها من غير ما سلطان
    وجعلتموها سبة لتنفروا *** عنهم كفعل الساحر الشيطان
    ثم رد على هؤلاء المبتدعة بقوله:
    هذا وثم لطيفة أخرى بها *** سلوان من قد سب بالبهتان
    تجد المعطل لاعنًا لمجسم *** ومشبه الله بالإنسان
    والله يصرف ذاك عن أهل الهدى *** كمحمد ومذمم اسمان
    هم يشتمون مذممً ومحمد *** عن شتمهم في معزل وصيان
    صان الإله محمدًا عن شتمهم *** في اللفظ والمعنى هما صنوان
    كصيانة الأتباع عن شتم المعطل *** للمشبه هكذا الإرثان
    والسب مرجعه عليهم إذ هم *** أهل لكل مذمة وهوان
    وكذا المعطل يلعن اسم مشبه *** واسم الموحد في حمى الرحمن
    والمخالفون لأهل السنة والجماعة يخترعون لهم في كل عصر اسمًا أو لقبًا أو نبزًا أو نسبة. ومن ذلك نسبتهم إياهم إلى الرجال من الأئمة والمصلحين والمجددين. وذلك من باب التنقص والإزراء عليهم وتنفير الناس عنهم وعن دعوتهم وعقيدتهم ومنهجهم.ومن ذلك نسبتهم إياهم إلى الإمام أحمد بن حنبل في العصور المتقدمة، ونسبتهم إياهم إلى المجدد والمصلح الشيخ محمد بن عبد الوهاب في العصور المتأخرة.وهذا لا يضير أهل السنة والجماعة؛ لأنهم لا يدعونه لأنفسهم ولا يضرونه، ولأن ذلك لا يغير من حقيقة نسبتهم الربانية شيئًا.وقد عد العلماء وقوع هذا الأمر وهو نبز أهل الأهواء والبدع لأهل السنة والجماعة بالألقاب الشنيعة، من علامات الإرث الصحيح، والمتابعة التامة، فإن مشركي مكة الذين كذبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعرضوا عن الهدى والنور الذي جاء به، كانوا يسمون النبي -صلى الله عليه وسلم- بأسماء قبيحة.
    فتارة كانوا يسمونه مجنونًا، وتارة ساحرًا، وتارة شاعرًا، وتارة كاهنًا، وتارة مفتريًا، وهو بأبي وأمي -صلى الله عليه وسلم- كان بريئًا من هذه الأسماء والألقاب، ولكنها -رحمه الله تعالى- حيث صرف مسبتهم له ودعاءهم عليه، وذلك أنهم كانوا يسبون مذممًا، ويدعون عليه، واسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محمد فحمى الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- من أن يناله شيء من أذاهم وشرهم.
    وفي الحقيقة لقد كانوا هم أولى الناس بهذه الأوصاف والأسماء والألقاب.ولم يسلمه أتباعه -صلى الله عليه وسلم- من بعده من هذه المسبة والافتراء والبهتان، فكل من سار على هديه واستن بسنته نال نصيبا من الرمي بالباطل، والاتهام بشتى التهم والألقاب الشنيعة، من اتباع أهل الباطل والأهواء، ويصرف الله الأذى عن اتباع نبيه -صلى الله عليه وسلم- ويحميهم من كل تهمة باطلة، وافتراء جائر، ولقب قبيح.
    فأهل السنة ليس لهم إلا اسم واحد، وهذه الأوصاف لا تنطبق عليهم، لا من قريب ولا من بعيد، وإنما هي أوصاف مخالفيهم من أهل الفرقة والأهواء، وقديما قيل: "رمتني بدائها وانسلت".
    فكل من نبز أهل السنة باسم أو لقب باطل، فهو أحق به وأولى".وقد قام الكثير من علماء أهل السنة ببيان بطلان ما نسب إليهم من الافتراء والكذب، والألقاب والأوصاف التي لا تليق بهم.
    وصنف في ذلك أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن درباس الشافعي جزءًا سماه: "تنزيه أئمة الشريعة عن الألقاب الشنيعة"، ذكر فيه كلام السلف وغيرهم في معاني هذا الباب.
    ولقد غلا بعض المبتدعة في هذا الباب، ومن ذلك أن غالب المعتزلة يطلقون لقب "المشبهة" على عامة أئمة أهل السنة، مثل مالك "ت179ه" وأصحابه، وأحمد "ت241هـ" وأصحابه، والشافعي "ت204هـ" وأصحابه، والثوري "ت161هـ" وأصحابه، والأوزاعي "ت157" وأصحابه، وإسحاق بن راهويه "ت238هـ" وأصحابه، وأبي عبيد "ت224هـ" وغيرهم.ومن ذلك أن الجهمية المعطلة، شبهوا أهل السنة والجماعة باليهود والنصارى، لإثبات أهل السنة الأسماء والصفات، ولقولهم بأن القرآن غير مخلوق.
    بل إن بعض أهل البدع تجرأ على الأنبياء، عليهم -صلوات الله وسلامه- ورماهم بالتشبيه، كثمامة بن الأشرس الجهمي، حيث قال: "ثلاثة من الأنبياء مشبهة، موسى حيث قال: "{إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ}. سورة الأعراف، الآية: 155. وعيسى، حيث قال: "ينزل ربنا".
    ثم نجد كذلك من المعتزلة من نبز الصحابة -رضوان الله عليهم- بالألقاب الشنيعة التي نبز بها عامة أهل السنة، كما فعل عمرو بن عبيد حيث قال: كان عبد الله بن عمر حشويًّا، فإذا تطاول أهل البدع والفرقة والضلال على الأنبياء، -عليهم السلام- وعلى صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنبزوهم بالألقاب والأسماء الشنيعة، فأتباع الأنبياء أهل السنة والجماعة من باب أولى أن ينالهم من ذلك الأذى والسباب والطعن من مخالفيهم من أهل البدع، ولهم في من سبق قدوة في الرد على من اتهمهم بالباطل فقالوا {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}.
    والسبب الرئيس لطعن أهل الأهواء والبدع في أهل السنة والجماعة هو محض الجهل والهوى. فإن جهلهم بعقائد أهل السنة والجماعة، وعدم فهمهم لها فهمًا صحيحًا، نتيجة الاختلاف في مصدر التلقي ومنهجه، مع وجود الهوى والتعصب، كان دافعًا وباعثًا لهم لشتم أهل السنة والجماعة، ونبزهم بالألقاب الشنيعة، بل وصل الأمر إلى أن كفروهم.وقد ذكر ابن القيم بأن الله سيحمي أتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما حماه هو من إيذاء المشركين، فكانوا يسبون مذممًا -واسم الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- وهكذا هؤلاء القوم يشتمون أتباعه، وينسبون إليهم التشبيه والتجسيم وغير ذلك، ويسبون المجسم والمشبه، والسلف ليسوا مجسمة، ولا مشبهة، فسبهم وشتمهم راجع عليهم.وهذا الموقف بخلاف موقف أهل السنة والجماعة من مخالفيهم.

    https://www.facebook.com/1847252918853139/posts/2154135348164893/

  12. #132
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    .................

    الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله . وبعد

    قد كان الغرض من الموضوع إبراز بعض نصوص السلف التي هي في غاية الوضوح و البيان في دلالتها لمخالفة ما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله في دعواه أن تسلسل المخلوقات في جهة الأزل مسالة مجمع عليها بين السلف و أهل السنة. و انه لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع من المعطلة و أهل الكلام ؟

    و بناء على هذا ذهب من ينتصر لشيخ الإسلام في هذه المسالة . إلى أن من لم يثبت هذا التسلسل المزعوم معطل لكمال الله عز وجل. فأصبحت المسالة من الأصول التي تدور على الكفر و الضلال ؟

    فما دام أنها وصلت إلى هذا الحد. فقد وجب على المخالف أن يعطيها حقها ليسلم له دينه و يثبت له إيمانه. فكل معرض للزيغ و الضلال و المعصوم من عصمه الله .

    و يعلم الله أنني لا أحب الخلاف و الشقاق خاصة إذا كان مع اعز الإخوة و الأصدقاء. لما يورث ذلك عادة و طبعا من شحناء و بغضاء . لكن حبا للخير و الفهم في العلم . و ان اوافق من هو عزيزا على النفس يوجب علي الصدع بما اراه حقا و أن لا اداري في ذلك أحدا. خاصة إن كان المرء صادقا يقول بلسانه و يكتب ببنانه ما هو منقوش على صفحات قلبه. فمع جلالة الغاية في طلب الحق و الصواب في العلم يهون على المرء ما يتبع ذلك عادة في مواطن الخلاف. و لا تمنعه مرارة الحق و ثقله من الرجوع إليه بقلبه قبل جوارحه فان ذلك من شيم الرجال .

    و قبل أن أتكلم على ما قصدت إليه في هذه المشاركة أحببت أن انوه إلى أن مسائل العلم مترابطة يضم بعضها إلى بعض. فقد يدرك المرء و يحقق بعض المسائل فتكون عنده قضايا صادقة لا غبار عليها و يصعب و يشكل عليه أن يجمع بينها و بين غيرها مما يكون عنده في حيز الظنون و الشكوك . فيطلب الحجة بعد تصور المسالة لترتقي عنده إلى حيز القبول ليعيد الكرة فيسهل عليه الجمع.

    و بالنسبة لمسالة الخلاف الذي نحن فيه فالذي لا اشك فيه أن كثير من أئمة السلف لهم عبارات منثورة في كتب العقيدة و السنة تقرر أن الله كان و لا شيء معه. فهذه مسالة متيقنة عندي .

    و مسالة أخرى لا أكاد اشك فيها أن من علماء السلف و المفسرين و أهل الأخبار و التواريخ و كل من تكلم في أول الخلق أو تعرض لهذه المسالة ذكر الخلاف في ذلك بعد إقرار الكل أن للمخلوقات أول. فما فائدة الخلاف في أول مخلوق و الإقرار بوجود الخلاف في ذلك إن كان كل مخلوق قبله مخلوق ؟

    فهاتان المسالتان الذي اعتقده فيهما أنهما من مسائل الإجماع . و يستحيل الجمع بينها و بين ما ذهب إليه شيخ الإسلام . لذا حاول رحمه الله رد الأولى بزعمه أنها ليست من كلام السلف و من يعتد بقوله . و الأخرى بزعمه أن خلاف السلف في أول مخلوق إنما هو في هذا العالم المشهود ؟ ليبقى عالم آخر لم يتعرض له من تكلم في الخلاف يمكن أن يجرى فيه ما ذهب إليه من تسلسل الخلق ؟
    فمع إقرار صاحب الكلام بتعذر الجمع بين هذه المسائل . يصح لي الطعن فيما فهمه هو من كلام السلف فحكى عليه الإجماع. إذ لم يكن ذلك بنقل كلامهم أو على الأقل بنقل كلام بعضهم .

    بل أكاد اجزم مرة أخرى أن مسالة شيخ الإسلام حادثة و لم يسبق إليها . فكيف ينقل عليها إجماع السلف ؟
    ومن كبر عليه هذا فليأتني بكلام إمام معتبر قبل زمنه . يعتد بقوله يذهب صراحة إلى ما ذهب إليه .

    فان أعياه ذلك بقي علي أن انقض ما ادعاه بنقل كلام الأئمة قبله على أن الله عز وجل كان و لا شيء معه . و كلامهم و خلافهم في أول مخلوق و أن ذلك كان عاما و ليس في العالم المشهود ؟ فببعض من يعتد بقوله في مواطن الخلاف ينقض ما ادعاه شيخ الإسلام من إجماع على اقل تقدير.

    و سأتعرض بإذن الله لكلام الإخوة الكرام . فننظر هل فيه حجج ملزمة لقبول كلامه رحمه الله . أم شبهات فاسدة ظنوها براهين شرعية أو عقلية قاطعة لكلام الخصوم ؟

    * استحالة الجمع بين المسائل الثلاث /

    - كان الله و لم كن معه شيء .
    - ان المخلوقات لها بداية .
    - تسلسل الخلق في جهة الازل .

    بعد التصور التام لدلالة معاني المسائل الثلاث يدرك المرء استحالة الجمع و يتعذر ذلك عليه. فمضمون العبارة الأولى ( كان الله و لا شيء معه ) يلزم منه أن المخلوقات له أول . فتتوافق المسالتان الاولى و الثانية في الدلالة على أن الله كان موجود و لا شيء معه و أن المخلوقات لها أول . و هذا يتعارض مع ما ذهب إليه شيخ الإسلام فقد حاول رحمه الله الطعن في المسالة الأولى . و تقيد الخلاف في المسالة الثانية لعلمه بما في المسالتان من نقض لدعواه في تسلسل الخلق . و العجيب في الأمر انه لم ينقل من أدلة الشرع ما يصدق به دعواه إلا ما ادعاه من دلالة بعض النصوص على ذلك . وعندما تحقق الأمر تجده قد حمل النصوص ما لا تحتمله و أتى فيها بما لم يسبق إليه .

    و الأعجب من ذلك دعواه أن العبارة الأولى ( كان الله و لا شيء معه ) لا تعرف في كلام الصحابة و التابعين و أئمة المسلمين ؟ لماذا – لان وجود ذلك على الأقل ينقض ما ادعاه من إجماع .

    قال رحمه الله في نقده لمراتب الإجماع بعد أن أورد الإجماع الذي نقله ابن حزم
    ( اتفقوا أن الله وحده لا شريك له خالق كل شيء غيره. و انه تعالى لم يزل وحده و لا شيء غيره معه. ثم خلق الأشياء كلها كما شاء ) هذا كلام ابن حزم الذي وجه شيخ الإسلام نقده إليه . و ظاهر عبارة ابن حزم و مقصوده في ذلك سليم .

    فأراد شيخ الإسلام نقض ذلك بإيراده حديث عمران بن حصين و الكلام عليه و على طرقه . لكن ليس ذلك هو معتمد من صوب صحة العبارة. بل بأمور أخرى ستأتي في مواطنها بإذن الله . لكن الغريب أن شيخ الإسلام قال بعد ذلك –
    ( و لا نعرف في هذه العبارة عن الصحابة و التابعين و أئمة المسلمين )


    * و جود العبارة بعينها في كلام ائمة السلف و اهل السنة /

    - الإمام يزيد بن هارون /

    قد ارتضى من بعده و تناقلوا تفسيره للعماء في حديث أبي رزين الذي قال فيه ( العماء أي ليس معه شيء ) يعني أن الله عز وجل كان قبل الخلق في عماء اي ليس معه شيء .


    - الإمام احمد رحمه الله /

    جاء في كتاب الرد على الجهمية في مناظرته لهم أنهم أرادوا أن يلزموه على مذهبهم في أن إثبات الصفات إثبات لقدماء مع الله عز وجل . و أن التوحيد يقتضي أن يثبت وجود الله في الأزل بلا معية و لا غيرية . فماذا كان جوابه رحمه الله
    قال ( نحن نقول كان الله و لا شيء. و لكن إذا قلنا آن الله لم يزل بصفاته كلها أليس إنما نصف إلها واحدا بجميع صفاته )

    فالذي يفهم من هذا إقراره لهم بوجود الله وحده في الأزل و لا شيء معه. و حقق ذلك بقوله نحن نقول ذلك. و معلوم انه يقصد بذلك أهل السنة و الحديث و أن ذلك قول و معتقد لهم. ونفى الباطل من كلامهم بان إثبات هذه الوحدة هو إثبات لإله موصوف بجميع صفاته. و أن نفي الغيرية إنما يكون لما هو مخلوق بائن و منفصل عنه .

    و سياتي المزيد من كلامه رحمه الله بما يقطع الشك ان هذا هو معتقده رحمه الله و ان المنازع يذهب الى خلاف ما يذهب اليه .

    - الإمام أبو سعيد الدرامي / الذي كان شيخ الاسلام يوصي بكتابيه في الرد على الجهمية و يعظمهما .

    قال في نقضه على المريسي العنيد ( لم تحدث له صفة و لا اسم كان قبل الخلق . كان خالقا قبل المخلوقين و رازقا قبل المرزوقين و عالما قبل المعلومين و سميعا قبل أن يسمع أصوات المخلوقين. و بصيرا قبل أن يرى أعيانهم مخلوقة )
    ثم قال ( لان لحدوث الخلق حدا ووقتا و ليس لأزلية الله حد و وقت )

    الذي يفهم من كلام الدارمي أن الله عز وجل كان بأسمائه و صفاته قبل الخلق . اي كان وحده و لا شيء معه . و أن المخلوقات لها أول لان لحدوث ذلك حدا و وقتا . و لا يصح أن يحمل كلامه على آحاد الخلق و انه يقصد بقوله قبل الخلق الفرد لا النوع.
    لماذا ؟ لأنه اثبت الوصف ( الخلق و الرزق و العلم و السمع قبل وجود المخلوق ) و قصد بكلامه أن ذلك موجود قبل الخلق أي انه لا يلزم من الوصف وجود المخلوق . فلو انه قصد البعض دون البعض لكان يكفيه في إثبات الوصف تعلقه بالبعض المخلوق . و كان ذلك كافيا في تحقق الوصف بدون حاجة لذكر أن الوصف كان قبل وجود الخلق.

    فهؤلاء الثلاثة من علماء السلف . و من اخبرهم بمذهب المعطلة و أهل الكلام . يذهبون إلى ما هو صريح في مناقضة ما ذهب إليه شيخ الإسلام. و سياتي المزيد من كلام الائمة الصريح في مناقضة ما ذهب اليه . و ان كان قد مر في اول الموضوع الكثير من ذلك فلا ادري لما أهمل كل ذلك . فقد كان الواجب لمن يخالفني فيما ذهبت إليه أن يعطي عبرة لكلامهم و يحاول بصدق أن يفهم مرادهم و يقر بشجاعة لما يلزمه في هذا المقام .

    و لما كانت المسالة لمن تدبر كلام هؤلاء و غيرهم في غاية الوضوح و البيان أحببت أن لا أعود إلى الموضوع أصلا . لكن و بعد رفعه و إثارة ما أراه من شبهات حول ما خالفت فيه غيري وجب علي أن أعيد الكرة و الرجعة للكلام على ما أبداه مخالفي فاني أظن فيهم أنهم من أهل الفهم و العلم . و كفى بذلك شرفا . و كفاني شرفا أن انفق بعض وقتي فيما يعود علي بفهم و علم يرفع به المرء جهالة عن نفسه .

    فأقول مستعينا بالله عز وجل

    1 - قلتم أن من قال أن الله عز وجل لا يزال خلاقا بالحكمة و المشيئة. طالبتموه بالتفريق بين الماضي و المستقبل . و أن التفريق بين ذلك تحكم ؟

    جوابه ) أننا نقول أصلا أن الخلق ممكن لله عز وجل أزلا و أبدا يخلق ما يشاء متى شاء و كيفما شاء . و كل ذلك بمقدار تابع لعلمه وحكمته . و فرقنا بين الجهتين لان جهة الأبد قد ورد فيها من النصوص الشرعية ما فيه الكفاية من إثبات الدوام و الاستمرار بل قد كفر السلف من قال بفاء الدارين أو قال بانقطاع النعيم . أما جهة الأزل فلم يثبت فيه من الدليل الملزم إلا ما حملتم عليه بعض النصوص و ادعيتم فيها ما لم تسبقوا إليه و ليس لكم فيه إمام متبع . و قد وجدنا من كلام السلف ما فيه كفاية في إثبات وحدانية الله عز وجل و انه كان في الأزل و لا شيء معه و أن المخلوقات لها بداية .

    و يحسن أن ننقل في هذا المقام ما ارتضاه سيد المحدثين بنقله في كتابه المبارك لعلك تعيد النظر فيما نقلناه من نصوص ؟

    قال أبوعبيدة معمر بن المثنى - أما قوله ( وخلق كل شيء ) فهو كما قال و قال في آية أخرى ( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول كن فيكون ) فاخبر أن أول خلق خلقه بقوله و أول خلق من الشيء الذي يقال (وخلق كل شيء ) فاخبر أن كلامه قبل الخلق . أورده البخاري في كتابه خلق أفعال العباد .

    بأدنى تأمل يدرك الناظر أن قوله تعالى ( خلق كل شيء ) يدخل فيه كل ممكن مخلوق. و أبا عبيدة يرى ان قوله تعالى ( خلق كل شيء ) فيها أول الخلق . و يحتج على أن كلام الله عز وجل غير مخلوق لأنه كان قبل أول الخلق الذي دخل في كل شيء. فالكلام قبل الخلق و هو مغاير للخلق.

    و من يرتضي هذا الكلام ؟ محمد بن إسماعيل البخاري فيدونه في كتابه . و يتناقله أهل السنة بينهم لإقامة الحجة على المعطلة بان كلام الله غير مخلوق لأنه كان قبل الخلق .

    و نفس هذه الحجة قد ذكرها عبد العزيز الكناني في مناظرته لبشر المريسي . فكسر بها قوله و دحض بها حجته . و فيها بين ان كلام الله عز وجل كان قبل اول خلق خلقه . فبان انه غير مخلوق لانه كان قبل اول خلق خلق .

    قال رحمه الله (( يا أمير المؤمنين قد اقر بشر أن الله كان و لا شيء و انه احدث الأشياء بعد أن لم تكن شيئا بقدرته و قلت إنما أحدثها بأمره و قوله عن قدرته فلا يخلو يا أمير المؤمنين أن يكون أول خلق خلقه الله بقول قاله أو بإرادة أرادها أو بقدرة قدرها و أي ذلك كان فقد ثبت أن هنا إرادة و مريدا و مرادا و قولا و قائلا و مقولا له و قدرة و قادرا و مقدورا عليه و ذلك كله متقدم قبل الخلق . و ما كان قبل الخلق متقدما فليس هو من الخلق في شيء . كسرت و الله يا امير المؤمنين قول بشر ودحضت حجته بإقراره بلسانه . كسرت قوله بالقران و السنة و اللغة العربية و النظر و المعقول ...)

    تأمل قوله يا رعاك الله أن هذه الحجة قامت و أخذت من القران و السنة و اللغة و النظر و المعقول . فماذا بقي لكم بعد هذا ؟

    بالله عليكم ؟ اعجز السلف أن يذكروا هذا التسلسل في مصنفاتهم كعقيدة لهم يضلل فيها المخالف . أم عجزوا أن يردوا على أهل التعطيل في ذلك و ينصحوا للأمة فيبينوا الكفر في كلام الجهمية في أوله كما بينوه في آخره . و أن ما يظهر من كلام الأئمة و أقوالهم مما يدل أن الله كان و لا شيء معه . أو أن المخلوقات لها أول يلزم منه تعطيل الرب عن كماله ؟

    2- إلزامك لنا بقبول حكاية شيخ الإسلام للإجماع بحجة أنه عدل خبير بمذاهب السلف .

    جوابه) أن شيخ الإسلام رحمه الله ليس له في ذلك حجة إلا ما فهمه من كلام الأئمة في قولهم بداوم الفاعلية . و لما مشى ذلك على ما ذهب إليه في المسالة حكى الإجماع على التسلسل في الآثار المخلوقة. فان كبر عليك هذا . طالبتك في مستنده للإجماع .
    اهو مما فهم من كلامهم و ادعى انه يدل على ذلك . أم مستنده نفس عباراتهم من صريح قولهم في تسلسل الخلق .

    و لا يغيب على ذهنك أن هذه المسالة من اجل المسائل المنتقدة عليه. و قد تعرض و تكلم عليها و هو يدافع عن مذهبه في عديد من المواطن من كتبه. فإذا كان الحال كما ذكرت فمما يعزز قوله و يصوب رأيه أن يذكر صريح عبارات السلف و من ادعى انه حكى الإجماع عنهم أو البعض منهم على الأقل . و الناظر في مثل هذه المسائل في كتب شيخ الإسلام يدرك منهج شيخ الإسلام و انه دائما يعزز قوله بذكر ما نقل عن السلف فيكثر من النقل في الاستشهاد بقول الأئمة فيما يريد تقريره . بل أحيانا ينقل كلام خصومه ومن يكون مخالفا له في بعض الاعتقاد.

    لكن هذا المنهج قد اختل في هذه المسالة . فلم يذكر رحمه الله و لا عبارة لمن تقدمه من السلف. و غاية ما يمكن أن يحكيه عمن سلف من الأئمة قبله القول بدوام الفاعلية أزلا و أبدا. و لا يشك من له أدنى اطلاع بمنهجه و أسلوبه في عرض المسائل و تقريرها أن الشيخ لو كانت عنده عبارة واحدة للسلف في بيان تسلسل الخلق في الأزل لذكرها و لم يهمل ذلك .

    فبان بهذا أن ما حكاه من إجماع للسلف في تسلسل الخلق في الأزل إنما هو مما فهمه من كلامهم و ليس من صريح عباراتهم. و المرء أحيانا يعتقد شيئا فيحمل ما يأتيه من كلام و يوجهه على معتقده و ينتصر لذلك. وقد يكون مقصود المتكلم على غير ما حمل عليه الكلام و وجه إليه .

    و ما يهمنا من ذلك في هذا المقام أن شيخ الإسلام يعلم أن ما ذهب إليه يناقض القول بان الله كان وحده في الأزل و أن المخلوقات لها أول . فمع دعواه الإجماع على التسلسل و انه لا توجد عبارة للسلف تدل على خلاف ما يذهب إليه . و مع وجود عبارات صريحة للسلف في إثبات أولية للخلق و إثبات أن الله كان وحده و لا شيء معه . و مع استحالة الجمع يدخل الشك في إحدى الجهتين .

    و رد الإجماع المستند إلى فهم الناظر الواحد الفرد الذي يفتقر إلى ذكر و لو بعض عبارات الأئمة في إثبات أن هذا كان معتقد لهم . أولى من رد عبارات السلف الكثيرة و المتنوعة التي مضمونها ودلالتها واحدة تنقض دعوى الإجماع المزعوم .


    3- دوام الفاعلية لا يستلزم تسلسل الخلق /

    تعرض شيخ الإسلام في كتابه درء التعارض للمسالة فذكر مناظرة عبد العزيز الكناني لبشر المريسي . و فيها أن الجهمي أراد إلزام الكناني بأن يقول أن الله لم يزل يفعل و يخلق . و أن المخلوق لم يزل مع الله. فكان جواب الكناني بانه لم يقل ذلك و انه قال
    ( لم يزل الفاعل سيفعل و لم يزل الخالق سيخلق ) فلم يلتزم الكناني للجهمي بتسلسل الخلق في جهة الأزل و لم يقر له بان الخلق لم يزل مع الله . مع أن هذا من مسائل الإجماع عند شيخ الإسلام ؟ و قد تنصل منه الكناني و اخبره انه لم يقل ذلك ؟


    و المريسي عليه لعائن الله أراد أن يلزمه و يعيره بذلك فنفى الكناني أن يكون ذلك من قوله . فلو كان هذا معروفا في كلام السلف و الأئمة لم يتنصل منه الكناني . و ما بال الجهمية يغفلون عن هذا و قد عيروا السلف بكل ما هو شين و قبيح ؟ و قد كان يكفي المريسي مع ضيق المناظرة عليه ان يقول له – بل انتم تقولون ذلك و هذا معروف في كلامكم و معتقدكم .

    و الإشكال في المناظرة هو قول الكناني ( لم يزل الفاعل سيفعل ) فقد يفهم منه من لا يعرف جلالة الإمام الكناني انه لا يقول بدوام الفاعلية ؟ و ليس الأمر كذلك فإنما هو يقصد الأفعال المتعدية و ما نحن فيه من خلاف . و دليل ذلك

    - عبارته بعد ذلك ( لم يزل الخالق سيخلق ) فهي بيان لقوله السابق .
    - ان قوله هذا إنما كان لدفع ما ألزم به من تسلسل الخلق . و أن الخلق لم يزل مع الله . فناسب أن يحمل جوابه على الأفعال المتعدية التي يلزم من دوامها أن يكون الخلق لم يزل مع الله .

    و قد جعل شيخ الإسلام هذا من التقديرات التي يمكن أن يحمل عليها قول الكناني . و يهمنا من ذلك ما قاله في معرض كلامه

    ( الفعل لا يستلزم وجود المخلوق بل يكون الفعل قائما بنفسه بعد فعل قائم بنفسه و هلم جرا من غير وجود مخلوق منفصل عنه )

    و قال بعد ذلك
    ( التقدير الثالث – أن الفعل الذي كان عن قدرته كان قبله فعل آخر كان عن قدرته و هلم جرا و لم يكن شيء من المفعولات و المخلوقات موجودا معه في الأزل فان الفعل ينقسم إلى متعد و لازم فإذا قدر دوام الأفعال اللازمة لم يجب دوام الأفعال المتعدية و على هذا التقدير فإذا قال ( كان الله و لما يخلق شيئا و لما يفعل شيئا ) لم يلزم أن لا يكون هناك فعل قائم بنفسه بدون مخلوق مفعول و لا يجب أن يكون المخلوق لم يزل مع الله تعالى . انتهى المقصود

    و نقلنا في موضوع سابق عنه

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    .............................. .............................. ................
    يقول شيخ الاسلام رحمه الله في الصفدية في معرض رده على الفلاسفة في قولهم بقدم العالم -


    كل حادث مسبوق بحادث وهذا لا يدل على قدم هذا العالم بل على أن الرب لم يزل فاعلا إما أفعالا تقوم بنفسه وإما مفعولات منفصلة تحدث شيئا بعد شيء وليس في واحد من هذين ما يقتضي صحة قولكم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    يزيد هذا بيانا و وضوحا قوله رحمه الله في نفس المصدر ( الصفدية ) /

    إذا قدر أن الفعل دائم فإنه دائم باختياره وقدرته فلا يكون الفعل الثاني إلا بعد الأول وليس هو موجبا بذاته في الأزل لشيء من الأفعال ولا من الأفعال ما هو قديم أزلي.

    والأفعال نوعان لازمة ومتعدية فالفعل اللازم لا يقتضي مفعولا والفعل المتعدي يقتضي مفعولا فإن لم يكن الدائم إلا الأفعال اللازمة وأما المتعدية فكانت بعد أن لم تكن لم يلزم وجود ثبوت شيء من المفعولات في الأزل وإن قدر أن الدائم هو الفعل المتعدي
    أيضا والمستلزم لمفعول فإذا كان الفعل يحدث شيئا بعد شيء فالمفعول المشروط به أولا بالحدوث شيئا بعد شيء لأن وجود المشروط بدون الشرط محال فثبت أنه على كل تقدير لا يلزم أن يقارنه في الأزل لا فعل معين ولا مفعول معين فلا يكون في العالم شيء يقارنه في الأزل وإن قدر أنه لم يزل فاعلا سبحانه وتعالى فهذه الطريقة قرر فيها ثبوت القديم المحدث للحوادث وحدوث كل ما سواه من غير احتياج إلى طريقة الوجوب والإمكان ولا إلى طريقة الجواهر والأعراض . انتهى المقصود


    هذا كلام من ؟ كلام شيخ الإسلام أليس كذلك ؟

    فهل يصح لكم بعد هذا أن تلزمونا بمذهب شيخ الإسلام في تسلسل الخلق لقول السلف بدوام الفاعلية ؟

    - كلام الإمام عبد العزيز الكناني ظاهر بين في إبطال قول شيخ الإسلام . وهو يعرف ذلك و يعلم أن عبارة الإمام لها وزنها فهو الفقيه المناظر تلميذ الشافعي . فلما كانت عبارته بهذا الوزن يا ترى ماذا قال عنها ؟

    ( هذه الزيادة لم تتقدم في كلام عبد العزيز فإما أن تكون ملحقة من بعض الناس في بعض النسخ أو يكون معنى الكلام. إنما قولي هذا و إنما قلت أني إنما اعتقدت و التزمت هذا أو يكون المعنى إنما أقول و اعتقد هذا. و الأشبه أن هذه الزيادة ليست من كلام عبد العزيز لأنها لا تناسب ما ذكره من مناظرته المستقيمة و لم يتقدم من عبد العزيز ذكر هذا الكلام و لا ما يدل عليه )

    – سماها زيادة ؟ و هي عبارة في أصل المناظرة و لها سياق و سباق يختل ذلك بحذفها أو تغييرها.
    - لم تتقدم في كلام عبد العزيز ؟ و هل يكفي في نقدها أنها لم تتكرر في المناظرة ؟

    النتيجة التي خرج بها =

    - إما أن تكون ملحقة في بعض النسخ من بعض الناس
    - أو تؤول و توجه توجيه لا يخالف ما ذهبت إليه في تسلسل الخلق . هذا ما يريد شيخ الإسلام
    و في الأخير رجح أنها ليست من كلام عبد العزيز لان المناظرة كلها مستقيمة و لم يتقدم ذكر لهذه العبارة في الكلام و لا ما يدل عليها ؟

    و سياق كلام عبد العزيز الكناني و كلامه بعد هذه العبارة يدل على خلاف ما ذهب إليه شيخ الإسلام لأنه قال بعد ذلك

    ( يا أمير المؤمنين قد اقر بشر أن الله كان و لا شيء و انه احدث الأشياء بعد أن لم تكن شيئا بقدرته و قلت إنما أحدثها بأمره و قوله عن قدرته فلا يخلو يا أمير المؤمنين أن يكون أول خلق خلقه الله بقول قاله أو بإرادة أرادها أو بقدرة قدرها و أي ذلك كان فقد ثبت أن هنا إرادة و مريدا و مرادا و قولا و قائلا و مقولا له و قدرة و قادرا و مقدورا عليه و ذلك كله متقدم قبل الخلق . و ما كان قبل الخلق متقدما فليس هو من الخلق في شيء . كسرت و الله يا امير المؤمنين قول بشر ودحضت حجته باقراره بلسانه . كسرت قوله بالقران و السنة و اللغة العربية و النظر و المعقول ...)

    فهل نؤول هذا أيضا . أو نرده بحجة انه ليس بمستقيم لمخالفة ما ذهب إليه شيخ الإسلام ؟
    فنفس عبد العزيز في هذا و أسلوبه في المناظرة ظاهر فيه . فهل نقول أن هذا أيضا مدسوس عليه ؟

    فيمكن ان نقول بعد هذا ان خلاصة نقد شيخ الإسلام عبارة عبد العزيز الكناني أنها تدل بظاهرها على منع التسلسل في الأزل و تثبت أولية للخلق و أن الله كان ولا شيء معه . و هذا يبطل ما ذهب إليه و ادعى فيه الإجماع . فإما أن ترد أصلا أو تؤول تأويلا يناسب ما ذهب إليه .


    و الحقيقة أن شيخ الإسلام رحمه الله لم يذكر الاحتمال الصحيح . بل ليس احتمالا و إنما هو ظاهر الكلام كالشمس في رائعة النهار في أن عبد العزيز الكناني يقول كغيره من السلف و ممن مر ذكر ( بعض ) قولهم من أن الله عز وجل كان وحده و لم يكن معه شيء . و ان المخلوقات لها أول و لا يذهبون إلى ما ذهب إليه شيخ الإسلام في قوله بتسلسل الخلق في الأزل .

    4- قلتم حفظكم الله منهج السلف لا يثبت بالاستدلال و إنما يثبت بالنقل من غير خلاف .

    جوابه) و هل التزمتم انتم بذلك ؟ و هلا نقلتم كلام السلف في تسلسل الخلق في الأزل و أن ما من مخلوق إلا وقبله مخلوق. ما لكم كيف تحكمون ؟

    أليس ما طولتم به الموضوع إنما هو استدلال فقط و ليس لكم من النقل إلا ما حكاه شيخ الإسلام من إجماع مستنده مجهول لا معلوم ؟
    ابن تيمية رحمه الله إمام متأخر . و كتب السلف في العقيدة و السنة مدونة و مشهورة تناقلها أهل السنة عبر العصور. وقد حفظ منها ما يبقى به الحق ظاهرا إلى أن يشاء الله . و لو قدر أن شيخ الإسلام وقف على ما لم يقف عليه غيره في هذه الكتب فما كان له و ما يليق بحاله أن يخوض و يتكلم في مسالة بهذه الجلالة و العظمة و لا يسند القول إلى أئمة متبوعين يوافقونه فيما ذهب إليه .

    فلعلنا نوسع ذلك و نوجه نداء لطلبة العلم خاصة فنقول – بالله عليكم هل وقف منكم احد على قول لإمام من أئمة السنة قبل شيخ الإسلام ابن تيمية يقول أن المخلوقات ليس لها بداية و ما من مخلوق إلا و قبله مخلوق ؟
    نعم يثبت منهج السلف بالنقل فلا نتعجل . ننتظر فلا نتعجل لعلنا نجد ذلك ؟

    نعم هذا الذي يلزمكم ان توردوا من كلام السلف ما يؤيد ما ذهبتم اليه . فلا ادري لما وجه ذلك إلينا و الموضوع طافح بكلام الأئمة من أوله إلى آخره . بل قد فتح أصلا لأجل ذلك . اللهم إلا المناقضة الظاهرة التي قد اقر شيخ الإسلام أنها لا تتمشى مع ما ذهب إليه . فأشبعنا الموضوع بنقل كلام السلف الذي يدل دلالة مكشوفة في مناقضة كلام شيخ الإسلام لمن قبله من الأئمة .
    و قد وفينا النقل عن السلف في هذه المسالة كما طلبتم. فخلص لنا من كلامهم ما يدل بظاهر و صريح عباراتهم ما يخالف ما ذهب إليه شيخ الإسلام و ليس ذلك بالاستدلال كما زعمت . لأنهم يقولون كان الله و لا شيء معه و شيخ الإسلام يقول لم يزل الخلق مع الله . فان زعمت أن هذا استدلال لا يقبل في هذا المقام . فأقول لك أني علمت ذلك كما يعلم الرجل انه في ليل أو نهار . و ما بعد ذلك إلا أن أكون مجنونا او مصابا بالهذيان ؟

    5- نقلت عن الحليمي من كتاب المنهاج قوله أن ( الخلاق معناه هو الخالق خلقا بعد خلق )

    جوابه ) من باب الأمانة العلمية أن يحمل كلام الرجل على مراده لا على ما يحتمله الكلام . و تبين للطلاب منزلته بين اهل السنة
    فالرجل اشعري متكلم . و العبارة هذه ذكرها أيضا البيهقي في كتابه الجامع . فكان بوسعك أن تعزز ذلك بنقل عبارة البيهقي ؟
    فالكثير من الطلاب يعرف عقيدة البيهقي فيسهل عليه معرفة مراده و يخفى عليه امر الحليمي .

    لكن مما يستغرب في هذا أن تستسيغ نقل كلام إمام اشعري لتنصر به قول شيخ الإسلام في تسلسل الحوادث ؟ و هذا إن دل على شيء فإنما يدل على الإفلاس و اليأس من وجود نصوص للسلف ينصر بها قول شيخ الإسلام .

    فما الذي دهاك يا أخي و الرجل يقول في نفس الكتاب

    ( الباري عز وجل كان غير فاعل ففعل. و افعل في غيره لا في نفسه )

    فهو على منهجه و عقيدته ينفي دوام الفاعلية. و ينفي قيام الأفعال الاختيارية بالرب عز وجل . بل و يجعل الفعل عين المفعول . فكيف يقول بدوام الخلق في الازل ؟

    6- قلت أن الخلق صفة كمال من صفات الله عز وجل ألا عند أهل البدع من أشعرية و غيرهم .

    جوابه) جنبنا الله و إياكم الأهواء الردية و الشبهات الخلفية .

    اما أن الخلق صفة كمال فلا يدفع ذلك إلا ضال تائه في ضلالته. و المسلم بفطرته و إيمانه يدرك جلالة هذه الصفة لدلالتها على قدرة الرب و إرادته و مشيئته و علمه وحكمته و ما يتبع ذلك مما يدركه من نور الله عز وجل قلبه . فالله عز وجل لا يخلق عبثا و إنما يخلق عن علم وحكمة. فالخلق الذي هو كمال هو الخلق الذي أثبته الله لنفسه . فبهذا تنكشف الشبهة و تظهر الحجة .

    - ليس معنى قولنا الخلق صفة كمال . أن خلق كل ممكن يقدر كمال فهذا مكمن الغلط. ذلك أن المنازع يقر بعظمة لسانه أن المخلوق كماله أن يوجد في زمنه الذي يقدره الرب عز وجل. و قبل زمنه و بعده خلقه يكون نقصا ينزه الرب عنه . فهو بهذا يقر أن من الخلق ما ينزه الرب عنه فهل نحاجه بدليله فنقول ( الخلق صفة كمال ) ؟

    - لو كان قولكم الخلق صفة كمال يلزم منه وجود المخلوق. لو كان هذا دليلا صحيحا للزم على قولكم أن يخلق كل ممكن في كل زمن يقدر . لان الخلق صفة كمال . و أي شيء تحتجون به لدفع هذا اللازم . يلزمكم في نقض دعواكم .

    - المنازع يقر أن عدم خلق المعين في غير زمنه المراد هو كمال و ضده نقص . كما أن خلق المعين في زمنه المراد كمال و ضده نقص. فهو يقر أن عدم الخلق يكون كمالا يليق بالرب عز وجل إذا لم يكن في زمنه المراد . فمادام أن الخلق من هذه الحيثية نقص فالواجب اثبات الكمال في الضد عدم الخلق . فالنفي لا يكون وحده كمال حتى يثبت كمال الضد .

    - الرب عز وجل له كل كمال يليق به ليس فيه نقص. و قلنا سابقا أن عدم الخلق في الزمن المقدر كمال كما أن الخلق في الزمن المقدر كمال . و الزمن الذي يليق فيه الخلق من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل . ففي قولكم بالتسلسل و وجوب وجود جنس الخلق في كل الأزمان من التالي على الله و القول عليه بغير علم .

    - قلتم أن المخلوقات وجودها ممكن . و هذا الحكم يشمل كل مخلوق . و القول بالتسلسل يوجب إيجاد بعض الخلق . و هذا تناقض . لأنكم تقولون بأنها ممكنة و واجبة في نفس الوقت . و حقيقة قولكم أن بعض الممكنات وجودها واجب ؟

    - المغفرة صفة كمال كما أن الخلق صفة كمال . و من كلام الإمام احمد رحمه الله . أن الله لم يزل غفورا رحيما. أو عبارة قريبة من هذا لا تحضرني ألان .و تستدلون بهذا على دوام وجود الأثر في الأزل و الأبد . و المغفرة تكون للذنب . فيلزم على كلامكم القول بدوام تسلسل المذنبين ؟

    - أردتم التفريق بين النوع و الآحاد في القدم و الحدوث . فقلتم أن كل مخلوق حادث بعد أن لم يكن . و الكمال هو في وقوعه في زمنه الذي يقدره الرب . و قبل ذلك وبعده عبث و نقص ينزه الله عنه . و هذا الحكم يعم جميع الأفراد. فماذا بقي من الجملة و النوع القديم عندكم ؟ اليس الجملة هي مجموع الأفراد ؟

    - لو تصورتم المسالة حق التصور لما ذهبتم لما ذهبتم إليه. فليجلس أحدكم و هو مخاطب لنفسه و يمعن النظر في مقتضى هذا . فيمر ما استطاع من الأفراد على قلبه و هو يقول عنه الكمال هو أن يخلق في زمنه الذي يقدره الرب . و يرى أن هذا يلزم جميع الأفراد . فهل يستحيل بعد هذا و يمتنع أن يؤخرها الرب جميعا إلى زمن يخلقها فيه خلقا بعد خلق ؟

    - قولكم من التالي على الله عز وجل لان المخلوق تحت مشيئته الرب و قدرته و علمه يتصرف فيه كيفما يشاء إيجادا و إعداما . فما بالكم توجبون التسلسل و لازمه القول بوجوب الخلق عليه و هو عني عن العالمين ؟

    7- الفرق بين صفة الكلام و صفة الخلق /

    أراد بعض الإخوة أن يلزمنا بصفة الكلام و أننا نقول فيه لم يزل متكلما. فيلزمنا أن نقول لم يزل خالقا فنثبت تسلسل الخلق في الأزل و دوام ذلك كما أثبتنا دوام الكلام ؟

    جوابه ) أننا نقول أن إيراد مثل هذا الكلام كحجة لازمة لنا يدل على أن المتكلم ما زال و لما يحكم المسالة. لماذا ؟ لأنه و لحد ألان لم يتضح و يظهر له الفرق بين الأفعال اللازمة و المتعدية. و لم يحسن تطبيق ذلك في هذه المسالة . فالخلق يدخل بكليته في الأفعال المتعدية . عكس الكلام فمنه اللازم الذي يقوم بالخالق سبحانه و تعالى و لا يلزم منه ان يكون المخلوق موجود . و منه المتعدي الذي يلزم منه أن يكون المخلوق موجود كالتكليم و الأمر و النهي . و ما إلى ذلك و قد مر عليك سابقا أن القول بدوام الفعل لا يلزم منه القول بدوام وجود الخلق و أنها لم تزل في تسلسل . و أوردنا عليك كلام من تنصر فذهبه في هذه المسالة .

    فهل يصح بعد هذا أن يكون ما ألزمتنا به صحيحا و حجة علينا ؟

    قال أبو بكر عبد العزيز في الجزء الأول من كتاب السنة في المقنع – لما سألوه انك ماذا قلتم لم يزل متكلما كان ذلك عبثا . فقال لأصحابنا قولان . احدهما – لم يزل متكلما كالعلم لان ضد الكلام الخرس كما أن ضد العلم الجهل . قال – و من أصحابنا من قال قد اثبت لنفسه انه خالق و لم يجز أن يكون خالقا في كل حال بل قلنا انه خالق في وقت إرادته أن يخلق و إن لم يكن خالقا في كل حال و لم يبطل أن يكون خالقا كذلك و إن لم يكن متكلما في كل حال لم يبطل أن يكون متكلما . بل هو متكلم خالق و إن لم يكن خالقا في كل حال و لا متكلما في كل حال .

    قال القاضي أبو يعلى في كتاب – إيضاح البيان في مسالة القران – لما أورد عليه هذا السؤال فقال – نقول انه لم يزل متكلما و ليس بمكلم و لا مخاطب و لا أمر و لا ناه . نص عليه احمد في رواية حنبل و ساق الكلام إلى أن ذكر عن أبي بكر ما حكاه في المقنع ثم قال – لعل هذا القائل من أصحابنا يذهب إلى قول احمد بن حنبل في رواية عبد الله ( لم يزل متكلما إذا شاء ) .قال – و القائل بهذا قائل بحدوث القران و قد تأولنا كلام احمد يتكلم إذا شاء في أول المسالة و لا يشبه هذا وصفه بالخلق و الرزق . لان تلك الصفات يجب أن تقدر فيها ذلك . وذلك إذا قدرنا وجود الفعل فيما لم يزل أفضى إلى قدم العالم فأما الكلام فهو كالعلم .

    ذكر هذا شيخ الاسلام في الفتاوى ثم نقل قول أبو عبد الله بن حامد في أصوله

    و لا خلاف عن أبي عبد الله ( احمد بن حنبل ) أن الله كان متكلما بالقران قبل أن يخلق الخلق و قبل كل الكائنات موجودا و أن الله فيما لم يزل متكلما كيفها شاء و كما شاء .

    قلت - قد مر عليك قول أبي يعلى - ان الله لم يزل متكلما و ليس بمكلم و لا مخاطب و لا أمر و لا ناه نص عليه احمد كما في رواية حنبل –فجزم الإمام احمد رحمه الله بنفي التكليم و الخطاب و الأمر و النهي في الأزل و اثبت الكلام .

    لماذا ؟ لان المنفي من الفعل المتعدي الذي لا يكون إلا مع وجود المخلوق. و المثبت من اللازم الذي لا يلزم من وجوده وجود المخلوق. و هذا يدل كغيره مما نقلناه من كلامه و مما لم ننقله على أن الله كان وحده و لا شيء معه ثم خلق الخلق. فلو انه كان يقول بتسلسل الخلق كما يذهب إليه شيخ الإسلام. لما تجاسر على نفي ذلك إذ قد يكون في الخلق إلى الأزل من يصح أن يكلم أو يؤمر أو ينهى أو يخاطب. فنفي ذلك مع إثبات التسلسل من القول على الله بغير علم .

    8- قولكم أن الخلق فعل كمال و هو ليس بممتنع عن الله عز وجل فوجب أن يكون واجب /

    جوابه) ظاهر العبارة سليم لكن عند التفصيل يظهر اللبس و المقصود بهذا الكلام . الخلق فعل كمال باعتبار الوصف و باعتبار ما يخلقه الله عز وجل من محدثات. أما باعتبار خلق الممكنات وإيجادها. فالكمال متعلق بالزمن المقدر للمخلوق . و وجود الممكن في غير ذلك الزمن نقص ينزه الرب عنه . فلا يصح ان يطلق القول بان خلق كل ممكن هو كمال يستحقه الرب عز وجل . و لا يصح أن يستدل على هذا بقولنا الخلق صفة كمال . فبهذا التفصيل تظهر الشبهة و اللبس في هذه العبارة . فمن الخلق ما يكون كمالا يضاف للرب عز وجل. و منه ما يكون نقصا ينزه الرب عنه . و ليس للمنازع حجة يستدل بها باعتبار الكمال في الوصف . بل قد انحصر النزاع معه فيما يمكن أن يقع من محدثات.

    و مع إقراراه أن آحاد المخلوقات إنما الكمال فيها أن توجد في أزمانها التي يقدرها الله عز وجل . لم يبقى له مما يستدل به من العبارة إلا أن يقول أن الأزمنة المتعاقبة في جهة الأزل الكمال أن يخلق فيها خلقا بعد خلق. و هذا من القول على الله بغير علم لان ليس كل زمن يقدر للممكن يكون كمالا أن يخلق فيه المخلوق . و ليس واجبا على الله أن يخلق في كل زمن يقدر . بل تعيين الزمن اللائق بالخلق يرجع للرب عز وجل و ذلك راجع لعلمه وحكمته . فمن هذه الحيثية قلنا أن خلق المخلوقات خلقا بعد خلق في جهة الأزل ممكن للرب عز وجل فممكن ان يقع و ممكن أن لا يقع هذا . و ليس بواجب على الله على أن يخلق خلقا بعد خلق الا أن تكونوا انتم قد علمتم أن هذه الأزمنة لائقة لان يخلق الله فيها. و ليس ذلك إليكم بل لعلام الغيوب الذي يخلق ما يشاء و يختار .

    فنقول اذا الخلق صفة كمال باعتبار الوصف أما باعتبار الآحاد فالخلق الذي يكون كمالا هو في الزمن الذي يقدره الرب عز وجل . و العلم بالزمن اللائق للخلق هو من الغيب الذي لا يعلمه إلا الرب عز وجل و هذا يعم كل المحدثات . و القول بان الأزمنة في جهة الماضي كانت لائقة لخلق المخلوق فيها من الرجم بالغيب و القول على الله بغير علم .

    9- استدللتم على دوام الخلق بداوم الفعل . فقلتم أن الله عز وجل حي فعال فلا أول لفعله اللازم و المتعدي .

    جوابه ) و هذا من الاستدلال فبالشيء الأعم على الأخص . و قد مر عليكم من كلام شيخ الإسلام ما يبين أن هذا الاستدلال ليس بلازم. لأنه لا يلزم من كون الله حي فعال أن يكون لم يزل يخلق .

    10- استدللتم على ما ذهبتم إليه بمقتضى عموم النصوص الشرعية و ذكرتم من النصوص ما يبين أن الخلق متعلق بالإرادة و المشيئة.
    جوابه) و هذا ينقض ما ذهبتم إليه لان مقتضى هذا الكلام يدل على أن الخلق يرجع إلى مشيئة الله و إرادته. فهو غني بذاته و صفاته عن العالمين . و الراجع إلى مشيئته و إرادته ممكن لا يجب وقوعه حتى نقول بوجوب تسلسل الخلق .

    11- استدللتم بقوله تعالى ( وهو الخلاق العليم ) على وجوب التسلسل ؟

    جوابه) مقتضى هذا الاستدلال ان الكثرة فاسمه الخلاق توجب تسلسل الخلق في جهة الأزل فلو قطعتم التسلسل بوجود أولية للخلق لما كان في ذلك كثرة و اسمه الخلاق يدل على ذلك ؟

    و جواب هذا الإيراد - أن الله عز وجل منزه عن العبث . فهو يخلق بعلم و بمقدار . و لا يلزم من اسمه الخلاق أن يوجب ذلك التسلسل . لان كثرة الخلق كما تكون بطول الزمن و ما يقدر من خلق المخلوقات فيه . تكون في الزمن الواحد المعين لان الرب عز وجل قادر على خلق كل الممكنات في الزمن الواحد. فما دام أن الخلق في الزمن الواحد خلق بمقدار و كان يمكن على القول بالكثرة من استدلالكم باسمه الخلاق أن يكون الخلق فوق ذلك المقدار. وذاك نقص ينزه الله عنه فلا يصح أن يستدل بكثرة الخلق أن يلزم من ذلك تسلسل الخلق في الأزل. كما لم يصح الاستدلال بذلك على أن الواجب أن يكون الخلق فوق المقدار الذي يقدره الرب في الزمن المعين . فبان بذلك أن وصف الله عز وجل بالخلاق لا يلزم منه ما ذهبتم إليه .

    - نقض ذلك بقوله تعالى ( العزيز الغفار )

    و قول الإمام احمد رحمه الله ( لم يزل متكلما عالما غفورا )

    فعلى قول المنازع أن هذا يدل على الكثرة و الاستمرار. بمعنى أن الله عز وجل لم يزل في الأزل يغفر الذنب و هذا يقتضي وجود المذنبين إلى ما لا بداية له في جهة الأزل ؟ و أظن أن حكاية هذا اللازم الذي لا محيد عنه كافية في رده .

    و مع هذا فقد اشتهر عند أهل الإسلام أن أول ذنب عصي الله به كان من إبليس عليه لعائن الله . فان صح هذا رد ما جاء من اسرائليات في أن الجن كانوا سكانا للأرض قبل ادم عليه السلام فسفكوا الدماء وقتلوا و افسدوا في الأرض .

    - قال الإمام قوام السنة أبو القاسم الاصبهاني في كتاب الحجة في بيان المحجة – الخالق و الرزاق و العادل و المحسن و المنعم و المحيي و المميت و المثيب و المعاقب هي صفات لازمة له قديمة بقدمه لا لقدم معانيها الذي هو الخلق و الرزق و الإحسان و الإثابة و العقاب لكن وجود معانيها منه .

    12- مما انتقد علينا قولنا أن المخلوقات لها أول. و قلنا أن الخلاف بين السلف لا يصح أن يقيد بالعالم المشهود .
    لما سنذكر أن شاء الله . و لكن قبل ذلك نعرج على بعض صنيع المنازع في نصيحته لنا التي نشكره عليها.

    - أراد الأخ الكريم أن يوهم إنني أخذت هذا من عبارات للعلماء و اطلاقات و لم ارجع ذلك لأصولهم في هذه المسائل . فلعلك أن تكون تقصد بهذا أن من أصولهم التي ينبغي أن يحمل و يضم إليها ما نقلته ما ذهبتم إليه . فأنت بهذا تستدل علي بنفس ما انا منازع لك فيه ؟

    - لحد ألان لم تبين أن ما ذهبتم إليه من أصولهم في مسائل الاعتقاد . و لم تبرهن على ذلك بكلامهم ليسلم لك المخالف ذلك .

    - ادعيت أن الخلاف في هذا العالم المشهود . فلعلك تبين لنا الفرق بين عالم الغيب و عالم الشهادة . فكثير منهم من رجح ما تجعلونه من عالم الغيب. فهل تلتزمون ذلك فتجعلون ما رجحه هو أول مخلوق من عالم الغيب ؟ فاصل النزاع هو في أول الخلق .

    - تفطن المنازع لذلك و علم أن هذا يلزم منه أن للخلق أول. لان العالم المشهود له أول بلا نزاع . فماذا قال ( و في الأعيان الغيبية في حقنا المذكورة في النصوص ) يعني أن من رجح أولية أمر غيبي ليست الأولية عنده مطلقة. و إنما هي مقيدة بما ذكر في النصوص ؟
    يعني ان كلامه ليس في اول مخلوق . و انما هو ذكر مخلوقا من عالم الغيب هكذا وفقط ؟

    بيان ذلك أن من قال أن القلم أول المخلوقات باعتبار العالم المشهود . فيلزمه أن من رجح أمرا غيبيا ليس من العالم المشهود أن ذلك أول الخلق عنده من عالم الغيب . لان الخلاف ليس في ذكر أي شيء من الغيب و ليست في ذكر الأول مما ذكر في النصوص . و إنما الخلاف في ذكر الأول من ذلك إطلاقا . و لما كان لا يخالف في أن من رجح شيئا من عالم الشهادة يقصد الأولية بإطلاق . لزمه أن من رجح أمرا غيبيا يقصد الأولية بإطلاق . هذا بدون النظر إلى سياق كلامهم و دلالته بظاهره على خلاف قوله .

    قال ابن كثير في البداية و النهاية ( و اختلفوا هل كان قبل خلق السموات و الأرض شيء مخلوق قبلهما ؟ فذهب طوائف من المتكلمين انه لم يكن قبلهما شيء و أنهما خلقتا من العدم المحض .و قال آخرون بل كان قبلهما مخلوقات آخر لقوله تعالى – و هو الذي خلق السموات و الأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء و ذكر بعض النصوص ثم قال .

    و اختلف هؤلاء في أيهما خلق أولا ؟ ( قلت ) يعني الخلاف هنا في أيهما خلق من المخلوقات أولا قبل خلق السموات و الأرض ؟
    فقال قائلون – خلق القلم قبل هذه الأشياء كلها ( ركز على قوله قبل هذه الأشياء كلها و هل هو يقصد بذلك العالم المشهود فقط ؟) و هذا هو اختيار ابن جرير و ابن الجوزي و غيرهما قال ابن جرير و بعد القلم السحاب الرقيق . ثم قال – و الذي عليه الجمهور فيما نقله الحافظ أبو العلاء الهمداني وغيره . أن العرش مخلوق قبل ذلك .
    ثم رجح ابن كثير ما عليه الجماهير . و قال و يحمل حديث القلم على انه أول المخلوقات من هذا العالم . انتهى المقصود من كلامه


    قلت - هاهنا مسائل ينبغي التفطن إليها و هي أن

    - حمل حديث القلم على الأولية في العالم المشهود . ربما تصح ان كان القلم من عالم الشهادة و ليس من عالم الغيب . فيحتاج الحامل الى تفريق واضح بين عالم الغيب و الشهادة .

    - ابن جرير و غيره ممن ذهب مذهبه لا يوافق على هذا الحمل . لان في كلامهم من تفصيل و ترجيح لأسبقية القلم على أمور مرجوحة عندهم من عالم الغيب . و هذا يبين ان كلامهم و ترجيحهم لم يكن خاص بالعالم المشهود .

    - أن هذا الحمل لا يستقيم لمن وقف على كلامهم و الخلاف بينهم في ذلك . لان غالبهم رجح أمورا غيبية. إلا ما استشكل من كون القلم عد من عالم الشهادة .

    - أن الذي حمل حديث القلم على العالم المشهود . ليس مقصوده أن الخلاف كان في العالم المشهود . و إنما مقصوده عدم إسقاط قول هؤلاء مع ترجيحه لغيره .

    - أن الخلاف الذي نقله ابن جرير في تاريخه و تفسيره . يدل على أن الخلاف كان في أول مخلوق بإطلاق كما سيأتي من قوله في آخر المشاركة . و ليس لهذا التفريق ذكر و لا ما يدل عليه إطلاقا فيما نقله .

    - أن القول بان الخلاف كان في العالم المشهود . رمي للسلف بالبلادة و عدم الفهم . فكيف يعقل ان الخلاف في هذا و هم يرجحون بما هو من عالم الغيب .

    - القول بان هناك مخلوقات كانت قبل هذه الأشياء التي ذكرها السلف في خلافهم . من الزيادة و الاستدراك عليهم . و لم يقف من قال ذلك حيث وقف القوم .

    - القول بان قبل القلم و العرش و الماء و السحاب و ما شابه ذلك مما ذكره السلف . القول بان قبلها كانت مخلوقات . من القول على الله بغير علم

    - كل ما ذكره السلف في هذا من المخلوقات العظيمة التي تستحق الذكر. و أوليتها و تقدمها يقتضي ذلك . و ما فرطنا في الكتاب من شيء . و مذهبكم يقتضي أن ما هو أعظم من ذلك قد أهمل ذكره في الشرع ؟

    - لو كان ما ذهبتم إليه معتقد للسلف كما زعمتم لما عيي احدهم أن يقول ما من مخلوق إلا وقبله مخلوق و أن السؤال غير وارد و الجواب لا يصح . أو على الأقل يبين أن ذلك يحتاج إلى تفصيل و يتبين مقصود السائل ليحسن الجواب بحسن السؤال .

    - لو كان ما ذهبتم إليه صحيحا . لكان السؤال عن أول الخلق من التكلف و التشدق الذي لا يحسن الجواب عليه . و لكان جواب السؤال من الرجم بالغيب و القول على الله بغير علم

    13- قال المنازع أن ما أوهم من كلام العلماء بان للمخلوقات أول نحمله على أصولهم .

    جوابه) قد علمتم ما يقصد المنازع بذلك. و سنرى هل يسعفه ذلك مع عباراتهم الواضحة البينة لمن له عينان .
    - مثل لنصيحته بقول ابن عباس رضي الله عنهما ( أن الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئا . فأول ما خلق القلم ) و ما يشبه ذلك من أثار .

    المنازع لك لم يستدل بهذا و هو يقر قبل غيره أن مثل هذه العبارة لا تصلح لذلك. فهل النصيحة توجب عليك أن تبطل ما لم يستدل به منازعك لتوهم غيرك أن حججه من هذا الجنس . و هل قرأت الموضوع أصلا و كلام الأئمة فيه قبل أن تنبري للرد ؟

    المهم انك قد التزمت فيما ينقله منازعك من كلام بعض العلماء مما يوهم ( عندك ) أن للخلق بداية أن تحمل ذلك على أصول صاحب المقالة و تفسره بنصوصه الأخرى بلا تكلف و لا تعسف . و قبل أن أورد عليك حجج هؤلاء و عباراتهم الواضحة البينة في دفع ماذهبتم إليه . أود أن أنبه الناظر أن المنازع يزعم أن ما سأذكر من كلامهم هو وهم و ليس بظاهر في ذلك فليكن هذا منك على بال .

    و قد التزم أن يرجع ذلك لأصول صاحب المقالة . و هذا من الاستدلال بنقطة الخلاف فلا يهمني ذلك إلا أن يبرهن من صريح عباراتهم أن من أصولهم أن الخلق لم يزل مع الله . و لا يكفيه ما أبدى لي فيه النصيحة من أن يكون ذلك عن استدلال. بل نريد كلام واضح بين فيما ذهبتم إليه . و نصوص توضح أن ذلك كان معتقد لهم . فنبدا بعون الله و فضله بذكر كلام سيد المفسرين ذكر الخلاف بين السلف في أول خلق خلقه الله عز وجل .


    1) الإمام الطبري / قال في تاريخه – فإذا كان معلوما أن خالق الأشياء و بارئها كان و لا شيء غيره و انه خلق الأشياء فدبرها . و انه خلق صنوفا من خلقه قبل خلق الأزمنة و الأوقات . و قبل خلق الشمس و القلم الذين يجريهما في أفلاكهما . و بهما عرفت الأوقات و الساعات و أرخت التاريخات . و فصل بين الليل و النهار . فلنقل فيما ذلك الخلق الذي خلق قبل ذلك ؟ و ما كان أوله ؟
    ثم ساق خلاف السلف في ذلك و منه ما قاله

    2) محمد بن اسحاق ( و كان عرشه على الماء ) فكان كما وصف نفسه سبحانه و تعالى إذ ليس إلا الماء و العرش .

    - ترجيح الطبري – و قول الرسول صلى الله عليه و سلم الذي رويناه عنه اولى قول في ذلك بالصواب . لانه كان اعلم قائل في ذلك قولا بحقيقته و صحته و قد روينا عنه عليه السلام " اول شيء خلقه الله عزوجل القلم " من غير استثناء منه شيئا من الاشياء انه تقدم خلق الله اياه خلق القلم . بل عم بقوله صلى الله عليه و سلم – ان اول شيء خلقه الله القلم – كل شيء . و ان القلم مخلوق قبله من غير استثنائه من ذلك عرشا و لا ماء و لا شيئا غير ذلك .

    قلت - حاول ان ترقع كلامه ؟

    وذكر

    القول في ابتداء الخلق و ما كان أوله .

    3) عن ارطاة بن المنذر سمعت ضمرة يقول ( إن الله خلق القلم فكتب به ما هو خالق و ما هو كائن من خلقه ثم إن ذلك الكتاب سبح الله ومجده ألف عام قبل أن يخلق شيئا من الخلق )

    القول في الذي ثنى خلق القلم

    وخلاصة قوله أن الله عز وجل خلق بعد القلم سحابا رقيقا و هو الغمام . و ذلك قبل أن يخلق و الماء . وذكر حديث أبي رزين و صححه ( أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ؟ قال كان في عماء ما تحته هواء و ما فوقه هواء ثم خلق عرشه على الماء )
    ثم بعد السحاب الماء ثم العرش او يقال انهما خلق معا .

    و ذكر ما جاء

    4) عن ابن عباس و عن مرة الهمذاني عن عبد الله بن مسعود و عن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم – قالوا – أن الله عز وجل كان على عرشه على الماء . و لم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء .

    قال ابن كثير في تاريخه الكبير – خلق القلم قبل هذه الأشياء كلها و هذا هو اختيار ابن جرير و غيرهما .

    5) قتادة ( و كان عرشه على الماء ) ينبئكم كيف كان بدء خلقه قبل أن يخلق السموات و الأرض .

    6) عبد العزيز الكناني – لم يزل الخالق سيخلق – أول شيء خلقه الله بقوله و ذلك كله متقدم قبل الخلق .

    7) ابوعبيدة معمر بن المثنى . أما قوله ( وخلق كل شيء ) فهو كما قال و قال في آية أخرى ( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول كن فيكون ) فاخبر أن أول خلق خلقه بقوله و أول خلق من الشيء الذي يقال (وخلق كل شيء ) فاخبر أن كلامه قبل الخلق . أورده البخاري في كتابه خلق أفعال العباد

    8) يزيد بن هارون – العماء أي ليس معه شيء – رواه عنه احمد بن منيع و قرره الترمذي . و استحسنه الناس كتفسيرا للعماء في حديث أبي رزين و تناقلوه فيما بينهم و لم يستنكره احد . و لم يتجاسر على رد هذا حتى من هو على مذهبكم ؟

    - تنبيه / ما ذهب إليه المنازع مبطل لهذه الحجة . لان صحة الحجة أن يكون الكلام الذي خلق به أول مخلوق لم يسبق بمخلوق. يعني أن هذا الكلام سبق كل الخلق لأنه كان قبل أول مخلوق .

    9) الإمام احمد رحمه الله
    - ذكر الخلال عنه انه قال – كان الله تعالى قبل ان يكون شيء .
    - و في مناظرته للجهمية قال – نحن نقول قد كان الله و لا شيء .
    - و فيها أيضا انه قال إلزاما للجهمي . أليس الله كان و لا شيء ؟ فيقول نعم . فقل له حين خلق الشيء اخلقه في نفسه أو خارجا عن نفسه ؟
    - قال أبو عبد الله بن حامد في كتابه في أصول الدين لا خلاف عن أبي عبد الله يعني احمد بن حنبل أن الله لم يزل متكلما قبل ان يخلق الخلق و قبل كل الكائنات . شرح الأصفهانية لشيخ الإسلام

    10) ابن بطة العكبري – ذكر هذه الحجة بنفس عبارة الإمام رحمه الله .

    - تنبيه / و هذا إلزام بالحق الذي هو معتقد الائمة . و تبطل الحجة لو قلنا ان الله لم يزل مع الخلق ؟ تأمل ذلك

    11) الامام ابو بكر الاجري – لم يزل الله تعالى عالما متكلما قبل خلق الأشياء من قال غير هذا فهو كافر .

    12) الإمام اللالكائي – حديث ( أول ما خلق الله القلم ) اخبر أن أول خلق القلم . و الكلام قبل القلم . و إنما جرى القلم بكلام الله الذي قبل الخلق إذا كان القلم أول مخلوق .

    تنبيه / لو كان هناك خلق قبل خلق القلم و قبل الكلام الذي جرى به القلم لبطلت الحجة . لان الحجة في إقرار المنازع أن ليس قبل خلق القلم مخلوق . فالذي يكون قبل خلق القلم ليس بمخلوق . و الكلام قبل القلم إذا هو ليس بمخلوق . تأمل ذلك ؟
    و قد أبطل من يذهب إلى ذاك المذهب هذه الحجة و غيرها من حجج السلف على أهل التجهم و التعطيل .

    13) الدارمي – لم تحدث له صفة و لا اسم لم يكن كذلك قبل الخلق . كان خالقا قبل المخلوقين و رازقا قبل المرزوقين و عالم قبل المعلومين . لان لحدوث الخلق حدا و وقتا و ليس لأزلية الله حدا و وقت .

    14) ابن حزم – اتفقوا ان الله وحده لا شريك له . خالق كل شيء غيره . و انه تعالى لم يزل وحده . ثم خلق الاشياء كلها كما شاء . مراتب الإجماع

    15) الطحاوي – له معنى الربوبية و لا مربوب و معنى الخالقية و لا مخلوق .

    16) الحافظ ابن منده في كتاب التوحيد - و لم يزل موصوفا بالخالق البارئ المصور قبل الخلق . بمعنى انه يخلق و يصور .
    و قال أهل التأويل ( التفسير) معنى الأول هو الأول بالأولية و هو خالق أول الأشياء و سماه أول الأشياء .

    17) ) الهروي في تفسيره – و ان الله عز وجل كان قبل خلقه الأشياء قائما بذاته ثم خلق الأشياء .

    18) العلماء الذين كتبوا الاعتقاد القادري للخليفة العباسي . و قد ذكروا فيه ( كان ربنا وحده لا شيء معه ) و كتب الشيخ القزويني معلقا عليه – هذا قول أهل السنة و هو اعتقادي و عليه اعتمادي

    19- ) البغوي في تفسيره – الأول قبل كل شيء بلا ابتداء . كان هو و لم يكن شيء موجودا .

    20) عمر بن عثمان المكي الذي ذكره شيخ الإسلام في الحموية – كان هاديا سيهدي و خالقا سيخلق و رازقا سيرزق و غافرا سيغفر.

    21) أبو القاسم الثعلبي. نقل عنه الثعلبي المعروف في تفسيره ( كان الله تعالى قبل خلقه للأشياء قائم بذاته ثم خلق الأشياء من غير حاجة له إليها . بل إظهارا لقدرته وحكمته ليعرف وجوده وحده . و كمال علمه و قدرته بظهور أفعاله المتقنة بالحكمة )

    22) الإمام قوام السنة أبو القاسم الاصبهاني في كتاب الحجة في بيان المحجة
    (مذهب أهل السنة و المقتدين بالسلف أن الله تعالى كان وحده و لا شيء معه )

    و قالالخالق و الرزاق و العادل و المحسن و المنعم و المحيي و المميت و المثيب و المعاقب هي صفات لازمة له قديمة بقدمه لا لقدم معانيها الذي هو الخلق و الرزق و الاحسان و الاثابة و العقاب لكن وجود معانيها منه .

    وقال – يوصف بأنه رب قبل أن يخلق المربوب . و انه اله قبل أن يخلق المالوه . ومن نفى هذه الصفات عنه بعد وجود معانيها فقد خالف المسلمين .

    23) أبو عبد الله بن بطة العكبري – الله سبحانه و تعالى لم يزل عليما سميعا بصيرا متكلما تاما بصفاته العليا و أسمائه الحسنى قبل كون الكون و قبل خلق الأشياء .

    24) اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة و الجماعة – قال في قوله صلى الله عليه و سلم ( أول ما خلق الله القلم ) . قلت ( اللالكائي ) فاخبر أن أول الخلق القلم . و الكلام قبل القلم و إنما جرى القلم بكلام الله الذي قبل الخلق إذا كان القلم أول الخلق .

    25) شيخ الحنابلة القاضي أبي يعلى الفراءالحوادث لها أول ابتدأت منه خلافا للملحدة – كتاب المعتمد

    26) الذهبي في الأربعين صفات رب العالمين – ما زال خالقا و رازقا و لا خلق بعد و لا رزق .

    27) ابن القيم – و انه كان و لم يكن شيء غيره البتة . مدارج السالكين

    28) شيخ الاسلام ابن تيمية - يقول رحمه الله

    من المعلوم أن الدليل يجب طرده، وهو ملزوم للمدلول عليه، فيلزم من ثبوت الدليل ثبوت المدلول عليه، ولا يجب عكسه، فلا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول عليه.
    وهذا كالمخلوقات فإنها آيه للخالق، فيلزم من ثبوتها ثبوت الخالق، ولا يلزم من وجود الخالق وجودها. وكذلك الآيات الدالات على نبوة النبي، وكذلك كثير من الأخبار والأقيسة الدالة على بعض الأحكام: يلزم من ثبوتها ثبوت الحكم، ولا يلزم من عدمها عدمه . درء التعارض

    و هذا من النقل الواضح البين الذي يوافق فيه جماهير العلماء في ان عدم المخلوقات جملة ليس بنقص و لا تعطيل . و ان وجود الخالق لا يلزم منه وجود المخلوق . و على المذهب المنتقد يكون هذا تعطيلا للرب عن كماله المستحق له . اذ الرب لا بد ان يكون ازلا و ابدا يخلق خلقا بعد خلق . و لا يمكن تصور وجود الخالق مع عدم الخلق كلية فعندكم ان وجود المخلوق لازم من وجود الخالق.
    و الله اعلم

    .........................


    و بعد ذكر نصوص الأئمة و السلف في هذه المسالة الجليلة . نقول للمنازع هل يليق ان يتكلم هؤلاء بظاهر هذه العبارات التي يلزم منها تعطيل الرب و وصفه بالنقص على مذهبكم . و لا يبدي الواحد منهم النصيحة فيرد الباطل المتوهم على مذهبكم أو يبين بصريح العبارة أن ذلك غير مقصود . أو تذكر هذه العقيدة في ( بعض ) كتب السلف و لو في فروع العقائد . أو تلحق كما الحق ما خالف فيه أهل البدع من الفقهيات . أو تذكر هكذا ذكر عابر فقط فيبين أن من الناس من يقول ما من مخلوق إلا وقبله مخلوق .
    فما بال كل هذا لم يتحقق فلم نقف عليه .

    فمع قوة الدافع لذلك و جلالة المسالة و كونها من مسائل التضليل و التكفير لما فيها من نقص و تعطيل . و مع جلالة السلف و غزارة علومهم و نصحهم للأمة و كونهم اعلم ممن جاء بعدهم و انصحهم للناس . و أشدهم حبا للخير و العلم و بذله للناس . و أنهم سكتوا عن هذا و لم يبينوه للناس و مع تكلمهم بما يدل بظاهره على خلاف ما ذهبتم إليه . اجزم أن المسالة حادثة و أن هذا لو لم يذكره شيخ الإسلام و يتبناه من قوله ومعتقده لما ذهب إليه و لما تجاسر احد على نصره و الدفاع عنه ؟

    و في ختام هذه المشاركة التي أظن أنني وفيت فيها بعض ما يجب علي في الدفاع على ما انتصرت له. و على اقل تقدير أكون قد أوضحت الحامل لما ذهبت إليه و إن كنت لست أهلا لمثل هذه المواطن . لكن لشدة الوارد و انه قد حاك في صدري ما ذهب إليه شيخ الإسلام . فمنذ فترة من الزمن و عبارات للسلف تمر علي في صفحات الكتب أقول في نفسي كيف يوجه هذا مع ما ذهب إليه شيخ الإسلام. فما كان إلا أن شاركت في موضوع لأحد الإخوة الكرام كان سببا لهذا الموضوع . لعلي استفيد ممن له علم و عناية بهذه المسائل . فتكلمت فيه وذكرت ما اعتقده مما له علاقة بهذه المسالة بالذات . و إني على علم بان من كان على حالي فلن يخلو ما كتبه من نظر و إصلاح للمقال . خاصة فيما يخص من شطط في القلم و دفع النفس حبا للانتصار . فان أحوال القلب كالبحر لا تمسك أمواجه عند الهيجان .


    و الحمد لله على اولا واخرا

    و السلام عليكم ورحمة الله




  13. #133
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة

    و في ختام هذه المشاركة التي أظن أنني وفيت فيها بعض ما يجب علي في الدفاع على ما انتصرت له. و على اقل تقدير أكون قد أوضحت الحامل لما ذهبت إليه ..... . فان أحوال القلب كالبحر لا تمسك أمواجه عند الهيجان .
    نعم بارك الله فيك اخى الطيبونى وفيت بما انتصرت له
    و على اقل تقدير أكون قد أوضحت الحامل لما ذهبت إليه
    ستقول الحامل التنزيه والكل يدعى هذا
    فان أحوال القلب كالبحر لا تمسك أمواجه عند الهيجان
    اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلب اخى الطيبونى على الحق ولا تجعله كالبحر عند الهيجان لا تمسك أمواجه واجعل زمام الامر للعقل مع القلب فى فهم هذه المسألة

  14. #134
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    . فأصبحت المسالة من الأصول التي تدور على الكفر و الضلال ؟



    قد اوضحت لك اخى الطيبونى فى نقاش سابق ان المسألة من الجزئيات والتفاصيل الدقيقة ولا تدور على الكفر والضلال وهى تندرج تحت تفاصيل الصفات وجزئياتها فهى مثلا كحديث عائشة عندما قالت للنبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلم: «مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ، وليس فيه تضليل لعائشة رضى الله عنها كما يزعم البعض ممن ينتقد شيخ الاسلام
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
    فَهَذِهِ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ: سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ يَعْلَمُ اللَّهُ كُلَّ مَا يَكْتُمُ النَّاسُ؟
    فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ
    وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ مَعْرِفَتِهَا بِأَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ يَكْتُمُهُ النَّاسُ كَافِرَةً
    إبراز بعض نصوص السلف التي هي في غاية الوضوح و البيان في دلالتها لمخالفة ما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله في دعواه أن تسلسل المخلوقات في جهة الأزل مسالة مجمع عليها بين السلف و أهل السنة. و انه لم يخالف في ذلك إلى أهل البدع من المعطلة و أهل الكلام ؟
    الكلام على التسلسل اخى الطيبونى درجات كما تعلم اخف المخالفين هو تعطيلك عما هو أكمل وان الله لم يزل يفعل
    فما دام أنها وصلت إلى هذا الحد. فقد وجب على المخالف أن يعطيها حقها ليسلم له دينه و يثبت له إيمانه. فكل معرض للزيغ و الضلال و المعصوم من عصمه الله .
    هى لم تصل الى الكفر والضلال - وليس لها علاقة ايضا بأصل سلامة الدين والايمان ولكن المسألة متعلقة بالأكمل
    و يعلم الله أنني لا أحب الخلاف و الشقاق خاصة إذا كان مع اعز الإخوة و الأصدقاء. لما يورث ذلك عادة و طبعا من شحناء و بغضاء . لكن حبا للخير و الفهم في العلم . و ان اوافق من هو عزيزا على النفس يوجب علي الصدع بما اراه حقا و أن لا اداري في ذلك أحدا.
    نعم بارك الله فيك
    بل أكاد اجزم مرة أخرى أن مسالة شيخ الإسلام حادثة و لم يسبق إليها . فكيف ينقل عليها إجماع السلف ؟
    ومن كبر عليه هذا فليأتني بكلام إمام معتبر قبل زمنه . يعتد بقوله يذهب صراحة إلى ما ذهب إليه .
    الكلام فى هذه المسألة مبنى على فهم اصول اهل السنة فى اثبات الكمال
    فقد حاول رحمه الله الطعن في المسالة الأولى . و تقيد الخلاف في المسالة الثانية لعلمه بما في المسالتان من نقض لدعواه في تسلسل الخلق . و العجيب في الأمر انه لم ينقل من أدلة الشرع ما يصدق به دعواه إلا ما ادعاه من دلالة بعض النصوص على ذلك . وعندما تحقق الأمر تجده قد حمل النصوص ما لا تحتمله و أتى فيها بما لم يسبق إليه
    شيخ الاسلام بين دلالة الحديث ووفق بين الروايات
    أي انه لا يلزم من الوصف وجود المخلوق . فلو انه قصد البعض دون البعض لكان يكفيه في إثبات الوصف تعلقه بالبعض المخلوق . و كان ذلك كافيا في تحقق الوصف بدون حاجة لذكر أن الوصف كان قبل وجود الخلق.
    انكارنا على الوصف مع عدم الفعل على الاطلاق لا على وجود الفعل متعلقا بالحكمة والمشيئة وانه لم يزل يخلق لما تقتضيه حكمته ومشيئتة وهذ لا يدل على ما تذهب اليه
    فالذي يفهم من هذا إقراره لهم بوجود الله وحده في الأزل و لا شيء معه.
    هذا فيه اثبات ان الله متقدم على جميع المخلوقات وانه قبل كل شئ اما تعطيل الله عن الفعل فان الله لم يزل يفعل وليس كما يدعى عبد العزيز الكنانى انه لم يزل سيفعل هذا تعطيل وليس بأسوأ من قوله فى كتابه الحيدة عليم بلا علم
    ثم قال ( لان لحدوث الخلق حدا ووقتا و ليس لأزلية الله حد و وقت )
    نعم لحدوث الخلق حدا ووقتا وهو احداث الله لها ووجودها بعد ان لم تكن اما ازلية الله فالله جل وعلا لم يزل يحدث الاشياء شيئا بعد شئ فى الماضى فان تعثر عليك التسلسل فى الماضى فاعتبر بتسلسل نعيم اهل الجنة والتسلسل فى المستقبل ولا يمنع ذلك ان يكون الله بعد كل شئ وقول الامام الدارمى انا ارى انه لا يتعارض مع كلام شيخ الاسلام على الاطلاق بل يؤيده
    أننا نقول أصلا أن الخلق ممكن لله عز وجل أزلا و أبدا يخلق ما يشاء متى شاء و كيفما شاء . و كل ذلك بمقدار تابع لعلمه وحكمته . و فرقنا بين الجهتين لان جهة الأبد قد ورد فيها من النصوص الشرعية ما فيه الكفاية من إثبات الدوام و الاستمرار بل قد كفر السلف من قال بفاء الدارين أو قال بانقطاع النعيم . أما جهة الأزل فلم يثبت فيه من الدليل الملزم إلا ما حملتم عليه بعض النصوص و ادعيتم فيها ما لم تسبقوا إليه و ليس لكم فيه إمام متبع . و قد وجدنا من كلام السلف ما فيه كفاية في إثبات وحدانية الله عز وجل و انه كان في الأزل و لا شيء معه و أن المخلوقات لها بداية .
    لا فرق بين الماضى والمستقبل والمفرق معطل فى الماضى
    فلا يخلو يا أمير المؤمنين أن يكون أول خلق خلقه الله بقول قاله أو بإرادة أرادها أو بقدرة قدرها و أي ذلك كان فقد ثبت أن هنا إرادة و مريدا و مرادا و قولا و قائلا و مقولا له و قدرة و قادرا و مقدورا عليه و ذلك كله متقدم قبل الخلق . و ما كان قبل الخلق متقدما فليس هو من الخلق في شيء . كسرت و الله يا امير المؤمنين قول بشر ودحضت حجته بإقراره بلسانه . كسرت قوله بالقران و السنة و اللغة العربية و النظر و المعقول ...)
    تأمل قوله يا رعاك الله أن هذه الحجة قامت و أخذت من القران و السنة و اللغة و النظر و المعقول . فماذا بقي لكم بعد هذا ؟
    وهل نازع احد فى ذلك وان الله متقدم قبل الخلق -وليس هو من الخلق فى شئ- بل هو الخالق لكل شئ- ولم يزل يخلق
    ) فلم يلتزم الكناني للجهمي بتسلسل الخلق في جهة الأزل و لم يقر له بان الخلق لم يزل مع الله
    لم يقل احد ان الخلق لم يزل مع الله بل ما هو مقرر فى هذا الموضوع وغيره ان الله متقدم على جميع المخلوقات الكلام على ان الله معطل عن الفعل على الاطلاق ثم فعل وليس الكلام على الفعل فى وقت دون وقت لا تقحم هذا فى المسألة
    التي يلزم من دوامها أن يكون الخلق لم يزل مع الله .
    لا يلزم من دوام الخلق ان يكون الخلق لم يزل مع الله لان الله هو خالقه ومتقدم على جميع المخلوقات
    كلام الإمام عبد العزيز الكناني ظاهر بين في إبطال قول شيخ الإسلام . وهو يعرف ذلك و يعلم أن عبارة الإمام لها وزنها فهو الفقيه المناظر تلميذ الشافعي . فلما كانت عبارته بهذا الوزن يا ترى ماذا قال عنها ؟
    هذا الفقيه الناظر تلميذ الشافعى يقول ان الله عليم بلا علم سميع بلا سمع بصير بلا بصر أكتفى بهذا الفقه ووزن هذه العبارة ؟
    أن المخلوق كماله أن يوجد في زمنه الذي يقدره الرب عز وجل. و قبل زمنه و بعده خلقه يكون نقصا ينزه الرب عنه . فهو بهذا يقر أن من الخلق ما ينزه الرب عنه فهل نحاجه بدليله فنقول ( الخلق صفة كمال ) ؟

    - لو كان قولكم الخلق صفة كمال يلزم منه وجود المخلوق. لو كان هذا دليلا صحيحا للزم على قولكم أن يخلق كل ممكن في كل زمن يقدر
    نحن لا نقول بوجود كل ممكن فى كل زمن يقدر وقد نقلنا كلام ابن القيم فى مواضيع اخرى- الاشكال فى عدم تقدير خلق على الاطلاق وليس فى تقديره فى وقت دون وقت فهذه وفاقيه
    و قلنا سابقا أن عدم الخلق في الزمن المقدر كمال كما أن الخلق في الزمن المقدر كمال
    لا احد ينازعك فى ذلك انما النزاع فى عدم الفعل على الاطلاق الذى تنتصر له بشده فى هذه المشاركة
    - المغفرة صفة كمال كما أن الخلق صفة كمال . و من كلام الإمام احمد رحمه الله . أن الله لم يزل غفورا رحيما. أو عبارة قريبة من هذا لا تحضرني ألان .و تستدلون بهذا على دوام وجود الأثر في الأزل و الأبد . و المغفرة تكون للذنب . فيلزم على كلامكم القول بدوام تسلسل المذنبين ؟
    الصفات لها متعلقات وقد تختلف المتعلقات فى العوالم التى يخلقها الله -فلا تستدل بذلك على التعطيل على الاطلاق الكلام على المتعلقات بالنسبة للعوالم موضوع اخر-
    وهذه فتوى للشيخ البراك تبين المقصود
    سئل الشيخ البراك
    س : قال شيخ الإسلام رحمه الله حين أثبت القول بتسلسل الحوادث دعاه إلى ذلك ألا يعطل الله عن صفات الفعل والخلق والإرادة والكلام ، التي هي من لوازم كمال الحياة ،
    فهل يقال ذلك في جميع الصفات كالمغفرة والتوبة ؟فتقتضي وجود من يتوب عليهم ويغفر لهم ، وهل يقال بوجود مخلوقات أخرى قبل الثقلين كانت في إطار التكليف ؟ أم ذلك الإثبات خاص بالصفات التي هي من لوازم الحياة ؟


    الجواب

    الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :
    فإن من المعلوم بالضرورة عقلا وشرعا أن الله لم يزل موجودا وموصوفا بجميع صفات الكمال ، من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة والكلام والعزة والحكمة والرحمة والخلق والرزق والعفو والمغفرة ، ونحو ذلك من الصفات الذاتية والصفات الفعلية الذاتية ، فكلها ثابتة للرب سبحانه أزلا وأبدا ، فلم يزل ولا يزال سبحانه حيا قيوما ، عليما حكيما ، غفورا رحيما ، خالقا رازقا ، سميعا بصيرا ، عفوا قديرا ، فعالا لما يريد .
    فصفاته الذاتية سبحانه لازمة لذاته ولا تتعلق بها المشيئة .
    وأما صفاته الذاتية الفعلية ، فالأسماء المتضمنة لها لازمة له ، لا تتوقف على المشيئة ، مثل العفو والغفور ،و الخالق والرازق ، فإنه لم يزل سبحانه ولا يزال مستحقا لهذه الأسماء ، وما تتضمنه من الصفات ، ولكن أثرها ومتعلقها تابع للمشيئة فتقول : إنه تعالى يخلق ما شاء إذا شاء ، ويرزق من يشاء ويغفر لمن يشاء .
    وما كان تابعا للمشيئة فليس هو من لوازم ذاته ، ومن هذا النوع صفة الفعل وصفة الكلام ، فإنه تعالى لم يزل متكلما بما شاء إذا شاء ، ولم يزل فعالا لما يريد ، وآحاد كلامه ، وآحاد فعله ليس من لوازم ذاته ،
    فمن آحاد كلامه نداؤه الأبوين ،
    وقوله للملائكة " إني خالق بشرا "
    الحجر: ٢٨
    وقوله لآدم " اسكن أنت وزوجك الجنة "
    البقرة:
    ٣٥
    وكلامه سبحانه لا نفاد له كما قال " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا " الكهف: ١٠٩
    وآحاد أفعاله سبحانه التي تدل ليها أسماؤه وأنواع أفعاله التي ليس له منها اسم هي التي تعرف عند أهل العلم بالصفات الفعلية كاستوائه على العرش ونزوله إلى السماء الدنيا .

    وخلقه السماوات والأرض ، وحبه وبغضه لمن شاء ،
    وأنه تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر على من يشاء ،
    ويؤتي الملك من يشاء وينزعه عمن يشاء ،
    ويغفر لمن يشاء ويذل من يشاء ، إلى غير ذلك من أفعاله التي تكون بقدرته ومشيئته وحكمته .
    فلا يقال في شيء من هذه الأفعال إنه قديم ،
    ولهذا لا يقال : إنه تعالى لم يزل مستويا على العرش ، ولم يزل نازلا إلى السماء الدنيا ،
    ولم يزل قائلا : يا موسى أو قائلا للملائكة : إني خالق بشرا ، أو لم يزل غاضبا أو محبا أو مبغضا أو فرحا أو ضاحكا ،
    لتوقف هذه الأفعال على أسبابها ومتعلقاتها وهذه الأسباب والمتعلقات متوقفة على مشيئته سبحانه ،
    فتدخل هذه الأفعال كلها في أنه فعال لما يريد ، فهذا وصف لازم له سبحانه

    فلم يزل ولا يزال فعالا لما يريد ،
    ولا يلزم في الأزل أنه يريد كل فعل لأنه لا يلزم في الأزل أنه يريد أسبابها ومتعلقاتها
    بل ذلك في حكم الإمكان لكمال قدرته وأنه لم يزل على كل شيء قدير
    وأما وقوع هذه الأفعال ومتعلقاتها وأسبابها فيتوقف نفيه وإثباته على الدليل .

    ولهذا فإن تسلسل المخلوقات ودوامها في الماضي الذي ينكره أكثر أهل الكلام ،
    ويقولون (إنه ممتنع)
    لا ريب أنه ممكن ، لأن ذلك لازم قدرة الرب سبحانه .

    وشبهة القائلين بامتناع حوادث لا أول لها ،
    ويُعبر عنه بتسلسل الحوادث ودوام الحوادث هي اعتقادهم أنه يلزم من ذلك قدمُ العالم مع الله ،
    وهو الذي تقول به الفلاسفة ،
    فرَدوا الباطل بباطل حين قالوا بامتناع دوام الحوادث
    فإنه يستلزم أن الله كان غير قادر ثم صار قادرا ،
    والحق أنه لا يلزم من دوام المخلوقات في الماضي الذي معناه ما من مخلوق إلا وقبله مخلوق إلا مالا نهاية لا يلزم منه قدم شيء من المخلوقات مع الله
    بحيث يكون مقارنا لوجوده في الأزل ، لأن المخلوق مع الله بحيث يكون مقارنا لوجوده في الأزل ، لأن المخلوق متأخر عن الخالق ضرورة ، وعلى هذا فكل مخلوق يُفرَض فإنه مسبوق بعدم نفسه لأنه حادث بعد أن لم يكن ، فالقدم المطلق – الذي لا بداية له – الله وحده .

    فعُلم مما تقدم أن كل ما تقتضيه أسماؤه وصفاته من أفعاله ومفعولاته فإنما يكون بمشيئته ، والجزم بوقوعه أو عدم وقوعه يتوقف على الدليل فإن النافي في مثل هذا عليه الدليل كما على المثبت .
    وظاهر كلام شيخ الإسلام رحمه الله أن تسلسل المخلوقات في الماضي واقع ، وينبني ذلك على أن الله لم يزل على كل شيء قديرا ، وفعالا لما يريد ، ولكنه لا يعين جنسا ولا نوعا من المخلوقات ، ولا نوعا من الأفعال .
    ومن قال من أهل السنة إن أول مخلوق مطلقا هو القلم ، ومعناه أن الله لم يخلق شيئا قبله ،
    فشبهته حديث عبادة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أولُ ما خلق الله القلمُ " على رواية رفع (أولَ) و (القلم) ، والحديث جاء بألفاظ هذا أحدها. ورجح ابن القيم رحمه الله رواية :" أولَ ما خلق الله القلمَ " بنصب الكلمتين . وأن العرش مخلوق قبله ، فلا يدل الحديث على أن القلم هو أول المخلوقات مطلقا .

    وبناء على ما سبق فلا يجزم بوجود مخلوقات على هذه الأرض قبل آدم عليه السلام . واستنبط بعضهم من قوله تعالى " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " البقرة: ٣٠ أنه كان على الأرض خلق قبل آدم ، فالله أعلم ، والله على كل شيء قدير ، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين .


    وقد دل الكتاب والسنة واتفاق سلف الامة ودلائل العقل على انه سميع بصير والسمع والبصر لا يتعلق بالمعدوم فاذا خلق الاشياء راها سبحانه واذا دعاه عباده سمع دعاءهم وسمع نجواهم
    كما قال تعالى قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما[ المجادلة ]أي تشتكي اليه وهو يسمع التحاور والتحاور تراجع الكلام بينها وبين الرسول قالت عائشة سبحان الذي وسع سمعه الاصوات لقد كانت المجادلة تشتكي الى النبي صلى الله عليه وسلم - في جانب البيت وانه ليخفي على بعض كلامها فأنزل الله قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما
    [درئ تعارض العقل والنقل]


    قال شيخ الإسلام
    : وتلك الحوادث إما أن تحدث بغير أحوال تقوم به وإما أنه لا بد من أحوال تقوم به والثاني يستلزم انه لم يزل قادراً قابلاً فاعلاً تقوم به الأفعال.
    والأول باطل، لأنه إذا كان في نفسه أزلاً وأبدا على حال واحدة لم يقم به حال من الأحوال أصلاً كانت نسبة الأزمان والكائنات إليه واحدة فلم يكن تخصيص أحد الزمانين بحوادث تخالف الحوادث في الزمان الآخر أولى من العكس.
    وتخصيص الأزمنة بالحوادث المختلفة أمر مشهود ولأن الفاعل الذي يحدث ما يحدثه من غير فعل يقوم بنفسه غير مفعول بل ذلك يقتضي أن الفعل هو المفعول والخلق هو المخلوق وأن مسمى المصدر هو مسمي المفعول به وأن التأثير هو الأثر.
    ونحن نعلم بالاضطرار أن التأثير أمر وجودي وإذا كان دائماً لزم قيامه بذاته دائماً وأن تكون ذاته دائماً موصوفة بالتأثير والتأثير صفة كمال فهو لم يزل متصفاً بالكمال قابلاً للكمال مستوجباً للكمال ؛وهذا أعظم في إجلاله وإكرامه سبحانه وتعالى.
    درء التعارض (4|69)



  15. #135
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة

    - المغفرة صفة كمال كما أن الخلق صفة كمال . و من كلام الإمام احمد رحمه الله . أن الله لم يزل غفورا رحيما. أو عبارة قريبة من هذا لا تحضرني ألان .و تستدلون بهذا على دوام وجود الأثر في الأزل و الأبد . و المغفرة تكون للذنب . فيلزم على كلامكم القول بدوام تسلسل المذنبين ؟

    ........ و لازمه القول بوجوب الخلق عليه و هو عني عن العالمين ؟......

    فمع قوة الدافع لذلك و جلالة المسالة و كونها من مسائل التضليل و التكفير لما فيها من نقص و تعطيل . و مع جلالة السلف و غزارة علومهم و نصحهم للأمة و كونهم اعلم ممن جاء بعدهم و انصحهم للناس . و أشدهم حبا للخير و العلم و بذله للناس . و أنهم سكتوا عن هذا و لم يبينوه للناس و مع تكلمهم بما يدل بظاهره على خلاف ما ذهبتم إليه . اجزم أن المسالة حادثة و أن هذا لو لم يذكره شيخ الإسلام و يتبناه من قوله ومعتقده لما ذهب إليه و لما تجاسر احد على نصره و الدفاع عنه ؟




    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة

    - المغفرة صفة كمال كما أن الخلق صفة كمال . و من كلام الإمام احمد رحمه الله . أن الله لم يزل غفورا رحيما. أو عبارة قريبة من هذا لا تحضرني ألان .و تستدلون بهذا على دوام وجود الأثر في الأزل و الأبد . و المغفرة تكون للذنب . فيلزم على كلامكم القول بدوام تسلسل المذنبين ؟
    تتنوع التعلقات باختلاف العوالم و قد تقدم ان التعلقات بالنسبة للمخلوقات والعوالم التى يخلقها الله تختلف من عالم لآخر- من خلق الى خلق آخر- انظر الى الفارق بين خلق الملائكة المجبولة على الطاعة وخلق الانسان المكلف يتبين لك تعلقات الصفات وانها تختلف من عالم الى آخر وليس فى هذا دليل على نفى تسلسل الحوادث فى القدم- ويمكن ان يتعلق عَالم بصفات و يتعلق عالم آخر بصفات أخرى وهذا ليس تعطيل وانما بحسب ما يخلقة الله من المخلوقات تختلف التعلقات--أما تعطيل افعال الله المتعدية ولا تتعلق جميع صفاته كلها بشئ على الاطلاق فهذا تعطيل لله عن الفعل
    وقد ذكر الله فى كتابه مثال على كلماته الكونية -بقوله

    وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّه
    فتأمل اخى الطيبونى القلم الذى كتب به مقادير هذا العالم- فما بالك بالاقلام والبحر
    يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّه
    لماذا نعطل الله عن فعله اخى الكريم دهورا طويلة طويلة ممتدة فى الماضى وعند البعض يعطلون فى الماضى والمستقبل وقد ضرب الله لنا مثال لكلماته الكونية بالاقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله

    ***
    سئل الشيخ ابن باز عن حديث : والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر له
    الجواب

    معنى الحديث أن الله سبحانه وتعالى قضى في سابق علمه أنه لابد من وقوع الذنوب حتى تظهر آثار مغفرته ورحمته سبحانه واسمه التواب الغفور والعفو؛ لأنه جل وعلا لو لم يكن هناك ذنوب لم يكن لمعنى العفو والغفور والتواب معنى، فهو سبحانه وتعالى سبق بقضائه وعلمه أن الجن والإنس يذنبون فيتوب الله على من تاب ويغفر الله لمن شاء ويعفو عمن شاء سبحانه وتعالى.
    وليس معناها الترخيص في الذنوب لا، الله نهى عنها وحرمها، لكن سبق في علمه أنها توجد وأنه سبحانه يعفو عمن يشاء ويغفر لمن يشاء إذا تاب إليه، فهذا فيه دلالة على أن هذا لابد منه فلا يقنط المؤمن لا يقنط ولا ييئس، ويعلم أن الله كتب ذلك عليه، فليتب إلى الله ولا ييئس ولا يقنط وليبادر بالتوبة والله يتوب على التائبين.
    ........ و لازمه القول بوجوب الخلق عليه و هو غني عن العالمين ؟.....
    الوجوب هو دوام الفعل أزلاً وأبداً.
    المتصف بالفعل أكمل ممن لا يتصف به، ولو خلا الرب منه لخلا من كمال يجب له، وهذا ممتنع.
    ولأن الفعل لازم من لوازم الحياة، وكل حي فهو فعال، والله تعالى حي، فهو فعال وحياته لا تنفك عنه أبداً وأزلاً.
    ولأن الفرق بين الحي والميت الفعل، والله حي؛ فلابد أن يكون فاعلاً، وخلوه من الفعل في أحد الزمانين: الماضي والمستقبل ممتنع؛ فوجب دوام فعله أزلاً وأبداً.
    فخلاصة هذه المسألة أنه إذا أريد بالتسلسل دوام أفعال الرب فذلك معنى صحيح واجب في حق الله، ونفيه ممتنع. والتسلسل انواع ذكرها شيخ الاسلام ابن تيمية لا يتسع المقام لذكرها
    فان الفعل ينقسم إلى متعد و لازم فإذا قدر دوام الأفعال اللازمة - لم يجب دوام الأفعال المتعدية ؟؟؟؟؟؟؟؟ - و على هذا التقدير فإذا قال ( كان الله و لما يخلق شيئا و لما يفعل شيئا )
    بل يجب التسلسل فى الافعال المتعدية إذا أريد بالتسلسل دوام أفعال الرب فذلك معنى صحيح واجب في حق الله،
    فمع قوة الدافع لذلك و جلالة المسالة و كونها من مسائل التضليل و التكفير لما فيها من نقص و تعطيل . و مع جلالة السلف و غزارة علومهم و نصحهم للأمة و كونهم اعلم ممن جاء بعدهم و انصحهم للناس . و أشدهم حبا للخير و العلم و بذله للناس . و أنهم سكتوا عن هذا و لم يبينوه للناس و مع تكلمهم بما يدل بظاهره على خلاف ما ذهبتم إليه . اجزم أن المسالة حادثة و أن هذا لو لم يذكره شيخ الإسلام و يتبناه من قوله ومعتقده لما ذهب إليه و لما تجاسر احد على نصره و الدفاع عنه ؟
    ليست من مسائل التضليل والتكفير وما فيها من تنقص وتعطيل يقع فيه المؤمنين - لان التنقص فى التفاصيل يتفات فيه المؤمنون تفاوتا عظيما
    قال ابن القيم فى حادى الارواح عن قول المؤمنين فى الجنة للرب جل وعلا
    قالوا وعزتك وجلالك وعلو مكانك ما قدرناك حق قدرك وما أدينا إليك كل حقك

  16. #136
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل يوافق شيخ الاسلام ابن تيمية الامام عثمان الدارمي و هو يقول ( كان خالقا قبل المخلوقين ورازقا قبل المرزوقين )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    .................

    ففي قولكم بالتسلسل و وجوب وجود جنس الخلق في كل الأزمان من التالي على الله و القول عليه بغير علم .

    - قلتم أن المخلوقات وجودها ممكن . و هذا الحكم يشمل كل مخلوق . و القول بالتسلسل يوجب إيجاد بعض الخلق . و هذا تناقض . لأنكم تقولون بأنها ممكنة و واجبة في نفس الوقت . و حقيقة قولكم أن بعض الممكنات وجودها واجب ؟

    قال ابن القيم رحمه الله :
    (انَّ الربَّ سُبحانَهُ وتعالى لهُ الأسماءُ الْحُسْنَى،
    وأسماؤُهُ مُتضمِّنَةٌ لصفاتِ كمالِهِ،
    وأفعالُهُ ناشئةٌ عنْ صِفاتِهِ
    ، فإنَّهُ سُبحانَهُ لم يَسْتَفِدْ كمالاً بأفعالِهِ،
    بلْ لهُ الكمالُ التامُّ المطلَقُ،
    وفِعَالُهُ عنْ كَمَالِهِ،
    والمخلوقُ كَمَالُهُ عَنْ فِعَالِهِ؛
    فإنَّهُ فَعَلَ فَكَمُلَ بِفِعْلِهِ،
    وأسماؤُهُ الْحُسنى تَقتضِي آثارَها،
    وتَستلزِمُها
    استلزامَ المقتضِي الموجِبِ لموجَبِهِ ومُقتضاهُ ،
    فلا بُدَّ مِنْ ظهورِ آثارِها في الوُجودِ،
    فإنَّ مِنْ أسمائِهِ الخلاَّقَ المقتضِيَ لوُجودِ الخلْقِ،
    ومِنْ أسمائِهِ الرزَّاقَ المقتضِيَ لوُجودِ الرزْقِ والمرزوقِ،
    وكذلكَ الغَفَّارُ والتوَّابُ والحكيمُ والعَفُوُّ،
    وكذلكَ الرحمنُ الرحيمُ،
    وكذلكَ الحَكَمُ العَدْلُ إلى سائرِ الأسماءِ،
    ومنها الحكيمُ المستلزِمُ لظهورِ حِكْمَتِهِ في الوُجودِ،
    والوجودُ مُتَضَمِّنٌ لخلْقِهِ وأَمْرِهِ،
    {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
    .
    فَخَلْقُهُ وأَمْرُهُ صَدَرَا عنْ حِكمتِهِ وعِلْمِهِ، وحِكمتُهُ وعِلْمُهُ
    اقْتَضَيَا ظُهورَ خَلْقِهِ وأَمْرِهِ،
    فمَصدَرُ الخلْقِ والأمْرِ عنْ هذينِ المتضَمِّنَيْنِ لهاتينِ الصفتينِ؛
    ولهذا يَقْرِنُ سبحانَهُ بينَهما عندَ ذِكْرِ إنـزالِ كتابِهِ، وعندَ ذِكْرِ مُلْكِهِ ورُبوبيَّتِهِ؛ إذ هما مَصْدَرُ الخلْقِ والأمْرِ،
    ولَمَّا كانَ سُبحانَهُ كاملاً في جميعِ أوصافِهِ،
    ومِنْ أجَلِّها حِكمتُهُ كانتْ عامَّةَ التعلُّقِ بكلِّ مقدورٍ،
    كما أنَّ عِلْمَهُ عامُّ التَّعَلُّقِ بكلِّ معلومٍ،
    ومَشيئتَهُ عامَّةُ التعَلُّقِ بكلِّ موجودٍ،
    وسَمْعَهُ وبَصرَهُ عامُّ التعلُّقِ بكلِّ مسموعٍ ومَرْئِيٍّ،
    فهذا مِنْ لوازمِ صِفاتِهِ
    فلا بُدَّ أنْ تكونَ حِكمتُهُ عامَّةَ التَّعَلُّقِ بكلِّ ما خَلَقَهُ وقَدَّرَهُ وأَمَرَ بهِ ونَهَى عنهُ،
    وهذا أَمْرٌ ذاتِيٌّ للصفةِ يَمْتَنِعُ تَخَلُّفُهُ وانفكاكُهُ عنها،كما يَمتنِعُ تَخَلُّفُ الصفةِ نفسِها وانفكاكُها عنه)
    الصَّواعِقُ المُرْسَلَةُ (1563-1565).

    ([والمقصودُ] أنَّ أفعالَ الربِّ تبارَكَ وتعالى صادرةٌ عنْ أسمائِهِ وصفاتِهِ،
    وأسماءَ المخلوقينَ صادرةٌ عنْ أفعالِهم.

    فالربُّ تَبَارَكَ وتعالى فِعالُهُ عنْ كمالِهِ،
    والمخلوقُ كمالُهُ عنْ فِعالِهِ،
    فاشتُقَّتْ لهُ الأسماءُ بعدَ أنْ كَمُلَ بالفعْلِ.
    فالربُّ لم يَزَلْ كامِلاً فحَصَلَتْ أَفعالُهُ عنْ كمالِهِ؛
    لأنَّهُ كاملٌ بذاتِهِ وصفاتِهِ، فأفعالُهُ صادرةٌ عنْ كمالِهِ، كَمُلَ فَفَعَلَ،
    والمخلوقُ فَعَلَ فَكَمُلَ الكمالَ اللائقَ به)
    بَدائِعُ الفَوائِدِ (1/ 162-163).
    ********
    قال ابن القيم
    (أنَّ الربَّ سُبحانَهُ كاملٌ في أوصافِهِ وأسمائِهِ وأفعالِهِ
    فلا بُدَّ مِنْ ظهورِ آثارِها في العالمِ،
    فإنَّهُ محسنٌ، ويَستحيلُ وُجودُ الإحسانِ بدونِ مَنْ يُحْسِنُ إليهِ،
    ورَزَّاقٌ فلا بُدَّ مِنْ وُجودِ مَنْ يَرْزُقُهُ، وغَفَّارٌ، وحليمٌ، وجَوَادٌ، ولطيفٌ بعِبادِهِ، ومَنَّانٌ، ووَهَّابٌ، وقابضٌ، وباسطٌ، وخافضٌ، ورافعٌ، ومُعِزٌّ، ومُذِلٌّ،
    وهذه الأسماءُ
    تَقتضِي مُتَعَلِّقَاتٍ تَتَعَلَّقُ بها وآثاراً تَتَحَقَّقُ بها.
    فلم يكنْ بُدٌّ مِنْ وُجودِ مُتَعَلِّقَاتِه ا وإلاَّ تَعطَّلتْ تلكَ الأوصافُ وبَطَلَتْ تلكَ الأسماءُ،
    فتَوسُّطُ تلكَ الآثارِ لا بُدَّ منهُ في تَحَقُّقِ معاني تلكَ الأسماءِ والصفاتِ)

    شِفَاءُ العَلِيلِ (2/ 143).
    ([فإ]نه سُبحانَهُ أَبْرَزَ خَلْقَهُ مِن العَدَمِ إلى الوُجودِ ليُجْرِيَ عليهِ أحكامَ أسمائِهِ وصفاتِهِ، فيُظْهِرَ كمالَهُ الْمُقَدَّسَ، وإن كانَ لم يَزَلْ كاملاً، فمِنْ كمالِهِ ظُهورُ آثارِ كمالِهِ في خَلْقِهِ وأَمْرِهِ، وقضائِهِ وقَدَرِهِ، ووَعدِهِ ووَعيدِهِ، ومَنْعِهِ وإعطائِهِ، وإكرامِهِ وإهانتِهِ، وعَدْلِهِ وفضْلِهِ، وعَفْوِهِ وإنعامِهِ، وسَعَةِ حِلْمِهِ، وشِدَّةِ بَطْشِه)
    شِفَاءُ العَلِيلِ (2/ 198).
    (فإنَّ لكلِّ صفةٍ مِن الصِّفَاتِ العُلْيَا حُكماً ومُقتضياتٍ وأَثَراً هوَ مَظْهَرُ كمالِها وإن كانت كاملةً في نفسِها، لكنَّ ظهورَ آثارِها وأحكامِها مِنْ كمالِها فلا يَجوزُ تَعطيلُهُ.

    فإنَّ صِفةَ القادِرِ تَستدعِي مَقدوراً، وصِفَةَ الخالقِ تَستدعِي مَخلوقاً وصِفةَ الوَهَّابِ الرازقِ المعطِي المانعِ الضارِّ النافعِ المقدِّمِ المؤخِّرِ المعِزِّ المذِلِّ العفُوِّ الرؤوفِ تَستدعِي آثارَها وأحكامَها)
    شِفَاءُ العَلِيلِ (2/ 150).
    (وقد اقْتَضَى كمالُهُ المقدَّسُ سُبحانَهُ أنَّهُ كلَّ يومٍ هوَ في شأنٍ. فمِنْ جُملةِ شُؤونِهِ أن يَغْفِرَ ذَنْباً، ويُفَرِّجَ كَرْباً، ويَشْفِيَ مَرِيضاً، ويَفُكَّ عانِياً، ويَنْصُرَ مَظلوماً، ويُغيثَ مَلهوفاً، ويَجْبُرَ كسيراً، ويُغْنِيَ فَقيراً، ويُجيبَ دَعوةً، ويُقيلَ عَثرةً، ويُعِزَّ ذَليلاً، ويُذِلَّ مُتَكَبِّراً، ويَقْصِمَ جَبَّاراً، ويُميتَ ويُحْيِيَ، ويُضْحِكَ ويُبْكِيَ، ويَخْفِضَ ويَرفعَ، ويُعْطِيَ ويَمْنَعَ، ويُرْسِلَ رُسُلَهُ مِن الملائكةِ ومِن البَشَرِ في تَنفيذِ أوامِرِهِ، وسَوْقِ مَقاديرِهِ التي قَدَّرَها إلى مَواقيتِها التي وَقَّتَها لها. وهذا كلُّهُ لم يكنْ ليَحْصُلَ في دارِ البقاءِ، وإِنَّمَا اقْتَضَتْ حِكمتُهُ البالغةُ حصولَهُ في دارِ الامتحانِ والابتلاءِ)شِفَاءُ العَلِيلِ (2/ 198).
    و هذا تناقض


    الذين ينكرون على شيخ الاسلام ابن تيمية تسلسل الحوادث - نقول لهم -هو ليس قول ابن تيمية وحده، بل قول كل من يؤمن بأنّ الله لم يزل على كل شيء قديرًا، ولم يزل فعَّالاً لما يريد- فالذين ينكرون هذا القول لم يفهموا حقيقته، ولو فهموا حقيقته لَـمَا أنكروه، فالذين ينكرون تسلسل الحوادث في الماضي أو دوامها في الماضي، وأنّ ذلك ممتنع: يلزمهم أنّ الله كان غيرُ قادرٍ، ثم صار قادرًا، و غيرُ فاعلٍ ثمّ صار فاعلاً، وهذا يقول به كثير ممن يقول بامتناع حوادث لا أول لها.
    ومن قال بامتناع دوام الحوادث في الماضي، وقال مع ذلك بأنّ الله لم يزل قادرًا وفاعلاً:
    كان متناقضًا، ويلزمه الجمع بين النقيضين.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •