السؤال :
ما هو الفرق بين الكرسي والعرش ؟
الجواب :
الحمد لله
الكرسي هو موضع قدمي الرحمن عز وجل على أصح الأقوال فيه ، والعرش أكبر من الكرسي .
والعرش هو أعظم المخلوقات ، وعليه استوى ربنا استواءً يليق بجلاله ، وله قوائم ، ويحمله حملة من الملائكة عظام الخلق .
وقد أخطأ من جعلهما شيئاً واحداً .
وهذه أدلة ما سبق مع طائفة من أقوال العلم :
عن ابن مسعود رضي الله عن قال : بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام وبين كل سماء خمسمائة عام ، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام ، وبين الكرسي والماء خمسمائة عام ، والعرش فوق الماء ، والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم . رواه ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 105 ) ، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ( ص 401 ) .
والأثر : صححه ابن القيم في " اجتماع الجيوش الإسلامية " ( ص 100 ) ، والذهبي في " العلو " ( ص 64 ) .
قال الشيخ ابن عثيمين :
"هذا الحديث موقوف على ابن مسعود ، لكنه من الأشياء التي لا مجال للرأي فيها ، فيكون لها حكم الرفع ، لأن ابن مسعود لم يُعرف بالأخذ من الإسرائيليات" .
" القول المفيد شرح كتاب التوحيد " ( 3 / 379 ) .
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مسائل هذا الحديث :
"... التاسعة : عِظَم الكرسي بالنسبة إلى السماء .
العاشرة : عظم العرش بالنسبة إلى الكرسي .
الحادية عشرة : أن العرش غير الكرسي والماء" .
" شرح كتاب التوحيد " ( ص 667 ، 668 ) .
وعرش الرحمن هو أعظم المخلوقات ، وأوسعها .
قال تعالى : { فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش العظيم } [ المؤمنون / 116 ] ، وقال تعالى { وهو رب العرش العظيم } [ التوبة / 129 ] ، وقال تعالى { ذو العرش المجيد } [ البروج / 15 ] .
وقال ابن كثير رحمه الله :
"{ وهو رب العرش العظيم } أي : هو مالك كل شيء وخالقه ؛ لأنه رب العرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات ، وجميع الخلائق من السموات والأرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش مقهورين بقدرة الله تعالى ، وعلمه محيط بكل شيء ، وقدره نافذ في كل شيء ، وهو على كل شيء وكيل" .


" تفسير ابن كثير " ( 2 / 405 ) .


وقال رحمه الله :


"{ ذو العرش } أي : صاحب العرش العظيم العالي على جميع الخلائق ، و{ المجيد } : فيه قراءتان : الرفع على أنه صفة للرب عز وجل ، والجر على أنه صفة للعرش ، وكلاهما معنى صحيح" .


" تفسير ابن كثير " ( 4 / 474 ) .


والمجيد : المتسع عظيم القدر .


عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الناس يُصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " . رواه البخاري ( 3217 ) .


وللعرش حملة يحملونه .


قال تعالى : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ) [ غافر / 7 ] .


وهم على خِلقة عظيمة .


عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أُذِن لي أن أحدِّث عن ملَك من ملائكة الله من حملة العرش ، إنَّ ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام " .


رواه أبو داود ( 4727 ) .


والحديث : قال عنه الحافظ ابن حجر : وإسناده على شرط الصحيح .


" فتح الباري " ( 8 / 665 ) .


والعرش فوق الكرسي بل فوق كل المخلوقات .


قال ابن القيم رحمه الله :


" ولهذا لما كانت السماء محيطة بالأرض كانت عالية عليها ، ولما كان الكرسي محيطاً بالسماوات كان عالياً عليها ، ولما كان العرش محيطاً بالكرسي كان عالياً " .


" الصواعق المرسلة " ( 4 / 1308 ) .


7. والعرش ليس هو المُلْك وليس هو الكرسي .


قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله :


"وأما من حرَّف كلام الله وجعل العرش عبارة عن الملك ، كيف يصنع بقوله تعالى : { ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية } [ الحاقة / 17 ] ، وقوله { وكان عرشه على الماء } [ هود / 7 ] ؟ أيقول : ويحمل ملكه يومئذ ثمانية ، وكان ملكه على الماء ويكون موسى عليه السلام آخذا بقائمة من قوائم المُلْك ؟ هل يقول هذا عاقل يدري ما يقول .


وأما الكرسي فقال تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } [ البقرة / 255 ] ، وقد قيل : هو العرش ، والصحيح : أنه غيره ، نُقل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره. روى ابن أبي شيبة في كتاب " صفة العرش " والحاكم في " مستدركه " وقال : إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } أنه قال : " الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى " .


وقد روي مرفوعاً ، والصواب : أنه موقوف على ابن عباس ...


قال أبو ذر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما الكرسي في العرش إلا كحلْقة من حديد أُلقيت بين ظهري فلاة من الأرض " .


.. وهو كما قال غير واحدٍ من السلف : بين يدي العرش كالمرقاة إليه" انتهى .


" شرح العقيدة الطحاوية " ( ص 312 ، 313 ) .


وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :


"هناك من قال : إن العرش هو الكرسي لحديث " إن الله يضع كرسيَّه يوم القيامة " ، وظنوا أن الكرسي هو العرش .


وكذلك زعم بعض الناس أن الكرسي هو العلم ، فقالوا في قوله تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } أي : علمه .


والصواب : أن الكرسي موضع القدمين ، والعرش هو الذي استوى عليه الرحمن سبحانه .


والعلم : صفة في العالِم يُدرك فيها المعلوم . والله أعلم" انتهى .


والله أعلم .
https://islamqa.info/ar/9566