تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: ملة إبراهيم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي ملة إبراهيم

    ملة إبراهيم عليه السلام
    قال تعالى﴿ وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) ﴾ (البقرة: 130-132)

    قال ابن كثير رحمه الله:
    يقول تبارك وتعالى ردا على الكفار فيما ابتدعوه وأحدثوه من الشرك بالله المخالفلملة إبراهيم الخليل إمام الحنفاءفإنه جرد توحيد ربه تبارك وتعالى فلم يدع معه غيره ولا أشرك به طرفة عين وتبرأ من كل معبود سواه وخالف في ذلك سائر قومه حتى تبرأ من أبيهفقال يا قوم "إنى بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين" وقال تعالى "وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه أنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين" وقال تعالى"وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم"وقال تعالى"إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين" ولهذا وأمثاله قال تعالى:"ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه"أي ظلم نفسه بسفهه وسوء تدبيره بتركه الحق إلى الضلال حيث خالف طريق من اصطفي في الدنيا للهداية والرشاد من حداثة سنه إلى أن اتخذه الله خليلا وهو في الآخرة من الصالحين السعداء فمن ترك طريقه هذا ومسلكه وملته واتبع طرق الضلالة والغي فأي سفه أعظم من هذا؟ أم أي ظلم أكبر من هذا كله قال تعالى:"إن الشرك لظلم عظيم" قال أبو العالية وقتادة: نزلت هذه الآية في اليهود أحدثوا طريقا ليست من عند الله وخالفوا ملة إبراهيم فيما أحدثوهويشهد لصحة هذا القول قول الله تعالى"ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين -----------------------------------------------------------------جاء إبراهيم بالتوحيد ، وأعلنه إعلانا لم يترك للشرك مسلكا إلى نفوس الغافلين ،وأقام بيتا وهو، أول بيت وضع الناس ، وأعلن تمام العبودية لله تعالى بقوله : ( وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً) الأنعام/80،وأخلص القول والعمل لله تعالى فقال : ( وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً ) الأنعام/81،وتطَلَّب الهدى بقوله : ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ) البقرة/128، ( وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ) البقرة/128، وكسر الأصنام بيده (فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً) الأنبياء/58،وأظهر الانقطاع لله بقوله : ( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ) الشعراء/78- 81،وتصدى للاحتجاج على اهل الشرك قال إبراهيم : ( فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ ) البقرة/258، ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إبراهيم عَلَى قَوْمِه ) الأنعام/83،ِ ( وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ) الأنعام/80 " انتهى.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    تقوم ملة إبراهيم على أصلين:
    1- إخلاص العبادة لله وحده.
    2- التبرؤ من الشرك وأهله وإظهار العداوة لهم.

    وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإتباع ملة ابراهيم عليه السلام، قال تعالى: ( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) [النحل: 123].
    وقال تعالـى: ( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) [الأنعام: 161].


    لا ريب أننا مأمورون بإتباع هذه الملة ومن رغب عنها فقد سفه نفسه.

    وقد سار عليها الخليلان ونالا الخلة بذلك كما في صحيح مسلم رحمه الله- حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ".

    فملة إبراهيمهي ملة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم وهي ملتنا وهي أسوة نبينا وأسوتنا، كما قال تعالى: ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَـرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُـمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَـاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُـوا بِاللَّـهِ وَحْدَهُ ) [الممتحنة: 4].

    فظهر مما تقدم أن ملة إبراهيم عليه السلام هي البراءة من الشرك وأهله ومفارقتهم ومقاطعتهم، ولم يتم ظهور دين الإسلام إلا بتطبيق هذا الجانب، وهو مفارقة مـن في الأرض، كما في البخاري في كتاب الاعتصام من حديث جابر رضي الله عنه الطويل وفيه: " ومحمد فرق بين الناس "، وكما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الرؤية، باب تفسير سورة النساء في البخاري، عندما يأتيهم ربهم تبارك وتعالى يوم القيامة ويقول لهم: " لتتبع كل أمة من كانت تعبـد ".

    فيقولون: " يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا على أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم ".

    ففارقوهم على فقرهم وحاجتهم إليهم ولم يصاحبوهم حتى يستغنوا عنهم، كحال كثير من المنتسبين إلى الإسلام اليوم.

    وهذا هو الذي فهمه أسعد بن زرارة رضي الله عنه عند البيعة حيث قال: " رويدا يا أهل يثرب إن إخراجه اليوم مفارقة لِلعرب كافة، وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف فإما أنتم قوم تبصـرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه. فبينوا ذلك فهو أعذر لكم عند الله " رواه أحمد والبيهقي وقال الحافظ بن كثير وهذا إسناد جيد على شرط مسلم، السيرة ج 2 / 194. وحسن الحافظ في الفتح هذه القصة مع اختلاف يسير في اللفظ.

    فمن أراد القيام بدين محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأراد نصره اليوم، فليقدم على ما أقدموا عليه، وإلا فكما قال أسعد في نفس الحديث: " وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر لكم عند الله عز وجل ".

    فخذها بيضاء نقية كما أخذها أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ورضي عنهم بشروطها وقد أعطوا على ذلك الجنة، وقال فيهم عز وجل: ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) [الأحزاب: 23].


    قال ابن القيم رحمه الله:
    واصدع بما قال الرسول ولا تخف *** من قلــة الأنصار والأعـوان.
    واجعـل كتــــــاب الله والسنن التي *** ثبتت سلاحك ثم صـح بجنان.
    من ذا يبــــارز فليقــــــدم نفســـــه *** أو من يسابق يبد في الميدان.
    فاللـه ناصـر جنـــــــده وكـــــتابـه *** واللـه كــــــاف عبـده بأمـان.
    لا تخشَ من كيد العــــدو ومكرهم *** فقـتالهم بالكـــــذب والبهتـان.
    فجنــــــود أتبـاع الرسـول ملائـك *** وجنودهم فعسـاكر الشيـطان.
    واثبت وقاتـل تحت رايات الهدى *** واصبر فنصر الله ربك دانـي.

    فصدع ابراهيم عليه السلام بالحق ).

    بل إنه عليه السلام أُمسك به وأُلقي في النار وهو صامد لا يتراجع ولا يداهن..

    وهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عاداه أبو جهل وقومه وحاربوه ولم يصده ذلك عن بيان الحق والتصريح بالعداوة لهم، وكذلك كان الصحابة رضي الله عنهم نراهم أُخرجوا من ديارهم وأموالهم ولو فهموا الدين كما فهمه هؤلاء في زماننا هذا لعاشوا مع أبي جهل وأعوانه كما يعيش الكثير اليوم مع أنصار أبي جهل.

    فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم، لم يُبعث مسالماً لأعداء الدين وإنما بعث " فرق بين الناس "، أرسله الله " لِيبتليه ويبتلى به وأرسله لِيحرق قريشا. فخاف صلى الله عليه وسلم، أن تثلغ قريش رأسه، فلم يقره ربه على هذا الخوف - بل أمره أن يستخرجهم كما استخرجوه " رواه مسلم في صحيحه - باب الصفات التي يعرف بها أهل الجنة وأهل النار في الدنيا -.

    فنقول للبعض اليوم:أنتم علمتم أن بيانكم ومعاداتكم وتبرأكم من أعداء الدين سيؤدي لمعاداتهم لكم وإخارجهم لكم - وهذه هي ملة إبراهيم عليه السلام - وهي التي فهمها ورقة بن نوفل رضي الله عنه حيث قال: " ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك.
    قال صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟
    قال: نعم، إنه لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي " ( رواه البخاري ).




    لِيعلم أنه لا يُدرَك النصر في الدنيا والجنة في الآخرة إلا بما يتهربون منه كما قال تعالى: ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) ( البقرة: 214 ).

    وهذا هو ما فهمـه المؤمنون يوم الأحزاب حيث قال الله فيهم: ( وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً ). ( الأحزاب: 22 ).

    فهذه مقالة المؤمنين الموقنين -----------------------------------------------------------------------قال صاحب تفسير أضواء البيان رحمه الله فى تفسير: -قول الله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ) ( محمد: 26 - 28 ).
    قال الشنقيطى رحمه الله: ( إن هذه الآيات عامة في كل ما يتناوله لفظها، وإن كل ما فيها من الوعيد عام لمن أطاع من كره ما أنزل الله..

    وقال رحمه الله: ( مسألة ) اعلم أن كل مسلم يجب عليه في هذا الزمان تأمل هذه الآيات من سورة محمد وتدبرها والحذر التام مما تضمنته من الوعيد الشديد، لأن كثيرا ممن ينتسبون إلى المسلمين اليوم داخلون بلا شك فيما تضمنته من الوعيد الشديد، لأن عامة الكفار من شرقيين وغربيين كارهون لما أنـزل الله ؛ وهو هذا القرآن وما بينه به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من السنن، فكل من قال لِهؤلاء الكفار الكارهين لما أنزل الله - سنطيعكم في بعض الأمر ؛ كالذين يتبعون القوانين الوضعية، مطيعين بذلك لِلذين كرهوا ما أنزل الله، فإن هؤلاء لا شك أنهم ممن تتوفاهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه وأنه أحبط أعمالهم، فاحذر كل الحذر من الدخول في الذين قالوا سنطيعكم في بعض الأمر ) ا.هـ.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    عبد سـرى فـي ليلة ظلمـــــــــاء *** هربـا بتقــواه من الفحشـــاء.
    هربا من الفتن التـي حـــاطت به *** من فتنة الســراء والضـــراء.
    عبـد فتى فـي مستهــــــــل شبابه *** عرف الهدى وطـريقه بصفاء.
    قـرأ القـرآن تفهمــــــــــا وتدبـرا *** وكذا اهتـدى للسنـة الغــــراء.
    ورأى حيـاة الصالـــــحين سعيـدة *** بالخير في الإصباح والإمساء.
    فتشـوقت نحـو السعادة نفســــــــه *** وغـدا يهدهد شوقـه بخفــــاء.
    حتى إذا التـزم الهدى بعزيمـــــــة *** للـه خالصـة من الأهــــــواء.
    نادت به فتن الضلالـة جهــــــــرة *** ودعتـه بالتزييـن والإغــــراء.
    وتزينـت دنيـاه فـي أثوابهـــــــــ ــا *** بمباسـم ونواظـر كحــــــــلاء.
    وغدت تغــــــر الناس في أغوائها *** حتـى أضلت أكثـر الدهمــــاء.
    ونشأ بمجتمع بـه اختلـــــط الهـدى *** بقـوى الردى والنور بالظلمـاء.
    والناس تأخذ منه ما يرضى الهوى *** فـإذا تعارض فهو في إقصــاء.
    إن جئت بالحق الصــــــريح تقيمـه *** وصـدعت فيـه بسنة بيضــــاء.
    لـم يعرفوها قبل ذا من جهلهــــــــم *** أو لـم تـرد بوصيـة الآبــــــاء.
    قـامت قيامتهـم وروع جمعهــــــــم *** ورأوك مبتـدعـا وذا إغـــــواء.
    أتريـد تبديـلا لدين شيوخنــــــــــ ــا *** وطريق العظمـاء والوجهــــاء؟
    ومتى عرفت هدي النبي ودينــــه؟ *** بالأمس كنت فتى مع الجهـلاء!
    فإذا أقمت عليهم حجـج الهــــــدى *** ودمغـت بـاطلهم بـدون خفـــاء.
    قالوا هـداك منفـر ومشــــــــــــ دد *** وإذا بـه استمسكت أنت مرائـي.
    لمـا أتاهم بالهدى هـذا الفتـــــــــى *** نفروا نفـور الحمــر والحمقـاء.
    واستهزأوا بسلوكــه وبدينــــــــــ ه *** وعن الهــــدى فتنـوه بـلا يـذاء.
    وإذا رأوه يلين أو طمعـــــــوا بأن *** يصغي لهم فتنـوه بـــلا غـــراء.
    فتن على درب الهـدى تغرى الفتى *** وأضرهــن لفتنـة الســــــــراء.
    فتضايقت أخـلاقه من حالــــــــــه *** كتضايق الإيمان فـي الأهــــواء.

    بذل النصيحـة جهـــــــرة وبخفيـة *** لذويـه والأصحـاب والزمـــلاء.
    لا سيمــــــــــا فـي أهلـه وقرابــة *** جهلـوا فناداهـم بلطـف نـــــداء.
    لكنهـم لم يسمعوا قـول الهـــــدى *** لمـا أتـى مـن أصغر الأبنــــــاء.
    بـل حاربـوه بكل أمـر منكـــــــر *** ورمـوه بالتعقيـد والإعيـــــــــ اء.
    لم ينقمـوا منـه سوى أن قالهـــــا *** " الله ربـي جــهرتي وخفائـي ".
    زادوه ضيقا بعـد ضيق فالتجــــا *** يشكـو إلى المولى عظيم بــــلاء.
    ويقول يا ربـاه عبـدك مؤمــــــن *** إنـي لأخشــى فتنة الدهمــــــــاء .
    إنـي أخاف من الضلال وإننـــي *** أدعوك فاقـــبلني وضعف دعائي.
    أنقـذ غريقـا في الدجى قد راعـه *** مـوج بهيـج ووحشة الظلمــــــاء.
    المـوج عاصفة الضلال ظلامــه *** إن الهــدى متلبـس بخفـــــــــــا ء.
    كيف المقام وكيف لي أن أكتم الـ *** ـحق الصريـح لرهبـة ورجــــاء.
    وبيانـه لا بـد فيه مـن الســـــــلا *** ح العلم أفلــق حجـة الجهـــــلاء.
    قد شرقت فتـن وســــرت مغربـا *** طلـب الــــحديـث بمكة الزهـراء.
    أعني بذلك أولي الحديث وحزبـه *** العـــامليـن بهديــه الوضــــــــاء.

    * * *

    هذي حكاية حال أصحاب الهـدى *** في غمرة الإغـراء والإغـــــواء.
    يــــا رب فاحفظهم وثبتهـم علـى *** نصر الهـدى والسنة البيضـــــاء.
    وارزقهـم إحيـــــــاءهـا ببصيـرة *** وارزقهم صبرا علـى الإحيــــاء.
    واجعل لنـا فيها نصيبـــــا وافـرا *** يـــا رب وانصرنا علـى الأعداء.
    أعداء سنـة أحمـد مـن بدلـــــــوا *** كدرا هـدى المختار بعد صفـــاء.
    يــــا رب واجعلنا من الناجين إن *** عـاقبتهـم بزعــازع النكبــــــــاء .
    يــــا رب إحدى الحسنيين وعدتنا *** يـــا رب واحشرنـا مع السعـداء.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)
    في تفسير إمـام الدعوة المصنف الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله؛ في تفسيره لآخر سورة النحل؛ فسر هذه الآية فقال رحمه الله: إنَّ إبراهيم (كَانَ أُمَّةً) لأنْ لا يستوحش سالكُ الطريق من قلة السالكين، (قَانِتًا لِلَّهِ) لا للملوك ولا للتجار المترَفين، (حَنِيفًا) لا يميل يمينا ولا شمالا، كحال العلماء المفتونين، (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) خلافا لمن كثّر سوادهم وزعم أنه من المسلمين. [التمهيد]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •