الدرس الحادي والأربعون- مباحث الكتاب
المُخَصِّص- تتمة المتصل
أولا: ومن المخصصات المتصلة الشرط وهو: تعليق أمر بأمر كل منهما في المستقبل.
نحو: أَكرمْ بني تميم إِنْ جاءوا. أي الجائين منهم.
والشرط كالاستثناء في مسائله:
1- في وجوب اتصال الشرط بالعام عادة فلا يضر نحو تنفس أو سعال، فإن انفصل بغير ذلك كان لغوا، ولا بد من الإتيان بنية الشرط قبل الفراغ من الصيغة كما تقدم في الاستثناء.
2- في كونه عائدًا لكل المتعاطفات نحو: أَكرمْ طلبةَ العلمِ، وساعدْ أصحابَكَ، وأَحسنْ إلى الغرباءِ إنْ حضروا.
3- في كونه يصح إخراج الأكثر به وبقاء الأقل نحو: أكرم بني تميم إن كانوا علماء، ومعلوم أن العلماء منهم أقل من عوامهم.
ثانيا: ومن المخصصات الصفة المعتبر مفهومها نحو: أكرمْ بني تميم الفقهاء، خرج بالفقهاء غيرهم، وخرج بقولنا المعتبر مفهومها التي لم يعتبر مفهومها كالتي خرجت مخرج الغالب أو سيقت جوابا لسؤال أو حادثة كما تقدم في بحث المفهوم.
والصفة كالاستثناء في المسائل الثلاث المذكورة في الشرط من الاتصال مع النية، والعود للكل في المتعاطفات نحو: وقفتُ على أولادي وأولادهم المحتاجين، وصحة إخراج الأكثر بها.
ثالثا: ومن المخصصات الغاية نحو: أكرمْ بني تميم إلى أن يعصوا. أي فإن عصوا لا يكرمون.
والمراد بالغاية هنا غاية تقدمها عموم يشملها لو لم تذكر كقوله تعالى: ( قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية ) فلو لم يذكر حتى يعطوا الجزية لوجب قتالهم على كل حال أعطوا الجزية أم لم يعطوها.
وأما الغاية التي لايشملها العموم لو لم تذكر فليست للتخصيص بل لتحقيق العموم كما في قوله تعالى: ( سلام هي حتى مطلع الفجر ) فالليلة شاملة لجميع أجزائها وتنتهي بطلوع الفجر والفجر ليس جزءًا منها فهو غير داخل فيها سواء ذكرت الغاية أم لم تذكر لكن ذكرها أفاد أن الحكم يعم جميع أجزاء الليلة فلا يحتمل أن يكون المقصود بعضها.
ومثل: قُطِعتْ أصابعُ فلانٍ من الخنصر إلى الإبهام، فالأصابع تشمل الكل ولو لم نذكر من الخنصر إلى الإبهام لبقي الشمول ولكن فائدته التنصيص على العموم.
والغاية كالاستثناء في المسائل الثلاث المذكورة في الشرط من الاتصال مع النية، والعود للكل في المتعاطفات وصحة إخراج الأكثر بها.
خامسا: البدل أي بدل البعض من الكل وبدل الاشتمال مثال الأول: أكرم الناسَ العلماءَ منهم, أي أكرم الناس إن كانوا علماء، ومثال الثاني: أعجبني زيدٌ علمُهُ، أي تخصص الإعجاب بعلمه فقط دون لون بشرته أو جسمه أو ماله مثلا.
( شرح النص )
والشَّرْطُ وهوَ: تعليقُ أمرٍ بأمرٍ كلٌّ منهما في المستقبَلِ أو ما يدُلُّ عليه، وهوَ كالاستثناءِ.
والصِّفَةُ والغايةُ وهما كالاستثناءِ، والمرادُ غايةٌ صَحِبَها عمومٌ يشمَلُها ولمْ يُرَدْ بها تحقيقُهُ مثلُ: حتى يُعْطوا الجزيةَ، وأَمَّا مثلُ: حتى مَطلَعِ الفجرِ، وقُطِعَتْ أصابِعُهُ من الخِنصِرِ إلى الإِبهامِ فلتحقيقِ العمومِ.
وبدلُ بعضٍ أو اشتمالٍ، ولم يذكرْهُ الأكثرُ.
......................... ......................... ......................... ......................... ......
( و ) ثاني المخصصات المتصلة ( الشَّرْطُ ) والمراد به الشرط اللغوي لا الشرط الأصولي وهو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم ( وهو ) أي الشرط اللغوي ( تعليقُ أمرٍ بأمرٍ كلٌّ منهما في المستقبَلِ أو ما يدُلُّ عليهِ ) من صيغة نحو أكرم بني تميم إن جاءوا أي الجائين منهم، بمعنى أن الشرط يراد به أحد معنيين إما نفس التعليق المعنوي أو الصيغة اللفظية أي إن جاءوا في المثال السابق ( وهوَ ) أي الشرط المخصص ( كالاستثناءِ ) اتصالًا وعودا لكل المتعاطفات وصحة إخراج الأكثر به ( و ) ثالثها ( الصِّفَةُ ) المعتبر مفهومها كأكرم بني تميم الفقهاء خرج بالفقهاء غيرهم ( و ) رابعها ( الغايةُ ) كأكرم بني تميم إلى أن يعصوا خرج حال عصيانهم فلا يكرمون فيه ( وهما ) أي الصفة والغاية ( كالاستثناءِ ) اتصالًا وعودا، وصحة إخراج الأكثر بهما ( والمرادُ ) بالغاية ( غايةٌ صَحِبَها عمومٌ يشمَلُها ) أي يشمل تلك الغاية ظاهرا ( ولمْ يُرَدْ بها تحقيقُهُ ) أي تحقيق العموم بل أريد بها الإخراج ( مثلُ ) قوله تعالى: قاتلوا الذين لا يؤمنون إلى قوله ( حتى يُعْطوا الجزيةَ ) فإنها لو لم تأت لقاتلناهم أعطوا الجزية أم لا ( وأَمَّا مثلُ ) قوله تعالى: سلام هي ( حتى مَطلَعِ الفجرِ ) من غاية لم يشملها عموم صحبها، إذ طلوع الفجر ليس من الليلة حتى تشمله ( و ) مثل قولهم: ( قُطِعَتْ أصابِعُهُ من الخِنصِرِ إلى الإِبهامِ ) من غاية شملها عموم صحبها لو لم تذكر وأريد بها تحقيقه ( فلتحقيقِ ) أي فالغاية فيه لتحقيق ( العمومِ ) فيما قبلها لا لتخصيصه فتحقيق العموم في الأول أن الليلة سلام في جميع أجزائها، وفي الثاني أن الأصابع قطعت كلها، والفرق في المثالين أن الفجر أي الغاية لم يدخل في الليل أي في المغيّا، بخلافه في الثاني فإن الإبهام من الأصابع ( و ) خامسها ( بدلُ بعضٍ ) من كل كما ذكره ابن الحاجب كـقوله تعالى: لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ( أو ) بدل ( اشتمالٍ ) كما نقله مع ما قبله البرماوي عن أبي حيان عن الشافعي كأعجبني زيد علمه ( ولم يذكرْهُ ) أي البدل بشقيه ( الأكثرُ ) من الأصوليين بل أنكره جماعة منهم الشمس الأصفهاني.