السؤال

أنا فتاة جامعية، أبلغ من العمر 24 ومتحجبة، منحني الله من الجمال الظاهري وجمال الأخلاق وهذا بشهادة الجميع مما جعل الأعداء والحاسدين يكيدون لي رغم أنني في حياتي كلها لم أؤذ أحداً أو أتطاول على أحد منهم، فأصبت بسحر تعطيل الزواج من فعل نفس شريرة رغم مواظبتي على الرقية الشرعية ومع هذا لم يفك السحر، فأنا أرفض الخاطبين بدون سبب رغم أنهم أناس متعلمون ومثقفون ومتدينون فعندما يطلبني الخطاب أشعر بضيق نفسي وخوف غير مبرر، وأدخل في دوامة حزن وكآبة ووساوس غريبة حتى أردهم فأحس بالراحة والسعادة، ولكن بعدها بفترة أندم وأستغرب كيف جاءت هذه القرارات مني؟!


وإن لم أرفض أنا، يشعر الخاطب بالقبول عندما يراني هو وأهله ولكن بعد فترة يغيرون رأيهم فأصاب بانهيار لفترة.


أريد أن أعرف هل هذا السحر الذي أصابني الله قدره علي؟ وهل أصابني بإذنه؟


إن كان قدر الله فأنا راضية لأنني أعلم أن الله يمتحنني، والأمر فيه حكمة،
لكن هل سيعوضني الله على ما فاتني؟ لأن قطار العمر يفوت، وأصبح الخطاب يتجنبونني لعلمهم برفضي الدائم، أصبحت الناس تعيبني وتستغرب كيف لفتاة مثلي لم تتزوج!!


وهذا السحر الذي ذكرته ليس أوهاما، ولكن بشهادة إمام وهو راق صالح, لأني حلفت لن أذهب إلى دجال ولو بقيت طول حياتي دون زواج.


فماذا أفعل لكي أتخلص من هذا السحر قبل فوات الأوان؟ لأن الإمام الذي اكتشف سحري بعيد كثيرا عن مقر سكني، وأبي لا يستطيع أن يأخذني إليه مرة أخرى لمرض أبي وكبر سنه.
وشكرًا.


الإجابــة

لا شك أيتها الكريمة أنك أحسنت غاية الإحسان بالتزامك الحجاب الشرعي ووقوفك عند حدود الله تعالى، ونحن على ثقة بأن هذا السلوك الذي تسلكينه سيكون سببًا بإذن الله تعالى بأن يقدر الله عز وجل لك الخير ويكتب لك السعادة في دنياك وآخرتك، فإن هذا وعد الله تعالى لمن خافه واتقاه، فقد قال جل شأنه: {ومن يتقِ الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.


وأما ما تشتكين منه فقد يكون سببه السحر أو العين - كما ذكرت - وقد يكون سببه غير ذلك، فإن الله عز وجل يقدر للعبد بحكمته ما هو أنفع له وأصلح، وإن كان العبد يتألم لبعض هذه المقادير، وقد قال جل شأنه في كتابه الكريم: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.


فوصيتنا لك أن تداومي على ما أنت عليه من العمل الصالح، وأن تلجئي إلى الله تعالى بصدق واضطرار أن يرزقك الزوج الصالح وأن يقدر لك الخير، ويستحسن مع ذلك أن تأخذي بالأسباب الشرعية لرفع السحر الذي تتوهمين وجوده، ومن ذلك المداومة على الرقية، وهذا ما تفعلينه أنت، ووصيتنا لك أن تداومي عليها، فإن الرقية تنفع سواء كان بك هذا أو لم يكن، فإنها تنفع مما نزل ومما لم ينزل، شأنها كشأن الدعاء كله.


والطريقة المفضلة في الرقية من السحر تتلخص في نقاط، أولها:


1) الإكثار من الأذكار لاسيما الأذكار المؤقتة، أذكار الصباح وأذكار المساء، والتحصن بذكر الله تعالى على الدوام.


2) قراءة الآيات المعينة التي ورد فيها ذكر إبطال السحر، فقد جرّب بعض المتقدمين - كما نقل الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ذلك - فكانوا يقرؤونها في الماء، ثم يصبونها على رأس المسحور، وهذا شيء حسن، فبإمكانك أنت قراءة هذه الآيات في الماء، فتنفثين في الماء، ثم تصبين هذا الماء على رأسك، وهذه الآيات منها قوله سبحانه وتعالى في سورة يونس: {فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إنَّ الله سيُبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين} ومن هذه الآيات أيضًا قوله سبحانه وتعالى في سورة الأعراف: {فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون} وقوله سبحانه وتعالى في سورة طه: {إنما صنعوا كيد ساحر ولا يُفلح الساحر حيث أتى}.


بهذه الطريقة نقل ابن القيم - رحمه الله تعالى - أن بعض الناس فعل هذه الطريقة كما وصفنا وانتفع بها بإذن الله تعالى.


وبعض الناس جرب قراءة هذه الآيات أيضًا في ماء وزيت، فيغتسل بالماء ويدلك بالزيت جسد المسحور فينتفع بإذن الله تعالى، وهذا كله حسن، فالقرآن كله شفاء.


فنوصيك بقراءة المعوذتين، وقل هو الله أحد، وخواتم الآيتين من سورة البقرة، مع آية الكرسي، وأوائل سورة الصافات، وسورة الدخان، فهذه المواضع إذا قُرئت في الماء والزيت ودلك به الجسد وغسل به الجسد فإنه بإذن الله نافع.


إضافة لما سبق فإننا ندعوك إلى التجمل بالصبر، ومن يتصبر يصبره الله، مع اتخاذ السبب المشروع في دفع المرض والبلاء، وهذا هو عين التوكل الحقيقي على الله تعالى، فإن الله تعالى قدر علينا أقدارا وأمرنا بأن ندفع هذه الأقدار بتلك الأسباب، فقدر علينا الجوع وهو نوع من البلاء وأمرنا بدفعه بالطعام، وكذا المرض أمرنا بدفعه بالدواء، وهذا المرض قد يكون مما يصيب الجسد فيدفع بالدواء المعروف لدى الطب البشري، وإما أن يكون مرضا للروح فيدفع بالرقية الشرعية والأذكار.


وسؤالك الذي يدور في ذهنك: هل قدر الله علي هذا الأمر فأصبر؟ وإذا صبرت هل سيعوضني الله؟


نعم هذا من قدر الله، ولكنه يدفع بقدر الله أيضا!


وذلك بالأسباب المذكورة من الرقية والدعاء ونحوه، إذا اتضح أنه سحر أو عمل يتعلق بما يسمى بالمرض الروحي.


فقد سحر النبي صلى الله عليه وسلم، واستمر فيه ستة أشهر، واشتد عليه ثلاثة أيام كما ذكره الإمام البغوي وغيره.


ولا شك في أن الثواب والأجر حاصل على قدر الصبر والمشقة، ومن صبر على البلاء يوشك الله أن يمده برزق عاجل أو آجل.


فنصيحتنا لك هي الاستمرار في الرقية، وعمل برنامج مكثف، واستشارة أهل العلم في ذلك، وستجدين الفرج قريبا إن شاء الله، ونسعد بتلقي تطورات وضعك أولا بأول.


نسأل الله لك الشفاء والعافية.
http://consult.islamweb.net/consult/...ils&id=2125366