قال الامام ابن عثيمين- رحمه الله -في الشرح الممتع (5/137-138) :
( وهذه جادة مذهب الإمام أحمد نفسه ـ رحمه الله ـ أنه يرى أن السلف إذا اختلفوا في شيء، وليس هناك نص فاصل قاطع، فإنه كله يكون جائزاً؛
لأنه ـ رحمه الله ـ يعظم كلام الصحابة ويحترمه ،
فيقول: إذا لم يكن هناك نص فاصل يمنع من أحد الأقوال فإن الأمر في هذا واسع.
ولا شك أن هذا الذي نحا إليه الإمام أحمد من أفضل ما يكون لجمع الأمة واتفاق كلمتها ؛ لأن من الناس من يجعل الاختلاف في الرأي الذي يسوغ فيه الاجتهاد سبباً للفرقة والشتات، حتى إنه ليضلل أخاه بأمر قد يكون فيه هو الضال، وهذا من المحنة التي انتشرت في هذا العصر على ما في هذا العصر من التفاؤل الطيب في هذه اليقظة من الشباب خاصة، فإنه ربما تفسد هذه اليقظة، وتعود إلى سبات عميق بسبب هذا التفرق، وأن كل واحد منهم إذا خالفه أخوه في مسألة اجتهادية ليس فيها نص قاطع ذهب ينفر عنه ويسبّه ويتكلم فيه،
وهذه محنة أفرح من يفرح بها أعداء هذه اليقظة؛
لأنهم يقولون: سقينا بدعوة غيرنا، جعل الله بأسهم بينهم،
حتى أصبح بعض الناس يبغض أخاه في الدين، أكثر مما يبغض الفاسق والعياذ بالله،
وهذا لا شك أنه ضرر،
وينبغي لطلبة العلم أن يدركوا ضرر هذا علينا جميعاً، وهل جاءك وحي من الله أن قولك هو الصواب؟ وإذا لم يأته وحي أن قوله هو الصواب، فما الذي يدريه؟ لعل قول صاحبه هو الصواب، وهو على ضلال،
هذا هو الواقع، والآن ليس أحد من الناس يأتيه الوحي،
فالكتاب والسنّة بين أيدينا، وإذا كان الأمر قابلاً للاجتهاد، فليعذر أحدنا أخاه فيما اجتهد فيه.
ولا بأس من النقاش المفيد الهادئ بين الإخوة،
وأُفضِّل أن يكون النقاش بين المختلفين في غير حضور الآخرين؛ لأن الآخرين قد يحملون في نفوسهم من هذا النقاش ما لا يحمله المتناقشان، فربما يؤول الأمر بينهما إلى الاتفاق، لكن الآخرين الذين حضروا مثلاً قد يكون في قلوبهم شيء يحمل حتى بعد اتفاق هؤلاء، فيجري الشيطان بينهم بالعداوة، وحينئذٍ نبقى في بلائنا،


فأقول: جزى الله الإمام أحمد خيراً على هذه الطريقة الحسنة: (أن السلف إذا اختلفوا في شيء، وليس هناك نص فاصل، فإن الأمر يكون واسعاً كله جائز).)
: (أن السلف إذا اختلفوا في شيء، وليس هناك نص فاصل، فإن الأمر يكون واسعاً كله جائز).)