بسم الله الرحمن الرحيم
النوع الثاني والثلاثون: من التشبه بأعداء الله تعالى
إسقاط لفظة ابن في النسب :

كقولهم لمن اسمه أحمد بن محمد أحمد محمد ونحو ذلك وهذا معروف عن الإفرنج من قرون كثيرة وقد وقع في تقليدهم فيه ما لا يحصيه إلا الله تعالى.
وهؤلاء المفتونون بالتقاليد الإفرنجية قد خالفوا الكتاب والسنة وما عليه المسلمون منذ عهد الصحابة إلى زمن قريب.
فأما مخالفتهم للقرآن فقد ذكر الله تعالى عيسى ابن مريم في مواضع منه يقول في كل منها عيسى ابن مريم ولم يقل عيسى مريم وقال تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} الآية. ولم يقل ومريم عمران.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال يعني الله تبارك وتعالى: «لا ينبغي لعبد لي -وفي رواية- لعبدي أن يقول أنا خير من يونس بن متى».
وأما مخالفتهم للسنة فروى الإمام أحمد والترمذي عن المطلب بن أبي وداعة رضي الله عنه قال: قال العباس رضي الله عنه بلغه - صلى الله عليه وسلم - بعض ما يقول الناس قال فصعد المنبر فقال: «من أنا؟» قالوا: أنت رسول الله قال: «أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب» الحديث. قال الترمذي: هذا حديث حسن.
وفي المسند وصحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -».
وفي المسند أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن» وفي الصحيحين والمسند وسنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى» زاد أحمد والشيخان ونسبه إلى أبيه.
وفي المسند وسنن أبي داود عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما ينبغي لنبي أن يقول: إني خير من يونس بن متى».
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ولا أقول إن أحدا أفضل من يونس بن متى».
وفي المسند وصحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس
ابن متى» وفي المسند أيضا عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عبد الله بن عمرو إنك تصوم الدهر» وذكر تمام الحديث وأصله في الصحيحين.
وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل فقال: «يا معاذ بن جبل» قلت: لبيك رسول الله وسعديك ثم سار ساعة ثم قال: «يا معاذ بن جبل» قلت: لبيك رسول الله وسعديك ثم سار ساعة ثم قال: «يا معاذ بن جبل» قلت: لبيك رسول الله وسعديك قال: «هل تدري ما حق الله على العباد؟» قال قالت: الله ورسوله أعلم الحديث.
وفي الصحيحين والمسند وجامع الترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «استقرءوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب».
وفي جامع الترمذي أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياء عثمان بن عفان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأفرضهم زيد بن ثابت وأقرأهم أبي بن كعب ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» قال الترمذي: هذا حديث غريب.
وفي جامع الترمذي أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم الرجل أبو بكر نعم الرجل عمر نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح نعم الرجل أسيد بن حضير نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس نعم الرجل معاذ بن جبل نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح».
قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقد رواه البخاري في التاريخ الكبير بمثله.
والأحاديث بنحو ما ذكرته كثيرة جدًا. ولم يؤثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يسقط لفظة ابن في النسب وخير الهدي هديه - صلى الله عليه وسلم - وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «هدينا مخالف لهديهم» -يعني المشركين-رواه الحاكم في مستدركه من حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنهما وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وافقه الذهبي في تلخيصه.
وأما مخالفتهم لما عليه المسلمون قديما وحديثا فمما لا يخفى على طالب علم. وما كان المسلمون يعرفون إسقاط لفظة ابن في النسب حتى كثرت مخالطتهم لطوائف الإفرنج فافتتن الجهال بتقليدهم واتباع سننهم حذو النعل بالنعل.

الإيضاح والتبيين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهة المشركين

تأليف
الفقير إلى الله تعالى حمود بن عبد الله بن حمود بن عبد الرحمن التويجري
غفر الله له ولوالديه ولجميع المؤمنين