حديث : وقوف النساء خلف الصبيان.
ضعيف
جاء في تمام المنة في التعليق على فقه السنة للشيخ الألباني ص 284 :
قوله - أي الشيخ سيد سابق - : موقف الصبيان والنساء من الرجال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعل الرجال قدام الغلمان والغلمان خلفهم والنساء خلف الغلمان }رواه أحمد وابوداود .
قلت : - أي الألباني - واسنادهما ضعيف فيه شهر بن حوشب وهو ضعيف كما سبق غير مرة، وفي صف النساء لوحدهم وراء الرجال أحاديث صحيحة.
وأما جعل الصبيان وراءهم فلم أجد فيه سوى هذا الحديث ولا تقوم به حجة فلا أرى بأسا من وقوف الصبيان مع الرجال اذا كان في الصف متسع وصلاة اليتيم مع أنس وراءه صلى الله عليه وسلم حجة في ذلك .اهـ
ـ
ورجح الشيخ ابن عثيمين أيضا وقوف الغلمان مع الرجال وأورد بعض المحاذير من جعلهم صفوفا منفردة بما يحدثون من تشويش ومن كراهيتهم لمن أخرهم .
قال الشيخ ابن عثيمين :
نعملُ كما قال بعضُ العلماءِ: بأنْ نجعلَ بين كُلِّ صبيين بالغاً مِن الرِّجالِ فَيَصفُّ رَجُلٌ بالغٌ يليه صبيٌّ، ثم رَجُلٌ ثم صبيٌّ، ثم رَجُلٌ، ثم صبيٌّ؛ لأنَّ ذلك أضبطُ وأبعدُ عن التشويشِ، وهذا وإنْ كان يستلزمُ أنْ يتأخَّرَ بعضُ الرِّجالِ إلى الصَّفِّ الثاني أو الثالثِ حسب كثرة الصبيان؛ فإنَّه يحصُلُ به فائدةٌ، وهي الخشوعُ في الصَّلاةِ وعدمُ التشويشِ.(الشرح الممتع 4-279 ) وقال أيضا :إنَّ الصبيان إذا تقدَّموا إلى مكان، فهم أحقُّ به مِن غيرهم؛ لعموم الأدلَّة على أنَّ مَن سبقَ إلى ما لم يسبق إليه أحدٌ فهو أحقُّ به، والمساجدُ بيوتُ الله، يستوي فيها عباد الله، فإذا تقدَّم الصبيُّ إلى الصفِّ الأول ـ مثلاً ـ وجَلَسَ فليكنْ في مكانِه، ولأننا لو قلنا بإزاحة الصِّبيان عن المكان الفاضل، وجعلناهم في مكان واحد أدى ذلك إلى لَعبِهم؛ لأنَّهم ينفردون بالصَّفِّ، ثم هنا مشكل، إذا دخل الرِّجالُ بعد أن صفَّ الجماعة هل يُرجعونهم، وهم في الصلاة؟ وإن بَقَوا صفًّا كاملاً فسيُشوِّشون على مَنْ خلفَهم مِن الرِّجَال.
ثم إنَّ تأخيرهم عن الصَّفِّ الأول بعد أن كانوا فيه يؤدِّي إلى محذورين:
المحذور الأول: كراهة الصَّبيِّ للمسجدِ؛ لأن الصَّبيَّ ـ وإنْ كان صبيًّا ـ لا تحتقره، فالشيء ينطبع في قلبه.
المحذور الثاني: كراهته للرَّجُل الذي أخَّره عن الصَّفِّ.
فالحاصل: أنَّ هذا القولَ ضعيفٌ، أعني: القول بتأخير الصِّبيان عن أماكنهم، وأما قوله صلّى الله عليه وسلّم: « لِيَلِني منكم أُولُو الأحلامِ والنُّهى » أخرجه مسلم. فمرادُه ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ حَثُّ البالغين العقلاء على التقدُّم؛ لا تأخير الصِّغار عن أماكنهم.
أما إذا سَبَقَ المفضولُ إلى المكان الفاضلِ؛ بأنْ جاءَ الصَّبيُّ مبكِّراً وتقدَّمَ وصار في الصَّفِّ الأولِ، فإن القولَ الرَّاجحَ الذي اختاره بعضُ أهلِ العِلم ـ ومنهم جَدُّ شيخِ الإِسلامِ ابنِ تيمية، وهو مَجْدُ الدِّين عبد السلام ـ أنه لا يُقامُ المفضولُ مِن مكانِه، وذلك لقولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَن سَبَقَ إلى ما لم يَسبقْهُ إليه مسلمٌ فهو له» أخرجه أبو داود، وهذا العمومُ يشمَلُ كلَّ شيءٍ اجتمع استحقاقُ النَّاسِ فيه، فإنَّ مَن سَبَقَ إليه يكون أحقَّ به. ولأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِن مجلِسِه ثم يَجلسُ فيه» . أخرجه البخاري، ولأنَّ هذا عدوان عليه.
فإنْ قال قائلٌ: « مَنْ سَبَقَ إلى ما لم يَسبقْ إليه أحدٌ فهو أحقُّ به» عامٌّ. وقولُه: «لِيَلِني منكم أُولُو الأحلامِ والنُّهَى » خاصٌّ، والقاعدةُ: أنَّه إذا اجتمعَ خاصٌّ وعامٌّ فإنَّ الخاصَّ يُخَصِّصُ العامَّ؟.
فالجواب عنه: أن نقولَ: إنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يقلْ: لا يَلِني منكم إلا أُولو الأحلامِ والنُّهَى. ولم يقل: لِيُقِمْ منكم أُولُو الأحلامِ والنُّهَى مَن كانوا دونهم. وإنما قال: «لِيَلِني منكم أُولُو الأحلامِ والنُّهى» فأمر أولي الأحلام والنُّهى أن يلوه. وهذا حَثٌّ لهؤلاء الكِبارِ على أن يتقدَّموا لِيَلُوا رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم. فهذا هو وَجْهُ الحديثِ، ولأنَّ فيه مفسدةَ تنفيرِ هؤلاء الصبيان بالنسبة للمسجد، لا سيَّما إذا كانوا مراهقين، أي: إذا كان للواحد منهم ثلاث عشرة سَنَةً، أو أربع عشرة سنة، ثم نقيمه مِن مكانه، فسيكون هذا صعباً عليه؛ لأنه قد فرح أن كان في الصَّفِّ الأولِ، وكذلك مِن مفاسده أنَّ هذا الصَّبيَّ إذا أخرجه شخصٌ بعينه فإنه لا يزال يَذكرُه بسوءٍ، وكلَّما تذكَّره بسوءٍ حَقَدَ عليه، لأنَّ الصَّغيرَ عادةً لا يَنسى ما فُعِلَ به.(الشرح الممتع 3 - 18 ،4 - 280 )
والخلاصة أن الصبي يجوز أن يقف في أجنحة الصفوف من اليمين أو الشمال أو يتخلل الصفوف لكن لا يجوز أن يقف خلف الإمام مباشرة لحديث ليلني منكم أولو الأحلام والنهي يعني أصحاب العقول والصبي ليس منهم واذا صحت إمامة الصبي اذا كان قارئا. للقرآن فمن باب أولى أن يقف بجوار الرجال والحديث في صحيح البخاري أن عمرو بن سلمة أم قومه؛ لأنه كان أكثرهم قرآنا وكان عمره ست أو سبع سنين وخلفه الرجال ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو قِلاَبَةَ: أَلاَ تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ؟ قَالَ فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: مَا لِلنَّاسِ، مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ، أَوْحَى إِلَيْهِ، أَوْ: أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الكَلاَمَ، وَكَأَنَّمَا يُقَرُّ فِي صَدْرِي، وَكَانَتِ العَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلاَمِهِمُ الفَتْحَ، فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الفَتْحِ، بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ ، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلاَمِهِمْ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا، فَقَالَ: «صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا». فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ، كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الحَيِّ: أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ؟ فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ القَمِيصِ (أخرجه البخاري )
والله أعلم ، وبورك فيكم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.