تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: بمناسبة المؤتمر المشأوم ( هل الأشاعرة من أهل السنة؟ )

  1. #1

    Arrow بمناسبة المؤتمر المشأوم ( هل الأشاعرة من أهل السنة؟ )

    لا يفتأ أئمة الأشاعرة يذكرون في كتبهم أنهم أهل السنة وأهل الحق، وأنهم هم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية. وهذا أمر لا يخفى على من قرأ كتبهم .
    قال الباقلانى في صفة الكلام التي خالفوا فيها السلف من أهل الحديث والسنة: «أعلم أن الله تعالى متكلم، له كلام عند أهل السنة والجماعة، وأن كلامه قديم ليس بمخلوق ولا مجعول ولا محدث بل كلامه قديم صفة من صفات ذاته، كعلمه وقدرته وإرادته ونحو ذلك».([1])
    ويقول البغدادي : «ولسنا نجد اليوم من فرق الأمة من هم على موافقة الصحابة رضي الله عنهم غير أهل السنة والجماعة من فقهاء الأمة ومتكلميهم الصفاتية، دون الرافضة، والقدرية».([2])
    ثم لما بين الأصول التي اجتمعوا عليها ذكرها على منهج الأشاعرة الكلابية، وفيها الكثير من المخالفة لمنهج السلف .
    كقوله إن حديث الآحاد يوجب العمل دون العلم، وكقوله في نفي الحركة عن الله عز وجل، واقتصاره على إثبات سبع صفات الله عزك وجل، وكل ذلك على مذهب الأشاعرة والكلابية، أما أهل السنة من سلف الأمة فقولهم في كل ذلك على خلاف ما ذكر كما بيناه من خلال مباحث هذا الكتاب .
    وقال الجوينى : في مقدمة كتابه لمع الأدلة : «هذا وقد استدعيتم -أرشدكم الله عز وجل- ذكر لمع من الأدلة في قواعد عقائد أهل السنة والجماعة»، ثم ذكر عقيدة الأشاعرة ، كقولهم في كلام الله أنه كلام نفسي ليس بحروف ولا صوت.([3])
    ولا تكاد تقرأ في كتاب من كتبهم إلا وقفت على إدعائهم أنهم أهل السنة والجماعة، ثم يقررون ما يخالف عقيدة أهل السنة وما كان عليه السلف والأئمة .
    وهكذا نرى الأشاعرة يعلنون منذ نشأتهم وإلى اليوم أنهم هم أهل السنة، وأنهم الفرقة الناجية دون غيرهم .
    ونراهم ينصون على سبب استحقاقهم هذا اللقب، وكونهم الفرقة الناجية. وهو: إتباعهم لسنة الرسول ﷺ وسنة أصحابه من بعده .
    إذن إتباع ما كان عليه ﷺ وأصحابه، هو الضابط لاستحقاق لقب « أهل السنة » والفوز بالنجاة.، وهذا ضابط مهم لمعرفة أهل السنة من غيرهم؛ فهل التزم الأشاعرة بذلك وحققوا الإتباع كما ادعوا ؟
    أم أنهم قدموا على السنة غيرها، وحكموا فيها العقل، وصرفوها عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات ومستنكرات التأويلات؟
    طريق معرفة السنة وإدراكها :-
    إذا كانت السنة هي ما كان عليه النبي ﷺ فلا شك أنه لا سبيل إلى معرفتها إلا بالنقل لا غير.، بالنقل الصحيح نعرف ما كان عليه الرسول ﷺ، ولا سبيل للعقل إلى ذلك البتة .
    وبالإتباع لما جاء به النقل من ذلك تدرك السنة .
    يقول إمام أهل السنة من غير منازع الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: «وليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول، والأهواء؛ إنما هي الإتباع، وترك الهوى».([4])
    ويقول الإمام أبو عبد الله محمد بن أبي زمنين (324- 399 هـ): «أعلم رحمك الله أن السنة دليل القرآن، أنها لا تدرك بالقياس، ولا تؤخذ بالعقول، وإنما هي في الإتباع للأئمة، ولما مشى عليه جمهور هذه الأمة».([5])
    فما هو موقف الأشاعرة، من النقل؟ الذي هو السبيل الوحيد لمعرفة ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه .
    إذا تأملنا كتب القوم، تجدهم يجعلون العقل هو الأساس، والنقل تبعًا له، ولا يخلوا النقل مع العقل من إحدى الحالات التي تقدم ذكرها في مبحث مصدر التلقي.
    إن الأشاعرة في ماضيهم وحاضرهم، يقفون من النقل والسمع موقفًا ليس لهم سلف فيه إلا المعتزلة .
    فقد جعلوا العقل أصلًا يرجع إليه، وجعلوا ما جاءت به الأنبياء تبعًا له؛ فما وافق عقولهم قبلوه، وما خالفها ردوه، أو تأولوه على مقتضى عقولهم .
    فهل هذا الموقف الذي اتخذه الأشاعرة من النقل بصفة عامة، ومن السنة بصفة خاصة، يؤهلهم لأن يكونوا هم أهل السنة؟ كيف وقد عد أهل العلم بالسنة من أهم ما يميز أهل السنة من أهل البدعة تقديم النقل والأثر والاحتكام إليهما؛ كما يقول أبو المظفر السمعاني: «وأعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو: مسألة العقل؛ فإنهم أسسوا دينهم على المعقول، وجعلوا الإتباع والمأثور تبعًا للمعقول .
    وأما أهل السنة قالوا: الأصل في الدين الإتباع، والعقول تبع، ولو كان أساس الدين على المعقول، لاستغنى الخلق عن الوحي وعن الأنبياء صلوات الله عليهم، ولبطل معنى الأمر والنهي، ولقال من شاء ما شاء» . ([6])
    وعدوا من أهم علامات أهل السنة أنهم عند التنازع يدعون إلى التحاكم إليها دون آراء الرجال وعقولها؛ بينما أهل البدع يدعون إلى التحاكم إلى آراء الرجال ومعقولاتها . ([7])
    وإذا تبين لك موقف الأشاعرة من قضية النقل، وما ترتب عليه من مخالفة السلف، وموافقة أهل البدع.
    اتضح لنا أن دعوى الأشاعرة أنهم أهل السنة واعتبار أنفسهم الفرقة الناجية وزعمهم أنهم هم من بين فرق الأمة الذين على ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه .، دعوى عريضة لم يستطيعوا أن يدللوا عليها؛ فهم لم يلتزموا بها .
    هل الأشاعرة من أهل السنة ؟
    بتتبع كلام أهل العلم من علماء أهل السنة نجد أقوالهم في ذلك متفاوتة ما بين متشدد، دعاه لذلك ما وقف عليه من مخالفة القوم للسنة، وموافقتهم للجهمية والمعتزلة في بعض أقوالهم؛ فبدعهم وحذر منهم ولم ير استحقاقهم للقب « أهل السنة » الذي يدعونه .
    وهذا هو مذهب جمهور أهل السنة والجماعة، وقد صرح به غير واحد، كالإمام أبو نصر السجزى صاحب كتاب الصوت والحرف، والإمام ابن بطة صاحب كتاب الإبانة الكبرى، ومحمد بن خويز منداد المالكى ، وأبو العباس بن سريج الملقب بالشافعي الثاني، وأبو الحسن الكرجى، والإمام الهروى الأنصارى، ومن المتأخرين الشيخ/ابن سمحان ، والشيخ/عبد الله بن بطين ، وابن عثيمين ، وعبد العزيز الراجحى وعامة مشايخ نجد وغيرهم .
    وهناك من تساهل فعدهم من أهل السنة، لما رأى من موافقتهم للسنة في بعض المسائل ، وهو قول السفارينى المتوفى سنة 1118 هـ حيث قال : أهل السنة والجماعة ثلاث فرق :
    1- الأثرية : وإمامهم أحمد بن حنبل .
    2- والأشعرية : وإمامهم أبو الحسن الأشعري .
    3- والماتريدية : وإمامهم أبو منصور الماتريدي .([8])
    وبين هؤلاء وهؤلاء حاول بعض من أهل العلم التدقيق في المسألة والقول فيها بشيء من التفصيل .، وممن تبنى التفصيل العلامة /عبد العزيز بن باز رحمه الله([9])، والعلامة /صالح الفوزان حفظه الله .
    قالوا : بأنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه أهل السنة من أبواب الاعتقاد .، وليسوا من أهل السنة في باب الأسماء والصفات . ([10])
    وهناك قول رابع اعتبرهم من أهل الإثبات وفرق بين أئمتهم المتقدمين ومتأخريهم .
    وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى: أنهم يعدون من أهل الإثبات؛ لكونهم يثبتون بعض الصفات، وأنهم أقرب إلى أهل السنة من باقي الطوائف، على أنه يفرق بين أئمتهم المتقدمين وبين متأخريهم فعد المتقدمين أقرب إلى السلف وأهل السنة، وجعل المتأخرين أقرب إلى الجهمية والمعتزلة، لعظم موافقتهم لهم في كثير من أقوالهم .
    يقول رحمه الله في معرض كلامه عن درجات الجهمية : « وأما الدرجة الثالثة فهم: الصفاتية المثبتون المخالفون للجهمية؛ لكن فيهم نوع من التجهم كالذين يقرون بأسماء الله وصفاته في الجملة، لكن يردون طائفة من أسمائه وصفاته الخبرية، أو غير الخبرية ويتأولونها كما تأول الأولون صفاته كلها، ومن هؤلاء من يقر بصفاته الخبرية الواردة في القرآن دون الحديث كما عليه كثير من أهل الكلام .
    ومنهم من يقر بالصفات الواردة في الأخبار أيضًا في الجملة لكن مع نفي وتعطيل لبعض ما ثبت بالنصوص وبالمعقول وذل كأبي محمد بن كلاب، ومن أتبعه وفي هذا القسم يدخل أبو الحسن الأشعري وطوائف من أهل الفقه والكلام والحديث والتصوف، وهؤلاء إلى أهل السنة المحضة أقرب منهم إلى الجهمية والرافضة والخوارج، لكن انتسب إليهم طائفة هم إلى الجهمية أقرب منهم إلى أهل السنة المحضة. فإن هؤلاء ينازعون المعتزلة نزاعًا عظيمًا فيما يثبتونه من الصفات، وأما المتأخرون فإنهم والوا المعتزلة وقاربوهم وقدموهم على أهل السنة والإثبات وخالفوا أوليهم».([11])
    يقول الدكتور /محمد باكريم محمد باعبد الله : لا يطلق عليهم أنهم أهل السنة أو من أهل السنة بإطلاق؛ لأنهم ليسوا على السنة المحضة في كثير من أمور السنة في الاعتقاد، ولا يطلق أنهم ليسوا من أهل السنة؛ لأنهم يدخلون في مسمى أهل السنة بالاعتبارات الآتية :
    1- هم من أهل السنة : بالمعنى العام لمصطلح أهل السنة، والذي يدخل فيه جميع المنتسبين إلى الإسلام عدا الرافضة .
    2- وهم من أهل السنة : في أمور العبادات والعمليات؛ لأن السنة تشمل أمور الاعتقاد والعبادة والأعمال .
    والأشاعرة في أمور العبادات ليس لهم من الأقوال ما يخرجهم عن أهل السنة في الجملة .، فبهذه الاعتبارات يعد: الأشاعرة من أِهل السنة .
    ولكن لما كان اسم « أهل السنة» إذ أطلق فهم منه أمور العبادات والاعتقادات جميعًا ؛ بل هو بأمور الاعتقاد أخص، كما قال شيخ الإسلام في معنى «أهل السنة»: وقد يراد به أهل الحديث والسنة والمحضة، فلا يدخل فيه إلا من يثبت الصفات لله تعالى ، ويقول القرآن غير مخلوق ، وإن الله يرى في الآخرة ، ويثبت القدر وغير ذلك من الأمور المعروفة عند أهل الحديث والسنة.([12])
    ورأينا الأشاعرة ليسوا على السنة المحضة في كل أبواب الاعتقاد، ومسائله التي ذكر الإمام أحمد طرفًا منها وبين أن من خالف فيها لا يعد من أهل السنة فهل نقول: هم من أهل السنة؛ لأنهم وافقوا السنة في بعض أبواب ومسائل العقيدة، أم نسحب عنهم هذا الاسم لمخالفتهم للسنة في بعض المسائل والأبواب؟ هذا مناط الخلاف في كونهم من أهل السنة أو ليسوا من أهلها .([13])
    وبعد أن ساق اختلاف العلماء وأقوالهم في كون الأشاعرة من أهل السنة من عدمه، قال : والذي أميل إليه: أن لا يقال: «الأشاعرة من أهل السنة» إلا بقيد، فيقال: هم من أهل السنة في كذا، في الأبواب التي لم يخالفوا فيها مذهب أهل السنة.
    لأننا إذا أطلقنا القول بأنهم من «أهل السنة» التبس الأمر وظن من لا دراية له بحالهم أنهم على مذهب أهل السنة والسلف في كل خصال السنة، والواقع أنهم ليسوا كذلك؛ بل في أقوالهم ما يخالف السنة في كثير من أبواب الاعتقاد؛ فليسوا على السنة المحضة في كل اعتقاداتهم .
    وإذا أطلقنا القول بأنهم ليسوا من أهل السنة ، كان ذلك حكمًا بأنهم خالفوا السنة في كل أبواب الاعتقاد، والأمر ليس كذلك فقد وافقوا أهل السنة في أبواب الصحابة والإمامة وبعض السمعيات .
    فالعدل والإنصاف يقتضي أن يحكم على كل بما يستحق على ضوء ما رضي لنفسه من قول واختط من نهج . والله تعالى أعلم([14])
    قلت : إن الأشاعرة تلقوا واستمدوا من غير السنة ولم يوافقوها في النتائج فكيف يكونون من أهلها .
    فالحكم الصحيح في الأشاعرة : أنهم من أهل القبلة لاشك في ذلك، وأنهم أقرب الفرق والمذاهب من أهل السنة على ما تقدم من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ، أما أنهم من أهل السنة فلا، وإلا فمما تاب أئمتهم كالأشعري والجوينى والغزالي والرازي بعد الحيرة والشك، فإذا كانوا على عقيدة أهل السنة والجماعة فعن أي شيء رجعوا؟ ولماذا رجعوا؟ وإلى أي عقيدة رجعوا؟
    لاشك أنهم تابوا من مذهب أهل الكلام والبدعة، وعادوا إلى مذهب السلف والسنة .
    ثم إن المراد بالسنة الطريقة المحمدية التي كان عليها رسول الله ﷺ وأصحابه الكرام وتابعوهم بإحسان قبل ظهور البدع وفشوها, فمن تأثر بشيء من الأهواء واستمسك بها لم يصح إطلاق هذا الوصف الجليل عليه .
    فإنه لما أخبر النبي ﷺ صفة الفرقة الناجية بأنها « هم من كان مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ».
    صار المتمسكون بالإسلام الخالص من الشوائب والأهواء هم أهل السنة والجماعة ومن سواهم أهل البدعة والضلالة .
    كما أنهم خالفوا إجماع الصحابة في كثير من مسائل الاعتقاد ، يقول شيخ الإسلام: « أما أهل السنة فلا يتصور أن يتفقوا على مخالفة إجماع الصحابة ».([15])
    وقال أيضاً : « فمذهب أهل السنة والجماعة ما دل عليه الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة، وهو القول المطابق لصحيح المنقول وصريح المعقول ».([16])
    وبهذا يعلم أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة والجماعة, كيف ومذاهبهم مخالفة لأهل السنة والجماعة في أمور كثيرة خطيرة .
    إذ كيف يكون من أهل السنة من يقدم العقل على النقل .
    كيف يكون من أهل السنة من يرد السنة ولا يأخذ بها .
    كيف يكون من أهل السنة من ينفى علو الله على خلقه .
    كيف يكون من أهل السنة منينفى صفات الله تعالى .
    كيف يكون من أهل السنة من قال بقول المرجئة فى الإيمان .
    كيف يكون من أهل السنة من قال بقول الجبرية فى أفعال العباد .
    كيف يكون من أهل السنة من ينفى عن الله تعالى الحكمة والتعليل .
    كيف يكون من أهل السنة من خالف أئمة أهل السنة .
    كيف يكون من أهل السنة من بنى أصوله على أصول أهل البدعة من الجهمية والمعتزلة .
    كيف يكون من أهل السنة من اختلفت أقوالهم وتباينت في أصول السنة .
    كيف يكون من أهل السنة من اضطربت أقوالهم في أصولهم .
    إن الأشاعرة مخالفون لأهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات وفي الإيمان وفي القدر وغير ذلك من كبار مسائل الاعتقاد, وإنما هم يعدون من مبتدعة أهل القبلة ومن محدثة المسلمين وعندهم من الخير والموافقة لأهل السنة والجماعة في بعض المسائل ما كانوا به أقرب من غيرهم ممن توغل في الإحداث والابتداع كالجهمية والمعتزلة وغيرهم .
    هدانا الله وإياهم وجميع المسلمين إلى الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
    تنبيه مهم :-
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : « وليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد – يقصد اعتقاد أهل السنة - يجب أن يكون هالكاً فإن المنازع قد يكون مجتهداً مخطئاً يغفر الله خطأه, وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة, وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته, وإذا كانت ألفاظ الوعيد المتناولة له لا يجب أن يدخل فيها المتأول والقانت وذو الحسنات الماحية, والمغفور له وغير ذلك فهذا أولى, بل موجب هذا الكلام أن من اعتقد ذلك نجا في هذا الاعتقاد, ومن اعتقد ضده فقد يكون ناجيا, وقد لا يكون ناجيا, كما يقال من صمت نجا ».([17])
    وفي كلام شيخ الإسلام هذا أبلغ جواب لما قد يستشكله الكثير في مسألة إخراج الأشاعرة أو غيرهم من أهل البدع من الفرقة الناجية ومن أهل السنة والجماعة, وأن ذلك يلزم منه أن يكونوا من أهل النار حتما ومن الهالكين يقينا.
    ولا تلازم بين الأمرين على ما بينه شيخ الإسلام هنا إذ النص المتقدم ونحوه من نصوص الوعيد لا يدخل فيها من لم تبلغه الحجة ولم يتبين له السبيل مع إرادته للحق وتحريه له وقد يكون معه حسنات ماحية أو يكون متأولاً أو يكون جاهلاً معذوراً أو نحو ذلك من الأعذار وعلى كل فحكمهم في الدنيا أنهم من أهل البدع والأهواء وأما يوم القيامة فمرجعهم إلى الله يحكم فيهم بمقتضى عدله وحكمته ولا يظلم ربك أحدا.
    ثم يقال لمعشر الأشاعرة على الخصوص, أما لكم أسوة بإمامكم وشيخكم ومؤسس مذهبكم, ومن تدعون أنكم أتباعه وعلى طريقته فقد أبان الله له الجادة وهداه إلى الحق, وترك ما أنتم عليه الآن إلى مذهب أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل قائل, فدونكم إن شئتم كتبه الثلاثة الأخيرة لتروا فيها رجوعه إلى الحق وتمسكه به. ([18])
    قال رحمه الله وغفر له في كتابه الإبانة ص52: «فإن قال لنا قائل قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحلولية والرافضة والمرجئة, فعرفونا قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون. قيل له: قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا عز وجل وسنة نبينا ﷺ وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولمن خالف قوله مجانبون لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق ودفع به الضلال وأوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين, فرحمة الله عليه من إمام مقدم وجليل معظم وكبير مفخم وعلى جميع أئمة المسلمين».
    فيقال للأشاعرة هذا إمامكم المقدم وشيخكم المبجل يسجل لكم رجوعه إلى الحق وتمسكه به في ورق مسطر وكلام محرر فهلا بكلام إمامكم اقتديتم وبما هدي إليه اهتديتم .


    ([1]) انظر : الإنصاف ص108 .
    ([2]) انظر : الفرق بين الفرق ص304 ت/محمد محى الدين .
    ([3]) انظر :وسطية أهل السنة بين الفرق 1/57 .
    ([4]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائى برقم 317 .
    ([5]) أصول السنة 1/35 ت/ محمد بن عبد الله بن عيسى البخاري .
    ([6]) الانتصار لأصحاب الحديث ص82 .
    ([7]) مختصر الصواعق المرسلة 2/627 .
    ([8]) لوامع الأنوار البهية 1/73 .
    ([9]) انظر : مجموع فتاوى ابن باز 28/256 .
    ([10]) انظر :وسطية أهل السنة بين الفرق 1/82 .
    ([11]) انظر : الفتاوى الكبرى لابن تيمية 5/40 – 42 .
    ([12]) منهاج السنة 2/163 .
    ([13]) انظر :وسطية أهل السنة بين الفرق 1/86 .
    ([14]) انظر :المصدر السابق 1/90 .
    ([15]) انظر :منهاج السنة 3/406 .
    ([16]) انظر :المصدر السابق 2/145 .
    ([17]) انظر : مجموع الفتاوى 3/179 .
    ([18]) انظر : زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه لعبد الرزاق البدر - ص 362 .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    3,205

    افتراضي

    جزاك الله خيرا
    وبهذا يعلم أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة والجماعة, كيف ومذاهبهم مخالفة لأهل السنة والجماعة في أمور كثيرة خطيرة .
    إذ كيف يكون من أهل السنة
    من يقدم العقل على النقل .
    كيف يكون من أهل السنة من يرد السنة ولا يأخذ بها .
    كيف يكون من أهل السنة من ينفى علو الله على خلقه .
    كيف يكون من أهل السنة منينفى صفات الله تعالى .
    كيف يكون من أهل السنة من قال بقول المرجئة فى الإيمان .
    كيف يكون من أهل السنة من قال بقول الجبرية فى أفعال العباد .
    كيف يكون من أهل السنة من ينفى عن الله تعالى الحكمة والتعليل .
    كيف يكون من أهل السنة من خالف أئمة أهل السنة .
    كيف يكون من أهل السنة من بنى أصوله على أصول أهل البدعة من الجهمية والمعتزلة .
    كيف يكون من أهل السنة من اختلفت أقوالهم وتباينت في أصول السنة .
    كيف يكون من أهل السنة من اضطربت أقوالهم في أصولهم .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •