4 - باب حجة من لم يكفَّر تارك الصلاة ولم يقطع عليه بخلود في النار ورَجا له ما يُرجى لأهل الكبائر
1 - عن ابن محيريز: (أن رجلًا من بني كنانة يدعى المخدجي سمع رجلًا بالشام يدعى أبا محمد يقول: إن الوتر واجب قال المخدجي: فرحت إلى عبادة بن الصامت فأخبرته فقال عبادة: كذب أبو محمد سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول: خمس صلوات كتبهن اللَّه على العباد من أتى بهن لم يضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن كان له عند اللَّه عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند اللَّه عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له). رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وقال فيه: (ومن جاء بهن قد انتقص منهن شيئًا استخفافًا بحقهن).
([1])
2 - وعن أبي هريرة قال: (سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة المكتوبة فإن أتمها وإلا قيل انظروا هل له من تطوع فإن كان له تطوع أكملت الفريضة من تطوعه ثم يفعل بسائرالأعمال المفروضة مثل ذلك). رواه الخمسة.
([2])
3 - ويعضد هذا المذهب عمومات: منها ما روي عن عبادة بن الصامت قال: (قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم من شهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله وأن عيسى عبد اللَّه وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة والنار حق أدخله اللَّه الجنة على ما كان من العمل). متفق عليه.
4 - وعن أنس بن مالك: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال ومعاذ رديفه على الرحل: يا معاذ قال: لبيك يا رسول اللَّه وسعديك ثلاثًا ثم قال: ما من عبد يشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا عبده ورسوله إلا حرمه اللَّه على النار قال: يا رسول اللَّه أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا قال: إذن يتكلوا فأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا أي خوفًا من الإثم بترك الخبر به). متفق عليه.
5 - وعن أبي هريرة قال: (قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم: لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء اللَّه من مات من أمتي لا يشرك باللَّه شيئًا). رواه مسلم.
6 - وعنه أيضًا: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال:أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا اللَّه خالصًا من قلبه). رواه البخاري.
7 - فروى ابن مسعود قال: (قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآلهوسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر).
متفق عليه.
8 - وعن أبي ذر أنه: (سمع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ مقعده من النار). متفق عليه.
9 - وعن أبي هريرة قال: (قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم: اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت). رواه أحمد ومسلم.
10 - وعن ابن عمر قال: (كان عمر يحلف وأبي فنهاه النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم وقال: من حلف بشيء دون اللَّه فقد أشرك). رواه أحمد.
11 - وعن ابن عباس قال: (قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم: مدمن الخمر إن مات لقي اللَّه كعابد وثن).
([3])
رواه أحمد. انتهى كلام المصنف.
([1]) هذه الأحاديث يحتج بها من رأى عدم كفر تارك الصلاة ولكن لا شك على أنها تدل على فضل التوحيد والإيمان وأن على أهله على وعد عظيم بدخول الجنة ولكنها مقيدة بالنصوص الكثيرة ( إلا بحقها ) ( صدقاً من قلبه ) ( لا يشرك بالله شيئاً ) فإذا أتى بالشهادتين صدقاً من قلبه لا شك أنه يدخل الجنة والصادق لا يدع الواجبات ولا يرتكب المحارم فإذا قصر في ذلك فترك بعض الواجبات وأتى بعض المحارم فليس له عند الله عهد بل هو على خطر من دخول النار وإن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإن صلى وصام ولهذا توعد الله شارب الخمر والزاني والسارق بالنار فهم على خطر ، فمن أتى بالتوحيد والإيمان فهو من أهل الجنة فإن كانت له ذنوب ومعاصي فهو تحت المشيئة فترك الصلاة إذا قلنا أنه كفر أكبر فإنه يدخل النار وإن قلنا أنه كفر أصغر صار تحت المشيئة وصاحبه على خطر من دخول النار ، وظاهر النصوص أن ترك الصلاة كفر أكبر كما لو دعا غير الله أو استغاث بغير الله أوسب الله أو سب الدين أو جحد وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة صار كفره أكبر لا تعمه الأحاديث التي فيها فضل الشهادة ، فكما أن أحاديث الشهادة في حديث عبادة وأبي ذر ومعاذ وأنس مقيدة بأن يقولها صدقاً فهكذا بقية الأحاديث لا بد أن يكون أتى بالتوحيد صدقاً من قلبه وأن يأتي بحقها فمن حقها أن يصلي وأن يصوم وأن يزكي وأن يحج مع الاستطاعة ومن حقها يتجنب الزنا والفواحش فإذا ترك هذا الحق صار تحت المشيئة إن شاء الرب عفا وإن شاء عذبه في النار وإذا ترك الحق في الاشياء المكفرة صار كافراً فالذي يقول لا إله إلا الله ويسب الدين صار كافراً وإذا كان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويجحد وجوب الصلاة صار كافراً عند الجميع ، وإذا كان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقول إن الزنا حلال والخمر حلال يكفر عند الجيمع ، فهاتان الشهادتان لا بد من أداء حقهما من الإيمان بما أوجب الله والبعد عن كل ما يوجب الردة فالمسائل تحتاج إلى عناية وتفصيل . فهذه الأحاديث في التوحيد والإيمان مقيدة بأداء الحق بالإلتزام بطاعة الله والإنتهاء عن ما حرم الله .
@@ [ أحاديث التوحيد مع هذه الروايات إنما هي فيمن لم يتركها وإنما يقع له نقص فيها ، وحديث عبادة في صحته نظر فاختلف الناس في صحته وليس إسناده بذلك القائم وعلى تقدير صحته فالمراد منه من انتقص منها شيئاً فهو يصلي ولكن قد يقع له تساهل في صلاة الجماعة أو في غيرذلك مما يجب عليه فهذا هو الذي ينظر في تطوعاته وأعماله الأخرى فيكمل بها فرضه وهكذا في الزكاة وفي الصوم وفي الحج ، وإما أحاديث التوحيد والشهادتين إنما تنفعان من قالها إذا لم يأتي بناقض من نواقض الإسلام فإذا ترك الصلاة فهذا ناقض وإذا سب الدين فهذا ناقض وإذا استهزأ بالدين فهذا ناقض فالتوحيد إنما ينفع إذا لم يأتي بناقض ] [ الشرح القديم ]
([2]) أول ما يحاسب به العبد الصلاة فيما بينه وبين ربه وأما فيما بينه وبين الناس في الخصومات فأول ما يقضى بين العباد في الدماء .
([3]) هذه الأحاديث كلها من باب الوعيد كما تقدم ولا يكون كفر إلا ما دل الدليل على كفر صاحبه فالأصل بقاء التوحيد والإيمان لكن إذا دل الدليل على أن الكفر أكبر حكم بالدليل على ظاهر الأدلة الشرعية ولهذا حكم الصديق على من امتنع من الزكاة والصلاة وقاتل عليها بكفرهم وقاتلهم قتال المرتدين . فالواجب الجمع بين النصوص فما دل الدليل على أنه من الكفر الأكبر لحق بالكفر الأكبر وما حكم بأنه من الكفر لحق بالكفر الأصغر.
@@ [ المراد بالكفر في هذه الأحاديث كفر دون كفر لأنه كفر منكر ليس بكفر معرف ولأن الأدلة العامة واضحة على أنه كفر دون كفر وأنها معصية من المعاصي وليست كترك الصلاة فالمقصود أن ما ذهب إليه البعض من قياس ترك الصلاة على هذه الأشياء ليس بظاهر والاستدلال بأحاديث التوحيد وفضله ليس بظاهر لأنها مقيدة بمن أتى بالتوحيد ولم يأتي بناقض
@ الاسئلة :
1 - حديث ( مدمن الخمر كعابد وثن ) صحيح ؟
المنذري قال رجاله ثقات وما تتبعته ولكنه على سبيل الوعيد مثل ( من مات وهو يشرب الخمر ساقه الله من طينة الخبال ) وقد يسلم ويعفو الله ويشفع فيه الشفعاء فهذا وعيد إن جازاه الله مثل قوله تعالى ( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً ) قال أبو هريرة : هذا جزاؤه إن جازاه الله وهو أهل للعفو سبحانه وتعالى ]
2 - من يصلي أحياناً ويترك احياناً هل يكفر ؟
هذه مسألة خلاف كما تقدم والصواب أنه يكفر إذا كان تارة يصلي وتارة لا يصلي وذهب جمع من أهل العلم أنه لا يكفر إلا إذا جحد وجوبها وإلا يكون كفره كفر أصغر كفر دون كفر والأرجح أنه كفر أكبر لأنها عمود الإسلام وقد قال صلى الله عليه وسلم ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) .