تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قاعدةٌ في نقد المتن ، وحديثُ جبريل ودسّ الطين في فَم فِرعون!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي قاعدةٌ في نقد المتن ، وحديثُ جبريل ودسّ الطين في فَم فِرعون!

    قاعدةٌ في نقد المتن.
    حديثُ جبريل ودسّ الطين في فَم فِرعون!
    بقلم: أبي صهيب خالد الحايك.

    إنّ نقد المتن من الأمور المهمة التي تنبّه لها الأئمة النقاد من أهل الحديث، فأعلوا أحاديثَ لنكارة متونها.
    وهذا النقد لم يكن جُزافاً هكذا كما هو منتشرٌ في أيامنا هذه، فإذا سمع أحدهم حديثاً لم يوافق عقله! فإنه يرده ويقول بأنه نقد متنه!
    نعم، نقد المتن لحديث ما يكون بعدة أمور: لمخالفته ما جاء في القرآن الكريم أو ما جاء في السنة الثابتة، أو مخالفة حقيقة تاريخية ثابتة، وغير ذلك.

    · أقسام نقد المتن:
    ونقد المتن ينقسم إلى عدة أقسام:
    الأول: نقد متن حديث إسناده صحيح.
    الثاني: نقد متن حديث إسناده ضعيف.
    الثالث: نقد متن حديث مختلف في إسناده.
    أما الأول: فإن الأئمة النقاد إذا استنكروا متن الحديث وكان إسناده صحيحاً تطلبوا له علة في الإسناد ولو كان ظاهره صحيحاً، فإن لم يجدوا أعلّوه بالتدليس وإن لم يُعرف رواته أنهم مدلّسون كما قرره الإمام الناقد المعلمي اليماني يرحمه الله.
    قال رحمه الله في ((مقدمة الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة)) (صفحة: ح): "إذا استنكر الأئمة المحققون المتن، وكان ظاهر السند الصحة، فإنهم يتطلبون له علة، فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقاً، حيث وقعت، أعلوه بعلة ليست بقادحة مطلقاً، ولكنهم يرونها كافية للقدح في ذاك المنكر، فمن ذلك: إعلاله بأن راويه لم يصرح بالسماع، هذا مع أن الراوي غير مدلس، أعلّ البخاري بذلك خبراً رواه عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن عكرمة. تراه في ترجمة عمرو من التهذيب...".
    وهذه قاعدة تكتب بماء الذهب.
    وأما الثاني: فإن نكارة المتن تؤكد ضعف الإسناد.
    وأما الثالث: فنقد المتن بنكارته تكون مرجحاً لضعف الإسناد المختلف فيه.
    والحاصل أن الأئمة النقاد لا يعلّون حديثاً بنكارته إلا إذا اطلعوا على علّة ما في الإسناد، عرفها بعضهم، وخفيت على الآخرين، وحُسن الظن بهم، وبراعتهم في هذا العلم، ومنهجهم الذوقي في النقد، تجعلنا نطمئن إلى تعليلاتهم في هذا الباب، وإن لم نقف على ما اطلعوا عليه.
    وهذا الحديث الذي بين أيدينا سنده صحيح، ولكن في متنه نكارة، ولم أجد لأهل الحديث كلاماً في سنده ولا متنه!
    وهو منتشرٌ في كثير من المواقع الإلكترونية الإسلامية، وكلهم ينقل قول الترمذي وغيره بأنه حديث حسن أو حديث صحيح.
    وقد احتج بهذا الحديث بعض أعداء الله من عُبّاد الصليب الحاقدين على بعض مواقعهم الإلكترونية في الطعن بجبريل ووصفه بأوصاف سيئة، على فعلته هذه بحسب ما جاء في الحديث، وأنه وقف عائقاً بين فرعون وبين توبة الله عليه! لعنة الله على أعداء الإسلام.
    وكنت عزمت منذ فترة طويلة على تخريج هذا الحديث والكلام عليه، لما في متنه من نكارة واضحة، وهي: كيف يفعل جبريل ذلك، والملائكة عباد يفعلون ما يؤمرون، وظاهر الحديث أنه فعل ذلك من تلقاء نفسه، فكيف يُقدم على هذا الأمر؟ ولم أقنع بأجوبة بعض أهل العلم من أهل التفسير في حلّ هذا الإشكال.
    ومع قناعتي بأن في متنه نكارة تطلبت له علّة إسنادية.
    وآن الأوان بالشروع في ذلك، مستعيناً بالله عزّ وجلّ، فأقول:

    · تخريج الحديث:
    هذا الحديث له طريقان مشهوران:
    الأول: عن عدي بن ثابت وعطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، مرفوعاً وموقوفاً.
    الثاني: عن علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس مرفوعاً.
    أما الطريق الأول:
    فرواه شعبة عن عدي بن ثابت وعطاء، ومرة عن عدي وحده، واختلف عليه في وقفه ورفعه:
    فرواه أبو داود الطيالسي في ((مسنده)) (ص341) عن شعبة، عن عدي بن ثابت وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال لي جبريل: لو رأيتني وأنا آخذ من حَال البحر فأدسه في فِي فرعون مخافة أن تدركه الرحمة)).
    هكذا رواه الطيالسي عن شعبة عنهما من غير شك.
    ورواه البيهقي في ((الشعب)) (7/44) من طريق أبي النضر، عن شعبة، عن عدي بن ثابت وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أو كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    هكذا رواه بالشك!
    وكذا رواه الطبري في ((تفسيره)) (11/163) عن محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عدي بن ثابت وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. قال شعبة: يرفعه أحدهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
    وكذا رواه الترمذي في ((الجامع)) (5/278)، والحاكم في ((المستدرك)) (4/278) من طريق خالد بن الحارث، عن شعبة، عن عدي بن ثابت وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. قال شعبة: ذكر أحدهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    · من صحح الحديث:
    قال أبو عيسى: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجه".
    وقال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد ولم يخرجاه، وله شاهد من حديث علي بن زيد".
    ورواه الحاكم في ((المستدرك)) (2/370)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/44) من طريق النضر بن شميل، عن شعبة، عن عدي بن ثابت: سمعت سعيد بن جبير: يحدث عن ابن عباس مرفوعاً: ((جعل جبريل يدس الطين في فِي فرعون مخافة أن يقول لا إله إلا الله)).
    قال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه. إلا أن أكثر أصحاب شعبة أوقفوه على ابن عباس".
    ورواه الطبري في ((تفسيره)) (11/164) من طريق وكيع، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ((أنّ فرعون لما أدركه الغرق جعل جبرائيل يحثو في فِيه التراب خشية أن يُغفر له)).
    وأما الطريق الثاني:
    فرواه الطيالسي في ((مسنده)) (ص350) عن حماد بن سلمة. وأحمد في ((مسنده)) (1/245) و (1/309) عن يونس وسليمان بن حرب. وعبد بن حميد في ((مسنده)) (ص222) عن حجاج بن منهال، ومن طريق عبد بن حميد أخرجه الترمذي في ((الجامع)) (5/287). والحاكم في ((المستدرك)) (4/278) من طريق حجاج. كلّهم عن حماد، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال لي جبريل: يا محمد لو رأيتني وأنا آخذ من خَبال البحر فأدسه في فِي فرعون مخافة أن تدركه الرحمة)).
    قال أبو عيسى: "هذا حديثٌ حسنٌ".
    قلت: صحح الحديث الترمذي والحاكم كما سبق، وصححه من المعاصرين الشيخ الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (2015)، وصحيح الترمذي (3107)، والدكتور محمد التركي محقق مسند الطيالسي (4/345)، وصححه موقوفاً الشيخ شعيب أثناء تحقيقه لمسند أحمد (2144).
    قلت: إن الذي يتمشى مع قواعد المحدّثين أن الصواب في حديث شعبة هو الوقف على ابن عباس. وكأن شعبة كان يشك فيه، وأكثر أصحابه على الوقف.
    وشعبة نفسه قال: إن عدي بن ثابت أو عطاء كان أحدهما يرفعه، وعدي قال عنه شعبة: "كان من الرفّاعين" (ضعفاء العقيلي: 3/372)، وعطاء كان قد اختلط، ولكن شعبة سمع منه قبل الاختلاط، ويحتمل أن الذي رفعه هو عدي بن ثابت، ولكن رواه وكيع عن شعبة عنه موقوفاً، فكأن شعبة كان يضطرب فيه! والله أعلم.
    وأما الطريق الثاني فقد تفرد به حماد بن سلمة عن ابن جدعان! ولم يروه عن ابن مهران إلا ابن جدعان! وابن جدعان ضعيف؛ وشيخه مختلفٌ فيه! فمنهم من جهله، ومنهم من ضعفه ومنهم من وثقه.
    قال عفان: حدثنا حماد بن زيد عن علي بن زيد: أنه ذكر يوسف بن مهران فقال: "كان يشبه حفظه بحفظ عمرو بن دينار".
    وقال الميموني عن أحمد: "لا يُعرف، ولا أعرف أحداً روى عنه إلا ابن جدعان".
    وقال ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (7/222): "يوسف بن مهران روى عن ابن عباس. وكان ثقة".
    وقال أبو زرعة: "مكيّ ثقة".
    وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (5/551) فقال: "يوسف بن مهران يروي عن ابن عباس. روى عنه علي بن زيد بن جدعان".
    وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (9/229): سألت أبي عن يوسف بن مهران؟ فقال: "لا أعلم روى عنه غير علي بن زيد بن جدعان. يُكتب حديثه ويُذاكر به".
    وقال ابن حجر في ((التقريب)) (ص612): "ليّن الحديث".
    وقال في ((التلخيص الحبير)) (4/199): علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران، وهما ضعيفان".

    · كأن الوهم من شعبة –رحمه الله-!
    والذي أخشاه أن شعبة سمع الحديث من علي بن زيد بن جدعان عن ابن مهران عن ابن عباس، فأخطأ، فرواه عن عدي بن ثابت وعطاء بن السائب! وعلي بن جدعان له أحاديث كثيرة في التفسير عن يوسف بن مهران عن ابن عباس، وكثير منها من الإسرائيليات، وفيها مناكير!! وشعبة يروي من هذه النسخة عن علي بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس، وكأن هذا الحديث منها، فالله أعلم.
    وأنا استغرب أن يُحدّث عدي بن ثابت وعطاء بن السائب بهذا الحديث عن سعيد بن جبير، ولا يرويه عنهما إلا شعبة! وأنا لا أشكك في حفظ شعبة، بل هو جبل من جبال الحفظ، ولكن الوهم والخطأ لا يَسلم منه أحد.
    فالحديث فيه نكارة شديدة، والنقّاد إذا استنكروا حديثاً بحثوا عن علة في إسناده، فإن لم يجدوا أعلوه بالتدليس. وهنا يمكن إعلال الحديث بوهم شعبة، ولا يضيره ذلك، فوهمه بالنسبة لما يرويه لا يُذكر رحمه الله.
    وكأنه وهم في هذا الحديث وكان يخطئ في اسم ابن مهران كذلك.
    وقال أبو داود: "وقال شعبة عن علي بن زيد عن يوسف بن ماهك، وإنما ذا يوسف بن مهران"- يعني أن شعبة وهم.
    قال عبدالله بن أحمد في ((العلل ومعرفة الرجال)) (2/157): سمعت أبي يقول: "أخطأ شعبة في حديث علي بن زيد عن يوسف بن مهران. فقال: يوسف بن ماهك، وهو خطأ إنما هو: ابن مهران".

    · إشارة ذكية من البخاري:
    وهناك إشارة ذكية من إمام الأئمة الإمام البخاري توحي إلى الحذر من حديث يوسف بن مهران، وهذا لا يعني اتهامه، وإنما التحذير من الروايات الإسرائيلية التي يرويها، فكأنه لم يكن بذاك في الحديث.
    ذكر البخاري في ترجمته من ((التاريخ الكبير)) (8/375) قال: "وروى منصور بن صفية عن يوسف صاحب الكتب. قال منصور: وكان رجلاً يكون مع ابن الزبير، وكان يهودياً فأسلم".
    قلت: فهذا يدل على أنه كان عنده كتب من أهل الكتاب لأنه كان يهودياً، فكأن البخاري يحذر من روايته، وقد تتبعت كثيراً من أحاديثه فوجدتها من الإسرائيليات المنكرة.
    والخلاصة أن حديث جبريل أصله من حديث ابن مهران هذا، وهو حديثٌ منكرٌ، لا يصح الاحتجاج به.
    وقد استغرب الذهبي هذا الحديث في ((سير أعلام النبلاء)) (13/306). والله تعالى أعلم وأحكم.

    · من أرسل الحديث:
    وقد أرسل هذا الحديث جماعة من السلف، منهم: قتادة وإبراهيم التيمي وميمون بن مهران.
    روى الطبري في ((تفسيره)) (11/163) عن محمد بن عبدالأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: أخبرني من سمع ميمون بن مهران يقول في قوله: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} قال: "أخذ جبرائيل من حمأة البحر فضرب بها فاه -أو قال ملأ بها فاه- مخافة أن تدركه رحمه الله".
    وروى أيضاً عن محمد بن عبيد، عن عيسى بن المغيرة، عن إبراهيم التيمي: أنّ جبرائيل قال: "ما خشيت على أحد من بني آدم الرحمة إلا فرعون، فإنه حين قال ما قال خشيت أن تصل إلى الرب فيرحمه، فأخذت من حمأة البحر وزبده فضربت به عينيه ووجهه".
    قلت: وهذه إشارة إلى أن هذا الحديث كان عند أهل الكوفة مرسلاً، وكذلك في البصرة، فكيف يرويه عدي بن ثابت وعطاء بن السائب متصلاً؟! وهذا مؤشر إلى وهم شعبة فيه.
    والخلاصة أن أصل الحديث مكيّ، وهو معروف في الكوفة والبصرة مرسلاً، فلو كان عندهم متصلاً لما احتاج قتادة وإبراهيم التيمي وغيرهما أن يرسلوه، وكيف يكون عند عدي بن ثابت وعطاء ولا يرويه غير شعبة عنهما؟! وأصحابهما في الكوفة كثر!

    · سؤال؟!
    وقد يرِد سؤالاً: بيّن شعبة في بعض رواياته عن عدي وعطاء أن أحدهما رفعه، وهذا يؤكد أن شعبة سمعه منهما!
    قلت: قد يكون شعبة توهم في هذا؛ لأنه يشك في بعض الأحاديث، فبقي في حفظه هذا، أي أنه حفظه على الوهم، فبقي هذا الوهم في حفظه، وهذا له شواهد عند أهل النقد، والله أعلم.

    · حديث لشعبة ضرب عليه الإمام أحمد لنكارة في متنه!
    وها هو حديث لشعبة تفرد به ضَرب عليه الإمام أحمد لمخالفته أحاديث صحيحة أخرى:
    روى الإمام أحمد في ((المسند)) (2/301) عن محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي التياح، قال: سمعت أبا زرعة يحدث، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يهلك أمتي هذا الحي من قريش)). قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: ((لو أن الناس اعتزلوهم)).
    قال عبدالله: وقال أبي في مرضه الذي مات فيه: "اضرب على هذا الحديث؛ فإنه خلاف الأحاديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم -يعني قوله: اسمعوا وأطيعوا واصبروا".
    قلت: وهذا الحديث تفرد به شعبة عن أبي التياح! وقد رواه البخاري في ((صحيحه)) (3/1319) عن أبي أسامة، قال: حدثنا شعبة، عن أبي التياح، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، مثله.
    قال البخاري: قال محمود: حدثنا أبو داود: أخبرنا شعبة، عن أبي التياح: سمعت أبا زرعة.
    ورواه مسلم أيضاً في ((صحيحه)) (4/2236) من طريق أبي أسامة وأبي داود، عن شعبة، في معناه.
    فالإمام أحمد يرى أنه منكر، والإمامان البخاري ومسلم يخالفانه، فالله أعلم.

    · شواهد الحديث:
    وللحديث شاهدان باطلان، هما:
    1- روى ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (11/163) عن ابن حُميد. وابن عَدي في ((الكامل)) (2/381)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/44) من طريق علي بن بحر بن بري القطان، عن حكّام بن سلم الرازي، عن عنبسة قاضي الريّ، عن كثير بن زادان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال جبريل: لو رأيتني يا محمد وأنا أعطه بإحدى يدي -يعني فرعوناً- وأدس من الحال في فِيه مخافة أن تدركه رحمة ربه فيغفر له)).
    قال عثمان بن سعيد: قلت ليحيى بن معين: كثير بن زاذان، من هو؟ قال: "لا أعرفه".
    وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عنه؟ فقالا: "هذا شيخٌ مجهول. لا نعلم أحداً حدّث عنه إلا ما روى ابن حميد عن هارون بن المغيرة عن عنبسة عنه". (الجرح والتعديل: 7/151).
    وقال الذهبي في ((السير)) (13/306): "كثيرٌ فيه جهالة".
    قلت: وهو –وإن كان لا يعرف- إلا أن العلة في الحديث من حكّام، وهو وإن كان ثقة إلا أن له غرائب عن عنبسة. (تهذيب الكمال: 7/85).
    ويدلّ على ذلك أن حكاماً رواه عن شعبة على الوجه الصحيح. فكأنه كان يخطئ فيه. رواه الطبري في ((تفسيره)) (11/163) من طريق عمرو بن رافع القزويني عن حكام قال: حدثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: ((لما قال فرعون لا إله إلا الله جعل جبرائيل يحشوا في فيه الطين والتراب)).
    2- روى الطبري في ((تفسيره)) (11/164) عن أبي خالد الأحمر. وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (6/1982) عن أبي سعيد الأشج عن أبي خالد الأحمر، عن عمر بن عبدالله بن يعلى الثقفي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، نحوه.
    قلت: عمر بن عبدالله هذا متفقٌ على ضعفه.
    قال عبدالله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: "ضعيف الحديث". وكذلك قال عباس الدوري عن يحيى ابن معين وأبو حاتم والنسائي. زاد أبو حاتم: "منكر الحديث".
    وقال عثمان بن سعيد الدارمي عن يحيى: "ليس بشيء".
    وقال عبدالرحمن ابن أبي حاتم عن أبي زرعة: "ليس بقوي". قيل له: فما حاله؟ قال: "أسأل الله السلامة".
    وقال البخاري: "يتكلمون فيه".
    وقال جرير بن عبدالحميد: "كان عمر بن يعلى بن الثقفي يشرب الخمر".
    وقال الدارقطني: "متروك". (تهذيب الكمال: 21/419).

    · خطأ على شعبة في إسناد هذا الحديث!
    روى الطبري في ((تفسيره)) (11/163) عن الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((جعل جبرائيل يدس أو يحشو في فم فرعون الطين مخافة أن تدركه الرحمة)).
    قلت: هذا الإسناد خطأ! فالحديث رواه جماعة عن شعبة عن عطاء بن السائب و عدي بن ثابت.
    والخطأ من الحسين بن عمرو، وهو ضعيف، يتكلمون فيه.

    والخلاصة أن أهم قاعدة في نقد المتن هو تطلب علة إسنادية للحديث المُستَنكر لئلا يتبع بعض الناس أهواءهم في ردّ الأحاديث الصحيحة لمخالفتها عقولهم القاصرة!
    وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

    وكتب: خالد الحايك.
    http://addyaiya.com/uin/arb/Viewdataitems.aspx?ProductId=1 43

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي

    وفقكم الله وجزاكم الله خيرا شيخنا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    آمين ، وإياكم ، بارك الله فيكم ونفع بكم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •