تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 19 من 19

الموضوع: علماء طي النسيان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    7,909

    افتراضي علماء طي النسيان

    بسم الله ، والحمد لله.
    أمَّا بعد: فهذا موضوع كنت قد بدأتُه على صفحتي الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ، أترجم فيه لبعض العلماء الذي خفت صيتهم ، وبعد عهد طلبة العلم بهم ، وكذلك بعض العلماء الذين اشتهروا لكن عند البحث عن ترجمتهم يصعب الوقوف على مصادر ترجمتهم ، واخترت للسلسلة عنوان : (علماء طي النسيان ) أو (علماء منسيون )، رأيت أن أنقله هنا للفائدة ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
    قال أبو عبدِ الله ابنِ الأعرابي:
    لنا جلـساء مـا نــمَلُّ حـدِيثَهم *** ألِبَّاء مأمونون غيبًا ومشهدا
    يُفيدوننا مِن عِلمهم علمَ ما مضى *** وعقلًا وتأديبًا ورأيا مُسدَّدا
    بلا فتنةٍ تُخْشَى ولا سـوء عِشرَةٍ *** ولا نَتَّقي منهم لسانًا ولا يدا
    فإن قُلْتَ أمـواتٌ فلـستَ بكاذبٍ *** وإن قُلْتَ أحياءٌ فلستَ مُفَنّدا


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    نفع الله بكم فضيلة الشيخ علي.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    منذ أن رأيته وقع في قلبي أن أنصحك بهذا الذي فعلت، جزاك الله خيرًا
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    7,909

    افتراضي

    جزاكما الله خيرًا ، وبارك فيكما .
    قال أبو عبدِ الله ابنِ الأعرابي:
    لنا جلـساء مـا نــمَلُّ حـدِيثَهم *** ألِبَّاء مأمونون غيبًا ومشهدا
    يُفيدوننا مِن عِلمهم علمَ ما مضى *** وعقلًا وتأديبًا ورأيا مُسدَّدا
    بلا فتنةٍ تُخْشَى ولا سـوء عِشرَةٍ *** ولا نَتَّقي منهم لسانًا ولا يدا
    فإن قُلْتَ أمـواتٌ فلـستَ بكاذبٍ *** وإن قُلْتَ أحياءٌ فلستَ مُفَنّدا


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    7,909

    افتراضي

    ( 1 )
    الشَّيخُ محمّد بنُ أحمدَ بنِ محمّد بنِ عبد السلام بنِ خضر، الشُّقَيريُّ، الحَوامِدِيُّ، صاحبُ كتابِ "السُّنن والمبتدعات".
    ولد ببلدة بني شُقير بمحافظة المنيا سنة 1901م.
    لم يحصلْ على أيِّ مؤهلٍ دراسي؛ لذلك بدأ حياتَه عاملًا بمصنعِ السُّكَّر بالحوامدية التابعة لمحافظةِ الجيزة.
    وأصبحَ نقيبًا للعمال في كلِّ جمهورية مصر.
    وكان عضوًا في جماعةِ أنصارِ السُّنَّةِ المحمَّدية، وهو الذي أسَّسَ فرعَ الجمعية بالحوامدية.
    كانت له علاقةٌ حسنةٌ بالعلَّامة الشيخ محمَّد رشيد رضا، والعلَّامة الشيخ محمَّد حامد الفقي رحم الله الجميع.
    توفي يوم الأحد 12 جمادى الآخرة سنة 1371هـ = 9 مارس 1952م.
    له عدَّة مصنَّفات ، أشهرها:
    - "السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات"، مطبوع ومتداول ، بل غلبت شهرتُه شهرةَ مُصنِّفِه رحمَه الله.
    قرَّظه الشيخ محمَّد رشيد رضا في مجلة المنار ، وكتبَ عنه الشيخُ محمَّد حامد الفقي، وقال عنه: "هذا كتاب السنن والمبتدعات لأخينا الصالح المجاهد الصابر المحتسب الشيخ محمد أحمد عبد السلام ..".
    - "المِنحةُ المحمَّدية في بيانِ العقائد السَّلفية"، مطبوع .
    - "القولُ الجليُّ في حكمِ التَّوسُّلِ بالنَّبي والولي"، مطبوع، ومعه تعليقات للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله.
    وغير ذلك رحمه الله وأسكنه الجنة.
    الصور المرفقة الصور المرفقة
    قال أبو عبدِ الله ابنِ الأعرابي:
    لنا جلـساء مـا نــمَلُّ حـدِيثَهم *** ألِبَّاء مأمونون غيبًا ومشهدا
    يُفيدوننا مِن عِلمهم علمَ ما مضى *** وعقلًا وتأديبًا ورأيا مُسدَّدا
    بلا فتنةٍ تُخْشَى ولا سـوء عِشرَةٍ *** ولا نَتَّقي منهم لسانًا ولا يدا
    فإن قُلْتَ أمـواتٌ فلـستَ بكاذبٍ *** وإن قُلْتَ أحياءٌ فلستَ مُفَنّدا


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    7,909

    افتراضي

    ( 2 )
    فضيلة الشيخ عبد العزيز محمد عيسى، أحد علماء الأزهر الكبار.
    ولد يوم الثلاثاء 13 رجب سنة 1326هـ = 11 أغسطس 1908م بمركز شبراخيت بمحافظة البحيرة.
    كان والده الشيخ محمد عيسى من مشاهير علماء القراءات في عصره.
    حفظ القرآن صغيرًا ، وتعلم في الأزهر فحصل على الثانوية الأزهرية سنة 1928م، ثم على العالمية النظامية سنة 1932م وكان الأول على دفعته، ثم التحق بقسم التخصص - في البلاغة والأدب - لمدة ثلاث سنوات حصل بعدها علي شهادة التخصص عام 1353هـ/1935 م.
    نال إجازة التدريس من كبار شيوخ الأزهر وهو دون العشرين مما جعله أستاذًا لشيوخٍ يقاربونه في السن مثل الشيخ محمد متولي الشعراوي، والشيخ جاد الحق علي جاد الحق.
    عين - فور تخرجه - مدرسًا للغة العربية والعلوم الشرعية في معهد القاهرة الثانوي، وقضى فيه مُدرِّسًا نحو اثنى عشر عامًا، بعدها اختير مدرسًا في كلية اللغة العربية ولكنَّه طالب بنقله إلى كلية الشريعة الإسلامية، فنُقل إليها عام 1367هـ/ 1948م ليعمل بها مدرساً للفقه الإسلامي وأصول الفقه، وأصبح زميلاً لجماعة من علماء الأزهـر الكبــــار مـــن أمثــــال: الشيخ محمود شلتوت والشيخ عبد المجيد سليم.
    وقد وقع اختيارهما عليه سنة 1947م ليكون مدير لتحرير مجلة رسالة الإسلام التي كانت تصدرها جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية بالقاهرة.
    وقد تدرج الشيخ عبد العزيز في وظائف مختلفة، فكان شيخًا لمعهد القاهرة الأزهري، ثم شيخاً لمعهد البعوث الإسلامية، ثم صدر قرار الأزهر بتعيينه مديرًا عامًا للتعليم الإعدادي في الأزهر الشريف، ثم اختير مفتشًا في الأزهر للعلوم الشرعية والعربية، ثم تدرج في المناصب العليا إلى أن صدر قرار جمهوري في 3 رجب 1392هـ / 12 أغسطس1972 بتعيينه وكيلاً للأزهر الشريف، ثم وزيراً لشئون الأزهر في المحرم1392هـ/مارس1973م، وهو أول شخص يتولى منصب هذه الوزارة - التي استحدثت في مجلس الوزراء المصري حينذاك - ولكنَّه استقال من منصبه بعد فترة قصيرة رأى الشيخ الجليل أن يترك منصب الوزارة إلى حيث الحياة الحرة مع العلم والشريعة، بعد أن أمضى في منصب الوزارة قرابة عامين، وخلفه في هذا المنصب الشيخ محمد متولي الشعراوي.
    ورغم علمه وتفوقه وسعة اطلاعه كان زاهدًا في التصنيف ، وإذا سئل عن ذلك يشير إلى مؤلفات العلماء الكبار في مكتبته ويقول: "إنِّي لأستحي أن أضع نفسي إلى جوار هؤلاء ".
    لذلك لم يترك غير كتابين:
    - "كيف تحج وتعتمر" ، وهو مطبوع ، يوجد منه نسخة مصورة على موقع المكتبة الوقفية.
    - "الأدب العربي في الأندلس"، الظاهر أنَّه بحثه في التخصص ، أشار عليه بعض أساتذته أن يطبعه.
    - وذكر شيخنا محمد خير رمضان يوسف في "تتمة الأعلام" (5 / 172 - دار الوفاق) أن له مجموعة كبيرة من المقالات والبحوث العلمية والاجتماعية والأحاديث الإذاعية .. نشر بعضها بعنوان "على طريق النصر" سنة 1373هـ.
    وكانت وفاته رحمه الله بالقاهرة وفيها دفن مساء الأربعاء الثاني من نوفمبر 1994م = 1415هـ.
    من مصادر ترجمته: "من أعلام الإسلام"، للدكتور محمد عبد المعم خفاجي، (ص 180)، و"تتمة الأعلام"، لشيخنا محمد خير رمضان ( 5 / 172 - دار الوفاق).
    رحمه الله وأسكنه الجنة.
    قال أبو عبدِ الله ابنِ الأعرابي:
    لنا جلـساء مـا نــمَلُّ حـدِيثَهم *** ألِبَّاء مأمونون غيبًا ومشهدا
    يُفيدوننا مِن عِلمهم علمَ ما مضى *** وعقلًا وتأديبًا ورأيا مُسدَّدا
    بلا فتنةٍ تُخْشَى ولا سـوء عِشرَةٍ *** ولا نَتَّقي منهم لسانًا ولا يدا
    فإن قُلْتَ أمـواتٌ فلـستَ بكاذبٍ *** وإن قُلْتَ أحياءٌ فلستَ مُفَنّدا


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    7,909

    افتراضي

    ( 3 )
    الشيخ العالم الدّاعية الدكتور فؤاد علي مخيمر.
    ولد بقرية كُوم حَلِّين من قُرى مركز منيا القَمْح بمحافظة الشرقية في يوم الجمعة 15 ربيع الأول سنة 1358هـ = 5 مايو 1939م.
    حفِظ القرآنَ صغيرًا ، وتعلَّم في الأزهرِ حتّى تخرَّج في كلية الدراسات العربية والإسلامية بجامعة الأزهر بتقدير جيد جدًّا مع مرتبة الشرف سنة 1973م.
    وحصل على الماجستير من شعبة اللغويات سنة 1975م، في موضوع "المسائل النحوية والصرفية من الجزء السابع من لسان العرب لابن منظور".

    وحصل على الدكتوراه سنة 1979م في تحقيق جزء من كتاب "الفريد في إعراب القرآن المجيد"، للمُنتَجَب الهَمذاني (ت 643 هـ).
    ثم ترَقَّى إلى درجةِ الأستاذية سنة 1990م.
    عمل رئيسًا عامًّا للجمعية الشَّرعيَّة ، ومن خلال الجمعيّة طوَّر العديدَ من المشروعات الخيرية فكانت الجمعيَّة تكفلُ في فترةِ رئاستِه أكثر من ثلاثمائة ألف يتيمٍ ، إلى جانبِ تشغيل العديد من العيادات الطبية ومراكز غسيل الكُلَى .. وغير ذلك.
    توفي يوم السبت 14 صفر سنة 1423هـ = 27 أبريل سنة 2002م، ودُفن حيث وُلِد بقرية كوم حَلّين.
    صنَّف العديدَ من الكتب ، أهمّها:
    - "السنة والبدعة بين التأصيل والتطبيق"، مطبوع.
    - "فلسفة عبد القاهر الجرجاني النحوية في دلائل الإعجاز"، مطبوع.
    - "النحو منهجًا وتطبيقًا".
    له ترجمة حسنة في "تتمة الأعلام"، لشيخنا محمد خير رمضان (7 / 27 - دار الوفاق)، وفي "ذيل الأعلام"، للأستاذ أحمد العلاونة (3 / 145).

    الصور المرفقة الصور المرفقة
    قال أبو عبدِ الله ابنِ الأعرابي:
    لنا جلـساء مـا نــمَلُّ حـدِيثَهم *** ألِبَّاء مأمونون غيبًا ومشهدا
    يُفيدوننا مِن عِلمهم علمَ ما مضى *** وعقلًا وتأديبًا ورأيا مُسدَّدا
    بلا فتنةٍ تُخْشَى ولا سـوء عِشرَةٍ *** ولا نَتَّقي منهم لسانًا ولا يدا
    فإن قُلْتَ أمـواتٌ فلـستَ بكاذبٍ *** وإن قُلْتَ أحياءٌ فلستَ مُفَنّدا


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    7,909

    افتراضي

    ( 4 )
    الدكتور محمد مرسي الخولي

    الدكتور محمَّد مُرسي الخُولي من أولئك المخلصينَ الذين أفنَوا حياتَهم في خدمةِ التُّراثِ العربيِّ الإسلاميِّ، لا يعرفُه أكثرُ المُشتغلينَ بالثَّقافةِ العربيَّةِ اليومَ، بل لا يعرفُه أكثرُ الذين يعملونَ في تحقيقِ التُّراثِ الإسلاميِّ ، المعلومات عنه قليلةٌ ونادرةٌ.
    اسمُه : محمّد محمّد مُرسي الخُولي ، وُلد سنة 1349هـ = 1930م ، وتُوفي سنة 1402هـ = 1982م.
    تعلَّمَ في الأزهر، وتخرَّجَ في كليَّةِ اللغةِ العربيَّةِ سنة 1378هـ .
    وحصَل على الماجستير من الكلية نفسِها سنة 1389هـ = 1969م عن رسالة بعنوان "أبو الفتح البستي وتحقيق ديوان شعره"، طُبِعتْ بعنوان "أبو الفتح البُستيُّ: حياتُه وشعرُه".
    وحصَل على الدكتوراه من نفس الكلية سنة 1395هـ، عن رسالة بعنوا "المعافى بن زكريا النَّهروانيُّ وتحقيقُ كتابِه الجليسُ والأنيس"، وقد طُبع هذا الكتاب "الجليسُ الصَّالحُ الكافي والأنيسُ النَّاصحُ الشَّافي" بعد وفاته بتحقيقِه بالاشتراك مع الدكتور إحسان عباس بدار عالم الكتب سنة 1413هـ = 1993م.
    التحَقَ بالعملِ بمعهدِ المخطوطات العربيَّة التَّابعِ لجامعةِ الدول العربيَّةِ وظلَّ يعملُ به إلى أن وافته المنيَّةُ سنةَ 1402هـ = 1982م.
    كان يُشرفُ على تحريرِ مجلَّةِ معهدِ المخطوطات ونشرةِ أخبارِ التُّراثِ العربيِّ الصَّادرةِ عن المعهد.

    له تحقيقات أخرى أهمها:
    - "بَهجَةُ المَجَالسِ وأُنْسُ المُجَالِسِ"، لابن عبد البر القرطبي.
    - "أخبارُ الأذكياءِ"، لابن الجوزي.
    - "البُرصانُ والعُميانُ والعُرجانُ"، للجاحظ.
    - "مُحاضرةُ الأبرارِ ومُسامرةُ الأخيارِ"، لابن عربي.
    له ترجمةٌ في "تتمة الأعلام"، لشيخنا الشيخ محمد خير رمضان يوسف (8 / 293 - دار الوفاق).
    رَحِمه اللهُ وأجْزَلَ له المَثوبَةَ.

    الصور المرفقة الصور المرفقة
    قال أبو عبدِ الله ابنِ الأعرابي:
    لنا جلـساء مـا نــمَلُّ حـدِيثَهم *** ألِبَّاء مأمونون غيبًا ومشهدا
    يُفيدوننا مِن عِلمهم علمَ ما مضى *** وعقلًا وتأديبًا ورأيا مُسدَّدا
    بلا فتنةٍ تُخْشَى ولا سـوء عِشرَةٍ *** ولا نَتَّقي منهم لسانًا ولا يدا
    فإن قُلْتَ أمـواتٌ فلـستَ بكاذبٍ *** وإن قُلْتَ أحياءٌ فلستَ مُفَنّدا


  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا شيخ علي .
    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي

    جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل على هذا الموضوع الجميل الماتع النافع
    ولعل لي لفتة جميلة حول هذا الموضوع في مبحث " كشف اللثام "
    لكن بصفة خاصة " المحققين " لكتب التراث الإسلامي
    وفقكم الله

  11. #11

    افتراضي علماء طي النسيان

    انا ابحث عن مذكرات عن المناظر رحمة الله الهندي أريد مساعدتكم

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: علماء طي النسيان

    الشيخ أحمد فهمي أبو سنة – الفقيه الكبير


    هذه رحلتي وهذا عطائي.. سيرتي بقلمي*
    14/10/2003

    بقلم الشيخ/ أحمد فهمي أبو سنة
    اسمي أحمد فهمي أبو سنة ولدت في محافظة الجيزة مركز الصف سنة 1909، حفظت القرآن الكريم على يد جدي الشيخ محمود خليفة أبو سنة رحمه الله، وتلقيت عليه من القرآن الكريم بعض الكتب الصغيرة في علمي التجويد والنحو، وكان للكتاتيب على أيامنا دور بارز في نشر كتاب الله تعالى.
    في رحاب الأزهر الشريف
    ولما جاوزت السنة 11 من عمري التحقت بالأزهر سنة 1921 وقطعت مرحلتيه الابتدائية والثانوية في القاهرة، وتلقيت فيهما العلم على يد كثير من كبار علماء الأزهر في ذلك الوقت مثل الشيخ يوسف حجازي في الفقه، والشيخ عبد الرءوف الرفاعي في النحو، والشيخ محمد المدلل، وغيرهم الكثير.
    وأذكر أنه قد ألغيت الدراسة الأزهرية وأنا في السنة الأولى من القسم الابتدائي؛ بسبب قيام المظاهرات ضد الاحتلال الإنجليزي، واشتراك طلاب الأزهر فيها، وبطبيعة الحال لم يحصلوا علما فتعطلت الدراسة وألغيت الامتحانات، ثم عادت الدراسة مرة أخرى في العام التالي 1922/ 1923.
    وأذكر من زملائي في تلك الفترة على سبيل المثال الدكتور حسن عون الأستاذ بجامعة القاهرة قسم الدراسات العربية والحاصل على الدكتوراة من فرنسا، والأستاذ محمود الأزرق الذي عمل بالقضاء الشرعي بعد ذلك والشيخ شغبون، وغيرهم الكثير.
    أما عن نظام الدراسة في هذين القسمين فقد كانت محببة للجميع، وكنت مع دراستي أحب الاطلاع على الكتب، ولا سيما كتب الفقه والأدب.
    ومع بداية التعليم الثانوي سنة 26/ 1927 نشأ على عهدنا منهج في الأزهر متطور جمع فيه بين علوم الأزهر المتعارفة القائمة على المتون والشروح وبين العلوم الحديثة كالطبيعة والكيمياء والرياضيات والجغرافيا والتاريخ، فكان الطالب يدرس دراسة مزدوجة في عهد مشيخة الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي، ثم أدركنا مشيخة الشيخ محمد مصطفى المراغي الأولى سنة 1928، ثم مشيخة الشيخ الأحمدي الظواهري سنة 1929، وكان ذلك في آخر القسم الثانوي.
    في التعليم العالي
    ثم انتقلنا إلى السنة الأولى من القسم العالي في سنة 1931، وهي ذات الدراسة على النظام القديم حضرناها في الجامع الأزهر على يد كثير من العلماء أمثال الشيخ أحمد عبد السلام في الفقه والشيخ حامد جاد في التفسير، وغيرهما.
    وفي هذا الوقت بدأت كلية الآداب بجامعة القاهرة تفتح أبوابها لطلاب الأزهر ودار العلوم، وكنت من الذين تاقت أنفسهم للتعرف على التعليم الجامعي، فجمعت بين النظامين الأزهري والجامعي، وكنت أتلقى العلم هنا وهناك ساعدني في ذلك تشجيع الأساتذة لي في كلية الآداب الذين درست على أيديهم أمثال الدكتور أمين الخولي في الحديث، والدكتور أحمد أمين في قاعة البحث، والدكتور إبراهيم مصطفى في النحو، والدكتور أحمد الشايب في الأدب.
    وكان ذلك على عهد طه حسين الذي فتح باب الالتحاق بكلية الآداب وشجع عليه الطلاب وبخاصة طلاب الأزهر ودار العلوم.
    وما هي إلا شهور معدودة وقد أوشك العام الدراسي على الانتهاء وعلم والدي رحمه الله وكان من أقران أساتذتي في كلية الآداب برغبتي في المضي في التعليم الجامعي على حساب دراستي في الأزهر، فأقنعني وأقنع أساتذتي -لمعرفته بهم باعتبار أن أغلبهم من دار العلوم أو القضاء الشرعي- بعودتي للأزهر والتفرغ للدراسة الشرعية فيه وحده، فأكرمني الله بسبب بُعد نظر والدي رحمه الله.
    وبعد نجاحي في السنة الأولى من القسم العالي وبداية السنة الثانية منه افتتحت الكليات الأزهرية النظامية وهي الشريعة وأصول الدين واللغة العربية في عهد مشيخة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري.
    وبعد اطلاعي على مناهج الكليات الثلاث السابقة اخترت الالتحاق بكلية الشريعة فكان الطالب الذي أمضى سنة بالقسم العالي من أمثالي يلتحق بالسنة الثانية بكلية الشريعة مباشرة، بخلاف الطلاب الحاصلين على الثانوية الأزهرية فإنهم عند التحاقهم بالكلية يدخلون السنة الأولى كطلاب جدد على الدراسة الجامعية.
    ولذلك كانت الدراسة بالنسبة لنا شاقة فقد وزع علينا منهج الكلية على مدى ثلاث سنوات بدلا من أربع، أما عن أساتذتي في هذه المرحلة فهم على سبيل المثال الشيخ حسن البيومي، والشيخ يوسف المرصفي، والشيخ محمد عبد الفتاح العناني، أولئك الذين درسوا لي علم الأصول، والشيخ محمد عرفة في التفسير، والشيخ عبد الرحمن تاج شيخ الجامع الأزهر بعد ذلك.
    وأذكر أنني قطعت سنوات الكلية بجد وحزم حتى تخرجت ونلت الشهادة العليا منها، والحق يقال إن الذي وضع نظام الإصلاح بالأزهر وإنشاء الكليات هو الشيخ المراغي، ولكن الذي نفذ هذا الإصلاح هو الشيخ الأحمدي الظواهري، ثم عاد الشيخ المراغي في سنة 1936 وواصل إصلاحه للأزهر وتخرج على عهده أول فوج من طلاب الدراسات العليا قسم الأساتذة.
    أول دكتوراة في الأزهر
    وفي سنة 1935 التحقت بالدراسات العليا بالكلية وكانت مدتها طويلة وبلا مكآفات تشجيعية في هذه المدة، فلما جاء الشيخ المراغي قرر منح طلاب هذا القسم مكآفات أعانتهم على الاستمرار فيه.
    وفي سنة 1940 نجحت في الدراسات العليا وحصلت على الشهادة العالمية من درجة أستاذ دكتوراة كمتخصص في الفقه والأصول وتاريخ التشريع، وكان نظام التخصص على عهدنا قسمين:
    ( أ ) القسم الأول:
    1 – تخصص للحصول على العالمية مع إجازة التدريس، وكانت مدته سنتين يعمل بها صاحبها مدرسا في المعاهد الأزهرية.
    2 – تخصص للحصول على العالمية مع إجازة القضاء بعدها، وصاحبها يكون قاضيا في المحاكم الشرعية.
    ( ب ) أما القسم الثاني من التخصص فهو تخصص المادة للحصول على العالمية من درجة أستاذ، وكانت مدته ست سنوات متواصلة ينتقى طلابه من الأوائل؛ ليعملوا فور تخرجهم ونجاحهم مدرسين في الكلية نفسها.
    وكان موضوع رسالتي العرف في رأي الفقهاء والأصوليين، وأذكر أنها كانت أول رسالة قدمت على هذا النظام الجديد، فقد كنت أول من نوقش في القسم على النظام الجديد للحصول على الدكتوراة، وهذه الأولية هي أولية زمانية بمعنى كوني الأول في القسم الذي نوقشت رسالته؛ لأن اسمي يبدأ بالهمزة والهمزة أول حروف العربية.
    كان معي في الدراسات العليا من الزملاء الشيخ محمد أبو النور زهير، الشيخ أحمد ندا، والشيخ طه العربي، والشيخ سيد جهلان.
    وعن نظام امتحان العالمية من درجة أستاذ “الدكتوراة” فكان يتكون من مرحلتين على الطالب أن يجتازها بنجاح وكانت المرحلة الأولى عبارة عن:
    – إلقاء محاضرة عامة
    – مناقشة في مسألة علمية؛ يسمى الامتحان فيها بالامتحان في التعيين
    – امتحان تحريري
    وكانت اللجنة المؤلفة لتقييم المحاضرة والتعيين مؤلفة من سبعة أشخاص برئاسة الشيخ المراغي وعضوية الشيخ عبد المجيد سليم مفتي مصر والشيخ إبراهيم الجبالي والشيخ أحمد أبو النصر والشيخ محمد عبد الفتاح العناني والشيخ عيسى منون والشيخ محمود أبو دقيقة رحمهم الله جميعا، فإذا اجتاز الطالب هذا الامتحان بنجاح يتأهب بعد ذلك للمرحلة الثانية وهي إعداد رسالته تمهيدا لمناقشتها وتقييمها بعد كتابتها عن طريق لجنة أخرى وهي اللجنة الخماسية وكانت مؤلفة من الشيخ المراغي رئيسا وعضوية الشيخ عبد المجيد سليم والشيخ الفقيه الحقوقي أحمد إبراهيم والشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر بعد ذلك والشيخ يوسف المرصفي، وكانت رسالتي للدكتوراة أول مناقشة علنية في ظل نظام الشيخ المراغي الذي ظل معمولا به حتى 1961، وقد دعا الشيخ المراغي إلى هذا الامتحان كبار الشخصيات وعلية القوم من أمثال لطفي السيد باشا وغيره.
    أما عن مكان مناقشة الرسالة فهو نفس مبنى كلية الشريعة القديم قبل إنشاء المبنى الجديد بالدراسة وهذا المبنى القديم في الأصل كان مدرسة للقضاء الشرعي قبل إلغائها وقيام كلية الشريعة مكانها، وهذا المبنى يعرف الآن بمعهد البرموني الأزهري.
    وقد اكتظ المبنى بالحاضرين من الضيوف والطلاب يوم المناقشة واستحال تنظيم الجلسة حتى خشي المنظمون لها من تصدع المبنى، فقال الشيخ المراغي رحمه الله بالحرف الواحد كما رأيت في مجلة “الاثنين والدنيا”: لولا أن يقال عن مشيخة الأزهر إنها لم تستطع ضبط النظام في امتحان عقد لأحد أبنائها لفض هذا الاجتماع وانتهت المناقشة بحصولي على لقب العالمية من درجة أستاذ في الفقه وأصوله وتاريخ التشريع، وللعلم ظل هذا اللقب معمولا به في الأزهر لمدة ثلاثين عاما حتى تغير إلى لقب الدكتوراة والذي ظهر في عام 1965.
    التدريس بالجامعات العربية
    وفي سنة 1941 عينت مدرسا في كلية الشريعة فأستاذا مساعدا فأستاذا، وظللت بها حتى سنة 1974، وهو سن الإحالة للمعاش غير أنه ابتداء من سنة 1960 كثرت إعاراتي إلى الجامعات العربية مثل دمشق سنة 60/1961، وجامعة ليبيا بكلية الحقوق سنة 1962، وجامعة بغداد سنة 1967، وأخيرا جامعة الملك بن عبد العزيز أم القرى الآن سنة 1972، وما زلت بها أستاذا للدراسات الشرعية حتى الآن وأحضر لمصر في الإجازات الصيفية.
    ومنذ تخرجي وعلى مدى 50 عاما تقريبا، وأنا معني بالدراسات الشرعية المختلفة بما في ذلك تخصصي في الفقه وأصوله وتاريخ التشريع، مثل السياسة التشريعية والاقتصاد الإسلامي ومقاصد الشريعة ومصطلح الحديث والتفسير، وأخيرا التصوف الذي اضطررت إلى تدريسه في الجامعة الليبية بسبب تغيب أستاذ المادة الدكتور عمر الشيباني، وكان ذلك أثناء فترة تدريسي بالجامعة الليبية.
    يتبع
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: علماء طي النسيان

    الشيخ أحمد فهمي أبو سنة – الفقيه الكبير


    هذه رحلتي وهذا عطائي.. سيرتي بقلمي*
    14/10/2003

    بين مجمع البحوث الإسلامية ورابطة العالم الإسلامي

    وفي مشيخة الشيخ بيصار وبالتحديد في سنة 1980 عُينت عضوا في مجمع البحوث الإسلامية أثناء إعارتي لجامعة أم القرى بمكة، وبرغم إعاراتي لكثير من الجامعات العربية فقد حضرت العديد من جلسات المجمع، خاصة ما ينعقد منها في الإجازات الصيفية.
    ومن مظاهر التكريم التي حظيت بها طوال فترة حياتي أنني حصلت على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في العيد الألفي للأزهر الشريف سنة 1983، وفي نفس الوقت عُينت عضوا بمجمع الفقه التابع لرابطة العالم الإسلامي، حيث نجيب عن الفتاوى التي تعرض علينا في مؤتمرات مجمع الرابطة في صورة قرارات.
    وهذه المجامع مثل مجمع البحوث ومجامع الفقه الإسلامي الأخرى يجب أن تظل قائمة وأن يعظم نشاطها في بيان شرع الله وإصدار الفتاوى العلمية الصحيحة فيما يحتاج إليه الناس وفيما يختلف فيه الكاتبون في الصحف، فإن الناس لا يطمئنون إلا إلى أمثال المجامع وعلى رأسها مجمع البحوث في الأزهر حتى نمنع أي مفتئت على الشريعة بغير علم، وبذكر أحكام في الصحف ما أنزل الله بها من سلطان، وها نحن الآن نسمع في الربا أفكارا غريبة ينسبها الناشرون إلى الشريعة بتعليلات واهية ولا تستند إلى الحق في شيء والذي ينبغي أن يسأل فيه أهل الذكر وهم القائمون بهذه المجامع حتى يطمئن الناس على دينهم ومعاملاتهم.
    أما عن نشاطي في مجمع البحوث الإسلامية فأذكر أنه في مرة استفتاني المجمع وأنا بالسعودية في حكم شهادات الاستثمار فقلت بحرمة المجموعة (أ ، ب) منها معللا ذلك بالأدلة والأحكام في حينها أما المجموعة (ج) منها فذكرت رأيي وهو أن فيها شبهة ربا؛ لأنها ليست نوعا من المضاربة، فالذي يدفع للبنك ليس من أجل المساهمة في مشاريع الدولة، وإنما من أجل الكسب، فالدافع إنما يدفع انتظارا ليوم السحب فإن ظهر اسمه بين الفائزين نال الجائزة وإلا فلا، فهذا المال الذي يأخذ وقت السحب عند فوزه يأخذه مقابل ماذا؟! ولهذا ليست شهادات استثمار المجموعة (ج) ربا صريحا. وإنما فيها شبهة الربا بناء على ذلك.
    وفي مؤتمر الاقتصاد الإسلامي بمكة المكرمة المنعقد سنة 1976 عرضت علينا مسألة التأمين التجاري على الحياة فرفضناه كما رفضناه في الستينيات؛ لأنه باطل لما فيه من ربا وغرر وقمار، وإن كنا قد أجرينا بديلا عنه التأمين التعاوني القائم على إيداع مجموعة من الأفراد مقدارا معينا من المال لخدمة الأعضاء من علاج وإعانة، وما إلى ذلك من أنشطة للأعضاء بشرط أن ما يتبقى في الصندوق عند نهاية العام لا يرد ويجوز أن يستثمر عن طريق المضاربة والشركات ذات الربح الحلال، ثم يوزع الربح على المودعين كل بمقدار نسبة مساهمته في المشروع.
    الجهود العلمية ومنهجه فيها:
    مؤلفات وبحوث
    ومن أهم المؤلفات والبحوث التي نشرت لي:
    1- كتاب العرف في رأي الفقهاء والأصوليين وهي رسالتي للدكتوراة.
    2-كتاب الوسيط في أصول الفقه.
    3-كتاب نظرية الحق في الفقه الإسلامي.
    4-بحث حقوق المرأة السياسية في الإسلام.
    وهنا كتب تحت الطبع من أهمها:
    5 – نظرية العقد في الفقه الإسلامي.
    6 – عقد الزواج.
    7 – مقاصد الشريعة.
    8 – الاقتصاد الإسلامي.
    9 – محاضرات في أصول الفقه.
    10 – نظرية العقد ونظرية الملك ونظرية الضمان.
    11- فضلا عن إلقاء المحاضرات وحضور الندوات المختلفة في الفقه والاقتصاد الإسلامي منها محاضرة ألقيتها في جمعية الشبان المسلمين في سنة 1955/ 1956 بعنوان “حقوق المرأة في الإسلام”، وكانت ردا على دعاوى القائلين وقتها بأحقية المرأة في الحكم والقضاء، ولكن ما وصلت إليه من البحث والاطلاع بين لي أن المرأة لا تصلح للولايات العامة مثل الخلافة كرئيس أعلى للدولة أو القضاء كقاضية، وإن كانت تصلح للولايات الخاصة وعلى أثر ذلك استفتي الأزهر.
    12- تحرير بحوث ومقالات بمجلة الأزهر ومجلة رابطة العالم الإسلامي ومن بينها على سبيل المثال بحث في “الإشهار في العقود” وآخر باسم “حماية الفقه الإسلامي”.
    13- أحاديث إذاعية بغرض التعريف بالإسلام على هيئة فتوى فقهية بدأت في إذاعة بغداد أثناء إعارتي لجامعة بغداد سنة 1968.
    أما عن منهجي في بحوثي وكتبي فيقوم على الأدلة الشرعية الصحيحة من كتاب الله تعالى القرآن الكريم وسنة الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم وإجماع علماء المسلمين والقياس والمصالح المرسلة وأن يدون الفقه بأسلوب القواعد والنظريات.
    جبهة علماء الأزهر والشيخ أبو زهرة

    أما معرفتي بالشيخ أبي زهرة فقد تعرفت عليه حينما دعاني للاشتراك معه في إصدار موسوعة السنة، وكان ذلك في الخمسينيات حوالي سنة 56/1957، ثم تقابلنا معا بعد ذلك في جبهة علماء الأزهر وهي هيئة من كبار علماء الشريعة بمصر عددهم ما بين عشرين إلى ثلاثين عالما، وقد تكونت بغرض الدفاع عن الدين وما يصدر عن العامة من الشبه والانحرافات التي تنشر أو تفعل اعتداء على الشريعة، وكان مقر هذه الهيئة أحد المساجد الموجودة بشارع نوبار بالقاهرة. والواقع أن الشيخ أبا زهرة كانت ميزته التي تبرزه عن أقرانه هي كثرة مؤلفاته، فما من موضوع يمت إلى الشريعة ويشغل الناس إلا وكتب فيه كتابا مثل كتاب “العلاقات الدولية في الإسلام” و”التكامل الاجتماعي في الإسلام”، وكتب في الأعلام من الفقهاء وغير ذلك.
    والحق أن كتاباته جيدة وبخاصة الكتب التي درسها في الجامعة مثل كتبه عن الأئمة الأعلام، فالشيخ أبو زهرة ما قصر في حياته فقد صرف أيامه في الدفاع عن الشريعة. وأذكر قوله لي: “مما من الله علي أني كنت خاملا فرفعني طلب العلم” رحمه الله تلك كانت عبارته. وكان وهو يستقل القطار لإلقاء المحاضرات في جامعة الإسكندرية وغيرها من الجامعات يقطع وقته في الاطلاع؛ لذا أثرى المكتبة الإسلامية. أضف على هذا شجاعته في الحق فكان لا يخاف فيه لومة لائم، فقد اعترض على الربا، ورفض التأمين التجاري على الحياة أعلن رأيه صراحة وكنا في مؤتمر الفقه الإسلامي الذي انعقد في دمشق إبان الوحدة بين مصر وسوريا، وقد حضرت المؤتمر مندوبا عن الأزهر، وحضر الشيخ أبو زهرة مندوبا عن الجامعة المصرية وكان مقرر المؤتمر الشيخ علي الخفيف وأراد الشيخ الخفيف والدكتور مصطفى الزرقا جواز إباحة التأمين على الحياة فاعترضت مع الشيخ أبي زهرة على ذلك معتمدين على بيان الأدلة الشرعية في ذلك فرفض المؤتمر إجازته.
    الرسائل الجامعية
    بدأت التدريس في الدراسات العليا في الستينيات وبخاصة لطلاب الجزء الأول منها وهو الدراسة المنهجية للفقه وأصوله من الناحية النظرية تمهيدا لإعداد الطالب للجزء الثاني والأخير وهو تحضير الرسالة ومناقشتها، ثم شاركت وأشرفت على كثير من الرسائل العلمية أذكر منها رسالة بعنوان “الرخصة والعزيمة”، وكانت في آخر الستينيات وأخرى بعنوان “طرق القضاء” سنة 1974، ورسالة “فقه عمر” و”مقاصد الشريعة”، و”دلالة السكوت” لطالبة سعودية، و”رفع الحرج” سنة 1986 و”نظرية الخطأ”، و”تطور النقود في الإسلام”، و”السياسة المالية في الاقتصاد الإسلامي” وأخرى حول “العمل في الإسلام”.
    وهناك رسائل أخرى للدكتوراة قيد المناقشة منها “الحقوق المقدمة عند التزاحم” للطالبة السعودية شادية الكحكي، و”الأجل في عقد البيع” للطالب التركي عبد الله أوزجان و”الآثار الإسلامية للوقف” للطالب الكويتي عبد الله السميط
    مواقف وذكريات لا تنسى
    من الذكريات التي لا تنسى مشاهد الحج لبيت الله الحرام وكانت بالنسبة لي في سنة 1949، كنت وقتها مدرسا في كلية الشريعة بالقاهرة وذهبت مع بعثة الأزهر للسعودية لأداء مناسك الحج لأول مرة، ولا أستطيع أن أصف أو أعلل لك مدى فرحي وسروري وبهجتي وقتها.
    الموقف الثاني يوم تعييني مدرسا في كلية الشريعة التي مكنني فيها الله سبحانه وتعالى أن أفضي على طلابي بكل ما حذقت من العلم وما منحني الله من مواهب تساعد على ذلك، فما بخلت على طلابي بشيء أشعر أنه ينفعهم.
    وعن أعز أمنية لي وليس لي في الحياة بعدها حاجة هي إخراج كتبي التي كتبتها وهي قيد الطبع الآن، أما أمنيتي العامة هي أن يعود الأزهر إلى عهده الأول من إنهاضه للعلوم الإسلامية وترقية الناحيتين الدينية والعلمية وفي أذهان طلابه؛ حتى يكونوا مؤهلين لنشر دعوة الإسلام في الداخل الخارج
    بين العلم والحياة.. سيرة موجزة لعالم
    14/10/2003
    وفاء سعداوي
    هل كتب علينا ألا يغادرنا سرا ومن دون كلمة وداع إلا من كانوا يستحقون منا كل احتفاء وتكريم وأن تلهج الألسنة بذكرهم تقديرا ووفاء؟ وهل صار الرحيل في صمت وتعتيم هو دأب الأعلام والعلماء فصاروا إذا غابوا لم يُفتقدوا بعد أن حضروا ولم يُذكروا؟!

    أخشى أن تكون الإجابة نعم، وبكل أسف!
    فقد مضى ما يقرب من الشهر ولم نقرأ أو نسمع نبأ رحيل العلامة الأزهري وشيخ الأصوليين الدكتور أحمد فهمي أبو سنة أستاذ أصول الفقه بجامعتي الأزهر الشريف وأم القرى الذي وافاه الأجل ليلة السبت (23 رجب 1424 هـ= 20 سبتمبر 2003م)، والذي كان آخر حبة في عقد من العلماء المجددين العاملين من أبناء جيله (ولد 1909م)، فقد أمضى حياته كلها عالما ومعلما فنفع الله به كثيرا، وتخرجت عليه أجيال حملت لواء العلم والدعوة في بلده مصر وفي الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام والمغرب العربي وتركيا وكثير من أنحاء العالم الإسلامي.
    الكتاب الأعظم في بابه
    ولا يذكر شيخنا العلامة رحمه الله إلا ويذكر معه كتابه العظيم وهو أول كتبه “العرف والعادة في رأي الفقهاء والأصوليين” الذي وضعه قبل أكثر من 60 عاما وحصل به على أول دكتوراة من الأزهر الشريف (نوقشت في 20-1-1941) وهي شهادة العالمية من درجة أستاذ والتي أصبح لقبها الدكتوراة بدءا من عام 1961، فقد كان رائدا في بابه ومرجعا لكل ما كتب عن العرف والعادة في الفقه فيما بعد.
    وإذا كان ذلك الكتاب قد أدخل إلى باب تنزيل الأصول على الجزئيات فإن كتابه “الوسيط في أصول الفقه” يسهم في تقريب تلك الأصول ذاتها، فقد لمس الشيخ الجليل الصعوبة التي يجدها كثير من طلبة العلم الشرعي في فهم كتب التراث الأصولي لدقة عباراتها وصرامة منهجها من جهة، وللضعف العام الذي لحق الطالب لظروف وملابسات كثيرة لا مجال للخوض فيها هنا، من جهة أخرى. فأراد الشيخ أن يقرب عبارة أصل من أصول كتب السادة الأحناف وهو “كتاب التوضيح في حل غوامض التنقيح” للشيخ الإمام صدر الشريعة “الحفيد” ت 747هـ الذي وضح به كتابه “التنقيح” الذي نقح فيه أصول فخر الإسلام البزدوي فاختار الشيخ أبو سنة القسم الثاني منه وكان يقوم بتدريسه لطلبته بالسنة الثانية بكلية الشريعة عام 1955 فقرب صعبه وأوضح مشكله واستدرك وزاد عليه وخالفه ووافقه؛ فجاءت عبارته سهلة واضحة ومبينة وساعده على ذلك أنه كان رحمه الله يجمع منذ حداثته بين علوم الشريعة وعلوم الأدب واللغة فأفاد وأجاد، فجاء كتابه وسيطا بين الطلبة وبين علم باذخ حجبت أكثرهم منه صوارف العجز عن مواصلته وتفهمه.
    ولأن طبعة هذا الكتاب الوسيط في أصول الحنفية الأولى كانت قد صدرت قبل 45 عاما ونفدت منذ زمن طويل فقد أعاد تلميذه د. محمد سالم أبو عاصي الأستاذ بكلية أصول الدين بالأزهر إخراجه على صورته الأولى ليملأ مكانا شاغرا في الدراسات الأصولية، ويبل غلة أهل العلم وتشوقهم إلى مطالعته.
    تيسير الأصول لمن أراد الوصول
    وقد كان للشيخ أبو سنة رؤية في إصلاح الأزهر، من ركائزها أهمية تيسير علوم الدين للطلاب، وذلك بإعادة كتابتها بأسلوب جامع بين السهولة والتهذيب والتحقيق العلمي الكامل مع المحافظة على التراث الأول. وبهذه الروح كتب شيخنا بحوثه في أصول الفقه مقربا البعيد من أساليب الأوائل ومصفيا الرحيق من شهد الأكابر؛ لتكون لبنة من بناء النهضة الحديثة بالأزهر الشريف الذي وضع أساسها الشيخ مصطفى المراغي والشيخ الأحمدي الظواهري.
    وقد عرف عن الشيخ الجليل أبو سنة ولعه بكل ما يتعلق بالأصول علما وثقافة ومعايشة، حتى إنه من فرط حبه وإجلاله للإمام الفحل علم الأصوليين الكمال ابن همام، كان يَعُده صديقا شخصيا له فكان لا يذكره إلا ويقول: صديقي ابن الهمام، وكان عظيم الاهتمام بكتابيه “المسايرة” في العقائد و”التحرير” في الأصول، فنراه في هذه المحاضرات يتأثر بطريقة “صديقه” الكمال في كتابة الأصول، ورغم أنه كان حنفي المذهب أبا عن جد معتزا بذلك فإنه في كتابته الأصولية كان يجمع بين طريقة كل من الأحناف والجمهور، ويرجح ما يراه راجحا في ميزان التحقيق من غير نظر إلى موافقته أو مخالفته مذهبه، فقد كان معروفا بحبه للبحث والنظر، وتقليب وجوه الرأي، ورفضه التقليد والاتباع غير المستبصر لأقوال السابقين.
    وهذا المنهج الذي سلكه شيخنا في كتبه ومحاضراته حصل له بعد زمن طويل قضاه في ممارسة علوم الشريعة واللغة فقد كان والده قاضيا شرعيا ببلدته الصف وشاعرا ورئيسا للبعثة التي كانت تخرج من مصر بأمر السلطان حسين كامل لمساعدة المجاهدين في ليبيا بقيادة الملك إدريس السنوسي.
    في دمشق الفيحاء
    ومن الفترات التي كان الشيخ الجليل يعتز بها في حياته: عام قضاه في دمشق الفيحاء 1960- 1961 أثناء الوحدة بين مصر وسوريا؛ إذ كان يعتبرها أخصب سنوات حياته بركة في الوقت والجهد والنشاط، فقد درس فيها لطلاب كلية الشريعة بجامعة دمشق أصول الفقه بصفة أساسية وبعض المواد الأخرى الفرعية، ولاقى من تواصلهم ما بعث في نفسه الرغبة في المزيد من التجويد والإبداع فيما يلقيه عليهم، وقابل الطلبة ذلك بالحرص على كل ما يتلقونه من أستاذهم فعملوا على تجميع محاضراته وتنسيقها وكتبوها على الآلة الكاتبة وقابلوها على الشيخ الذي أعاد تحريرها وألف بينها على الوجه الذي نراه في كتابه: “دراسات أصولية – محاضرات في أصول الفقه”.

    مع طلابه وتلامذته
    وكان للشيخ مكتبة تحتل دورا بأكمله من منزله العامر بضاحية حلوان بالقاهرة على مساحة 160م تغطي حوائطها الآلاف من أمهات الكتب في الفقه والأصول والقانون والتفسير والحديث واللغة بفروعها من نحو وبلاغة وصرف وشعر وغيرها والاقتصاد والتاريخ الإسلامي القديم والحديث والمذاهب والاتجاهات الفكرية وغيرها من العلوم والمعارف التي وضعها بين يدي تلاميذه ينهلون منها ما يشاءون من المعرفة وقتما شاءوا، وكان يستقبل تلامذته طوال اليوم في مكتبته الخاصة المنفصلة عن منزله حتى يرفع عنهم حرج الزيارة والمكوث طويلا، بل كان يقوم رحمه الله على خدمتهم وضيافتهم بنفسه، خاصة الوافدين من خارج البلاد حتى بعد اعتلال صحته.
    وقد عرف عن الشيخ أبو سنة زهده في المناصب وحرصه على الاقتصار على مهام العالم والمربي فحسب، فرفض كل المناصب التي عرضت عليه بما فيها المناصب الإدارية بالجامعة الأزهرية حتى إنه لم يقبل بعمادة كلية الشريعة، بل ومنصب وزير الأوقاف، وتفرغ رحمه الله لتعليم الطلاب والباحثين فتخرجت على يديه أجيال كثيرة من شتى البلاد العربية والإسلامية بعضهم تولى أكبر المناصب العلمية في بلده. ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: الشيخ صالح مرزوق، الأمين العام للمجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي بمكة، والشيخ عبد الرحمن السديسي إمام وخطيب المسجد الحرام، ود. عبد الله السميط عضو مجلس الشورى الكويتي. وكان له في تركيا أيضا عدد من التلامذة (اقرأ رسالة طلابه الأتراك في عزائه) من أشهرهم أمين سراج القطب البارز بحزب السعادة الإسلامي بتركيا، ود. عبد الله أوزجان أستاذ الشريعة بجامعة سكاريا بتركيا، وكان من آخر تلامذته الذين كان يشرف على رسائلهم العلمية قبل وفاته “يشار أحمد شريف” ممثل الإفتاء اليوناني في الخارج.
    وقد كان لتلاميذه الوالد العطوف الذي فتح لهم أبواب صدره وبيته ومكتبته التي تحوي مخطوطات نادرة عرض عليه مبالغ باهظة لشرائها إلا أنه فضل أن يستفيد بها طلبة العلم مجانا وزودهم بتوجيهاته القيمة غير مقتصر على وقت من ليل أو نهار حتى لو لم تكن ظروفه الصحية تسمح بذلك، فقد كانوا يملون وهو لا يمل وكانت لقاءاته معهم حلقات علمية مثمرة وعبادة وقدوة، ولا ينسى تلاميذه مواقفه وصلاته الإنسانية التي تستمر بهم حتى بعد انتهاء إشرافه على رسائلهم.
    حياته مع أهله
    ولم يكن ينسى أهل بلدته الريفية، الصف، بل كانت له بصماته في كل مكان، فقد كان حريصا على نشر الوعي الديني ومحاربة البدع من خلال دروسه وخطبه، فألغى مولد جده الشيخ أحمد أبو سنة الذي اعتاد أهل البلدة إحياءه، وفي المعهد الديني الذي أنشأه تلقى ثلاثة أرباع شباب البلدة تعليمهم الأزهري، وفي مدرسته لتحفيظ القرآن الكريم يدرس سنويا 800 طالب من الأطفال والرجال والنساء يحمل منهم القرآن الكريم كل عام 13 تقريبا، وتجرى بينهم مسابقات حفظ القرآن الكريم التي توزع جوائزها في حفل إحياء ليلة القدر كل رمضان بمنزله بالبلدة، بالإضافة إلى المقابر الشرعية، والمستوصف الطبي، والوحدة الزراعية، ومبنى البريد، والمدرسة الابتدائية، وغيرها من المؤسسات التي أنشأها.
    وقد كانت له تجربة فريدة في رعاية عائلته الكبيرة الممتدة فحرصا على تضامنها أسس “رابطة آل أبو سنة”، ووضع لائحة تحدد أهدافها وهي تحقيق التواصل بين أفرادها ونبذ الخلاف وتذليل المصاعب أمام أفرادها لممارسة العمل العام، وحدد اجتماعا دوريا يوم الأربعاء الأول من كل شهر، وشكل لجانا مثل لجنة الصلح بين المتخاصمين، ولجنة المواريث لتوزيع الميراث حسب أحكام الشريعة لتحقيق هذه الأهداف ضمت عمداء العائلة الأكثر تعلما ونشاطا في خدمة الأسرة، وعين مسجلا لمحاضرات الاجتماعات ورئيسا للرابطة ينوب عنه، ومسئولا ماليا يتولى الإنفاق في المساعدات وأمين الصندوق.
    وبرغم مسئولياته العلمية والدعوية فإنه تحمل تبعته تجاه أسرته وفي بيته فكان خير معلم ومرب للأولاد، له عظيم الأثر في حياتهم؛ إذ بث فيهم روح الفضيلة والدين وحب العلم، ولم يحرمهم من أشعاره فخصهم بقصائده خاصة في المناسبات كأيام ميلادهم ونجاحهم وزواجهم، حتى إنه خص إحدى بناته بخمس عشرة قصيدة، وساعده في ذلك زوجته التي كانت خير معين له في رحلته العلمية والدعوية، فكانت العين التي يقرأ بها ويرى بها الحياة؛ إذ كان رحمه الله قد تعرض لحادث في طفولته تسبب في ضعف بصره إلى أن فقده عندما تقدم به العمر فكانت رحمها الله تكتب بخط يدها كل ما يريد الشيخ تسجيله من تأليف كتب وبحوث ومحاضرات وفتاوى ودروس وخطب الجمعة والعيدين وتقرأ به، وتكتب تعليقاته على الهوامش، ثم تسجيل ما كتبه على شرائط كاسيت ليحمله الشيخ أينما يشاء ويسمعه، كما كانت تساعده على استقبال طلبة العلم وضيافتهم.
    رحمه الله رحمة واسعة وأجزل له العطاء



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #14

    افتراضي رد: علماء طي النسيان

    هل لديك ترجمة الشيخ محمد علي بن صالح بن خميس
    أحد علماء الأزهر، له:

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: علماء طي النسيان

    جزاكم الله خيرا اخى الفاضل
    انا بحثت عنه على الشبكة ولم اجد عنه
    شىء واذا صادفنى شىء سانزله إن شاء الله بوركتم

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: علماء طي النسيان

    عمر بن عبدالعزيز الشيلخاني (1431هـ)




    شيخ الأصوليين العلامة عمر بن عبد العزيز بن محمد بن عبدالعزيز بن مُلا بابكر الشيلخاني، ولد في مدينة كركوك بالعراق سنة 1944، تتلمذ رحمه الله على يد والده العلامة الملا/ عبدالعزيز بن محمد الشيلخاني (رحمه الله) الذي شرح جمع الجوامع نحو مائة مرة، كما تتلمذ على ايدي مشايخ اجلاء وكبار منهم الشيخ مصطفى عبد الخالق، وهو أقرب شيوخه إليه وأجلهم عنده، وأخوه عبد الغني عبد الخالق، ثم التحق رحمه الله بجامعة الازهر لإكمال دراسته الجامعية.. حصل رحمه الله على بكالريوس (ليسانس) الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة الازهر عام 1966م .
    . حصل رحمه الله على ماجستير في اصول الفقه وتاريخه من كلية الشريعة والقانون جامعة الازهر عام 1968م .
    . حصل رحمه الله على الدكتوراه في تخصص اصول الفقه من كلية الشريعة والقانون جامعة الازهر عام 1970م .

    لقب بشيخ الاصوليين لبراعته وفنه وابداعه في علم اصول الفقه فكان فارسا وداهية في هذا العلم ولا يستطيع احد ان يجاريه في علمه فكان يفسر جمل الاصول فيبينها ويوضحها فتغدو سهلة واضحة بسيطة الفهم لطالب العلم.

    الخبرات العلمية:
    . عمل رحمه الله مدرسا بكلية الاداب قسم الدين بجامعة بغداد عام 1972م.
    . عمل رحمه الله استاذ مساعد بكلية القانون والسياسة بجامعة بغداد عام 1975م.
    . عمل رحمه الله استاذا في قسم الدراسات العليا بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة في الفترة من سبتمبر 1976 م الى مايو 1994م.
    . عمل رحمه الله استاذا في الدراسات العليا بكلية الشريعة جامعة ام القرى بمكة المكرمة في الفترة من يونيو 1994 الى اغسطس 1997م.
    . عمل رحمه الله استاذا الفقه والاصول بكلية الشريعة بجامعة قطر في الفترة من سبتمبر 1997 الى يونيو 2005م.
    . عمل رحمه الله خبيرا للشؤون الاسلامية بوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية بدولة قطر من يونيو 2005 وحتى وفاته.
    . عمل رحمه الله عضو لجنة احياء التراث الاسلامي بوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية بدولة قطر من 2007 حتى وفاته.
    . في عام 1973م شغل رحمه الله منصب رئيس قسم الدراسات العليا ورئيس قسم الدين بكلية الآداب بجامعة بغداد.
    . من عام 1979 الى 1986 شغل رحمه الله منصب وكيل قسم الدراسات العليا بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة .

    لقب رحمه الله بشيخ الحجازيين لأنه تتلمذ على يده مجموعة من أئمة الحرمين المكي والمدني مثل الشيخ/ علي جابر رحمه الله امام الحرم المكي.
    الأطروحة العالمية للشيخ العلامة عمر بن عبدالعزيز: مباحث التخصيص عند الأصوليين .
    الانشطة العلمية :
    1977 الى 1979 م : مدرس بالحرم النبوي الشريف.
    1990 م : مدرس بجامع الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة.
    1994 الى 2010 تحكيم وتقويم العديد من الابحاث العلمية للترقية للدرجات العلمية من (الجامعات السعودية – الجامعات الماليزية – الجامعات الاردنية – الجامعات الباكستانية ).
    2003 الى 2010 تقويم الابحاث الخاصة بموسوعة اصول الفقه الكويتيه.
    1998 الى 2010 درس اسبوعي في شرح الكوكب المنير والتفسير بمساجد الدوحة.
    1997 الى 2010 القاء العديد من المحاضرات والمشاركة في الكثير من الفعاليات في الدوحة.
    1997 الى 2010 المشاركة في مؤتمرات مجمع الفقه الاسلامي التابع لمنظمة الفقه الاسلامي ومجمع فقهاء الشريعة بامريكا.
    1988م المشاركة في دورة اعداد قضاة شرعيين من جمهورية باكستان برعاية رئيس الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة لمدة ثلاثة اشهر.

    الاشراف على الرسائل العلمية :
    اولا الدكتـــوراه : فقد اشرف رحمه الله على الرسائل التالية :
    1- المجموع المذهب في قواعد المذهب للعلائي ، تحقيق ودراسة :د/ محمد عبد الغفار الشريف
    2- فقه القاسم بن محمد د/ علي جابر (امام الحرم المكي سابقا ) رحمه الله
    3- الحكم ذو الكفاية د/ عبدالله الشنقيطي ( 1408هـ )
    4- تلخيص المحصول لتهذيب الاصول للنقشواني . تحقيق ودراسة صالح الغانم (1992م)
    5- مراقي السعود ,تحقيق ودراسة :محمد المختار بن محمد الامين الشنقيطي (1401ه)
    6- دلالة الالفاظ على الاحكام ، النماري عقي (1406)
    7- التحقيق في اصول الفقه ، تحقيق ودراسة صالح باقلاقل (1407)
    8- شرح منهاج الوصول الى علم الاصول للفرغاني، تحقيق ودراسة : حمد الصاعدي (1406)
    9- افاضة الانوار في اضاءة اصول المنار للدهلوي، تحقيق ودراسة : فواز المحمادي (1406)
    10- الودائع لنصوص الشرائع ، تحقيق ودراسة : صالح الدويش (1409)
    11- السراج الوهاج في شرح المنهاج ، تحقيق ودراسة : اكرم اوزيقان (1409)
    12- الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع للكوراني ، تحقيق ودراسة سعيد غالب المجيدي (1412)
    13- الردود والنقود شرح مختصر ابن الحاجب للبابرتي ، تحقيق ودراسة : ترحيب الدوسري (1410)
    14- الردود والنقود شرح مختصر ابن الحاجب للبابرتي ، تحقيق ودراسة ضيف الله العمري (1415)
    15- الفروق في اصول الفقه ، عبداللطيف الحمد (1413)
    16- الاسئلة الواردةعلى القياس وطرق دفعها ، محمد عيد الجهني (1413)
    17- كتاب تهذيب الاجوبة للحسن الحنبلي ، تحقيق ودراسة : عبدالعزيز القائدي (1413هـ)
    18- حقيقة مقاصد الشريعة وعلاقتها بالادلة ، محمد سعد اليوبي (1414)
    19- القواعد المشتركة بسن اصول الفقه والقواعد الفقهية ، سليمان الرحيلي (1415)
    20- الوصف المناسب لشرع الحكم ، احمد عبدالوهاب الشنقيطي ( 1403 هـ )
    21- معالم اصول الفقه عند اهل السنة والجماعة ، محمد حسين الجيزاني ( 1996م )
    22- شرح الفزاري على الورقات ، تحقيق ودراسة محمد صالح النامي ( 1410هـ )
    23- جامع الاسرار في شرح المنار للكاكي ,تحقيق ودراسة :فضل الرحمن الافغاني (1997م)
    24- سد الذريعة في احكام النساء ، وجنات الميمني
    25- التحرير للمرداوي ,تحقيق ودراسة : ابو بكر ديكوري
    26- الامام قتادة بن دعامة السدوسي وفقهه ، عبده الاهدل (1409 م)
    27- فتح مكة واثاره التشريعية في الفقه الاسلامي ، محمد الجعوان (1407هـ)
    28- تقويم اصول الفقه وتحديد ادلة الشرع للدبوسي ، تحقيق ودراسة عبد الرحيم الافغاني (1404هـ)
    29- تهذيب الاجوبة لابي عبدالله الحنبلي تحقيق ودراسة : عبدالعزيز القايدي (1415هـ)
    30- الخلاف في القواعد الاصولية المتعلقة بالالفاظ ، محمد سنان غالب (1408هـ)
    31- الاستعداد لمرتبة الاجتهاد ، ملاطف صلاح (1405هـ)

    ثانيا : الماجستير : اشرف رحمه الله على الرسائل التالية:
    1- الاحاديث المخصصة للعموم في السور الاربع الطوال
    2- العرف الناسم شرح رسالة العلامة القاسم ، تحقسق ودراسة : ترحيب الدوسري (1412)
    3- الحدود والتعزيزات عند ابن القيم ، الشيخ بكر عبدالله ابو زيد (1399)
    4- زوائد الاصول على منهاج الاصول للاسنوي ، تحقيق ودراسة محمد سنان
    5- التخصيص عند الاصوليين يوشع صادق النيجيري (1400)
    6- طرق دلالة الالفاظ على الاحكام ، النماري عقي (1401)
    7- شرح مختصر اصول الفقه للمراعي ، تحقيق ودراسة : عبدالعزيز القائدي (1408)
    8- المحصول في جمع الاصول لابن العربي، تحقيق ودراسة : عبداللطيف الحمد (1410)
    9- ماختلف في افادته العموم ، محمد سعد اليوبي (1400)
    10- شرط التكليف عند الاصوليين واثره في الاحكام : محمد عيد الجهني (1410)
    11- سلاسل الذهب للزركشي ، تحقيق ودراسة :محمد المختار بن محمد الامين الشنقيطي (1411)
    12- التأويل وأثره في اصول الفقه ، سليمان الرحيلي (1412)
    13- غاية المرام شرح مقدمة الاحكام ، تحقيق ودراسة :خالد شجاع العتيبي (1415)
    14- الاستثناء عند الاصوليين اكرم اوزيقان
    15- التعازير في الفقه الاسلامي محمد علي سنان
    16- دلالة العام عند الاصوليين ، ناصر عبدالرحمن (1400)
    17- الكاشف على المحصول للاصفهاني ، محمد صالح النامي ( 1406)
    18- الكاشف على المحصول للاصفهاني ، سعيد غالب المجيدي (1406)
    19- الاجتهاد وأدواره ، عبدالرحيم الافغاني (1400)
    20- الامدي اصوليا محمد حسين الجيزاني (1410)
    21- الامر ودلالته على الاحكام ، ملاطف صلاح ( 1410)
    22- الاجماع ، فواز المحمادي (1403)
    23- الالهام ودلالته على الاحكام ، عبدالمجيد حسن الصايغ (1414)
    24- البيان عند الاصوليين ، يوشع صادق (1400)
    25- الحكم التكليفي واثره في الاحكام الشرعية ، محمد ابو البشر (1398)
    26- منار اصول الفتوى بالاقوى للقاني ، عبدالمجيد الصايغ (1409)
    27- التعارض والترجيح في النصوص ، ابو بكر ديكوري (1400)

    من1975 الى 1997م مناقشة العديد من الاطروحات العلمية المقدمة للجامعات العراقية والسعودية في التخصصات الشرعية والقانونية منها:
    اولا الدكتوراه:
    1- كتاب تنقيح محصول ابن الخطيب ، تحقيق حمزة حافظ(1402هـ)
    2- احكام الجراحة الطبية ، محمد المختار الشنقيطي
    3- المنهج العلمي في كتابة البحث الاسلامي ، محمد عمر فلاتة (1411هـ)
    4- يوسف بن عبدالهادي واثره في تحقيق غاية السول ضيف الله العمري (1412 هـ)
    5- مااختلف في اجراء القياس فيه عند الاصوليين ، حمود مباركي (1412)
    6- النهي عند الاصوليين ، د. عبدالرحمن السدحان
    ثانيا الماجستير :
    1- التعارض والترجيح بين الادلة ، عبداللطيف برزنجي (1977)
    2- كتاب الصوم والاعتكاف من الحاوي الكبير تحقيق علي الغامدي (1995)
    3- مخصصات العموم واثرها فيه ، موسى الفقيهي (1401)
    4- المطلق والمقيد حمد الصاعدي (1401)
    5- المعتزلة والقانون الطبيعي محمد شريف
    6- عز بن عبدالسلام وكتابه قواعد الاحكام عبد الرحيم الزقا
    7- الدفاع الشرعي في الشريعة والقانون
    وغيرها من الرسائل …

    الانتاج العلمي
    1- ابرز القواعد الاصولية المؤثرة في اختلاف الفقهاء : طبع بالالة الكاتبة
    2- حكمة الشريعة : طبع بالالة الكاتبة
    3- سبل البيان طبع بالالة الكاتبة
    4- الزيادة على النص . حقيتها وحكمها وأثر ذل على الاحتجاج بالسنة الأحادية المستقلة بالتشريع : طبع مطابع الرشيد سنة (1408هـ) بالمدينة المنورة
    5- مباحث التخصيص : رسالة الدكتوراه , طبعت في دار اسامة للنشر والتوزيع سنة (2000م) بالاردن
    6- المعدول به عن القياس . حقيقته وحكمه وموقف شيخ الاسلام ابن تيمية منه : طبع مطبعة هجر للطباعة والنشرو التوزيع والاعلام بمصر سنة (1408هـ)
    7- النقص من النص : طبع في مطبعة اضواء السلف شنة (2002م) بالمملكة العربية السعودية
    8- خيار الرؤية في البيع : نشر مجلة كلية الاداب . جامعة بغداد .
    9- خيار المجلس في البيع : نشر في مجلة كلية الامام الاعظم
    10- الفقه في الكتاب والسنة : نشر في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة بالرياض
    11- مفهوم الشرط :نشر في مجلة كلية الدراسات الاسلامية
    12- مفهوم الصفة والاحتجاج به في الشريعة والقانون : نشر في كية الاداب جامعة بغداد
    13- مقتضى النواهي كما فهمه السلف الصالح : طبع بمطبعة الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
    14- الحلوان , بحث منشور بموسوعة الفقه الكويتية

    المواد التي قام رحمه الله بتدريسها داخل الكليات والاقسام :
    1- اصول الفقه : كلية الشريعة جامعة بغداد وكلية القانون والسياسة جامعة بغداد وكلية القانون والسياسة جامعة المستنصرية وكلية الاداب قسم الدين جامعة بغداد وبالجامعة الاسلامية وأم القرى وجامعة قطر
    2- تاريخ التشريع : كلية الشريعة جامعة بغداد , قسم الدراسات العليا بالجامعة , وبالدراسات العليا بالجامعة الاسلامية
    3- التفسير : كلية الشريعة جامعة بغداد وكلية الاداب قسم اللغة العربية جامعة المستنصرية وكلية الامام الاعظم ببغداد
    4- الحديث : كلية الاداب قسم الدين , جامعة بغداد
    5- علوم الحديث : كلية الاداب قسم الدين جامعة بغداد
    6- علوم القران : كلية الاداب قسم الدين جامعة بغداد
    7- الفقه :كلية الشريعة جامعة بغداد , وكلية الامام الاعظم وكلية الدراسات الاسلامية , وجامعة قطر
    8- القواعد الفقهية : قسم الدراسات العليا بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
    9- النحو : كلية الامام الاعظم ببغداد
    10- منهج البحث والتحقيق: كلية الدعوة وأصول الدين . الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة وقسم الدراسات العليا الشرعية . جامعة ام القرى بمكة المكرمة .

    بحوث قدمت في مؤتمرات فقهية:
    الدورة العاشرة لمجمع الفقه الاسلامي ,بطاقة الائتمان (1997م) جده .
    الدورة الحادية عشر لمجمع الفقه الاسلامي, الوحدة الاسلامية (1998) المنامة.
    الدورة الثانية عشر لمجمع الفقه الاسلامي , عقد التوريد (2000م) الرياض .
    الدورة الثالثة عشر لمجمع الفقه الاسلامي , حقوق الانسان (2003م) الدوحة.
    الدورة الرابعة عشر لمجمع الفقه الاسلامي , المصالح المرسلة (2004م) مسقط .

    وفـاتـه رحمه الله:
    في تمام الساعة السادسة والربع من صبيحة يوم الاحد الموافق 25/7/2010م الموافق يوم الثالث عشر من شهر شعبان لعام 1431 هجرية انتقل الى رحمة الله تعالى فضيلة الشيخ الدكتور العلامة/ عمر بن عبدالعزيز الشيلخاني.
    منقول


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: علماء طي النسيان




    الشَّيخ أبو القاسم بن حْلُوش المستغانمي

    رحمه الله


    أبو عبد الرحمن سفيان الجزائري



    [نُشر في مجلة «الإصلاح»، السنة الرابعة، العدد(19)، ربيع الأول-ربيع الآخر1431هـ/مارس- أفريل2010م، (ص:36-41)]


    هو العالم المصلح، والفقيه السَّلفيُّ: أبو القاسم بن أحمد بن حْلُوش المستغانمي؛ ولد في عائلة علمية فاضلة سنة(1881م)بمستغانم
    تعريفٌ بمدينة مستغانم:
    ومستغانم –كما يصفها المؤرخ أحمد توفيق المدني سنة(1350هـ)في «كتاب الجزائر» (ص:237-23-: «من أكبر المدن في الناحية الغربية الجزائرية، ابتدأ تخطيطها المرابط يوسف بن تاشفين حيث ابتنى مركزا حربيا يدعى«برج الاَمْحَالْ» جمع محلة وهي الفرقة الجندية، بمكان كان يدعى مشتى غانم، ثم نما العمران حول ذلك البرج؛ وازدهرت المدينة تحت حكم بني زيان وبني مرين؛ وشيد فيها أبو الحسن المريني مسجدها الكبير سنة1340(؟)، احتلتها القوّات الفرنسية في جويلية1833»، قال: «والمدينة تشمل حارة أروبية منتظمة وحارة عربية تدعى تاجديت)، ليقول: (ومسلمو مستغانم على جانب عظيم من الفضل والصلاح، وإن كانت نهضتهم إلى اليوم لم تصل إلى المركز اللائق بهم»اهـ.
    نشأته وتعلُّمه وتعليمه:
    يقول محمد الحسن فضلاء: «حفظ القرآن الكريم وأتقنه وجوَّدهُ على أئمة زاويتهم التي أنشئت خصيصًا لقراءة القرآن، وتلقي مبادئ العلوم، في حي «تاجديت»، وحين أتمَّ مرحلة قراءة القرآن عكف على الدروس العلميَّة فتتلمذ على علماء وفقهاء عصره الذين كانت مدينة مستغانم تعجُّ بهم، فلم يتوقف عن الأخذ منهم حتى أدرك مشايخُهُ أنه على أتمّ الاستعداد لمباشرة التعليم، فأذنوا لهُ بالتدريس لما يتمتع به من خبرة ونجابة وذكاء وفهم، فأصبح بدوره يستقبلُ الطلبة في زاويتهم ويُشرفُ على تعليمهم ورعايتِهِم»اهـ.
    انتصابُهُ لنشرِ العلم ببلدته «مستغانم»:
    أدرك الشيخ أبو القاسم مثل غيره من العلماء النابهين، وأولي العزم من المصلحين، أنه لا سبيل للأمة للخلاص من محنتها، والخروج من تيهِهَا، إلاَّ بالعلم، فهو الذي يهديها، وهو –لا سواهُ- مُجلِّي ظُلْمتِها، وكاشفُ غُبْنِها!، لذا نهض الشيخ أبو القاسم بأعباءِ هذا الواجب، وتصدَّى للتدريس والوعظ والإرشاد في مسجدِهِ، في حيّ:«تاجديت»، وهذا مُكاتِبٌ لإحدى جرائدِ الوقت؛ وهي جريدة«البلاغ الجزائري»، التي كان يُصدرها أتباع الطريقة العليوية بمستغانم، جاء في [العدد(155)، الجمعة29رمضان 1348هـ، 28فيفري1930م، (ص:3)]، تحت عنوان:
    «جولة نائبنا في الأنحاء الوهرانية»:
    «...إلى محروسة مستغانم...وفي مدة إقامتي اجتمعت كذلك بالفقيه الورع الشيخ بلقاسم بن الحلوش فوجدته حاذقًا لبيبًا فقيهًا ورعًا جامعًا بين شريعة وحقيقة[1]، فقضينا معه سويعات آنسنا منه فيها لطفًا وأخلاقًا كريمة...»اهـ.
    وهذا مكاتبُ آخر للجريدة نفسِها[العدد(175)، 5ربيع الأول1349هـ/01أوت1930م، (ص:2)]، يتحدَّثُ عن الناحية العلميَّة في الوطن الجزائري، يقولُ عن:«مستغانم»: «أما الدروس العلميَّة فهي شبيهة بالمدارس العربية في الوجود -يعني: في القِلَّة!- ولولا فضيلة الشيخ المفتي سيدي عبد القادر بن قارة مصطفى والشيخ سيدي بلقاسم بن الحلوش الإمام بجامع سيدي السائح، لما رأيتَ في مستغانم شخصين يجتمعان على مسألة علميَّة...»اهـ.
    إعجابُهُ بنهضة الشيخ ابن باديس العلميّة والدينيّة:
    لقد أعجب الشيخ أبو القاسم بن حلوش بنهضة الشيخ المدرس الأكبر وباعث النهضة الدينيّة والعلميّة في الوطن الجزائري: الشيخ ابن باديس، فكان من المحبِّذين لها، والمدافعين عنها، والمستبْشرين بنجاحها، والمؤمّلينَ لاكتساحها الموروثات البِدعيَّة، واحتضانها من قِبَلِ البيوتات الجزائريَّة، وهكذا كان الشيخ أبو القاسم من أوائل الداعين إليها، والعاملين لازدهارها وانتشارِها، فبعث بابنه الشيخ مصطفى(وُلد سنة1907م) إلى قسنطينة، ليأوي إلى عرينِ الأسد، ويستمِدَّ من قوته، ويكونَ جنديًّا من جنودِ الإصلاح، فانتقلَ الابنُ مصطفى إلى «الجامع الأخضر»، سنة(1926م)(1345هـ)، بعد أن تلقى مبادئ العلوم الأولية على يد والده؛ واستوعب الدروس التي كان يُلقيها على طلبته في الفقه واللغة وأنواع المعارف الأخرى[2]. يقولُ الشيخ مصطفى: «وبناءً عن رغبته في العلم والمعرفة أرسلني سنة1926 إلى قسنطينة للتلقي ...[عن] شيخنا الأستاذ عبد الحميد بن باديس»اهـ[3]، وبعد أن لزمه نحوًا من سنة، قال: «أشار عليَّ بالذهاب إلى تونس للالتحاق بجامع الزيتونة لاستكمال معلوماتي»، بقي بتونس إلى آخر سنة1930، حيث رجع إلى مسقط رأسه«مستغانم»، ليُعين والدهُ ويشُدَّ عضُدَهُ في خدمة العلم ونشره، وتبليغ الدين الصحيح، مع ما هو معروفٌ في ذاك الزمان من عَنَتِ الإدارة الاستعمارية الغاشمة، وجهل الأمة، وتكاثر الدجاجلة.
    وهذه جريدة«البلاغ الجزائري»، تهنئُ الشيخ أبا القاسم بنبوغ ابنه الشيخ مصطفى، وظهوره كاتبًا مُجيدًا؛ جاء في[العدد(99)، مستغانم، يوم الجمعة7رجب1347هـ، 21ديسمبر1928، (ص:3)]:
    (مستغانم: يقول المكاتب: إننا وقفنا على ما نشرته مجلة«الشهاب» الغراء من مقال افتتاحي لأحد الشبان المستغانميين وهو الأخ النجيب السيد مصطفى بن حلوش نجل الشيخ السيد بلقاسم بن حلوش المدرس بجامع سيدي عبد الإله بقرية «تجديت» الموجود(؟) بحاضرة تونس لتحصيل العلم وتهذيب النفس على الوجه المطلوب...وقد سررنا أيما سرور بهاته الخطوة التي تقدمها في ظرف مدة وجيزة فلمثل ذلك فليعمل العاملون. وإننا من صميم القلب نهني والده الذي أعانه على مراده من العلم واكتساب الأخلاق الفاضلة بهاته الرتبة العلمية التي قلت أفرادها في أبناء الأمة الجزائرية وعلى الخصوص مستغانم أيقظها الله من سباتها المميت وحشرها لحياة جديدة بالعلم والعمل الصالح والموتى يبعثهم الله»اهـ.
    في مجلس إدارة «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين»:
    ظهرت للوجود«جمعية العلماء المسلمين الجزائريين» سنة(1931م)، والمصلحون هم الذين فكَّروا فيها، وعملوا على إنشائِها، وسطَّروا لها برنامجًا إصلاحيًّا عامًّا شاملاً، ومن أوَّلياته: شنُّ حملةٍ جارفةٍ على الباطل والمبطلين، وعلى الخرافات والبدع التي طال أمدُها بسكوت العلماء –من جهة-، وبدفاعِ أشباهِ العلماء والمُسخَّرين والطَّمَّاعِين، عن أعمالِ العامَّةِ والجاهلين-من جهةٍ أخرى-.
    لم يتردَّد الشيخ أبو القاسم بن حْلُوش في الانضمام إلى هذه الجمعية، والقبولِ بالعُضوية في مجلسِ إدارتِها، فكان مِن ضمن مؤسِّسيها، وعُضوًا إداريًّا فاعلاً فيها، يشدُّ عضُدَ إخوانه العلماء المصلحين، لا سيَّما الرئيس: الشيخ ابنُ باديس.
    وقد عمل مجلس إدارة الجمعية على تأسيس شُعب في المدن، تنشرُ دعوة الجمعية، وتُذلِّلُ الصعابَ التي تعترضُ طريقها، وتحولُ بين دعوتها الإصلاحية، وبلوغها إلى الناس، ودخولِها البيوتات الجزائريَّة، وهكذا تأسست شُعبة للجمعية في مدينة «مستغانم»، برئاسة الشيخ أبي القاسم بن حلوش، واختار لها من رجالات «مستغانم»،«أشدهم إسلامًا، وأقواهم إيمانًا وأصلبهم على نصرة الحق ودحض الباطل»[4].
    ولمَّا نال الكِبَرُ من الشيخ أبي القاسم ما نال، ورأى في ابنه؛ الشيخ مصطفى، من العلم والكفاءة، والقوَّة والأمانة، ما يسُدُّ مسدَّهُ في مجلس إدارة الجمعية، أنابهُ عنهُ، وفسح لهُ المجال، ليحِلَّ محِلَّهُ، وهكذا تفرَّغ الشيخُ أبو القاسم: «للتدريس والدعوة ولشؤونٍ أخرى تقتضيها رسالةُ «جمعية العلماء»، من نشر الفضيلة، ومحاربة الرذيلة، وما علق بدين الله من التُّرَّهات والبدع والخرافات والأباطيل»[5].
    ـ وهذا خبرُ اعتذارِ الشيخ أبي القاسم عن حضور اجتماعات مجلس إدارة الجمعيَّة، كما تلاهُ الرئيسُ ابنُ باديس:
    ففي المؤتمر السنوي العام للجمعية، الذي انعقد بعاصمة الجزائر، في صباح يوم السبت20رجب1356هـ، 25سبتمبر1937م، شكلوا الإدارة الجديدة، فكان: مصطفى بن حلوش، في جملة: الأعضاء المستشارين[6]، وجاء في التقرير المنشور بمجلة«الشهاب»: «ثم اعتذر[الرئيس: ابن باديس]عن تخلف...الشيخ بلقاسم ابن حلوش[عن التحاقه بالجمعية] لِكِبَرِ سنِّهِ...»اهـ.
    رئيس جمعية العلماء في ضيافة ابن حْلُوش(1350هـ/1931م):
    عقد الشيخ ابن باديس رئيس جمعية العلماء رحلة من العاصمة(الجزائر) إلى وهران فما بينهما من البلدان، وذلك للتعريف «بجمعية العلماء ومقاصدها ومنافع الأمة منها»[7]، وكتب ابن باديس عن هذه الرحلة بقلمه، فمما قال عن:
    «مستغانم: قصدنا من المحطة إلى مسجد الأخ الشيخ بلقاسم بن حلوش، لما بيننا من سابق المعرفة بالمكاتبة وروابط المودة المتأكدة، ولأن ابنه الشيخ مصطفى أحدُ مريدينا ومن أعزِّهم علينا، فتلقيانا بالحفاوة والسرور الزائدين، وأنزلنا على الرحب والسعة، ومن غده دعا للعشاء معنا أعيان البلد، منهم فضيلة الشيخ المفتي سيدي عبد القادر بن قارة مصطفى وسماحة الشيخ سيدي أحمد بن عليوة شيخ الطريقة المشهورة، وكان هذا أول تعرفنا بحضرتهما فكان اجتماعا حافلا بعدد كثير من الناس، ولما انتهينا من العشاء ألقيت موعظة في المحبة والأخوة ولزوم التعاون والتفاهم على أساسهما ...وذكرنا الدواء الذي يُقَلِّلُ من الاختلاف ويعصم من الافتراق، وهو تحكيم الصريح من كتاب الله والصحيح من سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فاستحسن الشيوخ الحاضرون ذلك وحل من الجميع محلَّ القبول...وأهل مستغانم أهل ذكاء وحسن نية وإقبال على العلم....» [8].
    قلتُ:
    قد قيل الكثير عن تأسيس الجمعية، التي جمعت بين المتضادين أوَّل مرَّة!؛ فقد تكونت من المصلحين ومن الطرقيين ومن الحكوميين! وقيل الكثير عن رحلات ابن باديس بصفته رئيسًا لهذه الجمعية -ومنها رحلته إلى الغرب الجزائري- وعن خطاباته فيها عند ملاقاة شيوخ الطرق ورؤساء الزوايا وغيرهم! ولعلَّ من أحسنِ الأجوبة على كُلِّ ذلك، ما ذكره المؤرخ محمد القورصو حيثُ قال عن أهداف ابن باديس:
    «استهدف إدخال الأفكار الإصلاحية في هذا الجزء من الوطن عن طريق التعريف بالجمعية وإطلاع المواطنين الجزائريين على ما تمَّ في شهر ماي عام1931م بـ«نادي الترقي»، ولم يكن في الإمكان آنذاك إعطاء أهداف أخرى لهذه الرحلة نظرًا لحداثة الجمعية ونوعية تشكيلة مكتبها والذي ضم عناصر من الطرقيين، الأمر الذي دفع بابن باديس أن يمدّ يده نحو زعماء الزوايا وأئمة المساجد الرسمية في هذه المنطقة....هادفًا إلى فتح الزوايا والمساجد للفكر الإصلاحي وكسب عناصرها المتنورة والأقل تعصبًا»[9] ، ليقول أيضًا عن «حقيقة الصراع بين العلماء والطرقيين»:
    «إن الوحدة التي اتصف بها المكتب الأول لجمعية العلماء، والتي تغنى بها البعض لم تقُمْ على أُسُسٍ سليمة وواضحة، فكيف يمكن لجمعية تأسست لمحاربة الآفات الاجتماعية والخرافات والبدع، والشعوذة، وغيرها من الأمراض الاجتماعية أن تضم في صفوفها أولئك الذين تسبَّبُوا في هذه الأوبئة؟ فمآل مثل هذه الأحلاف إما الجمود والموت، وإما الشقاق، ذلك أنه لا يمكن التوفيق بين السيئ ونقيضه، فالعلاقة يجب أن تكون حتمًا علاقة صراع، هذا هو الجدل الذي يفرض نفسه في مثل هذه الحالات، وإذا فقدت هذه العلاقة الجدلية انعدم الإصلاح من كل روح تبعث فيه الحياة والحركية التي على أساسها قام العلماء. فانطلاقا من هذا المنطق يمكن أن نخلص إلى أن الوحدة التي اتصفت بها جمعية العلماء في1931 كانت اصطناعية نظرًا لطبيعة الخلاف الأساسي القائم بين العلماء وخصومهم من الطرقيين، والذي يقتضي توضيح الموقف ونبذ كل فكر انتهازي يرمي إلى إخفاء التناقضات الداخلية فالصراع بين الطرفين حتمية تاريخية دام إخفاؤه سنة كاملةً إلاَّ أنه أصبح حقيقة ملموسةً عند شروع العلماء في تطبيق برنامج جمعيتهم»اهـ[10].
    قلتُ:
    خرج الطرقيون ورؤساء الزوايا من الجمعية، وناصبوها العداء، وأطلقوا ألسنتهم في ثَلْبِ العلماء، ورمي المصلحين بالإفساد! ورميِ جمعيتِهم بأنها تعملُ على زرع الفُرقةِ وتمزيقِ الوِحدة، لذلك وضعوا شروطًا للصلح معهم، كانَ في أوَّلِيَّاتِها: السكوت عنهم وعن عوائدِ الناس! والكفّ عن التَّعرُّضِ لهم!!...
    مذهبُهُ الإصلاحيّ وبلاؤُهُ في سبيلِ نشْرِهِ:
    يقول محمد الحسن: «واشتهر الشيخ أبو القاسم بن حلوش بلقب العالم المتفتِّح، والمصلح السَّلفيّ فحفظه الله من الغرق في مستنقع الشعوذة والدجل والبدع، كما غرق فيه أترابه ولِدَاتُهُ، ولم يقف موقفًا سلبيًّا بإِزائهم، بل كان يُجاهرُ بالحق، ويُحارب البدع والخرافات، وقد لحقته من الطرقيين وأنصارِهِم، ومن أهل البدع وأشياعهم إذايات مختلفة، ولكنَّهُ ظلَّ صامدًا على فكرته الإصلاحيَّة السَّلفيَّة، فما وهن لما أصابهُ في سبيل الله وما ضعف وما استكان»اهـ.
    «مستغانم»، بين دُعاة السُّنَّة وحُماة البدعة!:
    هذه مراسلة إلى جريدة«البصائر»، بإمضاء مُسْتَتِر تحت اسم: «مسلم»، نُشرت في[العدد(25)، 6ربيع الثاني1355هـ/26جوان1936م، (ص:7)] تحت عنوان:«مراسلات: فتنة عليوية يعضدها مفتي مستغانم»، تُصوِّرُ لنا جانبًا من الصراع الذي كان قائمًا في«مستغانم»-كغيرها من البلدان- بين السُّنِّيِّين السَّلفيين، فيما يُؤَمِّلُونَهُ من الرجوع بالناس إلى هداية القرآن والسنة الصحيحة وعمل السلف الصالح؛ أهلِ القرون الثلاثة المشهودِ لهم بالخيرية على لسان خير البريَّة (صلى الله عليه وسلم)، وبين القوم البدعِيِّين والخرافيِّين، في نضالهم عن موروثات بِدعهم، ومُحدثات الخلف، الذين هُمْ لهُمْ سلف! ورثوها عنهم، وقد أجمعوا كيْدَهم، وصاحُوا في قومهم: أنْ لا يصدَّنَّكُمُ المصلحون عنها، ويُبدِّلُوا دينكم الذي وجدتم عليه آباءكم وأجدادكم ومشايِخكم!!
    قال: «أكتب لكم هذه الكلمات وعيناي تذرفان الدمع دماء وقلبي يتحرق حزنا وألما، لما أصاب الحق والدين يوم الأحد 7جوان من هذه السنة[1936م]. توفي المرحوم السيد الحبيب بن زازة وكان موعد تشييع جنازته بعد ظهر اليوم المذكور ولما حضر الناس للتشييع خرج عليهم أحد أولاد المتوفى هو السيد محمد ونادى بأعلى صوته: أيها الناس إن جنازة والدي رحمه الله ستشيع على مقتضى سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسنة السلف الصالح التي هي الصمت التام للتفكر والاعتبار فساعدوني على إحياء هذه السنة يرحمكم الله!
    وما سمع هذا النداء أعداء السنة والنظام وأنصار البدعة والهمجية، حتى ثار ثائرهم وانبعث أشقاهم أحمد أخو محمد المذكور وقال لأخيه«لا تشيع جنازة والدنا إلا بعادة آبائنا وأجدادنا» فتصلب محمد وتشدد فقابل أحمد شدة أخيه وصلابته بالاعتداء عليه بالضرب فرد عليه محمد بالمثل. وكان الشيخ بلقاسم بن حلوش هناك فدفعته شهامته للتدخل بين الأخوين للحجز بينهما فأصابته ضربة خفيفة عن قصد أو غير قصد من يد نصير البدعة أحمد.
    أما الشيخ بلقاسم فقد رجع لبيته ولم يشهد الجنازة وأما العليويون فقد كانوا ينتظرون متى يقومون بوظيفهم الذي يشبه تماما وظيف«العدّادات» في المآتم و«المدّاحات» في الأفراح.
    وقد علم الناس أن هذه الفتنة مدبرة منهم (العليويين) وتأكدوا بعد أن وصلت الجنازة للمصلى إذ قدموا للصلاة عليها شخصا يرضونه ممن يعيشون على الموت والقراءة على القبور فعارضهم نصير السنة السيد محمد ابن الفقيد قائلا أنا ولي الجنازة أقدم للصلاة عليها من أرضاه لا من ترضونه ولا أرضاه! ودفع مقدمهم عن الجنازة وهنا عظمت الفتنة إذ ثارت ثائرتهم فانهالوا على محمد يضربونه حتى أدموه وحتى أغمي عليه من شدة المقاومة وكان المبتدعون يضربون ويصيحون: موتوا على لا إله إلا الله! «الله أكبر! كلمة حق أريد بها باطل والتاريخ يعيد نفسه!» ومن المؤسف المحزن أنهم استعانوا عليه ببعض أقاربه وبعض بني عمه ولو كانوا رجالا لما تركوا ابن عمهم لأيدي الظالمين تناله بالضرب والإهانة!
    ولم يقتصر اعتداء المبتدعين على نصير السنة محمد بل اعتدوا على كل من تدخل لإطفاء الفتنة وتهدئة النفوس الثائرة. وقد بلغني من مصدر وثيق أن العليويين اجتمعوا وقالوا لئن فشلنا هذه المرة كالمرات السابقة فسيذهب رقصنا وخلوتنا وإنشادنا قصائد الشيخ خلف الجنائز وجميع بدعنا ومناكرنا ضحية هذا التيار الإصلاحي الجارف الذي يستمد قوته من القرآن ومن السنة والذي نبه الأمة و«فَيَّقْهَا بنا» فقطعت عنا الزيارة وهجرت الخلوة! ثم أقسموا بالله جهد أيمانهم-حنثت يمينهم- ليقاومن كل جنازة تشيع بالصمت....وفي مساء ذلك اليوم جاء السيد محمد السَّلفيّ لبيت الشيخ بلقاسم يبكي ويشكو ما أصابه من المبتدعين ويقسم بأنه لا يألو- إن شاء الله - في نصر السنة وإحيائها ما دام فيه عرق ينبض فشجَّعَهُ الشيخُ وذَكَّرَهُ بما أصاب سيِّدَ الخلق محمد (صلى الله عليه وسلم) من جهلة قومه ولما علم بنو عمه بوجوده عند الشيخ انتهزوا الفرصة وجاءوا بأخيه مستسمحًا معتذرًا بأنه لم يفعل ما فعل إلا بوسواس الشياطين وتغرير الدجالين وطلب المسامحة من أخيه ومن الشيخ. هذه فتنة العليويين حكيتُهَا لكم كما وقعت وللقراء المنصفين حقّ الملاحظة والتعليق عليها فكيف كان الشيخ المفتي يعضدها؟ كان يعضدها بإجابة كل من يسأله عن بدعة الذكر بالجهر عند تشييع الجنازة بأنه بدعة مستحسنة أو بأنها بدعة لا يضر فعلها ولا تركها....ولولا تدخله بالتأويل للمبتدعين، والتحريش بالمصلحين لما توجهنا إليه بملام، ولا أدخلناه في كلام....»الخ.
    ثم عاد الكاتبُ إلى الموضوع مرَّةً أخرى؛ فكتب: «إلى فضيلة الشيخ مفتي مستغانم»، نُشر في«البصائر» [العدد(2، 27ربيع الثاني1355هـ/17جوليت1936م، (ص:6)]، بيَّن فيه تعرض المفتي (الطرقيّ)! لجمعية العلماء بالطعن والنيل منها واتهام رجالها بالزيغ والإلحاد!...الخ.
    إدخالُهُ إصلاحاتٍ إلى زاويته العلميَّة، وآمالُهُ فيها:
    غيَّر الشيخ أبو القاسم هيكل الزاوية التي كان يُشرفُ عليها، ويستقبلُ فيها الطلبة، فابتنى فيها مسجدًا كبيرًا ونواةً لمدرسة المستقبل التي لم يَحِن بعدُ وقتُ تأسيسها، والتي حقَّقها من بعدِهِ ابنهُ البرُّ: الشيخ مصطفى[11].
    وفاتهُ ومشهدُ جنازته:
    تُوفي الشيخ أبو القاسم-رحمه الله- في (21)من شهر (جانفي) يناير1949م، وعمره(6 عامًا. هذا ما ذكره الحسن فضلاء؛ بناهُ على تاريخ مولده؟ والذي سيأتي في صحيفة«النجاح»: (72)عامًا؟ واللهُ أعلم.
    ـ نشرت «النجاح» [العدد: (367، السبت29ربيع الأول1368هـ/29جانفي1949م، (ص:2)]، خبر موت الشيخ؛ فقالت:
    «رُزِئَتْ مستغانم صباح يوم الجمعة21ربيع الأول في عالم من علمائها وإمام صالح من صلحائها ألا وهو العلامة الفقيه الشيخ بلقاسم ابن حلوش الإمام المدرس الحر بمسجد سيدي عبد الإله. ختمت أنفاسه ... والتحقت إلى ربها... عن سنّ يناهز اثنين وسبعين سنة فكانت وفاته رَنَّةَ(؟) أَسَفٍ على أهل حاضرة مستغانم وكل من عرفه وعرف الفراغ الذي كان يسدّه وما كان له من الأثر الحسن في خدمة الدين الحنيف ونشر مبادئه بين المسلمين فقد قضى حياته كلّها في تدريس العلم وإرشاد الخلق إلى الحق. وبعد ظهر يوم السبت 22 ربيع الأول شيعت جنازته في موكب رهيب تعلوه المهابة والوقار حضرها العدد العديد من أعيان الحاضرة ونواحيها...وشخصي ت كثيرة من مختلف الجمعيات تقديرًا لشخصية فقيد العلم والصلاح وكلهم متأسفون باكون على فراقه لتعظيمهم للفراغ الذي كان يسده ....وأخيرا نرفع تعزيتنا الحارة لأبناء الفقيد وأقاربه وتلامذته ومحبيه وبالأخص إلى العلامة الجليل صديقنا الشيخ مصطفى ابن حلوش جعله الله خَلَفًا صالحا وابنا بارًّا يسد الفراغ الذي كان يعمره أبوه الراحل الكريم كما نسأل الله العظيم للفقيد الرحمة والمغفرة والرضوان وأن يسكنه في بحبوحة النعيم وفسيح الجنان بمنّه وكرمه إنه الرحيم الرحمن. مكاتبكم»اهـ.
    ـ كما نشرت «البصائر»، في عددها(67)، تحت عنوان: «رِزْءٌ جَسِيمٌ»، مكاتبةً عن جنازة الفقيد، حرَّرها الشيخ: «أحمد الشريف السنوسي»[12]، جاء فيها: «ذلك هو يوم انطفأ به مصباح الأمة المستغانمية وأفل فيه نجم ثرياها، وغار في ثراها، ألا وهو الشيخ أبو القاسم بن حلوش والد صديقنا العزيز الأستاذ مصطفى. قطعت أنفاسه وزهقت الروح إلى بارئها فجر الجمعة21ربيع الأول[13][1368هـ]...»الخ.
    وقد كتب عنهُ رئيس جمعية العلماء؛ الشيخ البشير الإبراهيمي كلمةً مُنْصِفةً، نُشرت في«البصائر»[14]، في سلسلتها الثانية[العدد (65)، 2ربيع الثاني1368هـ/31جانفي1949م، (ص:3)]، تحت عنوان:
    «مَوْتُ عَالِمٍ سَلَفِيٍّ مُصْلِحٍ هُوَ الشّيخ أبو القاسم بن حْلُوشْ»:
    «بلغني في أثناء الأسبوع الماضي-وأنا على فراش المرض- خبر بموت العالم العامل المصلح الشيخ أبي القاسم بن حلوش، العضو الإداري السابق بجمعية العلماء، ووالد ولدنا الروحي الأديب الكاتب الشيخ مصطفى بن حلوش، بداره من ربض «تاجديت» بمستغانم.
    أَسِفْتُ لموت الشيخ أبي القاسم أعظم مما آسفُ لفقد قريب، لأنه هذه الطائفة الإصلاحية التي كان الشيخ أبو القاسم أحد أفرادها إنما تتقارب على المشارب، لا على المناسب، وتتصاحب بالأرواح لا بالأبدان. والشيخ أبو القاسم-رحمه الله- مصلح بطبعه وتربيته، خُلِقَ في منبع من منابع البدع، وفتح عينيه عليها، فأنكرتها فطرته السليمة، وتربيته القويمة من أول أمره، ونشأ على نفور منها وازدراء لأهلها. ولقي منهم تجريحا وأذى، ولقوا منه تسفيها وإنكارًا، وكان كل ذلك مزيدًا في رفعة شانه. طلب العلم على فئة من الفقهاء المدارين المجارين للعامة في أهوائها، فأخذ ما صلح من علمهم، وهجر ما قبح من أعمالهم، ووحَّدَ الله وعبده بما شرع، على الوجه الذي شرع، وابتنى لنفسه مسجدًا من ماله بسوق«تاجديت» يصلي فيه بأتباعه في السيرة ويلقي عليهم دروسا في الوعظ والإرشاد، وفيه بدأ ينشر الإصلاح العملي فنبذ البدع اللاصقة بالعبادات، ولم يزل متطلعا إلى العلم الصحيح يطلع بدْرُه، متشوفا إلى الحق الصريح يَتَبَلَّجُ فجرُه، إلى أن ظهرت بواكير الحركة الإصلاحية العلمية في دروس الأستاذ الرئيس الشيخ عبد الحميد بن باديس، فجهز ولده الشيخ مصطفى حلوش لتلك الدروس ليستدرك بأحد أولاده ما فاته في نفسه، وأقرَّ اللهُ عينه ببلوغ مرامه. فكان من ذلك الولد للإصلاح ما يكون من جنديّ من جنوده المخلصين. فشارك بقلمه ولسانه في جميع الميادين.
    عاش الشيخ أبو القاسم بعد ذلك على سَمْتِ الصالحين، يتنعَّم بما يرى من انتصار الحق وأتباعه، وانْدِحار الباطل وأشياعه، إلى أن وافته منِيَّتُهُ راضيا مرضيا. فرحمه الله وأثابه جزاء إيمانه واستقامته. وأنا عن نفسي وعن جمعية العلماء ومؤسساتها أتقدم بالتعزية إلى ولدنا الشيخ مصطفى حلوش وإخوانه وأهل بيته، وإلى جميع أفراد الأسرة بـ«مستغانم» و«سَبْدُو» مشاركًا لهم في الحزن، حاثا لهم على الصبر، راجيا لفقيدهم الرحمة»اهـ.


    ============================== ====

    [1] - هذا التعبيرُ مِنْ مُحدثاتِ المُتصوّفة، وقدْ توصَّلُوا بهذه القِسْمة! إلى مُنكرٍ من القول، وفاسدٍ من العمل.
    [2] - «من أعلام الإصلاح في الجزائر» (1/244-24لمحمد الحسن فضلاء.
    [3] - «من أعلام الإصلاح في الجزائر» (1/245)لمحمد الحسن فضلاء.
    [4] - «من أعلام الإصلاح في الجزائر» (1/102-105)لمحمد الحسن فضلاء.
    [5] - «من أعلام الإصلاح في الجزائر» (1/102-105)لمحمد الحسن فضلاء.
    [6] - «الشهاب»، جزء: شعبان1356هـ/أكتوبر1937م، ج8، م13، (ص:347-34).
    [7] - «آثار الإمام ابن باديس» (4/243).
    [8] - «آثار الإمام ابن باديس» (4/246-247)، أو: «الشهاب»، ج12، م7، غرة شعبان1350هـ/ديسمبر1931م.
    [9] - «تأسيس ونشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في عمالة وهران:1931-1935»، تقديم: محمد القورصو (ص:25).
    [10] - «تأسيس ونشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في عمالة وهران:1931-1935»، تقديم: محمد القورصو(ص:9).
    [11] - «من أعلام الإصلاح في الجزائر» (1/102-105و24لمحمد الحسن فضلاء.
    [12] - وهو من قرية «وادي الخير»؛ مِن قُرى مستغانم، عُرِف بـ: الشيخ أحمد الأطرش، توفّي بمدينة وهران، سنة( 2003م).
    [13] - ورد التاريخ في صحيفة «البصائر»: (23ربيع الأول)، والصوابُ ما هو مُثبتٌ أعلاهُ، والله أعلم.
    [14] - وهي في: «آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي»(4/282-283).
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: علماء طي النسيان

    شمس الأئمة أحمد محمد شاكر إمام أهل الحديث في عصره


    بقلم د. علي بن محمد العطيف

    أبو الأشبال، من أئمة «علم الحديث النبوي» في العصر الحديث من أرض الكنانة، درس العلوم الإسلامية وبرع في كثير منها، فهو فقيه ومحقق وأديب وناقد، لكنه برز في علم الحديث حتى انتهت إليه رئاسة أهل الحديث في عصره، كما اشتغل بالقضاء الشرعي حتى نال عضوية محكمته العليا.

    نشأة الإمام المحقق أحمد محمد شاكر:

    ولد في 29 جمادى الآخرة سنة (1309هـ) الموافق 29 يناير (1892م) بعد فجر يوم الجمعة، وهي السنة نفسها التي ولد فيها الشيخ: محمد حامد الفقي مؤسس جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر، وكان مولده بدرب الإنسية ¬قسم الدرب الأحمر بالقاهرة، وسماه أبوه «أحمد شمس الأئمة، أبو الأشبال».
    ووالده هو الشيخ (محمد شاكر) من علماء الأزهر النابغين الذين برزوا في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وهو ينتمي إلى أسرة «أبي علياء» بجرجا من صعيد مصر، وهي أسرة شريفة، ينتهي نسبها إلى الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-.
    تلقى والده (محمد شاكر) تعليمه بالأزهر، واتصل بكبار علمائه، وتتلمذ على أيديهم. بعد تخرجه عمل أمينًا للفتوى بالأزهر، ثم عين في سنة (1332هـ=1905م) شيخًا لعلماء الإسكندرية، وشيخًا لمعهدها الديني، ثم اختير وكيلاً لمشيخة الجامع الأزهر في 9من ربيع الآخر (1327هـ) الموافق 29 من إبريل (1909م)، ثم استقال من الوكالة بعد أن اختير عضوًا في الجمعية التشريعية سنة (1331هـ = 1913م)، وتفرغ للعمل العام، والإدلاء برأيه في القضايا العامة والكتابة في الصحف، وكان من زعماء الأزهر في ثورة (1919م).
    وقد أنجب الشيخ «محمد شاكر» عددًا من الأبناء، نبغ منهم اثنان: أما أحدهما فهو العلامة المحدث «أحمد محمد شاكر»، وقد انتهت إليه رئاسة الحديث في مصر، والآخر فهو الأديب الكبير «محمود محمد شاكر» صاحب كتب: «أباطيل وأسمار» «القوس العذراء» «المتنبي».. وغيرها.
    اصطحب الوالد ابنه أحمد شاكر إبان سفره إلى السودان، حيث ولي منصب قاضي القضاة، وعمره حينها ثماني سنوات، فألحقه بكلية «جوردون» واستمر بها حتى عودته إلى الإسكندرية بمصر في 26 أبريل سنة (1904م) فألحقه الوالد بمعهد الإسكندرية (وكان الوالد شيخ المعهد)، وفي 29 أبريل (1909م) عاد والده للقاهرة ليلي وكالة مشيخة الأزهر، فالتحق أحمد شاكر بالأزهر حتى نال شهادة العالمية سنة (1917م).
    وقد حضر في ذلك الوقت إلى القاهرة الشيخ (عبدالله بن إدريس السنوسي) عالم المغرب ومحدثها، فتلقى عنه أحمد شاكر طائفة كبيرة من «صحيح البخاري»، فأجازه هو وأخاه برواية البخاري.
    كما أخذ عن الشيخ (محمد بن الأمين الشنقيطي) كتاب «بلوغ المرام».
    وكان من شيوخه أيضًا الشيخ (أحمد بن الشمس الشنقيطي) عالم القبائل الملثمة، وتلقى أيضًا عن الشيخ (شاكر العراقي) فأجازه، وأجاز أخاه عليًّا بجميع كتب السنة.
    كما التقى بالقاهرة من علماء السنة الشيخ (طاهر الجزائري) من كبار علماء الشام، والأستاذ (محمد رشيد رضا) صاحب تفسير «المنار».

    طلب الإمام المحقق أحمد محمد شاكر العلم:

    درس أحمد شاكر أصول الفقه على الشيخ (محمود أبو دقيقة)، أحد علماء معهد الإسكندرية، وعضو هيئة كبار العلماء.
    ودرس على والده الشيخ (محمد شاكر) تفسير البغوي، وصحيح مسلم، وسنن الترمذي، وشمائل الرسول، وبعضًا من صحيح البخاري، وجمع الجوامع وشرح الأسنوي على المنهاج في الأصول، وشرح الخبيصي، وشرح القطب على الشمسية في المنطق، والرسالة البيانية في البيان، وفقه الهداية في الفقه الحنفي.
    وأخذ العلم -كما تقدم آنفًا-عن الشيخ عبدالله بن إدريس السنوسي، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ أحمد بن الشمس الشنقيطي، والشيخ شاكر العراقي، والشيخ طاهر الجزائري، والأستاذ محمد رشيد رضا، والشيخ سليم البشري، والشيخ حبيب الله الشنقيطي، وغيرهم كثير من أئمة الحديث حتى برع فيه.
    ودرس الشيخ أحمد شاكر بالأزهر على المذهب الحنفي، وبه كان يقضي في القضاء الشرعي، لكنه كان بعيدًا عن التعصب لمذهب معين، مؤثرًا الرجوع إلى أقوال السلف وأدلتهم.
    يقول (أحمد شاكر) بما يوضح مذهبه العلمي، في معرض تحقيقه لكتاب (الرسالة) للشافعي، بعد أن أكثر من الثناء عليه وبيان منزلته:
    «وقد يفهم بعض الناس من كلامي عن الشافعي أني أقول ما أقول عن تقليد وعصبية، لما نشأ عليه أكثر أهل العلم من قرون كثيرة، من تفرقهم أحزابًا وشيعًا علمية، مبنية على العصبية المذهبية، مما أضر بالمسلمين وأخرهم عن سائر الأمم، وكان السبب في زوال حكم الإسلام عن بلاد المسلمين، حتى صاروا يحكمون بقوانين تخالف دين الإسلام، خنعوا لها واستكانوا، في حين كان كثير من علمائهم يأبون الحكم بغير المذهب الذي يتعصبون له ويتعصب له الحكام في البلاد. ومعاذ الله أن أرضى لنفسي خلة أنكرها على الناس، بل أبحث وأجد، وأتبع الدليل حيثما وجد. وقد نشأت في طلب العلم وتفقهت على مذهب أبي حنيفة، ونلت شهادة العالمية من الأزهر الشريف حنفيا، ووليت القضاء منذ عشرين سنة أحكم كما يحكم إخواني بما أذن لنا بالحكم به من مذهب الحنفية. ولكني بجوار هذا بدأت دراسة السُّنة النبوية أثناء طلب العلم، من نحو ثلاثين سنة، فسمعت كثيرًا وقرأت كثيرًا، ودرست أخبار العلماء والأئمة، ونظرت في أقوالهم وأدلتهم، لم أتعصب لواحد منهم، ولم أحد عن سنن الحق فيما بدا لي، فإن أخطأت فكما يخطئ الرجل، وإن أصبت فكما يصيب الرجل. أحترم رأيي ورأي غيري، وأحترم ما أعتقده حقًّا قبل كل شيء وفوق كل شيء. فمن هذا قلت ما قلت واعتقدت ما اعتقدت في الشافعي، رحمه الله ورضي عنه»(2).
    مكانته العلمية:

    كان والده الشيخ (محمد شاكر) هو صاحب الأثر الكبير في توجيه الشيخ أحمد شاكر إلى معرفة كتب الحديث منذ عام (1909م)، فلما كانت سنة (1911م) اهتم بقراءة «مسند أحمد بن حنبل» رحمه الله، وظل منذ ذلك التاريخ مشغولًا بدراسته حتى بدأ في طبع شرحه على «المسند» سنة (1365هـ) الموافق (1946م)، وقد بذل في تحقيقه أقصى ما يستطيع عالِم من جهد في الضبط والتحقيق والتنظيم.
    ولقد كان الشيخ أحمد شاكر كما يقول عنه المحقق الأستاذ (عبد السلام محمد هارون): «إمامًا يَعْسر التعريف بفضله كل العُسْر، ويقصر الصنع عن الوفاء له كل الوفاء».
    وقال عنه الشيخ (محمود محمد شاكر): «وهو أحد الأفذاذ القلائل الذين درسوا الحديث النبوي في زماننا دراسة وافية، قائمة على الأصول التي اشتهر بها أئمة هذا العلم في القرون الأولى، وكان له اجتهاد عُرف به في جرح الرجال وتعديلهم، أفضى به إلى مخالفة القدماء والمحدثين، ونصر رأيه بالأدلة البينة، فصار له مذهب معروف بين المشتغلين بهذا العلم على قلتهم».
    وإذا كان الشيخ (محمد حامد الفقي) صاحب باع كبير في تفسير القرآن الكريم وتحقيق كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، فإن رفيقه في محبة شيخ الإسلام ابن تيمية هو الشيخ أحمد شاكر، فقد كان صاحب اليد الطولى في تحقيق كتب السنة النبوية وغيرها، فأصبح بذلك العالم المحدث المفسر الفقيه اللغوي الأديب القاضي والصحفي، وقد قاما معًا بـإخراج «تهذيب سنن أبي داود».

    نتاجه العلمي:

    تدور أعمال أحمد شاكر وجهوده العلمية حول محورين أساسين هما:
    • بعث التراث العربي ونشره نشرًا دقيقًا.
    • كتابة البحوث والرسائل العلمية.
    وقد استأثر الجانب الأول بجهود الشيخ، وإفراغ طاقته الجبارة في العمل والبحث، وكان تحقيق كتاب «الرسالة» للإمام الشافعي هو أول كتاب ينشره بين الناس، وكان تحقيقًا له على غير ما اعتاد الناس أن يقفوا عليه من تحقيقات المستشرقين، وجاء عمله نموذجًا لفن تحقيق التراث، فقد اعتمد على أصل قديم بخط الربيع بن سليمان تلميذ الشافعي، كتبه في حياة إمامه، ووضع مقدمة إضافية للكتاب بلغت (100) صفحة، وخرّج أحاديث الكتاب تخريجًا علميًا دقيقًا، مع فهارس شاملة، وتعليقات وشروح تدل على سعة العلم والتمكن من فن الحديث.
    ثم اتجه إلى أصول كتب السنة يحقق بعضها، فحقق جزأين من سنن الترمذي، وأخرج الجزء الأول من صحيح ابن حبان، واشترك مع الشيخ محمد حامد الفقي في إخراج وتحقيق تهذيب سنن أبي داود.
    وتعليقات الشيخ أحمد شاكر على جامع الترمذي لا يستغني عنها طالب علم، وهي أيضًا منهج لتحقيق الكتب. وهي في مجلدين جامع الترمذي بتحقيق الشيخ أحمد شاكر، يستفيد منها طالب العلم في التصحيح، كما يستفيد منها أيضاً منهجية التحقيق..

    جهود الشيخ أحمد شاكر لتحقيق مسند الإمام أحمد بن حنبل، وهو أضخم دواوين السنة، وكان التعامل مع المسند يحتاج إلى معرفة واسعة ورسوخ في العلم، وقد أتم منه خمسة عشر جزءًا فقط وتوفي قبل إتمامه.
    والكتاب يقوم على جعل أحاديث كل صحابي على حدة، فمسند ابن مسعود رضي الله عنه مثلاً يضم الأحاديث التي رواها دون ترتيب، وهكذا، وكانت صعوبة التعامل مع المسند مصدر شكوى من كبار المحدثين وأعلامهم، وهو ما جعل الحافظ الذهبي يتمنى أن يقيض الله لهذا الديوان الكبير من يخدمه ويبوبه، ويرتب هيئته.
    وكان عمل الشيخ «شاكر» في تحقيق المسند عظيمًا فأخرج منه خمسة عشر جزءًا على أحسن ما يكون التحقيق؛ فقد رقم أحاديث الكتاب، وعلّق عليها وخرّجها، وحكم عليها صحة وضعفًا، وضبط أعلامها، وشرح غريبها، وجعل لكل جزء فهارس فنية دقيقة.
    إلا أن المنية عاجلته دون أن يتمكن من إتمامه، فلم ينته من تخريج كامل أحاديث المسند بل وصل إلى ثلث الكتاب تقريباً، وعدد الأحاديث التي حققها (8099) وقدم للكتاب بنقل كتابين جعلهما كالمقدمة بالنسبة للمسند هما: «خصائص المسند» للحافظ أبي موسى المديني، و«المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد» لابن الجزري.
    ولم يقدر أحد أن يكمله على النمط الذي خطه الشيخ أحمد شاكر، وأذكر ونحن في السنة المنهجية لمرحلة الماجستير كان شيخنا المبارك سماحة الشيخ الدكتور أحمد معبد عبدالكريم – حفظه الله – يقول: ومن أكمل المسند لم يستطع أن يأتي به على نَفَسِ المحقق ولا قريبًا منه.

    كما ألف الشيخ أحمد شاكر كتبًا عدة، ومن أشهر مؤلفاته:

    • كتاب «نظام الطلاق في الإسلام»، اجتهد فيه اجتهادًا حرًّا ولم يتعصب لمذهب من المذاهب.
    • كتاب «الكتاب والسنة» وهو دعوة إلى أخذ القوانين من الكتاب والسنة.
    • كتاب «كلمة الحق» في شئون المسلمين وحرب الوثنية والشرك والدفاع عن القرآن والسنة، وهي مجموعة مقالات كتبها في مجلة «الهدي النبوي» جمعت في كتاب بعد وفاته.
    • كتاب «كلمة الفصل في قتل مدمني الخمر» وفيه يستحث ملوك المسلمين ضد الخمور وتجارها ومدنيها.
    • «الشرع واللغة».. رسالة في الرد على (عبد العزيز فهمي باشا) الذي اقترح كتابة اللغة العربية بحروف لاتينية.
    وكما ذكرنا آنفًا فلقد حقق أحمد شاكر الكثير من كتب التراث الإسلامي، في مجالات كثيرة، نذكرها مرتبة، وهي كالآتي:

    • «الرسالة» للإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعي عن أصل بخط الربيع بن سليمان كتبه في حياة الشافعي، وهو أول كتاب حققه، وقد بذل فيه عناية بالغة فكان على درجة عالية من الدقة والتحقيق.
    • الجزء الأول من «مسند ابن حبان».
    • جزءين من «الجامع الصحيح» للترمذي.
    • تحقيق مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري، ومعه معالم السنن للخطابي، وتهذيب ابن قيِّم الجوزية، بالاشتراك مع الشيخ محمد حامد الفقي، وطبع الكتاب في ثمانية مجلدات.
    • شرح كتاب «اختصار علوم الحديث» للحافظ ابن كثير.
    • شرح «ألفية السيوطي» في علم الحديث، وطبع الكتاب في مجلدين.
    • «عمدة التفسير» عن تفسير الحافظ ابن كثير، اختصره وحذف منه الأسانيد، والروايات الإسرائيلية والأحاديث الضعيفة، وتفاصيل المسائل الكلامية، وهو أفضل المختصرات التي طبعت لتفسير ابن كثير، أتم منه خمسة أجزاء (ظل الجزء الأخير منه مفقودًا لسنوات حتى عثر عليه وتم طبع الكتاب كاملاً).
    • تخريج أحاديث من تفسير الطبري: شارك أخاه محمود شاكر في تخريج أحاديث بعض الأجزاء من هذا التفسير، وعلق على بعض الأحاديث إلى الجزء الثالث عشر.
    • كتاب «الإحكام» لابن حزم الظاهري في أصول الفقه، وجزءين من كتاب «المحلى».
    • كتاب «العمدة في الأحكام» للحافظ عبد الغني المقدسي.
    • كتاب «جماع العلم» للشافعي.
    • تحقيق كتاب «شرح العقيدة الطحاوية».
    • شارك مع الأستاذ عبدالسلام هارون في تحقيق وإخراج «المفضّليات» للمفضل الضبي، «الأصمعيات» للأصمعي، «إصلاح المنطق» لابن السكيت.
    • كتاب «الشعر والشعراء» لابن قتيبة.
    • كتاب «لباب الأدب» للأمير أسامة بن منقذ المتوفى سنة 584هـ.
    • كتاب «المعرب» للجواليقي في اللغة.
    وقد بلغ مجموع ما نشره سواء ما كان من تأليفه أو من تحقيقه 34 عملاً، وتنوعت أعماله فشملت السُّنة والفقه والأصول والتفسير والتوحيد واللغة، وسعة هذه الميادين تدل على ما كان يتمتع به الشيخ من غزارة العلم ورحابة الأفق والتمكن والفهم.
    ومما أخذ على الشيخ شاكر – رحمه الله- أن معظم الكتب الهامة التي قام بتحقيقها أو شرحها لم يكد يتممها، وكأنه كان يشتغل بأكثر من كتاب في وقت واحد، فالترمذي والمسند وصحيح ابن حبان وتفسير ابن كثير وتفسير الطبري…وغيرها، لم تكتمل، ولو أكملها لكانت الفائدة أوسع وأكثر، فلا تكاد تجد من يسد هذا الفراغ الذي تركه الشيخ، فمنهجه وأسلوبه يختلف عمن جاء من بعده.

    منهجه في تصحيح الأسانيد:

    غلب على الشيخ في مجال البحث العلمي الاهتمام بتخريج الأحاديث ودراسة أسانيدها خاصة في تخريجه لأحاديث «المسند». وعند تتبع الأسانيد التي حكم عليها بالصحة، يلاحظ أن أهم القواعد التي يسير عليها في تصحيح إسناد حديث ما هي كالآتي:
    1 – إذا ذكر البخاري الراوي في «تاريخه الكبير» وسكت عنه، ولم يذكره في الضعفاء، فإن الشيخ يعتبر سكوته توثيقًا للراوي.
    2 – إذا ذكر ابن أبي حاتم الراوي في «الجرح والتعديل» وسكت عنه أيضًا، فإن الشيخ يعتبر سكوته عن الراوي توثيقًا له.
    3 – كان يعتمد على توثيق ابن حبان، فالرواة الذين ذكرهم ابن حبان في كتاب «الثقات» ثقات عند الشيخ أحمد شاكر(3).
    4 – توثيقه لـ (عبدالله بن لهيعة) بإطلاق.
    5 – توثيقه للمجهول من التابعين قياساً لحالهم على حال الصحابة.
    الوظائف التي شغلها ووفاته:

    بعد حصوله على شهادة العالمية سنة (1917م) عين بمعهد عثمان ماهر لمدة أربعة أشهر، ثم انتقل إلى القضاء الشرعي وتدرج في مناصبه حتى صار قاضيًا بالمحاكم الشرعية ثم عضوًا بالمحكمة العليا، وأحيل إلى التقاعد في (1952م) ببلوغه سن الستين. وتفرغ بعدها لأعماله العلمية حتى وفاته.
    عمل مشرفًا على التحرير بمجلة «الهدي النبوي» سنة (1370هـ)، وكان يكتب بها مقالاً ثابتًا بعنوان: «اصدع بما تؤمر»، وقد جمعت بعض هذه المقالات ونشرت في كتاب بعنوان «كلمة الحق». طبعته دار الكتب السلفية(4).
    وتوفي يوم السبت 26 ذي القعدة سنة (1377هـ) الموافق 14يونيو سنة (1958م).
    من مقالاته:

    • يقول – رحمه الله- في مقال له بعنوان «تصحيح الكتب»:

    تصحيح الكتب، وتحقيقها من أشق الأعمال وأكبرها تبعة، ولقد صوَّر أبو عمرو الجاحظ ذلك أقوى تصوير، في كتاب «الحيوان» فقال (ج1، ص79 من طبعة أولاد السيد مصطفى الحلبي بمصر): «ولربما أراد مؤلف الكتاب أن يصلح تصحيفًا، أو كلمة ساقطة، فيكون إنشاء عشر ورقات من حرِّ اللفظ، وشريف المعاني أيسر عليه من إتمام ذلك النقص؛ حتى يرده إلى موضعه من أمثلة الكلام؛ فكيف يطيق ذلك المعارض المستأجر، والحكيم نفسه قد أعجزه هذا الباب؟ وأعجب من ذلك أنه يأخذ بأمرين: قد أصلح الفاسد، وزاد الصالح صلاحًا، ثم يصير هذا الكتاب بعد ذلك نسخة لإنسان آخر، فيسير فيه الورَّاق الثاني سيرة الورَّاق الأول.
    ولا يزال الكتاب تتداوله الأيدي الجانية، والأعراض المفسدة، حتى يصير غلطًا صرفًا وكذباً مصمتاً؛ فما ظنكم بكتاب تتعاقبه المترجمون بالإفساد، وتتعاوره الخطاط بشرٍّ من ذلك أو بمثله، كتاب متقادم الميلاد، دهريُّ الصنعة».
    وقال الأخفش: «لو نُسخ الكتاب، ولم يعارض، ثم نُسخ ولم يعارض خرج أعجميًّا!».
    وصدق الجاحظ والأخفش، وقد كان الخطر قديمًا في الكتب المخطوطة، وهو خطر محصور؛ لقلة تداول الأيدي إياها، مهما كثرت وذاعت؛ فماذا كانا قائلَينِ لو رأيا ما رأينا من المطابع، وما تجترحه من جرائم تسميها كتبًا!!
    ألوف من النسخ من كل كتاب، تنشر في الأسواق والمكاتب، تتناولها أيدي الناس، ليس فيها صحيح إلا قليلاً؛ يقرؤها العالم المتمكن، والمتعلم المستفيد، والعامي الجاهل، وفيها أغلاط واضحة، وأغلاط مشكلة، ونقص وتحريف؛ فيضطرب العالم المتثبِّت إذا هو وقع في خطأ في موضع نظر وتأمل ويظن بما علم الظنون، ويخشى أن يكون هو المخطئ، فيراجع ويراجع، حتى يستبين له وجه الصواب؛ فإذا به أضاع وقتًا نفيسًا وبذل جهداً هو إليه أحوج؛ ضحيَّة لعب من مصحح في مطبعة، أو عمد من ناشر أمِّيٍّ، يأبى إلا أن يوسد الأمر إلى غير أهله، ويأبى إلا أن يركب رأسه؛ فلا يكون مع رأيه رأي.
    ويشتبه الأمر على المتعلم الناشئ، في الواضح والمشكل، وقد يثق بالكتاب بين يديه، فيحفظ بالخطأ، ويطمئن إليه، ثم يكون إقناعه بغيره عسيراً، وتصوَّر أنت حال العامي بعد ذلك!!.
    وأيُّ كتب تبتلى هذا البلاء؟ كتب هي ثروة ضخمة من مجد الإسلام، ومفخرة للمسلمين، كتب الدين والعلم: التفسير والحديث، والأدب والتاريخ، وما إلى ذلك من علوم أُخر.
    وفي غمرة هذا العبث تضيء قلةٌ من الكتب طبعت في مطبعة بولاق قديمًا عندما كان فيها أساطين المصححين، أمثال الشيخ محمد قطة العدوي، والشيخ نصر الهوريني، وفي بعض المطابع الأهلية كمطبعة الحلبي والخانجي.
    وشيء نادر عنى به بعض المستشرقين في أوروبا وغيرها من أقطار الأرض يمتاز عن كل ما طبع في مصر بالمحافظة الدقيقة -غالبًا- على ما في الأصول المخطوطة التي يطبع عنها مهما اختلفت، ويذكرون ما فيها من خطأ وصواب، يضعونه تحت أنظار القارئين، فَرُبَّ خطأ في نظر مصحح الكتاب هو الصواب الموافق لما قال المؤلف، وقد يَتَبَيَّنُهُ شخص آخر عن فهم ثاقب، أو دليل ثابت.
    وتمتاز طباعتهم – أيضًا – بوصف الأصول التي يطبعون عنها وصفًا جيدًا، يظهر القارئ على مبلغ الثقة بها، أو الشك في صحتها؛ ليكون على صحة من أمره.
    وهذه ميزة لن تجدها في شيء مما طبع في مصر قديماً بلغ ما بلغ من الصحة والإتقان؛ فها هي الطبعات الصحيحة المتقنة من نفائس الكتب المطبوعة في بولاق، أمثال: الكشاف، والفخر، والطبري، وأبي السعود، وحاشية زاده على البيضاوي، وغيرها من كتب التفسير، وأمثال البخاري، ومسلم، والترمذي، والقسطلاني، والنووي على مسلم، والأم للإمام الشافعي، وغير ذلك من كتب الحديث والفقه؛ وأمثال لسان العرب، والقاموس، والصحاح، وسيبويه، والأغاني، والمزهر، والخزانة الكبرى، والعقد الفريد، وغيرها من كتب اللغة والأدب؛ وأمثال تاريخ ابن الأثير، وخطط المقريزي، ونفح الطيب، وابن خلكان، وذيله، والجبرتي، وغيرها من كتب التاريخ والتراجم، إلى غير ذلك مما طبع من الدواوين الكبار ومصادر العلوم والفنون.
    أتجد في شيء من هذا دليلاً أو إشارة إلى الأصل الذي أخذ؟!
    وأقرب مثل لذلك كتاب سيبوبه طبع في باريس سنة 1881م (توافق سنتي 1298، 1299هـ) ثم طبع في بولاق في سني (1316 – 1318هـ ) وتجد في الأولى اختلاف النسخ تفصيلاً بالحاشية، ومقدمة باللغة الفرنساوية فيها بيان الأصول التي طبع عنها، ونصَّ ما كتب عليها من تواريخ وسماعات واصطلاحات وغير ذلك حرفيَّاً باللغة العربية؛ ثم لا تجد في طبعة بولاق حرفًا واحدًا من ذلك كله، ولا إشارة إلى أنها أخذت من طبعة باريس.
    لم يكن هؤلاء الأجانب مبتكري قواعد التصحيح، وإنما سبقهم إليها علماء الإسلام المتقدمون، وكتبوا فيها فصولاً نفيسة، نذكر بعضها هنا، على أن يذكر القارئ أنهم ابتكروا هذه القواعد؛ لتصحيح الكتب المحفوظة، إذ لم تكن المطابع وُجدت، ولو كانت لديهم لأتوا من ذلك بالعجب العجاب، ونحن وارثو مجدهم وعزِّهم، وإلينا انتهت علومهم؛ فلعلنا نحفز هممنا لإتمام ما بدؤوا به.
    نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثل ما فعلوا(5)
    المراجع:

    1 – مصادر الترجمة:
    – الموسوعة الحرة: ويكيبيديا
    https://ar.wikipedia.org
    – الموسوعة الذهبية للعلوم الإسلامية – فاطمة محجوب، نشر دار الغد العربي، ص 687.
    – من العلماء الرواد في رحاب الأزهر – المستشار محمد عزت الطهطاوي. ص 576 – 580
    – الأعلام للزركلي، الجزء الأول، ص 253
    – أحمد محمد شاكر.. إمام أهل الحديث في عصره د. خالد النجار – الألوكة.
    http://www.alukah.net/culture
    – الشيخ المحدث أحمد شاكر.. حياته.. ومؤلفاته: إسلام ويب
    http://fatwa.islam.net
    – ترجمة إمام أهل الحديث في عصره فضيلة الشيخ أحمد محمد شاكر – رحمه الله: لفتحي أمين عثمان
    http://www.ansaralsonna.com
    – الرسالة للشافعي، تحقيق أحمد محمد شاكر، ص 8.
    • الشيخ أحمد محمد شاكر، لحكمت الحريري.
    2 – الرسالة للشافعي، تحقيق أحمد محمد شاكر، ص8.
    3 – مقدمة كتاب الثقات.

    4 – جمهرة مقالات الشيخ أحمد شاكر، جمع الأستاذ عبدالرحمن العقل، 598-591/2.

    5 – مجلة الهدي النبوي، العدد17، ص 21- 26، شعبان 1357هـ.
    (المصدر: مجلة فكر الثقافية)
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: علماء طي النسيان

    بارك الله فيكم شيخنا، فضيلة الدكتور علي عبد الباقي.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •