تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: التوفيق والخذلان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي التوفيق والخذلان

    يقول ابن القيم رحمه الله ----------------------------------------------الخذلانُ- أَنْ يخلِّي الله تَعَالَى بين العبد وبين نفسه ويكله إليها ،--------والتوفيقُ- ضدُّه أَنْ لاَ يدعَه ونفسَهُ وَلاَ يكله إِلَيْهَا ؛ بل يصنع لَهُ ، ويلطف بِهِ ، ويعينهُ ، ويدفع عَنْهُ ، ويكلؤه ، كلاءةَ الوالد الشفيق للولد العاجز عن نفسه ؛ فمن خُلي بينه وبين نفسه فَقَدْ هلك كلَّ الهلاك .
    فالعبد مطروح بين الله وبين عدوِّه إبليس ، فإن تولاه الله لَمْ يظفر بِهِ عدُّوه ، وإن خذله وأعرض عَنْهُ افترسه الشيطان ، كَمَا يفترسُ الذئبُ الشاةَ .
    -------------------------فإن قِيلَ : فَمَا ذنب الشاة إِذَا خَلَّى الراعي بين الذئب وبينها ، وهل يمكنها أَنْ تقوى عَلَى الذئب وتنجو منه ؟---------------- والجواب : إنَّ الله تَعَالَى لَمْ يجعل لهذا الذئب اللعين عَلَى هَذِهِ الشاة سلطانًا مَعَ ضعفها ، فَإِذَا أعطت بيدها ، وسالمت الذئب ، ودعاها فلبَّتْ دعوتَه ، وأجابت أمرَه ، ولم تتخلّفْ ؛ بل أقبلتْ نحوه سريعةً مطيعة ، وفارقت حِمى الراعي الَّذِي لَيْسَ للذئاب عَلَيهِ سبيل ، ودخلتْ فِي محل الذئاب - الَّذِي مَن دخلَه كَانَ صيدًا لهم ------ فهل الذنبُ كلّ الذنب إِلاَّ عَلَى الشاة ؟! فكيف والراعي يحذِّرُها ويخوِّفها وينذرها ، وَقَدْ أراها مصارعَ الشاة التي انفردت عن الراعي ودخلت وادي الذئاب ؟!
    -----------------------------------------وَقَدْ حذَّر الله سُبْحَانَهُ ابن آدم مِن ذئبه مرةً بَعْدَ مرة ، وَهُوَ يأبى إِلاَّ أَنْ يستجيب لَهُ إِذَا دعاه ، ويبيت معه ويصبح :وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُم ْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [ إبراهيم : 22 ].[شفاء العليل]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    ويقول الشيخ صالح آل الشيخ- فىشرح العقيدة الواسطية-التوفيق عندنا يشمل شيئين:
    الأول : إعانة خاصة على الإرادة أو القدرة.
    والثاني :إضعاف أو إبطال أو تعطيل الأسباب المثبطة عن العمل. هذا هو التوفيق عند أهل السنة.
    أما الخذلانفإن الخذلان ترك العبد ونفسه ؛ أن تُتْرَكَ أنت ، تُعامَل بالعدل ، لا تُعان بإرادة ولا قُدرة ولا تُثَبَّطْ عنك الأسباب ، أو تُضْعَف ، أو تُبطَل ، أو تُعَطَّل - الأسباب المانعة - ؛ فإذا خُذِل العبد تسلطت عليه الشياطين - شياطين الإنس والجن - وتسلطت عليه الشهوات وخُذِلَ فوُكِلَ إلى نفسه)

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    ويقول الشيخ صالح ال الشيخ فى شرح الطحاوية ------هذه المسألة ضل فيها الناس ومن أجلها ضلت الجبرية والقدرية، وهي مرتبطة في بيانها بمسألة التوفيق والخذلان، فالله جل وعلا علق الإضلال بمشيئته وعلق الهداية بمشيئته، ونعلم أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فما شاء الله جل وعلا خلقه، الذي يشاؤه سبحانه وتعالى أن يكون فإنه يكون، والذي يشاء الله جل علا ألا يكون فإنه لا يكون.
    إذا كان كذلك فإن حدود الهداية وحدود الضلال نتيجة لأشياء، ولذلك جاء لفظ التوفيق والخذلان في النصوص، جاء لفظ التوفيق في القرآن في قوله تعالى ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بْاللهِ﴾[هود:88]، ونحو ذلك فالله جل وعلا يوفّق من يشاء ويخذل سبحانه وتعالى من يشاء.
    ما معنى وَفَّقَوخَذَلَ؟
    وما صلتها بـ(يهدي الله من يشاء ويضل من يشاء)؟ إذا تبين لك معنى التوفيق والخذلان فإنه سيتبين لك بوضوح معنى أن الله جل وعلا يضل من يشاء ويهدي من يشاء سبحانه وتعالى.
    التوفيق عند أهل السنة والجماعة وإمداد الله جل وعلا بعونه، إمداد الله جل وعلا العبد بعونه؛ يعني بإعانته وتسديده وتيسير الأمر وبذل الأسباب المعينة عليه.
    فإذن التوفيق فضل لأنه إعانة، وأما الخذلان فهو سلب التوفيق هو سلب الإعانة؛ يعني التوفيق إعطاء وكرم، وأما الخذلان فهو عدل وسلب؛ لأن العبد أعطاه الله جل وعلا القُدَر، أعطاه الصفات، أعطاه ما به يحصل الهدى، أعطاه الآلات، يسر له، أنزل عليه الكتب، فلذلك هو بالآلات التي معه قامت عليه الحجة؛ لكن الله جل وعلا ينعم على من يشاء من عباده بالتوفيق فيعينهم ويسدّدهم ويفتح لهم أسباب تحصيل الخير، ويمنع من شاء ذلك فلا يسدده ولا يعينه ولا يفتح له أسباب الخير بل يتركه ونفسه، وهذا معنى أنه جل وعلا يخذل؛ يعني لا يعين يترك العبد وشأنه ونفسه.
    ومعلوم أنّ العبد عنده آلات يحصِّل بها الأشياء لكن هناك أشياء ليست في يده، هناك أشياء لا يمكن له أن يحصلها، فهذه بيد من؟ بيد الله جل وعلا؛ لأنّ الإنسان مرتبط قدرُه بأشياء كثيرة من الأسباب التي تفتح له باب الخير، مثل مثلا أن يكون ذا أصحاب أو أن ييسَّر له أصحاب يعينونه على الخير، مثل أن لا يكون في طبعه الخلقي مزيد شهوة إما شهوة كبر من كبائر القلوب أو من كبائر البدن، هذه الأشياء موجودة فيه خلْقا خارجة عن اختياره وتصرفه، فالله جل وعلا يوفق بعض العباد بمعنى يعينهم، فيعينهم على الأمر الذي يريدونه إذن فتح له باب خير وأراده فيحس العبد أنه أُعين على ذلك، إذا أراد فعل أمر ما من الخير يسر الله جل وعلا له أسبابا تعينه ففتح له طريق الخير.
    وآخر لا، حضرته الشياطين وغلبته على مراده وأطاعها؛ لأنه لم يزوَّد بوقاية بإعانة بتوفيق يمنعه من ذلك.
    فإذن صار عندنا أن مسألة إضلال الله جل وعلا مَن يشاء هو بخذلان الله جل وعلا للعباد.
    وهداية الله جل علا من يشاء بتوفيق الله جل وعلا بعض العباد.
    يعني أعان هذا وترك ذاك ونفسه، كونه جل وعلا أعان هذا هو بمشيئته،
    فإذن من يشأ الله يضلله يعني يسلب عنه التوفيق فيخذله فينتج من ذلك أن الله جل وعلا سلب عنه إعانته، سلب عنه تسديده، سلب عنه الأسباب أسباب الخير، سلب عنه غلق أبواب الشر من الكفر وما دونه فإنه يكون ضالا وضلاله هو بفعل نفسه؛ لأنه وكلّ إلى نفسه لكن الله جل وعلا لم يمن على هذا بمزيد توفيق.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    فإذن مسألة الإضلال في كلام أهل السنة والجماعة عدل، ومسألة الهداية فضْل، ولهذا أعظم الفضل والنعمة والإحسان نعمة التوفيق، الذي هو في الحقيقة نعمة الهداية.
    فإذن نقول: إنّ ربنا جل وعلا من على عباده المؤمنين فوفّقهم أعانهم سددهم هيأ لهم الأسباب التي توصلهم إلى الخير، حبّب لهم العلم، حبّب لهم الجهاد، حبّب لهم الحكمة، حبّب لهم الأمر والنهي، حبّب لهم أهل الخير إلى آخره، حبّب لهم كتابه مثل ما جاء.
    وهذا التوفيق درجات أيضا ففي الهداية يكون فتح باب، وبعض الناس إذا انفتح له باب التوفيق نفسه فيها قُبح فتنازعه للشر فيكون بين هذا وهذا، وآخر نفسه فيها خير فمن الخير الذي معه أنه ينتقل منه توفيقا إلى توفيق أعظم منه حتى يصل بسبب عمله لأن الله جل وعلا ينعم عليه بتوفيق زائد ثم بتوفيق زائد ثم بتوفيق زائد، مثل ما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره «وما تقرّب إلي عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه -يعني وُفِّق في سمعه- الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها» هذا كله توفيق، مزيد إعانة في هذه الجوارح، الجوارح هذه هي التي عليها الحساب والتي يحاسب العبد على ما صنعت جوارحه.
    إذن فحقيقة إضلال الله جل وعلا من شاء ليست جبرا، وهداية الله جل وعلا من شاء سبحانه وتعالى ليست جبرا، وإنما العبد عنده آلات وأمر بالتكليف وعنده الآلات، ولو كانت جبرا لصارت التكاليف -بعث الرسل، إنزال الكتب، الأمر والنهي، الجهاد- لكان كل ذلك عبثا، والله جل وعلا منزّه عن العبث؛ لأن العبث سلب الحكمة وشر والله جل وعلا الشر ليس إليه، لا في ذاته ولا في أفعاله ولا في صفاته جل وعلا ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَن نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ(17) بَلْ نَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾[الأنبياء:17-18]، والله سبحانه وتعالى منزه عن العبث يضل جبرا ويسلب العبد الاختيار بالمرة ثم يحاسبه وينزل عليه الكتب ويرسل الرسل ويأمره بالتكاليف كيف يكون ذلك؟ يكون كالغريق الذي يقال له إياك أن تبتل بالماء وهذا العياذ بالله هو حقيقة قول الجبرية الذين قال قائلهم:
    ألقاه في اليمّ مكتوفا وقال له إيّاكَ إيّاك أن تبتلّ بالماء
    وهذا ينزه عنه الحكيم الخبير جل جلاله، فمن عرف صفات الله جل وعلا وعلم حكمته، فإن القول بالجبر في حقيقة الأمر إبطال للتكاليف أو رجوع إلى أفعال الله جل وعلا بأنها لعب ولا حكمة فيها ولا تُوافق الغايات المحمودة، والله جل وعلا منزه عن ذلك. [شرح الطحاوية]



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •