تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الموافاه عند اهل السنة والاشاعرة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الموافاه عند اهل السنة والاشاعرة

    يقول الامام إبن حزم رحمه الله-: اختلف المتكلمون في معنى عبروا عنه بلفظالموافاةوهم أنهم قالوا فيإنسان مؤمن صالح مجتهد في العبادة ثم مات مرتدا كافراوآخر كافر متمردا وفاسق ثم مات مسلما تائبا كيف كان حكم كل واحد منهما قبل أن ينتقل إلى ما مات عليه عند الله تعالىفذهب هشام ابن عمرو والفوطي وجميع الأشعرية إلى أن الله عز و جل لم يزل راضيا عن الذي مات مسلما تائبا ولم يزل ساخط على الذي مات كافرا أو فاسقاواحتجوا في ذلك بأن الله عز و جل لا يتغير علمه ولا يرضى ما سخط ولا يسخط ما رضي وقالت الأشعرية الرضا من الله عز و جل لا يتغير منه تعالى صفات الذات لا يزولان ولا يتغيران .---------------------------يقول بن حزم رحمه الله: احتجاج الأشعريه هاهنا هو احتجاج اليهود في إبطال النسخ ولا فرقونحن نبين بطلان احتجاجهم وبطلان قولهم وبالله تعالى التوفيقفنقول وبالله عز و جل نتأيد أما قولهم عن علم الله عز و جل لا يتغير فصحيح ولكن معلوماته تتغير ولم نقل أن علمه يتغير ومعاذ الله من هذا ولم يزل علمه تعالى واحدا يعلم كل شيء على تصرفه في جميع حالاته فلم يزل يعلم أن زيدا سيكون صغيرا ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا ثم ميتا ثم مبعوثا ثم في الجنة أو في النار ولم يزل يعلم أنه سيؤمن ثم يكفر أو أنه يكفر ثم يؤمن أو أنه يكفر ولا يؤمن أو أنه يؤمن ولا يكفر وكذلك القول في الفسق والصلاح ومعلوماته تعالى في ذلك متغيرة مختلفة ومن كابر هذا فقد كابر العيان والمشاهدات وأما قولهم أن الله تعالى لا يسخط ما رضي ولا يرضى ما سخط فباطل وكذب بل قد أمر الله تعالى اليهود بصيانة السبت وتحريم الشحوم ورضي لهم ذلك وسخط منهم خلافه وكذلك أحل لنا الخمر ولم يلزمنا الصلاة ولا الصوم برهة من زمن الإسلام ورضي لنا شرب الخمر وأكل رمضان والبقاء بلا صلاة وسخط تعالى بلا شك المبادرة بتحريم ذلك كما قال تعالى ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه ثم فرض علينا الصلاة والصوم وحرم علينا الخمر فسخط لنا ترك الصلاة وأكل رمضان وشرب الخمر ورضي لنا خلاف ذلك ,وهذا لا ينكره مسلم ولم يزل الله تعالى عليما أنه سيحل ما كان أحل من ذلك مدة كذا وأنه سيرضى منه ثم أنه سيحرمه ويسخطه وأنه سيحرم ما حرم من ذلك ويسخطه مدة ثم أنه يحله ويرضاه كما علم عز و جل أنه سيحي من أحياه مدة كذا وأنه يعز من أعزه مدة ثم يذلهوهكذا جميع ما في العالم من آثار صنعته عز و جل لا يخفى ذلك على من له أدنى حسوهكذا المؤمن يموت مرتدا والكافر يموت مسلما فإن الله تعالى لم يزل يعلم أنه سيسخطه فعل الكافر ما دام كافرا ثم أنه يرضى عنه إذا أسلم وأن الله تعالى لم يزل يعلم أنه يرضى عن أفعال المسلم وأفعال البر ثم أنه يسخط أفعاله إذا ارتد أو فسقونص القرآن يشهد بذلك قال تعالى{ولا يرضى لعباده الكفر وأن تشكروا يرضه لكم} فصح يقينا أن الله تعالى يرضى الشكر ممن شكره فيما شكره ولا يرضى الكفر ممن كفر إذا كفر متى كفر كيف كان انتقال هذه الأحوال من الإنسان الواحدوقوله تعالى { ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم } فالبضرورة يدري كل ذي حس سليم أن لا يمكن أن يحبط عمل إلا وقد كان غير حابط ومن المحال أن يحبط عمل لم يكن محسوبا قط فصح أن عمل المؤمن الذي ارتد ثم مات كافر أنه كان محسوبا ثم حبط إذا ارتد وكذلك قال تعالى { يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} فصح أنه لا يمحو إلا ما كان قد كتبه ومن المحال أن يمحي ما لم يكن مكتوبا وهذا بطلان قولهم يقينا ولله الحمدوكذلك نص قوله تعالى{ أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} فهذا نص قولنا وبطلان قولهم لأن الله تعالى سمى أفعالهم الماضية سيئات والسيئات مذمومة عنده تعالى بلا شك ثم أخبر تعالى أنه أحالها وبدلها حسنات مرضية فمن أنكر هذا فهو مكذب لله تعالى والله تعالى مكذب له وكذلك قال الله تعالى أنه سخط أكل آدم من الشجرة وذهاب يونس مغاضبا ثم أخبر عز و جل أنه تاب عليهما واجتبى يونس بعد أن لامه ولا يشك كل ذي عقل أن اللائمة غير الاجتباء .[الفصل في الملل والنحل-4-50]---------------------------------------------------------------------

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    ويقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله فى مجموع الفتاوى فى [المجلد السادس عشر ص 581]:---------------------- وهذا النزاع فى قوله قل يا أيها الكافرونهل هو خطاب لجنس الكفار كما قاله الأكثرونأو لمن علم أنه يموت كافرا كما قاله بعضهم يتعلق بمسمى الكافر و مسمى المؤمن فطائفة تقول هذا إنما يتناول من وافى القيامة بالإيمان فاسم المؤمن عندهم إنما هو لمن مات مؤمنا فأما من آمن ثم ارتد فذاك ليس عندهم بإيمان و هذا إختيار الأشعري و طائفة من أصحاب أحمد و غيرهم و هكذا يقال الكافر من مات كافرا.
    و هؤلاء يقولون إن حب الله و بغضه و رضاه و سخطه و ولايته و عداوته إنما يتعلق بالموافاة فقط فالله يحب من علم أنه يموت مؤمنا و يرضى عنه و يواليه بحب قديم و موالاة قديمة و يقولون إن عمر حال كفره كان و ليا لله
    و هذا القول معروف عن ابن كلاب و من تبعه كالأشعرى و غيره.
    و أكثر الطوائف يخالفونه في هذافيقولون بل قد يكون الرجل عدوا لله ثم يصير و ليا لله و يكون الله يبغضه ثم يحبه و هذا مذهب الفقهاء و العامة و هو قول المعتزلة و الكرامية و الحنفية قاطبة و قدماء المالكية و الشافعية و الحنبلية
    و على هذا يدل القرآن كقوله {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} {و إن تشكروا يرضه لكم} و قوله{ إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا } فوصفهم بكفر بعد إيمان و إيمان بعد كفر و أخبر عن الذين كفروا أنهم كفار و أنهم {إن انتهوا يغفر لهم ما قد سلف} و قال {فلما آسفونا انتقمنا منهم} و قال { ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله و كرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}وفي دعاء الحجاج عند الملتزم عن ابن عباس وغيره : [ فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا، وإلا فمن الآن فارض عني ] . وبعضهم حذف : [ فارض عني ] ، فظن بعض الفقهاء أنه [ فمن الآن ] أنه من [ المن ] . وهو تصحيف . وإنما هو من حروف الجر كما في تمام الكلام، وإلا فمن الآن فارض عني .فبين أنه يزداد رضا، وأنه يرضى في وقت محدود . وشواهد هذا كثيرة . وهو مبسوط في مواضع .
    فَصل
    ونظير القول في : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } ، القولان في قوله : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ البقرة : 6 ] ، فإن للناس في هذه الآية قولين :

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    أحدهما : أنها خاصة بمن يموت كافرًا . وهذا منقول عن مقاتل، كما قال في قوله : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } . وكذلك نقل عن الضحاك . قالا : نزلت في مشركى العرب، كأبي جهل، وأبي طالب، وأبي لهب، ممن لم يسلم . وقال الضحاك : ونزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته .
    وطائفة من المفسرين لم يذكروا غير هذا القول، كالثعلبى والبغوى وابن الجوزى . قال البغوى : هذه الآية في أقوام حقت عليهم كلمة الشقاوة في سابق علم الله .
    وقال ابن الجوزي قال شيخنا على بن عبيد الله : وهذه الآية وردت بلفظ العموم والمراد بها الخصوص؛ لأنها آذنت بأن الكفار حين إنذارهم لا يؤمنون، وقد آمن كثير من الكفار عند إنذارهم . ولو كانت على ظاهرها في العموم لكان خبر الله بخلاف مخبره، فلذلك وجب نقلها إلى الخصوص .
    والقول الثاني : أن الآية على مقتضاها، والمراد بها أن الإنذار وعدمه سواء بالنسبة إلى الكافر ما دام كافرًا ، لا ينفعه الإنذار ولا يؤثر فيه، كما قيل مثل ذلك في الآيات : إنها غير موجبة للإيمان . وقد جمع بينهما في قوله : {وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } [ يونس : 101 ] .-فالآيات أفقية، وأرضية، وقرآنية، وهي أدلة العلم . والإنذار يقتضى الخوف . فالآيات لمن إذا عرف الحق عمل به، فهذا تنفعه الحكمة . والإنذار لمن يعرف الحق وله هوى يصده فينذر بالعذاب الذي يدعوه إلى مخالفة هواه، وهو خوف العذاب . وهذا هو الذي يحتاج إلى الموعظة الحسنة . وآخر لا يقبل الحق فيحتاج إلى الجدل، فيجادل بالتي هي أحسن .
    وقد قال تعالى : {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ } [ الأنعام : 111 ] ، وقال : {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا } [ النازعات : 45 ] ، {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ } [ يس : 11 ] .
    فالمراد أن الكافر ما دام كافرًا لا يقبل الحق سواء أنذر أم لم ينذر، ولا يؤمن ما دام كذلك؛ لأن على قلبه وسمعه وبصره موانع تصد عن الفهم والقبول . وهكذا حال من غلب عليه هواه .
    هو -سبحانه- لم يقل : [ إنهم لا يؤمنون ] . وقيل ذلك لمن سبقت عليه الشقوة، أو حقت عليه الكلمة، كقوله : {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ } [ يونس : 96، 97 ] ، فبين أن هؤلاء لا يؤمنون إلا حين لا ينفعهم إيمانهم وقت رؤية العذاب الأليم،

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    كإيمان فرعون المذكور قبلها . وموسى قد دعا عليه فقال : {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا } [ يونس : 88، 89 ] .
    وأما إذا أطلق -سبحانه- الكفار فهو مثل قوله : {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ } الآية [ الأنعام : 111 ] ، فبين أنهم قد يؤمنوا إذا شاء .
    وآية البقرة مطلقة عامة . فإنه ذكر في أول السورة أربع آيات في صفة المؤمنين، وآيتين في صفة الكافرين، وبضع عشرة آية في المنافقين . فبين حال الكافر المصر على كفره أن الإنذار لا ينفعه للحجب التي على قلبه وسمعه وبصره . وليس قال : إن الله لا يهدي أحدًا من هؤلاء، فيسمع ويقبل . ولكن هو حين يكون كافرًا لا تتناوله الآية . وهذا كما يقال في الكافر الحربي : لا يجوز أن تعقد له الذمة، ولا يكون قط من أهل دار الإسلام ما دام حربيًا .
    فالكفار ما داموا كفارًا هم بهذه المثابة لهم موانع تمنعهم من الإيمان كما أن للمنافقين موانع تمنعهم ما داموا كذلك، وإن أنذروا . وهذا كقوله : {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [ البقرة : 171 ] ، فهذا مثل كل كافر ما دام كافرًا .-وذلك لا يمنع أن يكونوا قد يسمعون إذا زال الغطاء الذي على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم، فإنهم لا يسمعون لذلك المعني المشتق منه، وهو الكفر . فما داموا هذه حالهم فهم كذلك، ولكن تغير الحال ممكن، كما قال : {إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ } ، وكما هو الواقع .
    ومثل هذا يفيد أن الإنسان لا يعتقد أنه بدعائه وإنذاره وبيانه يحصل الهدى، ولو كان أكمل الناس، وأن الداعي وإن كان صالحًا ناصحًا مخلصًا فقد لا يستجيب المدعو؛ لا لنقص في الدعاء، لكن لفساد في المدعو .
    وهذا لأن حصول المطلوب متوقف على فعل الفاعل وقبول القابل، كالسيف القاطع يؤثر بشرط قبول المحل فيه لا يقطع الحجارة والحديد ونحو ذلك . والنفخ يؤثر إذا كان هناك قابل لا يؤثر في الرماد .
    والدعاء، والتعليم، والإرشاد . وكل ما كان من هذا الجنس، له فاعل وهو المتكلم بالعلم والهدى والنذارة، وله قابل وهو المستمع . فإذا كان المستمع قابلا حصل الإنذار التام، والتعليم التام، والهدى التام . وإن لم يكن قابلا قيل : علمته فلم يتعلم، وهديته فلم يهتد، وخاطبته فلم يصغ، ونحو ذلك .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •