علم التنجيم أو ما يسمى[ علم التأثير وهو الاستدلال بحركة النجوم والتقائها وافتراقها وطلوعها وغروبها الاستدلال بذلك على ما سيحصل في الأرض، فيجعلون حركة النجوم دالة على ما سيقع مستقبلا في الأرض، والذي يفعل هذه الأشياء ويحسنها يقال له المنجم، وهو من أنواع الكهَّان؛ لأن فيه أنه يخبر بالأمور المغيّبة عن طريق الاستدلال بحركة الأفلاك وتحرك النجوم، وهذا النوع محرم وكبيرة من الكبائر، وهو نوع من أنواع الكهانة، وهي كفر بالله جل و علا؛ لأن النجوم ما خلقت لذلك، وهؤلاء تأتيهم الشياطين فتوحي إليهم بما يريدون وبما سيحصل في المستقبل ويجعلون حركة النجوم دليلا على ذلك.
-------------
ومما يدخل في علم التنجيم هذا العصر بوضوح مع غفلة الناس عنه: ما يكثر في المجلات مما يسمونه البروج، يضَعُون صفحة أو أقل منها في الجرائد يجعلون عليها رسم بروج السنة: برج الأسد والعقرب والثور إلى آخره، ويجعلون أمام كل برج ما سيحصل فيه، فإذا كان المرء أو المرأة مولودا في ذلك البرج يقول سيحصل لك في هذا الشهر كذا وكذا وكذا، وهذا هو التنجيم الذي هو التأثير الاستدلال بالنجوم والبروج على التأثير في الأرض وعلى ما سيحصل في الأرض، وهو نوع من الكهانة، ووجوده في المجلات والجرائد على ذلك النحو وجود للكهان فيها، فهذا يجب إنكاره إنكارا للشركيات ولادعاء معرفة الغيب وللسحر وللتنجيم؛ لأن التنجيم من السحر كما ذكرنا، يجب إنكاره على كل صعيد، ويجب أيضا على كل مسلم أن لا يُدخله بيته، وأن لا يقرأه ولا يطلع عليه؛ لأنه وإن رأى تلك البروج وما فيها، ولو أن يعرف ذلك معرفة فإنه يدخل في النهي من جهة أنه أتى إلى الكاهن غير منكر له.
فإذا أتى إلى هذه البروج وهو يعرف البرج الذي وُلد فيه؛ ولكن يقول سأطلع ماذا قالوا عني أو ماذا قالوا سيحصل لمن ولد في هذا البرج، فإنه يكون كمن أتى كاهنا فسأله فإنه لا تقبل له صلاة أربعين ليلة.
وإذا أتى وقرأ وهو يعلم برجه الذي وُلد فيه أو يعلم البرج الذي يناسبه وقرأ ما فيه، فهذا سؤالفإذا صدقه به فقد كفر بما أنزل على محمد.
وهذا يدلك على غربة التوحيد بين أهله، حتى عند أهل الفطرة وأهل هذه الدعوة، فإنه يجب إنكار ذلك على كل صعيد، وأن لا يؤثِّم المرء نفسه ولا من في بيته بإدخال شيء من الجرائد التي فيها ذلك في البيوت؛ لأن هذا معناه إدخال للكهنة إلى البيوت، وهذا والعياذ بالله من الكبائر، فواجب إنكار ذلك وتمزيقه والسعي فيه بكل سبيل حتى يُدحض أولئك؛ لأن علم التنجيم أهل البروج أولئك هم من الكهنة، والتنجيم له معاهد معمورة في لبنان وفي غيرها، يتعلم فيها الناس حركة النجوم وما سيحصل بحسابات معروفة وجداول معينة، ويخبرون بأنه ما كان من في البرج الفلاني فإنه سيحصل كذا وكذا عن طريق تعلمٍ وهمي يغرهم به رؤوسهم وكهانهم.
فالواجب على طلبة العلم أن يسعوا في تبصير الناس في ذلك لأن هذا مما كثر البلاء به وأهل الإنكار فيه قليل، والتنبيه عليه ضعيف والله المستعان.[بإختصار من كتاب التمهيد شرح كتاب التوحيد]