تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: كلمة بمناسبة صدور الطبعة الثانية من (تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري)

  1. #1

    افتراضي كلمة بمناسبة صدور الطبعة الثانية من (تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري)

    ابنُ دمشقَ البارُّ، مؤرِّخ الشام، وحافظُ الإسلام، الإمامُ ابن عساكر (ت571هـ) رحمه الله.
    كتب وجمع عن دمشقَ ما لا يجمعه سابقٌ، ولا يصل إليه لاحق !
    فقد قدَّم لأهل دمشقَ خاصة، ولأُمته عامةً خدماتٍ جليلةً في كتابه: (تاريخُ مدينةِ دمشقَ وذِكْرُ فضلِها، وتسميةُ مَن حلَّها مِن الأماثل أو اجتاز بنواحيها مِن وارديها وأهلِها).
    ثم مضى ابنُ عساكر إلى ربه، وحمل الرايةَ مِن بعده في تأريخ دمشقَ ثلةٌ من العلماء والمؤرِّخين، حاولوا جاهدين تأريخَ دمشقَ وترجمةَ رجالاتِها.
    ولكنْ مع الأسف بقيت القرونُ الأخيرةُ قاصرةً، تحتاج إلى مزيد جمعٍ وتدوين، وخاصةً تأريخُ علماءِ دمشقَ وأعلامِها ...
    فجمع فيها الغزيُّ والمحبيُّ والمرادي، والقاسميُّ وابنُ بدرانَ والشطيُّ والطنطاوي، وغيرُهم ...
    ثمَّ قيَّضَ الله تعالى رجلًا مِن أبناء دمشق، تربى ببيتِ علمٍ وقرآنٍ بدمشق، بل ونشأ بحيٍّ مِن أعرق الأحياء العلميَّة بدمشق.
    ألا وهو المؤرِّخُ المسنِد الدكتور محمد مطيع بن محمد واصل الحافظ الشهير بـ: (دبس وزيت)، حفظه الله تعالى.
    فقد حباه الله خصلتَين جليلتَين:
    الأولى: أنه تربى ببيت عمِّه فقيه الشام ومقرئِها العلامةِ عبد الوهاب دبس وزيت رحمه الله، الذي كان محطَّ زيارةِ العلماء والوجهاء، من داخل سوريةَ وخارجِها.
    الثانية: أنه نشأ وتعلَّم بحيِّ العقيبة، حيِّ العلماء والأولياء والوجهاء.
    ولستُ هنا بصدد الكلام عن حياة الدكتور محمد مطيع الحافظ، أو تقييمِ كُتبِه ونِتاجِه العلمي الذي قاربَ المائة، كلُّ ذلك لم أُرد !
    بل إني سأتكلم فقط عن كتابه (تاريخِ علماء دمشق في القرن الرابعَ عشرَ الهجري)، بمناسبة صدور طبعته الثانية، الذي ألَّفه مع اللُّغوي الأديب الدكتور نزار أباظة، جزاهما الله عن دمشقَ وعلمائِها وأهلِها خيرَ الجزاء.
    ولم أبغِ هنا أيضًا نقدَ الكتابِ أو دارسةَ منهجِ المؤلِّفَين فيه !
    بل إني أريد أنْ أُصوِّر وأنقلَ للقارئ الكريم جزءًا من الصعاب والمشاقِّ التي عاشها أستاذنا الدكتور محمد مطيع في جمعه لهذا الكتاب !
    وكم كنتُ أتمنى أنْ أنقلَ للقارئ كذلك معاناةَ البحث التي مرَّ بها أستاذُنا الدكتور نزار أباظة، ولكنْ مع الأسف لم يكرمني الله بملازمته والانتفاعِ به كما انتفعتُ بأستاذِنا الدكتور محمد مطيع الحافظ، ولعلَّ من أسباب ذلك قربُ السكن والجوار، فلقد كان بينَ دارنا ودارِه خطواتٌ فقط !
    فكتاب: (تاريخِ علماء دمشق في القرن الرابعَ عشرَ الهجري) ليس كتابًا أُخذ من مصادرَ موجودةٍ فحسب، أو مراجعَ مطبوعةٍ فقط، وإليك ما يلي:
    هذا الكتاب الذي بينَ يدَيك كان جمعُه عبارةً عن رحلةِ عُمرٍ طويلةٍ عاشها الدكتور محمد مطيع، بل هو خلاصةُ الجوِّ العلمي الذي عاشه بين يدَي عمه الشيخ عبد الوهاب، أو حضره عندَ شيوخه الأجلاء، أمثال: آلِ الحلواني، إبراهيمَ الغلاييني، وأبي الخير الميداني، ومحمد سعيد البرهاني، وأحمد نصيب المحاميد، وغيرِهم.
    فيمكن للباحث اعتبارُ مرحلةِ السماع من هؤلاء الشيوخ وغيرهم مِن وجهاء دمشقَ وأهلِها هي اللبنةُ الأُولى لجمع مادة الكتاب.
    وأما المرحلة الثانية، وهي التي أريد أن أُسلِّط الضوءَ عليها، وأنقل نزْرًا مِن معاناتها، وهي مرحلةُ الجمع من أفواه طلابِ هؤلاء المترجَمين، أو مِن ذويهم ومَن أدرك حياتَهم.
    ولا يسعنا أن نغفلَ ههنا عن زمن البدء والتدوين لهذا الكتاب، وهو آخرُ القرنِ الرابعَ عشرَ الهجري، وبدايةُ الخامسَ عشرَ، تلك الحِقبة العصيبة التي مرَّتْ فيها سوريةُ بتقلباتٍ سياسيةٍ شديدة، بات الأخُ فيها يتوجَّس خيفةً مِن أخيه، والولدُ يكاد لا يُسرُّ لأبيه !
    فكيف برجلٍ يذهب من بيتٍ لمتجر، ومن مسجدٍ لمدرسة، وهو ينقِّب عن الشيوخ ويجمع ما استطاع جاهدًا مِن أخبارهم وحياتِهم العلمية ؟!
    فإنْ تجاوزنا هذه الحالةَ العصيبة عندَ الناس، انتقلنا لطبيعةٍ بشرية تعرض عندَ آخرين.
    فالبعضُ يحسب أنَّ السؤالَ يستجلب منفعةً شخصيةً للسائل، أو يُلحق ضررًا بالمسؤول.
    والآخرُ يذهب فكرُه لنبشِ إرث، أو إحياءِ وقف، ونحوِ ذلك.
    ورجلٌ لا يرى لهذا الجمع قيمةً، بل ويحسبه إضاعةً للوقت والجُهد، دع عنك تثبيطَ حسود، أو صدَّ مخالف.
    وغيرُ ذلك من العوارض المضحكة أو المؤلمة التي مرَّ فيها شيخنا حفظه الله خلالَ جمعِه أخبارَ العلماء وأحوالَهم.
    وهناك مشاقٌّ أخرى:
    فلقد علمتُ من أستاذنا الدكتور محمد مطيع وهو يقضي الساعاتِ الطوالَ في المقابر والمدافن؛ باحثًا عن تاريخ وفاة، أو تقييدِ نسبٍ كُتب على لوحةِ قبر، أو فائدةٍ نُقشتْ على حجرٍ في مدفن.
    ولولا أنه شرَّفني باصطحابه لما علمتُ صعوبةَ هذا البحث، الذي أقلُّ ما فيه المشيُ ساعاتٍ طوالَ تحتَ لهيب الشمس وشدَّةِ حرارتها.
    وأما جمعُ المعلوماتِ من المصادر المطبوعة والمخطوطة فشيءٌ آخر، فأنتَ ترى في هذا الكتاب أنَّ بعضَ التراجم أُخذتْ من مذكراتٍ مخطوطة، أو رحلاتٍ لدمشقَ غيرَ معروفة، ناهيك عن كتب البرامج والأثبات، ومقيَّداتِ الشيوخ والإجازات.
    ولا ننسى سجلاتِ النفوس وأضابيرَ دوائرِ الأوقاف.
    فدونكم يا أهلَ الشام سفرًا حوى تاريخَ شيوخِ دمشقَ وعلمائِها.
    وإليك أيها الباحثُ عن تراجم علماءِ دمشقَ كتابًا جُمع بأنفَسِ الأعمار وأغلاها.
    وختامًا أنقل لكم ما ذكره ابنُ عبد البرِّ في كتابه «جامع بيان العلم»: 509/1 عن الإمام الربانيِّ محمد بنِ الحسن الشيباني، عن الإمام الأعظم أبي حنيفةَ قال: «الحكاياتُ عن العلماء ومجالستُهم أحبُّ إليَّ مِن كثيرٍ من الفقه؛ لأنها آدابُ القوم وأخلاقُهم».
    ثم أورد 510/1 عن الصحابي الجليل أبي الدرداء قال: «مِن فقه الرجل ممشاه ومدخلُه ومخرجُه مع أهل العلم».
    وختامًا أرجو من الدكتور محمد مطيع الحافظ والدكتور نزار أباظة أنْ يقبلا هذه الكلماتِ تعبيرًا عما في خاطري عن مكانة هذا الكتاب، وتقديرًا للصعاب التي جُمع فيها هذا السفرُ العُجاب.
    وكتبه محمد وائل بن محمد أسامة الحنبلي الدمشقي العُقيبي.
    في ذي القعدة الحرام، عام 1427.

  2. #2

    افتراضي

    تصحيح:
    عام: 1437

  3. #3

    افتراضي

    حاولت وضعَ صورة للطبعة الثانية ولكن لم أتمكن !

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •