( فضل العشر الأُوَل من ذي الحجة . ويوم عرفة )مختصر

الحمد لله رب العالمين،والصلا ة والسلام علي خير خلقه أجمعين ، وعلي آله وصحبه ومن تبعه علي المنهج الصواب إلي يوم الدين .
وبعـد
فالعشر الأول من ذي الحجة أيام عظيمة ، والكلام في سبب تفضيلها والأعمال الصالحة فيها .
أولاً : سبب تفضيل هذه الأيام

(1) أقسم الله – عز وجل – بهن قال الله تعالي:(والفجر .وليال عشر. والشفع والوتر ) سورة الفجر الآيات (1-2-3)
قال ابن كثير – رحمه الله -: والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة، قاله ابن عباس وابن الزبير (رضي الله عن الصحابة أجمعين ) ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف . تفسير ابن كثير 4/798
ومن ضمن الأقوال في تفسير الشفع والوتر : أن الوتر يوم عرفة ؛ لكونه التاسع ، وأن الشفع يوم النحر لكونه العاشر ، قاله ابن عباس وعكرمة والضحاك . تفسير ابن كثير 4/799 .
والله عز وجل يقسم بما شاء من خلقه . والمخلوق لا يقسم إلا بالله أو بصفة من صفاته
(2)إنها الأيام المعلومات التي شرع الله فيها ذكره ، قال الله تعالي: ( ويذكروا اسم الله في أيام معلومات علي ما رزقهم من بهيمة الأنعام) الحج آية (28) وفي تفسير ابن كثير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس – رضي الله عنهما – الأيام المعلومات أيام العشر ، والأيام المعدودات أيام التشريق ،
(3) إنها أفضل أيام الدنيا ؛ لقول نبينا- r - أفضل أيام الدنيا أيام العشر "رواه البزار عن جابر – رضي الله عنه ، وهو في صحيح الجامع برقم 1133 – وفي حديث جابر في صحيحي أبي عوانة وابن حبان" ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة " فتح الباري 2/532 .
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي – صلي الله عليه وآله وسلم- أنه قال "ما العمل في أيام أفضل منها في هذا العشر قالوا ولا الجهاد ؟ قال : ولا الجهاد ، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء " مختصر صحيح البخاري للزَّبيدِي 1/154 ـ كتاب العيدين – باب فضل العمل في أيام التشريق .
(4) قال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله تعالي-: وقد دل حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – علي مضاعفة جميع الأعمال الصالحة في العشر من غير استثناء شيء منها . لطائف المعارف 522 .
ثانياً ومن الأعمال الصالحة في أيام العشر
(1) أداء العمرة والحج: وهي أفضل ما يعمل فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلي الله عليه وآله وسلم – قال
" العمرة إلي العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"رواه البخاري – كتاب العمرة – فتح الباري 3/698 .
(2) التهليل والتحميد والتكبير: لما صح عن ابن عمر – رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله – صلي الله عليه وآله وسلم –
" ما من أيام أعظم عند الله ـ سبحانه وتعالي ـ ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل و التكبير والتحميد" رواه الطبراني في المعجم الكبير ، والإمام أحمد في مسنده وصححه الشيخ أحمد شاكر ،.
(3) صيام تسعة أيام من هذه العشر أو ما تيسر وخاصة يوم عرفة لما ثبت عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ قالت كان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس "رواه أبو داود – باب في صوم العشر – 2439 وهذا لفظه ، وأحمد والنسائي في روايتهما " وخميسين " والله أعلم أهـ صحيح مسلم بشرح النووي 4/421،120 .
(4) الأضحية لقول الله تعالي {فصل لربك وانحر} سورة الكوثر آية (2) ، قال بعض أهل التفسير : المراد به الأضحية بعد صلاة العيد .
قال الشيخ السعدي في تفسيره : خص هاتين العبادتين بالذكر ، لأنهما أفضل العبادات وأجل القربات ولأن الصلاة تتضمن الخضوع في القلب و الجوارح لله وتنقله في أنواع العبودية، وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من الأضاحي ، وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته و الشح به . أ هـ تفسير السعدي 1038 .
تنبيه :عن أم سلمة – رضى الله عنها – قالت : قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – " من كان له ذِبحً يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحى " رواه مسلم 6/486
قال الإمام النووي : قال أصحابنا : و الحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار ، وقيل التشبه بالمحرم : قال أصحابنا هذا غلط ، لأنه لا يعتزل النساء فلا يترك الطيب و اللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم . صحيح مسلم بشرح النووي 6/489
قال ابن قدامة : ظاهر هذا تحريم قص الشعر ، وهو قول بعض أصحابنا فإن فعل استغفر الله تعالى ، ولا فدية فيه إجماعاً سواء فعله عمداً او نسياناً . المغنى 13/362 ، 363
(5) الحرص على أداء الصلاة في جماعة : و الصدقة و الإحسان إلى الخلق وصلة الرحم و الإكثار من نوافل العبادات ، وتلاوة القرآن وقيام الليل ، وحضور مجالس العلم و الذكر و التوبة النصوح ، وعيادة المريض ...... الخ أعمال البر و الصلاح . ونسأل الله التوفيق و القبول .
(6) فضل يوم عرفة : قال الحافظ ابن رجب الحنبلي : يوم عرفة له فضائل متعددة منها : أنه يوم إكمال الدين، وإتمام النعمة، ومنها : أنه عيد لأهل الإسلام . لطائف المعارف لابن رجب 544
والوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم الذي لا يصح الحج إلا به . وفيه إجابة الدعاء وهو يوم مغفرة الذنوب و التجاوز عنها والعتق من النار وصيامه يكفر ذنوب سنتين والمراد بها الصغائر وأما الكبائر فلا يكفرها الا التوبة أو رحمة الله وهو مذهب أهل السنة والجماعة كما قال القاضي عياض " تحفة الاحوذي 3/377 – صحيح مسلم بشرح النووي 4/385 .