فضل شهر رمضان المبارك
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيد المرسلين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم أجمعين.
قال الله تعالى (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه 000)) البقرة 185 0((وعن أبي هريرة - t - قال : قال رسول الله (r) (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النيران فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغى الخير أقبل ويا باغى الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة )) رواه الترمذى . ( تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للمباركفوري . 3/291 باب ما جاء في فضل شهر رمضان .
أبشروا يا معاشر المسلمين فهذه أبواب الجنة الثمانية في هذا الشهر لأجلكم قد فتحت ، ونسماتها علي قلوب المؤمنين قد نفحت ، و أبواب الجحيم كلها لأجلكم مغلقة ، وأقدام إبليس وذريته من أجلكم موثقة. لطائف المعارف لابن رجب 251 .
قال ابن رجب الحنبلي:- كم كنت تعرف ممن صام في سلف *** من بين أهل وجيران وإخــــوان

أفناهم الموت واستبقاك بعدهـــم *** حياً فما أقرب القاصي من الداني
وفي الصيام فوائد كثيرة وحكم عظيمة منها ::-
تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الأخلاق السيئة كالأشر ، والبطر ، والبخل وتعويدها للأخلاق الكريمة كالصبر والحلم والجود والكرم ومجاهدة النفس فيما يرضي الله ويقرب لديه ، ومن فوائد الصوم أنه يعرف العبد نفسه ، وحاجته ، وضعفه وفقره لربه ، ويذكره بعظيم نعم الله عليه ويذكره أيضاً بحاجة إخوانه الفقراء فيوجب له ذلك شكر الله ـ سبحانه وتعالي ـ والاستعانة بنعمه علي طاعته ، ومواساة إخوانه الفقراء والإحسان إليهم ، وقد أشار الله سبحانه وتعالي إلي هذه الفوائد في قوله عز وجل ((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون)) البقرة : 183 .
فأوضح سبحانه أنه كتب علينا الصيام لنتقيه سبحانه فدل ذلك علي أن الصيام وسيلة للتقوي ، والتقوي : هي طاعة الله ورسوله (r) بفعل ما أمر به وترك مانهي عنه من إخلاص لله عز وجل ومحبة ورغبة ورهبة ؛ وبذلك يتقي العبد عذاب الله ، وغضبه فالصيام شعبة عظيمة من شعب التقوى ووسيلة قوية إلي التقوى في بقية شئون الدين والدنيا ، وقد أشار النبي(r)بالصيام لمن لم يستطع الزواج ؛ لأن الصوم وسيلة لطهارته وعفافه ، وما ذاك إلا لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجري الدم ، والصوم يضيق تلك المجاري ، ويذكر بالله وعظمته فيضعف سلطان الشيطان ويقوي سلطان الإيمان ، وتكثر بسببه الطاعات من المؤمن وتقل به المعاصي.
وفي الصوم فوائد كثيرة غير ما تقدم تظهر للمتأمل من ذوي البصيرة ومنها : أنه يطهر البدن من الأخلاط الرديئة ويكسبه صحة وقوة وقد اعترف بذلك الكثير من الأطباء وعالجوا به كثيراً من الأمراض . أ .هـ فضل شهر رمضان للشيخ ابن باز وللاستزادة راجع كتاب نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان للدكتور سيد حسين العفاني باب: الصوم علاج رباني . 2/332:229.
وإليك أخي الكريم الأعمال الصالحة التي تتأكد في رمضان
1) الصوم : (قال النبي (r) (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف يقول الله عز وجل إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)) أخرجه البخاري ومسلم .
معني الحديث أي أجازي عليه جزاء كثيراً من غير تعيين لمقداره ، وهذا كقوله تعالي (إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب) سورة الزمر:10. والصابرون الصائمون في أكثر الأقوال واستدل له بأن الصوم هو الصبر لأن الصائم يصبر نفسه عن الشهوات
وقوله (أطيب عند الله من ريح المسك) فالمعني أنه أطيب عند الله من ريح المسك عندكم أي : يقرب إليه أكثر من تقريب المسك إليكم ، وإلي ذلك أشار ابن عبد البر - رحمه الله . . . . و قيل المراد : أن الله تعالي يجزيه في الآخرة فتكون نكهته أطبب من ريح المسك كما يأتي المكلوم (أي المجروح) وريح جرحه تفوح مسكاً . . . وهناك أقوال أخري فتح الباري بشرح صحيح البخاري (4/125 : 132) (باب فضل الصوم) .
وقال رسول الله (r) (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) متفق عليه .قال المباركفوري : وقال القاري في المرقاة : المكفر الصغائر ، وقال القاضي عياض وهو مذهب أهل السنة والجماعة ، وأما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة ، أو رحمة الله. تحفة الأحوذي 2/377. قال الحافظ ابن رجب:والجمهور علي أن ذلك إنما يكفر الصغائر والدليل علي ذلك قول النبي ( r) : الصلوات الخمس ، والجمعة إلي الجمعة ، ورمضان إلي رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) رواه مسلم لطائف المعارف صـ281
2) القيام : قال تعالي (وعباد الرحمن الذين يمشون علي الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجداً وقياما )) (الفرقان :: 63 ، 64 ) . وقال الرسول(r) (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1/124
وقال الرسول (r) من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ) رواه أهل السنن – تحفة الأحوذي 3/438. حديث رقم 1615 صحيح الجامع: وفي رواية (كتب له بقية ليلته). لطائف المعارف صـ234
3) الصدقة :: كان النبي (r) أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتي ينسلخ يعرض عليه النبي (r) القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة )) رواه البخاري .فتح الباري بشرح صحيح البخاري 4/139
4) إطعام الطعام : قال رسول الله (r) : ( إن في الجنة غرفاً يري ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله تعالي لمن أطعم الطعام ، وألان الكلام ، وتابع الصيام ، وصلي بالليل والناس نيام ) . رواه أحمد، والترمذي،وابن حبان ، والبيهقي في "شعب الإيمان:، وحسنه الألباني "صحيح الجامع" (2119) .
5) تفطير الصائمين :: قال (r) (من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا) أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة والترمذي وابن حبان- حديث رقم 6415 في صحيح الجامع .
6) الاجتهاد في قراءة القرآن الكريم :: والبكاء عند قراءته أو سماعه خشوعاً وإخباتاً لله تبارك وتعالي لأن شهر رمضان هو شهر القرآن قال الله تعالي:( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان) البقرة آية 185 . فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته ، وقد كان من حال السلف العناية بكتاب الله تعالي ، وكان جبريل عليه السلام يدارس النبي (r) القرآن في رمضان ، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال .
قال ابن رجب الحنبلي : وكان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها ، وكان الأسود يقرأ القرآن في كل ليلتين في رمضان ، وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً وفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر الأواخر كل ليلة وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة ، وعن أبى حنيفة نحوه – رحمهم الله جميعاً رحمة واسعة .
وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث علي المداومة علي ذلك ، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة شرفها الله فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن ؛ اغتناماً للزمان والمكان ، وهذا قول أحمد وإسحاق-رحمهما الله-وغيرهما من الأئمة ، وعليه يدل عمل غيرهم.(لطائف المعارف صـ 235, 236)
7) الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس : أخرج الترمذي عن أنس -t - عن النبي (r) أنه قال ( من صلي الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلي ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ) حديث رقم 6346 في صحيح الجامع . هذا في كل يوم من الأيام فكيف بأيام رمضان ؟ .
8) الاعتكاف "كان النبي (r) يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً" أخرجه البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه – فتح الباري4/334 . فالمعتكف قد حبس نفسه علي طاعة الله وذكره ، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه ، وعكف بقلبه وقالبه علي ربه وما يقربه منه فما بقي له هم سوي الله وما يرضيه عنه - لطائف المعارف ص 261
أقل الاعتكاف ليلة والأحوط يوم وليلة : قال الشيخ محمد صفوت نور الدين (واتفق العلماء علي شرط المسجد للاعتكاف ولا حد لأكثره ، واختلفوا في أقله فهل يشترط العشرة أو يجوز يوم فأكثر ، وهل يجوز أقل من يوم ؟ والراجح جوازه ، ودليل جوازه ما أخرجه الشيخان من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – (أن عمر سأل النبي ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ قال : " كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال فأوف بنذرك) فهذا دليل علي جواز اعتكاف الليلة وهو الذي عليه الجمهور. مجلة التوحيد عدد رمضان / 1419هـ والليلة تبدأ من غروب الشمس قال تعالي ( ثم أتموا الصيام إلي الليل ) سورة البقرة: 187 .وتنتهي بطلوع الفجر ( سلام هي حتي مطلع الفجر) سورة القدر:5. فمن أراد أن يعتكف ليلة عليه أن يأتي المسجد قبل غروب الشمس ويظل حتى صلاة الفجر ثم ينصرف راشداً يكون قد اعتكف ليلة ، والأحوط من المغرب إلي المغرب التالي "يوم وليلة" ولا يوجد دليل علي أن من مكث في المسجد ساعة ينوي بها اعتكافاً أنه معتكف ، وإن كان يؤجر علي جلوسه في المسجد.
قال الإمام البعلي الحنبلي في " الاختيارات العلمية " 4/464 فتاوى " ولم ير شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية لمن قصد المسجد للصلاة أو غيرها أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه . الإنصاف في أحكام الاعتكاف 13
بداية الاعتكاف ونهايتة : قال الشيخ علي حسن ( والسنة في مبتدأ الاعتكاف أن تكون بعد صلاة الفجر ، فقد روت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – أن رسول الله ـ صلي الله وآله وسلم ـ ( كان إذا أراد أن يعتكف صلي الفجر ثم دخل معتكفه ) رواه مسلم والترمذي وبوب الإمام البخاري في صحيحه 4/283 فتح الباري ، باب من خرج من اعتكافه عند الصبح ، ثم أورد فيه حديث أبي سعيد الخدري ، وفيه أنه قال "اعتكفنا مع رسول الله – صلي الله علية وآله وسلم ـ العشر الأوسط فلما كان صبيحة عشرين نقلنا متاعنا.." فبهذا الحديث مع ذلك يترجح لنا أن بداية الاعتكاف تكون بعد الفجر ، ونهايته كذلك حتى ينقضي للمعتكف في معتكفه يوم وليلة بتمامها ، والله أعلم. وعليه فيكون بداية الاعتكاف في صبيحة اليوم العشرين بعد صلاة الفجر مباشرة ، وأما الخروج فيكون صبيحة اليوم الثلاثين " الإنصاف في أحكام الاعتكاف 10ـ12 ، قال المباركفوري : وقال الحافظ في الفتح : فيه أن أول الوقت الذي يدخل فيه المعتكف بعد صلاة الصبح ، وهو قول الأوزاعي والليث والثوري، وقال الأئمة الأربعة وطائفة يدخل قبيل غروب الشمس وأولوا الحديث على أنه دخل من أول الليل ؛ ولكن إنما تخلى بنفسه في المكان الذي أعده لنفسه بعد صلاة الصبح . انتهى تحفة الأحوذي 3/421.
9) العمرة في رمضان : ثبت عن النبي (r) أنه قال ( عمرة في رمضان تعدل حجة) أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية حجة معي فهنيئاً لك يا أخي بحجة مع النبي (r) . مع أن ثواب هذه الحجة لا يسقط عنه الفريضة . . فتح الباري بشرح صحيح البخاري (3/707) .
10) تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان :
قال الله تعالي (إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر . . ) سورة القدر الآيات 1 : 3 .وقال رسول الله (r) (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) أخرجه البخاري ومسلم .
11) الإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار وخاصة في أوقات الإجابة ومنها :: دعوة الصائم . وفي ثلث الليل الأخير حين ينزل ربنا ـ تبارك وتعالي ـ ويقول (هل من سائل فأعطيه هل من داع فأستجيب له ، هل من مستغفر فأغفر له حتى يطلع الصبح . . وفي آخر ساعة بعد العصر من يوم الجمعة0 ، وقد رجح جمع من أهل العلم أنها أخر ساعة بعد العصر هى ساعة إجابة (( زاد المعاد لابن القيم 1_ 394 خصائص يوم الجمعة 0قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب فى اليوم مائة مره )) رواه مسلم
زَكَاةُ الْفِطْرِ

· الزكاة لغة :

الزَّكَاةُ هِيَ النَّمَاءُ يُقَالُ زَكَى الزَّرْعُ يَزْكُو أَيْ نَمَا وَهِيَ الطَّهَارَةُ أَيْضًا وَسُمِّيَتْ الزَّكَاةُ زَكَاةً لِأَنَّهُ يَزْكُو بِهَا الْمَالُ بِالْبَرَكَةِ وَيَطْهُرُ بِهَا الْمَرْءُ بِالْمَغْفِرَةِ . وقالَ ابنُ الأثيرِ: الزَّكاةُ فِي اللُّغَةِ الطَّهارةُ والنَّماءُ والبركةُ والمَدْحُ،
. وَأُضِيفَتْ إلَى الْفِطْرِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي وُجُوبِهَا، فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى سَبَبِهِ. وَقِيلَ لَهَا: فِطْرَةٌ، لِأَنَّ الْفِطْرَةَ الْخِلْقَةُ. قَالَ تَعَالَى: {000فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا000} [الروم:من الآية 30] ، وَهَذِهِ يُرَادُ بِهَا الصَّدَقَةُ عَنْ الْبَدَنِ وَالنَّفْسِ،
حكمها: قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَرْضٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: هُوَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ»(أخرجه البخارى ومسلم) وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ، وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ

· مقدارها:
مقدار زكاة الفطر عن الفرد ثلاثة كيلو تقريبا من الأرز أو غيره من قوت البلد،(فتاوى اللجنة الدائمة8-266)وهو قول جمهور الفقهاء والأصل عند الحنفية كغيرهم من الفقهاء أنها تخرج عيناً ، فقد جاء عن ابن نجيم في كتابه البحر الرائق شرح كنز الدقائق ، وهو من كتب المذهب الحنفي مقدار صدقة الفطر : " نصف صاع من بُرٍ أو دقيقه أو سويقه ، أو زبيب أو صاع تمر ، أو شعير " البحر الرائق 2/273 ـ تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/306 ـ حاشية ابن عابدين المسماة برد المحتار 2/265ـ العناية شرح الهداية محمد بن محمد بن محمود البابرتي 2/290، ولكن الحنفية أجازوا القيمة كما جاء في كتاب الجوهرة النيرة " ويجوز دفع القيمة في الزكاة ، وكذا في النذور والكفارات والعُشْر ( هو ما يجب في زكاة الزروع ) وصدقة الفطر ، ولا يجوز في الهدايا ( وهو ما يُذْبحُ في الحج ) والضحايا" (الجوهرة النيرة
تأليف :أبو بكر محمد بن على الحدادي العبادي الحنفي 1/120)
ولا يمنع هذا من التصدق علي الفقير بنقود (من جنيه إلي أكثر من مليون جنيه) لكن غير صدقة الفطر ، ولها ثواب آخر ؛ فإنه أمر تعبدي ولله في شرعه حِكَمٌ ، قد لا تدركها عقولنا القاصرة ، ولا بد من الاهتمام بالفقراء علي مر الأيام والليالي ليس في رمضان فقط ولا في العيد فقط ، فالفقير له نفقاته اليومية ، ويحتاج إلي من يكفله ، والله ـ سبحانه وتعالى ـ فرض أنواعاً أخرى من الزكاة مثل : زكاة المال ، وزكاة الذهب و الفضة ، وعروض التجارة .... ، قال تعالى (والله عليم حكيم) . سورة التوبة : 60
فالله هو الأعلم و الأحكم ـ سبحانه وتعالي ـ . قال ابن قدامة : قال أبو داود قيل لأحمد وأنا اسمع أعطي دراهم يعني في صدقة الفطر قال أخاف ألا يجزئه خلاف سنة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم (المغني لابن قدامة 4/295).
ويستحب إخراجها عن الحمل؛ لفعل عثمان رضي الله عنه.(الملخص الفقهى للفوزان1-352)

· لمن تعطى(مصارف الزكاة) :

وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْصِيصُ الْمَسَاكِينِ بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ، وَلَمْ يَكُنْ يَقْسِمُهَا عَلَى الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ قَبْضَةً قَبْضَةً، وَلَا أَمَرَ بِذَلِكَ، وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَا مَنْ بَعْدَهُمْ،(زاد المعاد لابن القيم 2-21)

· وَقْتُ وُجُوبِ زَكَاة الْفِطْر:

فَأَمَّا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَهُوَ وَقْتُ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَإِنَّهَا تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ. فَمَنْ تَزَوَّجَ أَوْ مَلَكَ عَبْدًا، أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَعَلَيْهِ الْفِطْرَةُ.
وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، لَمْ تَلْزَمْهُ. وَمِنْ مَاتَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ، فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ(المغنى لابن قدامه 3-89) والذي توفي قبل غروب الشمس ليلة عيد الفطر لا تجب عليه زكاة الفطر؛ لأنها تجب لغروب الشمس تلك الليلة وهو توفي قبل الوجوب(فتاوى اللجنة الدائمة 8-270)

· وقت اخراجها:

وأمَّا زمنُ دفعِها فله وقتانِ: وقتُ فضيلةٍ ووقتُ جوازٍ.
فأمَّا وقتُ الفضيلةِ: فهو صباحُ العيد قبل الصلاة لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كنَّا نُخْرِج في عهدِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَ الفطرِ صاعاً من طعامٍ» (أخرجه البخارى) وعن ابن عمر رضي الله عنهما «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمَرَ بزكاةِ الفطر أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاةِ» (أخرجه البخارى ومسلم ) .
ولذلك كان من الأفضل تأخيرُ صلاةِ العيد يومَ الفطرِ ليتسعَ الوقتُ لإِخراج الفطرةِ.
وأمَّا وقتُ الجوازِ
فهو قبْل العيدِ بيوم أو يومين ؛ فقد روى البخاري رحمه الله: أن الصحابة رضى الله عنهم -كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين، فكان إجماعا منهم..

ولا يجوزُ تأخيرُها عن صلاةِ العيدِ، فإنْ أخَّرها عن صلاةِ العيدِ بلا عُذرٍ لم تُقْبَل منه لأنه خلافُ ما أمَرَ به رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد سبق من حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما «أنَّ مَنْ أدَّاها قبْلَ الصلاةِ فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقةٌ مِنَ الصدقاتِ. »
أمَّا إن أخَّرها لعذرٍ فلا بأسَ، مثلُ أن يصادفَه العيدُ في البَر ليس عنده ما يدفعُ منه أو ليسَ عنده مَنْ يدفُع إليه، أو يأتَي خبرُ ثبوتِ العيدِ مفاجِئاً بحيثُ لا يَتَمَكَّنُ مِن إخراجها قبْلَ الصلاةِ، أو يكون معتمداً على شخصٍ في إخراجها فينسى أنْ يُخْرِجها فلا بأسَ أن يخرجها ولو بعدَ العيد لأنه معذور في ذلك.
مكان اخراجها: هو المكان الذي يدركك العيد وأنت فيه، سواء كان بلدك أم بلداً آخر.
وعلى هذا فالمعتمرون في مكة الذين سيبقون إلى العيد، الأصل أنهم يخرجون زكاة الفطر في مكة، فيكون قد اجتمع في حقهم: أن مكة مكان إقامتهم في وقت الإخراج، وأن مكة أفضل من غيرها؛ لأن الأعمال الصالحة في مكة أفضل من الأعمال الصالحة في غيرها.
وإذا كنت في بلد آخر غير مكة وأدركك العيد، فإنك تخرج الزكاة في البلد الذي أدركك العيد وأنت فيه. وهل يجوز أن تخرجها في محل إقامتك بأن توكل أهلك في إخراجها؟
نعم يجوز ذلك ولا حرج.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين(مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين18-561،الملخص الفقهى للفوزان 1-352)

· التوكيل فى اخراج زكاة الفطر:

يجوز أن توكل غيرك بأن تعطيه مالا وتكلفه بأن يشترى طعاما ويوزعه على الفقراء لعلمه بهم-سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله تعالى -: هل يجوز التوكيل في صرف زكاة الفطر وزكاة المال وفي قبضها؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز التوكيل في صرف زكاة الفطر كما يجوز في زكاة المال، لكن لابد أن تصل زكاة الفطر إلى يدالفقير قبل صلاة العيد، لأنه وكيل عن صاحبها، أما لو كان الجار قد وكله الفقير، وقال: اقبض زكاة الفطر من جارك لي، فإنه يجوز أن تبقى مع الوكيل ولو بعد صلاة العيد، لأن قبض وكيل الفقير بمنزلة قبض الوكيل.(مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 18-311)
التنبيه على حديث لا يصح عن رسولنا صلى الله عليه وسلم (حَدِيث: " شهر رَمَضَان مُعَلّق بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، وَلَا يرفع إِلَى الله إِلَّا بِزَكَاة الْفطر "). رَوَاهُ ابْن شاهين، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي علله: لَا يَصح؛ فِيهِ مُحَمَّد بن عبيد الْبَصْرِيّ، مَجْهُول.( أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب
المؤلف: محمد بن محمد درويش، أبو عبد الرحمن الحوت الشافعي (المتوفى: 1277هـ ص167،ضعيف الجامع للألبانى 1-270)
· الخلاصة:
الأمر سهل ميسور لا يحتاج إلى كل هذا الخلاف والجدل فى كل عام . نجمع بين الخيرين فنخرج طعاما سنة النبى صلى الله عليه وسلم ونخرج مالا بجواره صدقة أخري من باب التطوع فيستطيع الفقير أن يشترى ملابس لأولاده أو يدفع إيجارا أو...خاصة فى مثل هذه الظروف الصعبة وقد ترى من يدخن وينفق مئات الجنيهات ويجادلك فى زكاة الفطر (هل تعلم أن المصريين ينفقون 28مليار سنويا على الحشيش و7مليار على السجائر-انظر:تقرير المخدرات العالمى الذى تصدره الأمم المتحدة عن أوضاع المخدرات فى العالم وهو منشور بمجلة المجاهد التى تصدرها الشئون المعنوية للقوات المسلحة رمضان 1435ه،يوليو2014 )فنسأل الله أن يتوب على المدمنين والمدخنين اللهم آمين .وتقبل الله منا ومنكم .

وصفة طيبة للقلب لمن أراد الاستقامة
اجعل رمضان يا أخي بداية لك في أعمال الخير فإذا أردت الاستقامة والالتزام بدين الله فاتبع الآتي ::-
1) حافظ علي جميع الصلوات في المسجد جماعة . 2)ابتعد عن قرناء السوء . 3) تجنب سماع الأغاني والمجون ومشاهدة الأفلام والمسلسلات .4) أكثر من قراءة القرآن الكريم وتدبره لأن المقصود أن تفهم عن الله رب العالمين حتى تعمل ويكون القرآن حجة لك لا عليك . والله المستعان . 5) أكثر من الدعاء قبل فطرك وفي ثلث الليل الأخير فالدعوة مستجابة بإذن الله تعالي . 6) جاهد نفسك في البداية مجاهدة صادقة واصبر علي ذلك . 7) استمع إلي الشريط الإسلامي . 8) تعرف علي رفقة صالحة تعينك علي الخير وتذكرك بالله . 9) ابتعد عن التدخين واجعل الصوم معيناً لك على ترك التدخين بإذن الله وتضرع إلى الله تعالى بالدعاء وأنت صائم وفى وقت السحر
10) البعد عن الإسراف في الطعام والشراب 0000 إذا طبقت هذه الإرشادات بإذن الله تعالي ستكون من عباد الله الصالحين المستقيمين قال تعالي (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلاً من غفور رحيم ) سورة فصلت آية (30: 32) .
ملاحظات علي بعض الصائمين يجب تجنبها
1) جعل الليل نهاراً والنهار ليلاً . 2) النوم عن بعض الصلوات المكتوبة . 3) الإسراف في المأكل والمشرب .
4) الانفعال من بعض الموظفين والعصبية من بعض السائقين . 5) إضاعة الأوقات في مشاهدة المباريات والأفلام.والسهر فيما لا يفيد . 6) تبكير السحور والنوم عن صلاة الفجر . 7) قيادة السيارة بسرعة جنونية قبيل الإفطار
8) عدم تأدية صلاة التراويح كاملة .( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ) رواه أهل السنن ( حديث صحيح ) .9) افتراش الأرصفة واجتماع الشباب علي معصية الله ـ عز وجل ـ . قال رسول الله (r)( أتاني جبريل فقال يا محمد(r) من أدرك أحد والديه فمات فدخل النار فأبعده الله , قل آمين , فقلت آمين قال يا محمد(r) من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت : آمين قال ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله قل : آمين فقلن آمين ) حديث رقم 75 في صحيح الجامع فاحذر من دعوة جبريل ومن تأمين النبي الكريم عليهما الصلاة والسلام فدعوتهما مستجابة ولابد .وفي رواة الترمذي ( رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصلي علي ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة) مشكاة المصابيح للشيخ الألباني حديث رقم 927 رغم أنف : أي ذل وهان وخاب وخسر من أتته فرصة شهر رمضان ولم يغتنمه في طاعة الله تعالي قال رسول الله (r) (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ) رواه البخاري
10) الاجتماع مع زملاء العمل وقت العمل وتجريح الصيام بالغيبة والنميمة .11) انشغال المرأة غالب وقتها داخل المطبخ وتكاسلها عن أداء صلاة التراويح في بيتها والأفضل لها سماع القرآن الكريم وأشرطة العلم النافعة أثناء تواجدها بالمطبخ وعليها عدم حرمان نفسها من صلاة التراويح ولو ركعتين .
حكم قراءة القرآن للحائض : قال شيخ الإسلام ابن تيميه –رحمه الله – وإنما تنازعوا في قراءة القرآن وليس في منعها من القرآن سنة أصلاً فإن قوله " لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن " حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث ، وليس لهذا أصل عن النبي (r) وقد كان النساء يحضن علي عهد رسول الله ( r ) فلو كانت القراءة محرمة عليهن كالصلاة لكان هذا مما بينه النبي ( r ) لأمته وتعلمه أمهات المؤمنين .( فتاوى ابن تيميه 26/104) وجاء في فتوى هيئة كبار العلماء بالسعودية أجابه علي سؤال من امرأة حائض بشأن قراءة القرآن :( الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي رسوله وآله وصحبه ..وبعد: يجوز لك أن تقرئي القرآن وأنت حائض ، وأن تعلمي الحيض التلاوة والتجويد حال الحيض لكن دون مس للمصحف ، وللحائض أن تمس كتب تفسير القرآن وتتعرف الآيات منها في أصح قولي العلماء) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 4/75 .
قال الشيخ ابن باز- رحمه الله – (ولا مانع أن تراجع المصحف من وراء حائل كالقفازين "الجونتي" ) فتاوى المرآة المسلمة صـ 48
ماذا بعد رمضان
الوقفة الأولي : ماذا استفدنا من رمضان ؟ ! هل تحققنا بالتقوى . . وتخرجنا من مدرسة رمضان بشهادة المتقين ؟! هل قرأنا القرآن وتدبرناه وعملنا به ودعونا إليه ؟ هل تعلمنا فيه الصبر والمثابرة علي الطاعة وعن المعصية ؟! هل ربينا فيه أنفسنا علي الجهاد بأنواعه ؟! وهل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها ؟ أم غلبتنا العادات والتقاليد السيئة !!!هل . . وهل . . وهل . . . . ؟! أسئلة كثيرة . . . وخواطر عديدة . . تتداعي علي قلب كل مسلم صادق . . يسأل نفسه ويجيبها بصدق وصراحة إنه مدرسة إيمانية . . إنه محطة روحية . للتزود منه لبقية العام . . ولشحذ الهمم بقية العمر . فمتي يتعظ ويعتبر ويستفيد ويتغير ويغير من حياته من لم يفعل ذلك في رمضان ؟! إنه بحق مدرسة للتغيير . . نغير فيه من أعمالنا وسلوكنا وعاداتنا وأخلاقنا المخالفة لشرع الله ـ جل وعلا ـ قال تعالي: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) . (سورة الرعد ، الآية : 11) .
الوقفة الثانية : (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها )
إن كنت ممن استفاد من رمضان . . وتحققت فيه بصفات المتقين . . فصمته حقاً . . وقمته صدقاً . . واجتهدت في مجاهدة نفسك فيه . فاحمد الله واشكره واسأله الثبات علي ذلك حتى الممات . . وإياك ثم إياك من نقض الغزل بعد غزله بالعودة إلي المعاصي والذنوب .فنسأل الله تعالي أن يتوب علينا لنتوب . .
الوقفة الثالثة : (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) اليقين : هو الموت قال ابن رجب الحنبلي : عمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله . قال الحسن البصري : إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت ثم قرأ قوله تعالي (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) سورة الحجر :99 – لطائف المعارف صـ 303 هكذا يجب أن يكون العبد . . مستمر علي طاعة الله . . ثابت علي شرعه . . مستقيم علي دينه . . لا يروغ روغان الثعالب يعبد الله في شهر دون شهر . . أو في مكان دون آخر . . أو مع قوم دون آخرين . . لا وألف لا !! بل يعلم أن رب رمضان هو رب بقية الشهور والأيام وأنه رب الأزمنة والأماكن كلها . . فيستقيم علي شرع الله حتى يلقي ربه عنه راض - أيها المسلمون كونوا ربانيين ولا تكونوا رمضانيين .قال تعالي ( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ) (سورة هود ، الآية : 112) وقال : (فاستقيموا إليه واستغفروه) (سورة فصلت ، الآية : 6) .وقال (r) (قل آمنت بالله ثم استقم ) رواه مسلم .
فلئن انتهي صيام رمضان.فهناك صيام النوافل كالست من شوال والاثنين والخميس والأيام البيض وعاشورا وعرفة وغيرها. (المحب لا يمل من التقرب بالنوافل إلي مولاه ولا يأمل إلا قربه ورضاه ) لطائف المعارف صـ 303 ، ولئن انتهي قيام رمضان فقيام الليل مشروع في كل ليلة قال تعالي:(كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون)(سورة الداريات،الآية: 17) ولئن انتهت صدقة وزكاة الفطر . . فهناك الزكاة المفروضة وهناك أبواب للصدقة والتطوع والجهاد كثيرة .
وقراءة القرآن وتدبره ليست خاصة برمضان . . بل هي في كل وقت . فمن كان يختم القرآن مرة أو مرتين في رمضان فليقرأ بعد رمضان ولو عشر آيات كل يوم ، ويداوم علي هذا ، ويستحب للإنسان أن يداوم ولو علي صلاة ركعتين قيام الليل في كل ليلة أو في كل أسبوع ، وهكذا فالأعمال الصالحة في كل وقت وكل زمان ففي الصحيحين من حديث عائشة – رضي الله عنها- قالت قال رسول الله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ (أحب الأعمال إلي الله أدومها وإن قل) ، فاجتهد أخي في الطاعات . .إياك والكسل والفتور . .فإن أبيت العمل بالنوافل . . فلا يجوز لك أبداً أن تترك الواجبات وتضيعها كالصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة وغيرها .
فوائــــــد
1- صحة صوم من أكل أو شرب ناسياً في فرض [ كرمضان ] أو تطوع [ صيام الاثنين والخميس ويوم عرفة ويوم عاشوراء . . .] لعموم قول النبي (r) [ من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ] رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - t - اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 2/18 .
2- قطرة العين والأذن لا يفطر بهما الصائم في أصح قولي العلماء . فإن وجد طعم القطور في حلقه ، فالقضاء أحوط ولا يجب ، لأنهما ليسا منفذين للطعام والشراب ، أما القطرة في الأنف فلا تجوز لأن الأنف منفذ ، ولهذا قال النبي(r):- ( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما) . ( تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام للشيخ ابن باز صـ 175)
3- الحامل والمرضع عليهما الإطعام وليس عليهما القضاء إذا شق عليهما الصوم. فعن نافع قال : " كانت بنت لابن عمر – رضي الله عنهما – تحت رجل من قريش ( أي زوجته ) وكانت حاملاً فأصابها عطش في رمضان فأمرها ابن عمر أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكيناً " رواه الدار قطني ( إرواء الغليل للشيخ الألباني 4 /20 ) وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : إذا خافت الحامل علي نفسها ، والمرضع على ولدها في رمضان يفطران ويطعمان مكان كل يوم مسكيناً ولا يقضيان صوماً . إرواء الغليل للشيخ الألباني 4/19 . ، وجاء في كتاب صحيح فقه السنة : وأرجح الأقوال أنهما تفطران وتطعمان عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليهما ، وهو قول ابن عباس وابن عمر ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وهو مذهب إسحاق ، وهو اختيار العلامة الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ صحيح فقه السنة لأبي مالك كمال بن السيد سالم 2/125ـ127
والإطعام أقرب إلى روح الشريعة ؛ لأن المرأة تكون دائماً في حالة حيض و حمل و نفاس ورضاع فمتى تقضي ؟؟؟ مقدار الإطعام نصف صاع من الأرز = 1.5 كجم ( كيلو ونصف جرام )
4 - الإبر التي في الوريد والإبر التي في العضل الصحيح أنهما لا تفطران الصائم وإنما التي تفطر إبر التغذية خاصة (الجلوكوز) وهكذا أخذ الدم للتحليل لا يفطر به الصائم . (تحفة الإخوان صـ 174 ) .
5- حكم استعمال البخاخ في الفم للصائم نهاراً لمريض الربو ونحوه الإباحة إذا اضطر إلي ذلك ؛ لقول الله ـ عز وجل ـ (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ) سورة الأنعام : 119 ؛ ولأنه لا يشبه الأكل والشرب فأشبه سحب الدم للتحليل والإبر غير المغذية . تحفة الإخوان صـ 181
6- حكم أخذ الحقنة الشرجية عند الصائم للحاجة عدم الحرج في ذلك إذا احتاج إليها المريض في أصح قولي العلماء وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله – وجمع كثير من أهل العلم لعدم مشابهتها للأكل والشرب . تحفة الإخوان صـ 182
7- لا بأس أن يستعمل الإنسان التحاميل (اللبوس) التي تكون من دبره إذا كان مريضاً ؛ لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعني الأكل والـشرب ، والشارع إنما حرم علينا الأكل والشرب فما قام مقام الأكل والشرب أعطي حكم الأكل والشرب ، وما ليس كذلك فإنه لا يدخل فيه لفظاً ولا معني فلا يثبت له حكم الأكل والشرب .(فتاوى الصيام لابن عثيمين صـ 54)
8- قال رسول الله ( r): ( صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بعده بشهرين فذلك صيام السنة ) أخرجه أحمد والنسائي وابن حبان عن ثوبان- رضي الله عنه- حديث رقم 3851 صحيح الجامع للألباني وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن النبي(r) قال له :( صم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر ) رواه البخاري- باب صوم الدهر – كتاب الصوم فتح الباري 4/259
قال الشيخ صفوت نور الدين ـ رحمه الله ـ :- فكان من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال وصام ثلاثة أيام من كل شهر بعده كان كمن صام دهرين في عمره. وذلك مما اختص الله سبحانه به هذه الأمة علي قصر أعمارها فإن الله سبحانه ضاعف لها أعمالها فتسبق الأمم بذلك العطاء العظيم من الله سبحانه وتعالي . (إتحاف الأنام بأحكام الصيام صـ 137)
9- يجوز صيام الستة أيام من شوال لمن عليه أيام من رمضان ( كمن أفطر لعذر مرض أو سفر أو امرأة حائض أو نفساء) ؛ لأن القضاء واحب علي السعة أي واجب موسع ، ولا يتعين له زمن حتى يقضي فيه قال تعالي ( ومن كان مريضاً أو علي سفر فعدة من أيام أخر ) البقرة 185 ؛ ولما جاء في الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها- قالت كان يكون على الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان" أخرجه البخاري 1950 ومسلم 1146 ، وليس من المعقول أنها كانت تترك صوم النوافل مع تأخيرها القضاء إلي شعبان ، ومن تطوع قبل فعل القضاء يكون فعل خلاف الأَوْلي. ( القول التمام في أحكام الصيام للدكتور عطية عبد الموجود: أستاذ الفقه بجامعة الأزهر صـ 363 مجلة التوحيد عدد شوال 1425هـ صـ11)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وفي الحديث دلالة على جواز تأخير قضاء رمضان سواء كان يعني ( التأخير لعذر أو لغير عذر ) أهـ ولكن يستحب المبادرة لقوله تعالى ( أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون) المؤمنون 61 ـ صحيح فقه السنة 2/129
10- يجوز الجمع في النية بين صيام يوم الاثنين والخميس ، أو الأيام البيض وبين نية احتسابها من ضمن الستة أيام من شوال لأن هذا كله تطوع
11- .يجوز صيام هذه الأيام متفرقة أو متتابعة ؛ لأن النبي ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ لم يشترط التتابع بل قال (ستاً من شوال ) وهو قول الإمام أحمد ووكيع – رحمهما الله تعالي - لطائف المعارف صـ 297.
12-[ لا يجوز صيام التطوع بنيتين نية القضاء ونية السنة ] فتاوى اللجنة الدائمة 10/383 .
مثال: لا يجوز الجمع بين نية القضاء ونية صيام الستة من شوال ، بمعني : لا يجوز لمن أفطر لعذر مرض أو سفر في رمضان أن يصوم يوماً من شوال ينوي به القضاء وأنه من ضمن الستة أيام من شوال
13- لا يشترط في قضاء رمضان التتابع ؛ لأن الله تعالي قال ( ومن كان مريضاً أو علي سفر فعدة من أيام أخر ) سورة البقرة: 185 فلم يشترط التتابع
14- بجوز للمسلم أن يصوم يوم الجمعة قضاء عن يوم من رمضان ولو منفرداً ] فتاوى اللجنة الدائمة 10/347
بشري (باب الريان للصائمين)
عن سهل - رضي الله عنه - عن النبي (r) قال : ( إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال : أين الصائمون ؟ فيقومون لا يدخل منه أحدٌ غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد ) رواه البخاري . فتح الباري (4/133)
وداع رمضان
مقتطفات من كتاب لطائف المعارف للحافظ ابن رجب الحنبلي - رحمه الله –
1) من رحم في هذا الشهر فهو المرحوم ، ومن حرم خيره فهو المحروم ، ومن لم يتزود لمعاده فيه عليه فهو ملوم .
2) من صام اليوم عن شهواته أفطر عليها بعد مماته ، ومن تعجل ما حرم عليه قبل وفاته عوقب بحرمانه في الآخرة وفواته. وقد صمت لذات دهري كلها ويوم لقاكم ذا ك فطر صيامي
3) كم ممن أمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار قبله إلي ظلمة القبر ، كم من مستقبل يوماً لا يستكمله ، ومؤمل غدا لا يدركه ، إنكم لو أبصرتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره .4) قلوب المتقين إلي هذا الشهر تحن ، ومن ألم فراقه تئن . 5) يا شهر رمضان ترفق دموع المحبين تدفق ، قلوبهم من ألم الفراق تشقق . 6) هذا عباد الله شهر رمضان قد انتصف فمن منكم حاسب فيه نفسه لله وانتصف ؟ من منكم قام في هذا الشهر بحقه الذي عرف ؟ من منكم عزم قبل غلق أبواب الجنة أن يبني له فيها غرفا من فوقها غرف ؟ ألا إن شهركم قد أخذ في النقص فزيدوا أنتم في العمل فكأنكم به وقد انصرف فكل شهر فعسي أن يكون منه خلف وأما شهر رمضان فمن أين لكم منه خلف .
7) عباد الله إن شهر رمضان قد عزم علي الرحيل ، ولم يبق منه إلا القليل ، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام ، ومن فرط فليختمه بالحسنى والعمل بالختام ، فاستغنموا منه ما بقي من الليالي اليسيرة والأيام ، واستودعوه عملاً صالحا يشهد لكم به عند الملك العلام وودعوه عند فراقه بأزكي تحية وسلام.
العيــد لمـــن
ليس العيد لمن لبس الجديد ؛ إنما العيد لمن طاعاته تزيد ، ليس العيد لمن تجمل باللباس والركوب ؛ إنما العيد لمن غفرت له الذنوب ، قال الحسن البصري – رحمه الله – كل يوم لا يعصي الله فيه فهو عيد ، كل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذكره وشكره فهو له عيد .
أعياد المسلمين
ففي الدنيا للمؤمنين ثلاثة أعياد : عيد يتكرر كل أسبوع ( الجمعة ) وعيدان سنويان لا ثالث لهما الفطر والأضحي ، كما ثبت في السنه النبوية ( وكل عيد بخلاف هذا فهو بدعة) والله المستعان.
صيغة التكبير في العيد
أصح صيغ التكبير
الصيغة الأولى : ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان ـ رضي الله عنه ـ قال : كبروا " الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيراً".
الصيغة الثانية : "الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله اكبر ولله الحمد" أو " الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد" (التعليقات الرضية على الروضة الندية 1/388 صديق حسن خان ـ الوجيز في فقه السنة والكتاب العزيز د / عبد العظيم بدوي).
حكم الزيادة المشهورة على ألسنة الناس وفي الإذاعة
قال في شرح المنتقى نقلاً من الفتح : وقد أُحْدِثَ في هذا الزمان زيادة في ذلك لا أصل لها. أهـ (التعليقات الرضية على الروضة الندية 1/388 صديق حسن خان ).
وقت التكبير
وقت التكبير بالنسبة لعيد الفطر فيه قولان لأهل العلم :
(1) القول الأول : قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله : والتكبير أوله من رؤية الهلال ، وآخره انقضاء العيد ، وهو فراغ الإمام من الخطبة على الصحيح. (مجموع فتاوى ابن تيمية 24/120).
(2) القول الثاني : قال الشيخ أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني : قال ابن المنذر : فأما سائر الأخبار فعن الأوائل فدالةٌ على أنهم كانوا يكبرون يوم الفطر إذا غدوا إلى الصلاة ( أي من الخروج إلى البيت إلى مصلى العيد ، وينتهي التكبير بصلاة العيد ) فممن كان يفعل ذلك ابن عمر ، وروي ذلك عن على بن أبي طالب ، وأبي أمامة الباهلي ، وأبي رهم ، وناس من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ورضي عن الصحابة أجمعين أهـ (ابن المنذر في الأوسط 4/249 ـ 251).
أما عيد الأضحى فقد ثبت عن بعض الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وهو قول أكثر أهل العلم أن التكبير من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق ، وبعضهم يقول إلى عصر اليوم الأخير من أيام التشريق ( أيام التشريق هي : ثلاثة أيام بعد يوم النحر، ولا يجوز صيامهن إلا لمن لا يجد ثمن الهدي في الحج ). وهو محمو ل على التكبير المقيد الذي عقب الصلوات ، أما التكبير المطلق الذي هو في المساجد ، والأسواق ، وغير ذلك فينتهي بغروب شمس آخر أيام التشريق . ( تنوير العينين بأحكام الأَضاحي والعيدين ـ أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل 89).
التكبير لا يختص فقط بعدد معين عقب الصلوات
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة : التكبير مشروع في ليلتي العيدين ، وفي عشر ذي الحجة مطلقًا ، وعقب الصلوات من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق ؛ لقوله تعالى " وَلِتُكْمِلُوا العدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا الله عَلى ما هَداكُم " سورة البقرة من آية (185) وقوله تعالى " واذْكُرُواْ الله في أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ " سورة البقرة من آية (203) (فتاوى اللجنة الدائمة 8 /311 ). بل المشروع الاستكثار منه دبر الصلوات ، وسائر الأوقات. (التعليقات الرضية على الروضة الندية 1/388).
التكبير الجماعي
قال الشيخ على محفوظ ـ رحمه الله ـ عضو جماعة كبار العلماء بالأزهر الشريف توفي في (1361هـ 1942م)
: البدع التي تقع في المساجد ، ومنها اجتماع الناس يوم العيد بالمساجد ، وانقسامهم إلى طائفتين كل واحدة منها ترد على الأخرى بالتكبير المعروف ؛ فإن السنة أن يكبر المسلمون في البيوت والطرقات ، ومصلاهم كل على انفراد على ما هو معروف في كتب الفروع . أ هـ (الإبداع في مضار الابتداع 180) ـ وفي فتاوى اللجنة الدائمة ( يكبر كل وحده جهراً ؛ فإنه لم يثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ التكبير الجماعي ، وقد قال : " من عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رد" (فتاوى اللجنة الدائمة 8/310 ).
الجهر بالتكبير خلف الإمام في صلاة العيدين
اشتهر عند الناس الجهر بالتكبير في صلاة العيدين ، والإسرار بالتكبير في صلاة الجنازة ، والصحيح الإسرار في الكل ، والأصل أن المأموم لا يجهر إلا بقول آمين ، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة لهيئة كبار العلماء : يُشرعُ للإمامِ رفع صوته في جميع التكبير حتى يُسْمِعَ منْ خلفه ، وأما المأموم فالمشروع في حقه عدم رفع صوته في التكبيرة الأولى وغيرها ؛ وإنما يكبر بحيث يسمع نفسه فقط ، بل رفع الصوت بالتكبير من المأمومين من الإحداث في الدين ، والمنهي عنه بقول النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . (فتاوى اللجنة الدائمة 6/340).
تنبيه : بعض الناس يعتقد صحة حديث " يوم صومكم يوم نحركم " وبالتالي يعتقدون أن عيد الأضحى لا بد أن يأتي في مثل اليوم الذي بدأنا فيه الصيام ، وبالتالي يشكِّكُون في عيد الأضحى إذا لم يوافق يوم الصيام ؛ والصحيح أن هذا الحديث كذبٌ لم يصحْ عن نبينا ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ والذي ثبت عن الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ " صومكم يوم تصومون وأَضحاكم يوم تُضَحُّون" رواه البيهقي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ الإرواء 905 صحيح الجامع للشيخ الألباني حديث رقم (3807) وفي رواية " الصوم يوم تصومون ، والفطر يوم تفطرون ، والأضحى يوم تضحون " رواه الترمذي عن أبي هريرة صحيح الجامع (3869 ) قال الترمذي: وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال : إنما معنى هذا الصوم والفطر مع الجماعة ، وعِظَم الناس ( بكسر العين ، وفتح الظاء ) أي كثرة الناس.(أي: أنها عبادة جماعية). ( تحفة الأحوذي 3/312).
مصلى العيد ليس له تحية مسجد
لأن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين "رواه البخاري (فتح الباري 3/58) والمصلى لا يأخذ حكم المسجد ، وتحية المسجد لا تسقط حتى في خطبة الجمعة. وفي صحيح الإمام مسلم باب التحية و الإمام يخطب عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: " جاء سُليْك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يخطب فجلس فقال له : يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما ، ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما" (صحيح مسلم بشرح النووي 6/164).
ومن الأخطاء تسميتهم اليوم الأخير من رمضان بوقفة عيد الفطر، وتسميتهم عيد الفطر بالعيد الأصغر ، والصحيح أن عيد الفطر لا وقفة له ، وعيد الأضحى له وقفة ؛ لوقوف الحجاج بعرفة، والصحيح أيضاً أن العيدين كبيران ، وأكبرهما وأفضلهما عيد الأضحى ؛ لاجتماع أمهات العبادة فيه ، ولم يرد عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أنه وصف عيد الفطر بأنه صغير ، وعيد الفطر يوم واحد حيث أن المسلم يجوز له أن يبدأ صيام الست من اليوم التالي لعيد الفطر ؛ ولو كان عيدا لما جاز صومه ، وعيد الأضحى خمسة أيام لما رواه عقبة بن عامر : قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام ، وهي أيام أكل وشرب" قال أبو عيسى وحديث عقبة بن عامر حديث حسن صحيح ، والعمل على هذا عند أهل العلم. سنن الترمذي 3/143 كتاب الصوم ـ باب ما جاء في كراهية الصوم في أيام التشريق.
افتتاح خطبة العيد بالحمد لله
قال ابن القيم : وكان النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يفتتح خطبه كلها بالحمد لله ، ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير. وكان يبدأ خطبته بخطبة الحاجة " إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ...." (زاد المعاد لابن القيم 1/447).
علامة القبول من عمل طاعة من الطاعات وفرغ منها فعلامة قبولها أن يصلها بطاعة أخري وعلامة ردها أن يعقب تلك الطاعة بمعصية وما أحسن الحسنة بعد السيئة تمحوها وأحسن منها الحسنة بعد الحسنة تتلوها وما أقبح السيئة بعد الحسنة تمحقها وتعفوها. ذنب واحد بعد التوبة أقبح من سبعين ذنباً قبلها.
قال بعض السلف: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتبقله منهم .
من بدع القراء التي نبه عليها العلماء
(1) التنطع بالقراءة والوسوسة في مخارج الحروف .(2) قراءة الأنغام والتمطيط . (3) قراءة الفاتحة بنية قضاء الحوائج، وتفريج الكربات ( وقراءتها في عقد الزواج والبيع والشراء ، ومن أجل جملة معاني لم يرد فيها نص كقولهم " الفاتحة أن يشفي الله مرضانا ، وطلب قراءتها عند قبور الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ والصالحين ".وقول القارئ بعد قراءة القرآن الفاتحة. وقولهم بعد الدعاء الفاتحة زيادة في شرف النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ) . (4) ومنها بدع الختم وهي : وصل ختمة بأخرى بقراءة الفاتحة أو خمس آيات من سورة البقرة. تكرار سورة الإخلاص ثلاثا ـ التكبير في آخر سورة الضحى إلى آخر سورة الناس. دعاء الختم داخل الصلاة . بدع القراء للشيخ / بكر أبو زيد ص 7ـ 275) عدم الإنصات للقرآن الكريم وتدبره ؛ مما ينشأ عنه ورود بعض الألفاظ من المستمعين فيها شرك مثل " مدد ياآل البيت " " يا حسين " "يا سيدة" وغير ذلك . قال الله تعالى ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) الأنفال : 9 فالمدد لا يكون إلا من الله وحده.
دعاء ختم القرآن
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: لا أعلم لدعاء ختم القرآن في الصلاة أصلاً صحيحاً يعتمد عليه من سنة الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ولا من عمل الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وغاية ما في ذلك ما كان من أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ يفعله إذا أراد إنهاء القرآن من أنه كان يجمع أهله ويدعو ؛ لكنه لا يفعل هذا في صلاته ، والصلاة كما هو معلوم لا يشرع فيها إحداث دعاء في محل لم ترد السنة به ؛ لقول النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ " صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري. 48 سؤال وجواب في الصيام للشيخ ابن عثيمين جمعها سالم بن محمد الجهني 66 ـ وكان عبد الله بن المبارك ـ رحمه الله ـ يعجبه إذا ختم القرآن أن يكون في السجود ، أي أن يكون الدعاء وهو ساجد . سير أعلام النبلاء للذهبي 8/359
قال الشيخ بكر أبو زيد : " وعليه فإن خلاصة النتيجة الحكمية في هذين المقامين تتكون من أمرين :
الأول : أن دعاء القارئ لختم القرآن خارج الصلاة ، وحضور الدعاء في ذلك أمر مأثور من عمل السلف الصالح من صدر هذه الأمة كما تقدم من فعل أنس ـ رضي الله عنه ـ وقال ابن القيم وهو من آكد مواطن الدعاء ومواطن الإجابة "
الثاني : أن دعاء ختم القرآن في الصلاة من إمام أو منفرد قبل الركوع أو بعده في التراويح أو غيرها لا يعرف ورود شيء فيه أصلاً عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ولا عن أحد من صحابته ـ رضي الله عنهم ـ مسنداً ، وأن قاعدة العبادات وقفها على النص ، ومقتضى الشهادة أن لا نعبد إلا الله مخلصين له الدين ، وبما شرع على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال تعالى ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب) سورة الحشر من آية 7 ، وهذا العمل مما لم يعلم وروده عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فلا يشرع إذا في أصح قولي العلماء رحمهم الله تعالى . أهـ مرويات دعاء ختم القرآن 72ـ 73 ، وقال أيضاً : وعلى من يقنت في الوتر أن يتيقيد بالوارد ، وإن زاد على الوارد فليكن من جنس الدعاء المشروع في القنوت آخذاً بمجامع الدعاء من الأدعية الواردة عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وأن يترك الأدعية المخترعة المسجوعة المتكلفة . مرويات دعاء ختم القرآن 79
قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ : ومن دعا داخل الصلاة عليه أن لا يشق على الناس ، وأن يقتصر على الدعوات المفيدة ، والجامعة من دعاء النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ الجواب الصحيح في أحكام صلاة الليل والتراويح 43.
تنبيــــــــه
من الأخطاء ما يفعله بعض الناس بعد فراغهم من الدعاء من مسح الوجه في القنوت وغيره ، فهذا المسح يحتاج إلى دليل صحيح صريح عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في ذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في جواب له : وأما رفع النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يديه في الدعاء ؛ فقد جاء فيه أحاديث كثيرة صحيحة ، وأما مسح وجهه بيده فليس عنه فيه إلا حديث أو حديثان لا يقوم بهما حجة ، والله أعلم .مختصر مخالفات الطهاة والصلاة للشيخ / عبد العزيز السدحان
وانطلق الشيطان المريد من سلاسله وأغلاله بعد رمضان فاحذر منه ومن شره واستعن بالله وافعل الطاعات ، واجتنب المنهيات ، وتمسك بالكتاب والسنة حتى يحفظك الله تعالى ، قال تعالى ( فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين ) سورة يوسف من آية 64 وقال تعالى (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) سورة النساء من آية 76 وقال تعالى ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) سورة فصلت آية 36